مراوغة الرغبة ..
كان لؤي كتلميذ لجميلة ، لا يرفض لها طلبا. ! يستمع لها بامعان و ينفذ رغباتها دون اي سؤال ..
اشفق عليها حد الجنون ، حتى أنه اصبح لا يستيقظ من سبات خوفه عليها ..فهي امام معترك جديد و حياة اخرى مليئة بالتحديات ..
كان ينزلان عبر السلالم في فرح ..تمسك يده كزوجة واثقة بمن هي مرتبطة به ..
عندما مرا بنفس مكان سقوطهما المهول آخر مرة ، ضحكت جميلة و شدت بذراعه تداعبه اما هو فابتسم. ابتسامه عريضة ! كمراهق ..
تلك اللحظات التي كانت تفصل ما بين آخر سلم و مكان اول عناق بينهما ، دبت فيهما مشاعر مريحة ؛ فلؤي لامس يدها و هو واثق ! اما هي فرمقته بنظرات كلها تقدير و حب ! بل كانت اكبر من ذالك ؛ شاهدته كانه اهم رجل بحياتها الان ..ذالك السند الذي يعولها او سيعولها في قادم الايام ..
بعدها بثواني....
افترقت ايديهما أمام باب العمارة ..كان المطر على اشده ..فتح لؤي مطاريته ؛ نظر الى السماء و راح يتقدم بها (جميلة ) الى السيارة ..عانقها بذراعه الايمن كوساده ..كان اطول منها ببضع سنتمترات ؛ ساعده ذالك كثيرا ..لم يحرج امامها ! بل لوهلة احس بانها ابنته ، هو مجبر على حمايتها حتى من صرصر الريح التي كانت تزعج هدوء المكان ..
فتح باب السيارة ، ادخلها بعدما وضع الحزام..أهتم لؤي بادق التفاصيل ..و كانت هي تبتسم له عند اي حركة او تصرف ..لا تناقشه او تساله...فقط تبتسم و تحرك خصلات شعرها الامامية...
انطلق نحو مكان العمل ..سالته جميلة و هي تنظر له باطمئنان شديد :
"ربما هذه كانت اول مرة ، اليس كذالك ؟ "
نظر إليها من المرآة الامامية للسيارة ، بعينه العسليتين ، ارتبك قليلا ..و هرع إليها بكلمات مزجها صوت حنون..
"ماذا تقصدين ؟ باول مرة ! لم إفهم شيئا من ما قلته"
و ابتسم ..كان يغرق بخجله ! كعاشق غافل..
واصلت جميلة حصاره , بكلماتها المربكة ! اكتسبت شجاعة الهجوم على الرجال من خيباتها السابقة !
اكتشفت ان افضل دفاع ضد رغبة جامحة هي بالهجوم عليها برغبات اخرى أقوى منها و تعاكسها في الاتجاه ، حتى لا يفهم معناها او يتوقع مبتغاها ..!
"اقصد ، هذه اول مرة ترافق فيها سيدة ، اقصد ارملة جميلة مثلي ! تعانق يداها ، تبتسم لها ! تحن عليها من المطر و الرياح ..تساعدها كروحك .."
و راحت تنظر له بحنان ، لمعت عيناها كبرق في سفح الجبال هناك و ابتسمت !
اوقف لؤي السيارة في جنون ...كاد ان يتسبب بحادث ، فامام تلك الكلمات و النظرات فقد كل دروعه الواقية و خارت جدران مشاعره و سقط سقف قلبه...
احتار بما سيجيبها ، حروف بسيطة تسببت له بازمة!
لم يتوقع دهاء جميلة ، فهي اكتشفت المحظور ! السر الذي لم يبح به لاي شخص قبلا ..
بانها كانت اول حواء تدخل حياته و تهزها من عمقها كزلزال ..
بانها كانت اول هواء منعش استنشقه بعد سنوات وسط ادخنه المدينة ..
بانها كانت اول ازمة قلبية تصيبه ، بعد سنوات من الصحة الجيدة !
بانها النور بعد.الظلام ، الرغبة بعد الخريف و الشغف بعد شتاء كله صمت و جفاء ..!
لم يكن بمقدوره شيئ ! الا الدفاع باستعمال المرغوب الممنوع ؛ صد كل هجوماتها بسيف واحد قاتل ، الاختباء وراء فريد ...
التفت إليها كان المطر يضرب نافذة السيارة بقوة ..حدق بها كنسر و سالها هذا السؤال ..
"ماذا كان يريد منك فريد هذا الصباح ، لاحظتك متوترة ؟ فأنا لم اقتنع بما قلته لي قبل قليل ..هل قام بازعاجك ؟ "
نزلت كل تلك الكلمات على جميلة كجبل ! اثقال هذه الحروف غيرت من تعابير وجهها و هربت منه الى النافذة ..قائلة
" كما قلت لك سابقا ، سايرته نحو الطابق العاشر ...اظنه سيلتقي الكهربائي هناك فمنزله بنفس الطابق .."
تابعت بنسج خيوط هروبها من لؤي و سؤاله بقولها وهي مرتبكة :
" والان يا لؤي ، سنتاخر ..هيا انطلق ، الساعة الان 8.08 ! هذا لا يجوز ..اول يوم أصل فيه متاخرة !
ضحك لؤي بوهج شديد..و راح يدير السيارة بسرعة نحو مكان الشركة ...فرح لنجاح ما كان يرمي له بخبث ..ادرك هو الاخر سرها المخفي وراء سابع باب من ابواب جهنم ...