الفصل الأول

91 2 0
                                    

تفاجأ جلال أن والدته تعبر عن رغبتها في فتح مشروع جديد، وكأنما استقرت طيور الأماني على فرع قلبها المتلألئ، ورغم أنها لا تمتلك أي فهم في مجال الطبخ وتُعتبر من الطباخين الفاشلين بكل تأكيد، إلا أنها لا تزال تصر على ذلك، كما لو كانت تستعيد بريق الأحلام في كلماتها، وبينما كانت تتحدث، شعر جلال بالدهشة، وتلاطمت مشاعره كموج البحر الذي لا يتوقف عن الاقتراب من الشاطئ، إلا أنه في النهاية، امتنع عن التعبير عن رفضه بكلمات صريحة:
_يعني ايه ياما هتفتحي مشروع؟ لأ والمصيبة الأكبر محل حلويات وعصاير... هو انتي ياما عارفه تسلقي فرخه لما تفتحي مشروع مرة واحدة؟

أم الديب بانفعال:
=انت بتقلل من أمك ولا ايه يا ولا؟ تقصد إني مبعرفش أطبخ؟ ده أهل المنطقه كلهم واحد واحد بيشكروا في عمايل ايديا... ده كفايه ريحة طبيخي اللي بتقلب الشارع

ليالي بسخرية:
_هي فعلًا يا حماتي بتقلب ريحة الشارع... أول مرة تقولي حاجة صح

نعمة بدهشة:
=ياما انتي مابتعرفيش تطبخي هتعمليها ازاي دي؟

أم الديب بنبرة حادة:
_اتعلم يا بت..هما منعوا العلام ولا ايه؟

نعمة بتفكير:
=طب ولو اتعلمتي هتجيبي فلوس منين للمشروع ده؟

أم الديب بمكر:
_ربنا يرزق يا نعمة

جلال بحصافة:
=طب وربنا شكلك مرقده على مبلغ وقدره، وعماله تشتكيلنا بالفقر ليل نهار

أم الديب بجلبة:
_ايهي منين يا حسره؟ ده آني غلبانة...لو معاكوا فلوس متبخلوش عليا يا عيال

المعلم حنفي بذكاء:
=ولما انتي يا ولية محيلتكيش اللضا عاوزه تفتحي مشروع ازاي؟

أم الديب بكراهية:
_وانت مالك ياخويا؟ ربنا بيكرم... حطوا انتوا ايديكم في إيدي وهتلاقوا ربنا سهل الحال

نعمة باختناق:
=ياه ياما دماغك ناشفه بشكل

أم الديب بضجيج:
_آني أعمل اللي عاوزاه محدش فيكم يفتح بؤه معايا بنص كلمه فاهمين ولالا؟

جلال بجلبة:
=انتي وكيفك ياما، بس يوم ماتغرقي متبقيش تصوتي وتقولي الحقوني، ماهو أصل انا عارفك!

أم الديب بسخرية:
_ليه ياخويا وآني يوم ما أغرق هستنجد بيك انت؟

جلال بدهشة:
=ليه ياما مش ابنك ولا ايه؟

أم الديب بصوت حاد:
_آني هنا الراس الكبيرة واللي أقوله يتسمع

لم يوافق أحد من أفراد عائلة أم الديب على هذه الفكرة، وذلك لأنهم كانوا يدركون جيدًا عدم مهارة أم الديب في فن الطبخ، وكذلك لأن الأطباق التي تعدها لا تحظى بقبول عام بينهم، بالإضافة إلى النقص في الموارد المالية المتاحة لها. وفي اليوم التالي، بعد أن انتهى الجميع من تناول وجباتهم، وخرج كل فرد من شقته، كان جلال مستلقِ في التوكتوك، وهو يتحدث بحماس في هاتفه المحمول مع زوجته، حيث قال:
=طماطم وخيار ايه يا ليالي؟ انا مبعرفش أنقي وبعدين لا مؤاخذة هتوقفيني وسط الحريم، وانا راجل أوي... ميجيش حتة عيل يرمي كلمة كده ولا كده.. وربنا أقطعه وأدفنه مكانه!

أم الديب الجزء الثالث Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt