(22)

1.2K 88 14
                                    

#سيظل_عشقك_مرادي

الفصل الثاني و العشرون

بقلم نهال عبد الواحد

لم تكن عشق يومًا سريعة الاندماج الاجتماعي، خاصةً بعد تخرّجها من الجامعة وتفرّق كل صديقٍ إلى درب حياته، حتى مع عملها في المدرسة لأعوامٍ لم تمتلك سوى زملاء عمل لم يرتقوا إلى درجة الصداقة، ربما لانشغالها الدائم بين المدرسة والمجمع.

لكن السبب الأكبر احتمالًا وسيطرة هو حالتها الاجتماعية، تبعًا للآراء المجتمعية فالمطلقة والأرملة وشبيهاتها هي آفات مجتمعية يُخشى الاقتراب منها؛ كي لا تتفشى بين الجميع، لذلك فقد حسمت أمرها وحبست نفسها مبتعدة عن الجميع دون أي علاقات اجتماعية، ولا حتى مع زوجة هشام، فعلاقتهما انتهت قبل أن تبدأ من الأساس.

هذا السجن الذي حبست نفسها خلف جدرانه تتغذى فقط على الوحدة وتتنفس فقط قهرًا وألمًا؛ فعُقْد عمرها تتساقط حباته وتتناثر بعشوائية، ولمّا طلت أمامها زهرة تفاجأت بنفسها تقترب منها بسرعة تنافي شخصيتها التي توحدت بحق منذ أعوام.

وبالرغم من أن شخصية زهرة من الشخصيات التي تتسلل سريعًا لداخل القلب لكن لم تتعدى علاقتهما الذهاب والإياب معًا بشكل يومي، ومها كثرت أحاديثهما لم تتطرق مطلقًا نحو الحياة الشخصية لأيٍ منهما، فقط مجرد ثرثرات يومية ومزحات.

جاءت إجازة نصف العام واختفت لقاءاتهما، فذهاب عشق إلى المدرسة مستمرًا بحكم كونها معلمة مشاركة في تصحيح الاختبارات بالإضافة للذهاب اليومي إلى المجمع الخيري، هي حقًا بحاجة إلى راحة، ورغم الأعراض المؤلمة التي تعاني منها منذ فترة ليست بالقصيرة، لكنها تخشى المكوث في البيت بسبب تلك الوحدة القاتلة.

لكن اليوم بحق لم تستطع واضطرت للمكوث في البيت خاصةً بعد تعنيف هشام لها؛ كونها مهملة لصحتها.

الساعة بالكاد تقارب الخامسة قبيل المغرب وقد فاض شعورها بالملل، تراقب الساعة من حينٍ لآخر شاعرة أن الوقت يكاد لا يمر وهذه العقارب اللعينة لا تتتعتع من مكانها، ليتها تقترب حتى من الثامنة لتذهب إلى فراشها، كأن في النوم راحتها! إذن من التي يلازمها الأرق والكوابيس دائمًا؟!

أدارت الجهاز المرئي ربما تجد أي شيءٍ مسلي، لكنها فقط تمرر القنوات بضجر وتسرع المرور بأي عرضٍ رومانسي؛ فالرومانسية عندها تتلخص في مراد، لكن بقدر هذا العشق المتعمق داخلها بقدر ما يزداد ألمها حد المعاناة.

لحظاتٍ معدودة وأطفأت هذا الجهاز عائدة بعينيها تتفقد الوقت، لكن لم يمر الكثير مجرد دقائق!

لا تجد بدًا إلا أن تتسلى بمذكرات مراد رغم أنها باتت تحفظها عن ظهر قلب؛ فقد أعادت قراءتها مرارًا وتكرارًا على مدار ست سنوات، أمسكت المفكرة بيديها وقررت فتح صفحاتٍ عشوائية دون ترتيب، فتلمست إحدى الصفحات وفتحتها وبدأت بقراءتها:

(سيظل عشقك مرادي)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن