📖الجزء الثاني -22-"ضوء أخر النفق"📖

5.1K 367 201
                                    

ج٢–٢٢–" ضوء أخر النفق "

لم يكسر حاجز الصمت القائم بينهما سوى أصوات أمواج البحر القادمة من خارج المقصورة ، ونسمات الهواء القوية التى أضحت تصفع الستائر عتاباً لها على ترك النوافذ مفتوحة على مصراعيها ، لتشهد السماء بالخارج على دمعات تلك الزوجة الجالسة على طرف الفراش وهى تحرك رأسها رفضاً لما ألقاه زوجها على مسامعها ، فى حين أنه جلس على المقعد قبالة الفراش وهو مطرق برأسه يضعها بين يديه ، كمن ذاق هزيمة منكرة ويعيد ترتيب أفكاره لكى ينسحب من أرض المعركة الملوثة بنشيج ودموع وآهات مزقت الفؤاد إعتراضاً على ما آلت إليه الأمور ، أغرورقت عيناه بتلك الدمعات التى آبى أن تذرف إلا بوقت عصيب كهذا ، و أليس هناك ما هو أصعب وأقسى من ذلك الوقت ، فها هو صار أمامها ككتاب مفتوح ، لن يعود ويرهقها بقراءة طلاسمه ، ولن يجديه نفعاً أن يرجئ إنكشاف الحقائق أكثر من ذلك ، فهزيمته قد باتت واقعاً ، حتى وإن لم يسمع منها بعد رداً ولا إجابة على ما تفوه به ، فجل ما فعلته أن قدميها تراختا وجلست على حافة الفراش تبكى بصدمة شلت أطرافها ومنعت عليها القدرة على الكلام

– أنت بتقول إيه يا راسل ؟ أنت بتهزر معايا ، ولا بتحاول تكدب عليا علشان تبرر غيابك السنتين اللى فاتوا ؟

تلك هى الأسئلة التى تفوهت بها ما أن رفعت إليه عينيها الذابلتان أخيراً ، ولكى تضمن أن يكف جسدها عن الإرتجاف ، قبضت بيدها على ملأة السرير ، كمن تستمد منها قوة واهية لعلها تساهم فى التخفيف من حدة وطأة ذلك الشعور الذى سحق قلبها ، أزدردت لعابها لعلها تفلح فى أن تزيح تلك الغصة التى علقت بحلقها وجعلتها تشعر بطعم مُر كمن تناولت شيئاً لاذعاً وعلقت مرارته بجوفها وسيستلزمها وقتاً فى أن تتخلص منه

أزاح راسل يديه عن جانبى رأسه وحدق بها بهدوء رغم أن دموعه التى ملأت مقلتيه جعلت رؤيته لها مشوشة بعض الشئ ، إلا أنه قال بعدما أطلق نفساً عميقاً حاراً:

– يعنى تفتكرى إن علشان أبرر غيابى ، أقول إن أنا ولا أنتى مش هينفع نخلف مع بعض ، أنا هحكيلك كل حاجة يا حياء ، بس أوعدينى أنك تفكرى كويس ومتنفعليش برد فعلك أو تأخدى قرارك بسرعة ، فكرى فى نفسك وحياتك ، لأن أنا فعلاً زى ما أنتى قولتى أنانى ، جه عليا الوقت اللى حاولت أتجاهل فيه الحقيقة من غير ما أعمل حساب لأى حاجة غير إن بحبك ، الحب عمانى وهو برضه اللى خلانى بعدت ، لأن مكنتش حابب أاذيكى زيادة ، أنتى من ساعة ما عرفتى إنك مش بنت عرفان الطيب ، وأنتى فى حاجة جواكى اتكسرت وجيت أنا كملت وجعك وكسرتك ، أنا مكنش لازم من البداية ادخلك العالم بتاعى اللى تقريباً مفيش فيه حاجة حلوة غير وجود سجود بنتى ، عالم كله وجع وألم وعلاقات مكسورة ومتحطمة ، عالم لسه فيه الطفل الصغير اللى كان بيجرى ورا أمه وشافها وقعت غرقانة فى دمها ، واللى فيه ابن عاش يتيم وابوه على وش الدنيا ، أنتى عارفة حتى اللى بيعمله رياض النعمانى دلوقتى وبيحاول يصلح بيه اللى كان زمان ، مش هقولك انه هيقدر ينسينى اللى حصل، للاسف جه بعد ما كل حاجة حلوة جوايا اتكسرت ، حس بغلطه بس كان الوقت اتأخر ، لأن خلاص ارجع الزمن لورا ازاى وأنسى اللى حصلى منى ازاى ، متفتكريش إن كان سهل عليا ، اشوف راجل تانى هو اللى بيحاول يكون أبويا، واحد مش من لحمه ودمه ، بس ادانى اللى مقدرش يدهولى رياض النعمانى بكل سلطته ونفوذه

ثلاثية " لا يليق بك إلا العشق "..بقلم سماح نجيب"سمسم"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن