ربّت على ظهرها شارِدا، يتألم معها ويُحاول مواساتها ونفسه. لِيونار مات كي يجمعهما وقد حقق ذلك، أقل ما يمكنهما فعله هو تقدير مجهوداته.

«أين كنتَ أنتْ؟ مع تلك الأميرة لا شكّ! هل كُنت هارِبا معها عندما سمعتَ بعودتنا؟».
دفعته بقوّة بعد أن أغرقتها أفكارها المظلمة وتجمّعت الذكريات المؤلمة لتعمل كمرساة تسحبها لأعماق بؤسها. لحظة السعادة الزائفة التي حظيا بها البارحة تبخّرت واستبدلها الندم على تجاهل الواقع.

حين لم ينبس بحرف يؤكد أو ينفي ما قالته، سحبت يده تتفقد بِنصر يساره أين لمع خاتم خطوبته.

«ما كان يجب أن نعود...».
أطلقت ضحكة جافة ورمَت يده باشمئزاز.

«هذا لا يعني شيئا ولا يربطني بأحد! كم مرة عليّ أن أخبرك أني لا أحبّ غيركِ؟!».
نزع الخاتم وكمّشه في قبضته حتى أصبح عديم الشكل.

«بعدد المرّات التي أخبرتني فيها بأني ضعيفة لا تستحقك ودفعتني إليه كي يُعالج آلامي».
أجابته بابتسامة مُنكسرة فمدّ ذراعه ليُعيدها لحضنه لكن الجرو قفز عليه يعضّه بعدائية لا تُساوي حجمه.

بينما تصارع هو مع حارس بوابات العالم السفليّ، وقفت سِيلا ودخلت الحمام موصِدة الباب خلفها.

لم يجرؤ على اللحاق بها حتى عندما أفلتَه الجرو، بل ذهب لخزانته وجلب ملابس لنفسه ولتوأمه ثم غادر غرفة النوم إلى الصالة التي تتوسط غرف جناحه. كِلاهما يحتاج وقتا ليُصفي ذهنه ويتمالك جروحه قبل أن يجعلا الوضع أسوء.

----

«حامِلة نور النجوم لا يجب أن تنتحب هكذا على فتى».
كان ينوي التحدث بحزم كي يُلهِمها القوة لكن نبرته بدت مُستصغرة ومشمئزة لحد ما.

«هلاّ خرستَ وتركتني أموت ألما في سلام؟».
صاحت سيلا به في تفكيرها.

«طبعا لا. لا يمكنني ترك حاملة نور النجوم تموت... هذا الاسم طويل جدا!».
علّق ليتجسّد لوهلة بتعابير غارقة في التفكير في اسم جديد ثم عاد لهيئة الضباب الأسود الذي أحاطها بها داخل حوض الاستحمام.

تجاهلته سِيلا وغاصت تحت الماء تُحاول غسل المشاعر والطاقات المضطربة التي تسري في روحِها، لم تكن متأكدة إن كانت تصدر منها أو من الأرواح المتعددة داخل جسدها لكنها حتما تشعر بعدم الاستقرار.

كل تلك الأفكار التي تجول في ذهنها كانت تزيدها ألما حتى لم تعد تعرِف مصدره، هل هو قلبُها؟ جسدها؟ أم روحها؟

«حسنا إذا، تألّمي في سلام».
نطق نيكسون وأخذ السيطرة.

تعابيرها المُنكسرة تحوّلت لـجامدة ثم نهضت لتقف أمام المرآة تتمعن ملامحها الجديدة ؛ نمش داكن تناثر على وجهها نزولا إلى صدرها، شعر طويل يتدلى على الأرض نصفه ناصع البياض والآخر قاتم السواد، وعينان بنفسيّجيتان. أصبحت مزيجا بين سِيلا الآلبستار ونيكسون سيد الظلام.

سِيلا ✓Where stories live. Discover now