(5)

2.3K 110 10
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

في الصباح الباكر جلس سيد في حجرة المعيشة ممسكًا كوبه الزجاجي يرتشف منه رشفاتٍ من الشاي بالحليب، مرتديًا قميصه وبنطاله مستعدًا للذهاب إلى عمله.

اقتربت نبيلة حاملة صينية الإفطار، بها عددًا من (السندوتشات)، جلست جواره واضعة الصينية على فخذيها، مدت يدها بواحدٍ منهم إليه مع ابتسامة هادئة، التقطه منها مومئًا بوجهٍ باش بادئًا أكله، بينما هي ممسكة ببضع وحدات تضعها داخل كيس بلاستيكي، ووضعت بضع آخرين في كيس آخر، مدت يدها له بأحد الكيسين قائلة: فطارك أهو حطوا في شنطتك.

أخذه منها ممتنًا، وضعه في حقيبته الجلدية، نظر في ساعته وتساءل بدهشة: أمال فين عشق؟! مش انهاردة عندها محاضرة بدري!  أنا لسه قاري جدول محاضراتها.

أومأت برأسها، فأكمل: طب ما تخلص عشان ما تتأخرش عل محاضرة وبعد كده ترجع تعيط لما حد يزعلها!

- والله صحيتها! وصلت الفجر حاضر كمان، مش عارفة بتعمل إيه كل ده!

- إوعي تكون اتعلمت تحط الأحمر والأخضر زي بنات اليومين دول!

- لا يا خويا بنتك مالهاش في الحاجات دي، دي آخرها الكحل لو حطيته، حتى يوم خطوبة صحبتها اتحايلت عليها تحط أي حاجة، ما رضيتش ويادوب حطت روج وكحل.

تنهد سيد بقلة حيلة وتمتم: أشكو إليك!
ثم قال: اسكتي يا نبيلة ع الصبح وشوفي البت خلينا ننزل.

نهضت واقفة وقالت: استهدى بالله يا سيد وكمّل فطارك، وانا رايحة أسخن الشاي بلبن بتاعها.

قالتها وتركته متجهة نحو المطبخ، بعد قليل فُتح باب حجرة عشق، طلت بخطواتٍ متباطئة مرتدية تنورة سوداء طويلة مع كنزة من اللون البنفسجي الداكن وحجاب يجمع بين اللونين، ملفوفًا حول رأسها وجزءًا من جبهتها لتضمن عدم ظهور خصلات من غرة شعرها، متدليًا فوق صدرها وبطول ظهرها.

تحركت فاركة يديها ببعضهما بتوتر حتى صارت أمام أبيها الذي تعلقت عيناه بها منذ لحظة خروجها من حجرتها.

نهض واقفًا متسعة ابتسامته مترقرقة عينيه، فتح ذراعيه لها فاندفعت داخلهما، أحضان أبيها الدافئة، قرأت سعادته الغامرة ورضاءه التام عنها، قطع هذه اللحظات صوت أمها المتهللة بسعادة: بسم الله ما شاء الله! الله أكبر عليكِ يا بنت بطني!  شوفت يا سيد أهي لبسته لوحدها من غير ما تغصب عليها.

وضعت كوب الشاي بالحليب واقتربت مربتة على ابنتها، فاستطرد سيد: هو انا برضو عمري غصبت عليها!

ثم التفت لابنته ببشاشة، قبّلها بين عينيها وتابع: كنت عارف إنك هتعمليها حتى لو اتأخرتِ شوية.

عاد ملتفتًا لزوجته وأكمل: ما قولتليش يعني يا نبيلة!

أجابت: والله ما كنت اعرف!

(سيظل عشقك مرادي)   By:NoonazadWhere stories live. Discover now