اقتباس متقدم

11.4K 357 31
                                    

مد يده يسحب رأسها اليه ويغلق عليها عينه وقلبه وحضنه ويتنهد بقوة وصمت لثوانى ثم ابتعد يطالعها بعيون لامعة ونزلت عبرة عاشقة من عينه فذهلت هى لها واردفت وهى تجففها _ بدر !! ... اوعى علشان خاطرى .

التقط كفها التى تجفف بها يقبله ثم اردف _ بدى احكي لك كل يللي بقلبي ... كل الحكى اللى مخبيه هون سنين عمرى .

اعتدلت تتمعن السمع بينما هو سحب شهيقاً قوياً واردف _ كنت انا الولد الاكبر لأهلي ... اجيت انا بعدين اجت ريحانة بعدين اجى اخى واخر شئ اختها لريحانة ... صرنا نحن الاربعة اولاد الشامى ... اولاد العم والاخوة ... كان بييّ لكبير وكان كتير بيحبه لعمى وكانت علاقتها قوية كتير ... كنت انا ولد مطيع كتير ... كنت بساوى شو ما بدهن ... ما كنت اعترض على شى برغم انى كان بيطلعلي أعترض ... وكان الى كلمة مسموعة بس كنت بعتبر رضاهن علي فرض ... كانوا يقولوا بدر لريحانة وريحانة لبدر ... كنت اسمع وما اعترض وكنت افكرهن عم يمزحوا ... كيف بتكون ريحانة اللى انا بعتبرها اختى زوجتى !!!! ... كانوا يقولوا لاخى عزام انو رح يتجوز سيلا اخت ريحانة بس هو كان يعترض ... كنت اقوله يا ازعر اسكت ولا تقاوح ... هنن عم يمزحوا ... وقتها قالى لا اخى هاد ما في مزحة ... اذا سكتت معناتها انى قبلان بهيك شى ... وكان معه حق ... كبرت واتوفى عمي وبيّ طلب منى اتزوجها لريحانة ... ولانى ما قولت لاء بحياتى كمان هديك المرة ما قلت لاء ... قبلت وئت شفت كل العيلة فرحانة بهالزواج ... اقنعت حالى ان فرحتهم بتفرحنى واتجوزتها لريحانة ... اتعاملت معها بمودة وما هنتها ولا قلت كلمة تجرحها لانه هاد مو طبعي ... وهى كمان كانت كتيير منيحة معى ومعى الكل وكتير حبابة ... تحولت مشاعر الاخوة اللى عندى لشى تانى اكيد لانه ما بيصير ... بس ما قدر قلبي يشوفها غير البنت اللى اتربت معي وهى صغيرة ... ساوت كتير معى بس ما قدرت تزيح هالضلمة يللي بعيونى ... ما وصلت لهالنقطة يللي بقلبي .

قاطعته وتسائلت بقلبٍ معذب وفضول قاتل وهدوء مميت _ اومال كنت بتتعامل معاه ازاي يا بدر !

هز رأسه يطالعها بقوة فقد فهم عليها واردف وهو يتمسك برأسها ويضع جبهته على جبهتها يغلق عيناه _ لاااا قمر ... لا تفكرى هيك بنوب ... هالشى كنت اعتبره واجب وحق شرعي إلها عليّ ... ليكي هالمشاعر والحالة اللى عيشتها معك ما حسيتها ولا رح اعيشها الا معك ... لهيك لا تفكرى بهالشغلة منشان الله .

اومأت عدة مرات بقلبٍ معذب فأبعدها يتنهد واضعاً رأسها على صدره يكمل مردفاً _ بعدها بيّ اتوفى ... وصرت انا كبير العيلة ... ما كانت الضحكة عم توصل لعيونى ... والكل ملاحظ هالشي ... كنت عم ابتسم لحتى ما يحزنوا لخاطرى ... اتحملت مسئولية الكل وحملتها ع اكتافي ... بعدها عرفت ان ريحانة ما فيها تجيب ولاد ... ما بعرف ليش هالخبر ما وجعنى متل ما كنت بعتئد ... مرء عليا وتقبلته وقلت ان الله اختبرنى وانا رضيان ... ليش بيطلعلي اعترض !! ... وقتها طلبت منى اتجوز عليها بس شو !! ... اتجوز مرة تانية !!! هيك بعذب حالي مرتين ... رفضت وما حبيت احرجها وكملت على هالوضع ... لحتى بدأت الحرب عنا ... وصاروا الخونة يقصفوا المناطق على راس اهلها ... وقتها خفت ع اهلى وعيلتى كتير وقررت نجى هون ... بس كان صعب كتير انو نتحرك كلنا ... لهيك ولانو انا المسئول قررت اتحرك وابحث عن فرصة ننجى بيها من هالحرب ونجى لهون ع مصر ...

