----

«إذا سيزي... أخبِرنا عن توأمك».
تحدث سيلا بنبرة مفرطة اللطافة كي تستميله لإخبارهما بقصته أخيرا، لكن عزمه على عدم فعل ذلك مصنوع من فولاذ فتجاهَلها دون الالتفات جِهتها.

نظرتُها الحادة لظهره وشتمه في تفكيرها لم تُجدِ نفعا غير إضحاك لِيونار الذي كان جالسا بجانبه يقود أحصنة العربة التي استلقت هي في مؤخرتها.

«هل تعلَم أنكَ قاسٍ؟».
حاولت مجددا بحزن.

«هل تعلمين أنكِ ألم في مؤخرتي؟ حرفيّا».
ردّ بهدوء فاستقبل كومة من القشّ على رأسِه.

«مؤخرتك المسطّحة التي...».
لم تُنهِ إهانتها لأن صوت الأمواج قاطعها فالتفتت حولها مستغربة.

كانوا يسيرون بين حقول ذرة طويلة، والبحر في الجهة الأخرى من المملكة؛ لا يُعقل أن يصلهم صوت أمواجه.

«هل تسمعان هذا؟».
سألت الثعلب والإريميا اللذين كانا أيضا يبحثان عن المصدر.

«مهلا! أظنّه يأتي من حقيبتك».
أشار لِيونار بعد أن أوقف العربة ففتحت سيلا حقيبة سيزار لتجد فيها قوقعة زهريّة باهتة اللون تهتزّ من تلقاء نفسها.

«تلك قوقعة كاليبسو!».
أخذها سيزار منها وضغط على أحد نتوءاتها فتبادر إليه صوت الحوريّة المُستعجل.

«سيزار؟ هل تسمعني أيها الثعلب؟».
نبرتُها جعلت ثلاثتهم متوترين مما ستقوله.

«نعم، ماذا حدث؟».
استفسر منها.

«الخسوف الثاني سيحدث الليلة».
امتزج تحذيرها بصوت أمواج هائجة لم يعرفوا إن كانت حقيقية أم مجرّد ضوضاء من القوقعة.

«ماذا؟ يُفترض أن يكون بعد أربعة أشهر!».
تفاجأ الطبيب.

«هذا ما رأيتُه قبل قليل، والبحر مضطرب».
أضافت كاليبسو فمسح الثعلب وجهه بقلة حيلة.

«اللعنة، الشمس تكاد تغرُب».
نطق بغضب.

«نحن وجدنا آلبستار الجنيّات والبونفاز، هل وجدتِ أنتِ أحدهم؟».
غيّرت سيلا الموضوع بحثا عن خبر جيّد.

«ثمانية توائم في طريقهم إلى قلعة اللايكان من خلال المجاري الجوفيّة، سيصلون إلى بركة النيريد هذه الليلة».
كان ذلك الجانب الإيجابيّ من مكالمتها قبل أن تقطعها.

ازداد الضغط على الرفاق وجلسوا في هدوء لبعض الوقت يستوعبون ما أخبرتهم به الحوريّة. لقد انعدمت المهلة التي كانت لديهم لإيجاد الآلباسترز...

«مهلا، الخسوف الثاني يعني أنّ قوانا ستظهر بأكملها. لمَ نقلق إذا؟».
تساءلت سِيلا.

«لأننا لم نكتشف بعد ما سيحدث في الخسوف الثالث...».
أجابها لِيونار وسحب لِجام الأحصنة ليُوجّهها نحو كوخ قريب بدا مهجورا.

كانوا سابقا ينوون الاستراحة فيه لكن الآن عليهم التوقف في حال ما إذا طرأت تغييرات على الثعلب واللايكان أو إن أغمي عليهما خلال تلك الظاهرة.

----

في ثانية حملت الأميرة فيولين نفسها وسارت بخطوات سريعة -رغم الكعب العالي الذي ارتدته- ثم دخلت الصالة المقابلة للتي كانت فيها قبلا حتى ترى من شرفتها الجانب الآخر من السماء، وسط حلكتِها برز القمر بلون أحمر دامي.

اختلطت الشهقات من جميع أركان القصر إلى أن تلاشت الحمرة وعاد النور لطبيعته البيضاء.

«لقد عادت سيلين!».
نطقت الخادمة مجددا بعد أن لاحظت مجموعة الخدم المكلّفين بخدمة جلالتها يركضون نحو مكان ما.

دون أن تردّ عليها، خرجت الأميرة وهرولت إلى القاعة الملكية تتبع حشد الخدم الذي تجمّع لعودة جلالتها.

على العرش جلست سيلين بابتسامة تكاد تشقّ وجهها بينما لمعت حولها هالة فضيّة آسرة، لكنها لم تجابه تلك الذهبية إلى جانبها والصادرة من اللورد الذي تربّع على عرش مجاور. بذلته وتاجه الذهبيّ نافس أشعة الشمس في توهجها ووجهه لم يبدو كوجهه فعلا، شعرت فيولين أنها تنظر لشخص آخر غير درايتن الذي عرفته لسنوات.

تقدّمت وانحنت لجلالتها ثم ناظرت اللورد باستغراب موسّعة عينيها لتسأله عمّا يفعله بحق القمر في حين يجب أن يخطط للإطاحة بها.

«الأميرة الشابة، كيف حال ملِككِ؟».
سألتها سيلين دون أن تُزيّف قلقا عليه، سعادتها أعظم من أن تُمثّل نقيضها أمام مخلوق بسيط.

«في تحسّن على ما آمل... ما الذي يفعله اللورد درايتن على العرش؟».
تجاهلت فيولين نبرتها مُستعجلة لمعرفة سبب ما يحدث.

«اللورد؟ لم يعد هناك وجود له... هلاّ عرفتِ عن نفسكِ، عزيزتي؟».
قهقهت سيلين ونظرت له كمن ينظر لكنز ثمين جاهد طويلا لامتلاكه.

«هيلين، إلهة الشمس، في خدمتكِ».
مال رأسه للجانب ثم أسنده على باطن يده وغمز لها مُبتسما.

----

----

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
سِيلا ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن