الفصل الحادي عشر

10.6K 424 14
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الحادي عشر _

تصلبت بأرضها بقوة وقالت في نظرات كلها حقد وعيظ :
_ عايزاك تطلقها !
عقد حاجبيه باستغراب من جملتها .. والتزم الصمت لثواني معدودة حتى أردف ببرود :
_ مش هينفع
فريدة بعصبية :
_ ومش هينفع ليه بقى
_ عشان بنتي
تلونت عيناها بلون الدماء الحمراء .. ليست غيرة ولكنها نقم وضغينة تحملها لجلنار ، وربما خوفًا من خسارتها لكل شيء سعت في بنائه .
هتفت في نظرة مشتعلة :
_ عشان بنتك .. ولا عشانها هي ياعدنان !
انتصب في وقفته ووضع قبضتيه في جيبي بنطاله هامسًا :
_ هتفرق معاكي في إيه
_نعم !!
كان ردًا عنيفًا منها تبعه رده الهادئة بشكل مثير للأعصاب :
_ يعني متحطيش نفسك في مقارنة يافريدة

القى بكلماته ثم عبر من جانبها وانصرف .. بقت هي بأرضها تعيد تكرار ما قاله في عقلها ، وتتساءل ماذا يقصد ! .. جملته مبهمة لكنها تحتمل شقين ! .
التقطت عيناها كأس الماء الموضوع فوق المنضدة .. فمدت يدها وجذبته ثم ألقته على الأرض بكل غل وهتفت بوعيد شيطاني :
_ لا يمكن اسمحلك إنتي وبنتك تسرقي مني كل اللي بنيته .. استحملت حجات كتير وأولهم عدنان رغم عدم حبي ليه بس عشان اوصل لهدفي ، وإنتي دلوقتي عايزة تاخدي كل حاجة على الجاهز .. نهايتك قربت يابنت الرازي .

                                      ***
تجلس على الأريكة المقابلة للتلفاز والذي يعرض أحد مسلسلاتها المفضلة ، وجهها تعتليه معالم الحزن والعجز وعيناها فقط ثابتة على الشاشة لكن عقلها يفكر في حادثة الصباح .
بقدر قوتها إلا أن الطعن في الشيء الوحيد الذي يتبقى للفتاة .. أوجعها بشدة ، لا تعرف متى وكيف ومن الذي تناقل هذه الشائعات والاتهامات البشعة بين أهل حارتها .. لكن لا يهمها أحد بقدر خوفها على جدتها إذا عرفت بما حدث أو وصلت لأذناها تلك الكلمات القبيحة عنها .
منذ الصباح وهي تجاهد في الظهور بصلابة وتشدد على محابس  دموعها .. لكن حتمًا ستصل للحظة فاصلة وستنفجر بها لتفرغ عن نفسها ثقلها المؤلم الذي يقتلها .

خرجت فوزية من غرفتها وبحثت في أرجاء المنزل عنها فسمعت صوت التلفاز .. تحركت بخطواتها البطيئة نحو الصالون ورأت حفيدتها تجلس تشاهد التلفاز بسكون مريب .. تأملتها بنظرها من بعيد للحظات ففهمت فورًا أن بها شيء ليس طبيعي ، منذ أن عادت من العمل صباحًا وهي بحالة غريبة ليست على عادتها المرحة والمشاكسة ، واقنعت نفسها بأنه ربما من ضغط العمل وإرهاقه .. لكن جلوسها بهذا الشكل أصبح غير مُطمئن مطلقًا ! .

اقتربت منها وجلست بجوارها على الأريكة ثم هتفت بنظرة دقيقة  :
_ مهرة !
انتبهت لصوت جدتها فاعتدلت في جلستها بسرعة ونظرت لها تبتسم بابتسامة باهتة :
_ إنتي لسا صاحية يازوزا !!
فوزية بنظرات مترقبة لردها :
_ كنت رايحة انام وقولت اشقر عليكي الأول في اوضتك ملقتكيش .. هو في حد مزعلك ولا إيه ؟!
مهرة بمرح مزيف حتى أنه لا يحمل طريقتها الكوميدية كالعادة :
_ فشر مين ده اللي يقدر يزعلني
فوزية بحدة :
_ مهرة .. أنا مش هبلة عشان معرفش إذا كان في حاجة مضيقاكي ولا لا ، قولي يلا !
التزمت الصمت لثلاث ثواني بالضبط ثم قالت بأسلوب ساخر لا يلائم الوضع أبدًا :
_ الصراحة في .. المحفظة بتاعتي اتسرقت ، كنت بطلع الفلوس عشان ادي السواق الأجرة وجه واحد ابن حرام نتشها مني وجري

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقWhere stories live. Discover now