🌼"بداخل كلٍ منا شر يجهله ...و لكن مصيره أن يظهر في يوم من الأيام " 🌼
.
.
.
.
في غابة مظلمة يملؤها الضباب تدب الرعب في نفس كل من يقترب منها يُسمع فيها أصوات غريبة مجهولة المصدر ...مشى الشاب برفقة ذئبه الأسود صاحب الأعين الصفراء اللامعة كقرص الشمس و التي تبدو واضحة حتى في ظلمة اللّيل مشيا في صمت إلى أن كسر الشاب ذلك قائلا
" نحن نبحث منذ ثلاثة أيام دون جدوى "
" ما الذي تفكّر به يا هجين ؟" سأل الذئب بإستغراب فرد الهجين " يجب أن نستعين بساحر ما يقوم بتعويذة تقفي "
" اتصل بعمك بادي أو بفجر إذن " قال الذئب ذلك و بعدها سمعا صوتا غريبا فنظرا لبعضهما ثم نظر نديم لجيب مهيب لأن الصوت كان صادرا منه فضحك مهيب ...لأنه كان صوت هاتفه
" لمَ تحمل هذا الشيء معك ؟" قال نديم ضاحكا فردّ الشاب يحاول استرجاع أنفاسه من شدة الضحك " لا أعلم من أين جاء حتى أنني نسيت صوت رنّته ، دعني أرى من قد يتصل بي في هذا الوقت "
نظر مهيب لهاتفه ليجد آهاب هو من يتصل به فتغيّرت ملامح وجهه للجدّية و ردّ عليه ليقول أهاب قبل أن ينطق مهيب حتّى " يبدو أنني سبقتك هذه المرة يا هجين "
" ليس وقت المزاح " قال مهيب بجدية فردّ آهاب بإستفزاز " لست أمزح ...هيا عد للقصر نحن بإنتظارك "
" القصر ! مهلا هل عدت من السفر ؟"
" نعم ...فجر معي أيضا " رد آهاب فقاطعه مهيب قائلا " لدي بعض العمل لأنجزه إنتظراني ريثما أعود"
" لقد أنجزنا عملك هيا تعال فقط "
" لحظة ! أي عمل الذي أنجزتماه ؟" سأل مهيب بإستغراب فقال آهاب ما أدهشه " تعالي يا فراولة أخوك على الهاتف"
ناول الهاتف لماهيتاب لتكلم أخاها " لا تناديني فراولة مجددا " قالت ماهيتاب بعبوس محاطبة آهاب ثم أمسكت بالهاتف لتحادث أخاها " أعطيني الهاتف ... مرحبا أخي !"
" حبيبة أخاكِ ...هل انت بخير ؟" رد مهيب و قد إمتلأ قلبه بالسعادة لسماع صوت أخته فردت هي بحماس " نعم نعم بخير هيا تعال بسرعة لقد اشتقت لك كثير "
" أنا قادم لن أتأخر "
و بعد لحظات معدودة كان مهيب و نديم أمام القصر دخلا ليجدا العائلة كلها مجتمعة رغم أن الوقت كان متأخراً ، ما إن دخل مهيب حتى ركضت نحوه ماهيتاب و عانقته فنظر هو لآهاب و فجر قائلا " ألن يروي لي أحدكم ما حصل ؟"
" نظرات الذئب العجوز تزعجني اطلب منه أن يغادر"
قال أهاب و هو ينظر لنديم فإنتبه الجميع لما قاله فسألت راتان بإستغراب " ما الذي تقصده بالذئب العجوز ؟"
ابتسم آهاب ثم قال " ذلك الذئب الأسود الضخم الذي لطالما رافق مهيب ما هو إلا صديقه الأخرس نديم و الذي كان يخفي علينا حقيقته كل هذه السنوات "
صدم الجميع لما سمعوه بينما نديم ظل ينظر للأرض لا يرفع رأسه و لكن ماهيتاب ردت بحدة على آهاب قائلة " أنا كنت أعلم بذلك ، كما أن قولك لهذا الكلام لن يغير نظرتنا و لا حبنا له لذلك كف عن إفتعال المشاكل " ثم أضاف مهيب بإنزعاج " لست مضطرا أن تبين له كم تكرهه في كل مرة نلتقي فيها كما أن معظهم يعلمون بذلك "
نظر لها آهاب لهم بتهكم ثم همّ بالصعود للطابق العلوي فلحق به فجر و هو يخاطب مهيب " إلحق بنا لنروي لك ما حدث "
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
*العودة للماضي (قبل بضع ساعات)*
" اجعلها تأكل غصبا عنها نحنا بحاجة لها على قيد الحياة " قال قائد حرس قبيلة الناب و هو يراقب الحراس و هم يضعون الأكل أمام ماهيتاب و التي كانت تصرخ " من انتم دعوني اذهب ! سيأتي اخي ويقتلكم جميعا " فرد عليها و هو يضحك " نحن ننتظره منذ يومين يبدو أنكِ ستموتين قبل أن يصل إلينا حتى "
فجأة دخل أحد الجن من الخارج و كان لونه شاحبا ثم قال برعب " سيدي لقد أصابنا هجوم للتو من رجلين غريبين " فرد قائد الحرس و هو يهم بالخروج " يبدو أنه الهجين و معه صديقه "
" لا انها أول مرة أراهما " أضاف الجني فرد القائد بغضب " من يتجرأ و يدخل منطقتنا ! أخبر الزعيم بسرعة "
خرج زعيم قبيلة الناب من كهفه لرؤية الدخيلان و معرفة من هما بينما يحاوطه الحراس من كل الجهات لحمايته ، بعد قليل بدأت حشود الجن بالتجمّع حول الدخيلان أما هما فلم يكترثا إطلاقا لأعداد الحشود المتجمهرة حولهما .
كان أحدهما أشقرا ذو أعين خضراء كالعشب ذو قامة طويلة و شعر غير مرتب و الآخر حنطي البشرة يرتدي بذلة رمادية كانت ملامحه حادة و شعره مرتب ...بعد لحظات من تبادل النظرات إبتسم الأشقر إبتسامة خبيثة و هو ينظر في الأرجاء " من الذي تجرأ و قام بتحدي آل بنجامين ؟ هل سيتجرأ و يرينا وجهه أو أنه سيمكث مختبئا كالفأر طويلا ؟"
ما إن أكمل كلامه حتى سمع صوت زعيم قبيلة الناب
" أنا هنا "
نظر له الشابان بإستغراب بينما كان آهاب يبتسم قليلا " عجبا لجرأتك " فقال الزعيم " لا أملك وقتا لتضييعه معكما ...رأس الهجين مقابل حياة الفتاة "
" ويحك هل قمت للتو بمساومة فردين من آل بنجامين ؟"
قال آهاب بإستفزاز فرد الآخر " انظر للأعداد الهائلة التي تحاوطكما ، فرصتكما في النجاة منعدمة لذا إخضعا لأوامري دون عناد "
" سنقتلهم جميعا و أعتقد أنني سأبدأ بك " قال آهاب مخاطبا الزعيم بينما كان فجر هادئا كل الوقت و بلمح البصر إختفى الزعيم فنظر فجر لإبن عمه قائلا " احرص على قتله أثناء بحثك عن ماهيتاب "
" إعتني بهؤلاء جيدا إذن "
" حسنا يا آهاب لا تتأخر لاني سأشعر بالملل وحيدا عندما أقضي عليهم "
" لن اتأخر " قال آهاب ذلك ثم ظهر دخان أسود كثيف حوله لمارد أسود ضخم إختفى من مكانه في الحين
ظل فجر واقفا لوحدة وسط تلك الحشود التي تتجمهر حوله و بعد لحظات إقترب أحد الجن من فجر بسرعة فائقة ليهاجمه ...كانت تلك الهجمة بمثابة جس نبض قوة الخصم و لكن دون أن يلتفت له فجر جعله رمادا تناثر في الهواء .
أصيب بنوا الجن بصدمة لذلك فبالرغم من سرعة الجن الفائقة إلا أن فجر قد قضى عليه دون أن يستدير له حتى فقال أحدهم بفزع " من يكون هذا بحق الجحيم !"
مشي فجر بثقة و دون حراكٍ من مكانه تسمر الجميع أماكنهم و عجزوا عن الحركة كأنهم أصيبوا بالشلل فتقدمت ساحرة كانت ضمن حشود قبيلة الناب نظرا لأنها لم تتأثر بالتعويذة التي القاها فجر ثم قالت
" أعتقد انني عرفتك !"
حينها أدرك فجر أن التي تقف أمامه ساحرة طالما أنها لم تتأثر بتعويذته فقال و هو يرتب ربطة عنقه
" بإمكان الساحر أن يتعرف على ساحر آخر بسهولة "
" و لكنّك لست أي ساحر ....أنت ساحر المرجين فجر الموقر ، ساحر المجازر الذي لا يحل بمكان إلاّ و قد ترك خلفه مجزرة "
" هل ذاع صيتي هنا أيضا ؟ لم اكن أعلم أنني مشهور لهذه الدرجة " رد فجر بتفاخر بينما بدى الذهول على وجه زعماء قبيلة الناب فهم لم يسمعوا من قبل عن فجر ولا عن الذي كان معه .
من بين أحفاد آل بنجامين كلهم مهيب فقط من كان مشهورا نظرا لأنه هجين فقد عُرِف في كلا العالمين ، فتكلّم أحد زعماء القبيلة مخاطبا الساحرة التي كانت متسمّرة مكانها في ذهول على الرغم من أنها لم تكن تحت تأثير التعويذة " تبا لهذه هذه العائلة هل جميعهم خطيرون هكذا ؟ افعلي شيئا هل جئنا بكِ لتقفي و تشاهدي الأعداء يبيدوننا ! يا .. "
قبل أن يُكمل كلامه سألهم فجر " هل نبدأ يا سادة ؟"
توجهت جميع الحشود نحوه بسرعة فتمتم فجر تعويذة خاطفة أطبقت على الجميع في لمح البصر و معهم الساحرة أيضا ، تطايرت أشلاء حشود الجن على جدران الكهف و قد سالت دماؤهم مشكلة وادٍ أحمر فمشى فجر بكل ثقة بين جثثهم تاركا خلفه مجزرة الجن .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
اتجه أهاب لداخل الكهوف المجوّفة باحثا عن ماهيتاب بينما كانت الأخيرة في أحد الزنازن مع مجموعة من الحرّاس و لكن فجأة جاء أحد الجن قام بإستدعائهم لصدّ هجوم ما .
إستغلت ماهيتاب خروج الحراس ففكت حبالها بصعوبة و خرجت راكضة محاولة الهرب و إذ بها سمعت صوت أقدام يقترب منها فزادت من سرعتها إلى أن كادت أنفاسها تنقطع و قلبها كاد يخرج من مكانه بسبب خفقانه الشديد .
وصلت الفتاة لنهاية التجويف و لم تجد طريقا آخر تسلكه فتوقفت وبدأت نبضات قلبها تتزايد من شدة الخوف و ما إن إلتفت حتى أتى شخص من خلفها أمسك بها فحاولت هي طلب النجدة و لكنه وضع يده على فمها ليمنعها من الصراخ قائلا " ششش لا تصرخي إنه أنا ...آهاب "
كانت تلك أول مرة تسعد فيها ماهيتاب لرؤية آهاب و لكنها نظرت له بعبوس " لقد أخفتني ...يا لك من ابن عم " قالت و هي تدفعه فرد هو مبتسما " بدل أن تشكريني لأنني أنقذت حياتك ؟"
" من قال لك أنقذني ...أخي قادم على أي حال " قالت هي بتعجرف فأمسك هو بيدها و سحبها خلفه قائلا " هيا فقط لنذهب "
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كان فجر يقف أمام الكهوف يرتّب بذلته و فجأة سمع صوت أقدام يقترب منه فقال " لقد تأخرتما "
ركضت ماهيتاب و عانقته ثم قالت بسعادة " أخي لقد إشتقت لك ، هل عدت من أجلي ؟ "
" بالتأكيد عدت لأجلكِ لا يمكنني أن اترك أحدا يؤذي أختي الصغيرة " رد و هو يمسح على شعرها الأشقر فقال آهاب بإنزعاج " هل كان فجر مسافرا لوحده ؟ يشتاقون له فقط "
" و من المجنون الذي قد يشتاق لك أنت ؟" قالت ماهيتاب و هي تنظر له بتهكم فرد هو عابسا " لا أريد أن يشتاق لي أحد و خاصة أنتِ "
قاطعهما فجر محاولا كتم ضحكته " دعانا نذهب للبيت "
إتجه الثلاثة للقصر و ما إن وصلوا حتى فتح لهم سيفار الباب فأتي الجميع من خلفه و الذين كان واضحا عليهم التوتر و أنهم ينتظرون قدوم شخص ما فقال آهاب بنبرة مستفزة و هو يهم بالدخول
" مفاجأة ...لقد عدنا !"
" لقد نوّرتما كل أماريا و أرض طلحة يا لها من مفاجأة عظيمة !" قالت أمارة مرحبة بهما فقاطعها شادن قائلا " اصمتي فقط يا مارين كفاكِ مجاملات"
إنتبهت نبراس بأن ماهيتاب معهما فصرخت بحماس
"ماهيتاب معكما أيضا !"
ركضت ماهيتاب نحوهم ليعانقوها جميعا سعيدين بعودتها سالمة فقال سيفار " لقد كنّا ذاهبين للتوّ للبحث عنكِ يا شقراء "
" بعد يومين أو أكثر !" قالت هي بعتاب فأضاف سلام شارحا " لقد جاءت نبراس للتو و عندما لم تجدكِ هنا سألت عنكِ و نحن أيضا تفاجأنا بسؤالها لأنكِ كنتِ ببيتهم "
" نحن كنا نظن أنكِ عندهم و هم يظنون أنكِ هنا " قال سيفار فأردفت نبراس " لأنني وجدت رسالتكِ عندما غادرتِ و قلتِ بأنكِ تريدين أن تعودي للقصر "
"و لكنني لم أترك أي رسالة " قالت ماهيتاب بإستغراب ثم إبتسمت و أردفت "و لكن لا يهمّ فأنا بخير و بينكم الآن "
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بعد أن روى آهاب كل ما حصل معهما نظر له مهيب و سأل بفضول " و من أخبركما بإختطاف ماهيتاب مع العلم أن كل من بالقصر لا يعلمون و حتى أنا لم أكن أعلم مكانها ..."
رمى آهاب بنظره لفجر و إبتسم بخبث " اسأل فجر لأنههو من أخبرني" فردّ مهيب بإنزعاج " فجر لن يخبرني تعلم أنه يتكتم عن كلّ شيء "
إبتسم فجر ثم قال " لأنني أعلم كل شيء " إعتدل في الجلوس و وضع أصابعه تحت ذقنه و أردف " و لكن هنالك ما يشغل بالك يا مهيب أفصح عنه"
صمت مهيب لبضع لحظات ثم قال بقلق " معك حق ...أنا محتار لمَ قد يخطف قبائل الناب أختي و أنا ليس بيني و بينهم أي عداوة "
" ليس بالضرورة أن تكون عداوتك معهم ...من الممكن أن يكون أحد حلفائهم عدوّك أو ربما قدّم لهم أحد عرضا مغريا للإطاحة بك دون أن يظهر هو في الواجهة " قال فجر موضحا فسأل مهيب بإستغراب
" لماذا ؟"
"لكي لا تكتشف عدوّك الحقيقي حتى و لو وقف أمامك فإنك لن تعرفه و لن تأخذ حذرك منه "
فقال مهيب مستنتجا " يعني أنه من الممكن أن تكون كل الهجمات التي تعرضّتُ لها من قبل سببها شخص واحد !"
" صحيح " قال فجر فنهض مهيب قائلا و هو يهم بالخروج من الغرفة " حسنا سأدعكما ترتاحان أنا ذاهب لغرفتي لأستحم و آخذ قسطا من الراحة"
" أنا أيضا سأغادر " قال نديم و هو يهم بالمغادرة فسأل آهاب بإستغراب " هل خُيّل لي أن الأخرس تكلّم للتوّ ؟"
" نعم لقد أصابك الخرف " أجاب نديم و هو ينظر له بتهكم فقال آهاب بغضب " سأضرب رأسك الصغير ليصيبك الخرف حقا " ليرد نديم و قد توهجت عيناه " ما رأيك أن تحاول لمسي أولا ؟"
" سوف أقطع .." قال آهاب بغضب و هو يتجه نحو نديم فقاطعهما فجر بصوت عالي " يكفي !"
كان ذلك كافيا لردع الإثنين و عودتهما لصوابهما فدفع مهيب نديم أمامه قائلا " هيا غادر يا ذئب أنا ذاهب للنوم الآن "
غادر نديم بينما ذهب آهاب و فجر ليخلدا للنوم و مهيب ذهب لغرفته ليستحم ، إستغرق الشاب وقتا طويلا في الإستحمام و عند خروجه إستلقى على سريره لينام و لكنه أفاق فجأة و قد خطرت سبأ على باله فهو لم يراها منذ عودته للقصر .
نهض من سريره و إتجه للغرفة التي بجانب غرفته ليجدها واقفة بجانب النافذة تشاهد القمر كان وجهها شاحبا و لديها حدائق سوداء تحت عينيها توحي بتعبها الشديد و عدم نومها لأيام متواصلة و لكنها على غير عادتها لم تبدي أي ردة فعل لرؤيته بل نظرت له ثم عادت للتحديق في القمر
" هل هنالك خطب ما ؟" سأل مهيب بصوت هادئ فأجابته هي دون النظر إليه حتى " لا ...ما الذي جاء بك في هذا الوقت ؟"
" هل أزعجتكِ بقدومي في هذا الوقت ؟" تجاهلت هي سؤاله و قالت " متى يمكنني المغادرة ؟"
" ما هذا السؤال ؟ و ما الداعي له ؟"
" لا أريد البقاء هنا " قالت و هي تستدير له فسألها هو " هل أزعجكِ أحدهم ؟"
"لا ، أنا فقط أريد المغادرة " قالت و قد كانت تبدو مصممة على قرارها ذاك فأضاف هو " أنا قد عدت لا يوجد شيء لتقلقي بشأنه لن يزعجكِ أحدهم "
"لا يهم ..."
" وجودي غير مهم ؟" سأل بإستغراب فأدارت هي وجهها للنافذة دون أن تجيبه فأردف " حسنا عندما أتأكد أنهم لا يراقبونكِ ستغادرين "
هزت هي رأسها بالموافقة فغادر هو عائدا لغرفته و لكنه قد أحس إحساسا غريبا كأنما صفعته على وجهه بتجاهلها ذاك له ، هو لم يكن يتوقع رد فعلها البارد ذاك عند رؤيتها له بعد غياب ثلاثة أيام فجلس يحادث نفسه كأنها شيئا ما قد تغير بها .
إستلقى على سريره يفكر بها للحظات ثم فجأة إنتبه لنفسه و قال بإنزعاج " و لمَ أكترث لعدم إهتمامها ، أنا حتى لا أهتم لها و لا أريدها أن تهتم لي ، لن أعيرها إهتماما مرة أخرى "
ظل يقنع نفسه أنه لا يهتم لأمرها و بأن أمرها لا يعنيه محاولا تجاهل تلك الأحاسيس الغريبة التي تراوده عندما يراها ظل يحاول نفي إنزعاجه من تجاهلها له إلى أن غطّ في نوم عميق .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
في صباح يوم جديد إجتمع آل بنجامين على طاولة الفطور ما عدا مهيب الذي كان لايزال نائما و لم يوقظه أحد لأنه يكره أن يتم إيقاظه من نومه كما أنه كان متعبا .
بينما الجميع يأكلون في صمت إذ بشادن ينظر لآهاب و إبتسم بخبث حاول آهاب تجاهله عدة مرات و لكنه في النهاية قد أثار غضبه فصرخ قائلا
" لماذا تنظر لي و تبتسم هكذا كالأبله ؟"
" لا شيء أنا فقط محتار " رد شادن و هو يحرك زيتونة أمامه بالشوكة فسأله أهاب " محتار من ماذا ؟"
" أنك لم تعلّق أنت و فجر على وجود فتاة غريبة في قصرنا " قال شادن و هو يهز حاجبيه بالتناوب هو كان يعلم جيدا أن أهاب لا يعلم بالأمر لذلك تعمد إخباره فسأله أهاب بإستغراب " عن أي فتاة تتحدث ؟"
حينها ابتسم شادن بخبث و قال "حبيبة مهيب التي سيتزوجها "
وقف آهاب من شدّة الصدمة و نظر لفجر الذي كان هادئا يتابع أكله دون الإكتراث بما يحصل حوله فوجه آهاب نظره لكبار العائلة " ما هذا الكلام الذي أسمعه ؟ "
" تعلم أن الهجين لا يستشير أحدا في قراراته " رد عمه بادي بإنزعاج و قبل أن يكمل كلامه قاطعه شادن مضيفا " و الفتاة تشاركه غرفة واحدة "
" أغلق فمك يا صبي " صرخ نجم بوجه إبنه فقال الأخير بتذمر " لست بكاذب يا أبي "
" اسكت و لا تتدخل ها قد أحدثت مشكلة على طعام الفطور " رد نجم بتهكم فقال آهاب بغضب " لا تخاطبه يا عمي بل خاطبني أنا أي فتاة هذه التي سيتزوجها الهجين و ما الذي جعله يأخذ هذا القرار !"
" هذه حياته و من حقه أن يعيش مع التي يختارها" قالت ماهيتاب متدخله فصرخ آهاب بوجهها " لا تتدخلي أنتِ !"
" كفّ عن الصراخ ! " قال والده رعد و هو يضرب قبضته على الطاولة
" و لكن يا أبي أنا هنا منذ البارحة و لم يخبرني أحد .." و قبل أن يكمل آهاب كلامه قاطعه والده قائلا " قلت لك كفّ عن الصراخ ...هذا زواجه و قراره يختار أي فتاة يريدها لا دخل لكم "
توقف فجر عن الأكل و مسح فمه بالمنديل ثم نظر لعمه برق و قال بكل هدوء " فتاة القرية التي قامت ماهيتاب بدعوتها لحفل الزفاف ، أليس كذلك ؟"
أومأ برق برأسه بأن ما يقوله فجر صحيح فأضاف الأخير " لم أرى شيئا مميزا في تلك الفتاة "
قالت أمارة متدخلة تخاطب فجر " و لكن الحب لا يأتي بسبب مميزات الشخص أو جماله أو حتى إمكانياته سواءا الجسدية أو المالية ...الحب شيء يحدث فجأة و يصيب قلبك "
نظر لها فجر دون أن يرد فقط إكتفى بإبتسامة هادئة فأردفت هي " دعونا نتقبل قراره برحابة صدر " و لكن والدها بادي قاطعها " لا تتدخلي "
"و لكن يا أبي .."
" لقد قلت لا تتدخلي " قال بادي بحدة فصمتت أمارة بينما تابع البقية فطورهم حتى قالت زمرد و هي تخاطب آهاب " عندما ننتهي من الفطور أريدك أن أتكلم معك في موضوع مهم يا آهاب "
"و أي شهيتك بقيت عندي ...هيا لنصعد لغرفتي يا زوجة عمي "
صعد آهاب برفقة زمرّد لغرفته فجلست هي على الأريكة و طلبت منه الجلوس " اجلس يا صغيري هنالك موضوع مهم أريد أن أطلب مساعدتك فيه "
" أخبريني أنا أسمع " قال دون أن يجلس فقد بقي واقفا يشبك يديه و علامات الغضب على وجهه فقالت هي " الفتاة ..."
" تقصدين المتشرّدة التي وقع الهجين في حبها "
هزت هي رأسها بالموافقة فسألها هو " ما بها ؟"
" إنها حامل " ما إن قالت ذلك حتى توسعت عيناه و قال بصدمة " ماذا !"
" و مهيب لا يعلم بالأمر بعد " أضافت زمرد فقال آهاب بغضب " تلك الفتاة ليست من مقام عائلتنا "
" أنا قد قمت بترهيبها من مهيب و قلت لها أنه سيقتلها لو علم بأمر حملها " قالت ذلك و نظرت له نظرات مظلمة ثم أردفت " لذلك يجب عليك أن تحذرها أنت أيضا منه و تساعدها في الهرب من هنا و عندما تبتعد عن حدود أرضنا ستجد هنالك من ينتظرها "
"ليقوم بقتلها " قال هو مستنتجا فردت هي " نعم "
" بإمكاني قتلها " رد هو مقترحا فقتل فتاة ليس بالأمر الصعب عليه و لكنها عارضته قائلة " لا نريد التورّط مع مهيب فقط ساعدها على الهرب "
" لا تقلقي سأضمن خروجها من القصر هذه الليلة ...تلك المتشرّدة و لكن كلّ ما عليكِ فعله هو أن تقومي بإلهاء الهجين " قال آهاب فردت هي " لا تقلق سأطلب من برق أن يقوم بإلهائه فمهيب لا يرفض طلبات والده أبدا "
"هيا إذن لننزل الآن و نجلس مع البقية إلى أن يصحو الهجين "
نزل آهاب و زمرد ليجلسوا مع البقية و بينما هم يتبادلون أطراف الحديث اقتربت زمرّد من زوجها برق و همست له " هل يمكنني أن أطلب منك طلبا صغيرا ؟"
" ماذا ؟" قال برق بإستغراب فردت هي " هل يمكنك أن تقوم بإلهاء مهيب لبعض الوقت خارج القصر "
" لماذا ؟"
" نريد أن نتكلم قليلا مع الفتاة و مهيب لن يسمح لنا " قالت ذلك لتقنعه فرد هو "حسنا "
كان إقناع زمرد لبرق سهلا جدا فهي كانت ممثلة بارعة كما أنها إمرأة حادقة جدا ، بعد مرور القليل من الوقت نزل مهيب و كان يبدو متعبا نظر له الجميع أثناء نزوله فقال هو بإستغراب " لماذا تنظرون لي هكذا ؟"
" أنا بإنتظارك منذ ساعتين" قال برق بتجهم فرد مهيب بإستغراب " لماذا ؟"
"سنذهب للصيد "
"صيد ؟ أي صيد في هذا الوقت يا أبي " قال مهيب بتذمر فقال برق و هو ينظر لشادن " يجب أن نأخذ هذا الصغير لنعلمه الصيد "
نهض شادن من مكانه و قال بصدمة " أنا ؟! مهلا أنا لا أريد تعلّم الصيد من قال أنني أريد ؟"
ضحك نجم والد شادن و قال مخاطبا أخاه "نعم خذه يا برق إنه أحسن قرار " فقال شادن متوسلا " لا أرجوكم ...أنا لا أريد "
ضحك الجميع على شادن فقال مهيب بحماس
"سيكون الصيد ممتعا اليوم إذن "
"سنأتي معكم أنا و سلام أيضا " قال سيفار فأضاف سلام " نعم فمازال لدي يومين فقط هنا "
توقف مهيب عن الضحك و سأل سلام بإستغراب
" إلى أين ستذهب ؟"
"سأسافر أنا و نيزك لنتكفل بأعمال العائلة في الخارج لنحل محل آهاب و فجر "
" أي أنكما ستبقيان هناك طويلا ؟" سأل مهيب و هو ينظر لفجر فهز الأخير رأسه بالإيجاب
" هيا جهزوا أنفسكم يا شباب لنذهب للصيد" قال برق و هو يتجه لغرفته .
.
.
.
.
.
.
ضع نجمة التقييم قبل المغادرة ⭐
.
.
.
.
.
🌼نهاية الفصل الخامس عشر 🌼
.
.
.
.
☁️"لا تخافوا من إتباع فضولكم ...و لكن احذروا !!!☁️
.
.
.
.
.
.
.
☁️ لا تنسوا ترك توقعاتكم و تعليقاتكم و نجمة التقييم ☁️
.
.
.
إلى اللقاء في الفصل القادم غيمات 🌨
.
.
.
.
.
.
.
.
.