جيش ڪبير ـ الحلقة عشرون

Начните с самого начала
                                    

إنها مجانيق زيكولا الزيتية يستطيع الواحد منها إحراق مدينة كاملة..

فَنظرت إلى سيدي الواقف بجوار العربة وأدركت أنهُ شَعر بما شعرت به .. ما رأيته أن ذلك الجيش لم يخرج لِيُدافع عن أرضهِ فحسب .. بل خرج ليعبر بحر مينجا إلى أماريتا.

أكملّنا طريقنا إلى زيكولا بعد ساعات من إنتظار مرور جيشها .. وابتلعت ريقي رهبةً .. حين ظهر أمامنا سورها الشاهق وبابهُ الضخم المفتوح على مصراعيه .. كانت الساحة أمامه مليئة بالهرج والمرج مِن أهالي زيكولا الذين خرجوا نساءً ورجالاً وأطفالاً ليودعوا جنودَهم حاملين عقود الورد ومطلقين الأغاني مع عازفين إنتشروا بينهم .. ومِن عربات التُجار التي تزاحمت أمام باب زيكولا في إنتظار عبورها إلى داخل المدينة .. ثمَ أبطأت عَربتنا مِن سرعتها بين الزحام وتوقفت فجأة وفتح بابنا ليسألنا احد الحُراس باقتضاب:

مَن أنتم؟

فَرَد سيدي في هدوء:

السيد تميم تاجر للذهب جئت مِن الشمال.

ثمَ فتح صندوقهُ فلمَعت سبائك الذهب وزاغت عيناَ الحارس قبل أن يومأ برأسه إلينا إيجاباً ويرحب بنا في زيكولا ويصيح بآخر كي يفسح لنا الطريق .. تحركت العربة لتعبُر باب زيكولا فأمسكت برأسي بعدما أصابها ألمٌ شديد مفاجئ حتى إنني إنزلقت بين مقعدي العربة وأغمضت عيني لألتقط أنفاسي بصعوبة .. سَرت بجسدي رَعَشة لم أشعر بها مِن قبل .. بينما أغمَض سيدي عينه دون أن يظُهِر ألمه .. ثمَ بدأ الألم يتلاشى شيئاً فشيئاً .. فسألني سيدي إن كنت بخير .. فعُدت إلى مقعدي و أومات برأسي إليه إيجاباً فقال لي:

إنها لعنة هذا البلد .. لمن يدخلها مرتهُ الأولى.

فَدَق الخوف بقلبي ونظرت إلى باب زيكولا الذي عَبرناه وجال بخاطري للمرة الأولى:

ماذا لو أُغلق ذلك الباب ولم نكن قد خرجنا بعد؟!

دَلَفَت العربة إلى المنطقة الشرقية لِزيكولا .. و وجهت قمر نظرها عبر نافذتها لترى ضواحيها ومبانيها التي كانت تشبه إلى حد كبير مَثيلاتها في أماريتا .. حيثُ البيوت المتلاصقة على جانبي الطرقات المُعبَدة .. ودُهِشت حين وجدت الكثيرين يملؤون شوارعها رجالاً ونساءا بعدما ظنت أنها ستجدها خاوية على عروشها مع خروج جيشها الضخم إلى صحرائها وكأن مَن خرجوا ليسوا إلا جزء يسير منهم..

أكملت العربة تقدمها بشارع واسع مُعَبَد .. ثمَ توقفت أمام إحدى الحانات بأمر مِن المَلك تميم الذي تَرجل ودَلَف إلى الحانة وسأل صاحبها عن بيت يستأجره لعشرين يوما فَدله إلى أحد البيوت مقابل عشر وحدات مِن ذكائه كانت أولى الوحدات التي يفقدها بهذا البلد ونظر إلى يديه كأنه يتأكد من شحوبهما فداعبه الرجل قائلاً:

- إنها ليست إلا عشر وحدات أيها الغني.

فَأومأ الملك برأسه إيجاباً دون أن ينطق وعاد إلى العربة التي أكملت سيرها في الإتجاه الذي وصفه رجل الحانة حتى توقفت أمام بيت صغير أحاطه سور من قوائم حديدية .. وهبط مع أحد الحارسَين ودلفاَ إلى داخله وإلتقيا صاحبه ثمَ عاد إلى العربة بعدما إستأجر بيته مقابل مأئتي وحدة مِن ذكائه ولاحظت قمر شحوب شفتيه قليلاً لكنها لم تُحدثه بشيء بعدما بدا الوجوم على وجهه .. ثمَ أمَر حارسيه أن يحملا صندوق الذهب إلى داخل البيت .. فَحَملاه إلى رُدهَته وأسرعا يعيدان الذهب إلى الصندوقين الصغيرين و أزالا اللوح الخشبي وحمل أحدهما الطبيبة إلى سرير بإحدى الغرف العلوية فأسرعت إليها قمر ووضعت أذنها على صدرها وسمعت دقات قلبها .. ثمَ ثبتت بِذراعها سن أنبوب سائلها المُغزي وتأكدت مِن سريانه فابتسمت ونظرت إلى مَلِكِها الذي بدا قلِقاً فطمأنته ابتسامتها قبل أن يغادر على الفور ويمتطي حصانه بينما أمتطي حارسه الذي زار زيكولا مِن قبل الحصان الآخر معه أحد صندوقي الذهب وإنطلقا في طريقهما إلى المنطقة الوسطى..

امـاريـتـا - مڪتملة √Место, где живут истории. Откройте их для себя