«هؤلاء المختلّون! سأحرقهم إلى رماد!!».
وخرج الملك ساخِطا يتبعه سيزار .

بعد بضعة ساعات لم يبقى من تلك المجزرة إلا الرماد وعاد جيش اللايكان إلى مُخيّمهم لقضاء الليلة قبل الانطلاق نحو مخبأ آخر في الغد.

غضب ميكايليس لم يخمد بعد كل ذلك، فاختار الصيد في هيئة ذئبه لساعات أخرى ؛ يُطعِم جنوده ويُفرغ عدائيّته في فرائسه. بحلول منتصف الليل كان قد أُنهِك حتى آخر نفس ليغوص في نوم عميق لدى ملامسة جسده لفراشه، بالتحديد ما أراده بدل الغرق في أفكار عن الماضي وما كان يجدر به فعله لتغييره.

توقّع غيبوبة كعادته، لا أحلام ولا شيء حتى استيقاظه صباحا مستعِدا لسفك الدماء مجددا ؛ لكن عقله -أو روحه- قام بما انتظره طويلا وتخيّل تكراره مرّات عديدة.

كان مُرهَقا للغاية، بالكاد وصل إلى مقعده الرخاميّ قبل أن يرمي جسده عليه ثم يحمِل رأسه بين يديه ويُسنِد كوعيه على ركبتيه. زفر نفسا طويلا، نصفه لعنات على نفسه والعالم، وصفع خدّيه بخفة كي يبقى صاحيا.

نسمات الليل الباردة داعبت خصلاته الداكنة وبثّت فيه راحة تضاعفت عندما استبدلتها أنامِل ناعِمة الحركة وشخص دافئ وقف خلفه.

استغرق ميكايليس عدة ثوانِ ليُدرِك ما يشعر به ويلتفِت حذِرا ليعرِف من معه.

«سـ... سِيلا...؟».
تصنّم مكانه يُحدّق في ابتسامتِها له كمن يرى ملاكا.

«سِيلا!».
نادى باسمها مجددا ونهض يضمّها إلى صدره بقوة تارة ويتفقّد ملامِح وجهها تارة أخرى حتى ضحِكت على تصرّفه وأوقفته.

«نعم، أنا هنا».
وقادته ليعود لمجلسه دون أن يُفلِتها.

«هل أنتِ بخير؟ أخبريني أين أنتِ الآن وسآتي لإنقاذك حالا!».
هستيريّته التي أخفاها مطوّلا بانت أخيرا وأخذت أنفاسه لتتركه كتلة من الأطراف المتوتّرة المستعدّة لشنّ حرب ضد أضعف تهديد.

بينما اكتفت سِيلا بالتربيت على خدّه ثم وضع رأسِها على كتفِه في هدوء.

«أنا أنتظِرُك... لا تتأخر كثيرا، ملِكي».
همست له بابتسامة حزينة ثم اختفت من نظره هي وكل ما حوله.

استيقظ ميكايليس بشهقة ليجد مخالِبه قد مزّقت الفراش أسفله من شدة قبضته عليه.

كان بمفردِه في خيمته، كما كان الوضع قبل خلوده للنوم، ولا أثر لدخول شخص آخر ؛ لذا آمن أن ما رآه في حلمه هو نتيجة رابطة التوائم الروحيّة كما حدث سابقا عندما كان في غيبوبة، وتوأمه تستنجد بِه، تنتظِره ليُنقِذها.

ذلك ما احتاجه بعد إحباط كل خططه السابقة لإيجادها، شرارة تُبقي ناره مشتعِلة.

نهض بعزم جديد وغسل وجهه من الوعاء الذي كان بالقرب من سريره. وبينما ارتدى قميصه، دخل سِيزار لاهِثا، شعره أشعث كعشّ مهجور وبين يديه الكتاب ذو الصفحات السوداء.

«وجدتُها!».
صاح بحماس جعل ميكايليس يتصنّم مكانه ثم يكاد يُخرِج رأسه من فتحة ذراعي القميص.

«ماذا؟ كيف؟!».
استفسر يُماثِل حماسه.

«وجدتُ طريقة لاستدعاء هيلين. تذكر هذا الكتاب؟ لغته غريبة على كلينا، صح؟ لم أرها أبدا في حياتي. لكن قبل قليل عندما كنت نائما، رأيت صفحاته في أحلامي واستطعت قراءتها. هذه الصفحة بالتحديد تحكي عن أطياف النور، الأصفر قريب من الأخضر أي أن هيلين مقرّبة من إلڤين ؛ ومن هو إلڤين؟ ملِك الآلف الذي لا يعرف أحد عمره الحقيقيّ، وأملنا الوحيد لاستدعاء هيلين حاليا!».
شرح سيزار في نفس واحد، يفتح الصفحة التي قرأها أمام ميكا رغم أنه لا يفهم شيئا من الأحرف المضيئة عليها.

«لحظة... رأيتَها في أحلامِك؟ كيف تعرِف أنها حقيقية فعلا؟».
لم يُرِد أن يُعلّق أمله بتلك السرعة.

«لم يكن حلما طبيعيّا. كان أشبه برؤيا، عدتُ فيها لكوني آلبستار ولذلك تمكّنت من قراءة الكتاب. أرجّح أنه مرتبط بـ سيلين أيضا...».
أضاف الثعلب يُفسّر نظريّته.

حلمه ذاك -أو رؤياه- كان واقعيا لدرجة كبيرة، لم يُراوِده مثله من قبل. كما أنه شعر بجميع تفاصيله كملمس الورق وصوت سيلا ولِيونار اللذان ناديا اسمه ثم قرآ له محتوى الصفحة...

«حسنا، لم يبقى لدينا حلّ آخر بأي حال».
تنهّد ميكا مُتذكّرا أنه راوده حلم مشابه، ثم نادى أحد جنودِه كي يُبلِغ البقيّة بتغيّر وجهته.

سيأخذ أربعة على الأكثر معه إلى غابة الآلف، أما البقيّة فسيُواصِلون مهمّتهم في تطهير المملكة من جماعة جيزمون.

حتى إن لم تُفِده مخابئهم في إيجاد توأم روحِه، فإبادتهم ستُفيد المملكة بأسرِها وكذلك كل المخلوقات التي عانت طويلا من صيدهم وتجارِبهم عليها.

----

----

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
سِيلا ✓Where stories live. Discover now