الفصل السادس والأربعون

968 45 0
                                    

فأذاقني النجوى
"عاشق أُعيد لِوطنه"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شعر بأن الدنيا انهارت من حوله وهو ينظر لتلك الخرقاء التي تتحدث بتوتر بعدما ألقت بوجهه قنبلتها الموقوتة تخبره بأن هناك طفلًا تم اختطافه من المستشفى !!

لم ينتظر أمامها لثوانٍ وهو يدفعها بقسوة من أمامه، ثم ركض بكل قوته متناسيًا ساقه حتى كاد أن يتعرقل لكنه لم يهتم سوى بالوصول للغرفة فقط، دفع الأطباء والممرضين المتجمهرين عند باب الغرفة المفتوح بقوة وهو يدلف للغرفة حتى توقف أمام فراش صغيريه بقلب توقفت نبضاته !!

استنشق الهواء الذي انسحب من حوله وهو يرى الصغيرين في فراشهما ينامان بسلام وهدوء، مال بسرعة يرى اللاصق الملفوف على عرقوب كل منهما وهو يرى اسم حور عليهما.

استدار ينظر للخارج لذلك الرجل الذي يصرخ بجنون وهو يضرب كل من يقترب منه غير مهتم إن كان يضرب رجلًا أم امرأة، يقسم بأغلظ الأيمان أن يغلق لهم المشفى بأكملها إن لم يحضروا طفله في الحال.

أيده براء وتعاطف معه كثيرًا وشعر بحرقة قلبه، فإن كان هو في دقيقة شعر بانسحاب أنفاسه بداخله فكيف لهذا الأب الذي سُلِب طفله منه وما بال شعوره الآن، يقسم بأنه إن كان بمكانه فولله الذي تهتز له السبع سماوات لقتل كل من بالمشفى وشرب من دمائهم واحد تلو الآخر وكل من أغفل عن رعاية الطفل أو تعاون مع خاطفه.

وجد بعض الأهالي يدلفون للغرفة وهم يحملون صغارهم بخوف مما حدث، استدار ليضع ذراعيه أسفل كل طفلٍ بحرص ثم حملهما وهو يقبل رأسيهما قبلات ملهوفة، يضمهما بقوة إلى قلبه المرعوب يحاول تهدئته، هو الذي كاد يتوقف منذ ثوانٍ يفكر في احتمالية أن يحرموه منهما، فليأخذوا روحه وليقتلعوا قلبه قبل أن يمسّوا صغاره.

خرج من الغرفة بخطوات سريعة غير عابئ بتلك الممرضة التي اتبعته وهي تهتف فيه: يا أستاذ لو سمحت مينفعش تاخد الأطفال كده !

نظر لها براء نظرة جعلتها تتقهقر بخوف ليهمس من بين أسنانه بشر يكاد ينقض عليها ليخنقها: دول ولادي ومش هسيبهم هنا دقيقة واحدة، ولو ممشيتيش من وشي حالا وعزة الله ما هخلي فيكي حتة سليمة، امشــي !!

صرخ بكلمته الأخيرة لتصرخ الأخرى منتفضة برعب وهي تستدير راكضة من أمام هذا الرجل الذي تحول فجأة ليصبح غولًا مستعدًّا لافتراس كل من يقف بطريقه.

فتح باب غرفة حور ليدلفها فاعتدلت حور بسرعة وهي تراه يحمل طفليهما يضمهما بقوة وكأنهما سيختفيان من بين ذراعيه، نهضت بخوف وهي تتجه إليه بعدما وجدته يضع الطفلين فوق الأريكة، أمسكت بذراعه لتتساءل باستغراب: فيه ايه يا براء، ايه اللي حصل؟!

استدار يحيطها بذراعيه ليقول بنبرة حاسمة: حور، احنا لازم نمشي من هنا، المستشفى دي مبقتش أمان، فيه طفل اتخطف من الحضّانة فا مش هستنى دقيقة واحدة.

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)Where stories live. Discover now