(سيظل عشقك مرادي) By:Noonaz...

By NehalAbdElWahed

68.7K 3.1K 562

أحبها وهام بها عشقًا، انتظرها وانتظرها... ولما طال الإنتظار أقسم ألا تكون إلا له مهما كان المقابل، ولكن... J... More

مقدمة
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
(7)
(8)
(9)
(10)
(11)
(12)
(13)
(14)
(15)
(16)
(17)
(19)
(20)
(21)
(22)
(23)
(24)
(25)
(26)
(27)
(28)
(29)
(30)
(الأخير)

(18)

1.2K 83 4
By NehalAbdElWahed

#سيظل_عشقك_مرادي

الفصل الثامن عشر

بقلم نهال عبد الواحد

وصل مراد جرًا وسط رجلين عظيمين الجثة على قدمين هلاميتين، قد أُنهكت قواه من فرط ما نال من ضربٍ مبرح، فتح أحدهما باب زنزانته النتنة المظلمة ثم دفعاه أرضًا فلم يقوى على النهوض لبرهة يتلاقط أنفاسه ساندًا إحدى وجنتيه على الأرض الخرسانية.

ما كانت لحظات حتى بدأت دلاء الماء تُسكب عليه تباعًا فصرخ؛ قد كُويت جراحه، ظل الماء يُسكب حتى تحولت الأرض إلى بركة من الماء عطنة الرائحة، فاضطر للتسنّد حتى وقف مستندًا الحائط الأسمنتي.

هكذا سيُحرم حتى من الجلوس أو الاستلقاء رغم كل جراحه، أسند رأسه وعيناه تزرفان دمعًا قهرًا؛ فبأي ذنبٍ يُعاقب؟! أيعاقب لمثاليته! أم يعاقب لأنه لا يخشى في الحق لومة لائم؟!
بل ربما يُعاقب لمشاطرته آلام الفقراء واحتياجاتهم؟!

مهما طالت تساؤلاته لا يدري بالضبط الذي ارتكبه، لكن كل هذا لا يهم، مهما بلغ ألمه وظلمه فهو يثق تمام الثقة أن الله سيخرجه ويفرج كربه ولو بعد حين، وبقدر ما ابتلاه سيصبر، فالله لا يكلّف نفسًا إلا وُسعها، ودائمًا خلف كل ابتلاء حكمة إلهية حتى لو عجز عقله عن التفكير، كما يقول المصريون: «حمل ثقيل وكتف يشيل»

مؤكد هذا الابتلاء هو حكمة إلهية وتشريف من الله وتثقيل للموازين، وربك يخلق ما يشاء ويختار
ما كان لهم الخِيَرة سبحان الله وتعالى عما يشركون
فالإيمان نصفه صبر والنصف الآخر حمد، وهاهو يتمتم بين دمعاته الفياضة بالحمد ويسأل الله الصبر.

لكن ماذا عن كلمات هذا الضابط اللعين! هل فعلًا قد تآمرت عشق عليه من أجل حفنة من المال؟ هل خُدع فيها إلى هذه الدرجة؟!

لكن ماذا عن إحساسه! هل التبس هذا الإحساس لهذه الدرجة؟!
كيف وقد كان يقرأ عشقها له من عينيها ونبرة صوتها، كل حركة وسكنة، بل شعر بفيض عشقها عندما احتواها بين ذراعيه ووسم شفتيها بقبلته، كل هذا لا يمكن أن يكون كذبًا، أم أن درجة خداعها متقنة إلى هذه الدرجة؟!

فلم يتمالك نفسه إلا أن يبكي بقهر ويرتفع نحيبه...

تطرق باب غرفة المكتب بالمجمع وهو مفتوح، فيومئ لها برأسه أن تدخل، بينما كان يعطي رجلًا ظرفًا مغلقًا، تبدو أنها مساعدة مالية، وهو يحدثه قائلًا: مُر على دكتور هشام يمضيلك على الروشتة واصرفها من الصيدلية من غير ما تحاسب.

فدخلت وجلست مخفضة بصرها حتى ينتهي مستمعة لكلمات دعاء هذا الرجل بكل خيرٍ له.

وبعد أن انصرف الرجل ظلت محملقة بكل عشق لذلك الجالس أمامها حتى التفت إليها برماديتيه فيبتسم بهدوء متسائلًا بتعجب: مالك!

فتجيب بعشقٍ كبير: إنت أعظم راجل في الدنيا.

- العظمة لله وحده!

- ونعم بالله، بس بجد إنت عملة نادرة، راجل مفيش زيه، لا ده انت هو الراجل، الراجل وبس.

تنحنح على استحياء دون أن يعقب متصنعًا تصفح بعض الأوراق أمامه، ثم قالت: ممكن أسألك سؤال!

- اتفضلي.

- إنت اختارتني عشان بس أساندك في الحياة وفي طريقك؟

فتنهد قائلًا: أنا بشر، بني آدم، ومفيش بني آدم بيرتبط بواحدة بدون ما يكن لها مشاعر طيبة.

- يعني إنت عندك مشاعر من ناحيتي يا مراد؟

- أكيد.

- طب ليه مش بتقول؟!

- لأني لسه غريب ومش من حقي، أنا مجرد خاطب وحتة الدبلة دي ما تدنيش أي حق، ده مجرد وعد بالزواج، وأنا واحد بتقي الله، أكيد نفسي أصارحك بحقيقة مشاعري، لكن وأنا بحريتي مش مقيد بكلام ومسافة محددة، ما انشغلش بصوت ضميري وهو بيصرخ في لأنه ما ينفعش، عايز لما مشاعري تخرج، تخرج بحرية دون أي قيود، وده صعب يتحقق دلوقتي فاصبري لوقته اللي قرب ومش بعيد إن شاء الله، وبعدين المشاعر مش محتاجة لكلام وبس، أعتقد إنك حاسة بيها بوضوح ولا إيه! زي ما أنا حاسس بده ومن زمان.

فعادت من شرودها ناظرة إلى اللاشيء، لا تشعر بأي شيءٍ يجري من حولها ولا حتى فياضانات دموعها التي لا تنتهي، قضمت شفتيها بقهرٍ شديد، ثم أخفضت بصرها إلى هذا الدفتر الذي تكتب فيه بعض الشخبطات أو الخواطر من حينٍ لآخر، بل أحيانًا خطابات تحدثه فيها عن ما تفتقده في بعاده، عن آلام الفراق، عن انجازاتها سواء في عملها أو في العمل الخيري الذي يخص المجمّع، أو حتى ما علمت بالمصادفة عندما قرأت دفترًا خاصًا له بحساباته.

وقد كتبت في دفترها...

«يا مهجتي ووتين قلبي، عام كامل قد مرّ على فراقنا، طال بما يكفي مسروقًا من عمرنا، ترى هل سيُسرق المزيد أم حان موعد اللقاء!
عام كامل أسأل نفسي هذا السؤال كل يومًا، لكن هذا الغد لا يجئ، ولم أعد أرى الموعد قريب، ثلاثمئة وخمسة وستون ليلة أبيت فيها وحيدة، تجاورني وسادتك الخالية، ألمح طيفك المشوش كلما مدتُ يدي أجدك سراب!

ثلاثمئة وخمسة وستون يومًا أستعيد كلماتك، حركاتك وسكناتك، حتى نظراتك، لم يتركني أيهم، بل لم تتركني أنت.

عامٌ كامل تحوم روحك حولي، أتنفس عطرك وأنفاسك، فلا زلتُ أشعر بها حتى ولو لم تكن سوى ساعة وأقل، أتذوق حلاوة قبلتك حتى ولو لم تكن سوى لحظات.

لكني لا زلتُ أتعذب وأتألم، لم تجف دموعي بعد، ولم تتجلط جراحي حتى الآن، فبُعدك جرح حي نازف لن يندمل في قلبي إلا بين ذراعيك ووسط ضلوعك.

هيا عُد ويكفي عامًا من الشتات، عُد وستجد كل شيئًا على ما يرام، إلا أنا!
إن كنت فعلت كل شيءٍ كما تحب فلم أكون مثلما تحب إلا في وجودك ولك.

لقد سكن عشقك قلبي، لكن قلبي قد جفت أرضه وتشققت، أخشى أن يبور ولا يزهر مجددًا، لقد مر العام على الجميع، لكنه لم يكن لي كسائر الأعوام.

صدقًا قد تمنيت هذا، تمنيت عامًا ليس كباقي الأعوام، لكن في قربك، تمنيت عامًا تسقي قلبي بحبك وترويه برقتك ولطفك.

فقل لي بالله عليك! إلى متى هذا الجفاف؟ أخشى اتساع شقوق قلبي من فرط الجفاف، أخشى مزيدًا من التصدعات والأخاديد دون التئام.

أخشى أن تعود يومًا فلا تجد إلا أطلال وحطام أنثى، لا تسمن ولا تغني من جوع.

هل رأيت؟ بعد عام من الفراق بدأت أفقد عقلي لدرجة أني أحمّلك الأمر وأطلب منك العودة وكأن الأمر بيدك!

أعلم جيدًا أن لو كان الأمر بيدك ما تركتني ولو لحظات، ولآثرت قربي ولصرت لك خير المقام، فيقيني يخبرني أن قدرنا أننا معًا العشق والمراد»

أغمضت عينيها بقهرٍ وقلة حيلة، أعادها من شرودها صوت هشام الواقف أمامها، فاعتدلت ماسحة دموعها، ثم أخذت كوب الماء ترتشف بعض الرشفات مغلقة بعدها هذا الدفتر ووضعته في حقيبتها.

وجّهت ناظريها نحوه وقد جلس، فأعاد سؤاله بقلق: مالك!

ابتسمت بسخرية ومجيبة بتهكم: مالي!

ابتلعت ريقها ثم قالت: المفروض إن انهاردة عيد جوازي الأول، اللي هو نفس يوم نكبتي، سنة كاملة يا هشام من غير نتيجة! من غير ولا معلومة! طب المسجون ده مالوش قضية! ورق! حتى مالوش زيارة! طب لو مخطوف مش يتطلب فدية أو أي حاجة!
إزاي بني آدم كامل يختفي ويتبخر كده؟! إزاي مفيش أي جهة تعرف عنه أي حاجة؟! هتجنن خلاص!

والمشكلة إن كلكم سكتوا وفقدتم الأمل، كأنكم مستنيني أنا كمان أفقد الأمل!

ترقرقت عينا هشام قاضمًا شفتيه دون إجابة، ثم ساد الصمت، وبعد فترة قال هشام مغيرًا الموضوع: كويس إنك أخيرًا اقتنعتي بسواقة عربية مراد.

ابتسمت بسخرية وقالت بقهر: عربية مراد اللي جابها جديدة وما اتهناش بيها! أصر يجيبها عشان... عشان نتفسح بيها بعد... بعد مانتجوز.

قالت الأخيرة بصوتٍ أكثر اختناقًا ثم أخذت نفسًا وأكملت: أنا ما كنتش بحتاجلها الأول، المدرسة اللي بشتغل فيها قريبة من البيت، والمجمع مش بعيد أوي، لكن للأسف الظروف هتتغير الأيام اللي جاية.

قالت الأخيرة بتثاقل، فسألها هشام: خير!

- ياسر ابن خالي يا سيدي اتفق مع صاحب البيت إنه يشاركه ويهد البيت التلات أدوار ويطلع بعمارة عشر أدوار ويقسموا الشقق بنسبة بينهم، ماهو اشترى الأرض اللي ورا بيتنا وهتطلع العمارة على المساحة كلها، زي ما بيعملوا المقاولين اليومين دول مع كل الفيلات والبيوت الصغيرة، يهدوها ويطلعوا بعماير.

- وبعدين!

- وللأسف ماما وخالي اتفقوا إننا هنقعد عندهم في بيت خالي لحد العمارة ما تتبني وتتجهز الشقق، حتى خالي هياخد شقة في العمارة دي.

- طب ما تقعدوا في شقتك إنتِ ومامتك!

- قلت كده ماحدش وافق، وأنا بصراحة مش طايقة أقعد مع حد، خلقي بأه ضيق ومش بطيق أي كلام ولا حوار.

فزفر هشام بضيق، فأكملت عشق: عارفة إنك مش بتقبل ياسر...

- مش قصة مش بقبله، بس في حاجة في النص كده بيني وبينه مش عارف إيه هي، مخلياني مش عايز اتعامل معاه.

- طب قل لي أعمل إيه، كل ما اتكلم مع ماما تتحجج إني سايباها اليوم كله لوحدها وهتتونس بالقعدة مع خالي ومراته.
خلاص يا هشام، حاسة إن الكل نسى مشكلتي ووجعي، اتعاملوا معايا من منطلق الحزن بيتولد كبير وبيصغر، ما يعرفوش إن الهجر والقهر بيكبّر أي حزن.

- طب يعني هتعملي إيه! هتطاوعيها!

- ما عنديش حل غير كده، صحيح هي وخالي مش موافقين أعيش لوحدي في شقة مراد، لكن بجد كل ما أروح أفتح الشقة وأهويها بشوف كل اللي حصل كأنه حاجة متصورة ومعروضة، وجود مراد بس هو اللي هيسكت كل الهواجس دي، ياريته يجي أوام بأه كفاية كده، وتبقى ماما تقعد براحتها عند خالو، ولو حبت تيجي تقعد معانا مراد مش هيمانع أبدًا، مراد كان بيحب ماما وهيرحب جدًا... بس هو يرجع...

أطال هشام النظر إليها بقهر ألجم لسانه ونسي معه أي مناقشاتٍ تخص العمل أو أي أمر، هو الآخر لا زال يعاني حتى ولو أظهر العكس، ليتك تعلم يا مراد أنك تمتلك حضورًا طاغيًا ليس فقط في حضورك الفعلي، بل في غيابك أيضًا...

Noonazad 💕💗💕

Continue Reading

You'll Also Like

41.3K 4.1K 127
الوصف بالتشابتر 0 رواية مترجمة
76.6K 6.1K 151
إديث وكيليان رواية كورية مترجمة التفاصيل في الوصف والشخصيات
1M 52.6K 36
"كنت بمفردي طوال الوقت" "اهزم" "اتعثر" "اتألم" "دون ان ينتبه احد او يلاحض وكانت هاذه الوحده رغم وحشتها هي مصدر قوتي"
406K 12.7K 37
قصه عراقيه عن بنت يتيمه عاشت حياه صعبهه 👍🏻🤍. اني وياكم بقصه {اليتيمه و خيالها}. { الڪاتبهه ايهه سمـيࢪ } .