الفصل الاخير ج2

308 18 7
                                    

الفصل الثاني والعشرون والأخير ج2

انهمرت دموع ام ماجد عندما غادر جابر البيت وكان اخر كلامه انه لا يريد منهم شيء سوى ان يتركوه بسلام وانه ليس بحاجة لهم وسيعتمد على نفسه لانه اختار طريقه ولا يحيده عنه أي احد مهما بلغ اعتزازه به بعد ان طرده والده وقرر ان يحرمه من كل الحقوق حتى من دخول البيت ورؤية امه وكان عابد يظن بذلك انه سيراجع نفسه بعد ان يتذوق مرار العوز والحاجة وسيجلبه لهم الحرمان لكن يبدو ان جابر لا يريد ان يتراجع ولا حتى يفكر فقد قفل عقله على تلك البنت التي أصبحت كل امنياته.
اطرق عابد الى الأرض وبقي متجمد النظرات كالمهزوم رغم انتصاره على ولده وهل يسمى ذلك انتصار؟ هل يفرح الاب بهزيمة احد أبنائه؟
خرج ماجد متجهم وكأنه خسر احدى ممتلكاته النفيسة وخفقت اهداب رائد الذي تمنى ان يكون للنقاش مشاورة ومرونة اكبر وبكت ايمان خلف الباب وهي تشعر انها اشتركت بإغراق المركب بطريقة ما.

أعلنوا الاهل عن مقاطعته رغم انه شرح لهم ظروف نسرين وأنها ليست كما يعتقدون لم يقنعهم كلامه وأصروا على القطيعة.

عاد واثناء طريقه كان مستاء جدا لدرجة انه يشعر بالبكاء الصامت بلا دموع انه بكاء القلب والضمير بكاء الجروح الغائرة بكاء أعماق الروح
رغم انتهاء كابوس محمد وابتزاز غسان لكنه عاد بجرح جديد جرح الاحبة .... جرح الاهل .... مجاهرة اهله له بالبراءة منه ومن بيته وعدم الاعتراف بطفله في حال ولادته ولا يمكن ان يعتبروه حفيد ...اوجعه ذلك الاحساس وسلب سعادته بحبه واختياره .... لماذا يا ابي؟ لماذا؟
تمنى ان يستحضروا ضميرهم وعاطفتهم ويحسبوا حساب لسنوات العشرة والاخوة
ليتهم يراجعون أنفسهم ويفكروا بقرارهم المجحف لانه ليس كما أعلن امامهم
انه لا يقدر ان يتخلى عن اصله عن طفولته عن شبابه عن بيت اهله موطنه حضن والدته وعطر الحنان .... الاب الحصن المنيع رغم انحناء الظهر وتجاعيد الهرم ....الام الملجأ الوطن الحضن في الشدة والرخاء .... ماجد الأخ الكبير السند رغم مجاهرة العداء وعدم التوافق لكن هناك في القلب معزة تفوق الوصف .... رائد الصديق ورفيق الطفولة والمقصد عند الضيق .... هناء الرفيقة الشقية ذات اللسان الاذع والقلب الوديع تبدر منها أحيانا نصيحة الام وأحيانا غيرة الانداد وأحيانا حسد الاطفال .... ايمان الأخت الابنة الطفلة النسمة وأحيانا الطيش البريء .... انا احبكم رغم اختلاف القناعات والاحكام القاسية وأتمنى ان تغيروا موقفكم.

.................................................. .........................
استيقظت نسرين من نومها واعتدلت في سريرها بسرعة وابعدت الشرشف لتشهق وتترقرق دموعها وهي تتطلع بحزن وصدمة الى الدم الذي أغرق ملابسها وسريرها واغمضت عينيها وهزت رأسها بأسف.... يبدو انها فقدت طفلها.... هكذا بدون اجراء فقدته وكأنه اختار بإرادته الرحيل!
.... مات الجنين وكان الاجدر به ان يموت قبل ذلك الوقت بكثير لكنه ابى ان يغادر جسد امه قبل ان يضمن لها حقها ويأخذ لها حيفها من الدنيا التي صفعتها من كل الجهات كجزاء على ما شهده من عذابها الذي كان يتجرعه كل ليلة ويستحم بدموعها الساخنة التي اذابت جسده الدقيق فكمية الألم والجروح الذي غذته به كانت كفيلة بإزهاق روحه البريئة .... لقد شرب منها الوجع وذلة الندم ووحشة الخوف والرعب .... اغرقته دموعها واعتصرته حسراتها وحاربه النبذ من الابوين .... اذهب يا طفلي فليس لك مكان يناسبك اذهب خير ما اخترت الرحيل.
دخل جابر وبصدره غبطة لانه سيخبرها انه اختارها وسيرحلان معا الى مكان اخر وسيكونون أجمل عائلة ولم يعد يأبه لكلام الناس المهم قناعته بها وبطفله
دخل الى الغرفة مسرعا وعلى شفتيه ابتسامة الخلاص من الكوابيس وطوي صفحة التأنيب والشك والبدء من جديد
لكن سرعان ما تلاشت تلك الابتسامة اليتيمة وحل محلها الوجوم وتعابير الإحباط عندما رأى حال نسرين وهي متوسدة الحزن والفقدان.

هوس القلوب الجزء الثانى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now