تنهد بعمق يتابع _ جمعت حالى وشوي من مصارى عيلتى وجيت ... ما كان بدى اتركهن بس امى وريحانة اقنعونى انى لازم اخاطر كرمالهن ... اجيت وبحثت واتعرفت على اخى ياسر ... وقتها هو رحب كتير فيي وساعدنى وشغلنى عنده وكمان لقالي هالبيت وقتها كان دور واحد ..

اغمض عينه حتى لا تسقط عبراته يردف بألم _ وكنت راح قابل اهلى ليمرؤوا لهون بس ما لحقت ... انقصف بيتنا وبيت عمى وبيوت الحارة كلها .... صار رماد وصاروا اهلى تحت هالرماد .

شعرت بتصلب جسده تحت جسدها فشدد من عناقه بقوة وكأنها تسحب حزنه اليها ... تنهد يضمها اكثر ويتابع بحب _ ما بعرف كام يوم مرء عليا بهالغيبوبة بس وقت فئت لقيت حالي بالمشفى واخى ياسر كان فوق راسي ... لثانى مرة القدر عم يختبر صبري ... لثانى مرة عم انجبر على وضع مؤلم كتيير ... كملت حياتى بهالحزن ... صار لون كل شى اسود وابيض مافي الوان ... صار عمرى فوق الستين وملامح وجى كبرت كتييير ... بس الوحيد يللي خفف عنى عبء الغربة والحزن وفقدان الاهل هو بيّك ... كان الي ونعمة الاخ والرفيق ... حتى نادر كان كتير منيح معى ... اندمجت بحياتى معهن ... وكنت عم اطلع انا ونادر للحفلات والاعراس لحتى نطبخ ... اتعرفت على ناس وقابلت ناس ... بنيت هالبيت ما بعرف ليش وحتى بنيت هالشقة كأنه هاي ارادة الله ... ضليت ٨ سنين على هالحياة لحتى في يوم شفت صبية طلت علينا بعفوية وحياة بعيونها ... وقفت وصارت تنادى لياسر بابا !!! ... معقول !! هاي قمر اللصغيرة اللى كانت بتمرء لهون !!! ... ايه غيبتى وانشغلتى بدراستك الاعدادية والثانوية بس رجعتى غير ...

بدأت انفاسها تتسارع وهى واضعة راسها عند يساره تستمع بترقب وتمعن وهو يكمل بتأثر شديد _ ما بعرف شو صار معي يومها بس كأنه شى جديد ومختلف عمرى ما حسيته قبل ... كأنه اليوم حسيت بقلبي اللى ما كنت حاسس بيه بنوب ... ضليت اطلع عليكي وعلى طريقتك وضحكتك ... انسحرت وقتها بهالاسلوب اللى ما مرء عليا ... دلالك ومزحك مع اخى ياسر حرك فيني احساس جديد ما عشته ... ووقت اجت عيونك بعيونى كأنى انكهربت ... لقيتك عم تقربي علي وتتطلعي فيّ بعيون بتلمع وتقولي ( ازيك ) ... كانت هاي اجمل ازيك سمعتها بحياتى ... مديت ايدي لألك وسلمت عليكي وندمت بعدها لانو احساسي عذبنى ... فليتي انتِ وتركتيني مع عذابي قمر ... قلت خلص بدر ... ما بقى تيجي ... بالاساس هى ما اتعودت تيجي لهون ... بس كنت غلطان لانه لقيتك كل يوم عم تجي ع المطعم وعم تساوى نفس الشغلات ... لعنت حالي قمر ... استحقرت نفسي كتييير على هالاحساس يللي حسيته ... اشمئزيت من حالى كيف اساوى هيك مع الزلمة الوحيد يللي اكرمنى بغربتى ... هالأد انا حقييير !!! ... لهيك دوست على اي احساس حسيته ... اصلا ما بيطلعلي انتِ كتييير صغيرة علي ... انا كبير اذا ما كان بالعمر فأنا كبير بالحزن وانتِ حالة من المرح والحياة كيف فيني الوثك ... وعيت على حالي وصرت اتعامل معك بكل جمود ... وقتها انتِ صرتى تناديني اونكل بدر ... كان قلبي عم يصرخ من هاللقب بس ما كان بيطلعلي اعمل شى .

عدلها ليقابل وجهها ويتطلع عليها بعيون عاشقة متخطياً الجزء الخاص بخالد عمداً يردف _ ما كنت بعرف ان القدر عم يخطط ليحطك بطريقي ... ما كنت بعرف انو انتِ رح تكونى هديتى وأملي وفرحة عمري ... ما كنت بعرف انو قمر هالبنت اللى دقلها قلبي رح تكون هى نصيبي من وسط هالعذاب كله ... نعمة الله رزقنى فيها لحتى اعيش عمرى كله اتشكره عليها ... لهيك انا بحبك بكل شى فيني قمر ... بحبك وما بدي غيرك رفيقة العمر كله ..

خسوف ( بقلم آية العربي )Where stories live. Discover now