الحلقة الثالثة والثلاثون

13.2K 945 37
                                    


أصابنا قلقٌ كبير حين أخبرتّنا منى قبل أن تعود إلى غرفتها أنَ الأماريتي قد خرج يَركُض لِلحاق بِنادين التي بكت بِهستيرية .. وخرجت تركض كأنها جُنَت .. وَوصل قلقُنا قِمَّتَه لمّا تأخرت عَودةُ أي مِنهما لساعات .. ثمَ وجدنا أسيل تخرج مِن غرفتها تتكأ على قمر .. كانت تسير بصعوبة بالغة وتطالبها متألمةٍ بين خطوةٍ وأخرى بِأن تتوقف عن السير .. كأن جسدها قد بدأ في تيَبُسِه بعد تلك الرقدة الطويلة .. ويحتاج إلى إستعادة مرونَته مع الوقت .. فنهضت لِأُساعدها فاشارت إليَّ كي أبقى مكاني وأكتفت بِمساعدة قمر لها حتى هبطت الدرج وجلَست على مقعد بجوارها .. وساد صمت ثقيل .. ثمَ غَمز إياد بعينه إلى قمر وصعدا سوياً إلى الأعلى وتَركاناَ بمفردنا .. ومرت لحظات صمت أخرى .. ثمَ نَطقت هادئاً بِجمل متقطعة جالت في رأسي:

مكنتيش هتقدري تعيشي في عالمنا .. وأنا مكنتش هقدِر أعيش في زيكولا وأسيب جدي.

وصمَت قليلاً ثمَ قلت:

كنت بجري زي المجنون أدَور عليكي بعد ما نجيت مِن الدبح..

وصمَت برهة .. ثمَ تابعت:

مكنش لازم تديني مِن وحداتك وأنتِ عارفة إنها خيانة.

فإلتمعت عيناها بالدموع فأكملت:

منى كانت السبب إني أنزل سرداب فوريك .. وأوصل لِزيكولا .. وأقابلك .. هي كمان طيبة وبتحبني جداً .. وأكيد مُشتَتة زيي دلوقت .. عمري ما تخيلت إن الأمور تسوء للدرجة دي.

ثمَ سكت لم أعُد أجد مِن الكلمات ما أنطق به .. كان يعتريني شعور بِالخجل يضطرب معه داخلي أضطراباً شديداً .. لا أستطيع أن أتجاهَل حب منى لي ولا أسيل التي أحبتني فأضرها حبها لي وعصف بحياتها كاملة .. لِيجتاحني شعور لم يفارقني منذ دَلَفت إلى زيكولا ووجدتها راقدة .. أنني لم أكن سوى نَذلاً كبيراً .. فقالت بصوت متعب تختنقه الدموع:

كنت في سجن بيجاناَ .. وهرِبت بين فُقرائها إلى أماريتا بحثاً عن فرصة قد تلوح للعودة مجدداً إلى زيكولا مِن أجل هدف واحد .. أن أعبُر سرداب فوريك إلى بلدك لِأصل إليك وأكمل حياتي معك ..

وعضت شفتيها بمرارة

وأكملت:

تقوَس ظهري مِن حمل الصخور في أماريتا لكني تَحاملت حين رأيت طيفَك أمامي يسانِدَني.

وابتلعت ريقها وتابعت:

كان السَّمين يسُبني .. فَكُنّت أقول في نفسي .. مِن أجلك يا خالد.

وهَربَت دموعها إلى خديها:

كان جسدي الضعيف .. يعانِد كل عناء .. ويتحمل كل شيء .. مِن أجل فرصة ... فرصةٍ أصِلُ بها إليك مجدداً.

ثمَ صمتت لوقت طويل كأنها تَتذكر ما حدث لها أشهرها الماضية .. ثمَ مسحت دموعها بأصابعها ولكنها ما لَبِثَت أن تساقطت حين قالت:

امـاريـتـا - مڪتملة √Where stories live. Discover now