الحلقة 19

7.1K 293 6
                                    


رواية " وادي الذئاب المنسية " الحلقة التاسعة عشر !!


نوح

مع اول ضوء لنهار اليوم التالي كنت اقف امام باب عيادة السيد رسلان استقبلني مساعده غنام بوجه جامد متجهم وادخلني الى غرفه جانبيه واخذ يفحص بدقه يدي وشعري وجلد نصفي العلوي واسفل ركبتي ثم اعطاني مقصا وامرني بقص اظافري الطويلة وشعري .. وان ابدل ثيابي ببنطال وقميص ابيضين نظيفين كانا في الغرفه ففعلت ما امرني به اعطاني الشعر القصير مظهرا مختلفا وعمرا اصغر عندما نظرت الى صورتي في المرآه قبل ان اخرج الى السيد رسلان الذي حدق الى هيئتي الجديده وهو يقول في هدوء كما اخبرتك ساره سيكون هذا الاسبوع اختبارا لك ان اثبت جدارتك ستستمر معنا وان فشلت فبابنا مفتوح لك كمريض في اي وقت ،غنام هو رئيسك امتثل لاوامره وتعلم منه قدر استطاعتك ..قلت مخفضا رأسي ..نعم سيدي ..في اليوم الاول اشتمل عملي صباحا على ادخال المرضى وحمل غير القادرين منهم الى غرفه الكشف وتنظيف سرير الفحص بعد كل واحد منهم اما مساء فنظفت الارضيه بالماء والصابون وغسلت الضمادات والملاءات جميعها متحققا من عدم وجود اي بقعه دم على اي منها اما الادوات الجراحيه وقنائن الاعشاب فأمراني غنام الا اقترب منها كونها وظيفته الاولى ثم انتهيت وبدلت ثيابي وغادرت ببغلي إلي الياخشال حيث جلست بجوار صندوق ناي وقلت باسما اليوم بدات وظيفتي الجديده يا ناي لم يعلق السيد رسلان على اي فعل قمت به اليوم كان غنام فقط من يرجعني بنظراته وكلماته اللازعه يخشى ان انال مكانته لدى سيده ..في داخلي لكني سافعل ما بوسعي للاستمرار في هذا العمل كي استطيع اصلاح قلبك يوماً ما.. ثم خرجت الى خارج الياخشال وتدثرت بمعطفي ونمت حتى شروق الشمس وعندما استيقظت هبطت مباشره ايه عياده السيد رسلان لاكرر ما فعلته في اليوم السابق وكان اليوم الثالث مثلهما في اليوم الرابع انتهينا في وقت متأخر من الليل فاسرعت بالعوده الى الياخشال كي اخذ فأسي ومصباحي وجلود الماعز لاصعد مباشره الى قمه الجبل الثلجيه كي اجل إحضار ثلاثه قطع كبيره من الثلج وعندها عدت بها مره اخرى الى الياخشال وبدلت الثلج القديم بالجديد كانت الشمس قد اشرقت فاتجهت مباشره الى عمل دون ان انام لحظه واحده حاولت الا اظهر ارهاق الشديد والا اتثائب امام سيدى بقدر الامكان لكن مع مرور ساعات النهار نفذت طاقتى بعض الشيء وتشوشت رؤيتي فقل جهدي وتثأبت امامه مرتين رغما عني الا انه لم يعلق بشيء حتى انتهى العمل وبدلت ثيابى فعدت الى المنطقه الجبليه لافعل الشيء نفسه الذي فعلته في الامس اذ كان علي احضار كميه اضافيه من الثلج لاذهب الى العمل دون نوم لليله الثانيه على التوالي نظفت الارضيه قبل دخول المرضى واعدت رص الكتب على الرفوف الجانبيه ثم بدانا في ادخال المرضى تباعا كنت في داخلي اعرف ان لدي يومين فقط بالاضافه الى ذلك اليوم حتى يقرر السيد رسلان مصيري لذا كلما سقط جفناي المرهقان رغما عني كنت احدث نفسي بان تتحمل ارهاق تلك الساعات واعدها محفزا بساعات نوم اضافيه حال الانتهاء من العمل مع غروب الشمس ركلاني غنام بقدمه عندما غفوت وانا اقف خلف سيدي وهو يفحص مصابا اخترق قضيب حديدي قدمه قبل ان يقوم بامساك قدم ذاك المصاب بينما كان سيدنا يغسل جرحه النازف .