- ١٦ -

31 2 11
                                    

فثوبُكِ مِثْلَ شعرِكِ مثلَ حَظّي
سوادٌ في سوادٍ في سوادي!

-
تسمع الرواية وتفهم، تقرأ السطور وتؤمن، وتحيا تفكر أن ما سمعت وما قرأت حقيقة، بينما الحقيقة هي ان الحقيقة لا تُعرف، فالحقيقة غير موجودة، لأن الحقائق هي نسبة بشرية، وما أعتبره أنا حقيقة قد لا تعتبره أنت كذلك..

لكن ورغم كل شيء، في هذه الحكاية وبين هذه السطور على وجه الخصوص، الحقيقة وحدها تكمن في كلماتي، أنا من أرويها وأنا خطاطها وحاكيها، فأنا الحاضر والماضي والمستقبل، أنا القدر والمصير المحتدم، وأنا وحدي من أرويها، وأقرر مصائر عائشيها..

-

مر يوم؟ يومان أو ثلاثة، لا يهم العدد، المهم أن الزمان قد مر، عبرت سفائنه في المحيط، تخبطت في موجه الأزرق الرقيم، تلطخت وتبعثرت وتشتتت، وابحرت في الأفق بعيداً، حاملةً فوقها الهموم والمصائب والأتراح، حاملةً اياهم إلى وجهتها، ووجهتها لا تكون، وإن كانت لا تكون سوى كرستين..

تراها في منزل خالتها، تستعد للخروج الى عملها كما العادة والمعتاد، لسبب ما هي ارتدت البُنَّ حُلّة، قميصها بنيٌ فاتح، وبنطالها واسعٌ بدرجة داكنة من نفس اللون، فوق القميص هناك قلنسوة صوفية فاتحة، وفوقها معطفُها المعهود لبرودة الجو، وصقيع لندن الذي لا يرحم..

خرجت من غرفتها الى الصالة، حيث وجدت زوج خالتها يترأس الطاولة متصفحاً جريدته ككل يوم..

" صباح الخير كرستين "
حيّاها مبادراً لأول مرة منذ زمن، كونها هي من تبادر في كل مرة، لكنها منه مستاءة، وهو أشد العالمين بذلك، لذا حاول تلطيف الأجواء رغم انه رجل طاعن ذو منصب وله احترامه، وتلك كانت ميزته، انه لم يفقد انسانيته بفقدانه مشاعره..

" صباحك عمي روبن "
ردتها دون ان تنظر لوجهه ثانية واحدة، ما بدد كل آماله بتلطيف الأحداث، وجعله يتأكد من تعاستها مما يحدث ويجري..

" ألن تفطري كرستين؟ "
كان ذلك زين، والذي صاح يخاطب كرستين التي لم تجلس الى الطاولة، ولم تجامل خالتها ككل مرة، واتجهت نحو الباب مغادرة دون حديث..

" كرستين "
خالتها من صاحت هذه المرة، فكرستين قد هزّت رأسها نافية لسؤال زين، وعندما كانت على مشارف الخروج والهروب من القيود التي التفت على عنقها فجأة، خالتها نادت، وسحبتها من اغلال عنقها الى الداخل مرة أخرى..

" مالذي حدث؟ "
قالت كرستين بهدوء دون ان تنظر الى وجه خالتها..

 || ɐıuǝɹɥdozıɥɔsWhere stories live. Discover now