حياة بعد التحديث (كامله) لـ خ...

Por vbnjhhgbhhv

59.5K 3.7K 643

اسم الروايه حياة بعد التحديث الجزء 2 من "روايه بدون ضمان" تكمله لباقي الاحداث قصه فريدة و مهرة و ليان تابعون... Más

مقدمة "تنوية"
اقتباس (1)
اقتباس (2)
اقتباس (3)
اقتباس (4)
تم تنزيل الفصل الأول علي المدونه
صور الأبطال الأساسية
الفصل الأول "الجزء" (1)
هام بخصوص الروايه.
الفصل الأول "الجزء" (2)
الفصل الثاني "الجزء" (1)
الفصل الثاني "الجزء" (2)
الفصل الثالث "الجزء" (1)
الفصل الثالث "الجزء" (2)
الفصل الرابع "الجزء" (2)
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع "الجزء" (1)
الفصل السابع "الجزء" (2)
الفصل الثامن "الجزء" (1)
الفصل الثامن "الجزء" (2)
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثانيه عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر "الجزء" (1)
الفصل السابع عشر "الجزء" (2)
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون "الجزء" (1)
الفصل العشرون "الجزء" (2)
الفصل الواحد والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الواحد والعشرين "الجزء" (٢)
الفصل الثاني والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الثاني والعشرين "الجزء" (٢)
الفصل الثالث والعشرين "الجزء" (1)
الفصل الثالث والعشرين "الجزء" (2)
الأخيـرة الجزء (1)
الأخيـرة الجزء (2)
الـخـاتمـة الجزء (1)
الـخـاتمـة الجزء (2)
روايه قابل للكتمان

الفصل الرابع "الجزء" (1)

1.2K 95 28
Por vbnjhhgbhhv

فصل بتاريخ : 23/9/2023

#روايه_حياة_بعد التحديث الجزء الثاني
من روايه "بدون ضمان"

⁦✍️⁩#بقلم_خديجه_السيد

الفصل الرابع
_________________

في دار الرعاية، بحثت سماح عن صديقتها ولم تجدها لتعلم بانها ما زالت حبيسه بغرفتها، و بعد أقل من نصف ساعة كانت سماح تنتصب واقفة أمام غرفتها بالدار، وفتحت الباب فقد نفذ صبرها وهذه المره ستحاول رغماً عنها تتحدث معها وتطلب منها العفو! حمحمت بإحراج وهمست مبتسمة بتوتر

= ممكن ادخل؟ على فكره انتٍ لو طردتيني برده هدخل بالغصب عشان المره دي مش همشي غير لما تسامحيني

لم ترد لكنها تفاجات بها تبكي قطبت سماح في ريبة واقتربت منها وهي تلاحظ هيئتها الشاحبة وعينيها الذابلتين، وضعت يدها فوق كتفها وقالت باهتمام

= فريدة.. ايه اللي جرى يا حبيبتي؟.. انتٍ... معيّطه؟!!. كنت عارفه اول ما بتقفلي على نفسك الاوضه دي اكيد بتعيطي وبتقعدي تفتكري كل حاجه

لتهتز كتفها فريدة بألم واقتربت ترمي بنفسها في أحضان صديقتها التي احتوتها بدفء وهي تكاد تفقد عقلها من قلقها على حالة فريدة الغريبة، فلم يسبق لها وأن شاهدت وهي في حالة انهيار كهذه، لكن ما اثار دهشتها بأن رات بيديها صوره سونار لطفل! انتظرت حتى هدأت نوبة البكاء الحادة التي داهمتها ثم ابتعدت عنها قليلاً وقالت وهي ترفع رأسها إليها بابتسامة بسيطة

= هو مش اللي في ايدك ده صوره سونار لطفل؟ طب ممكن أعرف ايه سبب الدموع دي كلها؟..

إنسابت العبرات الساخنة عفوياً على وجهها الشاحب لتحفر طريقها حتى شفتيها المرتجفتين، وحدقت أمامها بنظرات خاوية من الحياة ونطقت بصوت مبحوح

= دي صوره ابني اللي مات في بطني قبل ما اشوفه؟ و دي الصوره الوحيده اللي معايا من ريحته يمكن ما فيهاش ملامح آه !.. بس مش لاقيه حاجه غيرها احتفظ بيها عشان كل ما يوحشني افضل ابصلها .

جلسوا فوق الأريكة وبعد أن شربت فريدة بعضا من الماء، انخرطت في بكاء أشد حرقة عندما فكرت في مصيرها المجهول، لتردف

= عارفه يا سماح انا أوقات كتير أوي بحسد الناس اللي عندها فقدان ذاكرة ببقى نفسي كتير اوي انسى اللي حصل لي؟ ببقى نفسي انسى ان انا اتعرضت للاغتصاب! وببقى نفسي انسى ان انا خطيبي أو الانسان اللي كنت بحبه اتخلى عني في اكتر وقت كنت محتاجه له وراح خطب غيري! سابني بطريقه وحشه أوي، كان نفسي كمان انسى ان اهلي اتخلوا عني لما فكرت اجيب حقي عشان خافوا من كلام الناس؟ ونفسي كمان انسى ان انا اتجوزت اكتر انسان في حياتي بكرهه وعشت اسوء ايام حياتي معاه، غير انه اغتصبني مره ثانيه بعد جوازي وما عرفتش اشتكي لمين لاني اهلي ما جابليش حقي اول مره فبالتالي مش هيجيبوا لي حقي ثاني مره؟ يا ريت كمان انسى ان انا مش بخلف و ابني مات من قبل ما اشوفه.. ولا حواراتي الكتير مع اهلي و لما طردوني من بيتهم عشان يلوا ذراعي وارجعلهم واقول لهم أنا متنازله عن حقي لتاني مره و هعيش بدون كرامه واسمح للكل يهني عادي ذي ما هم عاوزين، عشان خايفين من كلام الناس وعشان ما بقاش ست مطلقه وعاقر كمان .. ياااه تصدقي أن انا عاوزه انسى حاجات كتير من حياتي بس مش قادرة للأسف.

انهارت فريدة باكية هنا اكثر، و ظلت سماح ترمقها بنظرات حزينة متعاطفة، ثم أضافت قائلة بحزن وهي تكفكف عبراتها بظهر يدها

= انا حربت كتير لوحدي في الدنيا دي، وطبعا ما طلعتش كده بدون خسائر بالعكس خسرت كتير أوي رغم ان انا كسبت حاجات برده! اللي واجعني من كل ده ان انا طول الوقت وانا بحارب و كنت بفضل اقول يا جماعه انا الضحيه مش الجاني اتعملوا على الاساس ده؟ انا ما عملتش حاجة غلط عشان أحط راسي زي النعامة في الرمل ذي ما المجتمع عاوز! كل شيء نصيب وأنا نصيبي كده! ما كانش قدامي حل غير ان انا ارضى واتعايش مع الموضوع بس في نفس الوقت ما تنزلش عن حقي وده اكيد ربنا ما كانش هيرضاه برده .. وطبعا لان في مجتمعنا فاقدين الاحترام وما يعرفوش شيء اسمه احترام ولا مقتنعين يعني ايه واحده مغتصبه تطلع في وشهم وتقول لهم انا عاوزه حقي ومش هتنازل عنه !! بس ازاي،؟؟ واحده زيي المفروض تحبس نفسها ما بقت عار خلاص وما ينفعش حد يقرب منها و سمعتها بقت وحشه كمان، فالافضل انها تروح تنتحر عشان يرتاحوا .

إنفرجت شفتيها سماح في فزع حقيقي، و زائغت عينيها بعدم تصديق وهي تستمع الى معاناتها التي لم تتوقعها مطلقاً فهي اعتقدت الأمر أنتهي بطردها من منزل والدها فقط! لكن تفاجات بقسوة تلك العائلة و جحود بعض الأشخاص بالكثير ضدها.

وضعت يدها الممسكة بالمنشفة الورقية على طرف أنفها قائلة بنشيج

= انا في البدايه لما اتعرضت لكل ده واهلي كمان الكلام طلهم، للاسف ضعفت زي اهلي بالاول حتي بابا صمم اني اقعد في البيت ومنعني اروح شغلي ولا انزل حتى في الشارع والناس تشوفني، للاسف هو كمان نظرته اتغيرت وصدمني لما بصلي بنفس نظريه الناس! إللي هي اول ما يسمعوا واحده اتعرضت لحاجه زي كده أول الاسئله اللي بتيجي في دماغهم؟؟ طب ايه اللي اخرها في ساعه زي دي وترجع متاخر ليه؟ اكيد كأن بينها وبينه حاجه عشان تخليه يتجرا يعمل كده فيها، وكالعاده بدأ اللوم كله على الست.

ابتلعت ريقها المرير في حلقها الجاف ثم تابعت فريدة بتنهيدة تحمل الكثير وهي تحرك عينيها نحوها

= وكلام من ده كتير ومش بس هو؟ لا كمان ماما ضغطت عليا واختي اللي كانت هتطلق بسببي كله كان عليا، عشان كده لما جاتلي فرصه تانيه ولقيت نفسي ليا حق صممت ما تنزلش عنه المره دي حتى لو هدفع عمري كله! بس طبعا كالعاده هم كان ليهم راي تاني و خلصت من موضوع إني مغتصبه ودخلت في موضوع دي واحده مطلقه ومش بتخلف و فرصها في الجواز هتقل فلازم تعدي عشان تعيش حياتها وأنا مستحيل أعمل كدا، لأني لو كنت عملت كدا يبقى بديهم فرصة انهم يتكلموا اكتر ويطلعوا كلام تاني وتالت وعاشر، غير انا نفسي تعبت اوي كل واحد بقي بيفكر في مصلحته الا انا ؟ و رغم ان انا جبت حقي المره دي بس ناري ما بردتش من حقي اللي ضاع اولاني واللي أنا اتنازلت عنه بايدي .. ولاني لسه بتعافي من اللي عملوا فيا وبتعالج منهم كلهم! مش قادره اسامح ولا انسى يا سماح لحد دلوقتي .

وقالت بيأس وهي تحاول الإشارة بيدها المرتعشة

= عرفت ليه بقى انا رفضت ان اهلي يعرفوا مكاني وارجعلهم من تاني .

هزت رأسها بالايجابي والدموع تهبط من عينيها بحزن عليها، ثم أحاطتها سماح بذراعها باكية بقلب منفطر عليها و... نظرات أسف.

❈-❈-❈

بداخل منزل بسيط في تلك المنطقه الشعبيه، جلست لوزه على المقعد و سحبت حقيبتها نحوها لتخرج منديل ورقي تمسح دموعها وضربت كفها بالأخر محركة رأسها للجانبين آسفة على حالها، وهي تردف مثل تلك العبارات المصحوبة بالنواح بحزن طفيف

= اه يا ناري، بقى انا اقف من صباحيه ربنا اجهز له الاكل عشان اروح اديهله واتزوق والبس عشان اعجبه، وفي الاخر يقول لي انتٍ زي أختي .. اختك في عينك يا شيخ هو امتي هيحس بيا بقى .

كانت تتحدث مع شقيقتها التي كانت تجلس جانبها وتقطف عيدان الملوخيه، ثم لوت ثغرها للجانب قائله باقتضاب

= عشان خايبه وهبله قلت لك بلاش تروحيله والجو اللي انتٍ بتعمليه ده مش هياكل معاه، يا بنت خدي مني النصيحه انا اكبر منك و بفهم في طبع الرجاله.. ده ما بيحبش الست المدلوقه عليه.. قلت لك اتقالي شويه و هتلاقيه جاي لحد عندك بعد كده

هزت رأسها نافية بعدم اقتناع وهي تجيبها بغضب شديد

= استنى واتقل اكتر من كده ايه انتٍ عارفه بقيلي كام سنه بحبه ومستني يبصلي؟ اتجوزت واتطلقت وهو اتجوز برده وخلف ومراته ماتت، وبرده ما فيش فايده.. واحد زيه في وضع زي ده لما يصدق اي واحده قدامه ويتجوزها عشان تخلي بالها من عياله وعماله كل شويه امايل دماغ عوض جوزك عشان يحاول معاه يبصلي ويتلحلح ويتقدملي
وبرده ولا هو هنا .

نفخت اختها مستاءه من إصرارها المتهور و قلبها المفتور على حبها المستحيل، ثم حاولت التهوين عليها قائلة بتوبيخ حاد

= بص البنت اقول لها ايه تقول لي ايه؟ ما يا عبيطه برضه هيعرف ان عوض انتٍ اللي بتوصيه يقول الكلام ده! هو حد غريب عنك ده جوز اختك.. اديكي جربتي كل حاجه معاه وما انفعش اسمعي مني المره دي بقى وسيبيه ولا تهتمي بيه وهو اللي هيجري وراكي .. مش عارفه حب إيه اللي بتحبه له وانتٍ مش عارفه لحد دلوقتي تفهميه ولا عارفه دماغه فيها ايه، بدر ده من النوع اللي بيحب يلف ويدور ورا الست لحد ما تخليه يقطع النفس .. مش الدلقه اللي انتٍ فيها دي كل ما تشوفيه.

التفتت برأسها للجانب صامته بعد تفكير بالأمر قليلا، ثم زفرت لوزه بصوت مسموع وهي تردد بأمل

= تفتكري؟ طب ماشي هصبر هو انا في ايدي حاجه غير الصبر.. ربنا يجعلك من نصيبي يا بدر .

❈-❈-❈

قــبــل أيــام.

جذبت دلال ابنتها بسرعه من أمام جابر الى أحد الغرف، وأسرع خلفها أيمن الذي استاذن من بالخارج وتطالعها بنظراته الحزينة، كانت مختلفة كليًا عن صورتها السابقة، ذبول رهيب اعتلى قسماتها بالإضافة إلى شحوب مزعج يشبه الموتى في انتشاره على بشرتها، و كدمات حمراء تدل على تعنفها منهما هز رأسه بعدم رضا و بأسف عليها .

تحركت دلال خطوة للأمام لتجذبها من رسغيها عنوة لتقول بجدية

= تعالي هنا واسمعي الكلام انتٍ لو ما اتجوزتيش أيمن ورجعتيله عمك مش هيسكت انتٍ مش شايفه حالته عامل ازاي بره وكان هيجوزك إبن عمه لولا ايمن لحقه على اخر لحظه.. اسمعي الكلام واطلعي وافقي على الجوازه بدل ما عمك ياخدك بالغصب هناك على البلد! و انتٍ عارفه كويس أوي انك لو رحتي هناك هتكوني كتبتي نهايتك وما حدش هناك هيعطف عليكي ولا هتصعبي عليه .

وفي ذلك الأثناء كأن أيمن ينظر لها بقوة، وهي لا تعلم إذا كانت نظراته بوعيد أم بإشتياق؟ ولكن تلك اللمعه غريبه عليها وبشده، تريد الان ان تضع كفيها علي موضع قلبها لتهدئه من عنف دقاته الهادره في تلك اللحظه! لا تعلم خفق قلبها عشقاً له أم خـوفاً منه ومن نظراته تلك !!.

بالاضافه الى الخجل الذي يعتريها وهي أمامه بذلك الشكل وبتلك الحالة الضعيفة، فكان آخر شخص تريدة أن يراها الآن؟ حيث كان ينظر لها لاكثر من دقيقتين دون رفه رمش واحده ووجهه جامد يخفي خلفه تشنجات وقلب يقرع بقوه، ثم ارتفعت عيناه و نظر أيمن تجاه حجابها الذي يخفي خصلات شعرها ولم يعرف متي قامت بارتدائه؟ لكن اعجبة مظهرها الجديد ذلك.

أما دلال تجمدت أرضـاً وقد دق قلبها خوفاً ووجـلا من الذي سوف يحدث، اذا لم تساعد ابنتها لـ تنجي من غضب عمها وابنه بالخارج! لذلك وجدت الحل الافضل بأنها تعود إلى طليقها السابق افضل من أن تفتقدها.

إبتلعت لعابها بذعر شديد وقلبها إنقبض بقوه بقلق من أثر كلمات والدتها لها، ولكنها أخفت شعورها هذا سريعاً واشتدت تعابير وجه ليان حدة، وتمتمت بصرامة شديدة

= انا مش عايزه اصعب على حد ولا مستنيه منكم شفقه، ما تسيبوني في حالي بقي.. عملت لكم كل اللي انتم عاوزينه وبعدت عنكم، اتطلقت من ايمن زي ما انتٍ كنت عاوزه وطلبت منه ده،! بس انا عملت كده عشان كنت عاوزه اطلقك عشان كده وافقت وقتها، فانتٍ ما غصبتنيش على حاجه مكنتش عاوزاها زي ما فاكره، و دلوقتي برضه الجوازه دي مش هتم غصب عني

إندهش هو بشده من ردها ولكن لم يظهر علي ملامحه أي شئ، لكنه نظر اليها بغضب العالم كله وهو يستمع إلى رفضها له؟ قبض علي أنامله بعنف حتي ابيضت من انحباس الدم وعدم وصوله الي الاطراف، ثم حركت نظراتها الفاترة نحوه وهي تضيف بتشنج مريب

= انا مش فاهمه اصلا ايه اللي جابك وازاي تطلب ان انا ارجعلك من تاني بعد اللي حصل ما بينا؟ ايه خلاص فجاه بقيت تثق فيا من تاني كده عادي! انا مش هرجع لنفس العذاب تاني يا ايمن حياتي معاك كانت جحيم وانت عمرك ما هتبطل شك فيا وانا لو رجعت للحياه دي تاني بارادتي هبقى بكتب نهايتي برده ! يعني في الحالتين بخسر حياتي ومحدش منكم عاوز يتجوزني حبا فيا ولا عطف؟ كل واحد بيدور على الانتقام فيا.

دنا منها حتى تقلصت المسافة تمامًا، ثم تنحنح بخشونة

= ليان مش وقته الكلام ده، ومين قال لك اصلا ان انا لو رجعتك على ذمتي هنتقم منك ولا هنعيش نفس العذاب بتاع زمان .. وافقي يا ليان دلوقتي ولما نكون لوحدنا هفهمك كل حاجه .

انتظرت لوهلة حتى هدأت تمامًا، وظلت تقاتل داخل عقلها في معركة فكرية كبيرة عله تصل إلى وسيلة تمكنها من الخروج من ذلك المأزق دون ان تعود الى ايمن مره ثانيه ! فهي لا تريد ان تعيش تلك الحياه التعيسة مره ثانيه؟ و يشعرها بالاهانه وعدم الثقه بنفسها، بالاضافه إلي ارتباطها من منصور ابن عمها سيكون نفس النتيجه وستعيش بمهانه معه، لذا وجدت صعوبة في الأمر، لكنها حسمت أمرها هاتفًة بجدية

= ايمن اطلع بره انا ما طلبتش منك مساعده ومش عاوزه منك حاجه ولا خايفه من اللي بره، ومش فاهمه باي حق بيحاسبوني وهم ما لهمش حق عندي ولا موضوع عاوزين يجوزوني بالغصب.. كفايه اوي لحد كده دفعت ثمن غلطتي وزياده، في الوقت اللي كل واحد فيكوا بيعيش حياته و ما بتتحاسبوش انتم كمان على غلطاتكم

وفجاه تعالي صوت جابر بالخارج هادر بعصبية جامحة

= هتفضلوا جوه كتير لو الهانم مش موافقه فابني لسه موجود و احنا مش هنتحايل عليها كثير، يلا دقيقتين وتخرج المأذون مستعجل وعاوز يمشي وانا مش همشي غير لما كتب الكتاب يتم على حد من الموجودين، لاما ابني منصور لاما ترجع لطليقها أيمن .

ساد صمت ثقيل بينهما للحظات عجزت فيها ليان عن إيجاد الكلمات المناسبة لإخراجها من حالة الضيق المتمكنة منها، فقالت بتردد

= برده مش هتجوز!.

ضغط على شفتيه بقوة بعد أن تنهد بصوت مسموع قائلاً

= ليان انتٍ مش شايفه منظرك عامل ازاي انتٍ مش هتقدري عليهم لوحدك اسمعي الكلام وخلينا نتجوز وبعد كده نشوف اي حل تاني بعدين وهعمل لك اللي انتٍ عاوزاه بس ابوس ايدك خلينا دلوقتي نكتب الكتاب عشان نحل الوضع اللي احنا فيه ده .

ارتجف جسدها وهي تتذكر نظرات عمها الخطيره و رؤية التي كادت تحرقها في مكانها، بالاضافه الى عبارته المهينة عندما أمر بزواجها من ابن عمها المستحيل، فهو مرتبط بامراه اخرى وغير ذلك لا تريد ان تربط نفسها بة!! لكنها لا ترغب بزواجها من أيمن أيضا! هزت رأسها معترضة وهي تقول بصلابة جادة

= قلت مش هتجوزك ومش هرجعلك ولا حتي هتجوز منصور ابن عمي اللي بره، هيعملوا فيا إيه يعني اكتر من اللي عملوه؟ انت مش شايف منظري! كفايه بقى اهانه انا سكت كتير ومش هقبل تاني وضع انا مش عاوزاه وانت اكيد مش هتقبل واحده مش عاوزاكي يا ايمن ولا ايه .

جز علي أسنانه بغضب مكتوم منها، بينما
نظرت دلال إلى ابنتها مغمغمة باستنكار

= ما تحترمي نفسك بقى وخلينا نخلص من وجع القلب ده، احنا بنحاول نعمل عشان مصلحتك وانتٍ برده منشفه دماغك خلاص اطلعي لعمك وقوليله بنفسك انك مش هتتجوزي ايمن ولا منصور ابن عمك وشوفي هيعمل معاكي ايه.

ارتفع صوت جابر مرة أخرى من الخارج صائحًا بصوت آمر

= الدقيقتين خلصوا من بدري يلا اطلعوا .

تشبث ليان أكثر ضاغطة علي فستانها الطويل الذي ترتدي، كوسيلة للتنفيس عن توترها الذي يعتريها، ثم تمتمت من بين شفتيها مرددًة بارتباك

= تمام هطلعله هو انتٍ فكراني هخاف منه انا ما عملتش حاجه عشان اتكسف منها معاه ، عشان ما لوش حق يحاسبني، كفايه أنه مد أيده عليا وهو ما لوش حق برده لكده، انتم اصلا كلكم بتعملوا اللي بتعملوه ده مش عشان بهمكم؟ انتوا بتعملوا كده عشان خايفين علي سمعتكم وسمعه العيله ومصلحتكم، يبقى انا ليه اهتم بيكوا .

أمسكها أيمن بسرعه بحدة وحاول أن يمتص غضبه منها عندما، هتف بحذر وهو يشير لها بعينيه بحزم

= ليان اقفي مكانك وبطلي هبل مامتك معاها حق انتٍ لو طلعتي وقلتله الكلام ده هيضربك تاني ومش هيسكت وهو مش هيرتاح و يمشي غير لما كتب الكتاب يتم وتتجوزي.. عمك مش هيمشي معاه الاسلوب ده؟ عاوز تاخدي بالهدوء بالراحه.. صدقيني انتٍ لو طلعتي دلوقتي وبلغتيه برفضك؟ هيجوزك لمنصور غصب عنك ومش هيفرق معاه جوازك بالرضا ولا بالغصب حتي .

بدت شاردة وكأنها لم تنتبه لأمره الصريح، فقط نظراتها التائهه مسلطة على وجهه بصمت
و رفعت أمها يدها أمام وجهها هاتفًة بصلابة

= اسمعي كلام ايمن عارف مصلحتك وبيتكلم صح، انا عارفه عمك ده اكتر منك؟ مش هيسكت ولا هيمشي من هنا غير لما يطمن أن انتٍ بقيتي على ذمه واحد .

هزت راسها برفض بإصرار بينما والدتها شعرت بالغيظ والغضب من اصرارها بالرفض، وبدات كالعاده تتخذ الطريقه الخطا لاصلاح الأمر؟؟ حيث اقتربت منها لتصفعها حتى تؤدبها لكن قاطعها أيمن ليقف أمامها قائلا بنبرة حـــادة بعد أن عبس وجهه من طريقتها الفظة في التعامل معها

= طنط دلال من فضلك بلاش الطريقه دي، الضرب مش هو اللي هيحل ثم أنك ما كانش ينفع اصلا تسمح لي اللي بره دول يضربوها كمان، لان محدش لي حكم عليها ولا عليكي
وهي مش عيلة صغيره عشان تعامليها بالاسلوب ده !.

أغمضت ليان عينيها متألمة في إنتظار صفعه أمها لكنها تفاجأت بحديث أيمن الذي جعلها ترمش بعينيها بتوتر قبل أن تفتحها مستشعرة تلك السخونة الطفيفة التي تنبعث من وجنتيها كدليل على توردهما بشدة، وهي تشاهده يقف يدافع عنها ويعيد لها جزء من كرامتها المسلوبه، لكن لم يطال ذلك كثيرا فهي تلقت ألوانًا قاسية من العذاب من الجميع ومن ضمنهم كأن هو أيضا، تقوست شفتاها بابتسامة باهتة لكنها راضية عما يفعله، وضع أيمن يده على كتفها مضيفًا بلهجة صارمة

= وانتٍ يا ليان الوقت بيعدي ولازم تخدي قرار بسرعه، وتختاري هتكملي مع مين؟ وانتٍ ما لكيش دلوقتي غيري ولازم ترجعيلي

أدارت رأسها بعيدًا عنه متحاشية النظر إليه بعد اضطرابها من جملته الأخيرة، لا تنكر أنها كانت مطمئنة نوعًا ما لكونه هنا ؟ لكن رغم ذلك ظلت علي حاله النفور منه، و ردت بارتباك طفيف وهي تتعمد التحديق في أي شيء إلا وجهه

= طب ماشي تمام، مش انتم عاوزيني اتجوز ماشي انا موافقه بس بشرط؟ بعد ما الليله دي تتفض هرجع طلقتك من تاني وهتطلقني يا أيمن .. تمام.

انتبه لموافقتها فتهللت أساريره لكن تلاشت على الفور بعد أن سمع شرطها الوحيدة، ليرمقها بنظرات مهلكة ثم قال بصوت مكتوم

= نخلص الليله دي وبعد كده نشوف موضوع الطلاق ده بعدين.. ممكن بقي تطلعي بسرعه معانا عشان عمك مش هيستنى اكتر من كده

لم تستطع مقاومته أكثر من هذا، فقد أُنهكت قواها بدرجة كبيرة، لذا استسلمت ليان للأمر
وهزت رأسها ممتثلة لأمره بخنوع كبير، أرخى أصابعه عنها لتتحرك بارتجافة طفيفة أمامه وهي ضامة يدها إلي صدرها دليل على خوفها من القادم! وفي غضون ساعه قد انتهى كل شيء وعادت زوجته من جديد، ليبدا الجميع بالرحيل من المنزل وهي تحركت الى غرفتها بصمت غير راغبه بالحديث معه .

❈-❈-❈

وقفت مهره امام غرفه وفاء نظرت إليها بتردد وحزن فمنذ عودتهما من الخارج، توجهت وفاء على الفور إلى غرفتها ولم تتحدث معها بكلمة واحدة، ولم تلومها حتى على أي شيء وحتى تلك الليلة تجاهلتها أيضًا، مما أحزنها أكثر.. لكن ماذا عليها أن تفعل؟ هي لم تخبرها بأفعال مروة زوجة طه منذ البداية حتى لا تتسبب بمشاكل في العائلة، مثل ما حدث وتوقعت حدوثه! ثم تنهدت بعمق و تحركت بخطوات بسيطه فقد حسمت أمرها بأنها ستدخل إليها، رفعت وفاء أنظارها لها عندما دلفت وهي تخفض راسها مرددة بتوجس

= ماما وفاء انتٍ زعلانه مني؟ من ساعه ما جينا وانتٍ مش بتكلميني وسبتيني وقاعده لوحدك في الاوضه

تنهدت بعمق وحافظت على ثبات نبرتها وهي تقول بجدية

= قربي يا مهره واقعدي قدامي كنت لسه هناديكي، ممكن بقى اعرف لما مروه مرات طه بتضايقك من زمان والموضوع مش اول مره يحصل؟ ليه ما جيتيش تبلغيني ولا انتٍ بقي مش معتبريني والدتك فعلا وتيجي تشتكيلي
زي ما اي بنت بتيجي تشتكي لبنتها اللي مضايقها .

جلست أمامها مهرة، وتهدجت أنفاسها قائلة بحزن شديد

= لا خالص ربنا عالم وحده انا بحبك قد ايه وبعتبرك زي والدتي فعلا، بس ما حبتش اعمل مشاكل ما بينكٍ وما بين قريبتك! وقلت مع الوقت ممكن تبتدي تحبني لما تتاكد ان انا مش هعمل لها حاجه وحشه ولا لعيالها زي ما عم طه كان بيعمل في البدايه وبعد كده ابتدى يحبني واعتذرلي على معاملته لي زمان.. و بعدين اللي كنت خايفه منه حصل اديكي مش هتشوفي أخوكي تاني بسببي.

ردت بانفعال وهي تمسح على ذراعها بلطف

= امال كنتي عاوزاني اعمل ايه لما اعرف حاجه زي كده؟ انتٍ غلطت انتٍ كمان يا مهره انا مستحيل أسكت على اهانتك وانا مش اتبنتك وجبتك هنا تسكني معايا وبقيت بعاملك زي بنتي بالظبط عشان اسمح لحد يهينك ولا يقلل منك، مهرة انتٍ بنتي فعلا واي حد يمسك بطرف اكله باسناني ومهما كان مين

ساد الصمت بينهما قليلا ثم ابتسمت ابتسامة باهتة لها، بينما رفعت مهرة عينيها الحزينه في وجهها باحثه عن الأمان فيها، ورأته بالفعل من خلال ابتسامتها ونظراتها الموحية، لتقول بفتور

= عارفه يا مهره لما المحامي جي وقال لي ان انا ورثت كل املاك المرحوم زاهر، ما فرحتش وكنت مش هقبل الفلوس بس قبلتها عشان سبب واحد وهو انتٍ؟؟ ايوه يا مهره لما رفضت الفلوس في البدايه، اخويا قال لي اعتبريها تعويض عن اللي حصل لك زمان والمعامله الوحشه اللي شفتيها من زاهر وقد ايه ظلمك وسابك على ذمته متعلقه وضيع عمرك كله، بس ما قدرتش اتقبلها كتعويض! الفلوس مش هتفيدني بحاجه اصلا ولا عمرها هترجع سنين عمري اللي راحت ولا الاهانه اللي كنت بشوفها منه والمعامله الوحشه اللي مش قادره انساها لحد دلوقتي منه .

ضاقت مهرة نظراتها وتأهبت حواسها من حديثها المستاء ذلك، و أكملت الأخري قائله وهي تبتلع ريقها المرير في حلقها الجاف
بعد تنهيده طويله

= بس سكت شويه وفكرت فيكي و قلت طب ما هي كمان كانت مراته وشافت اكتر مني خصوص انها كانت في عمر صغير زي كده، و هي كمان عمرها ضاع منها ولسه هيضيع اكتر لو فضلت كده متعلقه وما فيش حد جنبها يوعيها وبكره هتكون مطمع لكل واحد من اللي حواليها يقرب منها ويستغلها شويه وبعد كده يختفي زي غيره، وكمان أهلك مش معاكي او موجودين زي عدمهم ! عشان كده قابلت الفلوس وقلت انا هتبناها البنت دي وهعتبرها بنتي بجد هنقذها من الضياع اللي انا عشته و في نفس الوقت اعوض نفسي عن الحرمان واني مش بخلف ولا عمري سمعت كلمه ماما ولا عشت مشاعر الامومه زي اي ام، انا كنت راضيه بس دايما كانت بتروضني فكره ان انا ليه ما اتبناش و ليه ما عملتش الخطوه دي اصلا من زمان ! عشان كده لما فكرت فيكي ما ترددتش لحظه واحده عشان اعملها

ثم نظرت لها مطولاً دون أن تبدل تعابير وجهها، و أضافت قائلة بمرارة

= عشان كده مروه وجعتني امبارح أوي لما اهنتك ولما قالتلي بلاش تكدبي الكذبه و تصدقيها البنت دي مش بنتك مهما عملتي، وأني مش بخلف و عمري ما هكون أم!!. بس انا مسكتلهاش عشان انتٍ بنتي غصب عنها وعن اي حد!

التمعت عيناها بدموع حزينه مؤلمة وهي تمسح برفق على ظهرها متسائلة بحذر

= صحيح مش انا اللي خلفتك بس انتٍ بنتي، برده.. مش كده يا مهرة

نظرت في اتجاهها بأعينها الباكية بحب صادق هامسًا لها بامتنان كبير

= ماما وفاء انا بحبك اوي وانا فعلا بنتك زي ما انتٍ فعلا امي ! وما تخليش اي حد في الدنيا يقول غير كده ولا نسمحله، انتٍ لما عرضتٍ عليا تتبنني في الاول كنت خايفه أوي عشان كنت لسه ما اعرفكيش بس في خلال شهرين بس بدات اتعلق بيكٍ أوي من حنيتك اللي شفتها وحبك ليا واهتمامك اللي ما شفتوش من اهلي عشان كده ما تردتش لحظه واحده وبقيت اناديكٍ ماما من قبل ما تطلبيها مني عشان لقيتك تستحقيها فعلا .. ومش كل واحد او واحدة بيخلفوا يبقوا فعلا يستاهلوا يتقللهم بابا وماما عشان في ناس ما تستحقهاش زي اهلي و اللي وشفتوا منهم..

حركت الأخري رأسها بإيماءة واضحة دون أن تجيبها، فابتسمت لها بعذوبة ماسحًا بإبهامها عبراتها المنسابة على وجنتها وهي تضيف

= وانا اسفه عشان ما اشتكتش ليكي في الاول، وحرامتك حتى من فكره انك تجيبي لي حقي زي اي ام .. بس انا عشان كنت خايفه اخسرك وما كنتش بحب اضايقك، بس اوعدك من هنا ورايحه هجري على حضنك انتٍ اول واحده و اشتكيلها من اي حاجه بتوجعني

اختنق صوت وفاء أكثر، وهي تجيب بنبرة باكية

= حبيبتي، انا بحبك اوي يا مهره بحبك عشان انتٍ بنتي.. ومش هخلي اي حد في الدنيا دي ياذيكٍ طول ما انا موجوده.

قالتها وفاء وهي تقترب منها محدقًا فيها بنظرات أمومة صادقة، جذبتها إليها لتضمها في أحضانها فرفعت مهرة قبضتها لتحاوطها بذراعيها وهي تبتسم لأول مرة بسعادة بعد تلك اللحظات العويصة.

❈-❈-❈

في دار الرعاية، تنهد بدر مخرجًا من صدره الكثير من الهموم مع زفيره مشحون، وهو ينظر الى السيدة عواطف والى أطفاله الذي بدا يشعر عليهم بالسوء والعطف وهو ينتقل بهم الى هنا وهناك بين الاغراب بدل من أن يرعاهم ويكبروا بحضنه، فحتى لو كانت السيده عواطف حنونه معهم فيظل هو والدهم و أحق بذلك عن الغريب، لذلك دائما يشعر بتاني الضمير والتقصير نحوهم ثم أردف قائلا بصوت مرهق

= انا مش عارف هفضل سايب البنات لحد امتى عندك، متاكده ان ما فيش حد هنا بيضايق منهم.

هزت رأسها برفض وهي تردف بجدية

= بالعكس كل ما حد يعدي ويشوفهم معايا يقعد يلعب معاهم ويكون فرحان بيهم قلت لك ما تقلقش عليهم هنا، مش احسن من الحضانه اللي انت كنت هتدبس نفسك فيها ومصاريفها
الكتير .. المهم طمني على احوالك لقيت العروسه ولا لسه .

ابتسم لها بهدوء وفهم ما المقصود وراء كلماتها تلك، و منحها نظرة عميقة قبل أن يقول بخفوت

= بترمي يعني بالكلام عشان تفكريني بموضوع الممرضه اللي انتٍ قلتيلي عليها وانا كنت مستعجل، انا من رايي بلاش يا خالتي الموضوع ده ما تنسيش يعني انها ممرضه زي ما انتٍ بتقولي وانا معايا بس الاعداديه يعني في فرق بينا في التعليم و جايز يكون في فرق في المستوى المادي كمان ما اعتقدش يعني هتقبل بواحد زيي، ولا هي يعني عشان مش بتخلف استغلها .

تنهدت بضيق شديد وهي تقول بنبرة حادة

= هتعيد نفس الكلمه تاني؟ هو انت يا ابني نيتك وحشه ناحيتها أكيد لا، بالعكس انا واثقه فيك وفي تربيتك يا بدر وعارفه قد ايه انت محترم ومنال مراتك ياما كانت بتشكر فيك وعمرها ما اشتكيت منك يبقى مش هتشيل مراتك الثانيه في عينك واللي هتراعيلك عيالك.. انا حاسه كده ان انت اصلا اتراجعت عن موضوع الجواز، ما انا ما بقتش فاهمه احوالك؟ كنت من فتره جايلي وشايل هم الدنيا فوق كتافك وقعدت تقول لي انا بفكر في موضوع الجواز ده كتير و عاوزه واحدة كويسه تشيل معايا المسؤوليه الكبيره اللي عليا ودلوقتي عمال تتلكك بأي حجه عشان الموضوع ما يكملش ، مالك بس .

زفر بدر بصوت مسموع وهو يرد بحزن طفيف

= مش عارف يا خالتي هو انا لسه احوالي زي ما هي وما فيش حاجه اتصلحت حتى الوقت اللي انتٍ بتاخديهم عندك برده نفس الحكايه انا لسه في نفس الهم وكل حاجه شايلها لوحدي، بس يمكن لما لقيت نفسي خلاص هدخل في الجد وهتقدم لواحده قلقت منها وخفت على عيالي .. وكمان حسيت نفسي ان انا اناني، انا ما نسيتش منال الله يرحمها بالسرعه دي بس انا اللي محطوط في وضع صعب

ربتت على كتفه عدة مرات برفق وهي تقول بنبرة متضرعة

= يا ابني هو انت هتتجوزها على طول ما في فترة تعارف وخطوبه، وانت مش اناني ولا حاجه انت هتبقى اناني فعلا لو كنت رميت عيالك في اي حته ورحت تتجوز عشان نفسك لكن انت بتفكر تتجوز اصلا عشانهم.. صلي صلاه استخاره واتكل على الله واللي فيه الخير هيقدمه ربنا واكيد ما حدش هيغصبك على حاجه تعملها مش عاوزها و لو حسيت باي قلق أنهي الموضوع من قبل ما يبدأ

كاد أن يتحدث بدر لكنه ابتلع جملته عندما استمع الى طرقات فوق الباب لتدخل الممرضه فريده تخفض رأسها، ابتسمت عواطف بسعادة كبيرة

= ازيك يا فريده يا بنتي اخبارك ايه؟ اخيرا خرجتي وشفتك من تاني.

ثم غمزت بطرف عينها نحوه بدر الذي أخذ يهز رأسه بتعجب وعدم فهم، وتابعت قائلة مبتسمة بود

= طمنيني عليكي اتصالحتي انتٍ وسماح صاحبتك ولا لاء .

ابتسمت لها بلطف وهي تقول بصوت خفيض

= انا الحمد لله كويسه وما فيش مشاكل بيني وبين سماح ولا حاجه، ضغطك الحمد لله مظبوط ولو قادره تتحركي ممكن تطلعي وتقعدي في الجنينه برة تشمي هواه ده هيفيد في حالتك.. اسيبك بقى مع ضيوفك وهاجي وقت ثاني، عن اذنك .

خرجت فريده بخطوات هادئه، بينما غمزت عواطف له بطرف عينها مجددا، ثم انحنت عليه هامسة بفضول

= هاه قولي ايه رايك فيها؟ حلوه مش كده

استدار ناحيتها لينظر لها بغرابة مرددًا

= هي مين دي اللي حلوه؟ مش واخد بالي تقصدي ايه

عبست بوجهها قائلة بتبرم زائف

= يا ابني عماله اشاورلك على البنت اللي دخلت ما هي دي العروسه، وكنت عايزك تبصلها وتقول رايك فيها وانت ما فهمتنيش .

نظر لها بإحراج بعد أن تفهم الأمر وهو يحك مؤخرة عنقه قائلاً

= والله يا خالتي ما فهمت قصدك وبعدين هو انا اي واحده هتدخل هبصلها، ما ركزتش فيها بصراحه وبعدين انا مالي بشكلها يعني ما انتٍ لسه قايله من شويه انا عاوز اتجوز عشان عيالي .. فمش هيفرق شكلها معايا في حاجه وبعدين الموضوع مش هينفع نفتحه هنا أكيد الاصول بتقول ان احنا نكلم اهلها الاول .

ردت عليه مؤكدة بتفاؤل واثق

= صح، بس بقول الاحسن سيبني ايميل دماغها وافاتحها بالموضوع الاول و اشوف نيتها ايه قبل ما نشوف موضوع أهلها.. وأن شاء الله ربنا يسهل الأمور ما بينكم لو ليكم نصيب في بعض.

تنهد مرة أخرى، وأطلق زفيرًا قويًا من صدره، وهو يفكر في كلامها ولم يكن هناك حل آخر سوى الزواج من زوجة صالحة ترعى أولاده وتساعده على تحمل مسؤولياتهم. وربما حينها لن يجد مشكلة في تربيتهم، فيخفف العبء عنه بعد زواجه، ويتركها ترعي أولاده في بيته كما يشاء. هز بدر رأسه بالإيجاب بصمت، ينتظر تلك اللحظة التي يشعر فيها بالحنان تجاه شخص ما، حتى لو لم يكن لديه مشاعر تجاهها! يكفي أن تعتني بأولاده. وهذا هو الأهم بالنسبة له الآن، وبحديث السيدة عواطف بإن وجود بصيص من الأمل وهذا سيدفعه إلى الانتظار.

❈-❈-❈

وفي الصباح وقف طه في الشرفة يدخن أحد أعقاب سجائره وهو يستعرض أحداث و تفاصيل مشاجرة الأمس، وكيف أهانت زوجته مروة الجميع بوقاحة ولم تحترم حتى وجوده! وتزال ترفض الخضوع له وتذهب معه وتعتذر لأخته وفاء وابنتها بالتبني. فهذه المرة الأمر ليس بسيطا! وأقسمت أخته أنها لن تدخل منزله مرة ثانية ما لم تعتذر زوجته، و ليكون صريح مع نفسه لقد أخطأت زوجته بالفعل! وهو يعلم جيداً أن هذه لم تكن المرة الوحيدة التي تجرأت فيها زوجته لتفعل حواراً مزعجاً مع مهرة، وفي كل مرة كان يحذرها لكنها لم تستمع إليه، ويكفي أن مهرة هذه الفتاة لم تذهب وتشتكي من تصرفاتها المستاءه من البداية.

ثم تنهد بفارغ الصبر والانزعاج جلي علي وجهه وأنهى سيجارته، ودخل إلى الداخل متجهًا مباشرة إلى زوجته. رآها تجلس في غرفة المعيشة أمام التلفاز، تضحك بصوت عالٍ دون أن تهتم بما فعلته. هدر طه آمرًا فيها من بين أسنانه المضغوطة بعصبية

= اقفلي الزفت اللي بتتفرجي عليه ده، و ركزي معايا، اعملي حسابك النهارده او بكره بالكتير تروحي لوفاء وتعتذرلها ومش هي وبس ومهره كمان .. انا مش هخسر اختي عشانك وانتٍ غلطتي ولازم تتاسفي

رسمت ابتسامتها تتسع لتستفزه أكثر، وهي تجيب بعدم مبالاة

= خامس مره تقول لي نفس الكلمتين دول وانا برد عليك نفس الرد؟ مش هعتذر لحد يا طه، وانا ما غلطتش ده بيتي وانا حره فيه و استقبل اللي عاوزاه على مزاجي، وحقي كمان اخذ حذري وما اثقش في البنت دي

أجابها بانفعال وهو يجاهد لإخفاء نبرة صوته
تتعالٍ ويستمع أولاده بالداخل لهم.

= البيت ده زي ما هو بيتك بيتي انا كمان غصب عنكٍ، وانا كمان حره استقبل اللي انا عاوزه وبعدين اختي مش ضيفه ولا اي حد تبعها، اختي صاحبه ملك وانا مش هخسرها عشانك ولا عشان الهبل اللي فيه دماغك، وتبقى عبيطه لو فاكره الموضوع هيعدي بالساهل كده المرة دي .

ارتجفت نبرتها وهي تجيبه بقلق

= تقصد ايه يا طة؟ هتغصبني اروح اعتذر لها يعني ولا ايه؟

احتدت نظراته وهو يجيب بتشنج جاد

= مش بالظبط بس تعتبري نفسك طالق يا مروه لو ما رحتيش خدت بخاطر اختي والبنت اللي اتبنتها، وقبل ما تطلعي فيا وتتخانقي معايا عشان مستعد اطلقك بعد العشره دي كلها عشان خاطر موضوع ذي ده؟ بس لازم تفهمي كويس ان انا ما ليش غير اختي وانها ياما زمان وقفت جنبي وعملت حاجات كتير عشاني، فمش هاجي عشان موضوع هايف وانتٍ غلطانه فيه من ساسك لراسك وما اكبرهاش، الموضوع حصل قدامنا كلنا وانتٍ اللي ابتديتي بالغلط معاها وفضلتي تغلطي فيها وما سكتيش ولا كبرتيني قدامهم حتي! والمشكله أن انتٍ ما عندكيش دليل واحد انه مهره في دماغها حد من عيالك بس انتٍ اللي مصممه عشان تكرهيها وخلاص

فردت بذهول كبير وقد شحب لون وجهها من هول ما سمعته

= يا نهار اسود يا طه عاوز تطلقني عشان خاطر البنت دي، على كده بقى لو كان العكس اللي حصل و اختك هي اللي غلطت فيا كنت هتعمل نفس اللي بتعمله ده وتجيبلي حقي منها .

سحب نفسًا عميقًا ليضبط أعصابه قبل أن ينفجر من كثرة استفزازها وعدم اهتمامها بامراه ثم هتف بشراسة وهو يضغط على شفتيه

= انتٍ عارفه كويس ومتاكده ان انا مش عايزه اطلقك عشان خاطر البنت دي، انتٍ عملتي عامله كبيره ومستهتره بيها !! راجعي نفسك كويس عملتي ايه قلت لك ما كبرتنيش قدامها
وفضلتي تغلطي في اختي قدامي؟؟ و لازم تحطي في حسابك انك زي ما هتغلطي في البنت دي يعتبر بتغلطي في اختي عشان هي بقت غصب عني وعنك بنتها، وانتٍ ما احترمتنيش قدام اي حد منهم.. وبعدين بلاش الشغل ده انا وانتٍ عارفين كويس أنك حاطه البنت في دماغك من اول ما شفتيها، ومش اول مره تغلطي فيها بالشكل ده بس هي اللي بتسكت وبتكبر دماغها، وانتٍ شكلك بقيتي تستغلي النقطه دي وتدوسي عليها اكتر

إبتلعت ريقها متوجسة بتوتر ثم اعتدل طه في وقفته والتفت برأسه للجانب ليجيبها بجمود جاد

= اما بالنسبه لسؤالك لو أختي هي اللي غلطت كنت هجيبلك حقك؟ في ايوه يا مروه وانا اللي مخليني مصمم المره دي انك تعتذري عشان انتٍ اللي غلطانه.. و اخر الكلام لو ما اعتذرتيش لاختي ولمهره هيبقى كل اللي بينا انتهى يا بنت الناس، ولما اهلك يجيوا يسالوني بتطلق بنتنا ليه بعد العشره دي كلها هقول لهم على عمايلك ساعتها وانتٍ اللي هتكوني نهيتي اللي ما بينا مش انا .

❈-❈-❈

عيناها كانت عالقه بدبلة زواجها وتنهيده بائسه تخرج من بين شفتيها وآه محبوسه تود ان تصرخ بها ولكن ما باليد حيله هي وافقت وانتهى الأمر، أصبحت زوجه المحامي الشهير سالم! زيجه يحسدها الجميع عليها فالجميع معتقد انها تعيش أسعد اوقاتها معه! فلما لا ؟ تزوجت من شخص مناسب واحبته وهو ايضا يبادلها ذلك الحب لكن لا يعرف أحد ما عذابها الخفي! وانها تعيش مجرد زواج مع ايقاف التنفيذ .

فاقت من شرودها على خطوات قادمه نحوها لتري سالم يفتح غرفه باب مكتبها بالشركه،
الحسره ملئت فؤادها بعدما انطفئ ولاحظ هو تجاهلها مثل ما كان يفعل معها بالسابق و اشغلت نفسها بالاوراق التي امامها دون مبالاة تنهد بضيق شديد من علاقتهم الفاتره فهو لا يظلم نفسه وحده إنما يظلم طرفاً اخر معه.. وهي زوجته، لكن مبرراً لحاله أن ابنته كانت دائما في المقام الاول و ستظل هكذا حتى يتعود على دخول زوجته الى حياته لكن يجب بذلك الأثناء ان يقترب منها ويصلح ما افسده سابقاً فهي لا تستحق ذلك منه، وهو بالفعل احبها ولم يقصد جرحها واهمالها بذلك الشكل.

= تسنيم، ممكن نتكلم شويه .

صوته كان يُعذبها.. اغمضت عيناها تتذكر تأخيره بالخارج مع ابنته وبياته بغرفتها متعللاً بأمر امتحاناتها وهي التي تجلس بنفس المنزل جانبه لم يكلف نفسه مرة يذهب إليها ويراها تحملت تجاهله و إهماله وتقلب مزاجه حتى، مُعلله لنفسها انها فتره مؤقته وسيتغير كل ذلك إلي الافضل.. لكن ذلك لم يحدث.

تنفس بعمق ثم جمد أنظاره نحوها قائلاً بتريث

= أنا بحبك يا تسنيم.. ادي لنفسك ولي فرصه
ما ينفعش مع اول مشكله نزعل من بعض كده تمام انا غلطان وانتٍ معاكي حق في كل كلمه قلتها لي

ثم مد يده ليمسك بكفها بأنامله، فتفاجأت من حركته وقبل ان تجذبها منه رفع يدها إلى فمه ليضع قبلة صغيرة على ظهر كفها متابعًا بتنهيدة حارة

=و آسف.. آسف بجد، أنا آسف إنك ما جيتيش في بالي وإني كنت يتجاهلك وناسيكي، آسف إني مكنتش فاهم إني بجرحك لما اهملك أو إني محاولتش أفهم أكتر حتي مالك.. انتٍ معاكي حق بس اعذريني والله ما كنت اقصد يا تسنيم اعملك بالطريقه دي، انا بجد كنت بتعامل في حياتي عادي اللي هي حياتي القديمه والمعتاده انا وليلى وبس! من غير ما انتبه أن بقي في طرف ثالث بحياتي

شعرت بتدفق الدماء في عروقها مظهره ارتباكها من تأثير ذلك عليها، سحبت يدها من بين أصابعه بسرعة رامشة بعينيها، استشعرت قوة نبضات قلبها التي كانت تتسابق داخل صدرها، عضت على شفتها السفلى متحاشية النظر نحوه، ثم هزت رأسها نافية وهي تجيبه بهمس شديد

= سالم احنا في مكان شغل مش هنتكلم هنا

نفخ مستاءً من عدم مقدرته على التجاوز بعد أن اعتصرها الألم حزنًا منه وحاول التهوين عليها قائلاً

= ما انا لما بحاول اكلمك في البيت مش بتديني فرصه، مش انتٍ نبهتيني على غلطي اديني فرصه بقى اصلح الغلط ده ونبدا من جديد

رفعت راسها له أخيرا وابتسمت ابتسامة باهتة وهي تنفي داخلها ارتباكها و توترها الذي يوحى للخضوع له قائلة بجمود

= تمام كويس صلح براحتك بس انا كمان لما اكون قادرة ابقى اقرب، اصلا أنا مش تحت امرك و وقت ما يكون ليك مزاح تقرب و مزاح تبعد هتلاقيني موجوده .. و بالمره بقى تجرب يعني ايه نكون تحت سقف واحد وأحس أننا اغرب ومش حاسين ببعض

تفهم سالم ما الذي ترميه له بحادثها و انها تفعل ذلك ثأر لكرامتها، فلا حديث يستطيع الكلام به أكثر، تسنيم شخصية خجوله وبنفس الوقت تثار لو تجرا أحد وطعن كرامتها! و تحب الكلام عن المشاعر والحب لكن هو كان يفعل العكس، لذا انسحب بهدوء من مكتبها وهو يفكر في حل لهما وإلي علاقتهما التي انتهت بمجرد زواجهما .

نظرت الى هاتفها الذي يدق برقم أخيها، تجاهلته في البدايه فلا تريد ان تجيب ويشعر من خلال نبرة صوتها بشيء؟, فهي لا تريد ان يعرف شيئا عنها فيكفي ما هو فيه، وعاد رنين الهاتف ثانيه لتلتقطه بتردد واضـح وقالت بثبات

= ايوه يا ايمن اخبارك ايه يا حبيبي

جاء صوته بقلق وهو يتسائل بغرابة

= مبترديش ليه يا تسنيم، انا عمال اتصل بيكي كذا مره من الصبح

والحجة كانت موجوده على طرفي شفتيها كالمعتاد وهي تجيب عليه بخفوت

= كنت بره الاوضه، مشغوله مع عميل في قضيه

هز رأسه بتفهم ثم قال بنبرة مازحا

= اه تمام، هو انتم نزلتوا الشغل ليه كده بدري انا قلت هتاخدوا اسبوع ثاني اجازه ولا زهقتوا من بعض بدري

زفرت أنفاسها تغمض عينيها وتحدثت بصوت فاتر

= يعنى، انت عارف اللي بيكون متعود على الشغل مش بيرتاح في الاجازه كتير

ابتسم أيمن بتفهم وقال بحب

= ربنا معاكي يا حبيبتي، بس بلاش تجهدي نفسك كثير وخلي بالك من صحتك وما تنسيش تاكلي كويس، انا عارفك على طول بتنسي تتغدي في وقت شغلك.

كلماته كانت تحرقها، أيمن أخيها يُعاملها بكل حب ورقي وهي بالفعل بحاجه الى ذلك، و تُريد كل هذا وأكثر لكن هذه المرة من آخر؟؟ حتي اللوم لم يريحها هو حكم عليها بالتعاسه منذ بداية زواجهم، بينما كان أيمن يريد ان يخبرها بما حدث بينه وبين عائلة ليان وأنها اصبحت زوجته للمره الثانيه! لكن تراجع بآخر لحظات حتى لا يفسد عليها اجواءها السعيده التي تعيشها مع زوجها، بالاخص أنها مازالت عروس جديد.

❈-❈-❈

"الراحل بدون سبب لا يؤتمن حتى وإن عاد."

في الاستراحه، تحرك امامها بخطوات هادئه وهو يستمتع بالرؤيه الى تفاصيلها باشتياق
كذلك هو رأها بعين مختلفه عن الماضي، إزدادت نُضجًا وجمال، لكن هل مازال قلبها فارغً أم هنالك من إحتل مكانه خاصه لديها.

انتبهت اليه فريده ولم تتفاجا فحينما رات والدتها في المرة السابقه توقعت مجئ الجميع الى هنا لذا بدات تفكر بالرحيل والهروب مجدداً منهما، قاطعت نظراته وهي تنظر له بحنق

= عرفت مكاني منين ماما اللي قالت لك صح؟ انا مش عارفه بجد مش عايزين تسيبوني في حالي ليه؟ بعدت عنكم و برده جايين ورايا، لو جاي هنا تزور حد ادخل شوفه انما لو جايلي فاعتبرني مش موجوده.

تشكلت ابتسامة راضية على محياه وهو يقترب منها هاتفًا بشجن

= فريده استني انا جاي عشانك، فريده انا طلقت مراتي ومن ساعتها عمال ادور عليكي ونفسي تديني فرصه تاني اصلح القديم، فرصه بس واحده صدقني وانا هتغير عشانك ! انا عملت كل ده اصلا بدافع ان انا بحبك حتى اتخليت عنك عشان بحبك وخوفت من التردد اللي جوايا ياذيكي !

ردت عليه مبتسمة ابتسامة باهتة قائلة بنبرة ساخراً

= أيه؟! منطق جديد ده؟ أعمل كل اللي أنا عايزُه بأسم الحب، أكدب بأسم الحب! تروح تعرف غيري واحنا لسه مخطوبين و تتخلى عني وما تواجهنيش وتقول لي عملت كل ده بدافع الحب؟ ثم انك جاي ليه تقول لي انك طلقت ولا اتجوزت تاني حتى.. انت فاكرني بقيت اهتم اعرف عنك حاجه ولا لما تقول لي كده هفرح ولا اشمت فيك مثلا او في الهانم اللي انت اتجوزتها وسبتني آآسي لوحدي .

برر أسر موقفه بسرعه قائلاً باستياء

= مش انتٍ بس اللي آسيتي، أنا آسيت أكتر منك .. أيوة يا فريده.. ما تفتكريش الوضع كان سهل عليا اني اسيبك واروح لغيرك؟ زي ما انتٍ كنتي محطوطه في ضغوطات خليتكٍ تتجوزي اللي ذبحك!! انا كمان كنت محطوط في ضغوطات خليتني ابعد عنك وما اقدرش اكمل ولا اساعدك

عبست قسماتها بشدة، وهدرت به بانفعال طفيف

= إنت مَدتش نفسك فُرصة تساعدني، إنت كان مُمكن تساعدني بس ما حاولتش.. إنت اتلككت وانسحبت من طريق ما بداتوش اصلا! أنت كنت عامل زي اللي بتكرهني في نفسي لسوء اختياري، حتى مُميزاتي كنت بتقلبها عيوب؟ الطيبة كنت بتشوفها خيبة حبي ليك بتشوفه ضعف مع إن ما حدش حبك قدي يا أسر

حاول أن يحرر قيد التوتر التي حلت به مرددًا بخجل كبير من نفسه

=ما تصغرنيش أكتر من كدة يا فريدة ، انا معترف ان انا غلطان وندمت .

السخريه ارتسمت فوق شفتيها بطريقه مؤلمه، وقالت له بلهجة صارمة، مع نظرة قوية و شبه حزينة من حدقتيها

= ما حدش كبرك قدي إنت إللي صغرتني؟ أنا عُمري ما كنت ضعيفه ولا محتاجه لك ولا محتاجه لغيرك، بس كنت فاكره ومعتقده ان لما اسند على كل الناس اللي قريبين مني هي دي القوه بس معاكوا عرفت انها ضعف ! لما استغلتوها ضدي و عرفت ان قد ايه كنت غبيه لما استنى من حد يقف جنبي ويجيبلي حقي،
أمشي يا أسر وما تفكرش ترجع تاني ولا تطلب مني اسامحك ولا ارجعلك

اعتصر قلب أسر بألم قوي من جملتها تلك، وتوسلها بصوت مختنق

= ما تسيبنيش يا فريدة و أحلفلك إني هتغير
انا لما صدقت اني انفصلت عن نرمين واول واحده جريت عليها انتٍ وبقيت ادور عليكي باي طريقه عشان اوصل لك بيها زي المجنون

ارتفعت عيناها نحوه وقد بهتت ملامحه والآلم عاد ينهش قلبها مُجدداً، طالعته بنظرات قاتمة لتهتف بيأس فكلما ظهر أحدهم بحياتها من جديد لا يعلم بانه بذلك يفتح جراحها القديمة مجدداً

= ما تحلفش يا أسر ولا تفكر توعدني تاني، حلفانك ده لا هيقدم و لا هيأخر حاجة إتغير لنفسك، إثبت إنك اتغيرت بس مش ليا لغيري! للي مستعد يصدقك تاني ويديك فرصه

بدأ وجهه مشدودًا على الأخير، هو توقع ذلك! وحدث ما كان يخشاه، رفضت عودته لها و ليس ذلك فقط؟ بل فضحته امام نفسه ليعلم أنه كأن شخص ندل بجداره، هتف يسترجيها بندم

= انا اسف يا فريده عارف ان انا اذيتكٍ بطريقه وحشه، بس انا بحبك ولسه بحبك والدليل على كده ان انا هنا دلوقتي

لمعت عينيها بخيبة وتجرعت غصتها بحزن للحظه، لتردف بعدم رغبة بالحديث أكثر او العوده الى تلك العلاقه مجددا

= الفكرة أنا اكتشفت إن الناس كلها كانت حواليا بتاذيني وأنا متحملة جزء من الغلط ده مكنتش حاطه حدود لنفسي.. يمكن انت الشخص اللي فيهم كان بيعمل ده بطريقة مباشرة فكنت قادره أشوفه.. أصل متجاملنيش يعني انت لو بتحبني فعلا مكنش زمانك روحت جريت ورا غيري ولا اتخليت عني !.
ما هو ما ينفعش تاذيني وترجع بعد كده تقول لي ما انا بحبك؟ ده مسموش حب يا أسر، ولو هو ده كان حبنا من البدايه تبقى دي علاقه سامه وما كانش ينفع نكمل فيها

أربكته طريقتها المفعمة بالعتاب و الاشمئزاز منه، قبضة مؤلمة اعتصرت قلبه وهو يسمع تلك الكلمات منها... أطرق رأسه في حرج مخجل، بينما هي قد غالبتها الدموع و منحته نظرة أخري عميقة، لتنطق عما يجيش بين جنبات صدرها من ألم وخيبة متقدة

= كنت ممكن تقول انك مش عايز تكمل و بعدها كان هيبقى حقك تعمل اللي انت عايزة.. اكتر حاجة كسرتني هي إن إنت كدبت عليا لما وعدتني انك مش هتتخلى عني و وجعتني اكتر لما حتى ما احترمتش علاقتنا لاخر لحظه ووقفت قصادي وقلتلي انا هسيبك! يمكن ساعتها كنت جبان.. انت كنت أوحش غلطة في حياتي يا أسر واتمنى ما اعيدهاش الغلطه دي تاني في حياتي .

لحظات مرت و الالام تنهش قلبه بلا رحمه! لكن هو من اعطى الأمل لنفسة وهو من اضعه بنفسه أيضًا؟ فماذا كان يظن ان تستقبله بالحب والاشتياق بعد كل ما حدث بينهما؟ لم يستطيع الرد على كلماتها فالصوره اتضحت والآلم عاد لذا انسحب من الغرفه يدفع كل ما يُصادفه يود لو يصب لجام غضبه على أحداً
بينما هي تابعت رحيله بنظرات جامدة بفتور و لم تشعر بالندم على اي كلمه قالتها فهي تاخرت جدآ في العتاب، فمُتقلب الود لا يؤتمن، حتي وإن عاد نادمًا.

** ** **
يـتـبـع.

ملحوظه الروايه سابقه هناك على المدونه للي عاوز يتابع ومش عارف يوصل لها على جوجل يقول لي ابعته اللينك خاص .

Seguir leyendo

También te gustarán

189K 5.5K 24
اكشن ورومانسى الجزء الثانى من الحب الضائع
491K 10.6K 35
المقدمة عندما تشعر ان الحياه تضيق بك حتي تحس وكأنك تعيش داخل قنينه زجاجيه ضيقة , بالكاد تستطيع التقاط انفاسك من تلك الفوهه الصغيرة من الأعلي , تجاهد...
3.4M 87.7K 34
روايه الدهاشنه بقلم ملكه الإبداع ايه محمد رفعت
7.5M 107K 29
قزح ١٠٧ رواية منقولة للكاتبة زهراء سلامي هواي بنات طلبوها ولكيتها بالتلي