خَرقُ القَوانِين

By sarbllack

745K 37.2K 29.5K

جَامعة ڤيتريس المَرموقة، كَان بِها بعَض القواعِد الصارِمة التِي خُلقت لتحُث الطُلاب علىَ الدراسةَ بشكلاً جيد... More

‏ Synopsis
Part 01: الطَّريقة اَلأولى لِلتَّرحِيبِ
Part 02: لعُبة المُطاردة
Part 03: التّجمع عِند النّـار
Part 04: اَلصُّقُور ضِدَّ اَلْغِرْبَانِ
Part 05: صُفوفٌ خَاصّة
Part 06: نّدبة الليل المُظلم
Part 07: اللعِب وفقً لقواعِد المُتنمر
Part 08: مصَاص دِماءً جائع
Part 09: شَكلٌ جديد من أشكال الإحِتجاز
Part 10: السؤال عنّ المقبرة
Part 11: عيد الهالوين في ڤيتريس
Part 12: السَهر واليّقظة
Part 13: مُشاهدة الفِيلم
Part 14: هل نحن أصدقاء الأن؟
Part 15: تَحذير رُومَان
Part 16: تغّيير السيناريو
Part 17: هَمَسَات عَلَى اَلشِّفَاهِ
Part 18: الإعتناء بِها
Part 20: تَحذيرٌ من كلا الجانّبين
Part 21: إحتفال ڤيتريس السنوي
Part 22: مجّزرة المَدِينة
Part 23: جَريمِة قتَل بَعد حَظِر التّجول
Part 24: إنكِشاف السِتار
Part 25: لمَساتٌ جريئة
Part 26: رُصَاصَة فِضِّية
Part 27: تنّـاثر الدّماء
Part 28: ِكَأسُ السُّـم
Part 29: السِّر الدَّفِينِ
Part 30: اَلْوَحْش اَلطَّلِيقِ

Part 19: خُطوة واحدة نحَو الجريمَة

31.9K 1.4K 852
By sarbllack


















🍃🦇

بمجرد أن هربت الكلمات من شفتي جولي، تحول وجهها إلى اللون الأحمر محدقة في رومان الذي وقف خارج نافذتها... كان عقلها وإرادتها ضعيفين عندما كان الأمر يتعلق به، متعطشين لرفقته، وفي سؤاله، قالت ما لم تستطع قوله له في وقت سابق... لم تكن عينا رومان أقل من سماء منتصف الليل بدون نجوم، لكن كان هناك بريق في عينيه.. وميض من الظلام ظل خلفهما، والطريقة التي نظر بها إليها الآن، كان يجب أن تُخيفها، لكنها لم تفعل.

"هل أنتِ متأكدة من ذلك؟" سألها.

أراد رومان أن يسمع أكثر مما قالته جولي، إحتاج إلى التأكيد حتى لا تخجل غداً عندما تتحسن، كان يريد التأكد أن الحمى لم تكن سبب ذلك وهي التي كانت تتحدث إليه.

"لا اقضي الليل مع احد عندما يكون مريضاً، هذه المرة إذا دخلت سيكون ذلك خارج نطاق الصداقة، هل أنتِ بخير مع ذلك؟" قال، لإعطائها الدفعة اللازمة.

حاولت جولي أن تصدق كل كلمة قالها لها فقالت بهدوء "أطلب منك البقاء معي طوال الليل، كشريكتكَ... ألا يعطي ذلك الجواب على ما تبحث عنه؟"

"لا اريد ان اسيء فهم ما سمعته" اتخذ رومان خطوة إلى الأمام، واختبر جولي "إنه يساعد في معرفة أين يقف كل واحد منا"

"أنت تطلب الكثير من التوضيح" تذمرت جولي تحت أنفاسها، رفعت يدها، سعلت أثناء إخفاء وجهها في الجهة المقابلة حتى يتجنب الإصابة بالعدوى.

"بسرعة، مثيرة المشاكل، قبل أن يتم القبض على أي منا أو قبل أن تزيد حرارتك لم يحن الوقت للعب دور روميو وجولييت عند النافذة" كان هناك بصيص من نفاذ الصبر في صوت رومان، أدار رأسه إلى يمينه ليرى إن كان سيظهر أحد من هناك.

جلبت كلماتهُ ابتسامة رقيقة على شفتي جولي "لدينا أسماء مماثلة لهما، أليس كذلك؟" سألت، والتقت بعينيه قبل أن يتشكل قلق صغير على وجهها، وقالت "ماذا لو واجهنا نفس المصير؟ كانت لديهم نهاية مأساوية"

"كيف ستعلمين ما إذا كانت ستتحطم أو تطير إذا لم تحاولي حتى؟" علق رومان، رفع حاجبه إليها، وأمال رأسه إلى الجانب الذي أكد فقط على جاذبيته الذكورية.

ثم قال "تراجعي"

فعلت جولي ما قالها، ووضع رومان كلتا يديه على عتبة النافذة وتسلق داخل الغرفة، أغلق النافذة وسحب الستارة عندما استدار لينظر إليها يده تركت الستارة.

وبينما كان رومان يشق طريقه نحو الباب ليتأكد من أنه مغلق بشكل صحيح، ذهبت جولي لتستلقي على السرير.

تحركت نحو الجدار، مما جعل مساحة على الجانب الآخر من السرير، رأته يخلع حذائه ثم يذهب إلى طاولة الدراسة، حيث كان مصباح المكتب يعمل بهدوء، التفت للنظر إليها وسألها "هل تحتاجين إليه؟" عندما هزت رأسها، أطفأه وسار نحو السرير.

رفعت جولي يدها خارج البطانية وربتت على المساحة المجاورة لها على السرير.

كانت تختبر صبره وقدرته على التحمل حقاً، هذا ما جالَ في عقل رومان وهو يحدق بها.

نظرت إليه كما لو كانت تنتظر، وتنهد قبل الصعود إلى السرير للاستلقاء بجانبها، دعمت يده الواحدة رأسه وهو مستلقي على جانب واحد من جسده، على الرغم من عدم وجود ضوء، إلا أن جولي تمكنت من رؤية ملامحهِ حيث مرت كمية صغيرة من الضوء من الخارج عبر الستائر.

"اغمضي عينيكِ يا مثيرة المشاكل" اقترح رومان، وهو يسحب شرائط العلكة الصغيرة من جيبه، فك تغليف أحدهم، وضعه في فمه.

بعض الأشياء التي ربطتها جولي برومان كانت اللون الأسود والوشم والدراجات النارية والعلكة التي أحب مضغها، لا تنسى السجائر.

أغمضت جولي عينيها للحظة قبل أن تفتحهما لتسأله "ماذا عن حفلة الفوز بالمباراة؟ هل ستحضرها لاحقا؟ً" لم تكن تعلم كم سيطول الحفل.

"لا" أجاب رومان.

"ألا يتساءل الفريق إلى أين اختفى قائِدهم؟"

مضغ رومان العلكة، وأخذ وقته للرد عليها.

"إنها حفلة لا فائدة منها ولا أكترث لها، بدون الحاجة لذكر أنكِ تحترقين هنا بالحمى، ألم أخبركِ أنني اخترتكِ"

انخفضت عينا جولي من وجهه، وراقبت كتفيه العريضين، عاد الدفء إلى خديها... ولم يكن ذلك بسبب الحمى.

ثم أضاف "كنت تبدين كهرة مهجورة عندما كنت على وشك المغادرة، من الشائع عند البشر أن يشعروا بالوحدة عندما يكونون مرضى وليس لديكِ أحد من حولكِ، لكن لا، لم أعود بسبب الشفقة أنا لا أشعر بالشفقة"

جولي تفحصت رومان بنظرة فاحصة، اقتربت جولي منه ببطانيتها، همست "لأنك معجبٌ بي"

الآن بعد أن اقتربت جولي منه بنفسها، رفع رومان يده اليمنى ليدسّ خصلات شعرها خلف اذنها، كانت أصابعه باقية على جلدها لفترة أطول، خلف أذنها، وسمع تنهداً ناعمًا يهرب من شفتي جولي.

كانت جولي تبدو لذيذة بعينيها النديَّين بسبب الحمى ودمائها الدافئة تدعوه الى وضع انيابه في جلدها المرن، تذكر طعم دمها، ولم يكن أقل من إكسير، لكنه لم يكن سيأخذ قضمة منها، لم تكن من النوع الذي يجب ان يكون بجانب مصاص الدماء.

في وقت سابق، عندما غادر المهجع مع الحارسة، كان قد زار قاعة الطعام، وشرب أربع علب من الدم قبل المجيء إلى هنا.

أغلقت جولي عينيها للحظات جراء لمسة رومان، شعرت بأصابعه تتحسس جلدها بنعومة، وإلتفت أصابع قدميها المغطاة بالبطانية، كان الأمر اشبه بسيل من الشُرر النارية التي استمرت في الاحتراق حتى بعد أنّ سحب يدهُ مرة أخرى إلى جانبهِ، وفتحت عينيها.

"هل سبق لك أن شعرت بالوحدة عندما مرضت؟" سألته.

"أتمنى لو أستطيع" جعلتها كلمات رومان تتساءل عما يعنيه بها وتابع "في بعض الأحيان تعتادين على بعض الأشياء التي من الصعب إبعادكِ عنها"

حدقت جولي في رومان، متسائلة عما إذا كان معتاداً على أن يكون بمفرده لدرجة أنه لم يشعر بالحاجة إلى شراكة شخص ما.

"منذ متى فقدت عائلتك؟"

"سنوات... توقفت عن العد" عندما تحدث، كان صوته هادئًا وحتى أدركت جولي كم كان شعوراً لطيفاً لسماعه.

"كم كان عمرك آنذاك؟" سألت، بفضول لمعرفة المزيد عنه.

"ربما خمسة عشر أو ستة عشر على ما أعتقد" اختار إجابته بعناية.

"وليس لديك أي أقارب؟" سألت جولي، ووضع رومان إصبعه على شفتيها، واسكتها بهذهِ الطريقة.

"تسألين الكثير من الأسئلة عندما يفترض أن تستريحي" تحولت كلمات رومان إلى همس، وقلب جولي اصبح مُشوهاً، شعرت بإصبعه تمسح طول شفتها السفلية، وامتصت انفاسها.

تحدثت جولي بإبهامه على شفتيها "هذا بسبب -"

"كلمة أخرى من هاتين الشفتين وسأقبلكِ بغض النظر عما إذا كنتِ مريضة أم لا" ضاقت عينا رومان عليها، وأغلقت جولي فمها الذي كان مفتوحاً بسرعة، ولكن بعد بضع ثوان، عندما فتحت فمها، وضع ذراعه حول خصرها، وبكل سهولة، سحبها نحوه "هل كنتِ ستقولين شيئًا؟"

عندما حاولت جولي أن أن تهز طريقها خارج قبضته على السرير، لم يدعها رومان تذهب تذهب بعيداً قبل أن يسحبها إليه. هذه المرة وظهرها يضغط صدرهُ وعندما كانت على وشك قول شيء ما، بدأت في السعال، وفرك رومان ظهرها بلطف بينما كان ممسكاً بها.

عندما هداء سُعالها، تصلبت جولي هناك كتمثال بين ذراعي رومان، هرع الدم إلى رقبتها، وهمست "لست معتادة على هذا"

"سعيدٍ لسماع أنكِ لستِ معتادة على ذلك لا يعني ذلك أنها كانت ستصبح مشكلة إذا كنتِ معتادة" رد رومان على كلماتها.

شعرت جولي بذراعه حول خصرها، وشدها عن كثب بينما قدم رأسه إلى الأمام لوضع ذقنِه على مُنحنى رقبتها.

"ابقي هكذا" همس لها.

كانت جولي خجولة، ولم تجرؤ على التحرك مرة أخرى، لم يكن رومان مُتجاوزاً في أي مكان عندما سحب جسدها أقرب إليه، لم تفعل أي شيء قريب من هذا حتى الآن، لكنها بعد ذلك لم تقدم مثل هذه الطلبات الفاحشة لأي شخص أيضاً.

بالرغم من أنها أرادته أن يبقى معها، لم تفكر بالضبط كيف سيقضون الوقت مع بعضهم البعض.

"آسفة إذا أصبت بنزلة برد" قالت جولي وهي تنظف حلقها.

"يمكنكِ إعادة رعايتي إذا حدث ذلك، هذا شيء يجب أن نتطلع إليه بشوق، أليس كذلك؟" قال رومان، وشعرت جولي بإصبعه التي تتحسس بطنها فوق ملابسها، مما اثار دغدغة صغيرة في جسدها.

"حاولي النوم الآن، سأكون هنا"

"أعتقد أن هذا شيء يصعب القيام به" اعترفت جولي، التي لم تعتاد على هذا الموقف.

بعد دقيقة، سألت "هل من الممكن ان تتحدث معي؟" استدارت في ذراعه بحيث كانت تواجهه الآن، ووجوههما قريبة من بعضهما البعض.

"كم هذا مزعج، ما الذي تريدين التحدث عنه؟" تذمر رومان بوجهه السلبي وعيناه تسقطان على عينيها.

"عنكَ" تنفست جولي، وعيناها البنيتان تتفحصان ملامحه الحادة.

تتبعت عيناها فكه الذي بدا منحوتاً، وحاجبيِه الذين يبدوان مظلمين، رأته يلعق شفتيه لم تستطع جولي ان تصدق ان شخصا وسيماً وذكياً مثل رومان ترك حفلة من اجلها، لو لم يكن قلبها قد سُرق يوم تجمع النار، لكانت مُتأكّدة أنّ قلبها مفقود الآن.

ومع ذلك، لم تقُل أي شيء عن ذلك، ليس أنّها اضُطرت إلى ذلك، بل لأن رومان فكَ رموز أفعالها وكلماتها دون أن تُضطر إلى شّرح أي شِيء.

"ماذا تريدين أن تعرفي عني؟" انتقلت يد رومان التي استراحت على خصرها إلى ظهرها، وركضت تُشكِل دوائر تهدئها "هناك فتاة أواجه صعوبة في إخراجها من رأسي، مثيرة للمشاكل، قصيرة وترتدي نظارات ولديها اعينّ بنية وشعر بنّي"

عبست جولي، "هذهِ أنا... أنتَ لا تحب التحدث كثيرا عن نفسكَ، أليس كذلك؟"

ومض شيء ما في عينيه، لكن جولي فشلت في التقاط ذلك.

عندما لم يرد رومان عليها على الفور، تحدثت جولي "في وقت سابق، تخطيت سؤالي عن أقاربكَ"

أومأ رومان، ضاقت عيناه قليلا، وتحدث "نعم، بالنسبة لشخص مريض، تبدين نشيطة جدًا وهذا ما يجعلني اتساءل إن كانت مجرد حيلة لإبقائي هنا"

تحول وجه جولي إلى اللون الاحمر الخجول وتحدثت "أنا لم أكن أنا من قال لك أن تتمسك بي هكذا"

"لا؟ ظننت أن هذا ما قصدته عندما ربتي على السرير، لم أتخيل أبداً أنكِ جريئة جداً" ظهرت ابتسامة صغيرة على وجه رومان.

شعرت جولي بالطريقة التي كان رومان يغير بها الموضوع بمهارة، وسألت "لا بد ان لديك اقرباء مثل أقاربي؟ لا بأس إذا كنت لا تريد التحدث عنهم" لاحظت تهربه المرح من أسئلتها، ولم ترغب في إجباره.

سقط الصمت في الغرفة، ثم علق رومان "هناك أشخاص، ولكن دعوتهم بالعائلة سيكون امتدادًا، الأشخاص الوحيدون الذين اعتبرتهم عائلة قتلوا، كانوا أشخاصاً جيدين، على الرغم من وجود بعض الأشياء الملتوية في البداية، فقد تحسن الوضع لاحقاً" توقف مؤقتا، ولم يكن يدرك مقدار ما يجب الكشف عنه لأنه كشف لها بالفعل بعض الأشياء من خلال الرسالة في الماضي "لقد إنضممت إلى عائلة"

"مثل التبني؟" سألت جولي، عقلها الضبابي بالحمى لا يربط بالقصة التي أخبرها بها.

"شيء من هذا القبيل" سحبت إحدى زوايا شفتيهِ للأعلى "أمي التي ولدتني، كانت امرأة جميلة، لطيفة، ولكن ربما فخورة، توفيت عندما كنت صغيراً"

شعرت جولي أن رومان يحرك يده بعيدًا عن ظهرها، وأمسك بيدها التي كانت تستريح أمام صدرها، ضغط على احد أصابعها واكمل "كان أخي غير الشقيق مزعجاً، وكان يحب ان يحوم حولي ويتأكد انني بخير، وفي إحدى الليالي، وجدت جثث عائلتي... كان أخي لا يزال على قيد الحياة عندما وصلت إليه، لكنني لم أستطع إنقاذه، كان ظهرهُ مُصاب ثم رأيته يموت أمامي"

"آسفة على ذلك، لا بد أن ذلك كان فظيعاً ..." كان صوت جولي منخفضاً، حدقت في قميصه، ولاحظت الخواتم التي تحركت إلى الجانب والتِي عُلقت في سلسلة "هل... تطاردكَ ذكراهم؟"

ارتفعت إحدى زوايا شفتيه مره اخرى وتحدث "ما الذي لا يطاردنا، جولي؟" وعلى الرغم من أنه استجوبها، إلا أنها شعرت وكأن كلماته تحمل معنى أكبر، وهي لم يكن لديها مفتاح لذلك حتى الآن "هل يطاردكِ موت والدتكِ؟"

أومأت جولي برأسها

"ليس دائما، بل في ليالٍ نادرة، لقد تحسنت الأمور منذ أن بدأت الدراسة هنا، الكتب وأشياء أخرى في فيتيريس أبقت ذهني مشغولاً"

"من الجيد سماع ذلك" أجاب رومان، ثم اكمل "لقد تحققت من الرقم الذي تلقيتي منه الرسالة، إنه هاتف مُخترق"

"شكرا لك على التحقق من ذلك، أنا قلقة فقط من أن والدي سيأتي في يوم من الأيام لقتلي، وأسوأ جزء هو أنني لا أعرف لماذا" همست جولي وهي تحدق في صدر رومان

"عندما التقينا في المحكمة، لم نتحدث مع بعضنا البعض، لكنه نظر إلي بطريقة كما لو أنه سيأتي لقتلي، ولكن بعد ذلك أدركَ أنني يجب أن أقلق بشأن الفضائي الذي قد يختطفني"

ضغط رومان على يدها وقال "لن أدعهم يؤذونكِ، لن تواجهي نفس مصير والدتكِ"

"شكراً لكَ" نظرت إليه، وشعرت بالاطمئنان والأمان معه، ثم سألته "هل لديك نُدوب ايضاً؟" أعطاها إيماءة قصيرة، لاحظ فضولها، وسألها.

"هل تريدين أن ترين؟" مرر لسانه فوق أسنانه النابية.

"هل يمكنني؟" قالت بتلميح من الحماس في صوتها ونظرتها.

ترك رومان يدها، ودفع نفسه للجلوس، خرج من السرير، وسار نحو طاولة الدراسة.

بفضول، جلست جولي على السرير، ورأته يضيء مصباح المكتب، وضع رومان يداً واحدة خلف ظهره قبل خلع قميصهِ، سقط التوهج الذهبي للمصباح عليه، ورأت وشمه الذي كان مخفيًا عادة خلف قميصه الأسود.

وفي ذلك الوقت، كانت جولي قد دست قدمها على الارض، وشقت طريقها الى المكان الذي كان يقف فيه رومان.

لقد لاحظت على أحد جانبي وشمه قرب صدره ندبة لم تلاحظها الليلة التي اعتنت به في منزل ميلاني.

"حاول القاتل طعنك" همست جولي، وتعمق العبوس على وجهها، هل كانت هناك ضغينة بين القاتل و عائلتهِ و قرر قتل الجميع؟

"هل يمكنني؟" تحولت عيناها من صدره للنظر إلى عينيه، تستأذنه لوضع يدها على جسدهِ.

"تقدمي" قال رومان، مشيراً لها، ولاحظ جولي تخطو خطوة الى الامام، ورفعت يدها نحو الأمام، وتتبعت الندبة على صدره.

تساءلت عن مدى الألم الذي عاني منهِ، إصبعها دون وعي تتبع الندبة المُغطاة بالوشم عليها، وتحرك الندبة لأسفل، وشعرت بالعضلات المشدودة.

كيف يحصل المرء على هذا الجسد بشرب الكوكاكولا؟ إلا إذا ... كانت الكولا مصنوعة من أشياء خاصة ولهذا السبب كانت مكلفة، فكرت جولي لنفسها.

بلا تفكير، كانت يدها قد خطت بعيداً وتنهدت بهدوء، أسقطت يدها، واتخذت خطوة إلى الوراء.

"الآن، أنتِ تعلمين المزيد عني، مقارنة بالأمس" علق رومان، وأومأت جولي برأسها.

"نعم..." تابعت جولي، وعيناها تنظران بعيدا عنه، التقط قميصه وارتدى ملابسه مرة أخرى، عادوا إلى السرير، حيث أصبحت جولي هذه المرة أكثر هدوءاً، ولم يبدأ رومان بمحادثة كي تخلد الى النوم.

في وقت ما اثناء النوم، التفتت جولي لمواجهة رومان، كانت عيناها مغلقتين، وشفتاها مُفترقتين، كان يراقبها، ويده تتحرك باتجاهها لدفع أطراف شعرها الجانبية التي كانت تحوم أمام وجهها.

"يبدو أنكِ نمتي أخيراً" همس رومان، ولم تصل كلماته الى اذنيها، وحتى لو كانت كذلك، فقد كانت في نوم عميق، بدت مسالمة وبريئة، وضع يده بعناية على جبهتها، وتحقق من درجة حرارتها.

"لقد جعلتني قلقاً قبلاً عندما سمعت أنكِ مريضة" قال وشفتاه تستقران في خط رفيع.

بينما كان يحدق فيها بعينين حمراوين، تذكر رومان نفسه عندما كان مريضاً .. عندما كان صغيراً ولا يزال إنساناً.

كان في نفس الغرفة، ينام على هذا الجانب من السرير، يسعل، في ذلك الوقت، كان الباب مغلقًا كالعادة، متروكاً وحده في هذا الجزء من القصر عندما كان صغيراً.

"كح! كح!" سعل الصبي الصغير، وجعد جسده في السرير وهو مستلقي بينما يشعر بالرعشات تجري على جسمه الضعيف، شعر بثقِل رأسه وبالدوار، وعيناه خاليتين من التركيز بعض الشيء وهو يحدق في جدران الغرفة، افترقت شفتا الفتى الشاحبة أثناء تنفسهِ.

الخادمات والخدم الآخرون سمعوا صوت سعال الفتى الصغير، عندما ساروا بالقرب من الممر، لكن لم يبذل أي منهم جهداً للذهاب إلى داخل الغرفة.

لم يكن سكان المدينة فقط، الذين استاؤوا مما فعله السيد مولتينور من خلال علاقة فاحشة، ولكن حتى الخدم نظروا إلى الصبي كما لو كان منبوذاً لا يستحق العيش هنا.

كان مالكولم مولتينور قد غادر المدينة مع ابنه كريستيان، في حين زوجته، السيدة بيترونيل، قد خرجت من القصر، عندما عادت لاحقا، حنى كبير الخدم رأسه، تحية لها "مرحبا بعودتكِ ليدي بترونيل، كيف كانت زيارتكِ لقصر بيكر؟"

"كانت جيدة، وينبغي أن نتمكن من إقامة متجر هنا بمساعدتهم" قالت السيدة بترونيل، وهي تسحب قفازاتها من يديها، سلمتهم إلى كبير الخدم الذي أخذ معطفها لتعليقه على الحامل "كيف تسير الأمور في القصر؟ هل سمعت أي أخبار من مالكولم؟"

"لم نتلق أي أخبار من اللورد بعد، سيدتي" أجابها كبير الخدم.

بينما كانت السيدة بترونيل تسير داخل القصر، سمعت صوت السعال، وتوقفت قدماها، أدارت رأسها إلى اليمين.

"هل لا يزال الصبي يسعل؟" ظهر عبوس صغير على وجه المرأة.

"نعم يا سيدتي، لقد أرسلت وجباته إلى الغرفة، كما أمرتني بذلك هذا الصباح" أجاب كبير الخدم.

ثم سألت السيدة بترونيل "وهل تناوله؟"

"لم يفعل ذلك، سيدتي"

قبل المغادرة في الصباح، تناولت السيدة بترونيل والصبي الصغير المسمى رومان الإفطار معًا في غرفة الطعام، كانت قد رأته يسعل بخفة وطلبت من كبير الخدم اصطحاب الصبي إلى الغرفة ليستريح بينما امرت لإرسال الوجبات إلى غرفة الفتى.

وعلى الرغم من أن الخدم أصبحوا يعتقدون أن السيدة بترونيل كانت تتأكد فقط من إبقاء الصبي بعيداً عن بقية الناس في القصر، إلا أن نية المرأة كانت مختلفة.

سمعت المرأة صوت الصبي يسعل مرة أخرى في غرفته، وشقت طريقها نحو نهاية الممر، أدارت مقبض الباب ودخلت بينما تبعها كبير الخدم، واقفاً خارج الغرفة.

لاحظت السيدة بترونيل الصبي الصغير مستلقياً على السرير، ورأسه مخبأ في البطانية الرقيقة، سارت نحو السرير، ورفعت يدها فوق رأس الصبي قبل أن تسحب البطانية في النهاية وتضع يدها على رأسه.

"إنه يحترق" تذمرت المرأة، وشفتاها تضعان نفسيهما في خط رفيع، أدارت رأسها للنظر إلى كبير الخدم من فوق كتفها، وأمرت "اذهب وأحضر الطبيب"

"الآن، سيدتي؟" سأل كبير الخدم، كان مندهشاً قليلاً عند رؤية السيدة تسير إلى هنا و تطلب إحضار الطبيب إلى هنا للصبي الذي كان خطيئة و إزعاج سلام عائلتها.

"نعم، الآن، واطلب من غريتا إحضار وعاء من الماء بقطعة قماش نظيفة" أمرت السيدة بترونيل، حنى كبير الخدم رأسه، بدا متردداً قليلاً و لكنه غادر من الغرفة.

"أمي" جاء الصوت الضعيف للصبي، الذي بدا أنه يتحدث أثناء نومه.

حدقت السيدة بترونيل في الصبي، الصبي الذي بالكاد تستطيع تحمله لأنه كان تذكيراً بخيانة زوجها، وهو دليل حي على أنها لم تكن كافية لزوجها كزوجته، لم تكن سعيدة بفعلة زوجها، واستغرق الأمر وقتاً طويلاً لهضمه، لكن هذا لا يعني أنها كانت قاسية.

"أعطني إياه، اذهبي وأعدي العصيدة وأحضريها إلى هنا" قالت السيدة بترونيل، عندما دخلت الخادمة الغرفة بوعاء من الماء، وصرفت الخادمة من الغرفة.

بمجرد مغادرة الخادمة، غمست السيدة بترونيل القماش في الماء البارد، وعصرته، ووضعت القماش على جبين الصبي، بعد بضع دقائق، حَضر الطبيب للقصر لإلقاء نظرة على الصبي.

"إنها مجرد حمى عابرة" قال الطبيب، واقفا وسحب سماعته الطبية من أذنيه "ساطلب منكِ إعطأه طعاماً دافئاً ليشربه ويأكله، وتجنَّب فتح النوافذ بسبب الطقس البارد"

أومأت السيدة بترونيل برأسها.

"ها هي الأدوية، يجب ان يتناولها بعد الوجبات وسيكون بخير في غضون ثلاثة إلى أربعة أيام" سلم الطبيب الأدوية إلى المرأة.

"شكراً لك" قدمت السيدة بترونيل للرجل ابتسامة، وقاد كبير الخدم الطبيب خارج الغرفة بينما بقيت في الخلف.

عندما تم إعداد العصيدة، أيقظت الصبي الصغير وجعلته يجلس قبل مساعدته على تناولها، وعندما حلّ الظلام على الأرض، جلست السيدة بترونيل في الغرفة بجوار الصبي، تراقبه وهو نائم.

لقد تحققت من درجة حرارة الصبي مرة أخرى، كما بدا أنها قد انخفضت، كانت مستعدة للنهوض، وفي الوقت نفسه، اوقفتها لمسة الصبي الصغير، حدقت كل من المرأة والصبي في بعضهما البعض لفترة طويلة.

"انه فصل الشتاء وستنخفض درجة الحرارة أكثر، ليس عليك استخدام البطانية الرقيقة وبدلاً من ذلك استخدم هذه البطانية، إنها أكثر سمكًا وسيبقيك دافئاً" قالت السيدة بترونيل، ونهضت بحذر شديد، لأنها لم تخطط للبقاء في الغرفة لفترة طويلة.

"لماذا؟" الصبي حدق بها بشك والسؤال في عينيه.

"من الوقاحة ترك شخص بدون رعاية، وخاصة إذا كان صبياً ليس لديه أم ووالدهُ خارج المدينة، مهما أعجبني الأمر أم لا، الأمور لن تتغير وعلي فقط تقبلها" اجابت السيدة بترونيل شفتيها.

"أنتِ تكرهيني"

بالنسبة لصبي صغير، كان لديه بالتأكيد تفكيره، فكرت السيدة بترونيل في نفسها.

في المناسبات النادرة التي تحدثوا فيها، شعرت وكأنها تتحدث إلى شخص بالغ، وتساءلت عما إذا كان الصبي قد أُجبر على النمو بسرعة بسبب الطريقة التي نظر بها الناس وتحدثوا إليه.

اعترفت السيدة بترونيل "أشك في أنني كذلك، إذا كان هناك أي شخص ألومهُ هنا، فسيكون والدك وزوجي، على أي حال، سأجعل أحدهم يرسل العشاء إلى هنا، تأكد من تناوله"

منحها الصبي الصغير إيماءة برأسه بينما يراقبها وهي تخرج من الغرفة، تاركة اياه وحدهُ.

بالعودة إلى الوقت الحاضر، حدق رومان في سقف الغرفة، كان وجهه سلبيا، وعيناه ثابتتان، كانت الغرفة تحمل العديد من الذكريات.

ما بدأ بالوحدة تحول إلى رعاية، حيث تم منحهُ عائلة واُنتزعت منه فقط.. ثم تحول الامر إلى ألم وغضب، وكم سنة مرت بعد ذلك؟ سأل نفسه.

لكنه الآن كان يعاني من شيء آخر.

أدار رومان رأسه، وسقطت عيناه على جولي، التي استمرت في النوم بسلام، أثناء النوم، اقتربت منه، ومال نحوها، ضغط بشفتيه على جبهتها.

رفع يده لوضعها على مؤخرة رأسها ورتب شعرها بلطف.

...

عندما استيقظت جولي في الصباح الباكر، شعرت برأسها أخف مقارنة بالأمس، حاولت تمديد جسدها، لكن تحركاتها كانت مُقيدة.

عندما فتحت عيناها، التفتت إلى جانبها لتلاحظ وجه رومان الذي كان أمَامها مباشرة.

إتسعت عيناها قبل أن تنظر إلى الأسفل لتلاحظ أن إحدى ساقيه قد أغلقت الجزء السفلي من جسدها، وكانت يده حول خصرها.

سيكون إيقاظهُ فظاً عندما تكون هي من طلبت منه البقاء هنا، حاولت ببطء أن تدفع يده بعيدا عنها، لاحظت بعض المساحة على الجانب الآخر، وقررت الانزلاق والتدحرج.

ولكن عندما حاولت جولي الابتعاد، سحبتها يد رومان على خصرها مباشرة إليه، سحبها بطريقة حيث تواجهه الآن وهي مستلقية على جنبها، ورأت عينيه كانتا لا تزالان مغلقتين.

"إبقي ثابتة، وينترز"

"أنتَ مستيقظ" اعلنت جولي عنّ أفكارها بصوت عال.

"همم، و الفضل لتحركِك،" أجاب كما لو كان سيعود للنوم.

"أتريدني أن أبقى هكذا بينما أنا مستيقظة وأنت ستنام؟ " رفعت جولي حاجبيها.

"هذا بالضبط ما أريده" قال رومان، ووضع ذقنه على رأسها "لا تترددي في النوم"

رمشت جولي قبل أن تتملص بنفسها وتحرك رأسها للخلف لتلقي نظرة على وجهه "هل استيقظت حقا الآن؟" سألته.

فتح رومان عينيه، وضيقها "لا، لقد كنت مستيقظاً منذ فترة وأنا أحدق بك بشكل دقيق وعندما فتحتي عينيكِ، أغلقت عيني"

ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها "أنتَ مضحك بغرابة أحياناً"

"يمكنني قول الشيء نفسه" قال رومان، ثم سألها "كيف تشعرين اليوم؟"

"أفضل بكثير" قالت جولي، وهي تنظر إليه

"شكراً على بقائكَ هنا طوال الليل معي"على الرغم من أنها كونت بعض الأصدقاء، إلا أن رومان كان شخصاً شعرت أنها تستطيع الاعتماد والاتكاء عليه، وقد سمح لها بفعل ذلك.

"في أي وقت" قال رومان وهو يراقب عينيها البنيتين الصافيتين.

رفع يده لمداعبة جانب وجهها، شعرت جولي بإنه يميل وجهه نحوها، وعيناه تسقطان على شفتيها، نبض قلبها ووضعت يدها على شفتيه.

على الرغم من أنهما تبادلا القبلات من قبل، وناما في نفس السرير، إلا أن هذا لا يعني أنها لم تكن خجولة بمثل هذه الأشياء.

"أحتاج إلى تنظيف أسناني بالفرشاة والخيط حتى تصبح نظيفة ومشرقة" قالت جولي، مع ملاحظة عينا رومان التي لا تزال ضيقة عليها بتعبير غير مزعج.

بدلا من الرد على كلماتها، عض رومان إصبعها، مما جعلها تتألم.

سحبت يدها إلى صدرها وعيناها واسعتان، وقالت "إذا كنت جائعاً لدي رقائق مخبأة في الدرج"

إلتوت شفتي رومان في تسلية، وظهر تلميح من الأذى في عينيه وفي أقل من ثانية، كان يحوم فوقها بينما كان يضغط ظهرها على السرير، عندما تحركت يداها إلى الأمام، أمسك بكليهما ليضغط عليهما على جانبي السرير.

شعرت جولي بجبهة رومان تلمس جبينها، وقال "هل تتذكرين ما قُلته لكِ من قبل؟" كان صوته يحمل إهتزازاً طفيفاً.

بدا موقفهم شيئاً لم تكن جولي تتوقعه، دارت رأسها قبل ان تجيب "قلت الكثير؟"

لم تعجبهِ إجابتها، انحنى رومان إلى جانب رأسها، وهمس في أذنها "دعينا نرى ما إذا كان هذا سيساعدكِ" وعض الجزء العلوي من فص أذنها.

أفلت اللهث من شفتي جولي، والطريقة التي أمسك بها يديها، أثارتها فقط، شعرت به يقضم ويخدش اذنيها بأسنانه قبل أن يعض المنطقة الطرية مرة أخرى، واندفع الدم إلى الجانب السفلي من جسمها، وتجعدت أصابع قدميها.

"لكن حقاً، تحدثنا عن الكثير من الأمور" كانت كلمات جولي سريعة، وشعرت أن خط المتعة والألم يختلط ببعضهما البعض.

"أعلم أنكِ ذكية" قال رومان، وهو يلعب بفص أذنها وفي مكان ما، كانت جولي قلقة من أن ينفجر رأسها "عدم قدرتكِ على الإجابة سيجعلني أعتقد أنكِ تستمتعين بعقابكِ الصغير، همم؟"

"ربما أستطيع أن أفكر إذا توقفت عن عضّي الآن، أنت لا تشاهد أفلام أكل لحوم البشر، أليس كذلك- أوه!" شعرت جولي به يعض فص أذنها مرة أخرى. ربما رومان إحتاج طعاماً ليأكله! لقد كان جائعاً بالتأكيد.

حتى في آخر مرة عندما أخبرها أنها نسيت شيئاً، ولحياتها، لم تستطع أن تتذكر ما كان.

"هل تعتقدين أنني سأغادر دون أن آخذ قضمة أو أتذوقكِ بعد أن تأخذيني إلى السرير؟" لم تكن هذه هي الصياغة الصحيحة!

"أستطيع أن أرى من خلال مقاومتكِ الصغيرة أن ما أقوله وأفعله يؤثر عليكِ و... دقات قلبكِ عالية"

"يمكنني سماعها أيضاً" تذمرت جولي.

اعطاها رومان عضة أخرى، شعرت بأسنانهِ تقضمها، وأغلقت عينيها، ركضت قشعريرة عبر جسدها، وسرعان ما تم استبدال العض بامتصاص.

كانت أصابع قدميها ملتفة، وشعرت بالعذاب اللطيف يتركها عندما سحب رومان نفسه مرة أخرى للنظر إليها، حيث حدقت عيناها فيه، وارتفع صدرها من أجل الهواء.

"اخبرتكِ لا تجعليني أطاردكِ" قال رومان، وعيناه تبدوان داكنتين، كان وجهه قريباً جداً منها، وكانت شفتاه تحومان أمام شفتيها.

سقطت عينا جولي على شفتيه، وقالت "لقد أخبرتك فقط أنني بحاجة إلى تنظيف أسناني"

تركت يديه يديها، ورفع إحدى يديه لمسح جانب خدها بظهر يده قبل تتبعه بإصبعه، لم يتوقف إصبعه عند هذا الحد وانتقل إلى عمود رقبتها،

"حسناً، سآخذ القبلة لاحقاً" قال وهو يحدق فيها، وحرك إبهامه لمسح شفتها السفلى، وعيناها جاهزتان للتراجع، لكن رومان أخذ كل وقتهِ ليبتعد عنها، نهض ونزل من السرير.

أخذت جولي نفساً عميقا لتهدئة أعصابها المتذبذبة التي تركها رومان في حالة غير منتظمة، وجلست على سريرها.

رأت رومان وهو يلتقط حذائه ويرتديه واحدًا تلو الآخر، ويربط شرائطهِ بينما يحرك أصابعه بأناقة، بمجرد الانتهاء منه، وقف وسار نحو الباب.

قبل أن يدير مقبض الباب، التفت رومان وتحدث "تناولي الغداء معي اليوم، سأوفر لكِ مقعداً على الطاولة"

"ماذا عن أصدقائي؟" سألت جولي، لم ترغب في تركهم وراءهم، وخاصة ميل.

"أحضريهم معكِ" أجاب رومان.

عندما فتح الباب، لم يكن الممر خاليًا، حيث وقفت ميلاني أمام بابها ويداها مرفوعة كما لو كانت على وشك طرق الباب، أرادت جولي إخفاء وجهها، بينما اتسعت عينا ميلاني.

أعطى رومان إيماءة لميلاني وخرج من الغرفة، ثم خرج من مهجع الفتيات.

"أنا آه، اتيتُ لأتحقق من أنكِ بخير" قالت ميلاني، وهي تخطو خطوة إلى الغرفة "يمكنني أن أخمن أنكِ بخير جداً" ضحكت.

ابتسمت جولي بشكل محرج ثم قالت "لقد أتى للاطمئنان علي"

أومأت ميلاني برأسها "أستطيع التخمين، على أي حال، سأذهب إلى الحمام المشترك، هل تريدين المجيء معي؟"

"دعيني احضر اغراضي" قالت جولي وهي تنزل من سريرها.

عندما وصلت الفتاتان إلى الحمام المشترك، التفتت الفتيات للنظر إلى جولي في صمت، حتى الفتيات اللواتي كنّ يثرثر توقفن عن الكلام.

جولي أحسّت بالوهج مساء أمس عندما حملها رومان إلى غرفتها، بشكل محرج انتقلت نحو أحد الأحواض الاحتياطية.

الصمت المفاجئ جعل حتى اقل صوت يصبح ضوضاء عالية بما يكفي ليسمعها الجميع، عندما سقطت عيناها على المرآة، التقطت انعكاس الفتيات الأخريات، إحداهن إليانور... بدت إليانور غاضبة، لكنها لم تجرؤ على التقدم وتهديد جولي.

"متى بدأتِي أنتِ و رومان تتواعدان؟" سألت إحدى الفتيات أخيرا.

"هل صحيح أنكِ من طلبتي مواعدتهُ؟" سألت فتاة أخرى، كانت في السنة الأولى.

"هل قال نعم على الفور؟ لأنني سمعت أنه رفض العديد من الفتيات في الماضي" جاءت كلمات شخص آخر.

بالطبع هذا ما كان سيحدث، فكرت جولي في نفسها، في نظرهم، لم يكن رومان شخصًا يطلب من شخص مثلها مواعدته.

على الرغم من أن جولي ورومان لم يصفا وضعهما بشكل واضح، إلا أنه بعد قضاء الليل معًا، لم تكن الأمور كما كانت من قبل.

الماضي، كانت جولي تعتقد أنها عندما تكون حبيبة شخص ما، كان الشخص سيقول "أحبكِ" ولكن بدلا من ذلك، تلقت عضات على أذنها.

وغني عن القول أن كلاهما قبلا بعضهما البعض.

للاعتقاد بأن رومان مولتينور قد تحول إلى حبيبها، احتاجت إلى بعض الساعات الأخرى للالتفاف حول رأسها.

أدركت جولي أنها كانت تحلم باليقظة أمام الجميع، حيث كان بعضهم ينتظرها للإجابة على أسئلتهم الملحة، وابتسمت بهدوء وقالت "لقد حدث الأمر" رفعت فرشاتها واستأذنت "المعذرة"

الفتيات لم يسعهن إلا أن يبدأن في الثرثرة أكثر حول ذلك وفي حين ان بعض الاشخاص لم يكلفوا انفسهم عناء الاخبار، ضغطت إليانور، التي كانت تحمل معجون الاسنان في يدها، على المعجون قبل ان تلقي بهِ في الحوض وتندفع خارجاً من هناك، وأغلقت الباب بصوت عالٍ.

هذا الصوت ترك الصمت في الحمام المشترك لمدة ثانيتين قبل أن تستمر الفتيات في الثرثرة.

عندما انتهت الفصول الصباحية، ذهبت جولي وأصدقاؤها إلى قاعة الطعام، في طريقهم، قابلوا دينيس.

"مرحباً يا رجل!" قام كونر بتحية دينيس "هل أنت ذاهب لتناول الغداء؟"

سقطت عينا دينيس على جولي، التي منحتهُ ابتسامة، وأعادها، والتي لم تصل إلى عينيه "لدي شيء آخر لأفعله الآن، سألحق بكم لاحقاً يا رفاق"

لوحت ميلاني بيدها والتفتت للنظر إلى جولي، وقالت لها "كم تريد أن تراهن أنه رأى رومان يحمل جولي مساء أمس؟"

"الأكثر من مائة وواحد في المائة" قال كونر، الذي سار بين ميلاني وريس "حتى لو لم يرها، انتشرت الكلمة إلى كل الطلاب المهتمين بآخر الأخبار عما يجري في فيتيريس، المسكين، على الرغم من أنه صديقي، فيجب أن أقبل أنه لن يكن لديه فرصة أمام رومان"

"هل يتخطى الغداء من أجل ذلك؟" سألت جولي، شفتاها وضعتا في خط رفيع "ألن يجوع لاحقاً؟"

ربتت ميلاني على ظهر جولي وقالت "أنا متأكدة من أنه سيأكل لاحقاً، دعينا نذهب إلى الداخل" وبذلك توجهوا إلى داخل القاعة.

عند دخولهم قاعة الطعام من خلال الأبواب المزدوجة، فتشت عينا جولي القاعة قبل أن تسقط على رومان، الذي كان يجلس بالفعل على الطاولة مع أصدقائه.

كان في المنتصف، يتحدث عن شيء عندما أدار نظره في إتجاه وقوفها، وعلى الرغم من عدم وجود ابتسامة واضحة على شفتيه، فقد شعرت أن وجودها في القاعة قد أثر عليه.

مضت ميلاني وكونر وريس قدما للحصول على وجباتهم بينما سارت جولي إلى الطاولة حيث كان رومان يجلس مع أصدقائه.

عند وصولها، رفع رومان حقيبته من الكرسي الذي كان بجانبه.

"مساء الخير، جولي" قال ماكسيموس، حيث دعم ذقنه بحافة راحة يده "أرى أنكِ أتيت أخيراً للانضمام إلينا لتناول وجبة معاً"

أومأت جولي برأسها "آمل ألا تمانع"

"لا أحد سيفعل" علق رومان، مما يعيد انتباهها إليه.

"روما على حق، أنتِ الآن رسمياً جزء من المجموعة" أجاب ماكسيموس، ابتسم.

عرضت أوليفيا على جولي ابتسامة، والتي عادت إليها بأدب، لوح سيمون لها، بينما لم تنظر إليها فيكتوريا وحدقت في الطاولة.

سحب رومان الكرسي بجانبه وسيمون الذي كان يشرب شيئا ما، بدأ يسعل قبل تنظيف حلقه لأن العصير الذي كان يشربه قد ذهب في المجرى الخاطئ، كانت خدي جولي ملونتين باللون الوردي، وجلست على الكرسي.

"كيف كانت فصولكِ؟" استفسر رومان، مع إيلاء كل اهتمامه.

"لقد كانت جيدة، وانتَ؟"

"أعتقد أنه كان جيد" أجاب رومان، وعيناه تتحولان للنظر إلى أذنها التي كان قد عضها هذا الصباح "لقد نمت جيداً في جميع الفصول الثلاث بأكملها" مدّ يده الى أذنها دون تردد، مما أذهل جولي "لقد تحولت إلى اللون الوردي"

بالطبع، ستصبح كذلك! لقد عضضتها، فكرت جولي في ذهنها، تمنت أنه لن يذكر الكثير عن ذلك أمام أصدقائه لأنها تشك في أنها ستكون قادرة على الجلوس على الطاولة دون تعبير محرج على وجهها.

قام إصبع رومان بتحسس أذنها، وعندما سمعها تتنفس، ظهرت أنيابه داخل فمه المغلق، ضغط على فكه قبل أن يعيد يده إلى جانبه، أسقط يده، وسأل "هل قررتي ما تريدين تناولهُ؟"

"المُعتاد" وقفت جولي، على استعداد للذهاب والحصول على وجبتها.

"دعيني آتي معكِ" قال رومان، وهو يقف معها "أحتاج شراء علبة الكوكاكولا خاصتي"

نظرت جولي إلى الجميع على الطاولة، ولاحظت صواني الوجبات أمامهم بينما كانوا يتناولون مشروبات باردة متشابهة بجانبهم، لذا فإن رومان فقط هو الذي لا يأكل كثيرا ، فكرت في رأسها.

عندما غادروا، سألت أوليفيا الآخرين في المجموعة "بإعتقادكم كم سيستغرق حتى تشك بوجود خطبٍ ما؟"

"روما دقيق بشأن هذه الأشياء، لذلك ربما أبداً، وهو خيار جيد لها، هناك بعض من نوعنا الذين كانوا على علاقة مع البشر، ومع ذلك لم يكونوا وجبات" قال ماكسيموس.

"جميعكم نسيتم شيئاً ما" قال سيمون وهو يشرب مخفوق حليب الفراولة مع ماصة العصير "إن أعلى سمعة يتمتع بها روما ليست الدخول في معارك، ولكن هناك شيء آخر أيضاً"

"تعطشهُ للدم" تمتمت أوليفيا.

...

عندما وصلت حولي إلى المنضدة التي تعرض الطعام، أخبرت الشخص الذي يقف خلفها على ما تريده واستلم وجبتها.

رأت رومان يرفع يده، وذهب الرجل على الفور إلى إحدى الثلاجات وأحضر علبة الكولا لرومان، بالنظر إلى أنه لم يأكل أي شيء، كان من الواضح للرجل خلف المنضدة أن رومان لم يطلب أي شيء باستثناء علبة الكولا.

"لن تحصل على غدائكَ؟" سألت جولي، راقبته وهو يأخذ العلبة.

التفت رومان إليها، وقال "سآكل شيئًا لاحقا إذا كنت جائعاً"

بدا ذلك عادلاً، عادوا إلى الطاولة، عندما جلست، ووضعت وجبتها على الطاولة، ورأت أن أصدقائها قد انضموا بالفعل إلى الطاولة وبدأوا في تناول الطعام.

كانت سعيدة لأنه على الرغم من أن رومان سحب الكرسي لها، إلا أنه لم يأخذ صينيتها لحملها، جلس بجانبها، وظهره يميل إلى الكرسي، مما منحها مساحة دون أن يحوم فوقها عندما كانت تأكل.

"قد تعتقد أنكَ ستتمكن من الوثوق به في المسرحية، لكنه حولنا إلى دمى صغيرة" قال سيمون بتعبير قاتم.

"أعتقد أننا جميعاً سعداء لأننا انتهى بنا المطاف في مسرحية بايبر، على الرغم من غرابة نصوصها، على الأقل ليس علينا إرتداء باروكات ثقيلة، أعتقد أنه بالمقارنة مع أي شخص، فأنت تستمتع بوقت إيفانز أكثر من غيره" أخذت أوليفيا قضمة من وعاء المعكرونة خاصتها "لأكون صريحة، لا يمكنني الانتظار لرؤيتكما على خشبة المسرح"

تنهدت فيكتوريا، وتمتمت تحت أنفاسها "لا تأتي، الأمر لا يستحق ذلك"

"ماذا تقولين، توريا؟" سأكون الداعم رقم واحد لكما، واشجعكما من الجانب الأمامي من الحشد" وعد ماكسيموس، الذي انتهى به الأمر بتلقي وهج من الفتاة.

"هذا يذكرني بأن الخريف السنوي على بعد أقل من أسبوعين ولم أنتهي من العمل على التمثال الذي من المفترض أن أعرضه" قال كونر.

"ربما يجب أن نبقى حتى المساء وننهيه" اقترحت ريس، وأومأ كونر برأسه بالموافقة.

مما سمعته جولي من قبل، سيُقام الاحتفال السنوي لخريف فيتيريس لمدة أربعة أيام والذي سيبدأ من يوم الاثنين وينتهي ليلة الخميس.

في تلك الأيام الأربعة، كان من المقرر عرض مسرحيتين في اليوم الأول، وستحتل المجموعتان الأخريان مساء اليوم التالي، في اليوم الثالث، مباراة كرة القدم بين الصقور والغربان، وفي اليوم الأخير، سيكون لديهم مهرجان موسيقي.

وبصرف النظر عن الأحداث الرئيسية، كانت هناك أحداث أصغر حيث كان الطلاب من مختلف التخصصات يقدمون عملهم للعرض، بينما تظهر الهوايات أيضاً، ناهيك عن أن جولي كانت تتطلع إلى بيت الرعب الذي كان قيد الإعداد الآن.

وعندما انتهت من تناول وجبتها وحان الوقت للعودة إلى الفصول، التفتت جولي إلى رومان وسألته "هل ستحضر الفصول القادمة؟" كان ذلك لأنه لم يتبق سوى عشر دقائق وبدا أن جميع أصدقائه ليسوا في مزاج للوقوف واستمروا في الجلوس على الطاولة.

"لدي شيء آخر لأفعله" أخبرها رومان، وهو يراقب عينيها البنيتين تحدقان فيه، وعندما لم يستطع المقاومة، رفع يده لوضعها على جانب رأسها، وربت عليها بلطف، وقال "سأراكِ في المساء"

لم تكن جولي معتادة على عرض رومان للمشاعر في الأماكن العامة، فالشخص البارد والبعيد اصبح دافئًا، ولم تكن تعلم كيفية التفاعل معه، وخصوصاً عندما كان الكثيرون ينظرون إليهم، منحته إيماءة.

"حسنا، سأراك في المساء" أجابت جولي.

"لحظة" اوقفها رومان، قبل أن تنهض من مقعدها، انحنى إلى الأمام، ويده لا تزال على رأسها، وضغط شفتيه على خدها.

وفي تلك اللحظة، تلاشى كل شيء، وكل ما شعرت به هو قبلتهُ، عندما استنشقت الهواء حتى لا تصاب بالذعر من الأعين العديدة التي التقطت ما فعله رومان، استنشقت رائحة عطره وبينما كان يبتعد عنها، شعرت جولي بأن شفتيه الخاطئتين تبتسمان.

"أخبرتكِ بأنّني سآخذها لاحقاً، اذهبي الى صفكِ، وإلا سيفوتكِ"

لم تنظر جولي إلى أي شخص على الطاولة أو في قاعة الطعام، التقطت حقيبتها، وسرعان ما هرعت بعيداً عن هناك، حيث تبعها أصدقاؤها بسرعة حيث اضطروا إلى حضور صفوفهم أيضا.

في المساء، عندما قابلت جولي رومان للتدرب على مسرحية السيدة بايبر، ظلت على مسافة قدم واحدة بينهما، ورفع رومان حاجبيه "ما بال هذه المساحة السخيفة؟"

"إنه إجراء احترازي حتى لا تحاول تقبيلي أمام الجميع" قالت جولي بصوت منخفض، وهي تنظر إلى اوراق السيناريو.

"اذا اردت تقبيلكِ، فسأجد طريقة لحدوث ذلك" علق رومان، وهو ينظر إليها مع تلميح من التسلية في عينيه "هل فاجأكِ ذلك في القاعة؟"

"لقد أصبت بنوبة قلبية" تمتمت جولي وهي ترفع نظرها من السيناريو، ونظرت إليه، الذي حدق فيها "ظننت اننا اتفقنا على أخذ الأمر ببطء، إذا قمت بمثل هذه الهجمات المفاجئة، سيجعلني ذلك أرغب في الهرب"

"لا تقلقي" قال رومان وهو يمضغ علكته "سأمسكَ بكِ في وقت قصير وأعيدكِ إلي" ظهرت ابتسامة خفية على شفتيه عندما رفعت جولي الأوراق أمامها لإخفاء وجهها.

سارت البروفة للمسرحية بسلاسة، وبعد فترة طويلة جداً، لم يسخر منها الاخرون أو يزعجونها، بما حدث في وقت سابق من اليوم، حتى الطلاب من صفها أو هنا في هذه الغرفة تركوها وشأنها منذ أن سمعوا أنها تواعد رومان.

عندما انتهت البروفة، وقفت جولي خارج الغرفة، وتحدثت إلى إحدى الطالبات عن المشاهد التي مثلوها، عندما سمعت همسة دندنات تصل إلى أذنيها، بعبوس صغير، إستدارت لترى من أين أتت.

"هذا غريب جدا، من يدندن في هذا المكان" سألت جولي، وهي تعود للنظر إلى الفتاة، التي نظرت خلفها.

"ماذا؟" سألت الفتاة التي أمامها، ولم تسمع ما سمعته جولي، ثم قالت "سأراكِ في البروفة القادمة، جوليان" واعتذرت عن الذهاب من هناك.

استمرت الهمسات، ولم تستطع جولي تجاهلها، غادرت الجانب الأمامي من غرفة البروفة وبدأت في السير، بعد الهمس بلغة لم تكن تفهمها، سارت عبر الممرات، وخرجت، وتوجهت قدماها في اتجاه المكتبة.

عندما اقتربت من المبنى، بدا الطلاء على المبنى مختلفاً، حتى الجو بدا أنه تغير، مما جعلها تشك فيما إذا كانت تحلم.

صعدت جولي أمام مدخل المبنى، حيث كانت الأبواب مفتوحة على مصراعيها على الجانب الذي وقفت وباب اخر على الجانب الآخر من الأرض، والذي كان من المفترض ألا يكون سوى جدار لم تتذكره، لم تكن هناك رفوف أو كتب أو طلاب أو مكاتب هناك.

بدلا من ذلك، استقبلها أشخاص يرتدون عباءات سوداء طويلة، كان هناك تسعة منهم على الأقل، واستمر الهمس في الهواء - شخص مستلقي على الأرض- محاطا بالأشخاص المتخفين لم تستطع رؤية وجه الشخص المُلقى، لكنها لاحظت الدم.

"اقتله" أمر أحد الناس، واتسعت عينا جولي في حالة صدمة.

رأت أحد الأعضاء التسعة يتقدم إلى الأمام، ويرفع يداً تحمل سكينا، وعندما اقتربت السكين من الشخص، حاولت جولي الصراخ لتوقفه، ولكن في تلك اللحظة، وضع شخص يده على فمها، رأت أحد الأشخاص المتخفين ينظر في الاتجاه الذي تقف فيه.

"هششش، لا بأس انتِ بأمان" قال رومان، وسحبها بالقرب منه بينما لاحظ الطريقة التي ينبض بها قلبها بسرعة في خوف.

عادت رؤية جولي إلى طبيعتها، ورأت الطلاب، الطلاب دخلوا وخرجوا من المبنى.

أمسك رومان بيد جولي وسحبها بعيداً عن هناك للذهاب إلى مكان أكثر هدوءاً، والمكان الهادئ الوحيد هو الغابة، ساروا عبر الأشجار بينما حاولت جولي فهم ما رأته.

عندما وصلوا إلى مكان معزول، أمسكت جولي بجوانب سترتها

"انا ارى وأحلم بأشياء... أشياء غريبة" ظهر عبوس على وجهها "هل تعتقد أنني يجب أن أزور المستشار؟"

"أخبريني بما رأيته" قال رومان، ولاحظ انها تعض خدها الداخلي من القلق.

"ستعتقد أنني سأصاب بالجنون" أجابت جولي وهي تشعر بالتوتر قليلاً.

"نحن جميعاً، نصف أو مجانين تماما في فيتيريس، أعدكِ ألا أحكم عليكِ" أعطى كلمته لها، والنظرة جادة في عينيه.

نظرت جولي حول المكان، حيث لم يحيطهما سوى الهدوء، ومضت صورة الأشخاص المخيفين في المكتبة أمامها، راقبها رومان، أعطاها الوقت الذي تحتاجه لمعالجة ما رأته.

بعد بضع ثوان التفتت للنظر إليه، وقالت "لا أعتقد أنني مرضت بالأمس بسبب شعري المبلل، أعتقد أنني سافرت دون وعي إلى مكان بارد جداً في حلمي، رأيت الجسر في ويلو كريك، الجسر الذي ظهر في ذلك اليوم، حاولت السير عليهِ، لكنني سقطت"

عصرت يدها، في محاولة للتأكد من أن ذلك منطقي، دون النظر إلى رومان، واكملت "و... هذهِ ليست المرة الأولى التي أرى فيها شيئاً في المكتبة، في الشهر الأول الذي كنت فيه هنا، رأيت شيئا مشابها، وبدا اليوم استمراراً له"

"ما الذي كان يدور حوله؟" سأل رومان، ضاقت عيناه لأن لديه شكوكه الخاصة حول ما رأته.

"كانوا أشخاصا يرتديون العباءات، عباءات سوداء وسمعت همسات، لكنني لم أر فمهم يتحرك" أوضحت جولي، والقلق خيم وجهها "لم آرى وجوههم لأن نصفهُ كان مغطى من الأعلى، أعتقد أنهم كانوا يحاولون قتل شخص ما. أو هو مقتول بالفعل"

ضاقت عينا رومان أكثر من ذلك، وحدق في جولي.

قبل أن يتمكن رومان أو جولي من قول شيء ما، سمعوا طقطقة في الشجرة، فسقط أحدهم على الأرض، نظرت جولي لأعلى ولأسفل، ورأت الفتى يقف مستقيماً، وعندما رأت الوجه، اتسعت عيناها.

"كاليب؟" همست جولي "ماذا كنت تفعل على الشجرة؟"

بدلاً من أن يبدو متألماً، حدق كاليب في جولي بفرح، التفت للنظر إلى رومان وقال "يبدو أننا جمعنا الذهب يا صديقي، دعنا نشارك الأخبار معاً"

شد رومان على يديه، يبدو أنه لم يعلم بعض الأشخاص في فيتيريس ليجلس كاليب على الشجرة ويتحدث عن إبلاغ دانتي أو غيرها عن جولي، أكد ذلك فقط أنه كان مورم.

كان المورم المصاص دماء، مصاص دماء بدون أنياب بميزات كمصاصي الدماء العاديين لكن لديه قوة بشرية.

'هذا لا يبدو جيداً'

بدت جولي مرتبكة، سألت بقلق طفيف "أي الأخبار؟" هل كان يخطط لإخبار الجميع أنها مجنونة وتحتاج إلى دخول المستشفى؟

قست عينا رومان على كلمات الفتى، يمكن لكاليب أن يفتح فمه بفكرة أنه لا يوجد شيء يخسره لأن جولي ستسلم للأشخاص الذين يديرون فيتيريس.

التفت رومان للنظر إلى جولي وسألها "هل تريدين ان يعلم الجميع عن الامر؟"

التفت كاليب للنظر إلى كليهما بشكل مريب، ثم قال "أوه، لا لا! فقط لأن شيئا ما يحدث بينكما لا يعني أنه يمكنك إبقائهُ سراً ولا يمكنني الحصول على الثمار منه، لقد حان الوقت لكي أتألق" ضحك كاليب، وبدأ في الركض من هناك.

أمال رومان رأسه، في انتظار جولي، وقالت "لا اريد"

قدم لها ابتسامة مطمئنة وقال "أمنحيني لحظة، سأعود"

استمر المخلوق المروم في الجري، واقترب من حافة الغابة ورأى الضوء، وابتسم، لكنّ الابتسامة لم تدم طويلا حين سحبته يداً إلى الخلف عن طريق قبض طوق قميص كاليب الخلفي.

"كان بإمكاننا الجلوس ومناقشة هذا بهدوء" قال رومان، دون التخلي عن كاليب، الذي كافح من أجل الهروب.

"اللعنة! أنت والهدوء، لاتجتمعان معاً!" قاطعهُ كاليب. "انتَ و اللعنة متورط هذه المرة! ابتعد عني"

"حظًا سعيداً في ذلك، لا بد أنكَ قد نسيت أنني مصاص دماء، بينما أنتِ مروم، لا شيء سوى إنسانٍ سخيف" علق رومان، ولف كاليب لمواجهته.

اتسعت عينا كاليب، مدركًا أنه فشل في ملاحظة ذلك من حماسه، رفع رومان يده، ولكم الصبي في وجهه و الذي اُغمي عليه في أرضية الغابة.

....

اتسعت عينا جولي، وركضت بسرعة إلى حيث وقف رومان بجانب كاليب الفاقد للوعي، الذي كان بارداً على الأرض، عندما أخبرته أنها لا تريده أن يذهب، ويصرخ بأحلامها في وضح النهار، لم يكن هذا ما تخيلته في رأسها.

"هل مات؟!" سألت بوجه شاحب، عندما رأت الدم على وجه كاليب.

"اهدئي، وينترز، أنا فقط أفقدته الوعي" أكد لها رومان، لقد كسر مفاصله، تجول هذا الفتى حول جولي أثناء المسرحية، واصفًا إياها بزوجته، وكان ينتظر لكمه بشكل صحيح.

جلست جولي بجانب الجثة، ورفعت يدها إلى الأمام للتحقق مما إذا كان يتنفس.

"إنه لا يتنفس!" قالت بذعر.

"سيكون على ما يرام، لا وقت للتسكع عندما يكون لدينا جثة لإخفائها" قال رومان.

حركت جولي إصبعها إلى الأمام والخلف، لكن الفتى لم يكن يتنفس، قبل أن تتمكن من التحقق من نبضه، أمسك رومان بيد كاليب وبدأ في سحبه كما لو كان دمية حتى أدرك أن جولي هنا... حمل كاليب الفاقد للوعي على كتفه قبل التوجه في اتجاه الجزء الأعمق من الغابة.

كانت جولي مشوشة ولا تعلم ماذا تفعل أيضاً، وسرعان ما تبعت رومان بينما استدارت بين الحين والآخر، لتتيقن أن أحدًا لم يراهم وهم يرتكبون الجريمة.

"إنه يفقد الكثير من الدماء" أشارت جولي عندما اتخذت خطوة إلى الوراء لإلقاء نظرة على وجه كاليب.

"سيتعافى ، الذكور أقوياء" كان سلوك رومان الهادئ في مكان ما مزعجاً.

"هل فعلت هذا من قبل؟" سألته، وهي تلحق بخطواته.

"تقريباً ولكن ليس بالضبط" أجاب رومان، مع ملاحظة قلقها، توقف عن المشي وواجهها "هل تثقين بي؟"

المزاح حول إخفاء جثة وفعلها كان شيئان مختلفان، عضت جولي شفتها، وأومأت برأسها.

"نعم" أجابت.

"جيد" قال رومان، واستمروا في المشي.

كلما دخلوا الغابة، كلما اصبح المحيط أكثر هدوءًا باستثناء صوت الصراصير التي زقزقت من حولهم وصوت خطاهم.

لم تكن جولي تدرك إلى أي مدى ساروا لأن عقلها كان مشغولاً بتدوين ما حولها، ولكن عندما وصلوا إلى مكان معين، أسقط رومان كاليب على الأرض، سار إلى شجرة، وتنقل من شجرة إلى اخرى قبل إمساك شيء ما.

عند رؤية الحبال والشريط اللاصق في يده، رفعت جولي حاجبيها "هل تُبقي أشياء من هذا القبيل جاهزة؟"

"نعم" جاء الرد البسيط من رومان قبل أن يبدأ في ربط يدي كاليب وساقيه معا، واقفا، لف الحبل حول الشجرة التي مال عليها كاليب حتى لا يجد الفتى طريقة للهروب "هل لديكِ منديلاً؟"

فتشت جولي حقيبتها، وسلمته له، أخذه منها، فتح رومان فم كاليب وحشى المنديل بالداخل قبل إلصاق
فمه للحفاظ على كرة منديل في مكانها.

"ماذا تنوي ان تفعلهُ به؟" استفسرت جولي، واخرجت نفساً مرتجفاً من شفتيها عندما مرت عاصفة باردة من الرياح عبر الغابة حيث وقفوا.

"اُبقيهِ هنا حتى أتيقن أنه سيغلق فمه ولا يذكر ما سمعه " أجاب رومان.

"وماذا لو لم يوافق؟" سألت جولي.

مع العلم بالتاريخ الذي جمع كاليب برومان في البروفات على المسرح، شككت في أنه سيسير على ما يرام.

"اقتله" كان رد رومان واضحاً، وللحظة، تجاهلته جولي على أنه فكاهة مظلمة، لكنها عاودت الفكرة، متسائلة عما إذا كان جادا.

مما يريحها، تحرك كاليب كما لو كان يستعِيد وعيه، وتساءلت عن لما لم يتنفس في وقت سابق! و الأن على الأقل لم يكن عليها مساعدة رومان في دفن الجثة، وفي الوقت الحالي، كانت سعيدة بذلك.

عندما نظر كاليب إلى يديه وساقيه المقيدتين، حاول تحرير نفسه ونظر إلى جولي أولاً ثم إلى رومان، لقد أحدث ضجيجًا غير متماسك، وقالت جولي "اعتقدت أنه لن يُبقي فمهُ مغلقاً"

"دعينا نعد، جولي" مد يده لتأخذ يدها، عندما التفت للنظر إلى كاليب، قال "لن يذهب إلى أي مكان، سأتي إلى هنا لاحقاً ما لم يأكله حيوان بري"

وضعت جولي يدها في يد رومان الكبيرة التي غطت يدها قبل أن يسحبها، ابتعدوا عن المكان الذي تم فيه ربط الفتى، وخطواتهم بطيئة، تاركين همسات خطواتهم على الأرض، لم تكن هذهِ اليد تحجبها عن سير عقلها، لكن يبدو أن هذا سيفي في الوقت الراهن.

"أريدكِ أن تستمعي إلي بعناية فائقة، جولي" قال رومان، صوته جاد، وكذلك سلوكه "ما رأيتهِ، أو ما سترينهُ، لا يمكنكِ مناقشته مع أي شخص، حتى مع ميلاني أو كونر"

"لم أخبرهم بأي شيء" أجابت جولي، تلعق شفتاها قبل أن تسأل "هل تعلم ما يحدث لي؟"

توقف رومان عن السير، وكان وافقاً أمامها

"مررت ببعض الأمور على ما قلته لي، هناك احتمالات نادرة للبشر أن يكون لديهم القدرة على الرؤية، الناس يقرأون بطاقات التارو و يستخدمون كرات الكريستال لكن كما ترين، من غير الموجود إلى حد كبير أن يتمكن شخص ما من رؤية الماضي، أعتقد أن والدك اكتشف أن هناك شيئا غريبا عن والدتك، ولهذا السبب قتلها"

هزت جولي رأسها "كانت والدتي ستخبرني إذا كان هناك شيء أحتاج إلى معرفته، لم تذكر أي شيء عن هذا الماضي أو الحدس"

"ربما كانت تنتظر اللحظة المناسبة لتتحدث عن ذلك؟" منحها احتماله وهو يحدق بها.

كان بإمكان رومان أن يشهد بقدرتها ويصدق ما رأته اليوم لأن الشخص الذي رأته على الأرض، ويبدو أنه طُعن، لم يكن سواه.

...

حدقت في الأشجار التي انتشرت أمامها بكثرة، حيّكت حاجبيها قليلاً ووضعت شفتيها في خط رفيع.

هل أخفت والدتها شيئاً عنها عندما كانت على قيد الحياة؟ كانت خائفة من قبول كلمات رومان لأن الحدث المأساوي كان منطقياً مع ما قاله لها.

"هل من السيء إمتلاك هذهِ القدرة؟" سألت جولي رومان.

"الامر يعتمد على طريقة ادراككِ لها" أجاب رومان، وعيناه لا تتركانها كما لو انها ستختفي في الهواء اذا نظر بعيدا عنها "قبل سنوات، كانت هناك بعض العائلات في بلدة 'ويلو كريك' ادعى سكان البلدة أن أفراد هذه العائلة لديهم قوى، قوى كانت تسبب الأذى للناس، ووجه الناس اصابع الإتهام ودعوهم بالسحرة، وفي يوم من الأيام تم قطع رؤوسهم في وسط المدينة، وعندما كانوا على وشك قطع رأس إحدى المسنات في العائلة، توسلت المرأة لأجل حياة بناتها، ولكن لم يستمع إليها أحد"

التفت رومان للنظر في اتجاه كاليب الذي كان لا يزال مرتبطاً بإحدى الأشجار، ثم تابع "ثم قبل أن تموت هذهِ المسنة، وضعت لعنة على البلدة ليهلكَ كُـل منّ فيها" التفت للنظر إليها، وقال "منذ ذلك الوقت تقريباً، لم تعد بلدة 'ويلو كريك' موجودة، باستثناء الغابة التي لا تزال تحمل اسمها"

"لذلك إذا كانت البلدة موجودة بالفعل ثم اختفت، فهذا يعني أن هذهِ العائلة كانوا بالفعل سحرة، أو يمكن أن تكون قصة مختلقة، وهم لنا" وضعت جولي الخيارات.

"هل يّصعب عليكِ تقبل الامر؟" سأل رومان، وعيناه تقرآن تعبير جولي.

هزت جولي رأسها، لم يكن من الصعب تصديق ذلك، ولكن بعد ذلك كانت كلتا الفكرتين غريبتين - اولاً فقد فقدت عقلها، والفكرة التالية، مدينة في الماضي اختفت في الهواء.

حركت عيناها للنظر إلى رومان، عندما سألته بفضول "كيف تصدق ذلك؟" لم يبدو كشخص آمن بشكل أعمى بأشياء غير عملية.

"هناك بعض الأمور ... أمور أعرفها، ولكن لا يمكنني التحدث عنها" قال رومان، بدون الرغبة في الكذب عليها، بينما في الوقت نفسه لم يكن قادراً على إعطائها كامل المعلومات التي كانت معه.

"أنت لن تخبرني مرة أخرى أنه سيتوجب عليكَ قتلي إذا اكتشفت تلك الامور، صحيح؟" حاولت جولي تخفيف الجو، لكن رومان حدق بها فقط بلمعان خطير في عينيه.

"شكك في هذا المكان في محله، لكنني أود أن أنصحكِ بعدم البحث عن الامور التي قد تثير المتاعب" تقدم رومان للوقوف أمامها، بترقب على وجهها.

"هناك شيء أود أن أخبركِ به في يوم ما، ولكن هذا اليوم ليس اليوم، وسأحتاج منكِ أن تثقي بي عندما يحين الوقت، هل يمكنك فعل ذلكَ من أجلي؟" كان يداعب جانباً واحدا من خدها بإبهامه وهو يحدق في عينيها البنيتين.

"ما مدى سوءها؟" سألت جولي، متسائلة عما يعرفه.

"سيئ جداً" جاءت الكلمات المنحنية من رومان، وأومأت إليه.

"حسنًا" أجابت جولي، حيث بدا أنه شيء لا يستطيع التحدث عنه "هل وجدت أي شيء عن الشيء الفضائي الذي رأيته؟"

أومأ رومان برأسه "نعم، الطائر ليس فضائياً بل غُراب ويقال إن هذه المخلوقات كانت مرتبطة بالعائلة التي قُتلت، هذهِ الغربان تُسمى كورفين، وهي مخلوقات تنتمي على ما يبدو إلى أفراد العائلة المقتولة، على الرغم من أن لا أحد رأى أو احتك بهذه الأشياء إلا ان البعض يعتقد أنه بعد موت السحرة تحولوا إلى طيور الغربان أعتقد أن عائلة والدتك نشأت من هذا المكان، الجسر لم يره أحد منذ سنوات، لقد سرت إلى هناك عدة مرات من قبل، ولكن لم أصادف الجسر مرة واحدة، ليس قبل أخذكِ إلى هناك"

حاولت جولي إغراق كلماته في ذهنها "لا أعلم ما إذا كان ينبغي أن أكون متحمسة أو خائفة من هذا" تمتمت تحت أنفاسها.

"هل تعتقدين ان عمكِ توماس قادر على الاجابة عن بعض الاسئلة حول هذا الموضوع؟" سأل رومان، وهزت جولي كتفيها.

"يمكنني محاولة سؤاله عن ذلك، ولكن بصراحة لا أعتقد أنه يعلم أي شيء عنه، هل تعتقد أنه قد يكون قادرا على رؤية الأشياء أيضا؟ حتى الآن اعتقدت فقط أن لدي عائلة مثل أي شخص آخر. في مكان ما في زاوية عقلي، أتذكر أن والدتي تُطعم طيور الغربان، ولكن هذا كان كل شيء" قالت جولي، وهي تقابل عينيه، وتعمق القلق على وجهها "ماذا سأسأل العم توم حتى؟"

"يمكنكِ ترك ذلك لي" علق رومان، وأدركت جولي انه دعا نفسه بسهولة الى زيارة بيت عمها معها.

