_ الفصل التاسع _

10.1K 414 14
                                    


(( امرأة العُقاب ))

_ الفصل التاسع _

دقائق قصيرة مرت حتى بدأت الطائرة في التحرك وبلحظة ارتفاعها عن الأرض قبضت جلنار بيدها على ذراع مقعدها وارجعت رأسها للخلف مغمضة عيناها بقوة بعدما داهمها الدوار فجأة وتسارعت أنفاسها ونبضات قلبها بشكل مريب أثار القلق في نفسه .. علق نظره عليها يتابع تغيراتها المفاجئة ، وحدة أنفاسها تزداد وبدأت تجد صعوبة في التقاطها ، فور رؤيته لها على هذا الوضع هب من مقعده ووقف أمامها منحنيًا بجزعة للأمام ويقول بأعين قلقة :

_ جلنار إنتي كويسة ؟

لم تجيبه فقط فتحت عيناها وهي تطالعه بأعين ضعيفة وتحاول تهدئة أنفاسها المتسارعة ، تملك منه الزعر وصاح مناديًا على أحد من طاقم العمل بالطائرة الذي جاء فورًا مسرعًا ، وسمع عدنان يهتف دون أن ينظر له فقط منشغل بزوجته :

_ هات مايه بسرعة

امتثل لطلبه فورًا بينما هو فهتف بأعين تحمل القلق الملحوظ ويحتضن وجهها بين كفيه :

_ خدي نفس ياجلنار

ثم أخذ شهيقًا طويل وأخرجه زفيرًا متهملًا حتى تفعل مثله .. ففعلت هي بصعوبة وسط نبضاتها العنيفة ، لحظات معدودة بالضبط ووصل الماء .. التقط الكأس منه وأعطاه لها هامسًا باهتمام :

_ خدي اشربي

جذبت الكأس منه بيد مرتعشة ورفعته إلى شفتيها تشرب بتمهل وهو يساعدها في إمساك الكوب ، ثم مد أنامله يبعد خصلات شعرها عن عينيها بلطف حتى لا تزعجها ويتابعها بعيناه المترقبة حتى انزلت الكأس من فمها وقد ظهر على ملامحها هدوء أنفاسها قليلًا ، سألها بخفوت مهتم وقلق ممسكًا بكفها :

_ هااا احسن دلوقتي ؟

هزت رأسها بالإيجاب في أعين ضعيفة وقسمات وجه بريئة تسرق القلب .. تنهد بارتياح واستطرد بحزم يوبخها في عنف بسيط ، وبإبهامه يملس على ظهر كفها الذي يحتضنه بين قبضته .. كأن نبرته وقمساته الغليظة تقسو ولمساته تحنو ! .

_ أكيد نسيتي تاخدي المهدئ قبل ما تركبي الطيارة صح !

جلنار بخفوت رقيق :

_ أيوة

عدنان باستياء من إهمالها :

_ الإهمال ده ميتكررش تاني ياجلنار .. المفروض إنك عارفة أن إنتي مش بتستحملي الارتفاع والطيارة وعندك رهاب منها وبتجيلك النوبات دي يبقى مش محتاجة حد يفكرك أو يقولك خدي المهدئ

اقتربت هنا من أمها ووقفت بجوار مقعدها تقول بنظرة مرتعدة ونبرة طفولية حزينة بعدما تابعت بعيناها حالة والدتها المريبة وزعر والدها وهو يحاول تهدئتها :

_ إنتي كويسة يامامي ؟

نظرت لها بعين كلها دفء وحب ثم انحنت بجزعة من على مقعدها وحملتها على قدميها تلثم وجنتها بحنو متمتمة بابتسامة ساحرة :

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقWhere stories live. Discover now