عرش سبأ (عروس الجحيم) [مكتملة]

By watt_cloud

679K 33.9K 14K

🌼"عندما يصبح الشرّ مغرياً أكثر من الخير ...يستطيع الظلام جذب حتى أكثر القلوبِ نقاوةً ".🌼 فتاة طيبة يوقعها ا... More

صدفة أو قدر ؟ | 01
تاريخ العظماء | 02
بين الحقيقة و الخيال | 03
لصة القلادة | 05
طوفان | 06
ليلة في العسل | 07
زمهرير | 08
النبوءة | 09
خاتون | 10
زجاج مكسور | 11
بداية العشق | 12
عقربة بثوب فراشة | 13
دماء السلالة | 14
فجر(ساحر المرجين ) | 15
عقاب القدر | 16
شخصيات الرواية | 17
سخط آل بنجامين | 18
لعنتي الأبدية | 19
عرش سبأ | 20
روح مقابل روح | 21
مستنقع الموت | 22
الأخوة أعداء | 23
عروس الجحيم | 24
أسرار دفينة | 25
دموع كاذبة | 26
ما خفي كان أعظم | 27
سأكون بظهرك دائما | 28
عودة الهجين | 29
عااااجل !!!
عشق محرّم | 30
وجه آخر | 31
المتمردة الحمراء | 32
نحو المجهول| 33
شخصيات الرواية 02 | 34
العناق الأخير | 35
رماد الذكريات | 36
هوس الحمراء | 37
بداية اللعبة | 38
تحالف الصبار و الأقحوان | 39
صراع الأكابر | 40
مارد الموت | 41
بداية النهاية | 42
لعنة السعادة | 43
الهجينة | 44
سماء | 45
النهاية : لم يكن صدفة بل كان قدرا | 46
إعلان عن الجزء الثاني
إعلان عن رواية جديدة

فراشة في وكر الأفاعي | 04

23.2K 1K 383
By watt_cloud

🌼 بعض البشر كالنار , يحرقون كل من يقترب منهم 🌼

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

إستغرب الشاب من كلام الفتاة فقطب حاجبيه و هو ينظر لها من أعلاها لأسفلها ثم هم بالذهاب و هو يحتسي العصير بعدم مبالاة لكلامها لكنها أمسكت به من قميصه بقوة و قالت بغضب

" لا تتجاهلني حينما أخاطبك يا هذا !"

إستدار هو لها بغضب رافعا سبابته أمام وجهها بإنفعال " إياكِ و أن .." لكنه صمت فجأة و سحب سبابته من أمامها هاربا بنظره بعيدا فإبتسمت هي بعد أن نجحت خطتها بقول تلك الكلمة

" إياني أن أقول كلمة يا هذا أليس كذلك ؟"

" ماذا تقولين يا فتاة ؟هل انتِ مجنونة ؟"

قال هو و إستدار للجهة الثانية فتحركت هي بسرعة و إعترضت طريقة رافعة نظرها لعينيه " ألم تعرفني حقا ؟"

"كيف لي أن اعرفك و هذه أول مرة أقابلك فيها ؟"

"لكن انا اعرفك"

"ليس بالشيء الجديد كل الناس تعرفني على كل حال ادخلي ممنوع تواجد اي شخص في هذه الحديقة بإمكانك الجلوس في الحديقة الامامية "

.
.
.
.
.
.

قال الشاب ذلك ثم ذهب بينما ظلت هي تبتسم وحدها و تقفز بحماس و هي تكتم صراخها من شدة سعادتها لرؤيته ثم دخلت للقصر مسرعة ظلت تتبعه في كل مكان حتى رأته يتجه للطابق العلوي ظلت وراءه بينما كان هو كل مرة يتجه للطابق الاعلى حتى وصل لطابق غير ينتشر فيه الظلام و لكن فجأة اختفى و فقدت أثره

"تبا ! أين اختفى بهذه السرعة ؟"

قالت سبأ بدهشة لكن قبل أن تكمل كلامتها أمسك بها شخص من خلفها فكادت أن تقع أرضا من الفزع و همت بالصراخ فوضع يده على فمها كاتما صوتها

" لمَ تتبعينني يا فتاة ؟"

" لقد أرعبتني !"

"كفي عن اللحاق بي و انزلي حالا "

قال هو بغضب فردت و هي تمسك بيده العملاقة مقارنة بلطف بيديها الصغيرتين و سألت " لمِ ؟"

توتر هو و إنخضت نبرة صوته و هو ينظر ليديها كيف تحتضنان كفه و رد بتلعثم " ما .. ما هذا السؤال الغريب ؟ لمَ تتبعينني من الأصل ؟"

" بدون سبب "

أشاح هو بنظره بعيدا و سحب يده من بين كفيها "لا تفعلي اذا "

"لمَ ؟"

" لأنكِ ستتأذين بشدة"

" دعني أتأذى أنا لا أهتم "

إستدار هو لها و قال بينما يمسك بذراعها و يشد عليها " اسمعيني أنا لست كما تعتقدين حسنا ؟ لذا كفي عن اللحاق بي لقد حذرتك ! "

" لمَ تحذرني ؟ هل ستقتلني أو تؤذيني ؟ أنا لا أخاف منك افعل ما يحلو لك"

ظلت سبأ تستفز مهيب حتى غضب جدا و وضع يده على عنقها و ألصقها بالجدار و قال مهددا

" لا تستفزيني اكثر سأجعلكِ تندمين ، تعلمين هذا صحيح ؟"

أمسكت هي بيده دون خوف و شدتها على عنقها أكثر " من تكون انت لتفعل ذلك ؟"

" أسوأ من قد تقابلينه في حياتك "

" رأيت الاسوأ من بين الاسوأ ، لا يمكنك فعل شيء"

غضب مهيب جدا من ثقة الفتاة تلك فصرخ "يا فتاة لا تستفزيني اقسم انني سأقتلع قلبك "

" لقد اقتلعته بالفعل "

ثم أردفت بهمس "منذ أول مرة رأيتك فيها "

سحب مهيب يده عن الفتاة و إبتعد عنها فلا فائدة من الجدال معها لأنها كانت تبدو غير سوية على أي حال و لكن فجأة سمع صوت أقدام يقترب شيئا فشيئا

" أحدهم قادم "

قال مهيب و هو ينظر ناحية الباب فسألته هي

"هل تنتظر احدا ؟"

"لا سألقي نظرة ابقي خلفي "

"لمَ أبقى خلفك هل سنتعرض لهجوم ما ؟ إن كان الأمر كذلك فإبقى أنت خلفي في حال إذا صوب أحدهم رمحا نحوك كالمرة السابقة "

نظر هو لها و هو يزم شفاهه بغضب " اصمتي فقط"

و بينما هما يتجادلان دخل شاب طويل و ضخم الحجم ذو أعين صفراء كقرص الشمس و لم ينطق كلمة اكتفى بالنظر لمهيب فقط و مهيب قد اومأ برأسه على أنه قادم فغادر ذلك الشاب المكان حالا

" هل أتى للنظر إليك فقط ؟"  تساءلت سبأ بإستغراب فنظر لها مهيب بإنزعاج " لا تتدخلي في أمر لا يعنيك هيا انزلي فقط علي المغادرة "

" إلى اين ؟"

" ما شأنكِ ؟ لمَ أنت فضولية لهذه الدرجة ! أخبرتكِ ألا تتدخلي ياغريبة هيا انزلي "

دفعته سبأ من أمامها و ذهبت سبأ لتجلس مع الفتيات و هي تفكّر عندما نعتها مهيب بالغريبة فهو قد نعتها بها في ذلك الحلم أيضا و الذي كانت تعلم أنه حقيقة لكنها بحاجة لدليل ، كانت الأغاني جميلة جدا بينما جميع الفتيات يقفن على طاولة واحدة يتمايلن مع أنغامها كانت سبأ شاردة

"هل اعجبك الزفاف يا سبأ " سألت ماهيتاب فنظرت لها سبأ و إبتسمت "نعم رائع ، بالمناسبة لدي سؤال"

" تفضلي "

" مهيب هو أخوك اليس كذلك ؟"

"نعم كيف عرفتِ ؟"

"من تشابه أسمائكما لكن هنالك شخص يتبعه دائما تقريبا في كل مكان "

" نعم ذلك صديقه المقرب نديم هو دائما معه في كل مكان كأنه ظلّه "

" لكنني لم أراه يتحدث أبدا هل يعقل أن تصل الصداقة بينهما لدرجة أن يفهما بعضهما دون أن ينطقا بحرف ؟"

" انه اخرس لم يسمع اي منا صوته من قبل "

" لهذا هما لا يتكلمان يكتفيان بالنظرات فقط"

" نعم غريبي الاطوار لا تهتمي لهما "

" أنا لا أهتم لمَ قد اهتم لأخيك المجنون !"

