البارت التاسع

28 5 0
                                    

حورية في طوامير البعث

نعم، تم اعتقال (ميسون) من قبل وحوش مديرية (الأمن).. حورية كتلتها أكف تماسيح، أخذوها من قاعة الدرس أثناء الاستماع للمحاضرة)، سحبوها من شعرها الفارع كالسمكة.. نقلوها الى الأمن العامة الشعبة الخامسة ليمارسوا معها أبشع أنواع الحقد والانتقام، حيث تم تعليقها في سقف الغرفة من شعرها الأشقر وضربوها بالعصي حتى تورمت قدماها وعجزت عن المشي أو الوقوف.

فتنازعت أحشاءها حرق الجوى

وتجاذبت أيدي العدو رداءها

لقد جعلوا - بجولاتهم المغولية وأساليبهم البربرية- من جسد الحورية الطاهر جراحاً تنزف دماً زينبياً ثائراً فـ (الدماء النازفة من جرح حمامة مسكينة هي نفش الدماء المتدفقة من

جراح الانبياء)(۲).

بيد أن تعذيبهم ووحشيتهم لم يزد (ميسون) إلا صبابة وولها نحو الشهادة، كأنها حبيب هام عشقاً وذاب شوقاً لوصال المحبوب (فهبني ياإلهي وسيدي ومولاي ورتي، صبرت على (1) - اعتقلوا مع الطالبة ميسون غازي كلا من إيمان مشير وأنعام حميد. (۲)- مثل قدیم. (3)- من دعاء لأمير المؤمنين علي الله، والمعروف بـ دعاء كميل.

عذابك فكيف أصبر على فراقك)(3).

كانت وجوه الأخوات مخضلة بالدموع والحرقة سوى ميسون، فقد صممت على ألا تبكي واحتسبت، رغم سحابة الحزن التي لاخت في عينيها بسبب ذلك المندس النذل.. ليت شعري، زينبيات طوع بنان المجاهدين، سرعان ما يوأدن بأشفار غدر تلك الاسباب المتكررة. وهكذا وجدت (قمر الكاظمية) نفسها في مهب الأعصار، حمامة بيضاء حطت رحالها - قسراً- في مطامير الشعبة الخامسة، بعد أن انتزعوها من عشها الشامخ هناك حيث المنارات العالية والقباب الذهبية.. رباه أي ظلم أوصل كل هذه الرقة والبراءة وهذا الجمال والظهـر بيـن يـدي مجرميـن أجـلاف غلاظ؟!

فلا مثل عز كان في الصبح عزّها ولا مثل حال كان في العصر حالها

لقد عذبوها بوحشية وقسوة تتناسب مع حجم الدور البطولي الذي رشحت له ونفذته بنجاح تام.. مزقوا جسدها بسياطهم وعصيهم، لكن الله حماها من ذئاب الخشة والنذالة، فلم يمارسوا معها أساليبهم القذرة التي استخدمت - مع بعض الأخوات كـ (فاطمة ورجيحة وابتهاج وشكرية) لا رأفة بها، بل لان الاختراق كان عميقاً والأسرار مكشوفة والاعترافات صريحة، ثم ان الخلية كانت صغيرة محدودة وغير متفرعة، وهاهم قد استأصلوها بالكامل. لكن أشد ما كان يؤلم بطلتنا (ميسون) ذلك التحقيق الذي أجراه مدير الشعبة معها وهي متدلية بجسدها، معلقة من شعرها.. هو

الجلاد (رائد عامر):

غبية! اخترت هذا الطريق ولك من الجمال والثراء ما

يغنيك عن هذه النهاية؟!

- الحمد لله الذي هدانا لهذا الطريق.. إنه طريق الانبياء.

طائر الشمس |حقيقية|Where stories live. Discover now