(7)

1.8K 94 13
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

انتظر مجيئها، لكنه فجأة فقد القدرة على الصبر، لا يتوقع إلا السوء، إذن فليقطع الشك باليقين، عليه التصرف بصورة مباشرة.

كان اختفاءها لمدة أسبوعين كافيًا ليتأكد ويصدق مع نفسه أنه قد صار أسيرًا لعشقها الذي احتل كل إنشٍ فيه، كل خلية في جسده، كم جاهد نفسه كثيرًا! لكن القدر قد أصدر حكمه.

كل ما عليه فعله أولًا، الاطمئنان عليها ولقاءها بأي طريقة وأي ثمن.

انتظر يبحث بعينيه عن إحدى زميلاتها اللائي ترافقهن دائمًا، لمح إحداهن، اتجه إليها مباشرةً، تحدث معها بجدية: السلام عليكم ورحمة الله.

- وعليكم السلام ورحمة الله يا دكتور!

أجابته بريبة ودهشة معًا، فتابع: إذا سمحتِ كنت عايز أسأل حضرتك سؤال معين.

- اتفضل يا فندم.

- ملاحظ انقطاع زميلتك عشق، أتمنى يكون السبب خير؛ أصلي اعتادت على مناقشاتها وأسئلتها الكثيرة، عشان كده لاحظت غيابها.

- هي فعلًا منقطعة من أسبوعين، بس أصل باباها اتوفى وهي منهارة من ساعتها ورافضة تخرج أو تستجيب لحد، وزي ما حضرتك ملاحظ غايبة من أسبوعين بدون عذر وده هيؤذيها.

سكت ولم يعقب؛ لقد صُدم من سبب غيابها بحق، يعلم فاجعة فقد أحد الأبوين أو كلاهما، خاصةً لو كان قريبًا للغاية، وقد ذاق مرارة هذه الفاجعة من قبل، كما علم كيف كانت عشق قريبة من أبيها، فقد طل ذكره كثيرًا وسط أحاديثها معه...

انتبه للفتاة فجأة وهي تتحدث: لو حضرتك تقدر تقنعها تبقى بتعمل جميل كبير، خايفة عليها تتفصل أو ما تروح عليها السنة.

تنحنح بهدوء أتقنه بجدارة لإخفاء صدمته وألمه، وأردف: طب إذا سمحتِ ممكن عنوان بيتها...

تنحنح مجددًا وأكمل: لأداء واجب العزاء يعني وهحاول أقنعها إن شاء الله!

أومأت الفتاة موافقة، قطعت ورقة من كشكولها وكتبت فيه العنوان ثم قدمته لأستاذها، فأومأ لها ممتنًا ثم انصرف.

كان يخرج الورقة من جيبه ناظرًا إليها من حينٍ لآخر ثم يطويها، يعيدها داخل جيبه مجددًا، لا زال مترددًا من أخذ هذه الخطوة، لكنه يحتاجها بشدة، يفتقدها ويتمنى عودتها حوله، يشعر بأهميته لديها ومدى تأثير كلماته عليها، وأخيرًا قرر الذهاب إليها.

وصل إلى بيتها في المساء بعد صلاة العشاء، صعد درجات السلم ولا زال مترددًا، يشك في نتائج زيارته، لكن سيطر عليه شوقه لرؤيتها، قاده وثبّت خطواته حتى وصل أمام شقتها بالضبط.

تشجع وطرق الباب، انتظر لحظات شعر بها وقتًا طويلًا، لكن لا يمكن أن يظهر تعجله ولهفته هذه، فتح الباب خالها زكريا، الذي تهللت أساريره واتسعت ابتسامته بمجرد رؤيته للشيخ مراد، وإن كانت هيئته بملبسه الكلاسيكي بدت غريبة له بعض الشيء، لكنه رحب به أشد ترحاب لدرجة لم يتوقعها مراد.

(سيظل عشقك مرادي)   By:Noonazadحيث تعيش القصص. اكتشف الآن