الفصل 51 : "مدفون الشعور"

117 16 3
                                    

16/11/2005

و إن كانت عتمة ليل عميقة لدرجة ان يهاب السائر السير فيها دون نور فما ادراك بضملة عشعشت بعمق في نفس احدهم و تغلغلت في عروقه و دمائه و تغذت على افكاره و انضجتها بشكل مروعٍ لتصنع منه جثة وحش و تكون هي الروح التي غمرتها...

تسائل الصبي الذي يجلس في مدرجات الشارع ممسكا بمسجل الصغير بين اصابعه بينما امتدت خيوط السماعات متوجهة لأذنيه

صوت الفتاة الذي اعاده الاف المرات لازال ينبض في اذنيه كما لو انها الان تهمس امامه جعلت دقات قلبه تنبض من جديد لتخبر من حوله انه على قيد الحياة مع سماع صوت معشوقته

لكن تلك اللحظات ما كانت الا شبها لجرعة من السعادة المؤقتة التي تم اطعامها له فسرعان ما زال الشعور و حل بداله جو قاتم و عاد الإنزعاج لمحياه الكئيب

فـ لكم من الوقت سيظل ينتظر؟ و هل عليه اتباع كلماتها حقا؟ هاهو الان ذو الشعر القمحي جالس يحدق في الارض مشلول الشفاه بينما افكاره لا تكف عن التصادم فيما بينها

فلقد غدر به الزمن و اكل الانتظار من طيات اضلاعه و غُرس الشك في يقين قلبه فـ بات كالصحيح الذي لا يبصر ما امامه في تلك الاوقات الصعبة فـ رهبة فقدان عزيزته و خوفه الشديد من مفارقتها قد سيطرا على ارجوحة عقله

و اثبتاه في فكرة واحدة لا ثاني لها و هي انه كان مخطأ لسماح لها بفعل ما تريد و ان الانتظار ما كان يوما حلا بنسبة لشخص انتحاري مثلها و انه اذا اراد معرفة شيء ما فهو سيعرفه عنوة

نعم! فهذا ما اعتاد ان يكونه على اي حال لكن الذي حان فعلا هو مساوة اطوال الجميع في مستوى واحد و انه عليه التركيز في تحقيق رغبته التي داخله

لم يكن يوما خائفا من ان يكتسحه ظلامه الذي داخله و قد اخبرها مرارا و تكرارا انه مخلتفا عنها من هذه النحاية! فاكبر ما يخشاه هو فقدان العزيز عليه و مفارقته

فلما فارقتيه يا معشوقته؟ لمن سيبكي؟ و من سيقبل؟ و هل سيصبر؟

أ تركك هدية لصديق و يال العجب ان كانت مماثلة لهدية الحبيب... أتعنين انهما متساويان في نظرك؟ أ قلقك على حبيبك كان هو ذات الشعور على صديقك؟

لم تتوقف الافكار عن الذهاب و الإياب في رأس الصبي إلا ان فقد اعصابه و حطم ما بين يديه دون ان يشعر!

حطم لتوه هدية غاليته التي تركتها له خصيصا لتأنس وحشته بها لكن ما حدث هو انه شائت الاقدار و قد غذت و زودت وحشه بدون قصد

الصبر لستة اسابيع كان صعبا و الارهاق كان قويا و منظر الجثة السوداء مهشمة العظام تسكن في مخيتله السوداء التي اخذت بدورها تظيف بهارات و تدس له التحيرات

مقبرة النجوم ¦| Star cemeteryحيث تعيش القصص. اكتشف الآن