لكنك وعدتني

By Kamy_army

7.5M 369K 395K

" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَـ... More

ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..1
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..2
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..3
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..4
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..5
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..6
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..7
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..8
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..9
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..10
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..11
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..12
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..13
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..14
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..15
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..16
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..17
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..18
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..19
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..20
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..21
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..22
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..23
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..24
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..25
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..26
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..27
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..28
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..29
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..30
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..31
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..32
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..33
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..34
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..35
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..36
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..37
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..38
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..39
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..40
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..41
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..42
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني.. 43
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..44
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني.. 45
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..46
كُــــنتَ مَـــــلجَئاً ذات يــــوم
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..47
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..48
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..49
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..50
كُــنتِ فرصــةً لـكني مَــن فَــرطت
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..51
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..52
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..53
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..54
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..55
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..56
إســتفتاءٌ يَـهُمني جوابه..
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..57
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..58
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..59
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..60
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..61
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..62
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..63
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..65
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..66
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..67
ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..68
إعلان...

ݪڪنڪَ وعدٰتـَٰــۘـَٰـني..64

176K 8K 16.7K
By Kamy_army


ﻭعــــداً لـآبـُـدَ لـهُ أن يٓــٰـتحقق...

بــارت 64..
أربعة ثـم سِــتة لفظاً..4/6/2022..
رقمٌ مميزٌ وتاريخٌ أكثرُ تميزاً..

إن كان إنتحارُ تاليا في الجزءِ الأولِ من قِـصتنا
قد قلبَ مجرى الروايةِ رأساً على عَـقِب..
فـ الحدثُ الموجودُ في بارت 64 هو الذي سيقلبُ
مجرى الأحداثِ هذهِ المرة..

سماعاتكم..هدوء المكان حولكم..صفاءُ ذِهــنكم..
ولِـتستمتعوا..

Part 64-----------------------------

" ما بِـها زوجتي أخبرني أرجوك..!"

بتوترٍ والقلقُ في حروفهِ يسبقها سأل جونغكوك الذي
يقفُ على رأس الطبيبِ مين ويُـتابعُ حركاتهِ حركةً حركة..

لم يكن الطبيبُ مين بحاجةٍ للإلتفاتِ لرؤيةِ الرئيس فهو يقفُ جنبهُ ملتصقاً بالسريرِ وبهِ...

إن أراد أن يكشفَ على المريضةِ قامَ هو بمساعدتهِ
إن آرادَ أن يمسك يدها يقيسُ نبضها رفع هو يدها
وجعلهُ يكتفي بـوضعِ إصبعهِ على مكانِ النبضِ فقط..

بل أن الأمرَ وصلَ بهِ أن أخذ هو القطنةَ المُـعقمةَ منهُ
وفتحها يُـعقمُ يدَ زوجتهِ ويخبرهُ أن يتعجلَ ويُـعطيها
المغذي فجسدها لاطاقةَ فيهِ..

والطبيبُ مين لما أكمل ذلكَ وعلقَ لها المغذي
يدُ الرئيس التي تمسدُ مكانَ الحقنةِ لم تبتعد الى
الآن..

فها هو يُـناظِرهُ بقلقٍ وجديةٍ مولياً تركيزهُ معهُ
لكن يديهِ ليست قربَ جسدهِ بل عند زوجتهِ الفاقدةِ لوعيها..

" طبيب مين لاتُـطل الصمتَ أرجوك..
لي قلبٌ مُـتعبٌ ولاطاقةَ فيهِ لذا طمئني وتكلم..
زوجتي لابأسَ عليها أليسَ كذلك..!؟"

حادثهُ بإرهاقٍ وعيونهُ تحكي تعبهُ بل من ثيابهِ ذاتُ
رائحةِ الدماءِ تؤكد لهُ أن الرجلَ أمامهُ عادَ من عملهِ تواً..

" أنتما ذاتُ الشيء.."

تحدثَ الطبيب مين مُـبتسِـماً بوجهِ المرعوبِ أمامهِ
وكلامهُ جعلَ صاحبَ الملامحِ المرهقةِ ينطقُ بعدمِ صبرٍ..

" زوجتي...!
ستسـ ـتيقظُ زوجتي أليس كذلك..!؟

نبرتهُ الخائفةُ جعلت الرجلَ الخمسيني يُربتُ على كتفهِ ويـنطقُ بسلاسةٍ..

" بالطبعِ سَـتستيقظ بُـني..سيدةُ القصرِ مرهقةٌ فقط
ولا بأسَ خطيرٌ بها لذلك إهدء وأوقف ضغطكَ القوي على وريدها فأنت تعيقُ السائل.."

بإبتسامتهِ المُـحِبةِ للرئيسِ ولمريضهِ الذي تولاهُ منذ سنينَ طويلةٍ هو تحدثَ بعدمِ رسميةٍ يُـريدُ بث الطمأنينةِ في قلبهِ المُـتعبِ ذاك ..وينوه على ضغطهِ على يد النائمةِ فهو من توترهِ ضغط على وريدها بقوةٍ لا تؤذيها لكنها تضيقُ وريدها..

" ها..؟ يا إلهي...لم أنتبه..آسـفٌ يا روحي.."

بفزعٍ تحدث بدايةً لـينحني فوراً ويقبلَ وريدها ذاكَ
قبلاً دافئةٍ نادمةٍ يَـعتذرُ على ضغطهِ غير المقصودِ عليهِ..

هو جعلَ الطبيب مين ينظرُ لهُ بإبتسامةٍ حانيةٍ مُـحبةٍ..أن يرى سعادةَ شابٍ لم يعتد منهُ إلا الحزنَ والكآبةَ هو شيءٌ لايقدرُ بثمنٍ..

ربتَ على ظهرهِ فهو لازالَ منحنياً..

" بُـني أنا سأرحلُ الآن وإن حدثَ أيُ طارئٍ
أخبرني..إهتمَ بها ودعها تأخذ قسطاً كبيراً من الراحةِ
وأبعدها عن الضغوط النفسية فهي إنهارت بسبب ضغطٍ عصبي وجـسدها الذي لم تُـدخل فيهِ شيئاً اليومَ كله تأثر أيضا لذا فقدت وعيها...إهتمَ بها..حسناً..؟"

نبرتهُ تحولت للسؤال آخر كلامهِ لِـيعقد حاجبيهِ بعدمِ فهمٍ عندما أتاهُ ذاكَ الردُ الغامضُ من الرئيسِ..

" لاتُـوصني عليها...أوصني على نفسي فهي من تحتاجُ توصيتك.."

" سيدي هل أنتَ مُـصابٌ أو مريض..أخبرني..؟!"

بقلقٍ سألَ الطبيبُ مين وأعينهُ بدأت تتفحصُ جسدَ الرجلِ أمامهُ لكن جونغكوك الذي وقفَ بجذعهِ وناظرَ الطبيبَ بإبتسامةٍ باهتةٍ جعلَ قلقهُ يزداد..

" مابك..مما تشكو...هل تريدني أن أفحصك..!؟"
سألهُ بقلقٍ عليهِ فأجابهُ جونغكوك وذاتُ تلكَ الإبتسامةِ الباهتةِ لازالت على محياهُ..

" لا داعي لذلك...لم أُصب.."

تنهدَ الطبيبُ مين براحةٍ وتنفسَ السعداء..لكنهُ لم يكتفي بل هو أنبَ مَـن يعزهُ ويقدرهُ ويعتبرهُ إبنه..

" إذاً ماذا تقصدُ بكلامك..هل أنتَ بخير..!؟"

تنهدَ الماثلُ أمامهُ..

" هو كلامٌ لامعنى لهُ طبيب مين..لقد خرجَ
مني بتأثير التعبِ ليسَ إلا..لاتهتمَ له.."

أجابهُ بإبتسامتهِ الباهتةِ مُـسَخِفاً ما قالهُ أمامَ
نفسهِ أيضاً وليسَ فقط أمام الطبيبِ مين..

....................................

أصبحت الساعةُ تمامَ الواحدةِ صباحاً..

غادرَ الطبيبُ مين منذ نصفِ ساعةٍ تقريباً ورافقهُ سان الذي كان يقفُ أمام بابِ غرفةِ النومِ في جناحِ رئيسهِ منذ البداية..

فـ سان هو الذي حمل السيدة من الحديقةِ حتى هنا...
جونغكوك لم يكن قادراً على ذلك...لقد فقدت أرجلهُ قوتها ودخلَ في حالةٍ من الصدمةٍ..

هو كان مُـخدراً دون مخدرٍ في نبيذهِ هذهِ المرةِ..
لقد خدرهُ عقلهُ الذي لم يتجاوز صدمةَ إنتحار زوجتهِ
في الحمامِ حتى الآن...

بعد مغادرةِ الطبيبِ جونغكوك تفقدَ حالَ زوجتهِ وتأكدَ من راحتها وإرتخاء ملامحِ وجهها..

وضعها كان مستقراً وهذا هو السببُ الوحيدُ الذي جعلهُ يقرر أن يتجه للحمامِ أخيراً ليستحم ويتخلص من الدماء العالقةِ بهِ وإلا هو لم يكن سيتحركُ لو أن عقدة حاجبيها لم ترتخي..

أمضى وقتاً لابأس بهِ في الحمامِ...لا بل هو أطالَ وجِـداً..فالساعةُ أصبحت تمامَ الثانيةِ صباحاً وهو لم يخرج إلى الآن..

القصرُ بأكملهِ كان هادئاً ساكناً لاصوت فيهِ يُـعكر صفوه..

لا أحد مُـستيقظٌ غير بعضِ الحرس اللذين بدأت مناوبتهم قبل ساعتينِ وغيرَ جونغكوك الذي خرجَ لتوهِ من الحمامِ مُـرتدياً روباً شتوياً سميكاً رماديَ اللونِ يصلُ لركبتيهِ..

وفي يدهِ كان يمسكُ منشفةً صغيرةً جففَ بها خصلاتِ شعره الفحمية..

أنظارهُ كانت على زوجتهِ النائمةِ...هو لم يبعد أنظارهُ عنها منذ لحظةِ خروجهِ...

تنهدَ بِـضيقٍ كبيرٍ لازمَ صدرهُ منذ مقتلِ كِـين وحتى الآن..

رمى المنشفةِ على الأريكةِ القريبةِ منهُ وأخذتهُ أقدامهُ مُـسيراً لا مُـخيراً حيثُ روحهِ النائمةِ..

وقفَ حيث هي تستلقي..وقفَ فوقَ رأسها..
إحدى يديهِ تمردت ولامست وجنتها فإقشعرَ جسدهُ
وزادت رهبتهُ وخوفهُ..

مرر أناملهُ على وجنتها يمسحُ بـدفئٍ وحُـبٍ لا بل عِــشق..

لم يكتفي بهذا بل إنحنى وقرفص على الأرض فأصبحَ وجههُ بمستوى وجهها..عيونهُ المُـنطفئةِ لم تبتعد عن محياها..عيونهُ كانت تُـناظِرُ شفاهها وجناتها رموشها حواجبها..عيونهُ كانت تُناظرُ كلِ إنشٍ في محياها بـفزعٍ وخوف..

هو كان يمتلكُ غايةً في رأسهِ ينوي تحقيقها...
لم يكن تركيزهُ في ملامحها بهذا الشكلِ عبثاً..هو يريدُ
تحقيق غايتهِ لكن غايتهُ تأبى التحقق..!

غَـضِبَ من نفسهِ...غَـضِبَ من فَـشلهِ...ولغضبهِ الكبيرِ
تجمعت الدموعِ في عينيهِ وإضطربت وتيرةُ أنفاسهِ..

" إحـ ـفظ ملامـ ـحها أيـ ـها العـ ـقلُ الغـ ـبي...ركـ ـز
وإحـ ـفظها.."

بـعصبيةٍ تحدثَ يُـخاطبُ نفسهُ لكنَ دموعهُ التي جرت على وجنتيهِ جعلته يبتعدُ عن السريرِ بسرعةٍ..

بثوانٍ فقط وقفَ على طولهِ وإستدارَ بسرعةٍ لايريدُ مواجهة جسدِ زوجتهِ بدموعهِ التي تنزلُ بحسرةٍ وحزنٍ..

هو يخافُ عليها...يَـخافُ على شبابها الذي إبتدأتهُ لتوها..لن يبكي عليها بكاءَ الفاقدينِ وهي نائمةٌ أمامه..هذا ليسَ جيداً عليها..

شعرَ بدموعهِ قد تمادت زيادة...هي لاتتوقف..
حرقةُ قلبهِ لاتــهدء..هو يريدُ الصراخ..هو يريدُ
أن يشهقَ بعلوٍ ويبكي مصدراً صوتاً جهورياً عالياً
يُـعطي لِـمصيبتهِ حقها..هذهِ الدموعُ الصامتةُ لا تفي
بالغرض..هي لاتُـعبرُ عن فزعهِ وخوفهِ..

ولِذلك هو كتمها..!

أقدامهُ تحركت بسرعةٍ ينوي مغادرةَ غرفةِ نومهِ..
عُـيونهُ المُـرهقةُ مُـسِحت بعنفٍ من قبلِ يديهِ..

توجه للمصعدِ دونَ ترددٍ..وضغط على زر الطابقِ
الأرضي..

قصرهُ كانَ مظلِماً والإنارةُ فيهِ قليلةٌ جداً..بل أن بعض
الأماكنِ فيهِ معتمةٌ جداً ولانورَ فيها لكنهُ معَ ذلك لم يفتح الأضواء..

هو مُـعتادٌ...هذا الطريقُ الذي يسلكهُ الآن عقلهُ يحفظهُ عن ظهرِ غيبٍ..

توجهَ لبابٍ معينةٍ مُـغلقةٍ لِـيفتحها وينزل تلكَ السلالم القليلةِ..أخذ من هناكَ أعتقَ خمِرٍ عندهُ وأقواهم تأثيراً لـيَـخرجُ من القبوِ بعد ذلك..

لم يتوجه للمطبخِ ويأخذ من هناكَ كأساً يشربُ بهِ بل تجاوزهُ وتجاوز الصالةَ وخطى نحو البابِ الخارجيةِ التي تؤدي للحديقةِ مُـمسكاً بـقنينةِ الخمرِ بل مُـتشبثاً بها..

هو لم يرتدي ملابسهُ الى الآن...لاشيء على جسدهِ غيرَ ثيابهِ الداخلية وذلكَ الروبِ رمادي اللونِ فقط ولذلكَ إرتعاشُ جسدهِ بفعلِ تياراتِ الهواءِ الباردةِ كانَ متوقعاً..لكن هل هو إهتمَ أو تأثر..؟..لا

بـخفِ المنزل..وبملامحهِ الباهتةِ...وبأصابعِ يدهِ التي
تشدُ على قنينةِ الخمرِ هو خطى ناحيةَ حديقتهِ الخاصةِ والتي كانت مُـعتمةً مظلمةً..

وصلَ هناك وأقدامهُ لم تتعثرَ بشيءٍ...المكانُ مظلمٌ بحقٍ لكن ها هو جلسَ على المـسطبةِ الخشبيةِ وكأنهُ يراها بوضوحٍ وها هو وضعَ قنينةَ خمرهِ جنبهُ دون أن يوقعها او يُـخطئ مكانها..

هو يحاكي أفعالهُ طيلةَ سنينِ عذابهِ..

فَـ عقلهُ الباطنُ إستشعر ذات المشاعر..
جونغكوك الذي سَـيُهجرَ قريباً عادَ لـتصرفاتِ سنينهِ
المنصرفةِ..

لكنهُ لن يُـطيلَ سلوكياتهِ هذهِ المرة..
فلا نِـيةَ لهُ بالمقاومةِ والصبرِ..

........................

الثالثةُ والنصفِ صباحاً..

صَـدحَ صوتُ تكسيرٍ زجاجٍ عالٍ أفزعَ الحرسَ في الخارجِ وتسببَ بإستيقاظِ بعضِ الخدمِ من نومهم..

مَـضت خمسُ دقائقَ بعد هذا فعادَ الوضعُ طبيعياً..

عادَ الخدمُ لنومهم ولم يفعلُ الحرسُ شيئاً..لقد ظن
الجميعُ مِـمن سَـمِعوا الصوتَ الصادرَ من خارجِ بناءِ القصر أنهُ لربما بسبب بعضِ القطط الشاردة فلا أحد سيكون مستيقظاً في الثالثةِ والنصفِ صباحاً..!

صوتُ فتحِ البابِ الداخليةِ للقصرِ صدحَ ليتلوه صوتُ
خطواتٍ ثقيلةٍ بطيئةٍ لِـشخصٍ ما..

توجهت تلكَ الخطواتُ ناحيةَ المصعد ليستقرَ ذلكَ
الشخصُ هناك ويستندُ على جدارهِ بـطاقةِ جسدٍ خاوية..

أعينهُ كانت مغمضةً بتعبٍ ينتظرُ توقفَ المصعدِ الذي بدءَ تواً بالصعودِ..

حالَ توقفِ المصعد هو خرجَ منهُ متوجِهاً لـغرفةِ نومهِ
بأقدامٍ حافيةٍ فـخفُ المنزلِ خاصتهُ قد إبتلَ بالخمرِ وملئهُ الطين..

أغلقَ البابَ خلفهُ وخطى للسرير مباشرةً..
وقبل أن يستلقي حيثُ جهتهِ أعينهُ تفحصت حالَ
زوجتهِ أولاً لِـينتبهَ على إنتهاءِ السائلِ المُـعلقِ بيدها..

تراجع عن فكرةِ الإستلقاءِ وإتجهَ لها فوراً وأخذ يُـبعد
الإنبوبَ عن الحقنةِ المؤقتةِ في يدها بمهارةٍ وحذرٍ
حريصاً على عدمِ تألمها..

إنتهى من ذلك ليتنهدَ بتعبٍ ويُـقبلَ ظهر يدها بدفئٍ قبل أن يعيدها الى جانبِ جسدها ببطئٍ وتروٍ..

إتجه ناحيةَ جهتهِ الفارغةِ من السرير بعد ذلك ليستلقي هناكَ أخيراً ويزفرَ أنفاسهُ بإرهاقٍ وتعبٍ مَـسهُ جسدياً ونفسياً..

تدثرَ تحت الغطاء وراح يزحفُ بجسدهِ مقترباً من روحهِ النائمةِ..

شعورهُ بالبردِ بسبب بقائهِ في الحديقةِ كل ذلكَ الوقتِ الطويلِ جعلهُ يرفعُ الغطاء السميكَ على رأسهِ أيضاً لُيصبحَ كلهُ تحت الغطاء..

يَــدُ زوجتهِ الخاليةِ من حقنةِ المغذي كانت ضحيتهُ فكان يحتجزها عندهُ ويضمُ ذراعها له..

لم يكتفي بذلك..ولم يُـغمض عينيهِ إلا بعد أن لامست أناملُ يدها وجنتهُ الباردةَ فإبتسمُ هو براحةٍ عندها وأغمضَ عينيهِ أخيراً مقرراً الإستسلامَ لتعبِهِ فـ روحهُ عندهُ ولن تختفي..

على الأقل...للآن...

................................

مضى بَــعض الوقتِ لِـتصبحَ الساعةُ تمامِ العاشرةِ
والنصفِ صباحاً..

مَـن لَـم يَـغمَضْ لهُ جفنٌ إلا قُـرابةَ الرابعةِ فجراً كان
لايزالُ نائماً بعمقٍ ولا نيةَ لجسدهِ المُـرهقِ بالإستيقاظِ..

لازالَ مُـتَـلحِـفاً بالغطاءِ أكملهُ ولازالت كفُ زوجتهِ
ملاصِقةً لوجنتهِ باعثةً فيهِ الإطمئنانَ والراحة..

هو كانَ نائِماً لكنَ زوجتهُ لم تكن..فـ ها هي ملامحُ وجهها قد تجعدت تُـنبِئ بِـصحوتها من نومها الطويلِ أخيراً..

فتحت عينيها على النصفِ بخمولٍ لِـتعاودَ إغلاقهما في ذاتِ الثانيةِ كحركةٍ تلقائيةٍ لـ الرؤيةِ الضبابيةِ التي قابلتها بدايةً..

أعادت فتحَ عينيها مُـجدداً وهذهِ المرةِ فتحتهما على الكاملِ لكنها عقدت حاجبيها ما إن شعرت بهواءٍ دافئ يلامسُ كفَ يدها اليُـسرى..

إلتفتت برأسها للجانبِ تريدُ رؤيةَ ما تلمسهُ يدها..
يدها موضوعةٌ على وجنةِ أحدهم..لقد إستشعرت هذا..

عُـقدةُ حاجبيها المُـستغربةُ لم تختفي بل زادت عندما
رأت غطاءَ السريرِ الذي يُـغطي الشخصَ بجانبها كاملاً..هي حتى لم تستطع رؤيةَ شعرهِ..هو متدثرٌ تحت الغطاءِ بالكامل..

لكن لحظة..!

هو..!

أين هي..!؟ ماذا حدث..!؟

لقد عادت لها أحداثُ الأمسِ كاملةً فـفتحت عينيها على مصرعها وسحبت يدها من تحت وجنتهِ بقوةٍ..

جذبت يدها لجسدها تُـناظرُ الغطاءَ بعيونٍ متوترةٍ خائفة..هي تنتظرُ هذا الشخصَ ليزيلَ الغطاءَ عنهُ ويكشفُ نفسهُ لها فهو بالتأكيدِ قد إستيقظ أليسَ كذلك...لقد سحبت يدها من تحت وجنتهِ بقوةٍ...يُـحالُ أن يبقى نائماً ولا يشعرُ بذلك..

هيا ليرفع الغطاء عنه...

هو جونغكوك أليسَ كذلك...ما حدث ليلةَ أمس كان حقيقياً وقد عادَ لها سليماً مُـعافاً..!؟

" هيا إرفع الغطاء عنك...هيا.."

همست بخفوتٍ تُـناظِرهُ بأملٍ فـ بالتأكيد ليسَ
النائمُ قربها هو شقيقها...هو بالتأكيد ليسَ تايهيونغ..
أم هو..!؟

حسناً كان يجبُ عليها أن لا تُـفكر بتايهيونغ...فـ عقلها بدءَ حقاً بخلقِ سيناريو مُـخيفٍ عن أن ما حدثَ بالأمسِ كان وهماً والخدمُ أحضروا أخاها لها ليتلاحقها عندما فقدت الوعي..

وهي لهذا السيناريو وتلكَ الأفكار المخيفة لم تستطع إنتظارهُ فـقامت على وجهِ السرعة برفعِ الغطاءِ عن رأسهِ بنفسها..

" جـ ـونغكوك...!"

نبست بخفوتٍ لاتُـصدقُ ما تراه...إنهُ هو..!
لقد عادَ لها ولم يَـمت..!

" إممم.."

صوتٌ منزعجٌ صدر منهُ دون وعيهِ ويدهُ أمسكت طرفَ الغطاء يُـريدُ أن يُـعيدهُ على رأسهِ مجدداً ويتدفئ فهو شعر بالبردِ..

لكن زوجتهُ السعيدةَ التي كانت تمسكُ طرف الغطاءِ بيدها أحكمت الشدَ عليهِ ومَـنعتهُ من سحبهِ لهُ..

هي قد نهضت من إستلقائها وإبتسامتها السعيدةُ إختفت وحلَ محلها القلقُ والخوف..

لِمَ وجههُ مُـحمرٌ هكذا وتنفسهُ عالٍ بهذا الشكلِ الغريبِ..!

" أعطني الغطاءَ تالي..أنا أشعرُ بالبرد..!"

تذمرَ نَـصفَ واعٍ لما حولهُ فـ شدُ تاليا على الغطاءِ
وشعورهُ بمقاومةٍ جعلهُ يستيقظُ قليلاً لكنهُ مع ذلكَ
لازالَ بين الصحوةِ والمنامِ..بل هو كان على وشكِ
العودةِ للنومِ..

" أين ملابسك..لِمَ أنتَ نائمٌ بهذا الشكل...!
جونغكوك إنهض..لِمَ أنتَ بهذا الحال..!"

حادثتهُ تاليا بنبرةٍ جادةٍ لكن قلقَ حروفها طغى على تلكَ الجديةِ..هي قد نسيت أنها صاحبةُ المصابِ والمرضِ هنا..

هي حتى قد نسيت أنها كانت ستبكي قبل قليلٍ فقط
لأنها ظنت أن ما حدثَ بالأمسَ لربما كانَ من نَـسجِ
خيالها وتَـعبها..

فـمنظرهُ الذي وعت عليهِ لم يكن ما أرادت..!

نائمٌ بوجهٍ مُـحمرٍ مُـتعرق ولا شيء يسترُ جسدهُ
غير ذلكَ الروبِ المفتوحِ والرطب..!
هي قد لمحت عرقاً على صدرهِ الظاهرِ أمامها
ولاعجب في ذلك..فهو كان يحبسُ نفسهُ داخلَ
الغطاء الليلَ كلهُ..

" تـالي إتركـيهِ.."

بصوتٍ مُـتحشرجٍ هذهِ المرةَ حادثها وهو يفتحُ
عينيهِ على النصفِ بإنزعاجٍ وعدمِ راحة..
لقد إستيقظ فزوجتهُ لم تأبى تركَ الغطاءِ من يدها
وهو لما يحدثُ حوله لم يستطع العودة للنومِ..

تاليا نظرت لهُ أيضاً ولأعينهِ التي يفتحها بتعبٍ
لِـتُـحادثهُ بخفوت ونبرةٍ مُـراعية..

" حرارتك مُـرتفعة..لايَـجبُ عليكَ أن تتدثرَ تحت بالغطاءِ وتتركها هكذا..ما رأيك أن تأخذ حماماً وتُـبدل روبكَ الذي امتلئ بالرطوبة..هيا إنهض..أنا سأساعدك.."

أمسكت بيدهِ التي يمسكُ بها طرف الغطاءِ أيضاً
فهو لازالَ لم يُـبعدها..لكنها عقدت حاجبيها عندما
إستغلَ هو إبعادَ يدها عن طرف الغطاءِ وقام بسحبهِ
لهُ وأحاطَ بهِ رأسهُ مجدداً مُـتدثِراً بأكملهِ تحته..

نظرت لهُ بعدمِ رضا وكانت على وشكِ توبيخهِ
لكنَ نبرتهُ النعسةَ المُـتعبةَ والمُـنطفِئةَ بشكلٍ غريب
سبقتها بالكلام..

" تالي جسدكِ مُـتعب..إذهبي وتناولي
فطوركِ يا روحي حسناً..؟"

" جونغكوك..!!"

بجديةٍ وببعضِ الغضبِ نادتهُ لـيُـلبي هو ندائها
بطريقةٍ غريبةٍ هذهِ المرة...!

فـ نبرتهُ الباهتةُ الغريبة وتدثرهُ الأغرب تزامن
مع كلامهِ الذي لم تتوقعهُ..

" لاتُـكلميني الآن أرجوك...مزاجي وأفكاري
ليست أفضل ما يكون حالياً...أنا أخافُ أن أزعجَكِ
بكلماتي دون قصد...سأكون بخير..لاتهتمي لهذهِ
الحرارة...ستزولُ وحدها.."

حسناً تحولَ الشـكُ الى يقين..
زوجها ليسَ طبيعياً..!

نبرتهُ..طريقةُ كلامهِ..إنطفائه..
وهي لهذا نهضت من السرير فوراً وتحركت تخطو نحو جهتهِ وتقفُ فوقَ رأسهِ..هي ستجبرهُ على النهوضِ شاء أم أبى فحالهُ لايُـسكَتُ عنه..!

وقفت جانب جهتهِ بل إلتصقت بها وأنظارها كانت على جسدهِ المتدثرِ تحت الغطاءِ بالكامل..

هو كان لايزالُ على ذاتِ الوضعية...ينامُ على جانبهِ مُـقابلاً جهتها التي باتت فارِغةً منها الآن..

وضعت يدها على كتفهِ من فوقِ الغطاءِ وتحدثت فوراً بنبرةٍ لينةٍ وأنظارها على كومةِ الغطاءِ المرتفعة..

" جونغكوك.."
نادتهُ بلينٍ لكنهُ لم يُـجبها ولم يُـبدي اي ردِ فعلٍ بجسدهِ...هو ليسَ نائماً هي متأكدة..يُـحالُ أن يغط في النومِ بثوانٍ فقط...

" ألن تُـجيبَ نـدائي..؟"
إستنكرت تجاهلهُ لها بنبرةٍ خافتةٍ فلم يستطع مَـن يُـغمضُ عينيهِ تحت الغطاءِ بتعبٍ أن يَـردها ويَـجعلَ الحزنَ يتسللُ الى قلبها..فأجابها بنبرةٍ ضعيفةٍ خافتةٍ لا طاقة فيها..

" يـا روحــه.."

إبتهجت تاليا قليلاً لما سَـمعت ردهُ عليها
فسارعت فوراً وطلبت منهُ ما تريدهُ قبلَ أن يتصرفَ بغرابةٍ مرةً إخرى ويـبعدها عنه..

" دعنا ننهض ونُـعالجَ حرارتك التي تُـتعبك..أو إن لم
ترد ذلكَ دعنا نُـغير ثيابكَ الرطبةَ فقط وننادي الطبيب..وإن لم ترد أياً من هذا دعنا نتكلمُ فقط ونعرف سبب إنزعاجك ومزاجكَ السيء...لاتكتم مشاعركَ السلبيةَ وتجلد نفسكَ بها أرجوك..ها ماذا قلت..سنفعلُ ما ترتاحُ لهُ وتريده أنتَ كي لاتنزعج
أكثر.."

جامعةً إياهما بكلِ فعلٍ ومُـتحدِثةً بصيغةِ الجمعِ هي خاطبت من يستلقي تحت الغطاء بنبرةٍ مُـتفهِمةٍ مُـراعية...

هو مُـنزعج..هذا واضحٌ جداً لعينيها لذلكَ هي لم تصرف النظرَ عن هذهِ الفقرةِ المُـهمةٍ وقدمتها على مرضهِ حتى...إن لم تفهم سبب مزاجهِ السيء
لن تستطيع فعلَ أي شيء فهو عنيدٌ وهذا الصفةُ لم تتغير فيهِ الى الآن..

وصراحةً لا إعتراضَ لديها...هي لن تطلبَ شخصيةً جاهزةً على مقاييسِ مزاجها...هذهِ شخصيتهُ وهي ستتقبلُ الصفاتَ التي لاتؤذيها فيهِ..

جابَه كلامها الكثيرَ بالسكون...!
هو لم يردَ عليها وبقيَّ هادئاً لا صوتَ قد صدرَ منهُ
مُـقلِقاً إياها أكثر..

" هل غضبكَ مني لذلكَ تمتنعُ عن الكلامِ معي..!؟
هل أنا سببُ إنزعا.."

" لااا...يُـحالُ ذلك..!"

هي لم تُـكملُ سؤالها حتى فهو منعها من الإكمالِ بردهِ الحاسمِ لهذه النقطةِ والقاطعِ لأي شكٍ فيها...وهذا جعلَ تاليا التي لم تبعد يدها عن كتفهِ
تسألهُ بجديةٍ وقلق..

" إذاً مَـن فعل..؟ لاتتكتم على آلامكَ وأخبرني أرجوك.."

" لم يفعل أحدٌ شيئاً..أنا بخير..فقط أريدُ النومَ تالي..
فقط ذلك.."

نبرتهُ المُـتعبةُ والمُرهقةُ أنهت نقاشهما الغريب والذي
لم يَـعقبهُ أيُ كلامٍ آخر فـ تاليا أدركت أنهُ لايريدُ التحدثَ الآن ولذلكَ هي لم تضغط عليهِ وتركته...!

هي أبعدت يدها عن كتفهِ وصوتُ خطواتِ أقدامها المُـبتعدةِ بعيداً عنهُ صدحَ في المكانِ جاعلاً جونغكوك يَـعضُ شفتيهِ بقهرٍ
ويشدُ على قبضةِ يدهِ متألماً من مصيرهِ المحتومِ..

هو أرخى شدهُ على طرفِ الغطاءِ العلوي وتركهُ بقهرٍ
فـلم تعد هناكَ حاجة...هو وحيدٌ في غرفتهِ ولن يُـبعد أحدٌ الغطاء عن رأسهِ..

هذهِ العتمةُ التي تُـقابلُ عينيهِ بفعلِ الغطاءِ السميكِ الذي يحجبُ عنهُ الضوءَ كاملاً مؤلوفةٌ لهُ جداً لذلك هو لم يـمحها بل أغمضَ عينيهِ بإرهاقٍ يتنفسُ بصوتٍ بهِ بعضُ العلوِ قليلاً مُـتأثراً بحرارةِ جسدهِ
العالية..

هو بقي على هذا الحالِ المألوفِ والمُـعادِ مراراً في حياته ينتظرُ أن يغرقَ في النومِ ويفقد إدراكهُ وسيدعُ مهمةَ حرارتهِ لخدمهِ عندما يلاحظونها..

لكن...!

جسدهُ المُـشتعل إقشعرَ بقوةٍ بفعلِ البردِ الذي لاحههُ لأن أحدهم رفع الغطاء عنه...!

إستدارَ هو ناحية من فعلَ ذلكَ يريدُ توبيخه لكن..

لقد سبقتهُ زوجتهُ بالتوبيخ..

" ولا كلمة...لاتتحدثَ بأي شيء..!"

تاليا نهرتهُ بغضبٍ وألقت ما في يدها على السرير..
لتكملُ ولازالت تنظرُ لهُ بغضبٍ لم يكن حقيقياً البتة..

"هيا إنهض من إستلقائك وإجلس..!"

لم يكن غضبها نابِعاً عن حقد وكره...هي كانت غاضبةً
منهُ لأهمالهِ نفسه...

هي كانت غاضِبةً منهُ غضباً يُـماثلُ ذاكَ الذي شعرَ بهِ
في تلكَ الليلةِ تماماً..!!!

لم يعترض..هو أبعد نظراتِ عينيهِ التي إنطفأت أكثر عن عينيها وبدءَ ينهضُ بجسدهِ المرهقِ يريدُ الجلوسَ وتنفيذَ ما طلبتهُ منه..

لكن كلتا يديها أمسكتاه من تحت يدهِ فوراً وقامت بإسنادهِ ومساعدتهُ على رفعِ جسدهِ فـشعرُ هو عندها بغصةٍ كبيرةٍ أسكتتهُ وجعلت حروفهُ
تختفي بالأخصِ لما رأى تلكَ الحقنةَ المُـؤقتة في يدها..هي لا زالت مريضة...

" هل أنتَ مُـصِرٌ على عدمِ الإستحمامِ..؟"

سألتهُ بنبرةٍ إختفى منها ذلكَ الغضب فأشار لها بالنفي رافضاً هذا الأمر فلا طاقةَ ولا رغبةَ لهُ بهِ..

سَـمعَ تنهيدتها غير الراضيةِ عنهُ ليراها قد أمسكت منشفةً كانت موضوعةً على السريرِ قربهُ مما جعلهُ ينظرُ لتلكَ البقعةِ بالكامل فرأى ملابساً له...!

هل هي ذهبت لغرفةِ ثيابهِ قبلَ قليل..؟!

" سـ سـ ـأفـعلُ هذا بنفسي تالي.."

تحدثَ متوتراً ومُـتحسِراً في ذات الوقتِ فزوجتهُ إقتربت منهُ أكثر وبدأت بـمسحِ العرقِ عن صدرهِ المكشوف..

تاليا نظرت لهُ ولعينيهِ ذاتُ النظرات الغريبةِ لتومئ لهُ
وتُـنفذ مايريد مُـعطيةً المنشفةَ لهُ فبدءَ هو تحت أنظارها بمسحِ رقبتهِ وحولها وصدرهُ وبطنهُ أيضاً ببطئ وتعبٍ لاحظتهُ زوجتهُ التي لم تُـبعد أنظارها عن ملامحِ وجههِ الباهتة..

هو ليسَ سعيداً...هل إنتصرَ بالأمس أم لم يفعل..؟!
هل سبب انزعاجهِ هو مهمتهُ التي ربما لم تكتمل الى الآن..؟ هل إستطاع كـين الفرارَ من قبضته..؟

تلكَ الأفكارُ الكثيرةُ جاءت لها أثناءَ شرودها بعقدةِ حاجبيهِ المنزعجة..ولم يُـخرجها من شرودها إلا صوتُ زوجها ذو النبرةِ المُرهقة..

" تـالي سـاعديني لُـطفاً.."

"ها..؟ أجل أجل بالطبع.."

لم تفهم في البداية بما تساعدهُ لكنها لما رأت أنهُ كان يُـحاولَ أن يخلع روبهُ الرطب هي سارعت تساعدهُ على ذلكَ..

أبعدتهُ عن أكتافهِ لتخبرهُ أن يرفع جسدهُ قليلاً كي تستطيع أن تسحبهُ وتبعدهُ عنهُ بالكاملِ ويا ليتها لم تفعل فَـهي تصنمت مكانها ما إن رأت ظهرهُ المُـشوه بإصابةٍ مؤلمة الشكل..

في المقابل جونغكوك الذي سارع وغطى ثيابهُ الداخليةِ تحت الغطاء إرتجف جسدهُ الساخن ما إن بات عارياً..

مد يدهُ لثيابهِ بسرعةٍ وإرتدى ما وقعت عليهِ عينهُ
وجسدهُ للآن لازالَ مُـتجمداً..

" أكـ ـمل إرتداءَ ملابسكَ براحتك...يمكنك تغييرُ ثيابك الداخليةِ أيضاً لقد أحضرت لك قطعة جديدة..أنا سأضعُ روبكَ في الحمام ولن أخرجَ الى أن تناديني..."

زوجتهُ تحدثت بُـمراعاةٍ لخصوصيتهِ ليهمهمَ لها بتعبٍ
مُـكملاً إرتداءَ ثيابهِ..

هو لن يعترض...حسناً هو لامشكلةَ لديهِ أن تراهُ
عارياً بالكاملِ فهي زوجته لكنهُ يدركُ أنها لاتريدُ ذلك..

مضت دقيقةٌ من الوقتِ ربما أنهى فيها جونغكوك
إرتداء ثيابهِ ليتحاملَ على نفسهِ وعلى جسدهِ المُـشتعلِ وينهضَ واقفاً..

أخذ بيدهِ ثيابهُ الداخليةَ التي إبتلت بالعرقِ ليسَ إلا فهو إرتداها قبل ساعاتٍ فقط ليسيرَ ببطئٍ ناحيةَ غرفةِ ثيابهِ كي لاتضطرُ زوجتهُ لفعلِ ذلكَ بنفسها ولربما تُـحرج..

بعد أن أكملَ ذلكَ هو خطى ناحيةَ الحمامِ بخطىً أكثر تعباً وحسناً تباً لغرفتهِ كبيرةِ الحجمِ بهذا الشكلِ المُـبالغ..لقد تَـعِب..

طرقَ بابَ الحمامِ بإرهاقٍ لِيُفاجَـئ عندما فُـتِحَ بسرعةٍ
من قبل زوجتهِ التي فتحت عينيها على وسعها عندما
رأتهُ واقفاً أمامها..

" لماذا نهضت من السرير..لقد قلتُ لكَ نادني فقط
وسآتيك.."

أنبتهُ بعدمِ رضا وبعضُ الغضبِ تسلل لحروفها لكنها
عقدت حاجبيها عندما إبتسمَ في وجهها بطريقةٍ غريبةٍ..إبتسامتهُ كانت باهتةً مُـتحسِرة..

" لا بأس يا روحي...لم يحدث شيءٌ لي
والآن بعد أن رأيتني واقفاً أمامك هل يمكنك
أن تنزلي وتتناولي فطوركِ أرجوكِ...جسدكِ
لم يدخلهُ الطعامُ منذ الأمس..والطبيبُ أوصى
أن تهتمي بنفسك..."

طلبَ منها بنبرةٍ حاولَ جعلها ثابتةً مُـتماسِكةً
كي تُـصدقهُ وتذهب للإهتمامِ بنفسها لكنها
فاجئتهُ عندما وضعت ظاهر يدها على جبهتهِ تتحسسُ درجة حرارتهِ..

" لماذا أصبتَ بالحُـمى...هل تعلمُ السبب أم حدثَ هذا فجأةً..!؟"

سألتهُ بجديةٍ تنظرُ في عينيهِ فأجابها هو بصراحةٍ..

" لقد خرجتُ بشعري الرطبِ للحديقةِ ليلةَ أمس..
وعندما عدتُ نمت فوراً دون أرتدي ملابسي.."

تحدثَ فتنهدت هي بعلوٍ ونظرتُ لهُ بحدةٍ غير راضيةٍ
على إهمالهِ..

" لاتبقى واقفاً كثيراً...عُـد للسريرِ...قليلاً وسأعود لك.."

تحدثت بسرعةٍ وإبتعدت عنهُ تريدُ الخروجَ من الغرفةِ
لكن صوتَ زوجها قاطعَ ذلك..

" تـالي أفطري أرجوكِ..!"

" حسناً.."

أجابتهُ لتختفي عن أنظارهِ وتُـغلقَ البابَ خلفها
فَـتنهد المريضُ بضيقٍ وشعرَ بتلكَ المشاعرِ الغريبةِ
التي لاترضى مفارقتهُ...

هو قد نظرَ للبابِ بِـحسرةٍ وحُـزن..

........................

في الجهةِ الثانية وحيثُ تاليا التي خرجت تركضُ
في الجناحِ تبتغي الوصول للمصعدِ بسرعةٍ...

نزلت للطابقِ الأرضي ومنهُ توجهت بسرعةٍ ناحيةَ
المـطبخِ تريدُ محادثةَ سان او اي خادمٍ هناك..

لكنها حالما دخلت وجدت تجمهراً كبيراً من خدمِ
زوجها هناك وإبنتها التي كانت تجلس على الطاولةِ
قربَ الآلةِ التي تعجنُ عجينةً ما..

هم كانوا يتحدثون مع ابنتها عن كعكةٍ ما ويولون
إنتباههم لها جميعاً..هم كانوا وكأنهم يشغلونها ويصرفون إنتباهها إليهم والمطبخُ لأجلِ ذلكَ كان في حالةِ فوضى وضوضاء فلم ينتبه أحدٌ لقدومها إلا حينما نادت سان الواقفِ قرب إبنتها..

" مامااا..!!!"

صرخت ليلي بعدمِ تصديقٍ ورمت نفسها على جسد سان تريدُ النزول على الأرضِ،هي أوقفت قلبَ الرجل الذي أمسكَ بها هلِعاً..

أنزلها على الأرض لتركضَ ناحيةَ إمها وإبتسامتها
وضحكاتها الحلوةُ علت ما إن تلقفتها إمها وحضنتها
لها..

تاليا قبلت رأسها بحنانٍ..وأجابت طفلتها بأنها إشتاقت لها أيضاً وكثيراً..

لكنها مع ذلكَ سرعان ما وجهت أنظارها لسان وأخبرتهُ أنها تريدُ منهُ شيئاً..

لم تُـبعد ليلي عنها..هي أمسكت بيدِ صغيرتها وتحركت مبتعدةً قليلاً عن المطبخِ كي تُـفِهِمَ الرجل ما تريد..

" حمداً للإلهِ على سلامتكِ سيدتي..لقد شغلتي بالنا جميعاً.."

تحدثَ سان الذي وافاها أولَ وقوفهِ أمامها..لتردَ عليهِ
المـعنيةُ فوراً..

" أشكرك...أنا أريدُ منكَ شيئين..أو لحظة..
لِـيلي ماما أنتِ أفطرتي أليسَ كذلك..!؟"

خاطبت إبنتها فأجابتها ليلي الصغيرةُ بسعادةٍ
لأنها معها..

" أجل ماما..العمُ سان والعمُ وانغ تناولا الفطور معي.."

تحدثت بنبرتها الطفوليةِ الحلوة لتُـعيد تاليا أنظارها على الرجلِ أمامها وتنظر لهُ بإمتنانٍ..

" أنا حقاً أشكرك على الإعتناءِ بإبنتي.."

" هذا وجبي سيدتي...ليلي اللطيفةُ
أميرةُ قصرنا الوحيدة ونحنُ جميعاً طوعٌ لأمرها..
أليسَ كذلكَ سيدتنا الصغيرة..؟"

ضحكةُ ليلي اللطيفة عَـقبت كلامَ سان لِـتبتسمَ
تاليا وتتنهد بإرتياح..على الأقل لا بأس قد أصابَ
إبنتها...

هي بعد ذلك نظرت للرجلِ أمامها بجديةٍ وتحدثت بنبرةٍ بانَ فيها قلقٌ ما خبى والذي إستشعرهُ سان فوراً..

" أريدكَ أنو توصي البقية أن ُيحضِروا فطوراً مُـغذياً
لشخصين ولو كان هنالكَ حساءٌ ساخنٌ أيضاً سيكون هذا جيداً..وأيضاً أريدك أن توصي أحد الحرسِ لِـيُحضرَ لي عدةَ أشياءٍ من الصيدليةِ على وجه السرعة.."

أنهت حديثها الذي جعلَ كلاً من إبنتها ورئيسِ خدمِ القصرِ ينظرون لها بقلقٍ وإستغرابٍ وذاتُ الشيءَ خطرَ في بالهم..

..............................

الساعةُ الحاديةُ عشر صباحاً..

وحـيثُ بابُ غرفةِ النومِ الخاصةِ بجناحِ الرئيسِ والتي فُـتِحت جاذبةً إنتباه مَـن كان يستلقي على سريرهِ ويضعُ ذراعهُ على عينيهِ ويتنفسُ بتعبٍ مُـتأثراً بحرارةِ جسدهِ المرتفعةِ التي أعيتهُ...

دخلَ أحدهم للغرفة وسمعَ صوتَ عجلاتِ عربةٍ ما
لِـيبعد ذراعهُ عن عينيه بارهاقٍ ينوي رؤيةَ ما يحدث..

فتحَ عينيهِ لِـيتفاجئ بل هو واقعاً قد فَـزِعَ من وجودِ إبنتهِ الصغيرةِ فوقَ رأسهِ..

" بـابا.."

نادتهُ بحزنٍ ولم تُـبعد أنظارها الحزينةِ عنه..

" صباحُ الخيرِ سيدي.."

صوتٌ آخر يخصُ سان وخادماً آخر قد تبعهُ بالكلامِ تداخلَ لمسامعهِ لِـيتفاجئ المُـرَهقُ بوجودِ سان وخادمينِ آخرينِ فضلاً عن زوجتهِ معهم..

شعر بثقلٍ على صدرهِ فإبنتهُ وضعت رأسها هناك وحاوطتهُ بيديها الصغيرةِ تحضنهُ وتواسيهِ بطريقتها الحنونة..

" بـابا لِـيلي تُـحبك.."

صوتُ ريحانتهِ الحنون تسللَ لمسامعهِ ..
صوتُ زوجتهِ القلقِ والتي كانت تخاطبُ خدمهُ وصل
لمسامعهِ هو الآخر..

غرفتهُ التي كانت ساكنةً لاصوتَ فيها غير ذلكَ الصمتِ المقيت إمتلئت بإناسٍ قلقين عليه..

والحقُ هنا لا بُـد أن يُـقال...قلقُ خدمهِ عليهِ لم يُـضاهي قلقَ عائلتهِ عليهِ...إبنتهُ وزوجتهُ كانتا الأكثر قلقاً وخوفاً..

هو شعر بذلك...
وزادت غصتهُ لهذا الإدراكِ المؤلم..

أغمضَ عينيهِ بقهرٍ ودواخلهُ ترتجفُ من قادمِ أيامهِ ومصيره المحتوم...لكن شعورهُ بجسدِ إبنتهِ التي تضمهُ وتحتويهِ رغم صغرِ حجمها جعلهُ يعضُ شفتيهِ بقسوةٍ وعنف..

هو تنفسَ بثقلٍ وألمٍ ويديهِ دون وعيٍ ضمت طفلتهُ لهُ يتمسكُ بها..

ضوضاءُ المكانِ حولهُ قلت..فحزر أن خدمهُ قد خرجوا..

" ليلي بابا مُـتعب..على ماذا إتفقنا نحن.."

صوتُ زوجتهِ البعيد صدحَ لِـ يليهُ أصواتٍ كثيرةٌ
لما تقومُ تاليا بفعلهِ..

في المقابلِ ليلي التي سَـمعت كلامَ إمها عبست
وبوزت شفتيها بعدمِ رضا...صحيحٌ هي وعدت إمها أن
لاتلتصقَ بإبيها كونهُ مُـتعب لكنها عندما نظرت لعيونهِ الحزينةِ لم تتحمل...

والدها نظرَ لها بذاتِ الطريقةِ...نظراتهُ الآن تشبه نظراتِ عينيه عندما إلتقت بهِ لأولِ مرةٍ على ذلكَ الرصيف...هو حزينٌ...!

تاليا إقتربت من إبنتها وزوجها لِـتتنهد عندما وجدتهما يعانقانِ بعضهما بإستماتةِ ولم يبتعدا عن بعضهما رغم إستماعهما لِـ كلامها..

حسناً هي لم تعرف أن إبنتها تتشبث بإبيها لأنها إستشعرت حزنهُ ورغبتهُ بالبكاء..ولم تعرف أن زوجها قد تمسك بطفلتهِ رغمَ مرضهِ يُـريدُ أن يكتفي منها ويشبعَ من رائحتها ولو قليلاً..

إستسلمت..لم تحاول إبعادهما عن بعضهما..
هي أعادت وضعَ كف يدها على جبهةِ زوجها تستشعرُ
حرارتهُ فـ فتح جونغكوك عينيهِ المُـرهقةِ ونظرَ لها..

و عندما لاحظت أنظارهُ لها هي إبتسمت في وجههِ
وتحدثت بِـ لينٍ وإهتمام..

" سأجعلَ حرارتكَ تنخفض لا تقلق.."

لم يفهم جونغكوك ما تقصد..أنظارهُ وشرودهُ كانَ في إبتسامتها فقط..

لكن زوجتهُ التي كانت تحملُ هَـمَ مرضهِ وتعبهِ لم تتأخر وتُـضيع وقتاً أكثر فَـهي قامت بتشكيلِ حقنةٍ مؤقتةٍ في يدهِ وعلقت لهُ مُـغذياً
لِـتقومَ بعدها بحقنِ خافضِ الحرارةِ في المغذي..

لم تجد حاجةً لأن يتصلوا بالطبيب..هي تعلمُ هذهِ الأساسيات وتعلمُ كيفَ تقومُ ببعضِ الأمور التمريضيةِ الأساسيةِ..

هي بعد أن قامت بكلِ ذلك جعلت زوجها ينهضُ قليلاً ويتكئ على قاعدةِ السريرِ خلفهُ بعد أن ملئتها بالوسائد..

لِـتقوم بإحضار أطباقِ الفطور الذي لم تتناولهُ الى الآن..وضعت بعضاً من الصحونِ على السرير والبقيةُ تركتهم على العربةِ التي ألصقتها بالسرير..

هي أجبرتهُ أن يتناولَ فطورهُ أمامَ عينيها وفي طريقها أجبرت إبنتها على أن تأكل أيضاً فطفلتها تحتاجُ أن تنمو..وبعد أن إطمأنت أنهما يتناولانِ الطعامَ أمامها هي تنهدت براحةٍ وقررت أن تلتفت لنفسها هذهِ المرة وتتناولَ فطورها
المُـتأخر أيضاً..

طوالَ هذهِ المدةِ وطوالَ هذهِ الأحداث..ليلي الصغيرةُ
لم تكف عن الكلامِ والحديثِ بأمورٍ غيرِ مترابطةٍ مع والديها وتاليا شاركتها الحديث وتفاعلت معها..

الأجواءُ كانت حلوةً والجميعُ كان سعيداً عدا مَـن كان
خامِلاً على غيرِ العادةِ...والذي لم يشارك في الحديثِ إلا مراتٍ معدودةٍ وبكلماتٍ قليلةٍ..

إبتسامتهُ عندما تحادثه ليلي كانت باهتةً ولا رونقَ فيها..وسرعان ما تختفي عندما تُبعد ليلي أنظارها عنه.. يشردُ بالنظرِ لهما فقط دون أن ينطقَ بشيء..

هو كانَ باهِتاً وهالةُ الغرابةِ التي تشعرُ بها تاليا حولهُ لم تختفي..

زوجها ليسَ بخيرٍ والصحةُ التي تقصدها هنا ليست
جسديةً بتاتاً...

.......................

في ذاتِ اليومِ..عَـصراً..
وحيثُ جونغكوك الذي إستيقظَ من قيلولتهِ بِـصحةٍ جيدةٍ..

وهو تعجبَ لهذا فـحرارةُ جسدهِ نزلت للحدِ الطبيعي بوقتٍ قياسيٍ في نظرهِ..هذهِ أولُ مرةٍ يحدثُ فيها هذا الشيء..

هو مُـعتادٌ أن تبقى الحمى في جسدهِ يوماً كاملاً كأقلِ حد هذا إن لم تبقى أياماً..

لكنهُ أدركَ أنهُ يوجد فرقٌ كبير بين الوضعينِ..
فرقٌ كبيرٌ بين أن يكتشف سان مرضهُ بعد يومٍ أو يومين وبين أن تطمئن زوجتهُ على حالهِ أولَ إستيقاظها من النومِ..

فرقٌ كبيرٌ بين خدمهِ اللذين سيستسلمون لأوامرهِ ورغبتهِ وبين زوجتهِ التي ضربت بكلماتهِ عرضَ الحائط ونفذت ما برأسها لأنها خائفةٌ عليهِ..

يوجدُ فرقٌ كبير...إهتمامُ زوجتهِ بهِ مختلفٌ ولهُ طعمٌ آخر..تلكَ الكماداتُ التي كانت تبدلها لهُ فترةَ الظهيرةِ لم تكن مُـشابِهةً لخاصةِ خدمهِ...

شعورهُ فيها كان مُـختلِفاً...هو لم يشعر بكونهِ ثقيلاً على إناسٍ غرباء..لقد شعر بالإطمئنانِ يغزو روحهُ المُـنهكةَ كلما لامست أناملُ زوجتهِ جسدهِ وكلما مسحت بها على رأسهِ كي يسترخي ويعودَ للنومِ عندما يفزعُ بسبب برودةِ الكمادةِ..

هو نامَ مطمئناً وقتها...نامَ وفي قلبهِ راحةٌ كبيرة..
لن يشعرَ بتلكَ المشاعر الغريبةِ عندما يتحسن..
ولن يذهب لـ سان ووانغ وبقيةِ خدمهِ ويشكرهم على
الإعتناء بهِ...

لقد إعتنت عائلتهُ الصغيرةُ به...
عائلتهُ الحلوةُ التي لاتنتظرُ منهُ مُـقابِلاً...

تنهدَ يزفرُ أنفاسهُ ليُـقررَ النهوض ورؤيةَ الوضع
فهو أمضى اليومَ كلهُ في السرير..

نهضَ من إستلقائهِ ليجلسَ ووقعت أنظارهُ على الحقنةِ المؤقتةِ في يدهِ لِـيشرد فيها قليلاً ويبتسمَ ببهوت..

القدرُ يلعبُ معهما...

هو بالأمسِ كان حريصاً على عدمِ تألمها وإهتمَ بها
وبعد ساعاتٍ فقط إنقلب الوضع لتأخذَ هي دوره..!

قاطع شرودهُ صوتُ ضحكاتٍ مألوفة على قلبهِ ليلتفت ناحيةَ النافذةِ بإستغراب..

نهضَ واقفاً وإتجه للنافذةِ ودقاتُ قلبهِ المُـتلهفةِ لرؤيةِ بسمةِ روحهِ زادت..

روحـهُ التي تضحك...هو يعلمُ بل مُـتيقنٌ من هذا لكنهُ
لم يعرف لِما أو مع من...ويا ليتهُ لم يعرف..

فَـهو شعرَ بالخوفِ عندما رأى صديقةَ زوجتهِ وحبيبةَ
نسيبهِ تجلسُ مع زوجتهِ في الحديقة...!

نفسهُ ضاقَ عليهِ وشعرَ بعالمهِ يتهاوى...
ضحكاتها لازالت ونبرتها المبتهجةُ بالحديث لم تختفي..لكن قلبهُ العاشقِ لم ينبضَ هذهِ المرة ولا علت دقاتهُ إلا من الخوفِ والإرتعاب..

" سـ ـيأخذونها مـ ـني..."

تمتم بِـقهرٍ يُـناظِرُ جـنتهُ السعيدة بحسرةٍ..

..................

مضت نصف ساعةٍ وجونغكوك الذي كان ملازِماً لغرفتهِ يجلسُ بها وحيداً دون أي هدف إستجمع نفسهُ أخيراً لِـيقرر النزول..

هو غسل وجههُ وأزالَ الحقنةَ المؤقتةَ من يدهِ فلم تعد هنالك حاجةٌ إليها..ليتجه بعدها للباب ويفتحهُ خارجاً من غرفتهِ..

قابلهُ الصمتُ المقيتُ أول خروجهِ فـجناحهُ فارغٌ إلا من عداهُ كما كان دائماً وكما سيـبقى..

إتجه للمصعدِ ينوي النزول لكنهُ لم يضغط على الطابقِ الأرضي فـزوجتهُ مشغولةٌ مع صديقتها لذلكَ قرر أن يذهبَ لوحيدتهِ وضناهُ فَـضغط على زر الطابقِ الثاني..

