_ الفصل الثلاثون _

9.6K 423 17
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثلاثون _

ذلك التهديد السخيف ! .. لم يحرك شعرة واحدة منها .. وبقت صامدة تحدق بجلنار في ابتسامة متهكمة .. وبعد ثوان من السكون المريب بينهم خرج صوتها المستنكر :
_ ومين قالك أنهم هيصدقوا كلامك أساسًا
عادت جلنار إلى مقعدها تجلس بارتياحية وتقول بثقة :
_ لو عايز اثبت مستعدة اجيب الإثبات .. بس انتي هتفضلي بعيدة عني هفضل أنا كمان بعيدة عنك
رأت الضحكة تنطلق فوق شفتيه ترمقها باستهزاء وخبث ، ثم اختفت ابتسامتها وسكنت في مقعدها تكتفى بتبادل النظرات النارية معها ! .

                                    ***
يجلس هو وخالته حول طاولة الغذاء وعيناه تتفقد المقعد الفارغ من الطاولة .. فنظر إلى الخالة وسأل باستغراب :
_ نادين ليه منزلتش ؟
غمغمت فاطمة بنبرة عادية تمامًا :
_ قبل ما ترجع إنت من برا خرجت قالت رايحة تعمل مشوار سريع وراجعة
استنكر الإجابة التي على حصل عليها .. وارتفع حاجبه اليسار بنظرات مدهوشة ثم هدر في حزم :
_ خرجت إزاي .. هي متعرفش حاجة في مصر هنا .. وليه مقالتليش ؟!
فاطمة ببرود أعصاب غريب :
_ معرفش بس أكيد عارفة المكان اللي هتروحوا طالما خرجت وحدها .. متقلقش هي زمانها على وصول دلوقتي
ضغط على الشوكة التي بيده في غضب دفين ثم ألقاها بقوة داخل الصحن محدثة صوتًا مزعجًا واستقام واقفًا يخرج هاتفه ويبتعد بضع خطوات عن خالته ليجري اتصال بها .
بعد انتظار للحظات طويلة والكثير من الرنين أجابت أخيرًا بصوت مبهج :
_ الو .. نعم يا حاتم
_ إنتي فين ؟
كانت نبرته بمثابة النار التي أحرقت بهجتها لكنها تحفظت بلطافتها وهي تجيب عليه :
_ مع رفيقي
ردها كالبنزين فوق النار .. حيث لاحت الابتسامة الساخرة على شفتيه يرد بلهجة لا تبشر بالخير :
_ نعم ياختي مع مين !!!
نادين ببساطة وهي تضحك بطريقة أثارت جنونه أكثر :
_ مع رفيقي ياحاتم عم اقلك .. هو اجى زيارة على مصر وحب يشوفني فأجيت لاشوفه
سمعت صوته الغليظ يهدر في غضب :
_ ومقولتليش ليه إنك هتطلعي ورايحة تشوفي البيه رفيقك ده
نادين بابتسامة ماكرة تتصنعها بمهارة :
_ الو .. حاتم صوتك ما عم يوصلي
بدأ يفقد تمالك أعصابه فهتف بنبرة شبه مرتفعة مستغلًا جملتها بأنها لا تسمعه :
_ إنتي فين يانادين ؟!
فهمت أنه ينوي المجيء إليها حتى يأخذها بنفسه فردت ببرود حتى تزيد من إشعال النيران أكثر :
_ ما في داعي تيجي هو راح يوصلني بسيارته على البيت
سمعت صوته غريب ومخيف قليلًا كأنه شخص مختلف :
_ يوصلك بسيارته !!! .. طيب معلش هقطع اللحظة على رفيقك واجي انا اوصلك للبيت ممكن !

استشعرت النيران الملتهبة التي تخرج من صوته إليها في الهاتف وكادت أن تضحك قبل أن تتمالك نفسها ووتتهرب من الرد عليه بذكاء كالمرة السابقة :
_ حاتم الو .. ما عم اسمعك .. الشبكة هون كتير سيئة .. حاتم .. حاتم .. أنا راح اقفل هلأ وبرجع بتصل بيك بعدين تمام

وفور خروج آخر كلمة من فمها أنهت الاتصال .. لتضرب بأذنه صافرة الإغلاق فينزل الهاتف ببطء ويتطلع في شاشته بأعين ملتهبة مخرجًا من بين شفتيه زفيرًا ناريًا كمحاولة بائسة للتحكم في انفعالاته .. لكن خرجت همسة مشتعلة منه وساخرة يعيد كلمتها :
_ رفيقي ! .. امممم وماله
ثم التفت إلى خالته التي ترمقه مبتسمة كأنها تنتظر منه أن يخبرها بمحادثته معها وماذا قالت له فيبادلها هو الابتسامة لكن بأخرى مغتاظة ويجيبها متهكمًا :
_ لما الهانم ترجع بسيارة رفيقها ابقى اندهي عليا

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن