اغلقت الباب وأستندت عليه وهى تبكى وتنوح ، أنهارت قدميها شيئاً فشيئاً حتى سقطت جالسة خلف الباب
وضعت يدها على فمها تكتم بكاءها فظلت تتمتم :
- يارب يارب خليك معايا يارب أنا مليش غيركضمت ساقيها بذراعيها ودفنت رأسها بينهما ، ومازالت عيناها تأبى الكف عن البكاء ، فماذا تفعل هى الآن ؟ وكيف ستكون حياتها ومعيشتها ؟ هل سيفى نادر بقوله ؟ أم أنه سيتركها بمهب الريح بمفردها ؟ أسئلة كثيرة لاتجد لها إجابات شافية ، فوعوده التى تركها قبل رحيله كانت أشد برودة من ليلة شتوية مطيرة ، فهو لم يزرع بقلبها الأمان ، بل ترك قلبها يرجف بخوف من بزوغ فجر اليوم التالى ، وتجد نفسها بلا مأوى
____________
خرج راسل للحديقة ، ذاهباً للملعب خاصته ، وجد سجود تركض حول ولاء الجالسة على أحد المقاعد ، واضعة يدها على وجنتها ، تحملق بالفراغ بشرود ، فمنذ علمها بسبب إقدام شقيقتها على الانتحار ، وهى كمن أصيبت بضربة قوية على رأسها ، ولم تنسى نصيبه ونصيب وفاء من إستياءها على إخفاؤهما الأمر عنها- أنتى قاعدة كده ليه يا ولاء
قالها راسل وهو يسحب مقعد اخر ليجلس عليه ، فاتحاً ذراعيه ، لتستكين صغيرته بينهماأزاحت ولاء يدها وأجابته بهدوء :
- هعمل ايه يعنى يا أبيهوضع راسل قبلة على رأس سجود ، قبل أن يلقى ببصره على محياها الفاتر :
- أنا عارف أنك زعلانة منى ومن ماما بس أنا كمان مكنتش أعرف بخبر موت أشجان يا ولاء لأن فى الوقت ده كنت بخلص دراستى فى إنجلترا ، وماما خبت عليا ومرضيتش تقولى إلا لما رجعت ، بس لما سمعت الخبر أتوجعت زيك بالظبط ، لأنها كانت غالية علياتوارت عيناها خلف كف يدها ، لتحجب عبراتها الحارة ، فأطرقت برأسها وهى مغمغمة ببكاء :
- أنا اللى وجعنى أنها عاشت تعانى من قسوته ، حتى فى موتها كان هو السبب ، أنا مش عارفة أب ايه ده اللى يعمل فى بناته كده ، هو إحنا مش بناته علشان كده بيعاملنا المعاملة الوحشة دى ها يا ابيه احنا مش بناته قولى ، شوف أنت بالرغم من اللى حصل من مراتك ، بس بتحب بنتك وبتخاف عليها إزاىأدركت خطأها الفادح بالاتيان على ذكر زوجته ، فأزاحت كفها عن وجهها ، رمقته بحذر لترى رد فعله على ما قالته ، ولكن وجدت محياه هادئاً ، بل أنه شدد من إحتضان إبنته ، يقبلها على رأسها مراراً و تكراراً
فزفر راسل متنهداً :
- الحب والكره مش بإيدينا يا ولاء ، وأوقات كتير بيبقى الوجع قادر يخلى البنى أدم يكره كل اللى حواليه ، بس دايما فى حتة كده فى قلبه لسه على الفطرة اللى خلقنا بيها ربنا ، وأنها تفضل تحب رغم الكرهفركت ولاء يديها تهتف به بأسف :
- أنا أسفة يا ابيه لو كنت فكرتك بحاجة ، علشان عارفة أنك مبتحبش تسمع السيرة دى ، بس غصب عنى طلع الكلام منى ، لأنى مقهورة أن ما أخدتش حب الأب اللى كل بنت بتحسه من أبوها ، تعرف أن أوقات كتير بتمنى موته وأنه يختفى من حياتنا جايز نعيش كويس
YOU ARE READING
ثلاثية " لا يليق بك إلا العشق "..بقلم سماح نجيب"سمسم"
Romanceبين السعادة والشقاء والحقيقة والوهم ،حد فاصل كالخيط الرفيع ، الذى إذا إنقطع فجأة ، صارت الحياة متاهات لاتعلم أي منها ستقودك للحقيقة التى تهفو لمعرفتها
📖11-" إبتسامة من شفاه غليظة"📖
Start from the beginning