نادى علي سيدى حينها لأحضر قنينة زجاجية بها مطهر أحمر اللون على الطاولة الاخري شعرت وقتها وانا انظر إلى القنائن المتجاورة ان عينى وذهنى مشوشان للغاية وكأنى ثمل صاح في غنام كى اسرع عندما اخذت وقتا طويلا..فألتقطت القنينة الممتلئة وعدت بها لكن قبل أن اناولها لسيدى انزلقت من يدى لتسقط إلي الارض مهشمة يتناثر سائلها مغرقا الأرض من حولها وكذلك ثياب سيدى ,شعرت حينها ان الزمن توقف بي ،كان ذلك الخطأ يعنى تماماً اننى فقدت وظيفتى ،صاح في غنام معنفا لي وترك قدم المصاب وركض محضرا زجاجة اخرى بينما واصل سيدى تضميد قدم المصاب دون أن ينظر إلى حتى هبطت الي الارض كى ألتقط قطع الزجاج ,لكننى زدت الطين بلة عندما أغفلت قطعة كبيرة منه وداسها المصاب بقدمه السليمة وهو يغادر ليصرخ متألما ويضطر سيدى لتضميدها هى الأخرى 🙈 وقفت حينها أمام سيدى المحدق إلي حانيا رأسي ،ابتلع ريقي مرتبكا ولا يجول في بالي اي مبرر أستطيع النطق به ،لا سيما انني لم اكن لابوح بسر الإرهاق الذى ينتابنى كنت اوقن في قرارة نفسي أننى سأعتاد سهر ليلتى إحضار الثلج مع الوقت واننى احتاج فقط مزيد من التعود لذا واصلت وقوفي صامتاً بينما تولى غنام تنظيف الارضيه من السائل وقطع الزجاج التى لم تستطع عينى إلتقاطها.وعلي وجهه ابتسامة لم أرها منذ وطأت قدمى ذلك المكان ..في اليومين المتبقين لم يطلب منى سيدى شيئا يتعلق بالمرضي .فقط اقتصر عملي على تنظيف الارضية وسرير الفحص حتى غنام لم يعلق بنظراته او لسانه على أي شئ افعله بالمدح او الذم وكأنه ادرك ان خطئى بإسقاط القنينة قد حسم الأمر وأن بقائي تلك الساعات لم يكن إلا لإكمال وعد سيدى لابنته بمنحي سبعة أيام للإختبار ..ثم انتهى اليوم السابع .. فأشار لي سيدى بإن اترك ما في يدى لغنام واقترب منه فقال وهو يقدم لي كيساً من النقود ..هذا أجرك في السبعة أيام الماضيه ..سبعة قطع نحاسية ،قلت مضطربا وانا اعرف ان إعطاءه لي ذلك المال يعنى عدم رغبته في استمراري معه ..

لا اريد هذا المال يا سيدى قال :لا يعمل معي احد دون مقابل.سيكون هذا أجرك أسبوعيا ..لمعت عيناى فجأة وقلت ..هل تعنى يا سيدى ما فهمته هز رأسه باسما ثم قال : نعم يا نوح ستكمل عملك هنا مع غنام ولا تشغل بالك بتلك القنينة التى اسقطتها "من لا يخطئ لا يتعلم. انحنيت لأقبل قدمه لكنه أبعدها ،فشكرته كثيرا ..ووعدته بإن أفعل ما بوسعى لأثبت له صواب قراره .. ثم عدت سريعاً الي ناى وفتحت صندوقها وازلت الثلج عن وجهها وقبلت جبينها وقلت فرحا _لقد نجحت في اختبار السيد رسلان،ليس هذا فحسب سيعطينى أجرا كبيرا عن عملى معه سأدخر جميعها كى اعيد لك الحلي .... يتبع 

ارض زيكولا 3 :وادى الذئاب المنسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن