Eür Elisa

44 2 3
                                    

أكتوبر - نيويورك.

سأل الأستاذ مناظرٍ العديد مِن طلابه وبدا له أنه لا فائدة منهم تُرجى، فالبعض يميل رأسه إلى طاولة مقعده، والأخر واضع لسماعات أذنه، لا أحد يهتم.
تحدثت أحدى الطالبات تفسِر الأجابة، مما ازعجها من نومها، جفلت لصوت الطالبة القبيح في نظرهها لِذلك وضعت سماعاتها، وبدأت بالاستماع إلى الاغنية الوحيدة في قائمة استماعها، «لأجل إليزا» أشهر سيمفونية لبيتهوفن.
كُررت الموسيقى مع وضعها لرأسها على منضدة مقعدها، تناظر الأجواء الشتوية لنيويورك، حتى رأت العديد مِن الطلاب يغادرون ومعها قررت النهوض، وعند نهوضها سقطت تأثيرًا لسوء تغذيتها وفقر دمها، شتمت ولعنت كعادتها، ناهضة تزيل الاتربة عن قميصها الأسود القصير، وبنطالها الجينز الضيق متوجهة إلى الزقاق الصغير في مكتبة ثانويتها تثبت ظهرها على أحدى رفوف الكتب جالسة على الأرضية حيث يمكنها تدخين سجائرها، واستراق النظر إليه.
جالسًا بكتابه على أحدى الطاولات، هادئًا لا يمكن لشيء أن يُشتت تركيزه، تتمنى في ذات نفسها أن تمتلك هذا الصفاء.
تابعت التدخين وأحراق نفسها، تستمع إلى ذات الموسيقى شعرت بالوهن، والفراغ.

وأرادت تسليم ذاتها له وبيع روحها إلى تلك الكئابة وعِندما شعرت أن روحها تكاد تُغادر جسدها، عِندما شعرت بيد تلمس يدها
«أريد سيجارة» رأته واقفا أمام قدميها، يُناظر عيناها جفلت لوجوده، لقد كان للحظة جالسًا بعيدًا لا يرى امامه سوى صفحات كتابه، تحدث إليها هي التي اعتبرت نفسها غير مرئية لإى شخص، قررت صده لا تشعر بالآمان تجاه شخص مثالي  على الأقل في نظرها.
«لديّ ما يكفيني فقط» كانت ملامح وجهها حادة وباردة عندما تحولت إلى ملامح الصدمة عِندما التقط علبة السجائر من يديها وأخد أحدى السجائر جالسًا بجانبها.

«ما تظن نفسك فاعلًا؟ » السخرية في صوتها كانت غير حقيقة، فقط أرادت معرفة لِمَ لاحظها.
«ما تفعلينه، أراكِ منذ شهور تحدقين بيّ»
شعورها بالصدمة أثر حديثه، هو لم يزحزح نظره عن كتابه، تكاد تقسم أنها اعتبرت نفسها شبحًا بالنسبة له.
-«لا أحد يراني، كيف عرفت هذا؟» لم تُنكر تحديقها، ولم تلاحظ مدى كونه جميلًا إلى الآن، تِلك الاضاءة الخافتة الساقطة على وجهه، هي بالفعل تُحدق به مجددًا.
«ما اسمك؟» صوته كان هادئًا مريحًا ومع استنشاقه إلى دخان السجائر، نسيت التبغ المحروق على خاصتها، مما أطفئ شعلتها.
«إيزبيلا» ومع نطقها لاسمها لاحظت سيجارتها المطفئة، فحاولت أعادة أشعالها مجددًا عندما أعطائها سيجارته.
« تيم، هل تودين اكل شيء ما؟» مشاعرها المضطربة أثرت على حديثها، فقط حركت رأسها دلالة على الموافقة.
أخذ بيدها يشدها إلى النور، كتخيلات إيزبيلا له، منقذها من كئابتها وفارسها المغوار ولكن هل يجب عليه أنقاذ من يريد الغرق؟
سرحت في أوهام، حتى شعرت ببعض الوخزات ينظر إليها بهدوء، لا يبدو عليه عدم الارتياح كما تشعر هي، يقطع الصمت الذي يدور بينهما صوت النادلة، أختارت القهوة، بينما أصر هو على أحدى الوجبات لكليهما، مما زاد من عدم ارتياحها.
«لماذا تفعل هذا؟» وجهت سؤالها بملامح مضطربة، بعد الكثير من الوحدة، هل هناك من يريد أن يصادق تلك الكئابة، الألم.
أختار البلاهة، ونطق «ماذا؟» رغم فهمه للمغزى، فهو لا يعلم حتى لِماذا، نهض متجاهلاً كتابه إليها.

F o r  T h e  D r u g sDove le storie prendono vita. Scoprilo ora