رِحلَة إِلى النُجُوم 1

263 18 33
                                    

جَالِسًا بِجانِب تِلكَ المرآة التِي إبتَلعهَا الشُحوب ، مَن كَانت مصدرًا لِلحنانِ والعَطف والراحَة لِنفسِي .. مليئَة بشُحوب الأَيامِ والعُمر الضَائع ، عينَاهَا تَحكِي الكَثِير ، خَائرَة ضَعِيّفَة ، وتغير كَبِير وملحُوظ  فِي وزنهَا حتى باتت صُورَة حقيقة لهيكَلٍ
شِبّهُ حيّ أمامُنَا حرفيًا !
حتى لون وجههَا تحوَل إِلى الرَمادِي ربما ؟؟!!

أُمي تَم تشخِيصُهَا بِالُوكيّميَا .. سرطَان الدَم مُنذ أربعِ سَنَوات ، حَالَهَا لا يَتحسّن فقطْ تتعذب وتحترِق ببطء ، فِي كُلِ مَرَة تأخذ تِلكَ الجُرعَات اللعِيَنة ، تِلك القَطَرات التِي تُحرقك وتآكلك لِساعات وسَاعات .. آلم لا يُمكن وصفّه لا بِالكلَام أو حَتى الكِتَابَة ..
فَقط شيءٌ يُزهق النّفس ويذيبُ العِظَام والجِلد .. يسقطُ الشَعر ..
ويجعَل المَناعَة فِي أعمَاقِ القَاعْ ..
ربّمَا لَم تُصدر أنينًا يومًا يَصرخ بِمدى آلمهَا وحَرقَانِهَا .. كَانت فَقط تَكتَفِي بِالشَدّ على غِطاء السَرير ، كيّ لا أخَاف .. لا أبكِي .. لا أنهَار ، كيّ لا ينهَار رجُلهَا كَإنهِيَار بِناياتٍ مَهجُورَة معَ أولِ لَمسةٍ تَرمِيم ..

هكذَا أُمي .. تآلمت كَثِيرًا فِي حيَاتِهَا .. لازالتْ صَغِيرَة ، لا زالَت يافِعَة وشَابّة .. لا زَالَت تُريدُ العَيشْ بِرفقَةِ إبنيّهَا ..

وهَاهِي اليَوم تَلفُظ أخِر وَتيّرَة لِنَفسَها قَبلّ إنفَصالِ الرُوحِ عَنِ الجَسَد  ،
برفقَة إبنيّهَا ، علّك تَجِدينَ الرَاحَة فِي السَماء أمَاه ، سأحتَفِظ بِكِ بقلبِي ،
سأرسُمك كُلَ ليّلَة كيّ لاَ أنقُض عَهدِي الذّي أبرمتُه فِي قلبِي لكِ يَا فَتَاتِي .

جَسَدَ أخِي الصَغِير تَايهيونغ يبكِي بجَانِبهَا .. أخِي البَالِغ مِن العُمر ثلاثة عشر عامًا .. أشعر بالألم تِجاهه فهو لَم يحظَى بالكَثِير مِن الذِكريات بِرفقَة أُمنّا لأن والدِنَا السافِل قَام بأخذ الحَضانَة مِنهَا .. على عَكسِي أنَا
قضيتُ الكَثِير بِصُحبتهَا كَانت فَتاتِي و مَحبوبتِي الوَحِيدَة ..
لا أنكُر بأنِي فِي مرحَلة مَا مِن حَياتِي كَرهتهَا بسبب كِثرة المَشاكِل بينهَا وبين والدِي الوغد أقصد العَزِيز ، ورغبته فِي أخذ حَضانَتِي أيضًا كما فعلَ بِ تايهيونغ ..

حَدث الكَثِير فِي حَياتِك يا جِين وأنت لا زِلت في الثَامِنَ عشَر ..

"إقترِب جِين "
أمسكتُ بيدهَا التِي مدتهَا نَاحِيتِي وإستلقيتُ بِجانِبهَا بينمَا بالجَانِب الأخَر يستلقِي تايهيونغ الذّي يحشُر رأسه فِي صدرِهَا ويبكِي ..
أخذت أمي تُقبلنَا فِي إنشاءاتِ وجهنَا .. رجاءً أمي أنَا بالكَاد أكبح رغبتِي عَنْ الإِنفجار والبُكاء ..
أخرجَت آلبُومَ صُور مِن أسفَل غِطائهَا وظللنَا ننظُر إِلى كُلِ ذكرياتِنَا ،
نسخر ونضحك .. مُعظمها كانت خاصة بِيّ أنَا  فَقَط مع آمي ..
وذلك أحزن تايهيونغ .. لكنّهَا أخبرته بأنه الأن سيصنع ذِكرياته الجَمِيلَة ويُكَمل باقِي أماكِن الصُور الفَارغِة بُصوره مَعِي ..

رِحلَة إِلى النُجُوم .Where stories live. Discover now