مضت ثوانٍ توقفَ فيها المصعدُ عن النزول وفُـتِحَ بابهُ لـيخرجَ منهُ ويخطو ناحيةَ غرفِ النومِ بـلهفةٍ..

فـ بالطبع صغيرتهُ نائمةٌ الآن او على وشكِ الإستيقاظ
فهذا وقتُ قيلولتها...

هو كان مُـتلهِفاً لأن يُـقبلَ جبينها وهي نائمةٌ كما إعتاد
طوال الفترةِ السابقة..

تنهدَ براحةٍ عندما باتَ قريباً من غرفتها لـيخطو بسرعةٍ ويصلَ لها بثوانٍ وإبتسامتهُ الباهتةٌ رسِمت على ملامحِ وجههِ على الأقل سيقضي وقتهُ مع طفلتهِ ريثما تأتي لهُ زوجته..

" هههههـ خـالي ههههههـ توقــف ههههههـ
سأغضبُ منك ههههههـ ..."

" تـغضبينَ من خالكِ أيتها الشقية ها.."

يــدهُ التي كانت تُـمسكُ مقبضَ البابِ لم تتحرك وتفتحهُ..جونغكوك أنزل يدهُ وأعادها جنبَ جسدهِ ببهوتٍ وصوتُ ضحكاتِ إبنتهِ السعيدة مع خالها لم يتوقف بل علا أكثر..

لم يعرف ماذا يفعل...لم يعلم أين سيذهب...ولِـمَن..؟
لكنهُ مع كلِ ذلكَ تحركَ مُـبتعِداً عن غرفةِ إبنتهِ وسار
ببطئ حيثُ لا يعلم...

هـو إتجه للدرجِ وبدءَ يصعدُ درجاتهِ ببطئ مُـتجِهاً
لجناحهِ الفارغ فهو لايريدُ أن يُـقابِلَ خدمهُ بحالهِ
المثيرِ للشفقةِ هذا...

قصدَ صالةَ جناحهِ لِـيُـشغِلَ التلفاز ويجلسَ على
الأريكةِ أمامهُ ببهوتٍ...

وضعَ قناةَ الأخبارِ لِـيُـتابعَ كلامَ المقدمِ بعدمِ تركيزٍ
وبقي على هذا الحالِ مدةً ليست بالقصيرةِ أبداً...

فهذا أفضلُ ما قد يفعلهُ بما أن وجودهُ ليسَ مهماً
في الأسفلِ وعائلتهُ سعيدةٌ ومُـبتهجة...

وحسناً هذا هو المهم...عائلتهُ الثمينةُ سعيدة...
لو كانت سعادةُ روحهِ وطفلتهِ معهُ أو بدونه هذا غيرُ مهم...الأهم أنهما سعيدتان ومُرتاحتان...
الأهمُ هو ذلك...

مضت الدقائق واحدةً بعد الأخرى وتراكمت في عددها حتى باتت ساعةً كاملةً ولازالت تمضي وجونغكوك باهتُ الملامحِ إستمرَ بمشاهدة
نشرةِ الأخبارِ بتركيزٍ ظاهري فقط وفراغٍ كبيرٍ داخلهُ سيبتلعهُ يوماً..

ولأنهُ كان شارداً ولا يعلمُ ما يحكي الرجلُ في التلفازِ أمامه غَــفى جالساً وسرقهُ النومُ مجدداً يَـهربُ بهِ الى عالمٍ لا إحساسِ فيهِ إلا تلكَ الإحلام المزعجة التي أخافتهُ في نومهِ وسرقة راحته...

لقد رأى نفسهُ مُـنتحِراً في جناحهِ
وخدمهُ حولهُ يبكون عليهِ...

.............................

حل اليومُ الثاني..

لم يحدث شيءٌ مميزٌ في الأمس..
جونغكوك بقيَّ نائماً حتى حلَ المساء ومعَ حلولهِ
وإستيقاظهِ هو وجد تايهيونغ وجينا قد رحلا والخدمُ
كانوا يضعون أطباقَ العشاء...

لم يجد في الطابقِ الأرضي إلا إبنتهُ التي أتت لهُ
تسألهُ عن حالهِ وهو ضمها لهُ وأخبرها أنه أصبحَ
بخير..

هو وقتها كان يرتدي ثياباً تخصُ الخروج وفعلاً هو قد خرجَ بعد أن أوصى سان على عائلتهِ وأخبرهُ أن يتأكد من تناولهما للعشاء..

ركب دراجتهُ النارية وذهب لمقرِ عملهِ ينوي معرفة آخر المستجداتِ التي حدثت لكن لم يُـطل فهو غادرهم هم أيضاً وتوجه لوجهتهِ الأساسية والتي لم يعد منها إلا قرابةَ مُـنتصفِ الليل...

وجد زوجتهُ في إنتظارهِ فأزهرَ قلبهُ وإعتُـصِرَ في ذاتِ الوقت...سعيداً ومُـتحسراً والحسرةُ فيهِ فاقت سعادته...

مضت تلكَ الليلةُ بثقلها على قلبِ جونغكوك وبقلقها على قلبِ تاليا التي إستمرت تُـناظِرُ زوجها النائم قربها بعقدةِ حاجبينِ وإستغراب فهي تشعرُ أنهُ ليسَ بخير...هو باهتٌ والضيقُ والتكدرُ واضحٌ فيه...

" يا روحي إريدُ منكِ مـعروفاً.."

جونغكوك الذي كان يرتدي سترتهُ الجلديةَ فوقَ
ثيابهِ حادثَ زوجتهُ التي كانت تجلسُ على حافةِ السريرِ وتُـراسلُ أحداً ما بهاتفها..

تاليا رفعت رأسها لهُ وتحدثت بلينٍ مُرتاحةً لأنهُ اليومَ
أصبح أفضل ونوعاً ما عادَ لسيجتهِ التي إعتادتها...

" بالطبع قُـل ما تُريد.."

أعطتهُ البطاقةُ الخضراء ولينُ نبرتها أعطاهُ موافقةً مبدئيةً على طلبهِ أياً كان..

هو إقترب منها حتى بات واقفاً أمامها لـيتحدث وأنظارهُ التي ترجو تفهمها تنظرُ لها..

" سآخذُ ليلي لـعائلتي كي يروها ويتعرفوا عليها
قبل أن تسافِروا...لاتقلقي أرجوكِ..هي في عهدتي
وأنا لن أسمحَ لأي مخلوقٍ بإسماعها كلاماً لايليق..
ها..ماذا قُـلتي...موافِقة..؟"

تحدثَ بطلبهِ يُـؤكد لها أنهُ لن يُـقدِمَ على هذا الفعلِ إن لم تكن مُوافِقة لـكن تاليا عقدت حاجبيها بإنزعاجٍ..هي للآن لاتزالُ تذكرُ كيفَ تحدث السيدُ جيون مع طفلتها بطريقةٍ لاتجوز وحاولَ تحريضَ إبنتها عليها..

تنهدت بإنزعاجٍ كتمتهُ في داخلها ولم تُـظهره لـتُـجيبَ عليهِ بنبرةٍ عاديةٍ....

" لا بأس...هي طفلتكَ أيضاً...تستطيعُ إصطحابها
معكَ أينما تريد.."

عقد جونغكوك حاجبيه...لم يكن يقصدُ هذا..

" إنتِ إمها...هي ليست طفلتي وحدي...إن لم
تكوني راضيةً لن أفعل...فقراركِ بما يخصها
لهُ وزنٌ وتأثيرٌ كخاصتي...إنها طفلتنا نحنُ الإثنينِ.."

ردَ عليها بنبرةٍ عادت لتكون دافئةً وحنونة مجدداً
وكلامهُ جعلَ تاليا تطمئن على إبنتها وأن لاشيءَ
سيحدثُ لها مادامَ جونغكوك معها ولذلكَ هي تحدثت
ببعضِ الرضا هذهِ المرة..

" خُـذها معكَ جونغكوك..أنا موافقة...لكن أرجوك
لاتُـبعد عينيكَ عنها ولاتدع أحداً يقولُ لها شيئاً عن الماضي.."

أنهت كلامها لكنه عادت وتكلمت مجدداً توصيهِ بالكثيرِ والكثيرِ كأن لاتدعها تتناول شيئاً بارداً...لاتدعها تذهب لغرفتنا السابقة...
لاتدع أفرادَ عائلتكَ يوجهون كلاماً غيرَ مباشرِ المعنى لها...

وغيرها الكثيرُ من الوصايا التي لم يعترض عليها جونغكوك بتاتاً...

هو كان سعيداً لأنها وافقت...

" سأعتني بها يا روحي...لاتشغلي بالك..."

قاطع سلسلةَ وصاياها ليراها نظرت لهُ بقلقٍ فإقترب
هو منها وجذبها لهُ يضمها لمعدتهِ فهي كانت جالسة...

" ثِـقي بي تالي...إبنتنا في أمانٍ معي..."

اومئت برأسها ضدَ معدتهِ بإستسلامٍ لتشعرَ بهِ قد إبتعدَ عنها وكان ينوي المغادرةَ وفِـعلاً خطى مبتعداً ناحيةَ البابِ لكنهُ فاجئها عندما إقترب منها بسرعةٍ وأمسكَ رأسها يُقبلُ جبهتها بإمتنانٍ وحبٍ كبيرين...

نظرَ لعينيها وتحدثَ بحبٍ لا بل عشق...

" شُـكراً لأنكِ لم ترديني يا روحي.."

لم ترد عليهِ تاليا..هي شردت في إبتسامتهِ الحلوةِ
وأومئت له ولازالت لم تبعد عينيها عن ملامحِ وجهه...

لقد كانت تشعرُ أن كل شيءٍ ليسَ على مايرامٍ بالأمسِ
عندما كان مُـنزعِجاً...لكن إبتسامتهُ الحلوةَ اليوم طمأنتها...

هي أدركت وقتها...
أنها لاتريدهُ أن يحزن فـ يومها يصبحُ ممتعِضاً هي
أيضاً...ومشاعرهُ السلبيةُ تأثرُ عليها دونَ أن يعلم...

ويا ليتها أدركت أيضاً أنَ إبتسامتهُ الحلوةُ التي
جاهدَ لِـصنعها وجعلها بهذهِ الحلاوة..
لم تكن حقيقيةً بتاتاً..فهو نفسياً لايستطيعُ..

..................

حـسناً المـشهدُ الحالي كان مُـتمثِلاً بوجودِ تاليا وجونغكوك في غرفةِ إبنتهما...

لِـيلي تجلسُ على طرفِ السرير مُـبتسمةً وسعيدةً فإمها التي تُـقرفص كي تُـصبحَ بمستواها كانت تقومُ بغلقِ أزارِ السترةِ الصوفيةِ التي ألبستها إياها ووالدها يقفُ فوقَ رأسهما يُـناظِرهما ولايُـبعد عينيهِ عنهما..

والدها كان هادئاً لكن إمها لم تكن فَـهي كانت تتكلمُ معها وتُـوصيها بالكثير..

كـ..إبقي جنبَ والدك ولاتبتعدي عنه..
أطيعي كلام والدك ولاتتجولي وحدكِ في القصر..
لو ترككِ والدكِ إذهبي لِـ عمكِ أو عمتكِ فقط..
لا تصعدي للطابقِ الثاني..
لو تكلمُ أحدٌ بالسوءِ عني لاتردي عليهم ولاتصدقيهم..
مايقولونهُ ليسَ مُـهماً ومُـجردُ كذب..

وبعد كلِ جملةٍ من تلكَ الجملِ ليلي كانت تُـجيبُ
بحاضر ماما أو سأفعلُ ذلك..وهذا الشيءُ الوحيدُ الذي جعلَ تاليا ترتاحُ قليلاً...قليلاً فقط..

في المُـقابل جونغكوك لم يتدخل او يعترض على كلامِ زوجتهِ..فهو يشعرُ أن لاحقَ لهُ بفعلِ ذلك..حتى وإن قامت جنتهُ بجعلِ ليلي تكرهُ أجدادها فهو لن يستطيع أن يُـبدي إنزعاجهُ من هذا الأمر...بل هو بالأصل لا يظنُ أنها ستفعلُ ذلك...هو بات يحفظها...زوجتهُ طيبةُ القلب وحنونة..

لاحظَ أن زوجتهُ وقفت على طولها وإبنتهُ هي الأخرى قد قفزت من السريرِ واقفةً وإبتسامتها الحلوة وسعادتها لازالت فيها..

حتى زوجتهُ كانت مُـستقرةً نفسياً وإبتسمت في
وجهِ طفلتهما إلا هو لم يستطع ذلك..

هو الوحيدُ الكئيبُ بينهم..

" جونغكوك لاتبعد عينيكَ عنها أرجوك.."

زوجتهُ خاطبتهُ فنظرَ لها ولذلكَ القلقِ الذي يحتلُ
عيونها..

" مُـحالٌ أن أفعل يا روحي..ليلي اللطيفةُ ستزور
أجدادها مع بابا ونعودُ لِـماما بسرعةٍ أليسَ كذلك..؟"

حاولَ..والربُ هو منذُ الصباحِ ولازالَ يحاولُ أن تكونَ
نبرتهُ مُـبتهجةً كي لاتتضايقَ عائلتهُ أو تنزعج منه..!

" أجل ماما..نحنُ سنعودُ بسرعة.."
ليلي نبست بهذا أثناءِ إحتضانها لساقي إمها بكلتا يديها...هي كانت كتلةَ فروٍ ضيئلةً متشبثةً بإمها وشكلها الوديعُ جعلَ قلبَ تاليا ينبضُ بحبٍ أكثر لها..

لم يَـطل هذا الوضعُ أكثر فـ بعد مرورِ خمسِ دقائقَ فقط خلا القصرُ من سيدهِ وأميرتهِ الصغيرة ولم يبقى فيهِ غيرُ قلبِ أمٍ خائفةٍ على طفلتها التي لربما تدركُ شيئاً يجعلها تكرهُ أباها...وهذا ما لاتريدهُ تاليا أبداً..!

في المقابل ليلي التي كانت تجلسُ على مقعدِ السيارةِ
المُـجاورِ لمقعدِ السائقِ كانت تعبثُ بالشاشةِ الإلكترونيةِ التي بينها وبين والدها وتغيرُ قناةَ التسجلِ كل ثانيةٍ حتى
أصدعت أباها..

" أكــلُ ما فاتَ لم يُـعجبك..؟"

بإستنكارٍ سأل طفلتهُ بعد أن صدحَ صوتٌ عالٍ جداً لفرقةٍ صاخبةٍ تقرعُ الطبول وتعزفُ بالغيتارِ بقوة لكنها عادت وبدلتها بعد خمسِ ثوانٍ بالذاتِ وهذهِ مدةٌ طويلة بحق فهي تبدلُ القناةَ
كل ثانيتين..

" بابا سيارتك مُـملة..!"

" هاااا.."
بعدمِ تصديقٍ نطق...هل قامَ أحدهم بإهانةِ سيارتهِ الغالية..!!

ليلي رمت نفسها على قاعدةِ الكرسي وتنهدت بمللٍ تتذمرُ أكثر فهي تعبت من البحث..

" سيارةُ خالي أفضل.. تُـوجدُ فيها كل أغاني أفلامِ ديزني..أريدُ أغنية آلسا.."

بوزت شفتيها بزعلٍ...
لكنها دون أن تدرك جعلت نيرانَ الغيرةِ تشتعلُ
في صدرِ أبيها...هو يَـغارُ من تايهيونغ وجِـداً..
فَـتحدثَ بطفوليةٍ غاضباً..

" سيارتي أفضلُ من سيارةِ خالك...لاتُـقارني
خاصتي معه..ثم أنتِ من بحثتي خطأً لاذنبَ
لسيارتي.."

حسناً غيرتهُ جعلتهُ يبحثُ عن أي مكانٍ يقفُ فيهِ
وفعلاٍ بثوانٍ فقط أوقف السيارةَ جنباً وإلتفت لإبنتهِ
التي تتخذُ وضعَ العجائزِ وترمي بنفسها على الكرسي
بيأسٍ وملل ولم تتأثر بكلامهِ..فـنظرَ لها بغضبٍ طفولي ورمقها..

مد يدهُ للشاشةِ الإلكترونية ليبدء بالعبثِ بها قليلاً
بحركات سريعة وأظهر قائمةً مألوفةً جداً لعيني
طفلتهِ التي نهضت بسرعةِ وإلتصقت بالشاشة بعدمِ تصديق...

" بابا إنها نفسُ التي عند خالي..دعني أكمل..دعني أكمل.."

بحماسٍ تحدثت وإبتسامتها باتت من الإذنِ الى الإذن
ليرمقها جونغكوك بغضبٍ طفولي ويبتعد عائداً للإتكاءِ على ظهرِ كرسيهِ ويكتفُ يديهِ لصدرهِ بحنق..

قالت سيارةُ خالها أفضل قالت...
هو بحث لها على الإنترنت وهي كانت تبحثَ وحدها
دون إنترنت قبل قليل...

صدحَ صوتُ إغنيةِ فلمِ frozen الشهيرةِ أرجاءَ سيارتهِ لتُـصفقَ طفلتهُ بحماسٍ وتبدءَ بالتمتمةِ مع المغنيةِ بكلماتِ الإغنيةِ بتمكنٍ فـلغتها الإنجليزيةُ جيدة..ولا عجب..هي أبصرت الحياة في لندن وليسَ هنا...

لغتها الإنجليزيةُ جيدةٌ ولا بأسَ بها...لكن لغتها الكورية مُـتقنةٌ جداً..هو لاحظها أنها تتكلمُ الكوريةَ بطلاقةٍ أكثر وهذا ما جعلهُ يتعجبُ بدايةً خصوصاً بعدما علِمَ أنها إبنته..

تنهدَ وفكَ تكتيفَ يديهِ..سعادةُ طفلتهِ وحركتها اللطيفةُ إمتصت غضبهُ على ذلكَ السببِ الدرامي لِـيُتمتمَ بقلةِ حيلةِ أثناءِ عودتهِ
..للطريقِ السريعِ مُـجدداً..

" تُـحركني هي وإمها على هواهما دائماً.."
جملتهُ من المفروضِ أنها تحملُ غيضاً وكُرهاً لهذا الشيء لكن إبتسامتهُ الخافتة فضحت مشاعرهُ المُـحِبةَ لهذهِ الحقيقةِ المرفرفةِ لِقلبهِ...

مضت دقائقُ أخرى وصلَ بها جونغكوك لقصرِ عائلتهِ أخيراً لِـيُـوقفَ مُـحركَ السيارةِ مُـطفئاً إياها وإلتفت ينوي النزولَ من السيارةِ وفعلاً هو فعلَ واقفاً بأقدامهِ على أرضٍ تحملُ الكثيرَ من الذكرياتِ المؤلمةِ له..

" أهلا بكَ سيدي.."

تَـحيةٌ عسكريةٌ تمَ تأديتها لهُ من قبلِ الجنديينِ أمامهُ ليُـهمهمَ لهما جونغكوك وأنظارهُ كانت على جهةِ إبنتهِ ينتظرها أن تنزلَ من السيارةِ أيضاً..

وفِـعلاً ريحانتهُ الصغيرةُ نزلت وأغلقت البابَ خلفها بقوةٍ أفزعت الحرسَ لكنها تسببت بإبتسامةِ والدها الذي مالَ برأسهِ بقلةِ حيلة...

أتت لهُ تركضُ بضئلها وصغر حجمها فسألها هو بغيضٍ
أثناء ذلك..

" هل تحقدين على سيارتي يا بنت..!"

مازحها مُـمثلاً الغضب فهي أغلقت البابَ بكلِ طاقتها
حرفياً لكنَ ضحكتها على نبرتهِ جعلتهُ يناظرها بعطفٍ
أبويٍ كبير..

" لا بابا..سيارتكَ رائعة.."
حسناً طفلتهُ تُراضيهِ حالياً وهو لهذا آرادَ إلتهامها..

" كنتُ أمزحُ معكِ بُـنيتي...إفعلي بالسيارةِ ما تشائين..
هيا أعطيتي يدكِ كي ندخلَ سوياً..هيا يا بابا.."

نبرتهُ الدافئةُ الحانيةُ جعلت الحارسينِ أمامهُ يبتسمانِ وجعلت ضناهُ الحلوةَ تُـغرقُ يدها الضيئلة في كفهِ الكبيرةِ شاعرةً بالأمانِ والأطمئنان وعلى أثرهِ إبتسمت بخفوتٍ تحاولُ إخفاءِ هذهِ المشاعرِ العميقة التي لاتعرفُ كيفَ تصفها..

جونغكوك أحكمَ الشدَ على يدِ طفلتهِ ليتحركَ ويدخلَ قصراً كانَت جدرانهُ ذاتِ يومٍ شاهدةً على كلِ شيء...

عائلتهُ أجمعُ كانت تمتلكَ خبراً أنهُ قادمٌ وسيحضرُ معهُ إبنتهُ ولذلكَ هم أولَ دخولهِ بناءَ القصرِ الداخلي أقبلوا عليهِ وعلى طفلتهِ يُـرحبون بهما وسعادتهم كانت كبيرةً جداً..

لم يكن هذا اللقاء بالنسبةِ لِـ ليلي مُـخيفاً كما كان الأولُ حيثُ صرخت عليها جوان بحدةٍ وتجمهرَ أجدادها عليها بغرابةٍ بل كان مُـريحاً بعضَ الشيءَ وجعلها تغيرُ وجهةَ نظرها بعضَ الشيء..

" بُـني أرجوكَ دعني أضمها.."

أمهُ ترجتهُ كما فعلت عمتهُ أما والدهُ فكانت الرغبةُ في عينيهِ واضحةً جداً..

هم يعرفون أنها سَـتُـسافرُ وهذا ما يجعلُ مشاعرهم لها متأججة..يُـريدون أن يشموا عطرها ويحفظوا شكلها قبل أن تذهب..لقد جعلوهُ يشعرُ بالحيرةِ وقلبهُ نبضَ بإلمٍ كبير..

ماذا عنهُ هو..!؟
كيفَ سيستطيعُ توديعها..!؟
أعناقٌ واحدٌ سيكفيهِ أم أكثر..!؟
هو خائف...

لم يُـعطهِ قلبهُ أن يحرمَ عائلتهُ من إبنتهِ فأخبرَ ليلي
بلطفٍ أن تذهبَ وتُـعانقهم..
ولأن ليلي تترددُ في رأسها وصيةُ أمها التي أخبرتها
أن تُـطيعَ كلامَ والدها هي تحركَ لأجدادها تعانقهم..

لكنهم تمسكوا بها ولم يتركوها..أحضانهم لها لم
تنتهي وقُـبلاتهم كذلك..ليلي لم تكن تظنُ أنهم
يحبونها هكذا..

لكن..

" بُـني أرفع عليها دعوةَ إبوة أرجوك..سَـتصبحُ ليلي لكَ..أنا عندي صديقٌ في المحكمة.."

" أبي..!!!
الطفلةُ موجودةٌ بيننا ماهذا الكلام..!"

بعدمِ تصديقٍ ردَ جونغكوك على كلامِ أبيهِ
ونظراتهُ الخائفةُ باتت على إبنتهِ يخشى أنها
سمعت كلامَ أبيهِ..

" جونغكوك إنها من آلِ جيون..!"

لم يكن جونغكوك يستمعُ لأبيهِ فهو تنهدَ براحةٍ عندما
وجدَ إبنتهُ تتلمسُ بطنَ عمتها الكبيرةِ بدهشةٍ وتتهامسُ معها بأشياءٍ لم يسمعها..

أعادَ أنظارهُ لوجهِ أبيهِ الغيرِ راضٍ كما كانت إمهُ وعمتهُ اللتان إستغلتا إنغماسَ الطفلةِ مع كارمن ليتحدثا مع إبنهم يحاولون زرعَ الفكرةِ في رأسهِ فملامحهُ الحزينةُ وهو ينظرُ لطفلتهِ لم تخفى عليهم..

" والدكَ محقٌ بُـني...أنتَ ترفضُ الزواجَ والحصولَ
على زوجةٍ وأطفالٍ..على الأقلِ أبقي الطفلةَ معك
ولتذهب تاليا حيثما تريد..لا أحد سيمنعها.."

أمهُ تحدثت وفي ذاتِ الثانيةِ حصلت على تأييدٍ من
والداهِ وعمتهِ اللذينِ دعما كلامها..

هم جعلوا جونغكوك خائفاً بحقٍ على طفلتهِ سريعةِ
البديهةِ فـ تحدثَ بصوتٍ بهِ بعضُ العلوِ قليلاً كي يجذب إنتباه شقيقته له..

" كارمن ما رأيكِ أن تدعي ليلي تَـرى أغراضَ إيلا
وسريرها الصغير.."

" حـقاً...أجل أجل أريدُ أن آراهُ عمتي.."

ليلي كانت متحمسةً...هي إلتصقت بعمتها خصوصاً
بعد أن ركلتها إيلا بقدمها قبل قليلٍ وعمتها زادت
بهاراتِ الحماسِ عندما أخبرتها أنها ستكون بمثابةِ
شقيقةِ إيلا الكبيرة..

وهذا كلهُ جعلَ ليلي علكةً ملتصقةً ببطنِ عمتها
تنتظرُ أن تركلها إيلا مُـجدداً..

وتَـكون هذا الرابطِ بينَ ليلي وإبنةِ عمتها الصغيرة جعلَ جونغكوك يرتاحُ قليلاً فهو خافَ أن تبقى إبنتهُ موجودةً هنا بِـحكم أن عمها غيرُ موجودٍ في القصر..

" ها هي طفلتك قد رحلت...ماذا قلتَ بُـني..
إنظر حتى هي قد تعلقت بإبنةِ إختك...جونغكوك مكانُ الطفلةِ هنا..هي من صلبِ آلِ جيون.."

عمتهُ أولُ من أعادت فتحَ الحديثِ بصوتٍ ليسَ خافِتاً بالمرة لـيتنهدَ جونغكوك بتعبٍ ويناظرَ كبار عائلتهِ..

" هِـي طفلتي نعم لكن زوجتي أحقُ بها مني..
أنا يُـحالُ أن أرفع دعوةً عليها في المحكمة...لقد وعدتها أن لِـيلي ستكون من نصيبها بالفعل.."

إختار أن يُـناقِـشهم ويُـسكتهم فالأمرُ مفروغٌ منهُ
ومُـنتهٍ وهو هنا روحهُ تنازعهُ لأن زوجتهُ ستبتعدُ
عنهُ وتختفي من حياتهِ..قد يحتمل ألم إختفاء طفلتهِ
عن مرأى بصرهِ لكن كيفَ سيصبرُ على فراقِ روحهِ
كيف..!؟

" لِـم هي أحقُ بها منكَ جونغكوك..ما الذي تهذي بهِ..
إنها من صلبكَ أنت...إنها تنتمي لآل جيون لا آلِ كيم..
إنها إبنتنا نحن..!!"

والدهُ تحدثَ بغضبٍ كبيرٍ رافضاً أن يذهبَ نسلُ آلِ
جيون ويصبحَ من نصيبِ غيرهم..

جونغكوك أنزلَ أنظارهُ للأرضِ بفراغٍ..هو يُريدُ
أن يخبرهم أنهُ يريدُ طريقةً ليجعلَ زوجتهُ لاتتركهُ
وليفكروا بأبنتهِ بعدها..هو لايريدُ أن يغدو وحيداً مجدداً..

" جونغكوك أين دوركَ...أنتَ الأب...
أنتَ من كـونتها..! كُـن رجلاً وخُـذ دورك..!
لاتدعها تأخذ إبنةَ آل جيون..!!"

والدهُ أعادَ حديثهُ مجدداً بنبرةٍ غاضبةٍ غير
راضيةٍ عنه فأغمضُ هو عينيهِ وإبتسمَ
بخفوتِ ساخراً من نفسهِ...

يُـحالُ أن يرضوا عنه..بل هو يتوقع حتى
أنهم سيخاصمونهُ ويُـقاطعونهُ إن لم يحارب لأجل
ليلي..

ماهو إلا وقتٌ قليلٌ فقط وسيستمعُ لتلكَ
العبارةِ التي يحفظها عن ظهرِ غيب..

ماهو إلا وقتٌ قليلٌ..

ولربما سيتزامنُ هذا مع سفرِ عائلتهِ
وحدوثِ الأمرِ على أرضِ الواقع..
مَـن يعلم..
ماعادت لهُ القدرةُ على التفاؤل..

.............................

يَـشدُ بيدهِ على شيءٍ ما ويُـمسكُ عجلةَ القيادة
باليدِ الأخرى..

طفلتهُ تجلسُ جنبهُ وتتناول غزلَ البنات كبيرِ الحجمِ
بسعادةٍ وبين لقمةٍ وأخرى تُـحادثهُ عن إبنة عمتها
المُـنتَظرة...

هي لم تتوقف عن وصفِ ملمسِ قدمها أو جمال سريرها الصغير وكل شيءٍ يخصها حرفياً..

جونغكوك حاولَ التفاعلَ معها لكنهُ والربُ لم يقدر..
قلبهُ سينفجر...من جهةٍ ما أعطتهُ إختهُ لهُ..!
ومن جِـهة إتصالُ تايهيونغ به..!

لكنهُ مع ذلكَ حاول..لقد تحاملَ على نفسهِ
وتفاعلَ بالحديث معها بكلماتٍ قليلةٍ جداً..
لايهون عليهِ أن تحزن وحيدتهُ منهُ إن رأت منهُ
تجاهلاً لحماسها وكلامها..

أوصلها لبابِ قصرهِ...
لقد أوقفَ السيارة لكنهُ لم يُوقِف مُـحركها..

" بُـنيتي أنا يجبُ عليَّ أن أذهبَ لمكانٍ ما..
لِـتنزلي أنتِ وحدك وأنا سأعودُ بعد ساعةٍ أو ساعتين.."

حادثها فـنظرت لهُ بعيونها ذاتِ اللمعةِ الحلوة وفمها
المملوءِ بما تأكل..

إبتلعت طعامها بسرعةٍ وتحدثت تُـجيبهُ بإبتسامةٍ
وبهجةٍ لم تختفي منذ ركلِ إيلا لِـيدها..

" حــسناً بابا...سننتظركَ أنا وماما.."

بعد كلامها الدافئ هي كانت على وشكِ النزولِ
من السيارةِ وقد فتحت البابِ حيثَ جهتها بالفعلِ
لكن نداءَ والدها بإسمها أوقفها فإلتفتت لهُ تنوي
معرفةَ ما يريدهُ منها..لكن والدها فاجِـئها عندما
إقتربَ منها بجسدهِ وأحاطَ وجهها الصغير بيديهِ
الكبيرتين مُـقبِلاً جبهتها بِـحنانٍ وعطف..

" الآن يُـمكنكِ الذهابُ بُـنيتي.."

نبرتهُ الدافئةُ أعقبت فعلتهُ فإبتلعت ليلي
ريقها وأومئت لهُ تُـغادرُ السيارةَ تحت أنظارهِ
وفي داخلها خوفٌ كبير...

نظراتُ والدها لها غريبة...
هو يبدو وكأنهُ يودعها...!

في المقابل إطمئنَ قلبُ الأبِ عندما تأكد من دخولِ
إبنتهِ حدودَ قصرهِ لِيـتنهدَ ويُـحركَ سيارتهُ ناحيةَ
وجهتهِ التي لن يخرجَ منها كما دخل..

هو لايظنُ أن لقاءهُ مع تايهيونغ وحدهما سينتهي
على خير..لايظنُ هذا أبداً...

............................

أوقفَ سيارتهُ أمامَ إحدى البارات الشهيرةِ في سيئول..ليترجل ويدلفَ فيهِ دون مدٍ وجر..وأولُ ما قابلهُ كانَ صدمةُ الموجودين في البار بدخولهِ..

هرعَ لهُ موظفوا البار الشهيرِ بسرعةٍ يرتجون رضاهُ عنهم وعن خدمةِ بارهم بل حتى أن النداءَ وصل لمالكِ البار الذي تركَ مكانهُ وأتى ركضاً لـيُضيف الرئيس بنفسهِ..

هم مُـعتادون على قدومِ المشاهيرِ وكبارِ رجالِ الأعمالِ لِـهنا بل حتى أن السياسينَ بدءوا بإرتيادِ هذا البار في آخر سنين لكن مع كلِ ذلك قدومُ الرئيسِ جيون يعتبرُ صدمةً لهم فهم لايسمعون عنهُ إلا الإسم والإنجازات المذهلة بفعلِ عملهِ الذي
يجعلُ ظهورهُ في مثلِ هذهِ الأماكنِ المزدحمةِ أمراً نادراً..

وحسناً يبدو أن موظفي المكان ومالكهُ قد وجدوا حدثاً شيقاً يتباهون بهِ أمام الآخرين عقوداً للأمام..

" سيدي سأحجزُ لكَ الطابقَ الثاني بالكامل..
وإن أردت أن نخلي المكان لئلا تنزعج سنفعل..."

تملقهُ مالكُ البارِ الضخمِ عانِـياً ما قالهُ بالحرفِ
فـسلامةُ الرئيس هي الأهم..

" ما مِن داعٍ لذلك..أيوجدُ عندكم حجزٌ بإسم
كيم تايهيونغ ..!؟"

مُـتعبُ النفسيةِ تحدثَ ببرود فـإمتثلَ من أمامهُ لما قالهُ ودلوهُ على مكانِ رجلِ الأعمالِ الذي كان قد حجز غرفةً منفردةً في الطابقِ الثالث من هذهِ البناية الضخمة..

هم إستمروا يسألونه عن ما يفعلوه لأجلهِ ويعرضون
عليهِ خدماتهم اللانهائية لكنهُ أنهى سيرةَ هذا الموضوع عندما أخبرهم أنهُ سيتناقشُ مع نسيبهِ بأمرٍ عائليٍ خصوصي وعند هذهِ النقطةِ تفهموا جميعهم الأمر وأعطوا الرئيس
خصوصيتهُ الكاملة..

جونغكوك دخلَ تلكَ الغرفةَ التي يقبعُ داخلها تايهيونغ
والذي نهضَ واقفاً ما إن رأه داخلاً..

حدثَ تواصلُ أعينٍ قصيرٌ بينهما لكنهُ سرعانَ ما قُـطِعَ
من قِبل جونغكوك الذي أغلقَ البابَ خلفهُ وتقدمَ مقترباً من نسيبهِ..

" أهلا بكَ جيون.."

"أهلاً بكَ أيضاً.."

كان المُـتحدثُ أولاً هو تايهيونغ والذي بادر ومدَ يدهُ
مُـصافِـحاً نسيبهُ..

جلسا مُـقابلِ بعضهما ليفتتح تايهيونغ الحديثَ
مُـجدداً..

" لم أركَ بالأمسِ عندما أتيتُ قصرك..
تالي أخبرتني أنكَ كنتَ مريضاً..آملُ أنكَ
أصبحتَ بخير.."

جونغكوك الذي كان يجلسُ على أعصابهِ
همهمَ لهُ بالإيجابِ لِـيعاودَ النظرَ لوجههِ
يُـريدهُ أن ينطقَ بالسببِ الذي جلبهُ لأجلهِ..

" هل الخطرُ زال..؟"

مجدداً سؤالٌ جانبي جعلَ جونغكوك
يتنهدُ بتعبٍ..لكنهُ أجابهُ إجابةً مختصرةً
يريدهُ أن يدخل في صلبِ الموضوعِ بسرعة..

" عدا من بعضِ المُـرتزقةِ اللذين هربوا
من عصابتهِ الوضعُ آمن..ولاتقلقُ عددهم قليلٌ..
لقد أمرتُ بإيجادهم والتخلصِ منهم.."

أومئ لهُ تايهيونغ مُرتاحاً ليقومَ بإمساكِ قنينةَ النبيذِ يَـصبُ لهُ في كأسهِ منها...وجونغكوك عند هذهِ النقطة نطقَ بإستسلامٍ مُـتعباً..

" كفاكَ مُـماطلةً تايهيونغ وأخبرني
بما سَـيُـفجعني...لاتُـعطني مقدماتٍ وقُـلها مباشرةً.."

توقفت يَـدُ تايهيونغ التي كانت تمسكُ القنينةَ
وأصبحت ملامحُ وجههِ جادةً..
هو أعادَ القنينةَ الزجاجيةَ على الطاولةِ
ورفعَ نظرهُ لـنسيبهِ يُـناظرهُ بجديةٍ...

وكما آرادَ الآخر...تايهيونغ نَـطقَ بما يريدهُ
بشكلٍ مُـباشر..

" طَـلِق أخــتي جونغكوك..نَـحنُ سَـنُـغادِرُ
كوريا بعد خمسةِ أيامٍ..!"

إنقبضَ قلبهُ على بعضهِ قبضةً تألمَ لها كلُ صدرهِ بل
جسدهُ أجمع...لَـقد أُلجمَ لسانهُ وما عادَ يستطيعُ النطقَ وتحريكهُ...!!

أصابعُ يديهِ غُـرست في لحمِ فخذيهِ بعنفٍ..
هو بدى كـطفلٍ تُركَ وحيداً..

لم يظهر أمام تايهيونغ إلا وجههُ الفارغُ من التعابيرِ
إلا أن ردَ فعلهِ الحقيقي كان خلفِ الطاولةِ التي تفصلهما..يديهِ في الإسفلِ باتت ترتجفُ بطريقةٍ مخيفةٍ وهو لقلةِ حيلتهِ لم يجد حلاً غيرَ غرسها في لحمِ فخذهِ بعنفٍ وقوة..

" هـ ـل هـ ـذهِ رغـ ـبتها هِـ ـي..؟!"

بتقطعٍ نطقَ جملتهُ لكنهُ لم ينهار...هو سيقاومُ
ولن ينهارَ أمامَ مـن سيصبحُ نسيبهُ السابق..


" بـلى.."

تمتمَ تايهيونغ بخفوتٍ..نبرتهُ كانت خافتةً جداً لايريدُ أن يُـجرحَ من أمامهُ أكثر لكنهُ تعجب عندما رأهُ قد
وقف ووضع يديهِ في جيوبهِ فوراً..

جونغكوك نظرَ لهُ بجديةٍ ورباطة جأشٍ لاتمدُ بصلةٍ لدواخلهِ وأجابه بإعتيادية..

" لكم هذا...لكني لن أوقـ ـع الورقةَ إلا صباحَ
يومِ سفركم..هذا هو شرطي الوحيد لِـقبولِ حدوثِ
الطلاقِ بيني وبينها...دعها تكن زوجتي لأيامٍ
فقط.."

" لا بأس..لك هذا.."
ردَ تايهيونغ عليهِ غيرَ رافضٍ طلبهُ
فتحركَ هو وإنصرفَ مُـغادِراً الغرفةَ تحت
أنظاره ولازالَ لم يُـخرج يديهِ من جيوبه..

عندما خرجَ وجدَ في الممرِ نادلاً يسيرُ
في حالِ سبيلهِ فأوقفهُ بسرعةٍ يسأله..

" أيـ ـن يقعُ الحمام..؟!"

النادلُ الذي علمَ فوراً هويةَ الماثلِ أمامهُ دلهُ بنفسهِ
على مكانِ الحمامِ ولم يكتفي فقط ان يرشدهُ بالكلام..

دخلَ جونغكوك الحمامَ تزامناً معَ رحيلِ النادلِ
لأعطاءِ الرئيس خصوصيتهِ...

وبعد دخولهِ بثوانٍ فقط صدحَ صوتُ تقيئٍ مكتومٍ
وتأوهاتٍ متألمةٍ مُـتعبة...

...........................

التـاسعةُ ليلاً...

جونغكوك كانَ نائماً في سريرهِ يهربُ من واقعهِ
حينما فُـتحت بابُ غرفةِ النومِ من قِبلِ زوجتهِ والتي
تفاجئت عندما رأته في الغرفة فهي لم تعتقد أنهُ عاد..

لقد كانت عند إبنتها قبل قليلٍ وكُـل ظنها أنهُ سيعودُ
قرابةَ مُـنتصفِ الليلِ لأنهُ لربما ذهبَ للمقر..

عقدت حاجبيها بإستغرابٍ عندما إقتربت من السريرِ
أكثر وإتضحت لها هيئتهُ..

" لِـمَ هو نائمٌ بِـملابسِ الخروج..!؟"

تمتت مُـستغربةً لـتذهب لهُ وتبدأ بهزهِ بلطفٍ
كي لايفزعَ عندما يستيقظ..

" جونغكوك لِمَ تنامُ بهذهِ الملابس..هي غيرُ مريحةٍ..
هيا إنهض وغيرها..الليلُ لازالَ في أولهِ لاتنمَ بها.."

حادثتهُ أثناءَ هزها لجسدهِ وفي وسط ذلكَ تذكرت أمرَ العشاءِ أيضاً...هل هو تناولَ عشائهُ أم لا..؟!

لكنهُ على الأغلب لم يفعل...لقد كانت في الطابقِ
الأرضي قبل عشرين دقيقة وكانَ المطبخُ خالياً
كما قاعةُ الطعام ولذلكَ هي ذهبت لترى إبنتها..

هذا يعني أنهُ لم يتناولَ عشائه..!
وفوقها نائمُ بهذهِ الثيابِ الغيرِ مريحةٍ في هذا
الوقتِ المُـبكرِ من الليل..!

" جونغكوك إنهض هيا..جونغكوك..
على الأقلِ فقط إنزع حزامَ خصركَ وهذهِ
السترةَ الضيقة...جونغكوك.."

حاولت معهُ مجدداً لكن ما مِن فائدة..
هو لم يستجب لها..نائماً بِـعمقٍ وكأن كلِ
هذهِ الضوضاء ما مَـستهُ ولا وصلت إليه..

وفِـعلاً هي ما وصلت إليهِ..
فإبنُ السادسةِ والثلاثينَ قد إبتلعَ حبتينِ
من المنومِ قبل ربعِ ساعةٍ أولَ دخولهِ غرفتهِ...

لقد إختار الهرب على مواجهةِ زوجتهِ
التي جعلت أخاها يـنطقُ بتلكَ الكلمات..

هو كان يتمنى أن تطلبَ منهُ الطلاقَ بنفسها..
لم يَـرد أن يسمعَ هذهِ الجملةَ القاتلةَ من غيرها..
وأمنيتهُ كانت بسيطةً جداً...هو يقسم...

......................

يَـومُ الخميس...التاسعِ من مارس عام 2028..
وحيثُ بقي لِـسفر روحهِ عنهُ يومين فقط..
فهم سيتركونهُ يومَ الأحد..

جونغكوك كان يجلسُ في الطابقِ الأرضي
يُـدققُ مَـلفاً يخصُ عمله فهو بات مُـدمن عملٍ
بشكلٍ غريبٍ آخر يومين..

كانت الساعةُ تمامَ الثامنةِ والنصفِ مـساءاً
وصغيرتهُ كانت رفقةَ إمها او أحد خدمهِ..
هو لا يعلمُ حقيقةً فـهو لم يبتعد عن الكنبةِ منذُ
العصر ولم يتناولَ العشاءَ مع عائلتهِ بحجةِ أنهُ
مشغولٌ جداً والملفُ الذي بينَ يديهِ يحوي أخطرَ
المجرمين اللذين خُـلِقوا على وجه الأرض ويحتاجُ
أن يُركز فيهِ ولايُـقاطعهُ أحد...

حسناً هو كاذب...الملفُ الذي بين يديهِ يخصُ
جريمةَ سرقةٍ بسيطةً تولت الشرطةُ أمرها دونَ
الحاجةِ لِتدخل الفيدرالية وانتهت منذ سنة كاملة..
وجدَ الملفَ صدفة في إحدى الأدراجِ عندهُ
وتحججَ بهِ..

هو كان شارداً فيهِ لكن شرودهُ قُـطِعَ بوقوفِ
أحدٍ أمامهُ فرفعَ رأسهُ ينوي معرفةَ هذا الشخص
لكن قلبهُ نبضَ بعنفٍ وروحهُ إنتفضت..

إنها غاليتهُ وحلوتهُ...
جـنتهُ مَـن تقفُ أمامهُ...!

" جونغكوك أعتذرُ لمقاطعةِ عملكَ المُـهم
لكني أريدُ الخروج..لقد إتفقنا أنا وجينا
أن نشتري ما ينقصنا من المولِ الرئيسي وسطَ
سيئول..هل أستطيعُ الخروجَ دون وجودِ خطر..؟"

أكملت تاليا كلامها الذي كانت جادةً فيهِ..هو الوحيدُ
الذي يعرفُ طبيعةَ الوضعِ حالياً لذلك جاءت له..

وحسناً حتى لو كان الوضع مئةً بالمئةِ آمناً هي كانت
ستأتي وتُـخبرهُ أنها ستخرجُ مع صديقتها أيضاً..

لاتريدهُ أن يقلق ويذعر عندما يجدها غير موجودةٍ
في قصرهِ..

" الوضعُ نوعاً ما آمن لكني أخافُ عليكِ
ياروحي.. لربما يقتصُ منكِ بعضُ أعضاء عصابتهِ
اللذين هربوا ليلتها...إنتظريني لأبدلَ ثيابي سأوصلكِ
لِـجينا بنفسي كي لاتكوني وحدك.."

تحدثَ بمراعاةٍ لايريدها أن تشعر أنهُ يتحكم
بها أو يحرمها من الخروج..

لكنها تذمرت عندما وجدتهُ قد شارفَ على صعود
المصعدِ بالفعل فهو تحركَ بسرعةٍ كي لا يجعلها تنتظرهُ طويلاً..لقد ظنت أنهُ سيوصلها بسيارتهِ وهذا ما لا تريدهُ تاليا فـهي تريدُ إستنشاق الهواء والسيرِ كثيراً اليوم..

" لكني أريدُ السيرَ جونغكوك..."

" لكِ ذلكَ ياروحه.."

تحدثَ بصوتٍ عالٍ قبل أن يختفي من أمامِ
أنظارها فجلست تاليا في مكانهِ الدافئ حيثُ كان
هو جالساً لساعات وكانت راضيةً..
ما دامت ستسيرُ إذاً لابأسَ إن أوصلها..

شعرت بفضولٍ عندما وجدت الملفَ الذي كان
يعملُ عليهِ طويلاً قربها لـتحملهُ تنوي قرائتهُ
ومعرفةَ القضيةِ التي تشغلُ بالَه..

مضت دقائق قليلة عادَ بها جونغكوك لزوجتهِ
لِـيتحدثَ يُـنبهها..

" هيا بنا يا روحي..."

الجملةُ ذاتُ الوقعِ الدافئ تسللت لأسماعها لترفع
أنظارها لهُ وتومئ لهُ ببهوت..وعقلها لايكفُ عن
خلقِ تلكَ الأفكارِ الكثيرةِ..

لماذا كَـذبَ بشأنِ عملهِ..!؟
هل سفرهم هو السبب..؟
وماذا بشأن أفرادِ العصابةِ الهاربين..
هل هي كِـذبةٌ أيضا..!؟

...................

جونغكوك كان يسيرُ قربَ إمرأتهِ في ذلكَ
الشارعِ الهادئ والخافتَةِ إنارتهُ بقلبٍ إختار
أن يستمتعَ باللحظةِ الحاليةِ ويتركَ الحزنَ قليلاً..
فهذهِ اللحظاتُ لن تُـعوض أو تُـعادَ مجدداً..

أتتهُ فكرةٌ معينةٌ فإبتسمَ لها بخفوتٍ ونفذها فوراً
جاعلاً خطواتِهِ تتباطئ قليلاً..

هو أرادَ لـزوجتهِ أن تتقدمهُ..لقد أرادَ أن يتأملها
ويتأملَ هـيئتها الضيئلة مقارنةً بهِ..

وفعلاً زوجتهُ تقدمتهُ بعضَ الخطواتِ فَـ لَـمعت
سوداويتاهُ المُـرهقة بحـبٍ..

هو ينسى أحياناً فرقَ السنِ الكبيرِ بينهما نوعاً ما..
روحــهُ لازالت صغيرةً في أنظارهِ..

وروحهُ الصغيرةُ التي يتأملها إلتفتت لهُ فجأةً
بملامحَ غيرَ راضية..

" جونغكوك لاتـسر خلفي..تعال جَـنبي.."

تذمرت فتوسعت إبتسامتهُ المنكسرةُ وتعالت تلكَ
الأسئلةُ المؤلمةُ في عقلهِ...

إن كانت زوجتهُ تُـحبهُ لماذا ستتركهُ..!؟
هل هو حُـتمَ عليهِ أن لايحظى بمسامحتها..

إبتلع غصتهُ وتقدمَ يسيرُ جنبها كما أرادت..
لقد رأى ملامحها التي أصبحت راضيةً ومسترخية..
لقد شعر بها إطمئنت..فَـبَـهتت ملامحهُ...

خوفهُ كلهُ أن تكون قد إتخذت قرارها بنفسٍ راضيةٍ..
هل هي قررت أن تكون علاقتهما علاقةَ طليقينِ
وديةٍ لايكرهان بعضهما لأجل الأطفال..؟!!!!

أهي لذلك تعاملهُ بلطف..؟!!!
إذاً هي لاتحبهُ محبةَ زوجٍ وشريكِ حياة...!

هل دخلا هذهِ المرحلةَ فعلاً...
هو خائف...لايريدُ هذا....إنهُ أمرٌ مُـرعب...

هل جنتهُ ستعاملهُ كـصديق...؟!!!

لا...لن يقدر...هو سيفضلُ الموت...
لن يتحمل...علاقتهُ مع روحهِ
علاقةُ حبٍ لا صداقة...

لقد إمتلئت عيونهُ بالدموع...
هو الأضعفُ والأكثرُ تأثراً وتعلقاً في هذهِ
العلاقة..

لكنهُ معَ ذلكَ رفعَ يدهُ وتظاهر أنهُ يعبثُ بشعرهِ
لينزلَها سريعاً ويمحي تلكَ الدموع بعنفٍ وقوة..

هو ليسَ إبناً جيداً وباتَ الآن متأكداً أنهُ
لايصلحُ أن يكون زوجاً مهما تغير..!
لقد كُـسِر...

وصلوا للشارعِ العامِ حيثُ الإضاءةُ الساطعة
والضوضاءُ العالية والناسُ الكثيرة..

جونغكوك أخرجَ هاتفهُ يُـناظِرُ الساعةَ يتأكدُ
من الوقت فَـوجد الساعة باتت في التاسعةِ
إلا عشرَ دقائق..

إلتفت لزوجتهِ يسألها بنبرةٍ خافتةٍ فالغصةُ
لازالت في صدرهِ لإدراكهِ تلكَ الأمور..

" أيمكنني أن أرافقكما...سأكونُ بعيداً
عن أنظاركما..لكن أرجوكِ فقط لِـيطمئن قلبي
فلا زلتُ أشعرُ أن الخطرَ يحومُ حولكِ.."

" جونغكوك..!"

" إن رفضتي على الأقل دعي تايهيونغ يرافقكما..
أرجوكِ ياروحي.."

" جونغكوك..!!!!"

تاليا إقتربت منهُ بل إلتصقت بهِ وأمسكت
سترتهُ تشدُ عليها..لكن أنظارها لم تكن عليهِ..
أنظارها منذُ بدايةِ كلامهِ لم تكن عليهِ...

بل على ذلكَ الرجلِ غريبِ المظهر الذي كانَ يُـناظرهما بطريقةٍ غريبة في الطرفِ الآخر من الشارع..!!!

جونغكوك وقعت أنظارهُ على ما تنظرُ لهُ
زوجتهُ لِـيُوسع عينيهِ ويَـمدَ يدهُ لخصرهِ بسرعةٍ
يُـخرجُ منهُ سلاحهُ..!!!

لكنَ مَـن كانَ يقابلهما أخرجَ سلاحهُ أيضاً ووجههُ
ناحيتهما دون تردد جاعلاً جونغكوك يصرخُ بعلوٍ
ويُمسكَ جسدَ زوجتهُ كي يجعلها تقفُ خلفهُ فهولاءُ
الأغبياء اللذين غدرَ بهم رئيسهم يظنون أن جيون
هو السبب بإبادتهم لا كِـين الذي تعمد جعلهم طعماً
كي يهرب هو...ولذلكَ جونغكوك كان متأكداً أنهم
إنتحاريون ولن يترددوا فلاشيء يخسرونه خصوصاً
وأنهم قِـلةٌ لايتجاوزُ عددهم أصابعَ اليدين..لقد نذروا
حياتهم ليكملوا تنفيذَ الخطة..!

وهدفهم الأولُ هو زوجتهُ كي
يُـحرقوا قلبهُ عليها...!!!!

سحبَ زوجتهُ بثوانٍ فقط يريدها أن تحتمي
بجسدهِ وصرخَ بهلعٍ خائفاً..

" تـاليا إنبـطي أرضـ....آااااااه"
مـلئت الدماءُ أرضَ الرصيفِ بغزارة...
رصاصتانِ وليست واحدةً إستقرت بِـجسدِ
إبن السادسةِ والثلاثين.. تاليا صرخت بهستريةٍ تضمُ جَـسدَ زوجها الذي وقعَ أرضاً،لقد إختفى صوته وسكن أنينهُ..
ولَـربما هذهِ أمنيةٌ أيامهُ الفائتةِ قد تحققت..!
ولَـربما هذا حلمُ تاليا الذي كُـتِبَ لهُ أن يتحقق..!


------------------------------------------------♥️

ذُكِـرَ هذا الشيء في خاتمةِ بارت 59..

# وسـأعيدهُ مرةً ثالثةً أخيرةً في بارتٍ أنا أُعدُ لهُ
وأحسبُ حسابه..وهذا هو البارتُ المقصود...
بـارت أربعة ثم سِـتة...بارت 64..

لن يُـطرحَ هذا السؤالُ مرةً أخرى..لِذا وإلى
مَـن يرى كلماتي هذهِ ويقرأُ روايةَ لكنك وعدتني
ووصل لهذهِ النقطةِ المُـتقدمةِ فيها...أجبني...
هل يستحقُ جيون جونغكوك إبنُ السادسةِ والثلاثين
فرصةً جديدة..!؟ أم يستحقُ الهجر..؟!

___________________

إضافةً وتوضيح..
قبل لا أفهمكم القصة تعالوا تخيلوا معي..
إنتو تحبون شي معين..شي غالي جداً على قلبكم..
شي حرفياً لو فقدتوا راح تفقدوا أنفسكم معاه..

تخيلتوا هذا الشي..؟!

أريدكم هسة تتخيلون أنفسكم بمكان فارغ
جالسين وحدكم وهذا الشي الثمين إختفى
من حياتكم...!!!!

هذا الشي الثمين ممكن يكون طفل..اب..ام..صحة..
مُـعدل معين...حبيب معين.. الى آخره...أي شيء يخطر في بالكم وتحسوه ثمين وحياتكم بدونه ناقصة..
( لاتتخيلوا شخص عزيز مُتوفى..)

إنتو فاقدين هذا الشي وجالسين بحالكم بفراغ لكن فِـي سِـتارة خلفكم ظهرت فجأةً وهذا الشي الثمين بالنسبة إلكم موجود وراها..!!!

لكن إتمهلوا شوي...لاتركضوا...
هذا الشي الثمين مو من نصيبكم..
إنتو فقط راح تشوفوا وتنظروا له بحسرة...
لـحتى تقارنوا حياتكم معهُ وبدونه...!

هذا الشي الثمين ظهر خلفَ الستارة
بس لَـحتى يروجيكم بؤسكم بدونه..

والحين يجي دور السؤال الأهم..
هل راح تناظروه بحسرة..؟!
لو تختاروا ما تشوفوه أصلاً لحتى ما تنقهروا..؟!

جـونغكوك في البارت هذا كان بمكانكم برضو..
وهو إختار الإختيار الثاني...لذلك تصرفاته كانت
غريبة..✨

رجعوا إقرؤا التخيل...إفهموه...وطبقوه
على جونغكوك راح تنصدموا يوم تلاقوا
أنفسكم قدرتوا تحللوا تصرفاتهُ وتفهموها كلها..

هو ما إختار الإختيار الأول إلا باللحظة
الي طلعوا يمشون فيها..!

___________________

دمتم بخيرٍ وألفٍ منهُ أعزائي..
كانت معكم مُحَدِثَتكم ...ڪآمـيني ...♥️✨

Continue Reading

You'll Also Like

23.5K 3.5K 12
" أُرِيدُ قهوةً داكِـنه دونَ سُكر و معَ حلى يُسمـى أنـتِي " النرجسية : إفتتانِ المرءِ بذاته وإعجابِه بنفسِه دونَ سِواه رواية كوميدية رومنسية لطيفة م...
658 202 10
لعينيك سامحتُ هذا الزمانَ وكنتُ عليه طويلَ العتبْ غريبٌ على الدهرِ حُسنكِ هذا فُديتِ ولا حُسن إلا اغتربْ وما عادةُ البخيلِ العطاءُ وما عادةُ الكريم...
362K 8.3K 35
لو إلتقينا في عالم آخر لوقعت.. لغرقت وتهت في حبك ولكن ولدنا هنا في عالم انتِ القاتلة وانا السجان واه من حرقة الإنتقام ولهيبها تهنا معًا في هذا الظلام...
157K 845 2
ليس كل ما نراه في المسلسلات والروايات يحدث على ارض الواقع. " أحبكِ " " هذا مبتذل " . . . ريوتا. ايلينا. [تم حذفها دون عودة] [يمكنك قراءة الجزء الا...