كتمت ماهيتاب ضحكتها "إياكِ أن تقولي هذا أمامه ، حينها سترين الجنون الحقيقي "

زفرت سبأ " على كل حال أعتقد أنه علي الذهاب للبيت لقد تأخر الوقت "

أمسكت ماهيتاب بذراع سبأ مانعة إياها " تذهبين ! أنه اليوم الأول من الزفاف لايمكن أن تذهبي كل صديقاتي سيبقين هنا هذه الليلة "

" اليوم الأول ! كم يدوم حفل الزفاف ؟"

" ثلاثة أيام على الاقل نحن عائلة عريقة كما تعلمين بالإضافة إلى أن هنالك حفلا راقصا غدا "

توسعت عينا سبأ بإندهاش "حفل راقص !تقصدين مثل حفلات الأفلام و المسلسلات ؟"

هزت ماهيتاب رأسها بالإيجاب و هي تهمس " ابقي أرجوكِ !"

بعد لحظات من التفكير و إصرار ماهيتاب وافقت سبأ على البقاء " سأبقى إذن انا احب الرقص كثيرا "

قفزت ماهيتاب بحماس "دعيني أعانقكِ لقد أحببتكِ جدا يا سبأ "

تعانقت الفتاتان بسعادة عارمة لكن توقفت سبأ عن الضحك فجأة عندما إنتبهت سبأ لذلك الشخص الذي يقف خلفهما و ينظر لها ، كانت نظراته لها غير مفهومة يبدو على وجهه حزن مختلط بالفرح ، إنه ذلك الأخرس .. صديق مهيب

"لمَ هو ينظر لي بتلك الطريقة ؟"

.

سألت سبأ بإستغراب و هي تتمتم من نظرات صديق مهيب الغير مفهومة و لكنه ما إن انتبه أنها تنظر إليه حتى إختفى في الحين فقالت في نفسها  " ماهذه العائلة الغريبة كل افرادها اغرب من بعضهم البعض ما بال هذا الاخرس ايضا "

قاطعت ماهيتاب تفكيرها قائلة "دعينا نصعد للمطبخ لنخبر الخدم ليحضروا مزيدا من العصير يا سبأ "

"حسنا و بعدها نأخذ قسطا من الراحة فأنا متعبة قليلا " قالت سبأ و هي تضع يدها على جبهتها فكل تلك الأحداث قد أرهقت عقلها من التفكير

.
.
.
.
.
.
.
.

صعدت الفتاتان للطابق العلوي الذي كان أفخم من السفلي و لكن كل شيء فيه يبدو جديدا و كأنه لا يسكنه أي أحد فقالت سبأ بإستغراب

"من يعيش هنا ؟ هذا الطابق مفروش بأفخم الاثاث و الأفرشة ولكن يبدو انه غير مسكون !"

" في الحقيقة نحن نسكن في الطابق الارضي و الطابق الاول اما هذا الطابق فلا يأتي إليه احد إلا مهيب احيانا عندما يزورنا من وقت لآخر فهو يعشق الوحدة والهدوء ولا يمانع البقاء بمفرده أبدا "

" أين يعيش أخاكِ ؟" سألت سبأ فبدى التوتر على وجه ماهيتاب التي تجاهلت سؤالها مدعية أنها لم تسمعه فإبتسمت سبأ إبتسامة جانبية و قالت  " بالتأكيد لن يستطيع العيش في قصر مكتظ بالأفراد ذلك المتوحد "

"يبدو أنكِ تعشقين المشاكل حقا كل ما ذكرنا اسمه نعتِه بأسوأ الصفات "

"لا مانع لدي بالمشاكل خاصة مع مهيب "

بينما هما تتكلمان فجأة دخل مهيب الذي كان يرتدي بنطالا أسودا و قميص من نفس اللون تاركا الثلاث أزرار العلوية مفتوحة لم يكن منظره كشخص يتواجد بحفل زفاف راقي لكنه كان وسيما ربما هذا ما فكرت به سبأ تماما عندما رأته فبادلها هو النظرات قائلا 

"أحدهم ذكر اسمي !"

"ها قد جاء !" قالت ماهيتاب و هي تضحك

"لا لم نذكر إسمك يبدو أنك أخطأت السمع يا هذا"

قالت سبأ و هي تحاول إستفزازه عمدا  فنظر لها مهيب نظرة حادة لسماع كلمة هذا و لكنه تجاهلها و تابع طريقه نحو غرفته فذهبت الفتاتان للمطبخ ليخبرا الخدم بإحضار المزيد من العصير للضيوف ثم إتجهتا للطابق السفلي و بينما هما نازلتان تصادفتا بسيفار إبن عم مهيب كان مسرعا فإصطدم بماهيتاب التي كادت أن تقع و لكنه أمسك بها

"على رسلك يا أخي لمَ العجلة !"

قالت ماهيتاب مخاطبة سيفار ليرد هو

" اعذريني يا صغيرتي فأنا على عجلة من أمري "

"هل هنالك خطب ما ؟"

" لا و لكن هل رأيتِ شادن ؟ إنني أتصل به منذ ساعة و لا أستطيع إيجاده "

" نعم لقد رأيته بالأعلى "

بينما هما يتكلّمان نزل شادن فسمعهما يتحدثان عنه فسأل

" لمَ تبحث عني ؟"

"لمَ لا ترد على هاتفك يا لعين ؟" قال سيفار بغضب فرد الآخر بعدم إهتمام

"كنت أساعد الخدم في حمل الأغراض لمَ تصرخ ؟ "

" فجر و آهاب ينتظران في المطار منذ ربع ساعة "

أجاب سيفار و هو يرفع ساعته بوجه شادن

.
.
.
.
.
.
.

كان سيفار إبن صخر الإبن الرابع لبنجامين من بعد فخر و بادي و برق أما شادن فقد كان أصغر حفيد ذكر في العائلة و إبن شهران أصغر عم أما العم الذي قبله فهو رعد و الذي كان أكثر عم عصبي في العائلة و غاضب طول الوقت و ذلك ما ورثه منه إبنه آهاب

.
.
.
.
.
.
.
.

تغيرت ملامح شادن فجأة و بدأ يتكلم بجدية عندما سمع إسمي فجر و آهاب

" لم أكن أعلم أنهما قادمان قالا بأن لديهما أعمالا كثيرة !"

نظر سيفار لساعة يده و قال بعبوس " لقد نزلت طائرتهما منذ أكثر من عشرين دقيقة لذا اذهب لتقلّهما قبل أن يفرغ آهاب غضبه بك "

"لمَ لا ترسل السائق ؟ هل أنا سائق العائلة ؟ اطلب من نيزك  أو سلام أن يذهبا !"

" لا تناقشني يا شادن اذهب لإحضارهما تعلم أن  صبر آهاب قليل "

"حسنا أنا ذاهب ، امنحني الصبر على هذه العائلة يا رب "

قال شادن بتذمر و هو يضرب رجليه بقوة على الأرض ثم ذهب مسرعا و لكنه توقف بعد بضع خطوات و عاد لسيفار قائلا بهمس

" هل تمازحني ؟ لمَ قد يسافران بالطائرة و فجر بإمكانه أن يستخدم تعويذة الإنتقال فيكونا في البيت في لحظات قليلة ؟"

" قال بأنه توقف عن إستخدام السحر و يريد أن يعيش حياة طبيعية و هذا ليس الوقت ولا المكان المناسب لهذا الحديث "

نظر شادن لسيفار بإستغراب ثم ذهب مسرعا ، صعد سيارته و إتّجه للمطار ليحضر إبني عمه فجر و آهاب بينما سيفار ذهب ليجلس مع الضيوف و ماهيتاب بقيت برفقة سبأ التي قالت بإستغراب

"ظننت أن لديكِ أخاً واحدا ! " فأجابتها ماهيتاب موضحة

" ذلك سيفار إبن عمي صخر و النحيل ذاك شادن إبن عمي شهران تربينا سويا لذلك أناديهم بإخوتي في الحقيقة كلنا نعتبر إخوة "

"ماذا عن سلام و نيزك اللذان ذكرهما شادن ؟"

" سلام إبن عمتي تميمة و نزار إبن عمتي تيماء"

" إذن تعيشون جميعكم هنا "

"ليس جميعنا أعمامي و زوجاتهم و أولادهم يعيشون هنا أما عماتي فيسكنّ في بيوتهن "

"تعجبني العلاقات العائلية المتماسكة بهذا الشكل "

و بينما هما تتكلمان إذ بشاب أشقر ذو أعين خضراء ينادي لماهيتاب فنظرت له ثم قالت لسبأ

" و هذا نيزك إبن عمتي لقد حدثتكِ عنه قبل قليل سأذهب لأرى ما به "

ذهبت ماهيتاب لنيزك لترى ما الموضوع الذي يريدها فيه بالرغم من أنها تدري جيدا لما قد يناديها نيزك بالتحديد

"ماذا ؟ "

" من تلك الفتاة التي تقف معكِ ؟" قال نيزك و هو ينظر لسبأ

"ليست من طرازك لا تسأل " ردت ماهيتاب و هي تقلب عينيها بإنزعاج فرد و هو يعض شفته "و لكنها جذابة"

نظرت ماهيتاب بأعين محذرة لنيزك فهي تعلم جيدا أنه زير نساء " تلك صديقتي و لن أسمح لك أن تتسلى بها أعلم أنك لست جادا في مواضيع الإرتباط "

اعتقدت ماهيتاب بذلك أنه سيصرف نظره عن سبأ و يذهب إلا أن نيزك في مواضيع الفتيات لا يمل أبدا فقال "حسنا قولي لها فقط أنني أريد أن أدعوها لموعد"

" لحظة ! ماذا عن حبيبتك ميرا ؟

"تقصدين حبيبتي السابقة ميرا "

" و من حبيبتك الحالية؟"

"فتاة أخرى تدعى بنفسج "

" كم من فتاة واعدت هذا الشهر ؟"

"حسنا دعيني أعد .."

" بحق السماء ...اغرب عن وجهي يا نيزك !"

هم هو بالذهاب و همس لهت" قولي لها لا تنسي !"

" إنني أحذرك .. لا تقترب من صديقتي" قالت ماهيتاب محذرة إياه ثم غادرت برفقة سبا

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.

حلّ الليل بسرعة و غادر الضيوف ، بقيت فقط صديقات بنات العائلة ليبتن هناك و سبأ بقيت أيضا بما أن ماهيتاب ألحّت عليها كثيرا و لكن أختها سرايا قد عادت لبيتهم .

إجتمعت الفتيات في غرفة ماهيتاب ، كانت غرفة كبيرة جدا مطلّة على المسبح الخلفي للقصر فذهبت سبأ للشرفة و بقيت تتأمل منظر النجوم و القمر و تلك الأضواء التي تزين الساحة الخلفية للقصر بينما الخدم يرتّبون الطاولات و ينظفونها .

ظلت سبأ تشاهدهم ثم لمحت مهيب واقفا مع شابّين أحدهما يرتدي بذلة و شعره مرتب كانت ملامحه هادئة و لكن في نفس الوقت يبدو ذو مكانة و وقار أما الثاني فكان يرتدي ملابس عادية لا تدل على أنه قادم لحفل زفاف كان يحمل قدحين من الخمر ناول مهيب إحداهما ، وقفوا يتكلّمون ثم إنسحب مهيب من بينهما و ذهب ليساعد الخدم في جمع مخلفات الحفل و ترتيب الطاولات .

ظلت سبأ تتأمل مهيب و مستغربة في نفس الوقت مع أنه يبدو شخصا قاسيا إلا أنه كان يساعد الخدم في أعمال التنظيف ثم بدأت تتذكر ذلك الكوخ و تتساءل بما أن عائلته غنية هكذا و يسكنون في قصر ضخم كهذا لمَ قد يسكن في كوخ صغير في الغابة المهجورة و التي تنتشر حولها العديد من الإشاعات بأنها مسكونة و محرمة على البشر .

ظلّت تفكر حتى لحقت بها ماهيتاب للشرفة و قفت بجانبها دون أن تحس بها سبأ ثم قالت ممازحة

"لمَ تراقبين أخي و كنتِ طول اليوم تنعتينه بأسوأ الصفات ؟"

" أنا ؟ لا ..لست أتأمله أ ...أنا فقط "

قالت سبأ بتوتر و تلعثم لترد ماهيتاب و هي تضحك

" لقد كنت أمزح فقط لا تتوتري لن أخبره بأنكِ كنتِ تراقبينه "

"اصمتي ! أنا فقط أتساءل من الشابان اللذان يقفان هناك فأنا لم أراهما في الحفل "

قالت سبأ بعبوس فألقت ماهيتاب نظرة للأسفل و قالت

" تقصدين فجر و آهاب ؟"

حينها تذكرت سبأ عندما سمعت إسميهما " لقد تذكرت ! هؤلاء الذين طلب سيفار من شادن أن يجلبهما من المطار أليس كذلك !"

"صحيح ، الذي يرتدي البذلة فجر و الآخر آهاب "

كان من الواضح على فجر بأنه ذو مكانة راقية ، كان شابا هادئا ذو منظر مرتب لا يشارك في الحديث كثيرا لكن عينيه كانتا تراقبان كل شيء أما آهاب فقد كان يتحدث و هو يتعارك مع مهيب و محركا يديه يمينا و شمالا بإنفعال .

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.

" لقد إنتهى الحفل و غادر الضيوف و الجميع غيروا ملابسهم لمَ لازال فجر يرتدي بذلته"

سألت سبأ بإستغراب و هي تنظر لفجر فضحكت ماهيتاب و قالت

" الجميع ينادونه برجل البذلة فهو لا ينزعها أبدا حتى أننا نشك أنه ينام بها "

ضحكت سبأ ضحكة عالية بسبب المزحة التي أطلقتها ماهيتاب فإنتبه لها الشباب الثلاثة من الأسفل رافعين نظرهم نحوها فلاحظت ماهيتاب أنهم ينظرون بإتجاههم فقالت بهمس

" اصمتي ! لقد جذبت ضحكتك إنتباههم يا سبأ "

توقفت سبأ عن الضحك فجأة و نظرت للأسفل فوجدت مهيب ينظر لها بغضب ، إرتبكت بعض الشيء و قالت بتوتر

" دعينا ننسحب للغرفة بهدوء"

"أعتقد أنها فكرة جيّدة "

دخلت الفتاتان للغرفة بينما بقي مهيب رفقة فجر و هزيم ينظرون للشرفة فسأل آهاب

"من تلك الفتاة ؟"

"أختي ماهيتاب " رد مهيب و هو يشرب قدح الخمر دفعة واحدة فرفع آهاب حاجبيه "هل تمازحني ؟ تعلم قصدي يا هجين "

"لا أعرفها "

" لكنها كانت تنظر إليك "

نظر مهيب لآهاب و هو يقلب عينيه دليلا على إنزعاجه و قال " فتاة مزعجة لا تهتم ، هيا لنذهب في جولة للغابة "

"في هذا الوقت ؟"

"هل أصبحت ركبتيك صدئة و تعجز عن الحركة يا مارد ؟ "

"مارد ؟ بل تقصد سيّد المردة "

"إرتداؤك لخاتم المارد الأسود لا يعني أنك أصبحت سيّد المردة " قال مهيب بإستهزاء فسأله آهاب بإبتسامة جانبية " هل تتحدّاني ؟" 

"  لست نداً لي لذلك لن أتحداك "
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

ورث آهاب خاتما سحريا من والده و الذي كان قد منحه له والده بنجامين منذ أن كان شابا ، كان ذلك الخاتم يدعى بخاتم المارد الأسود و الذي يمنح صاحبه قوة عظيمة لأن بنجامين في السابق قد حبس فيه سيد المردة و أقواهم و الذي يدعى بالمارد الأسود .

.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
العودة للماضي (قبل ما يقارب الثلاثين سنة )
.
.

#خاتم المارد الأسود

قرية يملؤها الضباب أغلب بيوتها صُنِعت من طين تبدو قديمة جدا لأن خارجها مهشّم و بعض جدرانها قد وقعت ...توجد ساحة كبيرة بها بئر و بجانب البئر جثث حيوانات متعفنة مكدّسة فوق بعضها البعض رائحتها لا تُطاق .

بعض الكهول يمشون ذهابا و إيابا يحملون جثث الأرانب و الأغنام و بعض الطيور يكدّسونها فوق تلك الكومة من الجثث كانت وجوههم شاحبة و ثيابهم رثّة و تبدو معالم الظلم و الإضطهاد على وجوههم و كأنهم يقومون بتلك الأعمال رغما عنهم.

جلس أحد أولائك الرجال لأخذ قسط من الراحة فيهمس له رجل آخر بجانبه "انهض لتكمل عملك يا أخي و إلاّ بتّ طعاما له "

و لكن الرجل الجالس نظر للآخر بتذمر و حزن و كأنه قد سئم من تلك الحياة ثم قال "لا فائدة من حياة كهذه إما أن أعيش بشرف أو أموت "

"دعك من هذا الكلام و انهض لتواصل عملك"

"لن أنهض دعهم يفعلون ما يشاؤون "

و قبل أن يكمل جملته تلك كانت قد تشكّلت من خلفه شيطانة ذات شعر أسود طويل يغطي كل ظهرها إلى أسفل قدميها و على رأسها قرنين ...كانت عيناها بيضاء تماما و على كتفيها غرابين ينعقان دون توقّف كان يبدو على وجهها الغضب الشديد ما إن رآها سكان القرية حتى ركعوا لها متوسّلين لترحمهم و لكنها أمسكت بعنق الرجل الجالس و قالت بصوت هادئ " هل تتكاسل على خدمة أسيادك ؟"

كان الرجل مرعوبا جدا لدرجة أنه لم يقدر على الكلام أو الرّد عليها أمسكته من عنقه و رفعته في الهواء و رفعت يدها الأخرى و قد أشهرت على مخالبها الحادة في نية قطع رأسه حالا و لكنّها ما إن حرّكت يدها نحوه حتى إنطلقت شرارة زرقاء من العدم نحو يدها فقطعتها نصفين .

أسقطت الشيطانة الرجل و راحت تنظر ليدها المبتورة بهلع شديد فركض جميع الرجال ليختبؤوا و لكن الشيطانة راحت تصرخ في حالة هلع لم يدوم صراخها ذلك كثيرا فقد ظهر أمامها رجل يبدو في آخر الأربعينات من عمره شبك يديه و تمتم ببعض الكلمات ثم رفع يديه في وجهها فإنطلق نور عظيم نحوها جعلها رمادا منثورا.

مرت بضع اللحظات و عند إختفائها من الوجود إنطلقت صرخات غليظة مجهولة المصدر كانت تلك الصرخات مرعبة و حزينة جدا و قادمة من كل الإتّجاهات و لكن ذلك الرجل الأربعيني لم يتحرك له ساكن فقد بقي ثابتا و محافظا على هدوئه بالرغم من إنتشار دخان أسود كثيف من حوله أحاط به من كل الجهات و ظلّ يحوم حوله كالدوامة و فجأة و ضع الرجل يديه على الأرض و غرسهما داخل التراب لتبدأ حبات الرمل بالإهتزاز شيئا فشيئا و إختلطت بذلك الدخان الأسود.

إختفى الدخان شيئا فشيئا وسط العاصفة الرملية التي أحدثها و فجأة ضرب الرجل الأربعيني كفيه ببعضهما البعض لتعود حبات الرمل لأرضها و يظهر مارد ضخم راكع على ركبتيه أمامه ينوح كالنساء فنظر له الرجل قائلا  "لقد حذرتك سابقا من العبث في قرى البشر أيها المارد الأسود"

"اقتلني فقط لا تكثر الكلام يا بنجامين تعلم أنني لن أقاومك ...لقد قتلت عشيقتي أمام عيني هذا الألم الذي بصدري لا يُحتمل ...اقتلني !" قال المارد الأسود بحزن شديد فرد الرجل الأربعيني بما أدهشه

" و لكنني لم أقتلها "

"أين هي حالكة إذن ! هل هي على قد الحياة ؟"

حينها رفع بنجامين يده يستعرض خاتمين إحداهما ذو جوهرة سوداء وُضِع على إصبعه الأوسط و الثاني كان أصغر حجما ذو جوهرة بيضاء لذا إرتداه على إصبعه الخنصر ...أشار للأخير و قال "إنها محبوسة هنا ...في هذا الخاتم "

ثم أشار للخاتم ذو الحجر الأسود و قال "كما سيحصل لك بالضبط"

من قول الرجل لتلك الجملة عرف المارد الأسود أن بنجامين سيحبسه في ذلك الخاتم فتحرك بسرعة نحوه محاولا الهجوم عليه إلاّ أن حركته قد شلّت تماما عندما وقف أمامه وجها لوجه حتى كاد يلامسه .

حاول المارد الأسود مرارا و تكرارا أن يتحرك و لكنه لم يكن يقف أمام رجل عادي بل كان واقفا أمام أعظم ساحر في أماريا لذلك فقد سلّم أمره له و ركع أمامه معلنا الطاعة والولاء ، تمتم بنجامين ببعض الكلمات فإختفى المارد الأسود عن الوجود و حبس في ذلك الخاتم ذو الحجر الأسود .

         
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

العودة للوقت الحاضر

.
.

إبتسم مهيب إبتسامة خبيثة و إختفى بلمح البصر و بعدها بلحظات إختفى آهاب فبقي فجر لوحدة يحمل قدح الشراب و يتأمل النجوم في هدوء و سكينة حتى قاطعته أمارة التي كانت تقف خلفه قائلة

" هل أنت مضطر لأن تغيب عنا مدة طويلة في كل مرة ؟"

إلتفت لها و إبتسم " لا يمكنني ترك أعمالنا بدون مراقبة كما أن  أعمامي يخلون مسؤوليتهم من تجارتنا و أعمالنا "

"ولكن عمي صخر و عمي شهران يقومان بإدارة أعمال العائلة كلها "

قالت هي محاولة إقناعه بالبقاء فأجاب هو " في السنوات الأخيرة أعمالنا توسعت داخل البلاد و خارجها لهذا يجب أن تكون لدينا أعين بالخارج "

" أي أنك ستغادر مجددا " قالت بحزن أمارة بحزن فنظر هو لها بإستغراب

" لمَ تشغلين بالكِ بي يا أمارة ؟ "

هربت هي بنظرها بعيدا ثم نظرت له مجددا و همست " لا أريد البقاء وحيدة يا فجر "

" لستِ وحيدة هنا فالجميع معكِ "

سكتت أمارة و لم ترد على سؤاله لكن عينيها قالتا

" أنا دائما وحيدة في غيابك حتى في حضور الجميع من حولي " .

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

عاد مهيب و آهاب للقصر مع بزوغ الفجر كان جميع من بالقصر نيّام ، جلس آهاب بجانب المسبح بينما مهيب إستلقى على العشب و هو يستعيد أنفاسه

" أخبرتك أنك ستخسر "

" أنت دائما تغش " قال آهاب و هو يضرب إبن عمه بقدمه ثم إستلقى بجانبه فقال مهيب و هو يضحك
" تقول هذا في كل مرة أهزمك في القتال "

" إنها الحقيقة ، أنت دائما تستغل لحظات شرودي و تباغتني بهجمة غير متوقعة "

" إنني أجعلك جاهزا لأي هجمة غير متوقعة "

" لا تقلق أنا جاهز لأي هجمة و في أي وقت لكنني لا أتوقع هجمات منك لذلك لا أحيط نفسي حذرا بك "

نظر مهيب مطوّلا لآهاب الذي كان شاردا في منظر النجوم التي بدأت في الإختفاء ثم إبتسم إبتسامة شريرة دليلا على أن فكرة خبيثة قد خطرت على باله ثم نهض من مكانه و وقف بجانب المسبح .

لحق به آهاب و سأله بقلق " ما بك ؟"

نظر مهيب له بحزن فقلق آهاب أكثر لكن فجأة تغيرت نظرة مهيب و تحرك بلمح البصر و دافعا إياه في المسبح ، سقط آهاب في المسبح محدثا صوت إرتطام قوي أخرج رأسه من الماء و بدأ يصرخ بغضب بينما كان مهيب يضحك بشدة

" سوف أقتلك يا هجين !" 

" اخرجي من الماء أولا يا قطة "

توسعت عينا آهاب بغضب " هل دعوتني للتو بقطة ؟ أنت الآن في عداد الموتى يا هجين "

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

بينما سبأ نائمة سمعت صوت شيء إرتطم بالماء كانت تريد أن تلقي نظرة و لكنها لم تتبع فضولها هذه المرة و لكن بمجرد أن سمعت صوت صراخ هزيم  ركضت مباشرة دون تفكير للشرفة لتراه يخرج من المسبح متجها نحو مهيب الذي كان مستلقيا على الأرض من شدة الضحك .

أمسك آهاب بإبن عمه رافعا قبضته ليضربه و لكن منظر مهيب الضاحك قد جعل آهاب يضحك أيضا فأفلته و إستلقى بجانبه على الأرض ضاحكا .

كان منظرهما لطيفا لدرجة أن سبأ إبتسمت بدون أن تحس و لكن فجأة جلس مهيب و توقف عن الضحك ثم إلتفت إليها مباشرة فرآها في الشرفة فتوقفت عن التبسّم و أحسّت بتوتر شديد ، إنتبه آهاب لمهيب فإلتفت هو الآخر ليراه إلى أين ينظر ليرى تلك الفتاة للمرة الثانية

" ما بال هذه الفتاة تراقبنا بإستمرار ؟"

قال آهاب بإنزعاج ليرد مهيب و قد نهض و مشى بضع خطوات

" دعنا نذهب لنغير ملابسنا لقد إبتلّت "

ضحك آهاب و قال ملمحا لشيء ما " إستمر في تجاهلي في كل مرة أسألك عنها "

" لست أتجاهلك و لكن لا يوجد عندي إجابة فأنا منزعج منها أكثر منك "

" و لكن لمَ هي متواجدة بغرفة ماهيتاب ؟"

" أعتقد أنها صديقتها "

"تلك الشقراء تصادق أي فتاة تقول لها صباح الخير كأنها بدون عقل " قال آهاب معبرا عن إنزعاجه من ماهيتاب فإلتفت له مهيب  " لا تنطق بهذا أمامها فسوف تنتف لك شعر رأسك شعرة شعرة "

" تلك الشّقية" قال آهاب و هو يبتسم فنظر له مهيب بإستهزاء " على كل أنت لا تستطيع النطق بكلمة أمامها حتى أنني أستغرب أحيانا إن كان هزيم يقف أمامي في وجودها " فنظر له آهاب و قفز على ظهره " لكنني لا أزال آهاب أمامك و يمكنني أن أبرحك ضربا "

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

أشرقت شمس اليوم الجديد ، إستمر حفل الزفاف ليومه الثاني بدأ الضيوف بالتوافد و قد جاءت سرايا أخت سبأ أيضا كانت تبحث عن أختها حتى تصادفت مع سيفار فقررت أن تسأله

" عذرا يا سيدي !"

" تفضلي يا آنسة " قال و هو يلتفت لها

" أنت أخ ماهيتاب أليس كذلك !"

"إبن عمها و لكن كيف يمكنني أن أساعدك ؟"

"في الحقيقة كنت أبحث عن أختي و هي برفقة ماهيتاب "

أشار هو لها بيده قائلا "اصعدي للطابق الأول و ستجدين الخدم إسأليهم عن غرفة الآنسة ماهيتاب و هم سيدلونك عليها فهي لازالت لم تنزل بعد "

"شكرا لك سيدي "

مشت سرايا خطوتين و قالت في نفسها

"كل شبّان هذه العائلة وسيمون للغاية يا لي من غبية لم أسأله عن إسمه "

عادت خطواتها لتسأله عن إسمه و لكنها وجدته واقفا مع فتاة سمراء البشرة ذات شعر أسود قصير بدا كأنه يتودد إليها فتوقفت سرايا مكانها إستدارت لتكمل طريقها نحو الطابق الأول و هي منزعجة جدا ، ما إن وجدت أحد الخدم حتى سألته عن غرفة ماهيتاب فدلّها إليها مباشرة .

دقت الفتاة الباب و دخلت لتجد سبأ و ماهيتاب يحضران نفسيهما

كانت سبأ ترتدي فستانا أزرقا ملكيا بدون أكتاف و الكثير من الجواهر اللامعة تزيّن صدره ضيّق الخصر و له ذيل طويل من الخلف كأنه فستان أميرة و شعرها فكان منسدلا للوراء مع تبرج جريء

أما ماهيتاب فكانت ترتدي فستانا أحمر لامع ضيق يبرز جميع مفاتنها و كان شعرها منسدلا على أكتافها و تضع تبرجا خفيفا مع أحمر شفاه فاقع اللون  نظرت لهما  سرايا بدهشة و إعجاب

"و كأنكما أميرتان هاربتان من قصة خيالية !"

" ما رأيك بي؟" سألت سبأ و هي تدور حول نفسها

" من أين لكِ هذا الفستان الفخم يا أختي ؟"

" أعطته لي ماهيتاب "

" أنتِ محظوظة جدا لأن لديكِ صديقة غنية "

" لو طلبت روحي لأعطيتها لها دون أن أفكر " قالت ماهيتاب و هي تنظر لسبأ بإبتسامة لطيفة فأمسكت سبأ بيد ماهيتاب و قالت

"أحس أنكِ صديقتي منذ سنوات "

" و أنا أحس أنكِ أختي لستِ صديقتي فقط قلبي مطمئن لك منذ أول لحظة رأيتكِ فيها"

"دعاني أقطع حديثكما الشيّق هذا ، الحفل قد بدأ و أنتما لم تنزلا بعد "

قاطعتهما سرايا فنظرت ماهيتاب لسبأ بحماس و همت بالخروج

" هيا لننزل يا سبأ "

نزلت الفتيات و كانت ساحة القصر ممتلئة بالضيوف ظلّت سبأ تبحث بعينيها في الأرجاء كأنها قد ضيّعت شيئا ما ، رأت فجر برفقة آهاب الذي كان يحتسي الشراب بينما فجر يراقب المكان بصمت .

ظلّت سبأ تراقبهما حتى رأت من كانت تبحث عنه ، إنضم مهيب لفجر و آهاب كان يرتدي ملابس سوداء كالعادة و كان عابسا بدى و كأنه يتفق مع آهاب على شيء ما ثم نظر لهما فجر و حرك رأسه رافضا فإنزعج مهيب و غادر الساحة متجها للقصر .

لم تستطيع سبأ تمالك نفسها فلحقت به خفية نزعت كعبها لكي لا يصدر صوتا و ظلت تتبعه فرأته يصعد للطابق المظلم مجددا و دخل غرفته ، مشت سبأ على أطراف أصابعها و بدأت تسترق النظر من فتحة الباب فرأت مهيب يتجادل مع شخص ما و لكنها لم تستطع رؤية الشخص الذي معه ففتحة الباب كانت صغيرة فسمعته يقول

"لقد هاجمت تلك الساقطة كوخي و كانت تريد إصابتي برمح مسموم و كادت الفتاة أن تموت لحمايتي ألا تعتقد أنها تستحق الموت بعد كل ما فعلته ؟ لقد دخلت الغابة المحرّمة و لم تفكر بعقابها "

أصيبت وقتها سبأ بخليط من المشاعر صدمة مختلطة بسعادة لا توصف لتأكدها و أخيرا أنها لم تكن تحلم بل كل شيء عاشته كان واقعا لم تحتمل أن تسكت أكثر ففتحت الباب و دخلت للغرفة بينما إختفى الشخص الذي كان مع مهيب لحظة دخولها أما مهيب فقد نظر لها بإستغراب .

"ما الذي تفعلينه في غرفتي بحق الجحيم !"

"لقد سمعت كل شيء"

" ما الذي تقصدينه ؟"

" أعلم أن كل شيء حدث في الغابة المهجورة و كوخك كان حقيقة و لم يكن مجرد حلم لقد سمعت كل شيء قلته للتو "

انزعج مهيب كثيرا من تنصتها عليه و تحولت ملامحه من ملامح الإستغراب لملامح الغضب الشديد فلم ينطق بكلمة بل أمسك بها من ذراعها و مشى و سحبها معه

"اترك ذراعي إنك تؤلمني ... اتركني يا مجنون "

" سأعلمك الجنون  ألاّ تتنصتي على الآخرين مرة أخرى و أريكِ الحنون على أصوله يا فضولية "

خرج مهيب و هو ممسك بسبأ ليطردها و لكنه فوجئ بأولائك الضيوف في ساحة القصر فقد كانوا كلهم ينظرون لهما ، هو بالتأكيد لم يتوقع أن يكون الحفل هادئا فقد توقع ألاّ ينتبه له أحد و لأنه كان وقت الرقصة فقد كان الجميع جالسون فقط شباب العائلة و رفيقاتهم في الرقص كانوا واقفين برفقة العروسين فوقف مهيب ينظر لهم بحيرة ، إقتربت منه زوجة أبيه زمرّد و همست

" لقد أتيت في الوقت المناسب يا صغيري فالرقصة على وشك أن تبدأ و الجميع كانوا يبحثون عنك"

قالت زمرد ليضيف هو بهمس

" أمي تعلمين أنني لا أجيد الرقص لا تحرجيني هكذا "

"بل أنت الذي سيحرجنا أمام كل هؤلاء الحضور هيا تقدم للرقص و لا تطيل الأمر أكثر "

" أين هي الفتاة ؟" قال مهيب و هو يبحث بعينيه في الأرجاء فسألت زمرّد بإستغراب " أي فتاة؟"

"التي ستشاركني الرقص  أو سأرقص بمفردي ؟"

" اه صحيح سوف أتدبر أمر الفتاة "

وقفت زمرّد تنظر للفتيات و كانت ستذهب لتختار إحداهن و لكنها إنتبهت لسبأ فخاطبتها قائلة

" أنتِ !"

" ماذا يا خالة ؟" سألت سبأ فردت زمرد و هي تشير لها بسبابتها " سترافقينه في الرقصة"

" أنا !"

قالت سبأ بدهشة ليرد مهيب

" مستحيل "

لم تناقشهما زمرّد في الأمر فقد إنسحبت بهدوء و ذهبت لتجلس في مكانها و تشاهد الرقصة ، لم يكن أمام مهيب خيار آخر فمدّ يده لسبأ و قال بهمس مع إبتسامة مزيفة

" سينتهي الحفل و سأطردك للشارع كما تُطرد الكلاب الضالة"

" إحترم نفسك و خاطبني بأسلوب جيد لأنني أرى بأنك أنت من يعاني من داء الكلب الذي يصيب الكلاب الضالة تهاجم كل من حولها دون سبب "

زم مهيب شفتيه بغضب و هو يشد على يد الفتاة فظهرت علامات الألم على وجهها " توقف إنك تؤلمني !"

" ماذا ستفعلين إن لم أتوقف ؟ "

اكتفت بالنظر له بغضب و و أبعدت نظرها عنه متجاهلة إياه فأردف هو مع ابتسامة جانبية

" كما توقعت "

"يا لك من متعجرف وضيع "

" اشكري الرب أننا لسنا بمفردنا و إلا كنت قد إقتلعت قلبكِ من بين أضلعكِ و مزقته"

قال وهو يعض على أسنانه و يهمس لتردف هي

" افعلها عندما يغادر الضيوف ونكون بمفردنا "

"أعدكِ بأنني سأفعلها لا تفرحي  "

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.

حينما إنتهت الرقصة إنسحب مهيب برفقة سبأ بهدوء متجهين للحديقة الخلفية و ما إن تأكد مهيب بأن لا أحد يراه حتى أمسك بسبأ من يدها و همّ بسحبها للخارج بينما هي كانت تصرخ متألمة

" اترك ذراعي أيها المختل !"

صرخت الفتاة دون فائدة و فجأة قام شخص بإعتراض طريقهما و إيقاف مهيب رامقا إياه بنظرات غير مفهومة و لكنها كانت تحمل الكثير ، كان ذلك الشخص هو صديق مهيب الأخرس ...نديم 

" إياك و أن تحاول إعتراض طريقي ،ابتعد من أمامي" قال مهيب بغضب فصرخت سبأ مخاطبة نديم و هي تضرب يد مهيب بيديها الصغيرتين

" ساعدني يا سيد أرجوك إنه يؤلمني "

كاد نديم أن يبتعد بعد تهديد مهيب و لكنه ما إن طلبت سبأ مساعدته حتى قام نديم بالتدخل بينهما ساحبا الفتاة خلفه  نازعا يد مهيب عنها فركضت سبأ مبتعدة عنهما ، أصيب مهيب بنوبة من الغضب الشديد فلم يتمالك أعصابه و قام بدفع نديم حتى أسقطه أرضا و بدأ يصرخ

"كيف تتجرأ على لمسي من أين لك الجرأة لتعترض طريقي و تنقذها من بين يداي ! انهض الآن و واجهني و إلا سأقتلع قلبك في الحال "

ظل نديم جالسا و لم يبرح مكانه أما مهيب فكان يصرخ كالكلب المسعور و يريد مهاجمة نديم و لكن قبل أن يقوم بأي حركة سمع صوت فجر من خلفه

" مهيب هدّئ من روعك الفتيات قادمات و لا يجب أن يرينك بهذه الحالة "

توقف صراخ مهيب فجأة عندما سمع صوت فجر فإقترب منه الأخير واضعا يده على كتفه

"تمالك نفسك "

أغمض مهيب عينيه و حاول أن يهدأ و قبل أن يفتحهما سمع صوت ماهيتاب تناديه ما إن إلتف لها حتى ركضت عنده و عانقته

" لا تغضب أخي أرجوك كل شيء سيكون على ما يرام ، حاول أن تهدأ حسنا ؟ الفتاة صديقتي "

في الحقيقة ذلك الخوف من غضب مهيب لم يأتي من عبث فهو يصبح كالوحش القاتل عندما يغضب و لا يفرق بين الصواب و الخطأ لذلك كان الجميع يحاولون تهدئته عندما يغضب بشدة و يفقد أعصابه كي لا تحدث مشكلة أمام الناس فالعائلة تحاول إخفاء حقيقته منذ أن كان صغيرا .

قرر مهيب مغادرة القصر تلك الليلة و لم يرغب في إكمال  حفل الزفاف و لكن أخته راتان جاءت فجأة و عارضت مغادرته بشدة

" لا يمكنك أن تغادر نحن نجتمع مرة واحدة كل سنة لا يمكن أن تتركنا و تذهب"

" لا يمكنني أن أبقى في مكان فيه ناس لا أطيقهم "

" إذن هاؤلاء الناس الذين لا تطيقهم هم من يجب أن يغادروا الحفل و ليس أنت يا أخي"

قالت راتان و هي ترمق سبأ بنظرات حقد فصرخت ماهيتاب معترضة

"هذا لن يحصل ! سبأ صديقتي و لن أطردها لمَ يجب عليكم أن تفتعلوا مشكلة في كل مناسبة ألا يمكن أن نبقى جميعنا معا بحب و سلام ؟"

لكن آهاب تدخل بينهما معاتبا إياها

"تفضلين بقاء تلك الحشرة و لا تهتمين بمغادرة أخيك ؟"

" هذه ليست مقارنة يا آهاب لن أقارن أخي بأي أحد و لكنني سعيدة بتواجدها معي و لا تدعوها بحشرة مجددا و إلاّ سأنسى أنك إبن عمي و أقول لك كلاما لن يسعدك "

" اطردي الفتاة " قال آهاب بنبرة غضب فنظرت ماهيتاب لفجر و قالت متوسلة

" قل شيئا يا أخي أرجوك " 

" بالتأكيد أنتِ حرة تستطيعين إبقاء من تشائين برفقتك يا صغيرتي و لكن لو كنت أنا مكانك و إضطررتك الإختيار بين طرد جميع الضيوف أو بقاء أخي لكنت إخترت بقاءه دون تفكير"

" لا عليكِ يا ماهيتاب أنا سأغادر " قالت سبأ و هي تهم بالمغادرة لكن ماهيتاب أمسكت بها و منعتها من الذهاب " إن غادرت صديقتي الحفل أقسم لكم أنني سأغادر معها أنتم تريدونني أن أفقد كل صديقة أحصل عليها مثل كل مرة و أنا لن أتخلى عن صديقتي "

انزعجت ماهيتاب من كلامهم جدا و لكن مهيب لم يريد أن يضع أخته في ذلك الموقف فإختفى بلمح البصر .

" سألحق به" قالت آهاب و هو ينظر لماهيتاب بتأنيب بينما كانت سبأ مصدومة من إختفائه بتلك الطريقة حتى أنها لم تنطق بحرف واحد أما فجر فقد أمسك بيد آهاب

" لا لن تذهب هل تريد أن تسكب بنزينا على ناره ؟"

" من سيبقى معه؟ لقد رأيته للتو قد تعارك مع آر ...أقصد نديم و هو لن يرغب برؤيته لذا سأبقى أنا معه "

" نديم سيتبعه لا تقلق و أنت ستبقى هنا إلى جانبي إنتهى النقاش "

قال فجر منهيا النقاش فضرب آهاب بقدمه على الأرض معبرا عن غضبه لكنه لم يعارض قرار إبن عمه .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.

عادت ماهيتاب راكضة للقصر لتجد سبأ قد غيرت ملابسها و كانت على وشك المغادرة فشعرت بحزن شديد و قالت

" هل أنت مغادرة؟"

" نعم يجب أن أذهب "

" لقد رحل مهيب هو لن يزعجكِ بعد الآن " قالت ماهيتاب محاولة التبرير لسبأ لكن الأخيرة كانت واضحة في قرارها " انظري أنا أعلم أنكِ تريدين بقائي و لكن يجب أن أذهب لا أريد إحداث مشكلة بينكِ و بين إخوتك كما أن كبريائي لا يسمح لي بالبقاء في مكان لست مرغوبة فيه "

"لقد كنت أتجادل مع إخوتي و أصريت على بقائك حتى أنهم إحترموا قراري و لم يعترضوا "

" لقد بقيت يومين هنا يجب أن أعود لمنزلي أنا آسفة " قالت سبأ و هي تهم بالمغادرة فزمت ماهيتاب شفتها السفلى كالأطفال و إستدارت للناحية الثانية قائلة بغضب " حسنا اذهبي"

"ألن توصليني للباب ؟"

" لقد كنتِ مغادرة دون إخباري على أي حال اذهبي بمفردك "

همّت سبأ بالخروج و أغلقت الباب و لكنها سمعت صوت بكاء ماهيتاب التي كانت تبكي كالطفلة الصغيرة التي كُسِرت لعبتها المفضلة للتو ، لم تستطيع أن تتجاهل بكاء صديقتها و عادت بسرعة للغرفة فوجدتها تجلس على الأرض و تبكي ، جلست بجانبها و عانقتها و حاولت أن تهدئ من روعها

"أنا آسفة حقا لم أقصد جرح مشاعركِ لا تبكي أرجوكِ"

"أنتِ صديقتي الوحيدة ترجّيتكِ ألاّ تذهبي و جادلت إخوتي لأجلكِ و مع ذلك لم تهتمي لمشاعري "

" أنا آسفة حقا لم أقصد فعل ذلك و لكن أخاكِ ينزعج من وجودي لم أستطيع البقاء في مكان لست مرغوبة فيه "

"و لكن أنا من دعوتكِ و ليس هو و أنا من ترغب بوجودكِ "

"حسنا لا تبكي سأبقى معكِ لآخر يوم من الزفاف "

" وعد ؟"

" وعد "

عانقت ماهيتاب سبأ و بدأت تمسح دموعها و تضحك فدخلت سرايا و أمارة للغرفة و اللتان نظرتا لهما بإستغراب

" لمَ تجلسان على الأرض ؟"

قالت أمارة مستغربة ثم اردفت سرايا

" و لمَ نزعتِ فستانكِ يا أختي ؟ ما الذي على وجهكِ يا ماهيتاب يا للهول !"

"يبدو أن كحل عيناي قد جعلني أبدو مخيفة "

" لحظة هل كنتِ تبكين؟" سألت أمارة بقلق فأجابتها سبأ بمزاح

" أخبرتها أنني ذاهبة فبدأت بالبكاء كالأطفال لو رأيتماها لضحكتما "

"إنها أصغر حفيدة بيننا لذلك هي مدللة بعض الشيء"

"عفوا إنني هنا أستطيع سماعكما !" قالت ماهيتاب ممازحة فقالت لها سرايا

" من الرائع أن تكوني الفتاة المدللة لعائلة غنية "

" ستظلين مراقبة كل الوقت صدقيني الأمر ليس ممتعا "

و بينما هن يتحدثن و يمزحن شعرت أمارة فجأة بالجوع

" أنا أشعر بالجوع "

"و أنا أيضا" أردفت سرايا ثم قالت ماهيتاب

" سأذهب لإحضار بعض الطعام"

" هل تجيدين الطبخ ؟" سألتها سرايا

" لا ، كنت أقصد أنني سأذهب لإحضار الطعام الذي حضّره الطباخون أما عن الطبخ فعلاقتي به غير جيدة "

" لا عليكِ سأعلمكِ الطبخ فأنا طباخة ماهرة" قالت سبأ و هي تضع يدها على كتف ماهيتاب 

"حسنا عندما ينتهي الزفاف ستعلمينني"

" صحيح لم أسألكما من قبل هل تدرسان ؟" سألت أمارة فأجابتها سرايا

"نعم أنا في سنتي الأولى بالجامعة أدرس القانون و أختي ستصبح عن قريب طبيبة بيطرية "

" أنت تحبين الحيوانات إذن !" قالت ماهيتاب بدهشة و هي تنظر لسبأ " نعم ومن لا يحبّهم !"

ثم همست " ربما هذا يفسر إهتمامي بأخيكِ "

" هل قلتِ شيئا ؟" سألت ماهيتاب فهزت الأخرى رأسها نافية لتتابع ماهيتاب كلامها "لدينا حضيرة خلف القصر بها الخيول و البقر و الأرانب سآخذكِ لها غدا"

"عظيم "

" سرايا ما رأيكِ أن تبقي للمبيت هذه الليلة؟"

اقترحت أمارة فهزت الأخرى رأسها بالموافقة

" حسنا لا مشكلة ، لم تخبرانا ماذا درستما ؟ "

"أنا درست إدارة أعمال و هذه الصغيرة تدرس فنون في الجامعة "

" لهذا أنتِ حساسة جدا" قالت سبأ و هي تنظر لماهيتاب

" أعتقد ذلك فالفنانون مرهفو الإحساس جدا "

.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.

مر الوقت بسرعة و إنتهى اليوم الثاني من الزفاف كانت ليلة هادئة جدا و مع بزوغ شمس الصباح إستيقظت ماهيتاب متحمسة ذلك تقفز فوق السرير و تصرخ

"استيقظن بسرعة نحن ذاهبات للحضيرة اليوم "

" لدينا حفل زفاف في بيتنا عن أي حضيرة تتكلمين؟" قالت أمارة بصوت ناعس فأردفت الأخرى

"سنذهب و نأتي بسرعة كما أن الضيوف لن يأتوا حتى المساء "

" دعونا ننام قليلا بعد" قالت سرايا و هي تضع الغطاء على وجهها ثم صرخت سبأ و قد قفزت من فراشها بحماس

"استيقظي يا كسولة بسرعة !"

بعد إزعاج ماهيتاب و سبأ المتواصل و إصرارهما على الذهاب نهضت الفتيات أخيرا لبسن ثيابهن و نزلن بسرعة متجهات للحديقة فصادفن شادن في الطريق ، نظر إليهن بإستغراب و سأل

"إلى أين ذاهبات يا فراشات "

"للحضيرة " ردت ماهيتاب فغير هو مساره و مشى بجانبهن

"جيد و أنا أيضا أشعر بالملل لوحدي سأرافقكن"

" لا لن ترافقنا اذهب و اجلس مع الشباب "

"الشباب مملون أما الفتيات فلطيفات و مرحات و جميلات "

" هل أنت أحمق أم تتحامق؟"  سألت سبأ و هي تنظر لشادن بإستهزاء

" أتحامق لأجلكِ يا جميلة"

" يا لك من طفل صغير اذهب للقصر نحن لا نجالس أطفالا هنا"

"حسنا ،كما تريدين لاتندمي لاحقا على ذهابي هناك " قال بعد ان ابتسم لها بخبث أما هي فقد ظلت تنظر له و لحركاته الغريبة بتقزز .
.
.
.
.
.

وصلت الفتيات للحظيرة ، كانت الحظيرة واسعة جدا و فيها إسطبلات كثيرة مليئة بالخيول و من بينهم فرس صفراء ذات خصلات ذهبية كانت مميزة من بين كل الخيول لدرجة أن تجذب إنتباه أي شخص فلم يكن من الصعب ملاحظة سبأ لها .

إقتربت منها فإبتعدت الفرس و لكن سبأ أعادت المحاولة و وضعت يدها على رأسها ثم راحت تداعب شعرها الذهبي فقالت ماهيتاب بتعجب

" يبدو أن الحيوانات أيضا تبادلك الحب فهذه الفرس لا تسمح لأي أحد بلمسها سوى صاحبها "

"و من هو صاحبها يا ترى؟"

" صدقيني لن تريدي أن تعرفي"

قالت ماهيتاب و هي تهز حاجبيها فنظرت لها سبأ و هي تفتح فمها بصدمة  "لا تقولي لي فقط أنه .."

و قبل أن تكمل جملتها تلك حتى سمعت صوت مهيب يصرخ من بعيد فدبّ الرعب في قلب كليهما

" ابعدي يدك الملوثة عن فرسي يا غريبة و إلاّ قطعتها" 

إستدارت هي له و قالت بتوتر "لم أفعل لها شيئا لقد كنت أداعب شعرها فقط"

لم يدعها مهيب تتكلم أو حتى تشرح له ، أمسك بها من ذراعها و سحبها بقيت تصرخ و تضربه لكي  يتركها و لكنه لم يستمع حتى لترجّي ماهيتاب له أو بكائها فقد جنّ جنونه عندما رأى سبأ بجانب فرسه التي لا يجرؤ أحد على لمسها .

لم ترضى سرايا على تصرّف مهيب مع أختها فركضت و حاولت ضربه و لكنه دفعها فسقطت أرضا و تابع يجرّ أختها لخارج الحضيرة ثم دفعها فسقطت أرضا ركضت لها سرايا و ماهيتاب ليساعداها على الوقوف و لكن آهاب ظهر فجأة و أمسك بماهيتاب كي لا تحاول مساعدتها أو الإقتراب منها

" اتركني !"

" إنها أوامر أخيكِ "

نظرت سرايا لمهيب بنظرة كلّها غضب وصرخت

"من تظنّ نفسك يا هذا حتى تعامل أختي بهذه الطريقة !"

" اسكتي" قالت سبأ تحاول إسكات أختها

" لا لن اسكت عليه أن يعتذر على ما فعله"

نظر لهما مهيب و اقترب منهما خطوتين و صرخ مشيرا بسبابته للخارج

"إنقلعا لبيتكما لا أريد رؤية وجهيكما هنا مرة أخرى لا في القصر و لا في أي مكان آخر و إن حدث و رأيت إحداكما لن تلوم إلاّ نفسها"

وقفت سبأ و إقتربت منه حتى كاد أنفه يلامس أنفها و نظرت داخل عينيه " هكذا ترد المعروف إذن ؟ "

اقترب مهيب منها و أمسك بوجهها فحاولت سرايا منعه من لمس أختها و لكنه دفعها فسقطت أرضا ، نظر لعيني سبأ وقال بهمس

" في المرّة القادمة عندما يحاولك فضولك إغرائك لتتبعيه ، لا تستمعي له بل اقتليه داخلكِ "

"سأفعل أعدك يا صاحب الذئب ، لكن دعني أخبرك بشيء بما أنها آخر مرة سترى فيها وجهي "

"مع أن كلامكِ لن يهمني"

" أنا لم أندم على إنقاذ حياتك في تلك الليلة و سيأتي اليوم الذي تصدم فيه بحقيقة نفسك التي تحاول إخفاءها حينها فقط ستتذكرني و ستندم لأنك آذيت شخصا لم يفكر يوما بإيذائك  أنا قد حميتك بجسدي دون أن أعرفها حتى و أنت تحاول أن تحرمني من إبتسامة رُسمت على شفتي بالتواجد هنا "

أمسك مهيب بيد سبأ و شد عليها بغضب

"لا تفكري بتقديم المواعظ لأسيادكِ يا غريبة القرية "

"خسئت يا سيد الكلاب "

توهجت عيناه بغضب لكنها دفعته ضاربة صدره بيديها و قالت مهددة له " ستندم على كل كلمة ثلتها لي و ستترجاني كي أسامحك و لكنني لن أفعل "

إقترب هو منها لكن قبل أن يفعل أي شيء جاء نديم فجأة و أبعده عنها ، نظر لسبأ و أشار لها بالرحيل فورا ، غادرتسبأ رفقة أختها  بيتهما بينما عاد أهاب برفقة ماهيتاب للقصر و نديم بقي مع مهيب الذي لم ينطق بأي كلمة لدفاع نديم عن سبأ للمرّة الثانية على التوالي .

.
.
.
.
.
.

ضع نجمة التقييم قبل المغادرة ⭐
.
.
.
.
.
.


                  🌼نهاية الفصل الرابع 🌼
.
.
.
.

☁️ لا تخافوا من إتّباع فضولكم ... و لكن إحذروا فليس في كل مرة تكون العواقب سليمة ..☁️

.
.
.
.

☁️ لا تنسوا ترك رأيكم لي في التعليقات و توقعاتكم للأحداث القادمة ☁️
.
.
.
.

إلى اللقاء في الفصل القادم أصدقائي  🌨💙

Continue Reading

You'll Also Like

272K 22.5K 70
التزمتُ بكلّ القواعد كدمية معلقة بخيوطٍ يحرّكها الجميع كما يريدون... لم أجرؤ على تخطي الحدود المرسومة لي يوماً... اعتدتُ دوماً أن أكون لطيفة... ول...
374K 14.9K 30
يَا فاتنِ العيَنينُ إنيَ أحبكَ بقدرَ غراميَ لعيناكَ" الروايه مثليه اي حب بين ولد ولد.. مايعجبك دون كلام.. اي تعليق سلبي بلوك جونغكوك :توب تاي:بوتوم...
1.7K 109 8
ينتقل في الظلام وعلي أسطح البنايات يتمركز ببندقيته القاتل المأجور الذي لا يخطيء هدف يصيب الضحية بدقة بالغة ولا يترك ورائه أي أثر فماذا سيحدث للصي...
2.9K 455 10
أخبرني أنه لا يؤمن بالحواجز حتى أن كل الاشياء و الأمور التي نقول عنها صدفة حدثت لسبب عميق نجهله هذا ما اتذكره عنه. Cover by @zandy64 الرواية كلها من...