الرابع والعشرون

24 3 0
                                    

القاتل يبكي قتيله!

نادراً ما تتعاطف الرقيبات مع ضحايا النظام، وحتى ولو بقي في قلب إحداهن بقايا إنسان تراهن يكتمن ذلك ولم يصرحن به إما خوفاً من عيون النظام أو عزة بالاثم.. بيد أن الأمر مع ميسون كان يختلف تماماً.. فقد وصفت الرقيبة المرافقة (إيمان/ أم سفیان) مشهد الاعدام وقالت:

«أثناء فترة تنفيذ الاعدام على الكرسي الكهربائي، فتحث ميسون فمها عدة مرات.. كان لسانها جافاً كالخشبة، لانها كانت وقبل توصيل الكهرباء بالكرسي قد طلبت قليلاً من الماء ولم يسمحوا لي بتوفيره لها! وقد كررت الطلب أثناء جولات التعذيب.. كنت استشعر أنفاسها، كانت ناراً مستعرة.. إستغرق وقت التعذيب والأعدام قرابة الساعة أو أكثر بقليل!».

الرقيبة (إيمان) التي كان عملها ومرافقتها للضحايا صورة رتيبة متكررة، قد قسى قلبها، فهو كالحجارة أو أشد قسوة.. لكنها مع ميسون كانت تختلف.. لقد بكت من أعماقها، وشاركت الأقسام السياسية -الغارقة بالحزن- بالدموع والنحيب المـر.. وهكذا تجلت حكمة الخالق عز وعلا إذ ساهم الجلاد في نشر بطولة الضحية!

سألتها إحدى الأخوات من القسم الثالث : - كيف ستقابلين ربك وأنت واقفة كل هذا الوقت بجنب

علت.. فتصاغروا

كانت تلك الرقيبة التعيسة تقسم بالله الذي لم تعبـده قـط أن ميسون كانت وحتى قبل إرتحالها بدقائق معدودة، منشرحة الصدر منبسطة الوجه متمتمة مع ربها.. لقد رحلت والصلاة على

شفتيها.

وهكذا قتلوا ميسون.. قتلوا الربيع والجمال.. استأصلوا وردة الجوري بهذه الطريقة البربرية فتلاشى عطرها وشذى عبيرها.. إنطفأت ميسون.. تلاشت جسداً لم يبلغ ربيعه العشرين، وبقت روحها مجداً فـوق جبيـن عـراق الفراتيـن.. إستشهدت ميسون وتحت أقدامها دنيا خضراء.. إرتحلت فعلت، وقتلوا فتصاغرو.

طائر الشمس |حقيقية|Où les histoires vivent. Découvrez maintenant