_ الفصل الواحد والسبعون _

7.7K 350 5
                                    


(( امرأة العُقاب ))

_ الفصل الواحد والسبعون _

ثم تحرك ووقف خلفها ليرفع يديه ويفك عقدة الشريط حول رأسها ثم ينزعه عنها لتفتح هي عيناها وتتجول بنظرها حولها مذهولة وبعينان متسعتان على أخرهم من فرط الصدمة .

استقرت عيناها على تلك اللافتة الضخمة المدوّن فوقها ( دار الرحمة ) والمبنى المصمم بالطريقة العصرية والوانه جميعها مبهجة وجميلة ، تمامًا كما تمنت ! ، كل شيء مصمم كما رغبت هي به .. كأنه توغل داخل علقها وقرأ أفكارها وتخيلاتها وصممها لها فوق أرض الواقع ! .

لطالما حلمت وتمنت أن تمتلك دار للأيتام تأوي فيه أطفال الشوارع المشردين وتعطيهم فرصة لحياة أخرى وجديدة بدلًا من تلك التي سلبت منهم .

" هي حلمت وهو حقق ! .. تمنت وهو نفذ ! "

فشلت في حجب تلك العبارات المتجمعة بعيناها وانهمروا فوق وجنتيها بغزارة وحين شعرت بأن صوت شهقاتها سيرتفع كتمت على فهمها بكفيها وعيناها مازالت عالقة على تلك اللافتة .. فشعرت به يحتضنها من الخلف ويلثم شعرها ووجنتها بحب هامسًا بصوت انسدل كالحرير ناعمًا :

_ كل اللي جاي ليكي وبس يارمانتي .. تتمني أي حاجة بس وأنا انفذها .. لو طلبتي نجمة من السما مش بعيدة عليكي

زاد انهمار دموعها فوق وجنتيها بصمت لتلتفت له وتطالعه بعشق وامتنان .. لأول مرة يراها تتطلعه بهذا الشكل ، لم يكن الحب الذي بعينها كأي مشاعر سابقة شهدها منها .. مختلفة حتى في ابتسامتها التي شابهت طفلة صغيرة .. أو بالأدق كطفلتهم تمامًا حين تستحوذها السعادة .

ألقت بجسدها عليه وعانقته بحرارة وتركت العنان لشهقاتها حتى يرتفع صوت بكائها أكثر وتجيبه بصوت مبحوح من فرط البكاء :

_ أنا لو هتمني حاجة تاني من ربنا هي أنه يخليك ليا ياعدنان

ضمها إليه أكثر بذراعيه وهمس بالقرب من أذنها في بسمة ساحرة :

_ ويخليكي ليا ياحبيبتي إنتي وهنا وابني اللي جاي في الطريق

ابتعدت عنه ورفعت يديها تجفف دموعها لتهمس له باسمة بتعجب :

_ أنت دايمًا بتتكلم عنه بصيغة الذكر .. إيه عرفك إنه هيكون ولد ؟

ضحك ورد بثقة غامزًا وهو يمد كفه ليتحسس بطنها :

_ احساس قوي بيقولي إنه هيكون ولد

رأت في عيناه رغبته ولمعته المختلفة التي تعبر عن أنه يتمنى أن يكون الطفل الثاني لهم صبي فابتسمت وتمتمت بعدما مالت عليه ولثمت وجنته برقة :

_ أن شاء الله يكون ولد ياحبيبي ويبقى شبهك كمان

دنى منها ولثم جانب ثغرها بحب ثم أردف بجدية امتزجت بحماسه :

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن