سِيلا ✓

By Luna_Sierra

846K 61.7K 9.9K

سابقا، «لايكان ألبينو». 🎴 آلبينو 24/08/2018 ✓ 🎇 آلباستر 24/08/2019 ✓ 🌌 آسترايا 24/08/2021 ✓ More

المقدمة
-
•|الجزء الأوّل|•
|01|
|02|
|03|
|04|
|05|
|06|
|07|
|08|
|09|
|10|
|11|
|12|
|13|
|14|
|15|
|16|
|17|
|18|
|19|
|20|
|22|
•||الجزء الثاني||•
||01||
||02||
||03||
||04||
||05||
||06||
||07||
||08||
||09||
||10||
||11||
||12||
||13||
||14||
||15||
||16||
||17||
||18||
||19||
||20||
||21||
||22||
||23||
||24||
•|||الجزء الثالث|||•
|||01|||
|||02|||
|||03|||
|||04|||
|||05|||
|||06|||
|||07|||
|||08|||
|||09|||
|||10|||
|||11|||
|||12|||
|||13|||
الخاتمة

|21|

17.6K 1.5K 317
By Luna_Sierra


النيران الحارّة التي كانت تسرِي في عروقه وتشلّ حركته قد خمدت أخيرا وخفّت معها آلامه. المكان حوله كان ساكِنا على عكس المرّات التي استعاد فيها وعيه لبضعة لحظات ليسمع جزءً من حديث زائريه.

آخر ما سمِعه هو خبر إعتقال صديقه، لا يدري لأية تهمة لكن عليه الإسراع لإنقاذه كما يفعل هو دائما.

ثِقل رأسه أعاق نُهوضه فحرّك رجليه إلى حافّة السرير دون أن يفتح عينيه خوفا من أن تزداد حِدّة صُداعِه. زحف بجسدِه ثم وقف ببطء كي لا يشعر بالدوار إلا أنه انتهى به المطاف على البِساط الكثيف جاثيا يُقاوم الألم والغثيان حتى لا يفقِد الوعي مجددا.

بين ضوضاء نبضات قلبِه الصاخِبة تمكّن من التقاط صوت انفتاح بابه ثم خطوات سريعة نحوه.

«جلالتك! ما الذي تفعله على الأرض؟ يجب أن ترتاح!».
تحدّثت فيولين بنبرة قلِقة وحاولت مُساعدته ليعود إلى السرير.

«دعيني هنا للحظة».
بأنفاس مُتقطّعة وصوت مبحوح ردّ عليها فجلبت له كوبا من الماء ووضعتهُ على شفتيه بما أنه لم يفتح عينيه بعد.

السائل البارِد أنعشه فطلب آخرا وسكبه على وجهه ليُجبِر جسمه على الاستيقاظ.

أول ما استقبله كان الملامح المِثاليّة لخطيبته وابتسامتها الدامِعة لعودته لها بأمان. ارتمتْ في حضنه وتشبثت به بإحكام مُطلِقة العنان للألعاب المائية التي بللت قميصه.

«لا داعي للبكاء، أنا بخير».
طمأنها وربّت على رأسِها كما عادته فتذكّر أن قيامه بذلك سابقا قد آذى خادِمته المُفضلة، النجمة -بل النعامة- التي أدّت به غيرتُه عليها إلى هذه الحال.

«أين لِيونار؟».
سأل ميكا بعد أن كفّت الأميرة عن رِثائه فتيبّست أطرافُها، الأمر الذي أثار ريبته وبث فيه التوتّر.

«فيولين. ماذا حدث لـ ليونار؟».
أمسَك بكتفيها وأجبرها على النّظر إليه.

«أنا آسفة! لم أقصد أن يحدُث ذلك، فقط أخبرتُ أبي بما وقع عندما دخلتَ في الغيبوبة. لم أعلَم أنّه سيَتّهم لِيو أيضا ويأمُر بإعدامه مع المذنبيْن».
شهقتْ وعادت للبكاء بحرقة على صدرِه.

«ماذا؟! أين هو الآن؟».
دفعها ووقف بحركة خاطِفة لتطغى على رؤيته بُقع سوداء لمدة وجيزة.

«إنه في الحديقة الملكية، منصة الإعدام موضوعة هناك».
أسندته حتى لا يقع مجددا وسارت معه إلى الشرفة المُطِلّة على الحديقة.

في منتصفها كانت منصة خشبية تعتليها ثلاث مقصلات وتحت شفرة كل منها وُجِد رأس صديقه، خادمته والثعلب الأبيض.

كاد يقفِز إليهم لولا أن تشبثت به فيولين خوفا عليه من الوقعة من الطابق الثالث. صوتُه خذله فلم يستطع الصراخ لإيقاف ما يحدُث، لكن سِيلا نظرت إليه كما لو أنها شعرت بنظراتِه عليها بينما انسابت دموع دامِية من عينيها المُماثِلتين. المشهد ذكّره بالليلة التي أخبرها فيها أنه لا يُمكن لهما أن يكونا معا، كلام ندِم عليه حين رأى بُهتان الضوء في عينيها وسمِع الشهقة المُنكسِرة التي انفرجت عن شفتيها.

«الآن يمكننا التخطيط للزفاف بأمان».
نطقت الأميرة مُبتسمة فدفعها عنه بسخط.

تملّكته قوة مُفاجئة استغلّها في الركض خارج جناحه وإلى الحديقة ليُنقِذهم.

لكنه تأخّر كثيرا.

عند وصوله كان الخدم المُلثّمون بالأسود يُفككون المنصة ولا أحد منهم استجاب لأسئلته. تجاوزهم الملِك ليرى بركة النيريد التي صارت مياهها داكنة الحُمرة وعلى سطحِها طفت جثث المُعدمين.

فرو الثعلب واللايكان صار ورديّا بعد أن تشبّع بالدماء أما عينا الطبيب فكانتا مفتوحتين تُحدّقان به باتهام. بيد مرتجفة سحب ميكا الذئب إلى حافة البِركة ليُسنِده على رِجله، لمسته جعلته يعود لهيئته البشرية فاستلقتْ سِيلا هامِدة بين ذراعيه.

لم يهتمّ بابتلال ملابسه ولم يشعُر ببلل خدّيه، كل ما سجّله عقله في تلك اللحظة هو أنهُ فقدها... فقدها قبل أن يملِكها فِعلا.

اهتزّ جسده بنشيج صامِت وضمّها إليه مُرددا اسمها، برودُها أخبره أنها لن ترُد عليه أبدا فما بين ذراعيه الآن هو مجرّد خلايا ميتة ستتحلل قريبا أما روحها فقد تركته منذ وقت طويل.

كان يجدُر بِه أن يحتفِظ بها لنفسه الليلة التي شكّ في أنها يُمكن أن تكون توأم روحِه، عندما كمّد بكفّ قميصه شفتيها اللتين تعرضتا للسعة النيريد الشائك وشعر بفوضى أفكاره تهدأ ليُردد ذئبُه أنها نجمتُه. وجب عليه عندها أن يحميها ويُعلِن للعالم أنها مِلكه كي لا يتجرأ أحد على إيذائها حتى في غيابه.

لا فائدة لرغبتِه في تملّكها ولا لمشاعِره فقد ضاعت منه بالفعل.

«هل فقدَ جلالته عقله؟».
سألت زوجة الجنرال تُكمم فمها من منظر الجثث المُدمِية.

«أخشى ذلك، أعيدوه إلى جناحه وأرسِلوا طبيبا جديدا إليه. سأتولّى شؤون المملكة إلى أن يستعيد رُشده».
تكلّم ناتال بأسى على الملك الشاب ظانّا أن مفعول السم لا يزال يُسبب له هلوسات حتى في يقظته.

تقدّم عدد من الحرّاس ليسحبوا منه جثة سيلا ويرموها مجددا في البركة فغرِقت بين النيريدات الشاحِبة كالموت. لم ينفع صياح ميكا ولا تخبّطه بين قبضتهم، فالضعف الذي جلبه تخلي ذئبه عنه تركه بشريّا ضعيفا.

في وقت قصير وجد نفسه مُكبّلا بسريره وخطيبته تُمسِك بيمينه بين كفّيها ودموعها كسيل لا نهائيّ.

«لِمَ تفعل هذا؟ أتُحاوِل تجنّب زفافنا؟! لقد وعدتني! ميكا، لقد وعدتني!! لِم تُفسِد الأمر الآن!؟».
انتحبت فيولين بصخب فلم يقدِر حتى على التربيت على رأسِها لتهدئتها ولا شيء قد يقوله يملِك المفعول ذاته عليها.

أغمض عينيه بإحكام وتمنّى أنه لا يزال جالِسا في الحديقة إلى جانب النعامة الخرقاء، يتأمّل تفاصيل وجهها دون أن تشعر به ثم يستفزّها لتطرب أذنيه بصوتها. تمنّى أن صديقه المُقرّب معه في تلك اللحظة كي يُفقِد الأميرة وعيها فيحظى بالهدوء الذي يُفضّله. وتمنّى أنه لم يجِد الثعلب الأبيض لتبقى كل مشاكله معه خارج القلعة وليس على رأس الملك ميكايليس.

هل ما يتمناه كثير جدا؟

----

كان لِيونار قد غادر ليتفقّد مريضه المُفضّل وترك سيزار يستجوب سيلين عن مخططاتها القادمة.

أسئلة كثيرة لم تمنحه إجابتها واكتفت بقول أنه سيعرف حين يأتي الوقت المُناسِب. ذلك أشعل فضوله وجعله يسير ذهابا وإيابا أمام العرش بعد أن أنهى وجبته.

«ماذا سيحدث الآن؟».
تجاهلته سِيلا واستفسرت من المرأة التي انشغلت بنكز خدّيها الممتلئين.

«اه الآن؟ ستطمئنين على توأمِ روحك. أثِق أنه يستولي على تفكيرك ِحاليا».
تحرّكت سيلين بابتسامة واسِعة وشبكت ذراعيهما لتسِيرا معا نحو الجناح الملكيّ.

«توأمي؟! ظننتُ أن العائلة الملكيّة لا تملك توائما روحية!».
نطقت سيلا مُنبهِرة، فقد رفضت مشاعرها سابقا لذلك السبب.

«كل العائلات الملكيّة لكل الفصائل لا تملِك توائما... ما عدا هذا الجيل».
ردّت بغمزة ودخلت المِصعد لتتبعها الشابّة في انتظار توضيح لكلامها.

وصلتا إلى الباب فجثا الحارسان وقبضتاهما على قلبيهما في شكل نصف دائرة. لم تنظر لهما سيلين ودفعت الباب بحركة من رِسغها لتُقابلها الأميرة فيولين تبكي إلى جانب الملك الفاقِد للوعي وتضُمّ ذراعه بينما تُريح رأسها على كتفه.

بعد فقدان والدها، ليس لديها غير ميكايليس الآن.

«لا يُمكِن أن يكون توأمي، لديه خطيبة بالفعل...».
قهقت سيلا بجفاء وأدارت رأسها حتى لا تضطر لرؤية المشهد المؤلم.

«لديها توأم ينتظرُها في مكان ما من هذا العالم، لا يحِقّ لها أخذ رجل امرأة أخرى».
تحدّثت سيلين فنهضت فيولين هلِعة.

«أحبّه ولا أريد رجلا غيرها، وأبدا لن أسمح لأحد بأخذه مني».
شهقت دون أن تُفلت يده.

تقدّمت نحوها سيلين بتعابير شفقة ثم أحاطت وجهها بكفيها ونظرت في عينيها بحزم.

«أنا أعرِف ما هو أفضل لكِ وأُدرِك مدى تعلّقك بهذا الشاب، سأمنحكِ بعض الوقت لتوديعه لكن اسمحي لتوأمِه بمُعالجته قبل أن تفقده كِلتاكما».
حِنّية صوتهاِ جعلت الأميرة تسترخي ثم تومئ وتُغادر في صمت.

«هل يجب أن أطلب الإذن منها كلما أردتُ رؤيته؟».
سألت سِيلا بمرارة. تُفضّل أن لا تحصل على توأم أبدا على أن تتشاركه مع فتاة مُدللة، فتاة تعرِفه أكثر منها ولا شك أنها تملِك مكانا أكبر في قلبه.

«إلى أن تُنهي مُهمّتكِ، ستقوم فيولين بالإعتناء به... كوني ممتنة لإخلاصها له».
كان ردّ سيلين الذي استفزها لتفقد أعصابها أخيرا وتسمح لذئبتها بنوبة الغضب التي تستحقها، إلا أنها منعت نفسها -أو ربما ذلك تأثير لِيو الواقف إلى النافذة-.

شوقها وخوفها عليه دفعاها لأخذ مجلس بجواره حتى تتفقّد أحواله. نبضاتُه كانت غير مُنتظمة وكذلك أنفاسه، شحوب وجهه وتعرّقه المستمرّ زادا من قلقها فنظرت ناحية الطبيب تطلُب منه مساعدته دون أن تتفوه بكلمة.

«لا يمكنني فعل شيء، تأثيركِ عليه أقوى من تأثيري بأي حال».
عقد ذراعيه بقلة حيلة.

«لا تنظري إليّ، إنه توأمكِ».
رفعت سيلين كتفيها ثم خرجت برفقة لِيونار.

تنهدت سِيلا وتجمّعت دموعها لتُشوّش رؤيتها. بعد طفولة معزولة ومُراهقة في وسط اللامكان، تجِد عملا وأصدقاء أخيرا. لكن يتبيّن أن جسدها أضعف من القيام بمهامها وكل أصدقائها يُخفون أسرارا عنها، لِيو يعمل لصالح سيلين، داني وراف واقعِان في غرام بعضهما وقد هربا ليكونا معا، البومة هو في الحقيقة الملِك الذي لم ترغب في حياتها أن تراه -وهو أيضا نصفُها الآخر-.

وهناك أسئلة عديدة لا تزال تؤرِقها، كسبب تجسّد سيلين بينهم أو سبب كون هذا الجيل من الملوك استثناءً. وأهمها، ما هي المهمّة التي يجب عليها تنفيذُها حتى تحصُل على توأمها؟ هذا إن أرادها هو أيضا.

«هل تتعذّب الآن لأنك رفضتَ اختيار الخادمة البشريّة الضعيفة بدل ملكتك المُبجّلة؟».
تذكرّتْ كلام سيلين عن أنه يتعلّم أن لا يكفر بنعمتها، التوائم نعمة كان يرفض تقبّلها.

«آسفة لأن هذا قدرنا».
ووضعت كفيّها على صدره ثم رأسها عليهما وسمحَت لذئبتها بأن تستشعر وجوده ليزول قلقها.

هل يحِق لها لمسُه بعد أن كادت تقتله؟ ربما لا، لكنها لا تُريد إفلاته.

استمعت لدقات قلبِه التي انتظمت تدريجيا ثم نهضت فجأة وضربت كتفه الذي كانت فيولين تتكئ عليه وكل مكان لامسته يداها. أرادت أن تمسح وجودها من حوله وتحظى به لنفسها فقط.

«أكرهُك أيها البومة».
تمتمت ومسحت خصلاته النديّة عن جبهته.

تمعّنت في ملامحه التي استرخت بوجودها بقربه وعادت لتستلقي في الوضعية السابقة. سترضى بهذه اللحظات معه مهما كانت قصيرة، قبل أن يستيقِظ ويُحاوِل دفعها إلى حضن لِيونار لأنه يرى نفسه غير جدير بها.

----
🎴

Continue Reading

You'll Also Like

1.2K 130 4
أهَـربي وأهَـربي وداومي عَلـى الأبتعاد عَـني أرفضيني الاف المرات وأعَـدك بأن أقبل نحَـرك أضعافها.. أنتِ قدري مَـثلما انا قدركِ أقدارنا مُـتشابكه خارج...
265K 16.9K 31
هل تتخيل ان تكون غافلاً عن جزء في كيانك، جزء مظلم ينتظر لحظه صحوته ليسيطر على روحك ، وربما لن تريد ذلك الجزء منكَ على الاطلاق، حتى و لو عرفت به . ل...
222K 6.7K 16
رغبتي بك وغيرتي عليك أشد من ان تتحمليها.
670K 37.1K 23
" كل ما اردت هو الانتقام من الروجز ، وليس الحصول علي الالفا خاصتهم كرفيق ! " الجزء الأول من سلسلة المستذئبين