عجوز غريب الأطوار ـ الحلقة الثامنة

17.6K 1K 19
                                    

وجدت أسيل البيت الذي يحمل رقما مطابقا لرقمها الموشوم وطرقت بابه، بعدما لم تجد أمامه أحداً في إستقبالها كَباقي أهل المدينة أمام بيوتهم، وبعد دقائق فُتِح لتجد مُسناً في عقده السادس سقيم الوجه مصفر بياض العينين، بدى أنه نهض تواً من نومه فكشفت له عن كتفها وأخبرته إنها ضيفته لستة أشهر طبقاً لِخطاب الملك، فأشار اليها بالدخول دون أن يتحدث، فَدَلَفَت من وراءِه ودق قلبها قلقاً حين لَمحت زجاجات خمر فارغه تناثرت بكثرة على أرضية ردُهَته ونظرت في صمت إلى أثاث بيته المتهالك وستائره البالية المغطاة بالأتربة وجلست على كرسي أمامه في إنتظار أن يقول كلمة واحدة فلم يفعل، ثمَ نهض فجأة وتحرك إلى إحدى الغرف وعاد ووضع أمامها قطعة من الجبن ورغيف خبز وهَم بالمغادرة مجدداً إلى الغرفة، فنَطقت بعدما تحرك خطوات:

- اسمي أسيل ..

وسكتت فألتفت اليها وقال باقتضاب:

- ليس لدي غيره من الطعام..

وأشار عن يمينه إلى باب غرفة مجاورة وأردف:

- هذهِ غرفتك..

ثمَ أكمل تحركه فقالت أسيل باسمة:

- شكراً سيدي ..

وتابعت:

- كنت أظنك أبكم..

ثم سألَته:

- ألا توجد إمرأة هنا؟

فتَجاهَل سؤالها .. ودَلَف إلى حُجرته ولم يخرج مجدداً وأدركت أنه غاب في سُباته فتحدثت إلى نفسها:

- كان خطاب الملك بأن يساعدني هذا الرجل يبدو أنهُ هو الذي في حاجة إلى المساعدة.

ثم نَهضت وَدَلَفت إلى غُرفتها التي أشار إليها فوجدتها أفضل حالا من باقي البيت وابتسمت حين لَمحت بأحد أركانها حوضاً للإستحمام وضعت بجواره أوانِ مُلِأت بالماء وبِجانب آخر من الغرفة رَقَد سرير نظيف بدا أنه أعُدا سلفاً لضيف هذا البيت من غرباء بيجاناَ، فأغلقت بابها بإحكام وأسندت ظهرها إليه وأغمضت عينها للحظات قبل أن تفتحها وتُلقي بمعطفها جانباً وتنزع فُستانها وتَسرع إلى حوض الإستحمام.

في اليوم التالي إستَيقَظت أسيل من نومها مع شروق الشمس وابتسمت حين وجدت نفسها قد نامت منذ ظهيرة يومها السابق وكادت تُغادر فراشها فَتذكرت أنها عارية بعد أن غسلت ثيابها بحوض الإستحمام قبل نومها.. ثمَ أبصرت بنطَالا وقميصا على كرسي مجاور لمرآة الحُجرة لم تلحظهما يوم أمس وكأن صاحب البيت لم يتوقع أن يكون ضيفه إمرأة فنهضت وإرتدتهما بعدما تحركت إلى حوض الإستحمام وغمرت وجهها بمائه، ضحكت حين نظرت إلى المرآه ووجدتهما واسعين للغاية فأمسكت ببنطالها كي لا يسقط وتَفقدت فُستانها فوجدته لم يجف فجلست على الكرسي أمام المرآه ثم سمعت حركة مفاجئة أمام باب الغرفة فحبست أنفاسها وتحركت ببطء نحوه ممسكه ببنطالها وتوقفت ملاصقة له حتى ساد الصمت أمامه فَفتحته بحذر فوجدَت طبق الطعام الذي تركته بالأمس قد أضيف إليه قطعة من الدجاج ووضع على الأرض أمامها فنظرت إلى الردهة باحثة عن المسن فلم تجد أحد فمدت يدها وأخذته ثم أغلقت بابها ..

امـاريـتـا - مڪتملة √Where stories live. Discover now