«لم أعد أملِك قواي! لا يُمكنني حِمايتكِ أو شفاء جراحِك...  ولا حتى قراءة أفكارك!».
اِنهار أخيرا وأفصح عن سبب تجنّبه إياها.

ضعفه وعدم جدواه في شيء بالنسبة لها -حسب تفكيره- هو ما أبقاه بعيدا عنها كل هذا الوقت.

«أنا آسترايا الآن، ما مِن خطر عليّ هنا أو في أي مكان».
حتى هي صدّقت ما تفوّهت به في تلك اللحظة.

يبدو أن تذكيرات نيكسون المتكررة بكونها حامِلة نور النجوم ومدى قوتها، قد آتت نفعها أخيرا.

«ولا شيء يُمكنه إيذائي...».
سحبت كتابا من الطاولة إلى جانب السرير ثم مرّرت أطراف أصابِعها على حواف أوراقه فسالت قطرات من دمائها.

لكن قبل أن يتفاقم هلع لِيونار، مسحت بإبهام يدها الأخرى جميع جروحها فتوهّج نور أبيض منها واختفت كما لو لم تكن في المقام الأول. شيء بسيط اكتشفته خلال مطالعتها المستمرة في الأيام الفائتة.

«وأفكاري سأخبِركَ بها كلها!».
ختمت كلامها بأن ضمّت وجهه بين كفّيها تُجبره على النظر في عينيها كي يرى مدى صِدقها.

إلا أن نظرته الحزينة أخبرتها أنه مازال مشككا ؛ لا يُصدّق كلماتها فقد اعتاد سماع الأفكار التي تحمِل النوايا الصحيحة وعادة ما تُناقِض ما يتفوّه به المرء. لذا لديه صعوبة في تصديق أي شيء.

«آخِر مرة قرأتَ أفكاري، عمّ كانت؟».
نطقت بعد لحظات من التفكير في طريقة لإقناعِه.

«مؤلمة.... بسببي».
تردد لِيو ثم أجابها وأمسك بيديها كي يُخفف عليها ألم الذكرى.

عندما استلقى بين ذراعيها مضرجا بدمائه، سمِع صرختها التي هزّت كيانه من شدة ألمِها لكنه كان غير قادِر على التلفّظ بما يُهوّن عليها. فوضى عقلِها عذّبتْه في لحظاته الأخيرة، من وجع فقدانه إلى حقدِها على سيلين ثم استسلامها لـ نيكسون لأنها لم تعُد تملِك دافعا للحياة.

«أنا آسِف!».
وضمّها إليه بقوة كما أراد أن يفعل يومها لو لم يمنعه الجرح في بطنه من العيش.

بادلتْه آسترايا الحضن دون تردد تتمنى أن يسمح له قُربهما بالتأكد من مشاعِرها نحوه.

«لا تتأسف على ما لم يكن لك يد به. ما حدث ليسَ خطأك أبدا».
ابتعدت عنه قليلا وأخبرته بحزم فأومأ وقرّبها إليه مجددا.

أمضيا دقائق على تلك الحالة في شبه هدوء، إلى أن نفِذ صبر لِيونار بسبب صوت دقات القلب الذي كان كرنين منبّه مزعج يُذكّره بما حدث بعد موتِه ويهز إيمانه بكل ما كان متيقّنا منه قبلا.

لطالما سمِع أفكارها عنه منذ لحظة لقائهما في غرفة المشفى ؛ إعجابها بوسامته، اِنبهارها بقدراتِه، اشتياقها لوجوده ورغبتها في اختيارِه هو بدلا من توأم روحها الذي اختارته لها سيلين وأرادَته ذئبتها. قد تجاهَل كل ذلك سابقا من أجل صديقه لكنه نادِم بشدة الآن على خياره.

سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن