الحلقة 8

9.7K 343 9
                                    


رواية " وادي الذئاب المنسية " الحلقة الثامنة !!


خالد :


دمية قماشية محشوة بلقطن في صورة ارنب يمسكها مراهق قصير الشعر يرتدي جلباباً فلاحياً مهترئاً ويقول ضاحكاً :

-أنضر ياموسى,لقد وجدنا هذه في سيارة صديقك .

أتطلع بعيني إلى السيارة السوداء ذات الحالة الجيدة رغم طرازها القديم ,وأمد رأسي إلى داخل نافذتها لأتفحص مقاعدها الامامية والخلفية قبل أن ارى عبر زجاجها جملا يركض وحيداً ,صار جملين ,ثلاثة ,اربعة والرجال والصبية يلاحقونها محاولين الإمساك بها.


-ضلام مفاجئ.

الطريق المظلم مرة أخرى وفي يدي مصباح خافت الإضاءة ,لا ,إنها شعلة صغيرة ,لا,لا,إنها لمبة جاز يهتز لهب فتيلها داخل قمعها الزجاجي بفعل الريح المشتدة.مازلت أتمتم بآية الكرسي وآيات أخرى من القرءان ,إضاءة الطريق تزداد أمامي فجأة ,أنضر إلى السماء ,هناك بدر ساطع ,أتقدم أكثر في طريقي ,عاد الضلام مرة أخرى,تباً لتلك الغيوم التي أخفت البدر ورائها ,دقات قلبي تتسارع مع ضهور بناء مظلم في الأفق ,ليس بيتا بل غرفة لا يزيد عرض جدارها عن خمسة أمتار.

-إهدأ يا موسى ،سنلقي نضرة واحدة ونعود .

ترددت تلك الكلمات في أذني.

تتسارع انفاسي اكثر واشعر بتشنج في ساقي وأنا أُواصل التقدم نحو ذلك البناء ،أهبط على ركبتي َّ لأتفحص شئ ما ،ظلام أكثر .

-هيا يا موسى ،عد إلى بيتك .

-لا لا ،إنتضر إن الضلام ينقشع ،عاد البدر لضيائه .

أنضر أمامي عبر نافذة صغيرة ،هناك آلة قديمة لم يسبق لي رؤيتها ،صوت أنفاس موسى الخائفة تتزايد في أذني ،ويتمتم إلى نفسه مرتعبا :

-سأعود إلى أهل القرية لأخبرهم عند صلاة الفجر عمَّا يحدث في الطاحونة .

صدى صوت كلمته يرن في مسامعي ،بقوة الطاحونة !

ولا إراديَّا فتحت عيني وأنا أهمس لنفسي :

-طاحونة ؟! حونا ،نعم هذا ما كان يقصده تمامًا! 

تسارعت أنفاسي وازدردت ريقي ،إضطرابا .وسرت رعشة عضيمة في جسدي ،وأنا أُحدث نفسي :

-إنه يقودني لشئ ما .

تلفتُ حولي في تشوش ونضرتُ حائِرا إلى البدر عبر باب الشرفة ،ثم وضعت يدي على رأس يامن لأكمل تلك الرؤى ،إلاَّ أنني وجدت رأس الفتى يغلي من الحمى عما كان فيه على عكس عما عهدناه مذ بدأنا وضعه في حوض المياه،؟

أعلم إن كان ما أبصرته من خلاله هو ما تسبب في إرتفاع حرارته إلى ذلك الحد الغير مسبوق ،أم أنها مجرد صدفة ،بحثت عن ميزان الحرارة في أرجاء الغرفة فلم اجده ،فنهضت راكضاً إلى المُجمد الكهربائي في غرفة أخرى وأحضرت أكياسَّا من الثلج كُنَّا نعدها تحسبًا لحدوث مثل هذا الظرف ،وألقيتُ بها في حوض المياه ،وعدت لأتي بأخرى ،وعلى الرغم من ذلك ظلَّت الحرارة مرتفعة ، فكرتُ في إيقاظ منى علَّها تعرف شئ يفيد ،لكنِّي تراجعت في آخر لحظة خشيت إن إستيقضت وأيقضتْ الفتى ولم يعاودا نومهما حتى وقت بزوغ النهار ورحيل البدر فذلك يعني أنني ربما لن أرى بقية ما حدث لموسى حتى يأتي بدر الشهر القادم ،وفي إرتباك شديد وقفت مكاني لا أعرف ماذا أفعل ،بعد دقائق ركضت إلى غرفة النوم الأخرى ،كانت منى منكبة على وجهها غائبة في سباتها ،بحثت سريعا عن أدوية خفض الحرارة ،وجدت زجاجة شراب شبه ممتلئة ،أخذتها وعدت بها سريعًا إلى غرفة الولد حيث فكرت في فتح فمه وسكب الدواء في حلقه إلا أنني خشيت أن يتسرب الدواء إلى قصبته الهوائية ويختنق ثم فكرت أن أوقضه ليتناوله ثم يكمل نومه ،لكنَّي لم أفعلها أيضاً هي مجازفة إذا إستيقظ ولم يعد لنوم،فتركت زجاجة الدواء جانبا ووضعت يدي على معصمه أتحسس حرارته ،كانت لا تزال مرتفعة للغاية ،ونبضات قلبه تتسارع بقوة ،نظرت إلى البدر من جديد ثم هممت دون تفكير لإغلاق مصراعي باب الشرفة ،وأسندت ضهري إليه مُحكِما إغلاقه وأنا أنضر ليامن .

ارض زيكولا 3 :وادى الذئاب المنسيةWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu