حياة بعد التحديث (كامله) لـ خ...

By vbnjhhgbhhv

59.5K 3.7K 643

اسم الروايه حياة بعد التحديث الجزء 2 من "روايه بدون ضمان" تكمله لباقي الاحداث قصه فريدة و مهرة و ليان تابعون... More

مقدمة "تنوية"
اقتباس (1)
اقتباس (2)
اقتباس (3)
اقتباس (4)
تم تنزيل الفصل الأول علي المدونه
صور الأبطال الأساسية
الفصل الأول "الجزء" (1)
هام بخصوص الروايه.
الفصل الأول "الجزء" (2)
الفصل الثاني "الجزء" (1)
الفصل الثاني "الجزء" (2)
الفصل الثالث "الجزء" (1)
الفصل الثالث "الجزء" (2)
الفصل الرابع "الجزء" (1)
الفصل الرابع "الجزء" (2)
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع "الجزء" (1)
الفصل السابع "الجزء" (2)
الفصل الثامن "الجزء" (1)
الفصل الثامن "الجزء" (2)
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثانيه عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر "الجزء" (1)
الفصل السابع عشر "الجزء" (2)
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون "الجزء" (1)
الفصل العشرون "الجزء" (2)
الفصل الواحد والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الواحد والعشرين "الجزء" (٢)
الفصل الثاني والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الثاني والعشرين "الجزء" (٢)
الفصل الثالث والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الثالث والعشرين "الجزء" (2)
الأخيـرة الجزء (1)
الأخيـرة الجزء (2)
الـخـاتمـة الجزء (1)
الـخـاتمـة الجزء (2)
روايه قابل للكتمان

الفصل الرابع عشر

1.2K 92 7
By vbnjhhgbhhv

فصل بتاريخ : 2/11/2023

#روايه_حياة_بعد التحديث الجزء الثاني
من روايه "بدون ضمان"

⁦✍️⁩#بقلم_خديجه_السيد

الفصل الرابع عشر
_________________

عادت تسنيم الى المنزل وظلت بانتظار سالم و
مرت ساعات عديدة حتى اقترب طلوع الفجر وهي جالسه الي أن شعرت بخطواته يدلف من المنزل بمفرده! وذلك جعلها تشعر بالقلق أكثر عندما لم تجد ليلى معه، لكن الأمر لم يكن خطير كما توقعت فحتى الطبيب كتب خروج لها اليوم واخبارهم بأن حالتها ليست سيئه لهذه الدرجه وقد تناولت القليل من اللوز، لكن سالم لم يقتنع فهي ظلت تتألم كثيراً أمامه حتي فقدت الوعي وكانت حالتها توحي الى الخطر الشديد، لتتسائل زوجته باهتمام

= سالم ممكن اتكلم معاك

تجاهل سالم حديثها واكمل خطواته الي أن مر
جانبها فأسرعت بالالتفاف إليه لتقف أمامه واضافت بإنهاك

= سالم انت ليه بتحملني ذنب اللي حصل
لي ليلي.. انا عملت ايه قولي؟ اوعى تكون مصدق ان انا فعلا حطيت لوز في الأكل قاصده عشان ااذيها؟ طب انا هعمل كده ليه وايه اللي هستفاده! انا سبق وقلت لك انا مش بكرهها ولا عاوزه اذيها .

التمعت عيناه بغضب، صر على أسنانه هاتف بحنق بائن

= عايزه ايه مني يا تسنيم ردي...

وقفت محدقه فيه بنظراته المشتعلة متسائلة بتوجس

= عايزك ترد عليا؟ وتقول لي انك مصدق ان انا ممكن اعمل كده فعلا .. والله العظيم ما بكدب انا من ساعه ما رجعت من بره وانا عماله احاول افتكر ومتاكده أن أنا ما حطيتش زي ما انتوا نبهتوا عليا كلكم بس ما اعرفش وصل للاكل ازاي؟ وحتى لو اتحط أكيد نسيت انا مش عاوزه اذيها .

رمقها بنظرات قاسية قبل أن يرد هاتفًا بعتاب

= غصب عنك ونسيتي! آه انتٍ عارفه عشان نسيانك ده لو فعلا صح، بنتي كان هيجريلها ايه النهارده بسببك؟ و انتٍ شايفه الموضوع عادي وايه يعني أنك نسيتي دي حياه بنتي اللي انتٍ مستهونه بيها دي ومش فارقه معاكي، بس صحيح هي هتفرق معاكي في ايه هي بنتك؟ ولا انتٍ عندك أولاد عشان تحسي باللي أنا حسيته النهارده

اتسعت عيناها متألمة من قسوته معها وقد ظهر شحوبًا وجهها، تنهدت بمرارة زافرة عن صدرها همًا أخرًا يطبق على روحها، وهو لم يشعر بها مطلقاً وبما تعاني! هتفت قائلة بخفوت حزين

= انا اكيد ما قصدتش كده انا والله زعلت عليها النهارده وقلبي كان واجعني عليها وخفت أوي، بس انا بحاول اوصل لك ان انا لو نسيت حتى فالموضوع اكيد هيكون حصل غصب عني وانا مش في نيتي حاجه وحشه

هتف الآخر قائلاً بجدية

= ليلى خرجت النهارده من المستشفى الحمد لله، بس جدتها رفضت انها ترجع معايا قالت لي بيتك ما بقاش أمان ليها.. وليلي ما اعترضتش وراحت معاها شكلها هي كمان واصل لها نفس الإحساس أنها ما بقتش تحس بالأمان هنا في بيت أبوها .

نظرت تسنيم له لحظات حرجه، وهو لم يشعر بنفسه إلا وهو يقبض على كتفي تسنيم بقوه يصرخ بجنون

= انا النهارده عرفت اني ضيعت عمري هدر...
عشان لأول مره في حياتي اكتشف اني كنت حاسبها غلط.. یا خساره يا تسنيم .. يا خسارة .

سقطت الكلمه كالنخجر فوق قلبها، وهبطت دموع تسنيم فنفضها من بين ذراعيه بحده! كفكفت تسنيم عبراتها محاوله شرحها للحقيقة المريرة، والتي لم يقبلها وتشنجت نبرتها وهي تجيبه

= انا عذراك رغم غضبك مش في محاله، بس عشان انا عارفه يعني ايه وجع الإبن ! حتى لو ربنا لسه ما زقنيش بيهم .

بدأ سالم غير مكترث بما يظهره نحوها من مشاعر بغض، ثم تابعت قائلة بثبات متعمدة إثارة شكوكه

= ومصممه أن أنا ما اذيتهاش ومتاكده كمان أن ما حطتش في الأكل حاجه ذي كده وانا عارفه انها هتضرها.. وعارفه هتقول لي زي حماتك يعني هو اتحط لوحده في الأكل وهي مطلعه بنفسها قدامكم.. بس انا متاكده لو قلت لك أن أنا شاكه في ليلي هي اللي حطيته مش هتصدقني كالعاده .

نظر لها عابس الوجه مكفهر الملامح، وهز رأسه ساخراً بعدم تصديق وكالعادة سد أذنيه رافض الإنصات لها، و أصر على رفضه صائحًا بانفعال

= ليلى هي اللي هتحط اللوز في الأكل عشان تؤذي نفسها وتاكله وهي عارفه انه بيضرها؟؟  تسنيم اسكتي لو سمحت عشان انتٍ بقيتي تقولي كلام غريب ما يدخلش الدماغ.. انا جي تعبان وفيا اللي مكفيني ومش شايف قدامي ولا فايق بكلامك ولا أفكارك .. يا ريت تقدري تعبي وتسيبيني في حالي شويه .

نظرت إلي إصابة يدها و رأسها الواضحه، و التي لم يلاحظها مطلقاً منذ أن دخل بسبب توبيخه لها المستمر، أغمضت عينيها مبدية إرهاقها وهي تقول بنبرة مقهورة

= صح باين عليك فعلا تعبان اوي .. ومش مركز مع اللي حواليك ولا انت بتقول ايه؟ تصبح على خير .

بكت بقهر في مكانها بعد أن رحل وتركها بعدم اهتمام، فقد عادت إليها تلك العاده البغيضه منذ الطفوله، حين تتاذى وتكون بحاجه الى شخص ما يبقى بجانبها، ترفض أن تطلب ذلك بنفسها لذلك تجهش بالبكاء كالاطفال .

هي بالفعل كانت بحاجه له في تلك اللحظة اكثر من أي وقت مر عليهما، تحتاج إلى يد حنونة ترتبت على كتفها وتحتويها وتعيد إليها جزء من كرامتها التي هدرت اليوم ويخفف عنها وعن ما عانته اليوم كثيراً، بالإضافة الى رعبها الشديد عندما اصطدمت بسيارتها و كادت أن تنهي علي حياتها ولم تجد أحد معها غير ذلك الغريب!! الذي ساعدها بدلا منه، وكل ذلك مرت به اليوم بمفردها دون أن يلاحظ حتي.

ازدردت تسنيم ريقها بألم واضح، وبعد تلك المهانه التي تعرضت لها اليوم، أخذت تفكر في المسألة من الناحية العقلانية، فرفضه العنيد أن يصدقها ربما يؤدي إلى هلاكه، وبعد لحظات من التفكير المتأني اضطرت مجبرة أن تظل بجانب زوجها ترعاه في موقف صعب كذلك فلم تستطيع أن تتركه وتذهب، فهو أيضاً يمر بضغط عصبي بسبب خوفه على أبنته.

❈-❈-❈

لاحقًا، اختفى ضيقها منها مع استحواذ حماسها المتقد لايامها المرتقبة على كامل تفكيرها، أحبت تودده إليها وهو ينهال عليها بالقبلات الشغوفة، ويغدقها بأحضان دافئة تثير فيها الرغبات لتذوق المزيد معه، سعادة رهيب فجأة استشعرت بها مع قوتها وأحلامها الوردية فلم تفيق على واقعها المرير بعد الآن.....

كان حلمها غريب وأصبح واقعها الجميل
لم يغمض لليان جفن وظلت مستيقظة طوال الليل لتتأكد أنها باتت بين أحضانه وتغفو! لم تغب البسمة عن محياها، سحبها معه نحو أنهر العشق التي يجيد فنونها ببراعة واستجابت هي لتيار حبه الجارف مستسلمة لأمواجه المتدفقة فتنعمت معه بأحاسيس كانت لم تختبرها من قبل، لكن الآن تغيرت وحلقت معه في عنان السماء مستنشقة أكسيد الغرام الذي حفز حواسها بالكامل لتغدو تحت سيطرة العشق العميق..لقد تخطت تلك اللحظات الموجعه لتشعر بشاعرية مضاعفة فعليًا بين أحضانه، فقد أصبح للحب عنوانًا يخلد بداخلها أسماء العاشقين.

احنى رأسه عليها يقبل وجنتيها بعمق، فلانت نبرته إلى حد عندما قال لها بتنهيدة متشوقة

= مبسوطه معايا يا ليان

تململت متأثرة من صوته الهامس الحنون فابتسمت بشغف وهي ترفع نظرها له وأجابت قائله بحب

= طبعاً مبسوطة طول ما أنت معايا، بتحبني قد إيه يا أيمن؟

تنهد بصدرٍ يخفق بقوةٍ، وهو يتطلع إليها  بنظراته الوالهة قبل أن يجيبها

= مش عارف! بس كل اللي عارفه اني لو فاضل في عمري دقيقه واحده هختار اعيشها معاكي، وانتٍ حبيتيني ليه؟ مش هسالك قد ايه عشان ممكن تقولي نفس الاجابه أو محدش بيعرف يوصف حجم حبه للتاني قد ايه .

خفق قلبها في سعادة، استدارت ناظرة إليه، وتساؤلات حائرة تنطلق من نظراتها قبل لسانها
عندما أجابت

= أنا حبيتك عشان لقيت فيك عمري اللي اتحرمت منه عمري كله، و قلبك اللي حبني وحبيته.. وحسسني أنك قادر تسامح الدنيا دي كلها، عشان سامحت ضعفي وخوفي وقِلة حيلتي، حاسه كمان حبك ده اللي بيقويني دلوقتي.. اوعى تفكر تبعد عني تاني يا أيمن وأنا قصدي البعد هنا! وانت معايا في بيت واحد فاهمني .

حاوطها من جديد وألصقها بصدره، ليمنحها حرارته وجاب بيديه على جسدها، يحفز خلاياه على استعادة سخونته، وما إن استكانت قليلاً في أحضانه، حتى مال على أذنها ليهمس لها بعهود الحب

= احنا هنبدا من أول وجديد صفحة جديدة من اول السطر زي ما بيقولوا، و كأني أعرفك أول مرة، هتكوني عندي اهم من الشغل و المنصب الجديد والفلوس.. هتكوني شغلي الشاغل واللي بتحلمي بيه هتلاقيه متحقق وانا واثق في ربنا وفيكي انك اتغيرتي وعاوزكٍ تثقي ان انا كمان اتغيرت واني هعوضك بالخير والسعاده .

لتنظر نحو عينيه بعينيها الزرقاء الناعسة، و تشعر بخفقان قلبها وهي تضع يدها برفق على وجنته تلمس بأصابعها الناعمة بشرته بشغف عارم يشعر به قلبها فتشعر بخشونة ذقنه النابتة قليلًا، وقوة تقاسيم وجهه أكثر! لمعت زرقة الأمواج المتتابعة في حدقتي وزادت من البريق المغري فيهما، بدا الإعجاب واضحًا على تقاسيمها، حين إبتسم لها إبتسامة عذوبة وتابع بحب جارف

= بحبك يا ليان!

نامت ليان في أحضانه بعمق ربما لكونها تشعر بالسكينة معه وربما لأن الإرهاق قد تملك منها لكن الأكيد أنها لم تعد تخشي إياه بل تخشي بعده! ضمها إليه محاوطًا إياها بذراعه رافضًا السماح لها بالابتعاد عنه، أعاد إسناد رأسه للخلف مغمضًا عينيه ليستسلم لخدر النوم الذي بدأ يتسلل إلى جفنيه.

❈-❈-❈

بعد الغداء كان يجلس بدر أمام التلفاز يشاهد مبارة كرة القدم ما بين فريقين كلاهما يتميز بالشهرة، يصب كامل تركيزه علي اللعب، بينما زوجته كانت تجلس جانبه تتصفح الأنترنت علي هاتفها بروح شارده وحزينه! فقد اخبرتها سماح بزياره شقيقتها وأمها الي الدار واخبرتها ايضا عن مرض والدها ومن حينها وهي لا تعرف ماذا تفعل؟؟ كافحت بغصة عالقة في حلقها لتكبح تلك الدمعة المتسللة إليها، لتظهر واضحه بملامح باهتة، وواجمة، ثم أفاقت فجاه علي صوته وهو يقول بتعجب

= ايه يا فريده مالك عمال انده عليكي مش سامعاني، وسرحانه في ايه انتٍ كويسه..شكلك مش مطمني انتٍ كده من اول ما رجعت من الشغل .

هزت رأسها بالنفي و أجابت بمروغه

= لا أبدا ما فيش حاجه، كنت عاوز ايه .

تهربها لتغير الموضوع جعلته يشك أكثر، أشار لها بأن تتمهل قائلاً

= طب مش عاوزه تحكيلي حاجه ؟.

هزت رأسها يميناً و يساراً برفض لكنه أصر على المعرفة، لذلك تنهدت بقوه قائلة بفتور

= سماح صاحبتي كلمتني وقالتلي ان بابا تعبان شويه وانا مش عارفه اعمل ايه .

تفهم الأمر هنا فاضطرب أن يكبت فضوله مؤقتًا، فرد دون أن يستغرق أي لحظة في التفكير

= فريدة عاوز أسألك سؤال بصراحه كده ما فكرتيش تسامحي اهلك وتديهم فرصه ثانيه ولا حتى بيوحشوكي ؟

لم تتحمل الصمود أمامه، أنها تظل هكذا دون أن تبكي أو تحزن علي والدها أو تتصنع القوة فهي تكره أن يري أحداً عبراتها، أجابت بصوت متحشرج

=بحاول.. بحاول والله طول الوقت، وده اللي ناس كتير مش قادره تستوعبه ولا تحس باللي جوايا .. بس صعب أوي ؟

رد الآخر بتوجسٍ محسوس في صوته

= صعب لدرجه انك تسمعي أن والدك تعبان وما تقدريش تشوفيه .. شايله منهم اوي كده

أبتلعت فريدة غُصتها المريرة كالعلقم وهي تجيب بمرارة

= آه بصراحة ايوه صعب ومش قادرة.. انا مش عايزة أقول أنا مسامحة هبقى كدابة، فمش عايزة أقول كلام أنا مش قده أو مش حساه.. مش عايزة أكدب علي نفسي.. و مش عايزة أكدب عليك ولا عليهم .

رمقته بقهر و الدموع حبيسة داخل عيناها وهمست في أنفاس متقطعة

= الناس بتعاملني لحد اللحظة اللي أنا قاعدة فيها قدامك على اني بنت عاق! رغم انهم بيكون عارفين ايه اللي حصل، بيعاملوني على أساسه.. الموضوع ما خلصش يا بدر لسه.. هم رسموا صورة معينة عني في خيال بعض الناس ولسه بيعاملوني على أساسها و في ناس بتستغلها ضدي كمان.. حتى لما بحاول ادافع عن نفسي مش بقدر !

اختنقت العبرات في عينيها، وبدت عاجزة عن الاحتفاظ بهم وهي تكمل من بين بكائها المرير

=و زهقت من طول ما انا ببرر.. و مش هدافع عن نفسي تاني مش هخش المواجهة دي، الصورة المشـوهة جوايا دي أنا مش هصلحها مش هصلح فيها حاجة لأن ده كتير عليا أوي مش هعرف أعمل كده و أنا واخدة القرار ده من زمان.. أنا مش عاوزه افتح القديم و لا  ألوم، ولا أعاتب.. هو بقي خلاص قدر مكتوب عليا وأنا مستسلمة مش هعرف اغيره.. و رغم كل ده عارفه أن ما فيش حاجه تعوض الأهل .

التهبت عيناها بعبراتها الحارقة بينما شعر هو بالضيق لأجلها وهو يري الحزن الظاهر في  نبرتها مع نظراتها نحوه محتجًا على خذلانها البائس، اجتاحتها رعشة موترة تكاد تقضي على حياتها وهمست تدمدم و توضح كل مخاوفها بطريقة واضحة

= خليني احسن اشوف النعم التاني في حياتي عوضتني عن الظـلـم ده، أنا ربنا عوضني بما فيه الكفاية وبيعوضني كل يوم عشان كده أنا راضية.. بس انا عيشت ايام صعبة و عيشت في اكتئاب كتير مش هنكر ده كله.. بس ياريت لما ياجوا يطلبوا أسامح يفتكروا هما ده ؟.. عشان كده بقولك ابقى كدابه لو قولتلك قادرة أعمل كده أنا مش قوية أوي للدرجة دي .

أمسك بيدها و قام بتقبيل باطن كفها، ثم مسح دموع الحزينه التي ملئت عينيها؛ و نظرت إليه بإستفهام فأردف مُبتسماً بدعم

= لا انتٍ قويه وشجاعه يا فريده وهتقدري على كل ده صدقيني عشان انا ما شفتش في حياتي بنت قويه ذيك..

تحرك أكثر يجلس بجانبها ليحتوي ظهرها ويضمها إليه بذراعيه وهي لم تعترض بل استسلمت الى لمساته لأنها كانت بحاجه إليه بقوه، فقد أحست بقوته على جسدها الواهن، لم تتحرج من البكاء في حضوره، وزاد نحيبها مع قوله الصريح

= والتسامح برده قوه! وانك بتحاولي ومش بتقدري دي برده قوه! وانك قدرتي تواجهي كل المشاكل دي في حياتك ولوحدك برده قوه! فما تجيش تقولي على نفسك مش قويه خالص عشان انا شايف حاجه قدامي تاني .

لم تكن تريد أن يري عبراتها أو رجفة جسدها بسبب انتهاك رغماً عنها مزال اثاروا موجوده لم تزال بعد، لكنها أبتسمت من بين عبراتها، و لأول مرة لم تندم انها كشفت عما بداخلها؟ كانت غير مصدقة! أخيراً وجدت يد حانية بدلاً من يد غليظة تظلمها فلم تجد منهم سوي بطش و ظلم لها فقط.

تجولت يده صعودًا وهبوطًا على ظهرها لتدلكه، وهو يتابع بنبرة مشوقة

= تيجي نخرج احنا والبنات، يلا قومي غيري هدومك بلاش نكد ده حتى فال وحش واحنا لسه عرسان جداد .

هزت رأسها بانصياعٍ دون كلام، ثم أحنى رأسه عليها هامسًا لها بما يشبه التحذير

= تلبسي فستان واسع و محترم و ممنوع تحطي نقطة مكياچ في وشك يا إما كده يا إما مفيش خروج.

عادت البسمة لتنير شفتيها ثم بلعت ريقها، وحادثته بترقبٍ

= وده ليه تكونش بتغير عليا وانا مش واخده بالي؟

مسح بيده بقايا دمعاتها من على وجنتيها، ورد بإعجابٍ غير مزيف

- اه طبعاً، هو أنا ليا مين غيرك أغير عليه!، هو انتٍ مش مراتي وملكي وست جميله ولا ايه؟

ابتسمت في رقةٍ لدعمه، وها هي حياتها قد تبدلت من الحزن والبؤس إلي السعادة و الفرح، فكلما أخبرها و وعدها بشئ يفعل! حتى انه يبذل كل جهده ليعوضها عما فات، بينما هي الأخرى لم تبخل على بناته تعطيهم كل اهتمامها وحبها فهم كانوا مصدر عوضها بتلك الحياه البائسه! وبعد ذلك أخذها إلي إحدي مجمعات التجارية فقال لها

= تعالي نقي اللي نفسك فيه ومحتاجاه ذي البنات، عاوزه هدوم خروج ولا شنط ولا جذم أي حاجة أنتٍ عايزاها قولي .

رفعت وجهها لتنظر إليه لتبتلع ريقها بحرج ثم أخبرته قائله

= لا مش محتاجه، أنا عندي هدوم خروج كتير كنت جايباها قبل الجواز.. وبعدين كفايه كده انت دفعت كتير في لبس البنات وغير المطعم اللي دخلناه شكله كان غالي .

أسبل بدر عينيه نحوها، ومنحها نظرة متقدة قبل أن يتحدث بجدية

= و أيه يعني جيبي تاني وتالت و كل اللي نفسك فيه هاتيه، هيجرى لهم ايه لما يتحطوا في الدولاب مع غيرهم؟ ولا انتٍ عاوزه توفري لي وخلاص! ما تشليش هم أي حاجة أنا الحمدلله ربنا موسعها عليا فهستخسر فيكم ليه يعني.

نظرت إليه ولم تعرف بماذا تجيب من فرط السعادة التي تشعر بها نتيجه اهتمامه بأدق التفاصيل بالإضافة إلى معاملته الحنونه معها، ودت أن تقفز كالطفلة.. فأخيراً لقد وجدت العوض وعاشت الحياه الزوجيه الحقيقيه مع رجل حقيقي! وليس أشباه الرجال، فبدر حقا رجلاً! لم يفرض نفسه عليها بيوم ولم يجبرها على شيء ضد رغبتها كما وعدها، رغم أنهم ينامون فوق فراش واحد يجمعهم سوا لكن ما زال محتفظ بوعده لها، لم يقترب منها إلا بارادتها التامه، فهكذا يكون الزواج بحق وهذا هو الراجل الصالح.

❈-❈-❈

مرت ساعات طويلة و مهرة بداخل الغرفة حبيسه ترفض الخروج حتى يعود الخدم من الخارج أولا، لكن مرت ساعات طويله ولم يعودوا وبدأت هي الأخري تشعر بالجوع !.

فتحت باب غرفتها وهبطت الى الأسفل بتردد
وهي تفكر أن تذهب الى المطبخ تبحث عن اي شيء تتناوله لسد جوعها، فلم تستطيع التحمل أكثر من ذلك، لقد مرت فترة طويله على وجباتها الأولى منذ الصباح ولم تتناول غيرها
فبالتاكيد ستشعر بالجوع، نفخت بضيق شديد وهي تتحدث بصوت غير مسموع

= يعني كان لازم ماما تخرج النهارده وتسيبني لوحدي في نفس اليوم اللي الخدم كلهم يسيبوا البيت برده، ده ايه الحظ ده .. اعمل ايه دلوقتي انا جعت اوي .

تسللت بخطوات بسيطة وهي تنظر في أرجاء الفيلا وعندما ألتفتت خلفها وجدت عيون تحدق بها فأسرعت تبعد خطوه للخلف بذعر 
ثم دققت النظر في لتجد رسلان يقف أمامها وكأنه شبح ينظر لها بإبتسامة عريضة، لتوبخ نفسها علي ما حدث وانها غبيه ومن أول يوم اثبتت ذلك لنفسها بأنها كتله من الغباء فأسرعت تتحدث بارتباك ملحوظ

= يا ربي، اخفتني لما ظهرت هكذا فجاه.

عقد حاجبيه بمكر و رد باقتضاب غامض

= ما الأمر؟ أيتها السنفوره الغاضبة من يزعجكٍ؟!.

اغتاظت مهرة من تلك الألقاب التي يخترعها  لها دوماً، فصاحت معنفة إياه بحدة

= هل ستتوقف عن مناداتي بالقزمه وتناديني بالسنافر! أوقف هذه الأسماء السخيفة التي تناديني بها، اسمي مهرة، ما مدى صعوبة نطقه؟

رد مازحًا وهو يحاول كتم ضحكاته

= لا يوجد صعوبه لكن لما افوت فرصه اغضابك وهي تشعرني بالتسليه.. المهم الان ما الذي كنتي تفعلي هنا وجعلك غاضبة؟ لقد رايتك تتحدثي مع نفسك لكن باللغه لم افهمها .

نظرت له بغضب لتنخفض نبرة صوته دون إرادة وهو يقول بانتصار

= ممم حسنا فهمت السنفور الصغير جائع لذلك تكرم وخرج من غرفته حتى يأكل؟؟ أليس كذلك؟ قولي الحقيقه لقد فات ساعات طويله ولم ناكل شيئا بالتاكيد ستشعرين بالجوع

نظرت نحوه بضيق شديد متسائلة بارتباك وإحراج

= نعم صحيح أنا جائعه هل ارتحت الآن، ما الذي نستطيع صنعه في ذلك المنزل لناكله.

صمت رسلان وكأنه يفكر ثم تحدث هاتفًا بصوت متنمر ماكر 

= وجدتها، نأكل قصيرات القامة؟

هزت رأسها بنفاذ صبر، و صاحت فيه باهتياج واضح

= يا إلهي، سيبدأ من جديد. متى ستتوقف هذه الثرثرة؟ أنا أتحدث بجدية حبا في الله، رأسي لم يعد يتحمل كلامك السخيف هذا. هل أنت متأكد من أن عقلك سليم بما يكفي لتحمل كل هذه الثرثرة؟

نظر لها مطولاً بغموض عده لحظات، ليقول فجاه بعملية زائدة متجهم الوجه

= انا بخير سيدتى ..شكرا على اهتمامك و معكٍ حق قد تجاوزت حدودي بالحديث معك ويجب أن أتوقف

فغرت شفتيها مدهوشة من تحوله المفاجاه دون مقدمات، رمقها بنظرات حادة وهو يضيف بغلظة

= حسنا من اليوم لن اتحدث معك ولم ازعجك واسف على كل ما فعلته سابقاً، واذا وجدتيني قريب منك مجدداً افعلي ما شئتي حتى اذهبي واشتكيني الى أبي بنفسك هذه المره ..

قطبت جبينها بعدم فهم، واضاف هو دون أن يتخلى عن تجهمه

=طالما تريني مزعج ومتطفل لذلك الحد ساظل بعيد عنك ولم اتحدث واذا وجدتك تمرين امامي ساخفض وجهي ولم انظر اليكٍ حتى

اتسعت عيناها بعدم استيعاب وكأنها تحاول فهم ما الذي قالته حتى يغضب بتلك الطريقه لترتسم على وجهها علامات الدهشة متسائلة باستفهام

= سيد رسلان ايمكننى التعرف على سبب تجهمك المفاجئ ؟

عقد ساعديه القويين بلا مبالاة، وأجاب موضحًا بجمود

= عذرا سيدتى احاول ان احافظ على المسافة بيننا حسب اوامرك المسبقة.. فأمرتنى بالصباح بكل تكبر بأن احافظ على المسافة بيننا؟ والآن تريني مزعج! أليس صحيح

حمحمت بحرج فهذا الغضب كله سبب كلمه قالتها دون قصد منها حتى يتوقف عن ازعاجها ولم تقصد احراجه مطلقا، فالأمر حقا لم يكن يستدعي كل هذا منه

= مهلا لم اقصد كل ذلك اهدا لما ضخمت الامور هكذا بشكل مفاجئ، لم انزعج الى هذه الحد، لما أخذت الأمور على محمل الجد.. انسى الامر ولا تشعر بالاحراج بسببي .. انا أسفه .

صمت لحظة قبل أن يبتسم بمكر داخله فهو لم ينزعج منها على الإطلاق بل فعل ذلك متعمد حتى يستغل الأمر وتوافق على صنع الطعام له ثم أردف بتكبر زائف 

=حسنا أقبل بهذا على أن تقومى بتعويضى عن احراجي ذلك .

عقدت هى ساعديها بغيظ، قائله بحنق

= وكيف هذا ؟

رفع ياقة قميصه بغرور مصطنع وقال

= قدمى لى العشاء

اتسعت عيناها بدهشة ليقول بسرعه بهدوء

= واذا لا تعرفي سنتشارك في صنعه أنا وأنتٍ
و سيكون هذا اتفاق جيد .

فكرت بسرعة لا ضرر في هذا فهما سيجلسان هنا ويتناولان الطعام بود بسرعه قبل أن تعود والدتها من الخارج وتراها معه... وبالنهايه لم تستطيع التحمل اكثر من ذلك وهي تشعر بالجوع، وهذا بالفعل اتفاق جيد فعلى الأقل سيعود وجهه مشرقا! مهلا لما مهتمه الى أمره من الأساس، إبتلعت ريقها وهي تقول بنبرة متوترة

= حسنا لا مانع.

اتسعت ابتسامته عكس تجهمه من قبل، وأشار نحو المطبخ قائلا بحماس 

= حسنا هيا خلفي الي المطبخ أيتها القزمه

ابتسمت هى أيضا هذه المرة ولم تتهجم الوجه من لقبه علي غير عادتها، لتحدق هي في خطاه بصمت قبل أن تسير خلفه.. وبعد فتره بدأت في وضع الطعام على الطاولة لتجلس أخيرا .

تناولا الطعام وتبادلا حديثا وديا رغم أنه لا يعلم عنها شئ لكن تصنع عدم الإهتمام، لتتحدث معه بأريحية لكن ما زالت تضع حدود بينهما ولم تتحدث عن اي شيء يخصها، لذلك تحدث هو وبدأ يقص لها عن أحلامه المستقبلية وعلاقته بوالده واصدقائه بالعمل، شعر براحة للحديث معها فكانت هي مستمع جيد! . تناول رسلان الطعام بشهية كبيرة و ابتسمت له وهى تراه مقبلا على الطعام بتلك الصورة.

أبتسم براحة وهو يقول بصوت هادئ

= الطعام لذيذ جدا شكراً لكٍ، مع إنكٍ خدعتيني في البدايه بانك لا تجدي صنع الطعام لكنك ماهره حقا.

ثم أضاف وأردف باعتراف بترقب

= أوه وبالمناسبة، لأكون صادقًا معكٍ لم أكن غاضبًا منك عندما علقتي بأني بكامل قواك العقلية لتحمل كل هذه الثرثرة، لكنني وجدت ذلك فرصه لموافقتك على إحضار الطعام لي.

لم تغضب أو تتفاجئ انما لتضحك بنعومة ورقة

= شكيت بالأمر من الأساس محال .

حرك بكتفيه بطريقه واثقة، لتبدو هامته أكثر شموخًا، كمن استحوذ على ثقه و غرور الدنيا،  ثم قال بلمحة من الغرور

= لم يخلق مخلوق على وجه الأرض يستطيع أن يجعلني اتوقف عن ثرثرتي ومازحي الذي لا مثيل لهم .

هزت رأسها بيأس منه، لترد بنفس الرقه بل وزادتها بسمتها فتنة

= إذًا لا يوجد شيء يمكنني عمله لاوقفك؟

زم فمه للأمام هاتف بغموض واضح

= هناك شيء واحد

زادت ابتسامتها تدريجيًا عاقده حاجبيها باستغراب وقالت بنبرة تدل على الاهتمام

= ما هو؟

صمت عمدًا ليجذب انتباهها، ونجح بسهولة في هذا، فابتسم ابتسامة خبيثة وهو يقول بنبرة ذات مغزى

= لم أستطع جعلك تقعي في حبي!.

حدقت مهرة مباشرة في عينيه، مشدوهة بما يقوله، و هربت الدماء من وجهها لكنها بسرعه فهمت أنه يمزح بالتاكيد كعادته السخيفه،
تورد وجهها من غزله المتواري، فأبعدت نظراتها بعيدًا عنه، وقالت بأنزعاج

= هل تبدأ من جديد؟ نكتة سخيفة منك، لماذا تفعل هذا معي حقًا؟!

رد عليها بحذر دون أن يخفي ابتسامته العذبة

= ماذا فعلت لكٍ توقفي عن تلك الدراما .

أزعجها تصرفه معها بشده، كزت على أسنانها بقوة قائله بتوبيخ

= دراما؟ الم تشعر بانك أحياناً تتجاوز في الامر مع الآخرين.

هز رأسه مستنكرًا تفكيرها السطحي، و أجابها بهدوء عجيب محاولاً تقليدها

= لما أنا حاليا رجل أعمال، ابن تاجر كبرت وأنا أعرف قيمة الشيء وأعرف كيف أتمنها، وأنتٍ امامي جوهرة! جوهرة ثمينة أتمنها، وقد أرسلها الرب لي.. فما المانع في التعبير عما يعجبني .

استدارت مهرة ناحيته لتقول بجدية

= لك مطلق الحرية فى التعبير عن ما تحبه بطريقتك الخاصة ..لكن بشرط.

طالعته بنظرات مزعوجة قبل أن تتابع مضيفه بتنهيدة منهكة

= شرط ألا تتعدى حدودك مع الاخرين ولا تتدخل بحياتى، فأنا أكره المتطفلين

زفر بعمق مظهر تأففه، ثم رد بامتعاض

= انسى ذلك. لم أقصد شيئًا سيئًا، لذا لا تقلقي مني هذه طبيعتي في التعامل مع الآخرين، لكن هناك الكثير ممن يرحبون بذلك إلا أنتٍ ولا أعرف سبب صعوبة الأمر. إنها مجرد مزحة وليس أكثر.

نظرت له بفتور قائلة بهدوء رغم حزنها

= تعلم أتمني أن أكون مثلك غير حساسيه وقوية، ولا احمل هموم الدنيا فوق كتافي

شعرت بأطراف انامله فوق شفتيها يزيل لها
الصوص الذي سقط بخيط رفيع على طرفي
شفتيها عندما كانت تتناول للتو! انصدمت منه، بينما لوي ثغره للجانب ليضحك بتهكم

= لا تنخدعي بالمظاهر مهرة! حتى الجبال  ذاتهم احيانا يسقطوا من كثره الانهيار وعدم التحمل .

كانت المره الأولى التي يناديها باسمها!. أبتعدت برأسها بخجل وتملكها الفضول لتعرف أكثر عنه، خاصة أن كلماته كانت غامضة وتحمل بين طياتها الكثير، لكنها حاولت ان تسيطر على فضولها وقالت بهدوء متوتر

= اعتقد انني يجب ان انهض لاكمل دروسي

نفخ بضيق شديد وقال بملل وهو مسلط أنظاره عليها

= لم أري في حياتي فتاه مثلك تعشق الدراسه لهذا الحد؟ ما بكي يا فتاه قبل سابق كنتي تدرسي الم تملي.. لما لا تهتمي باشياء اخرى غير الدراسه .

ضغطت على شفتيها السفلى بألم وهي تتذكر عندما مزق والدها كتبها ومنعها من الدراسه سابقاً حتى تتزوج، لذلك هي تعرف قيمه ما تفعله جيد ولا تريد ان تضيع الفرصه مجددا، ثم أخرجت تنهيدة عميقة من صدرها و أوضحت له مقصدها بحذر 

= لاني لا أرغب فقط أن أبقى على قيد الحياة، أريد أن أعيش، وهناك فرق بين الإثنين؟

جمد أعينه عليها متابعًا باهتمام ما تبوح به، ثم سحبت نفسًا عميقًا لتضبط به انفعالاتها المتأثرة خاصة بعد أن لمعت عيناها بقوة، فبدت نبرتها مهتزة وهي تقول بدعم لنفسها

= وأنا يوما ما سأكون كما أريد..وسأفخر بنفسي وما صنعته في حياتي .

تنهد ببطء، ثم تحدث هاتفًا بصوت حزين

= حديثك ذلك يذكرني بامي، بالماضي كانت مثلك تعشق الدراسه جدآ هكذا .. حتى انها ظلت تدرس اشياء كثيره بعد أن تزوجت أبي و انجبتني وكانت تساعدني على الدراسه ايضا وتعلمت منها الكثير من الاشياء قبل أن تموت.

انتبهت لصوته الحزين فكانت أول مره ترى ذلك الشخص هكذا عكس شخصيته المرحه  مع الجميع دون هموم، حمحمت قائله بحرجٍ

= رحمه الله عليها .

صمت شاردًا يفكر في فراق والدته، كسا الحزن تعابيره وبدا بائسًا إلى حد كبير بعد استعادته لتلك الأحداث في عقله، نظرت له مهرة  بإشفاق، و إبتلع غصة مريرة عالقة في حلقه قائلاً بآسى

= أمي علمتني كل شي في الحياه إلا؟ كيف اعيش بدونها فأنا لا احتاج في هذه الحياه الآن الا وجودها.

حرصت على عدم إزعاج رسلان حتى يستمر في استرساله الكلمات دون خجل أو تردد!
تنفس بعمق، وأخرج زفيرًا يحمل الكثير من الهموم وهو يضيف

= في ذات يوم صرخت و ناديت على أمي كثيرا من المرات، و عندما لم أسمع صوتها تأكدت أنها فارقت الحياة، في آخر مرة أغمي عليها بها كنت أبكي، أبكي و أناديها فلقد كنت تائها حقا وقتها أصبحت يتيم الأم، وكان حينها لا يغنيني سبب للعيش في هذه الدنيا ولا راحه بهذا بالعالم.. تمنيت أن أموت بعدها فلم يعد لحياتي نكهة.. أنا حزنت على امي لدرجه انني كرهت الحزن والاكتئاب من كثر ما انا عشت بهم وقت طويل.

كانت تنظر إليه نظرة أسي فقد تذكرت والدتها المتوفيه أيضا وحياتها بالسابق، أزعجها بشدة ذكر ذلك المقيت الذي سبب لها الأذية، وحفر في عقلها ذكريات أليمة، بصعوبة واضحة عليها سيطرة على أعصابها، تنحنح بخفوت و وأصل بما يجيش في صدره قائلاً بإبتسامة باهته

= لا يوجد أسهل من الفلسفة، اعتقد لو كنت اريد إختيار الحزن و الاكتئاب وان انطوي على نفسي ولا اتحدث مع الآخرين كنت سافعل.. حتي الضحك كنت ساجد صعوبه في فعله .. ليس كما تريني الآن؟ لكن بالتاكيد احيانا يمر عليا وقت أشعر به بالحزن والضيق الشديد .. لكن لا أحب أن اظهر ذلك .

شعر بحزن ملامحها ولاحظ تساقط دموعها تاثرا من كلماته، ليشعر بالقلق ربما اسرف فى اظهار ألمه حمحم قائلا بصدمه 

= أوه، أيتها القزمه ما بكٍ.. لا تبكي أرجوك

قال بنعومة وهو ينهض من مكانه على الفور ويتجه نحوها، ينخفض على الأرض بجانب أمامها ثم يمسك يدها على الفور من دون أي
تردد، ضغطت مهرة على أصابعها بقوة مستشعرة الحرج الشديد من أنها تحدثت هكذا معه وهي لا تعلم عن اموره الخاصة و لا يستوجب عليها معرفتها، لكن يجب ان تضع في حساباتها كل شخص منا يحمل ماساه داخله ولا يعرفها أحد فقالت بتهذيب وآسف

= أنا آسفة.. لم أقصد البكاء

نظر لها متوجس قائلا بتنهيدة متأثرة

= لا تعتذري انا من يجب يعتذر، أنا لم احكي لكٍ كل ذلك حتى تبكي .

قالت بهمس وهي تحاول الهرب من نظراته، لكنه كان يضغط على يدها بخفة لتعود وتنظر إليه

= لا انا اسفه للغايه كان لا يجب ان اقول شيئا كذلك وانا لا اعرف ما الذي مررت به، لقد تأثرت من حديثك ومن كوني السبب في فتح ذلك الجرح من جديد داخلك.

هز رأسه باعتراض وهمس برجاء

= أخبرتك أن تتوقفي عن البكاء والاعتذار.. لا
يستحق الأمر دموعك، أنا بخير حقاً!

حاول رسلان جعلها تتوقف عن البكاء لتمسح دموعها بظهر يدها بخفة وقالت

= تعلم لم اريد رؤيتك حزيناً بعد الآن حسنا تكلم كثيرا حتى تشعرني بالصداع كما تحب .. لكن لا تدخل في نوبه اكتئاب مره اخرى الحزن شعور سيء للغايه و صعب .

رمقها بنظرات ممتنة على موقفها المتفاهم، وثبت أنظاره على مهرة، واردف غامزًا 

= حسنا لكن تذكري انك من قلتي، لن اصمت بعد الآن .

نظرت مهرة إلى يده التي تعانق خاصتها بينما
يتحرك إبهامه بخفة على بشرتها، ثم إلى عينيه
التي تنتظر أن تنظر إليه! لتجد نفسها لقد تجاوزت الأمر فأسرعت تجذب يديها بسرعه منه ونهضت بإحراج وهمست

= الوقت تأخر يجب ان اذهب للنوم .

نظر لها مطولاً ثم أجابها بإرهاق قليل

= الوقت تاخر بالفعل والامطار توقفت بالخارج، وبالتاكيد العاملين في الطريق الان لياتوا الي هنا.. حسنا تصبحي على خير .

❈-❈-❈

احذروا الملل فهو مصدر كل الخطايا المميتة

كان آسر يتقلب على سريره وعيونه دامعة وهو يتذكر حديث بعض الناس في المنطقة هنا عن زواج فريدة المفاجئ، و خمن أنها بالتأكيد مرتبطة ببدر، الشخص الذي كان يتودد إليها في عملها، هو منذ البداية لاحظ ذلك وواجهها لكنها أنكرت ذلك ببساطه وفي النهاية ذهبت وتزوجته.. بدأ يشعر أنه يريدها بشدة. أراد أن يعود الحب القديم بينهما مرة أخرى؟ يريد تجربة تلك المشاعر معها فقط.

وضع يده على قلبه وهو يتألم فماذا سيفعل ليمحو ذلك الحب من قلبه؟ في الماضي! استمر في السعي للحصول عليها، حتى لو سلك أساليب مختلفة وغير مشروعه، لكنه في النهاية فقدها هي وكل شيء وكاد أن يفقد نفسه أيضًا لولا اعترافها بالقسم وإعطائه فرصة ثانية. كان مذهولاً من أنها فعلت ذلك! لكن هذه فريدة التي أحبها، تزال تمتلك قلب طيب ولا تريد أن تتحمل ذنبه!!

في الخارج، وضعت سميحة الإفطار فوق الطاولة، وجلست شيماء على طاولة الإفطار
صامته وقبل أن تبدأ في تناول الإفطار وجدتها تطلب منها أن تدخل لاخيها تستدعي يأتي يتناول معهم، لكنها رفضت بإصرار! فهي لا تتحدث معه بعد أن قام باختطاف فريدة وعرضها للخطر، وشاركت معه في تلك الجريمة دون علمها، دخلت سميحة إلى غرفة أبنها وأخبرته بابتسامة هادئة أن الإفطار أصبح جاهز بالخارج..فنهض علي الفور متمتما بضيق

= مش عاوز حاجه يا ماما، و لو سمحت سيبيني في حالي.

تركها وانصرف، لتنظر إليه بألم حقيقي، فهي من جنت من حصاد إهمالها وها أتى وقت الصبر وارضائه بعد أن كانت تامره وهو ينفذ دون اعتراض.

❈-❈-❈

تعرقت بشده وهي تتقلب على جانبيها فوق الفراش متخيلة بأن زاهر زوجها السابق يقترب منها بنظراته المخيفة يتوعد لها، تجسد في مخيلتها صورته البغيضة التي اصبحت تكرهها وتوهمت أنه ينهال عليها بالضرب ويكسر عظامها وسط صراخها وتوسلها، لكن لم يتأثر كالعاده! فهو إنسان مريض يستلذ بعذابها والمها وعلى وشك موتها بين لحظة وأخرى.

اجتاح رأسها ألم رهيب فجأة لتتبخر مع وهم أحلامها التعيسة لتخوض بين واقعها المرير وصرخت بقوة وهي تبكي بحرقة وتهز رأسها بطريقة هستريه، وفي ذلك الأثناء أستيقظ رسلان على صوتها ووقف أمام غرفتها متردد بالدخول وهو يستمع صوت صراخها، إبتلع ريقه متوجس قائلاً بقلق

= أيتها القزمه.. مهرة هل انتٍ بخير .

لم تكن تسمع جيدًا، أثر ألمها المميت على مراكز الإبصار لديها فبدت الرؤية مشوشة،  وهي تصارع تلك الكوابيس التي تأتيها دوماً تذكرها بالماضي، وضع رسلان يده فوق مقبض الباب متردد بالدخول إليها أم لأ، لكن وقف مراقبًا صوتها في صمت مقلق، وشغل تفكيره حالتها الغامضة وكلماتها الغير مفهومة التي كانت تهذي بها وسط صرخاتها، تساءل في نفسه بفضول عن الذي يدفع شابة صغيرة مثلها للوصول إلى تلك الحالة السيئة.. أبعد يده عن مقبض الباب وخشي أن يدخل لها وهي نائمه ويرى شئ غير مسموح برؤيته  فبالتاكيد ستكون جالسه بأريحية بغرفتها و الوضع هنا سيكون غير مناسب، لكن لا يعرف ماذا يفعل وهي بتلك الحاله و بمفردها معه! وكيف يساعدها .

بينما في الداخل فتحت عينيها أخيرا بين دموعها المذعورة، اعتدلت فوق الفراش وهي تشهق صارخة وكأنها رأت شبحًا للتو، انتفض رسلان بالخارج فزعًا على إثر صرختها محدقًا في الباب بذهول، وهتف معلل بصوت عالٍ

= مهره اذا تسمعيني افتحي الباب قبل ان ادخل، ما الذي يحدث معكٍ .. هل انتٍ بخير

أخذت تنفس الصعداء بصعوبة بالغة وهي تلتقط أنفاسها الاهثه، ثم نظرت حولها بتعب شديد ونهضت بخطوات بطيئه تجذب حجابها  وخرجت الى الخارج له، انتظر فتحها للباب على أحر من الجمر وعقله مشتت بين أفكار سوداء، فتحت الباب لتشهق بصدمة وهى ترى رسلان يقف أمامها وأسرع قائلا بقلق شديد

= ما الذي كان يحدث معكٍ؟ لما كنتي تصرخي بتلك الطريقه، خفت كثيراً ولم اعرف ماذا يجب ان افعل لكٍ .

لم تستطع إخفاء تلك الحمرة التي تصبغ حدقتيها، ولا وجهها الشاحب، ثم نظرت له مهرة بضيق متسائلة بجمود

= ماذا؟! ماذا تريد مني!؟ الا تستطيع التوقف
عن ازعاجي أحاول النوم بصعوبه بسببك!؟"

حدق فيها متفرسًا إياها بنظرة شمولية وهو يسألها بتهكم غاضب

= حقا انا من يجب ان اقول لكٍ ذلك؟ استيقظت للتو على صوت صراخك ما بكٍ

أبتلعت لعابها بتوجس مزعوج، وسلط أنظاره عليها متابعًا عدم اكتراثها بحالتها النفسية التي تستعر حتى بلغت أشدها أمامه، وهدر بعصبية بائنة ملوحًا بذراعه

= ما الامر معكٍ؟!! هل تعاني من مشكله ما!؟ ما نتيجه هذه الكوابيس

ردت قائلة بصرامة وهي تخطو نحو أقرب أريكة خارج الغرفه أمامها

= لا شيء انا بخير مجرد كوابيس تاتيني كل فتره والأخري .

احتج رسلان قائلاً بحدة

= حسنا اذا كانت الكوابيس تلك تلازمك علي فترات متكرره لما لا تذهبي الى طبيب نفسي حتى يراكي .. اوه أيتها القزمه ارجوك لا تقولي بانك من الاشخاص الذي يرون الاطباء النفسيين من يذهب اليهم سوى المجانين فقط..

ألقت بجسدها على الأريكة محدقة فيه بارهاق، ثم أجابت بجفاء

= الأمر ليس كذلك بالتاكيد هذا يسمى طبيب
ويعالج الاشخاص الذين يعانون من أمراض نفسيه وما شابه، لا انظر الى الامور بتلك النظريه ابدا .

علق الآخر هاتفًا بإصرار

= حسنا إذا كان كذلك الوضع لما ترفضي الذهاب الى طبيب

شعرت باحتباس أنفاسها باضطراب شديد يجتاحها، بجفاف حلقها خلال تلك اللحظات الثقيلة كانت الأصعب إليها والأكثر توترًا بالنسبة لها، لوى ثغره بضيق للجانب ليزيد من تأكيد نيته نحوها بأنها تخفي شيء ما؟ قبل أن ترخي ساعديها واعتدلت في وقفتها رمقته  بنظرة أخيرة قبل أن تبوح عن تخبطها قائله بفتور

‏= أتدري ولا مرّة في حياتي حصلت على شيء أريده فعلًا ولا مرّة. هل تصدق؟ لا يمكنك أن تفهم معنى العيش هكذا ما إن تعتاد حياةً لا تحصل فيها أبدًا على أيّ شيء تريده، حتى تفقد القدرة على معرفة ما تريد.. ‏لقد رفضتنى كل الأشياء التى أردتها و رفضتُ أنا رداً عليها كل الأشياء التى أرادتنى، و إلى الآن لم ألتقِ أنا والحياة فى نقطة.

رد هو معترض بعناد أكبر

= وماذا عن احلامك الذي تسعي إليها؟ لقد اخبرتني من قبل بأنك مازلتي تؤمني بأنك ستصلي إلى حلمك وإلى ذاتك و إلـى ما تريدي .

أختنق صوتها للحظة حينما تذكرت وضعها الاجتماعي الحالي، فهتفت بمرارة

= منذُ الصغر وأنا أصلُ إلى ما أريد، لكنني أصل وأنا منهك بالقدر الذي لا يجعلني أفرح. وكأني أريد أن أصل لأستريح.. أستريح فقط.
بالإضافة إلى الأشياء المتأخرة أن قدومها لم يعد مُرحباً به؟ فقد فات الأوان وأنَّ مجيئها الان بعد انطفاء الشغف، لنّ يجعلني ألتفت مهما بلغتْ من جمال، فَللإنتظار المُفرط دائماً ضريبة..

هزت رأسها بيأس وإحباط وهي تضيف بصلابة غير متأثره بحركاته المشجعة

= ما الذي يستطيع حله الطبيب مع حالتي، بالاضافه أنا لا أرغب بالتحدث حول تلك الاشياء المؤلمه التي حدثت معي! لم يفيد الأمر بشيء غير الحديث فقط ولم أستطيع النسيان ولا العلاج .

نظر لها مطولاً ولم يستطع استوعب حديثها وماذا حدث معها جعلها تعاني بقسوة رافضة التمسك بأقل الآمال لتبقى على قيد الحياة.
رد عليها معللاً

= لم أكن اعرف بانك تعيسه ومتشائمه الى ذلك الحد ما بكٍ يا فتاه.. ابدئي تابعي مع طبيب وتخلى عن هذه الأوهام التي ستفسد حياتك بالمستقبل .

صمتت وهي تنظر إليه، فاضطربت بدرجة ملحوظة وازدردت ريقها بتوتر و سريعًا عمدت إلى إخفاء حزنها، لكنه أصر على إيصال ما يريد قائلا

= حسنا لا اريد ان اعرف ما الذي حدث وصار معكٍ ولما تقتحم نومك هذه الكوابيس! لكن يجب أن تحلي الأمر لأجل صحتك، جميعنا قد مرت علينا امور تركت اثر بداخلنا لا يزول لكن هل معنى ذلك ان نتوقف مكاننا ولا نتحرك بالتاكيد لا .

اشاحت بنظراتها بعيد عنه بصمت تام أو ربما بعدم إقتناع، تأكد في تلك اللحظة من رفضها، لكنه لم يفقد الأمل بعد، فرد يائسًا

= كل ما يحدث لكٍ عندما كنتي طفله صغيره يترك وراءكٍ شيئًا لا يزال موجودًا معكٍ حتى الآن. ربما لا تتذكري تفاصيل الأشياء التي حدثت، لكنك ستظلي تتذكري الشعور الذي شعرتي به في ذلك الوقت.

وكأنه وضع يده على الوتر الحساس داخلها!.
توترت بشكل ملفت للأنظار من حاصره المباغت وزاد احمرار وجهها حتى بات ككتلة ملتهبة من الحرج، وقوست فمها لتظهر ابتسامة باهتة وهي ترد

= منذ طفولتي وأنا أستخدم مخيلتي لصنع تصورات أحبها، حتى أنني اعتدت أن أتخيل لأهدا، لأنام، لأهرب. أنقذتني مخيلتي أحيانا كما أبهجتني أحيانا كثيرة.

فهم مقصدها سريعًا فالمخيلات تعني الهروب من الواقع، ورد بحذر كي لا يحرجها متعمد

= لذلك اقول لكٍ يجب ان تذهبي الى طبيب حتى تخرجي من قوقعه الماضي! الفراغ سيكون عدوكِ الأول أكسيه بالحركة و لا تتوقفي عن إشغال وملا حياتك بالاعمال الصالحة والمفيده، العلم والثقافة لا يعني المدرسة ولا الجامعة فقط، دائما هناك شيء يمكن أن نتعلمه من أبسط الأشياء ولو من مراقبة نملة.. الم تريدي أن تكوني مميزة.

حدقت فيه باندهاش محير، وازدردت ريقها بتوتر رهيب تأثرا بحديثه، رمقها بنظرات قوية تحمل العزيمة والإصرار وهو يقول مؤكدًا بثبات

=ماذا تضعين في رأسكِ؟ مازلتي تفكري بالأمر! حسنا الرضا جيد بكل شيء لكن هذا لا يعني أن نقف مكاننا دون أن نصلح من انفسنا؟ أخطئي وﺗﻌﻠﻤﻲ!

اعتدل رسلان في جلسته، وعمق نظراته القوية نحوها قائلاً بجدية

= اتعلمي ايتها القزمه؟ أخبرني احدهم ان النساء اللواتي منعن من الركض.. سيأتي يوم سيلذن به نساء بأجنحة، ليس يوجد شخص ضعيف.. لكن يوجد أشخاص لا تريد الشعور بالفشل حتى يصلون الى طريق النجاح.. الأشياء لا تأتي دون مجهود أليس ذلك؟

ألمه أن يراها هكذا، شعر بأن أحدهم جني عليها بقسوته الحادة، فبدت متوترة عن زي قبل استشعر من نظراتها نحوه شيئًا غريبًا، ظن أنها ربما تحتاج للتحفيز الإيجابي لتفكر فيما قاله بجدية، فتمسك بذلك الإحساس و أدهشها أكثر إصراره حينما أصر على مفاتحتها مجددًا بطريقته الخاصة قائلاً

= أنا أتحدث من واقع خبرتى صدقيني، الدنيا لا تعطينا كل ما نريده بسهوله يجب ان نحارب لكسب المعركه! حتى اذا هزمتي اقبلي الهزيمه بصدر رحب وحاولي مره أخرى.. هكذا الدنيا تدور .. سيعوضك الله حتما، لا تحزني على ما  مضي

استمر الصمت سائدًا بينهما لبرهة حتى مل منه رسلان وكاد أن يتحدث لكنها سبقته، حيث رفعت حاجبيها في عدم تصديق متعجبة من كلماته وحماسه معها وتحدثت إليه بصوت خفيض للغاية

= رسلان، أنت رائع ولديك الكثير من الطاقة

عبس رسلان بوجهه معترضًا

= وهل هذا شيء جيد أم شيء سيء؟

زفرت مطولاً رافعًه رأسها للأعلى، أردفت قائلة بفتور

= هذا شيء مهلك.

أبتسم نتيجه كلامها وكاد أن يربت على كتفها كدعم لكنها ابتعدت بسرعه قبل ان يلمسها بخجل، وهو ابتعد بكل هدوء يهز رأسه بتفهم واسف قبل أن يقول بنبرة ذات مغزى

= لقد فهمت مؤخرا حكمة من كون انسان لا يتجاوز الماضي أبدا على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مائتي عام لجُنَّ من فرطِ الحنين والندم والحسرة إلى أشياءَ لم يعد لها مَكان.
لأن العمر والزمن يتحرك .. لكن داخلك ستظلي مكانك لانك لا تحاولي، هذا ما أقصده .

الوقوف لمشاهده العمر يضيع أمام انظرنا بالفعل اكبر الأخطاء التي يرتكبها الانسان ضده، العمر لا يتوقف بل أحيانا يركض بلا توقف! لما لا تفكر بكل ذلك حقا، شعرت بخفقة قوية تضرب قلبها من طريقته العزيمه معها حتي تستجيب بيسر إلى حديثه وبالفعل هزت رأسها بتفهم، وأخفضت نظراتها لتحدق في أي شيء وهي تفكر! ولاول مره بدأت تفكر بالأمر بواقعيه أكثر و بالموافقه أيضا على تلك الخطوه؟ ثم نظرت له بامتنان شديد لثواني بصمت! إستطاعت فيها أن تكسر حاجز رهبتها وفزعها المستمر من تكرار أوجاع الماضي وبدأت بإرداتها تفكر بالأمر، وأجابت قائله بتنهيدة متعبة 

= لقد أعطيتني شيئا لم أحصل عليه قبل الليلة.

رد عليها رسلان باستغراب

= ما هو؟.

إبتسمت هي له بعذوبة، وردت عليه بامتنان

= الأمل!. شكرا كثيراً على حديثك.. حسنا اقتنعت ساذهب الى الطبيب قريباً لابوح باسراري اليه .

أكتفي بإبتسامة عريضة دون أن يعلق عليها، وظلت مثبتة أنظارها على مرمى البصر ممتعًا عينيها بموقفه تجاهها الساحر، فحافظت على ثباتها كي لا يزيد حرجها، وهتفت متسائلة بارتباك

= هل ذهبت الى طبيب من قبل؟ اقصد هل تبوح اسرارك الى شخص ما قريب في حياتك مثل والدك أو صديقك .

لوي فمه بإبتسامة متسلية وهو يجيبها

= ليس كلها ولكن جزء منها فقط، الأنسب للتحدث، آوه لا تنظري إلى هذه النظرات!. أسراري ليست بهذا السوء.. لكني عادة شخص كتوم.

رفعت حاجبيها في عدم تصديق وزادت من ابتسامتها وهي تقول بتهكم

= شخص كتوم!! نعم ارى ذلك بالطبع .

إختلس النظرات إليها ورسم ابتسامة خفيفة على وجهه. لم يصدر أي ضجيج، لكنه راقبها بعناية مستمتعًا برؤيتها وهو يكتشف هذه الضيفة الجديده، التي بدأت الأمور معه تتطور بسرعة إلى حد ما، رمقها رسلان بنظرات عابثة قائلاً بمزاح

= تعلمي ما هو اكثر شخص مناسب بان تحكي له اسرارك؟ ليس سـوى جدتك سمعها ضعيف وتنسي بسرعة وفي النهاية تسأل؟ ابني من أنت؟

نظرت له بيأس ها هو يعود من جديد الى شخصيته التي تعرفها، إبتسمت بشده وهي تعلق بتنهيدة متعبة

= أنت فعلا مشكلة ولا فائدة منك.

❈-❈-❈

بعد مرور عدة أسابيع، بدأت لياليها تمر عليها وهي تشتعل بسوى الحزن والبكاء في وحدتها، رغم إنتهاء الموقف إلا أن داخلها احتفظت  بتلك الاوجاع البائنة حتى شعرت أن أمرها انتهى الى هنا في حياته، انزوت في أحد الأركان بالغرفة محدقة فيمن حولها بنظرات شاردة. الكتمان صعب للغاية حقا! والتجاهل اقهر قرار يأخذه الحبيب لمعاقبه نصفه الاخر، أصبح زوجها يأتي ويخرج للاطمئنان على ليلى التي تمكث عن جدتها! وحين يعود يكتفي بالقاء النظرات المعاتبه لها دون حديث! فحتى عدم وجود ليلي ما زالت تعاني من أفعالها فلا وجود للراحه ولا النعيم بذلك المنزل أبدا . 

جمدت تسنيم أنظارها على يديها المصابة متذكرة ذلك الحادث الذي فعلته في نفس اليوم ولم يلاحظ حتى الآن؟ أغمضت عينيها بقوة نافضة عن عقلها تسلل الألم والحسرة إليها وكأن القدر يتعمد اختراقها بمشاهده التي لا تفارق مخيلتها مع دقات قلبها العنيفة ولم تستطيع تحمل دموعها لتسقط بقهر صامته، فالى متى ستسيطر على نفسها وتتحمل لتكون تحت مسمى الزوجه الصالحه التي تراعي ظروف زوجها وتسانده في اصعب المواقف، وحتى وأن كسرها ستظل تسانده؟ هل هكذا يسمى الاحترام بين الأزواج! هل هذه الموده والرحمه..

هي أيضًا لديها مشاعر، لماذا لا يشعر بها؟ لماذا لا يشعر بوحدتها وألمها؟ هي تعاني بصمت ولا تجد من تتحدث إليه. وحتى شقيقها وزوجته لم تخبروهما بشيء عما حدث لها، لتثقلهما مشاكلها وهما في أول خطوات حياتهما الجديدة.. بينما ذلك الصمت يؤلمها أكثر .

لج سالم إلى الغرفة بعد أن لاحظ اختفائها لوقت طويل فتعجب من سكونها المريب دقق النظر أكثر في هيئتها المزعوجة ليتفاجا براسها الملفوف بالشاش الأبيض ويديها وبعض الكدمات والخدوش على وجهها، أقترب منها متسائلاً بذهول

= ايه ده؟ مين اللي عمل فيكي كده؟ مالك

هزت رأسها بيأس وحسرة كانت بالفعل بحاجه الى اهتمامه ولكن جاءه متأخر جداً لدرجه أنه بسؤاله ذلك اشعرها بالالام مجدداً لتجيب بصوت باهت

= ولا حاجه ما تاخدش في بالك، حادثه بسيطه عملتها في نفس اليوم اللي بنتك دخلت المستشفى فيه؛ شوف عدي كام يوم وما خدتش بالك وجي تسالني دلوقتي بس.. انسى يا سالم خليك مركز مع بنتك بس ومش راضي تصدق غيرها ولا تشوف اللي حواليك

اتسعت عيناه بدهشة وتوتر قليلاً ثم زفر مطولاً رافعًا رأسه للأعلى، ودس يديه في جيبي بنطاله و أردف قائلاً بضيق

= هو انتٍ لما صدقتي تتفتحي خلاص يا تسنيم انا بحاول انسى الموضوع ومفتحوش تاني والاقيلك مبررات، المهم طمنيني عليكي الدكتور قال لك ايه على الكدمات دي

ضربت أناملها بعنف جانبها فوق الأريكة هاتفه باستنكار منفعل

= انت اللي بتدور على مبررات! لا يا شيخ وجاي على نفسك ليه ما تقولها في وشي ان انت شاكك ولا شاكك ايه متاكد ان انا عاوزه اذي بنتك او اموتها كمان.. مش هو ده اللي بتحاول توصل له ومخليك مش عاوز تبص في وشي، كانك بتقول لي جالك قلب إزاي تعملي في بنتي كده وقاعده عادي .

ثم نهضت تسنيم تجاه فهي دومًا تتحمل علي أمل لتغيير الوضع للافضل لكنه يصدها، بل على العكس لم يساعدها مطلقاً، ولم يعطيها أي بارقة أمل من أجل أي شيء، لذلك انفعلت به باهتياج قائلة

= إلا قول لي يا سالم هو احنا لما بنجيلنا قضيه، عشان نمسكها مش المفروض بنحط احتمالين جوانا ضد الموكل اللي موكلنا؟ يا اما هو فعلا ارتكب الجريمه دي او هو بريء!. بس انت مصره دايما تحطني في الاحتمال الاول ان انا الوحشه اللي باذي وعمرك ما فكرت بينك وبين نفسك حتى أن ممكن بنتك تكون عملت كده فعلا.. أو يا سيدي حتى لو مره من المرات الكتيره اللي دايما بتتهمني فيها.. وان فعلا أنا صح !. ولا ازاي هتحط الاحتمال ده جواك وانت اصلا مش عاوز تصدق غير بنتك وتكذب كل اللي حواليك .

تابعت هادره بشراسة نابعه من قهرها وقد استشاطت نظراتها

= ولما انت شايفني كده مخليني على ذمتك ليه لحد دلوقتي، ولا كنت اتجوزتني ليه من الاول.. انا تعبت من العيشه دي بجد، طب فهمني الوضع ده هيستمر لحد امتى؟ المشكله ان انا بحاول انبهك عشان خايفه على بنتك زيك بالضبط وانت بتتهمني اتهامات زي كده ضدي! خلاص ولا منبهك ولا نيله طالما انت مصر كده اشرب انا مالي، بس اللي ليا فيه ان انا ادافع عن نفسي واقدر اثبت ان انا ما عملتش اي حاجه من اللي بنتك قالتها ضدي.

شعر بحالة الحزن الشديدة المسيطرة عليها،
قوس فمه للجانب وهو يرد باقتضاب متجهم

= تسنيم انا تعبت برضه من المشاكل... تعبت ان أعيش اراضي من كل الجهات، مش انتٍ من شويه كنتي بتقولي لي المفروض احنا محاميين بنبص للقضيه ازاي طب ما من ضمن الاسباب برده اني مهمتنا الاولى والاخيره في اي قضيه هي الادله وانا لحد دلوقتي مش بشوف غير كل الادله ضدك انتٍ!!

ثم هز رأسه معترض وهو يضيف بجمود قاسٍ

= عاوزه اتعامل ازاي قولي! حتي ليلي عمرها ما كانت كده ما تحاولي انتٍ كمان تحطي نفسك مكاني وتفكري.. قولي عملتي كده غصب عنك أو ما كنتيش تقصدي هفهمها انما انتٍ بتنكري وفي دليل .

أتسعت عيناها بذهول وغضب عارم، ثم
نظرت له بفتور مرددًة بيأس

= ثاني انا تعبت من الشرح والدفاع عن نفسي ماشي طالما انتٍ عاوز تشوفني كده؟ تمام مش هبذل مجهود حتي في اني اغير الصوره دي عني.. انت حر وبكره الأيام تثبتلك العكس، بس صدقني وقتها انا مش هسامحك .

كاد أن يتحدث لكنها تحركت من أمامه بعدم مبالاة للخارج ولجأت هي إلى الصمت الإجباري فهو باغتها باعترافه الصريح بأنه لم يصدقها مهما حدث، عجزت عن استيعاب الموقف ويأست من الدافع عن نفسها دون فائدة، ولم تفرض نفسها عليه طالما لا يصدقها جلست فوق الأريكة تمسح وجهها بتعب شديد حتي سمعت صوته يهتف باسمها بصوت عالٍ بشراسة 

= تـــسنــيــم .

انتفضت مذعورة وذهبت له لتفهم الأمر،توقفت أمامه لتسحب نفسًا أخرًا وهي ترجع رأسها للخلف قائله بيأس

= نعم في ايه تاني؟.

أقترب منها بخطوات متعجلة فتنحى جانبًا مظهرًا عن عمد اشمئزازه منها وهو يوضح ما بيده لها، ثم نظر لها شزرًا وهو يسألها بحدة

= ايه ده؟ افهم من ده ايه انتٍ بتاخدي حبوب منع الحمل عشان ما تخلفيش مني! ردي عليا
ودافعي عن نفسك يا هانم ؟ قولي ايه اسبابك المرة دي؟ واللي خليتك تعملي حاجه زي كده من ورايا .

رمشت بعينيها غير مصدقة أن تم كشف أمرها
للتو، وفي أصعب الأوقات فلم ينقصها مطلقاً ذلك أيضا توترت أكثر ولم تستطيع الرد، و حدجها بنظرات نارية، ثم تقدم خطوة لها هاتفًا بازدراء

= احنا ما اتفقناش على حاجه زي كده في بدايه جوازنا ولا قبله.. لا وكمان مخبيها وسط الكتب عشان ما اشوفهوش؟ يعني بتاخديها من ورايا وعارفه انك بتعملي حاجه غلط و مخبيها، طب ليه تعملي حاجه زي كده من ورايا، ردي .

هلل كلماته بانفعال شديد جعلها تنتفض في انكماش وهبطت دموعها بألم شديد وهي في مكانها، نعم لقد بدأت مؤخراً في أخذ تلك الحبوب والسبب واضح جدا لكنه مصر لم يراه! جرجرت أذيال خيبتها وهي تقول بنبرة متوترة نوعاً ما

= مش عايزه ارد.. لو رديت هوجعك

إبتسم لها إبتسامة سخيفه وهو يجيبها بسخرية مريرة

= هتوجعيني اكتر من كده؟ طب انا عايز اعرف بقى ايه اسبابك اللي تخلي واحده زيك تاخد حبوب منع الحمل من ورا جوزها

فاعتصر قلبها آلمًا و انهارت باكية وهي تجيب بصوتها المختنق

= عشان مش لاقيه الأمان مع جوزي.. وطول الوقت حاسه ان انا بحارب في حرب مش هكسبها.. وان قريب كل ده هخسره! فليه اخسره واظلم طفل معايا ما لوش ذنب في الدنيا كلها ! غير ان امه اختارت غلط .

كان كمن تلقي صفعة قوية في وجهه وضربة موجعة في صدره وذلك حينما حدق فيها بصدمه مؤلمة، فكأن القدر يصر يقطع كل حبال الوصــال بينهما، لكن هو سد الطريق عليها تمامًا أولاً! وأدركت في تلك اللحظة أنها بالفعل خسرت أخر أحلامها وأصبحت لا شيء؟ لذلك لجأت الى تلك الحبوب لتامين نفسها من الخساره الأكبر .

❈-❈-❈

شهقة فزع قوية أنطلقت من فاه حسناء عندما دخلت إلي محلها كالعادة بالصباح وتفاجات بتلك الجالسة علي الكرسي الخشبية الخاص بها وكأنه مكانها! لترمقها بشر بعدما رأت أنها افرغت كل جزء بالمحل رأساً علي عقب، و حتي العاملين رحلوا، أقتربت بخطوات سريعة وهي تردف بتهكم غاضب

= بتعملي ايه يا زبيده مكاني ومين إللي قلب  المحل كده، ومالك قاعده ولا فارق معاكي حد كانه محلك .

نهضت زبيده ببرود و رمقتها بكل نظرات الكراهية التي تشعرها حيالها الآن؟ إلي ان أبتسمت بشماته وهتفت بانتصار

= طب ما هو فعلا محلي او بمعنى اصح محل جوزي! آه صح ما انتٍ لسه ما تعرفيش اللي فيها، المحل ده بقى ملك فرج اللي هو كان خطيبي وبقى حالياً جوزي.. فرج اللي كان بيرسم عليكي ومفهمك انه بيحبك و انه هيكتب المحل الثاني باسمك وانتٍ زي الهبله دفعتي كل فلوسك ومضيتي !

عجز لسانها عن الرد من الصدمة، و كان ألم قلبها أقوي و أشد من صدمتها فهي حقا بدات تشعر نحوه بشيء ما وقد اعتقدت انه أحبها بحق ولم تشك يوماً به، أطلقت الأخري ضحكة الشر عنوانها لتتابع قائله بغل

= بس إللي ما تعرفوش يا حلوه انك مضيتي على توكيل منك لي أنه يقدر يبيع ويشتري في املاكك براحته وهو نقل بالعقد ده المحل باسمه، وغير الفلوس اللي دفعتيها اونطه عشان كنتي طمعانه في .

رفعت إحدي حاجبيها بكبرياء مُنتظراً إجابتها لكنها وجدت ملامح وجهها مصدومه بشده، أطلقت قهقهة ساخرة وهي تضيف

= إيه اتصدمتي ومش مصدقه صح؟؟ كنتي فاكرة هيصحيكي بالورد و الأحضان، وان هو بيحبك فعلا طب يا اختي واحده ذيك بعمايلها دي هتتحب على ايه؟ هو انا نسيت عملتك فيا لما طردتيني وشفتي نفسك بقيتي حاجه بفلوس حماكي اللي سرقتيها.. تستاهلي اكتر من كده، ده أنا لسه هوريكي النجوم في عز الضهر يا حرامية.

أنقضت حسناء بجنون علي تلابيب عبائتها و هدرت بها

= يا ولاد الكلب، فلوسي فين يا بنت الـ***  سرقتوني يا ولاد الحراميه.. خدتوا مني كل اللي حيلتي المحل والفلوس .

نظرت إليها بإزدراء هاتفه بصوت جلي

= ريحي نفسك الفلوس فرج حطها في البنك والمحل ده قريب وهيتنقل باسمي وانا اللي هشغله، ومش هتقدري تعملي حاجه ولا تثبتي، انتٍ مش احسن مني في حاجه عشان يكون معاكي العز ده كله وانا لا.. ده انا كنت زمان بسلفك وانتٍ مش لاقيه .. وهي في النهايه كانت فلوس مسروقه يعني ما تعبتيش فيها 

شعرت الأخري بالغضب الشديد منها، ثم قبضت علي خصلاتها و صاحت بصوت عالٍ بحقد

= يا حراميه يا بنت الكلب هاتي فلوسي والله  اقتلك فيها انتٍ والكلب الثاني.. بقى انتوا تضحكوا عليا .

أخذت الأخري تلتقط أنفاسها من إثر ما أقترفه لها للتو وهي تحاول أبعدها عنها، فقد بدأت تشعر حسناء بالضياع والحسرة، أجهشت في البكاء وأخبرتها بتوسل محاوله استعطافها

= طب سيبي لي حتى المحل ده، إنما تاخدوا الاثنين وتسيبوني ارجع ذي ما كنت زمان فقير ومش لاقيه، لا ده كده حرام و ظلم، ابوس ايدك سيبي لي حاجه انا مش هرجع للفقر تاني بعد ما سبته.. فلوسي فين يا زبيده .. أنا كل اللي عايزه منك ترجعيلي فلوسي و أوعدك مش هبلغ البوليس ولا هقول لحد على اللي عملتوا فيا .

لوت شفتيها بامتعاض و أجابت عليها بلهجة استفزاز

= بلاش جو الصعبنيات ده يا اختي عشان أنتِ عرفاني كويس ما بياكلش معايا خالص، وانتٍ عارفه ومتاكده دلوقتي انك مهما تعملي ولا هتقدري تطولي مني مليم ولا تثبتي حاجه

كانت ما زالت تبكي ثم صرخت بغل وجنون و صفعتها بقوة، فأطلقت زبيده صرخة ألم دوي صداها في كل الأرجاء، لكن طغي صوت حسناء الطاغي قائله بتهديد قوي

=قدامك دقيقة لو مقولتيش علي مكان الفلوس ولا رجعتي المحل، لا هقتلك يا زبيده ومش هسيبك ولا انتٍ ولا الزباله التاني اللي اختفى بعد ما نصب عليا .. رجعوا لي فلوسي يا ولاد الـ*** .. اتقي شر احسنلك و خليكي فاكره كويس انا حسناء اللي مش بتسيب حقها حتى لو على موتها .

ابتعدت زبيده عنها وهي تضحك عليها بتهكم ولم تخاف من تهديد الاخرى، بينما زمجرت حسناء و أنقضت عليها، أخذت زبيده تركض و تحاول أن تدافع عن نفسها لكن دفعتها بقوة فأطرحتها علي الأرض و أستطاعت القبض علي عنق زبيده لتقوم بخنقها، فالغضب عماها وكانت الأخري في حالة ضعف و هزال لكنها أخذت تقاوم وضربتها بحافة يدها علي جانب موضع وجهها حتي تتركها لكنها لم تكن ترى أمامها غير الانتقام حتى تحرقها بنفس الطريقه التي احرقتها بها .

تمكنت حسناء من خنقها بقوة أكبر مما أدي إلي إنها تفقد الوعي في الحال، أو ربما ماتت!!.
في ذات اللحظة اقتحم فرج المحل واتسعت عيناه بذهول وصرخ بعنف

= بتعملي إيه فيها .. قتلتيها .

انتبهت حسناء هنا إلي ما فعلته في لحظة تهور، لتنظر إلي زبيده وجدتها فاقده للوعي تماماً؟ زمجر فرج كالمجنون يصرخ بأعلى صوته أنها قتلتها، وكانت حسناء ترتجف خوفاً لا تصدق ما يحدث، و تلك الجريمة التي أرتكبتها للتو؟

وفي ثواني أخيرا نهضت لتركض هاربه بسرعه البرق قبل أن تقبض عليها الشرطه وهي لا تعرف الى أين ستذهب؟ فقد خسرت كل شيء وانتهى الأمر! ظلت تركض بخوف شديد وهي معتقده بأنها قتلت زبيده والشرطه تبحث عنها، لكن ما لم تكن تعلمه هو أن زبيدة فقدت وعيها ولم تموت.!

** ** **
يـتـبـع.

Continue Reading

You'll Also Like

131K 6.7K 35
يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من كان في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أ...
150K 17.5K 13
اجتماعية رومانسية
189K 5.5K 24
اكشن ورومانسى الجزء الثانى من الحب الضائع