الشميل ـ الحلقة السابعة

17.2K 972 10
                                    

غادر الملك شُرفة قصره، ثمَ أمَر القائد الشاب جنودَهُ بأن يقَسموا فقراء بيجاناَ إلى جماعات، ومر بينهم يتفحصهم بعينه ومعه مساعديه، وأختار عدداً من أقويائهم أخبرهم إنهم سينضمون إلى جنود أماريتا فتَنَحوا بعيداً عن باقيهم، ثمَ مر بينهم ثلاث رجال آخرون يرتدون عباءات ثمينة وتفحصوا الفقراء عن قرب وأدركت أسيل إنهم يهتمون بالنساء فقط وإن لفتت أحدهم أنظارهم اختاروها وسمعت أحد الجنود يقول لفقير خلفهَ إنهم رجال قصور الملك مَن يختارهن كُتِب لهن الرغد في هذا البلد، ثمَ اقترب أحدهم وسأل قمر إن تنظر اليه ومسح خدها المتسخ بإصبعه فنَظرت إلى الأرض خَجلا وسارت بجسدها رعشا شَعَرَت بها أسيل الملاصقة لها فأمرها أن تتحرك للأمام ثمَ اتجه بعينه إلى أسيل ومعطفها المتهالك، وأقترب برأسه منها وهي ثابتة تبتلع ريقها قبل أن يبعد رأسه عنها منتعضاً من رائحة رأسها ومعطفها اللذين كُسيا برائحة قيئ السجناء وأبتعد عنها مغمغماً بكلمات غاضبة عن رائحتها الكريهة، وأتجه إلى أخريات في صفوف مجاورة وتحركت قمر مع فتيات أخريات مبتعدة نحو جندي كان يجلس ليسجل مَن اختارهن رجال القصر وكانت تتلفت بين لحظة وأخرى إلى أسيل كأنها تُناجيها إن تلحق بها لتجدها واقفة بمكانها شاهقة الرأس تلتمع عيناها بالدموع أبت إلّا تفارقها.

أما أسيل ومن تَبَقى معها فقسّموا إلى خمس مجموعات تفاوتت أعدادها لِتوزع على مدن أماريتا الخمس: الشِمِيل، بؤما، مساقيا، بيساناَ، وأماريتا - منطقة الحاكم التي يتواجدون بها - وَوقَف أمام كل مجموعة شاب أماريتي أخبرهم بالمدينة التي سيتجهون إليها قبل أن تتقدم كل مجموعة إلى عدد من الرجال والنساء الجالسين بأركان الساحة الأربعة وإنتظم الرجال في صفين أمام أربعة من الرجال، ثمَ إنتظمت النساء في صفين آخرين أمام أمرَأتين وجاء دور أسيل فسأَلَتها المرأة إن تكشف عن كتفها وأخبرتها مبتسمة بأنها ستضع وشماً صغيراً برقم على كتفها الأيسر كان أربعُمائة وأربعة عشر وأردفت إليها بأن تلك الأرقام الموشومَة هي طريقة إحصاء أماريتا لأهلها كما أنها تُحدد عملها ومضيفها وأنَ مادة هذا الوشم غير ضارة يزول أثرها تماماً بعد عام فيجدده صاحبه مع دفعه لِضرائبه وطالما وجد هذا الوشم كان حامله حراً لا أرقام للعبيد فَهزت أسيل رأسها إيجاباً دون أن تتحدث ثم صرخت بألم بعدما وَشمتها المرأة بآلة معدنية صغيرة فَأعتذرت منها ودَونت بأوراقها رقمها مع غيره من أرقام دُونَت بتاريخ ذلك اليوم بصفحة كُتِب أعلاها، الشِمِيل... المدينة التي سَترحل إليها أسيل مع رِفاقِها، ثم تحركت لتأخذ مكانها أمرأة أخرى، تردد بينها وبين نفسها؛ أربعُمئة وأربعة عشر!!

كانت الشمس تقترب من المَغيب حين غادرت العربات إلى الشِميل تحمل فقراء بيجاناَ بينهم أسيل التي غلبها النعاس ولم تفتح عينيها إلا مع وصولهم باب تلك المدينة المفتوح على مصراعيه مع شروق الشمس والذي صممت جوانبه كساقين ضخمتين لمحارب يمر بينهما اياباً وذهاباً لو أغلق ذلك الباب لفصلها عن باقي مدن أماريتا بعدما أحيطت بسور صخري مرتفع..

دَلَفَت العربات في تتابُع إلى المدينة التي لم تختلف كثيراً عن أماريتا وتلاصقت بيوتها ذات الارتفاع الواحد تفصلها شوارع معبدة بِقطع صخريه ثمَ إنحَرفت العربة التي تحمل أسيل إلى شارع جانبي منفصلة عن باقي العربات وسألهم الشاب الأماريتي الذي صاحبهم بعدما توقفت العربة إن ينظر كل منهم إلى رقمه الموشوم وأشار إلى بيت مجاور كُتِب على بابه رقم وقال:

يطابق كل رقم من أرقامكم رقم أحد بيوت هذا الشارع سيكون ضيفا لِأهله ستة أشهر من اليوم.

عليكم أن تنالوا قسطاً جيداً من الراحة بعد عناء رحلتكم اليوم وغداً منحة من الملك..

وسألقاكُم هنا صباح بعد غد لإخبار كل منكم بعمله الجديد..

وأمَرهم أن ينطلقوا فترجَلت أسيل تحمل معطفها تحركت تبحث عن الباب الذي يحمل رقمها وسط غيرها من غرباء بيجاناَ الذين إنتشروا أمام البيوت وبدأ أهل المدينة يظهرون تباعاً أمام بيوتهم مُرحبين بهم قبل أن تجد بيتاً يحمل رقمها أربعُمئة وأربعة عشر لم يظهر أمامه أحد.. فطرقت بابه وبعد دقائق أجابها رجل مسن متجهم الوجه دق قلبها خوفاً حين أبصرته للمرة الأولى.........

امـاريـتـا - مڪتملة √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن