أطلق الصغير نُباحا بدا كرد بالإيجاب وركض أسرع حتى يجد صديقته ويُثبت مدى فاعلية حاسّته، أما ڤاليرا فواصلت اللحاق به حتى عاد توأم الجنيّات اللاتي قد تقدّمنهم لاستكشاف الطريق.

«هناك مُعسكر أمامنا؟... صيادون؟!.. هل التيرايدا في حوزتهم؟... سُحقا!».
كررت ما همسته الجنيّة في أذنِها ورصّت على أسنانِها في غضب.

الصيّادون كانوا ضمن توقّعاتها لكنها لم تتخيّل أن يقفوا في طريقِها بهذه السرعة. التفاهم معهم مستحيل، وحتى التحاوُر بأسلوب حضاريّ ؛ بربريّتهم تدفعهم إلى استعمال أسلحتهم قبل ألسِنتهم.

بينما لعنت ڤاليرا حظها بصوت خافِت، ابتعَد الذئب الصغير راكضا حين اشتدّت رائحة صديقته ؛ دون أن ينتبه جيّدا لمُحيطه، ما جعله يقع ضحية فخّ شبكة كان مُلقى بين الحشائش الخضراء. وبذلك ارتفعت الشبكة لتُعلّقه من إحدى الأشجار مُطلِقة إنذارا بالقبض على فريسة داخل كوخ الصيادين.

التقطت ڤاليرا عواءه المتفاجئ ثم الخائف فأسرعت إليه تُحاوِل إنزاله قبل مجيء أحدِهم.

وقعُ خطوات قويّة تبادَر إلى سمعِهما معه لهيث رجال وعِتاب أحدهم للآخر.

هلِعت الجنيّات وصِحن بأصوات حادة تطِرن هنا وهناك إلى أن وجدن أماكِن للاختباء خلف أوراق الشجر وفواكِهها؛ أما أميرة اللايكان فاستعدّت للتحوّل للدفاع عن الذئب دون أن تكفّ عن محاولة قطع الحبل.

فجأة، انخفض الغصن الذي عُلّقت به الشبكة فتمكّنت ڤاليرا من فكّها بسهولة ؛ ثم حملت الصغير ونظرت حولها بحثا عن مخبئ آمن لكن قبل أن تنطلق في أي اتجاه، التفّت عليها أغصان نحيلة مُورِقة وسحبتها إلى جذع الشجرة.

يد صغيرة وُضِعت على فمِها تمنعها من الصراخ وأخرى أَطبقت فكّي الذئب حتى لا يُصدِر أي صوت أو يعضّ صاحِبها.

«اهدآ! إنهم قادمون».
همسَ من خلفِهما فتوقفا عن التهرّب منه حين تأكدا فعلا أن الصياديْن أمامهم تماما.

كانوا مغطّين تماما بالجذور والأرواق الخضراء، لذا بدوا كجزء من الغابة فقط ولا مجال للصيادين بملاحظتِهم.

«كم مرّة سأُعيد وأكرر لك؟! تأكّد من أن فخّك أمسك بشيء ما قبل جلبي إليه! ليس لديّ وقت لتفقّد فِخاخك كلما حرّكها عصفور!».
وضرب كبيرهما رأس الأصغر ثم غادر.

وقف الآخر للحظات عابِسا يُقلّب نظره أملا في إيجاد ما أطلق إنذار فخّه دون تفعيله لكن لا شيء خارج عن المألوف، لذا أحكَم الحبال وشدّدها بعدها عاد من حيث أتى خالي الوفاض.

حين ابتعد تماما، أُطلِق سراح ڤاليرا والذئب وتمكّنا من تنفّس هواء أنقى عندما خرجا من الشرنقة الخضراء.

«كان ذلك وشيكا... انتبها أين تدوسان فالمكان هنا مدجج بالفِخاخ».
تكلّم الغريب الذي أنقذهما للتو.

كان أشعث الشعر بُنيّ العينين؛ ارتدى سروالا قصيرا ترابيّا فضفاضا، قميصا أبيضا طويل الأكمام ومُطرّزا بتفاصيل زمرّدية باهتة اللون تلمع مع أشعة الشمس. قدماه كانتا حافِيتين لكن نظيفتين وملامح وجهه رسمت تمرّدا وحذرًا.

«آركاين! هل هيذر بحوزتهم؟».
عاد الذئب لهيئته البشريّة وسأل التيرايد بنبرة باكِية.

«نعم... وأنا الأمير آركاين بالنسبة لك!».
أشار بسبّابته مُحذِّرا ثم وضع يده مجددا على الأرض يستشعر ذبذباتِها حتى يعرِف كم صيادا عليه أن يُحارِب.

«سيڤان، أتعرِفُه؟».
استفسرت ڤاليرا بخفوت.

«أجل، هو توأم روح هيذر الذي يجعلُها تبكي دوما».
كلمات المستذئب الصغير استفزّت الأمير لينفعِل ويُنكِر ما اتّهِم به.

لكن الندم الذي ظهر في نظرته أثبت تهمته.

«ما الذي تفعله هنا إذا؟».
سألتْه لتتأكد من نواياه.

«أُنقِذُها كما تريْن!».
ردّ دون أن يرفع نظره عن العشب الداكن.

الأرض أخبرته بوجود ثلاثين صيّادا، حجمهم ضِعف حجمه ويحملون على الأرجح أسلحة لم ير مثلها في حياته. هزيمتهم بمفرده حتما مستحيلة الحدوث.

«هل تمكّنتَ من تحديد موقع هيذر؟».
استفسرت ڤاليرا بينما تمسح مُحيطَها بحثا عن فِخاخ أخرى، حتى الآن وجدَتْ أربعة.

«لا يُمكِنني... هناك منطقة لا أستشعر منها شيئًا».
تمتم مُنزعِجا من عدم كفاءتِه كـ تيرايد وتوأم لها.

«هي في تلك المنطقة إذا، الصيّادون يستعمِلون أحجارا تولّد حقل طاقة يُضعِف الكائنات من أمثالنا ويُخفيها عن قدراتِنا».
كلامُها طمأنه قليلا وعاد لعزمِه على إنقاذِها.

«ما دُمتَ أمير التيرايدا، أُخمّن أن بإمكانك استدعاء الميرال؟».
بعد لحظات من التفكير في خطّة، أضافت ڤاليرا.

«الميرال؟ أجل، لكن لِم... آه، فهمت قصدكِ!»
نهض آركاين بسرعة وبدأ يُقلّب رأسه بحثا عن طير أزرق.

حين لمَحه أعلى غصن شجرة، أطلق تصفيرة جلبَته إليه ثم همس أوامِره في أذنه ؛ جلب أكبر قطيع ميرال إليه.

----
🌠

----🌠

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
سِيلا ✓Where stories live. Discover now