رِحلَة إِلى النُجُوم 3

104 16 1
                                    


مَضَى وَقتُ شِبه طَوِيل وجِين يَقُود والصَمت إِتخَذَ مَكَانَه بينَنَا ، هُو لَم يُحاوِل أنْ يسألنِي عمّا كُنتُ أقصِده لَكِن عَينَاه تَبوح بِإستفسَار لِذلك ، لاَ يَهُم .. فأنَا مُدرِك حَتى الكَلامْ لاَ طَائِلَ مِنّه معهْ ،

" سَيُسر جُونغكوك وَ بَاقِي الرِفَاق بِقدومِك بَعد هذَا الوَقت "
فَتحتُ مَحاجِرِي عَلى وِسعهَا جَراء ذِكره لِموضوعِ الرِفَاق ! إِلهِي كَيفَ تَناسِيت هكذَا ؟؟ لَكِنِي لستُ جَاهِزًا لِمقَابلَتهم .. خَاصة كوك .. مُنذُ تَعرضَ وَالِدَاه لِحادث وتُوفيَا بَاتَ يتجاهلنِي وَلا يَرد عَلى رسائِلي أو إِتصالتِي ، لَكِن معَ جِين فَكَان يُحادِثُه .. فَقَط يتجاهلنِي أنَا ..

وكم ألمنِي ذَلك حَتى توقفتُ عَن البَحث عَنّه ، لاَ بأسْ حقًا .. فَلا إِجبَار ولاَ إِغصَاب فِي الحُب والمُبادَرَة ، رُغمَ ذلك .. أنَا هُنَا الأَن .. عَلى نفسِ الأرض التِي يَمشِي عليّها ، نَفس المكَان ، نَفس بُقعَة الرَسُو التِي إِنطَلقت مِنهَا سُفننَا يومًا .. سأبحَث عنّه ، و أُعانِقه ، وأُخبُره بأنّي أسِف وكَم أنّي مُشتَاقٌ إِليّه وإِلى مُسامَرتِه .
وأخيرًا بَاتتْ مَعَالِم ومبَانِي أسكتلندَا الشَاهِقَة بَارِزَة ، بإِمكانِي رؤيَة نَاطِحات السَحَاب التِي تَعكس الشَمس وَ هَجانِهَا العَالِي عليّهَا بِطريقَة لاَمِعَة وَ مُلفِتَة ، السَاعَة الواحِدَة ظُهرًا حِينمَا تَوقفَ جِين بِسيارتِه أمامَ البَيت أو بالأَحرى بيت والِدتنَا .

وَضعتُ الحَقائِبَ داخِلَ المَنزِل بِعجلَة ، وضَعتُ حَقِيبَة العَجلات وألقيتهَا بِقُوَة وَ خرجتُ مُسرعًا أو بالأَحرى راكِضًا ، راكِضًا بِلهفَة وَ شَوق إِلى بيتُ جَارِي ، مُتجاهِلاً نِداءَ جِين .. لاَ زَالَت خُطَاي لَم تنسى الدَرب الذّي لَطَالمَا جرينَا فِيّه أنَا وأنتْ .. وَ جِيمين ، لأخَاف أنَ يَتوقَف الوَقت وأنَا لاَ زِلتُ لَم أُشبِع رُوحِي المُشتَاقَة لِرَفِيقِي ، شَعرِي يتطايَر بِفعل الرِيَاح التِي يُخلفُهَا رُكوضِي القَوِي ...

إِستغَرَق الأَمر وأنَا أركُض حَوالِي أَربَعة دقَائِق أو أكثَر ، وهَا أنَا الأَن أَقِف أمَام بيتِه الذّي يَبعُد عَنِي بِخَطوَات ، إِتكأتُ على رُكبَتَاي مُحاوِلاً إِلتِقَاطَ أنفَاسِي المُنقَطِعَة ، وهَا أنَا سَعِيدٌ وَ مليءٌ بالفَخر تِجَاهَ نَفسِي كونُهَا لَم تَتعثّر وَ تُخطِيء فِي وِصالِ دَرِبك ، تَقدمتُ مُسرعًا وَقلبِي كَان يَرتِجف خوفًا و توترًا ،
فِكرَة بأّنّ مَشاعِرنَا قَد بَدلتهَا رِياحُ الغُربَة والوَدَاع أَفزَعتنِي ، نَحنُ الذِّينَ نُغِير الأَيام ومَشَاعِرنَا .

قَرعتُ جَرس البَاب بأنامِل مُرتَجِفَة وَ صَدرٌ يَعلو ويَهبِط ، فُتحَ البَاب وَ خَرجت مِن .. جَدّته ،
" صَبَاح الخُير "

رِحلَة إِلى النُجُوم .Where stories live. Discover now