أخذ رومان خطوة إلى الأمام، وجذبها الى حضنه وعانقها بقربه.

بدأ عقلها يستقر ببطء بعدما كانت قلقة بشأن ما رأته وفي مكان ما قلقة من ان يصيبها مكروه اذا علم الناس هويته ، شعرت بالراحة لوجود رومان بجانبها حيث لم تكن تائهة ولم تكن تعلم ما يحدث لها.

بعد بضع ثوان، تراجع رومان وداعب بلطف جانب رأسها أثناء النظر إليها.

"لقد وعدتكِ، وينترز" لم تكن كلمات رومان أقل من وعد قطعه لها.

عندما سمعت كاليب يصدر ضجيجاً بالقرب من الشجرة التي كان مقيداً فيها، سألته جولي "هل لديه أي فكرة عن ذلك؟"

استغرق رومان ثانية قبل أن يقول "لن أقول إنه يعرف ما أنت عليه بالضبط، يعلم حقيقتكِ بالضبط، لكنه يعلم أنكِ مختلفة عن الآخرين، نحن لا نعلم بالضبط ما يريده كورفين منكِ، ولكن حتى نكتشف ذلك، دعينا نحاول أن نبقى متخفين"

أومأت جولي برأسها بالموافقة، من خلال ما قاله رومان، كان من المعروف أن هذِه المخلوقات الشبيهة بالطيور على دراية بالسحرة، شعرت أنه غير مؤذي لكن فكرة مقابلة ذلك المخلوق أخافتها مرة أخرى.

"في هذه العطلة القادمة، كنت أفكر في زيارة والدتي، هل ترغب في المجيء معي؟ إذا لم يكن لديك أي شيء تفعله في العطلة، لا بأس إذا كنت لا تريد"

"سأذهب" أعطاها رومان إيماءة.

"ربما يمكننا ان نزور عائلتكَ ايضاً؟" سألت جولي، لا تريد أن تكون الوحيدة التي تزور قبر والدتها.

"يمكننا ان نحدِّد موعد الزيارة ليوم آخر لعائلتي" اقترح رومان بابتسامة صغيرة، كان قبر عائلته داخل العقار الذي كان يملكه فيتيريس، بالقرب من المنطقة المحظورة في الغابة ووراءها بقليل حيث بُنيت مقبرة لا نهاية لها.

"حسنا" أعادت جولي الابتسامة إلى رومان، ظهر شيء ما في ذهنها، وسألت "كيف يمكن لأمي أن تكون جزءًا من هذه العائلة الساحرة، إذا كانت المدينة قد اختفت منذ سنوات؟ أيضاً مع قطع رؤوس جميع السحرة"

"هذا شيء سيتعين علينا اكتشافه" صرح رومان بحاجبين مُجعدان، قبل العودة إلى حيث كان كاليب، قال "هناك شيء آخر يا جولي، لا تدخلي غرفة المستشار أبداً، لأنك لستِ مجنونة"

انسحبت زاويا شفتي جولي للأعلى.

عندما عادوا بالقرب من الشجرة حيث تم ربط كاليب، وجدوه يحاول التذبذب بعيداً عن الحبال، لكن ذلك كان عديم الجدوى.

"أغغ!" حدق كاليب في رومان وجولي كما لو كان سيبلغ عما فعلوه به بمجرد إطلاق سراحه.

"يبدو غاضباً جداً" أشارت جولي، وحدق رومان في كاليب، الآن بعد أن قيدوه، سيتعين عليهم تحمل عواقب أفعالهم "متى سنتحدث إليه؟" سألته.

"صباح الغد، بمجرد أن يهدأ" بدا رومان بالكاد منزعجاً، متجاهلاً وهج كاليب، والتفت للنظر إلى جولي "سيكون الأمر أكثر فعالية بهذه الطريقة" لو كان سيحرر فم كاليب الآن، لكان سيثرثر فقط عن كونهما مصاصي دماء،  ولم يرغب رومان في إخبار كاليب أنه لا يمكن إجبار جولي.

المعلومات التي تلقاها الصباح كانت بالفعل أكثر من اللازم، كما أن رومان كان في حاجة إلى أن تستوعب جولي المعلومات، وأن تأخذ قضمة واحدة في كل مرة حتى لا تُصاب بالصدمة من هويته وهوية الجامعة حين تجد الحقيقة.

"إذن نحن سنخيم هنا؟" سألت جولي، وأعطاها رومان إيماءة.

"حتى نعلم أن الطلاب الآخرين لن يأتوا إلى هنا، يمكننا العودة، هذه منطقة محظورة، في الغالب لا يزورها الناس ولا يأتون للقيام بدوريات في هذا الجانب من المنطقة" بسبب عدم أهميتها، فكر رومان في ذهنه.

"لكن ماذا لو هاجمه حيوان بري؟" استفسرت جولي، في زاوية من عقلها كانت قلقة لأنها شعرت وكأنها ترتكب جريمة... لا، لم يكن شعوراً لقد ارتكبت جريمة بتقييد شخص وجلبه إلى هنا ضد إرادته.

عند سماع كاليب كلمة حيوان، اتسعت عيناه، واصدر المزيد من الضوضاء.

"واصل فعل ذلك وسأحرص على ألا تستيقظ حتى صباح الغد" رومان ألقى نظرة مميتة تجاه كاليب، قبل ان يكمل "هذا إذا استيقظت، صحيح؟ ولن تعلم أبداً نوع الحيوان الذي سيأتي ويلتهمك، ما لم يكن يريد أن يأخذ وقتًا لمضغكَ" أوضح بإمالة رأسه إلى الجانب.

لاحظت جولي تعابير الرعب على وجه كاليب، في الجزء الخلفي من عقلها، شعرت بالسوء تجاهه وسألته "ماذا كنت تفعل على الشجرة؟"

"على الارجح يتدرب ليكون قرداً" علق رومان، وهذه المرة، حدق كاليب فيه بوهج صريح، إلتوت شفتا رومان، وسار إلى حيث كان المورم.

جلس بجانبه على كعبه، ووضع كلتا يديه على ركبتيه، يحدق في كاليب، الذي حدق فيه هو الاخر.

"الصفقة بسيطة للغاية هنا، ما سمعته سابقًا... كل شيء سيبقى طي الكتمان ولا أريد سماع كلمة واحدة عنه" كانت كلمات رومان هادئة.

أومأ كالب برأسه كما لو كان مستعدًا للامتثال لأي شيء يقولهُ رومان، لكن رومان رأى من خلاله وتحدث "كما تعلم، جولي هي فتاتي ويجب أن أحمي ما هو ملكِي، صحيح؟"

أومأ كاليب برأسه بقوة.

لكن رومان لم ينته من الحديث، وتابع "كزوج مزيف سابق ومحترم لجولي في المسرحية، أتوقع منك أن تغلق شفتيكَ، هذا مجرد خطاب تشويقي ولكي يكون له تأثير عميق، سنتركك هنا الليلة، مجرد وقت للتفكير وسيتم إطلاق سراحك صباح الغد، بعد مناقشتنا"

مكث كل من رومان وجولي هناك بجانب كاليب حتى اصبحت الساعة العاشرة والثلاثين ليلاً، عندما حان وقت المغادرة، قالت جولي "أعتقد أنه يريد قول شيء" عندما أدلى كاليب بأصوات ساخطة من فمهِ المغلق.

"ربما تكون مجرد حكة حول حلقهِ" قال رومان، وتحرك إلى الأمام، ويداه تدوران حول وجه كاليب.

هدر كاليب بغضب، لكن رومان رد عليه بصوت منخفض حتى لم تسمع جولي الكلمات التي قالها

"احترس يا فتى إنها لا تعرف عن مصاصي الدماء وأفضّل أن يكون الأمر كذلك لا أريدك أن تثرثر كالأحمق.. تخيل، أن تذهب لإبلاغ دانتي والآخرين بما وجدته للتو وأقتلك، او يمكنكَ ان تعيش بسلام كما كنت تعيش الان" ربت على جانب رأس كاليب ووقف.

"ما هذا؟" سألت جولي، ظهر عبوس صغير على وجهها عندما رأت رومان يقول شيئا لكاليب.

"بعض الكلمات المشجعة ليعيش طوال الليل، دعيني أعيدكِ إلى غرفتكِ" رد رومان.

ساروا عبر الأشجار، حيث ظلت جولي تنظر إلى اليسار واليمين، في محاولة لضمان عدم وجود طلاب أو أي شخص آخر هنا للعثور على كاليب.

"هل تعتقد أن الأمر كان قاسياً جدا؟ لربطه هنا؟" سألت جولي في شك، لانها لم تفعل أي شيء قريب من هذا.

"بمجرد أن أعيدكِ إلى غرفتكِ، سأعود إليهِ لمراقبته، أنه فقط للاحتياطات" أكد لها رومان "لن يحدث له شيء" ما لم يختر كاليب التحدث عن قدرتها، فكر رومان في ذهنه.

التزمت جولي الصمت، وسارت بجانبه بينما كانت تزن الأشياء التي سمعتها منه، بدت إمكانية الارتباط بعائلة من السحرة غريبة عليها.

"هل تعتقد أنني سأرى الجسر مرة أخرى إذا عدت إلى ذلك الجانب من الغابة؟" استفسرت من رومان، وعيناها تنظران إليه بفضول.

"إذا كنتِ مستعدة للنظر في الامر، يمكننا الذهاب الى هناك غداً" أقترح رومان، ولاحظ جولي وهي منغمسة في افكارها.

"عندما أكون مستعدة..." تمتمت جولي.

في المرة الأخيرة التي كانوا فيها هناك، ظهر الجسر واختفى مثل الوهم وتساءلت عما إذا كانت هناك أي خريطة لأرض فيتيريس يمكن أن تبين البلدة التي كانت موجودة في الماضي، الآن، هذا هو المكان الذي كان جوجل مفيداً فيهِ، فكرت جولي في نفسها.

تحركت عينا رومان منها لتنظر أمامها، في وقت سابق، كان مغلفاً بما رأته جولي في رؤيتها لدرجة أنه فشل في ملاحظة كاليب على الشجرة.

خرجوا من حافة الغابة، شقوا طريقهم نحو مهجع الفتيات، عندما وصلوا إلى المدخل، توقفت قدما جولي، والتفتت للنظر إليه.

كان هناك قلق على وجهها، عميقة التركيز أثناء التفكير في والدتها وعلاقتها مع ويلو كريك.

السحرة؟ لم تصدق أنهم موجودون بالفعل لقد بدأت ترى الأشياء منذ أن وصلت هنا إلى فيتيريس هل كان ذلك بسبب وجود ويلو كريك في مكان قريب، وأنها بطريقة ما انجذبت إليه؟

"خذي وقتكِ" سمعت جولي رومان يقول لها  "أشياء كهذه ليست سهلة الهضم أبدا، احصلي على قسط من الراحة ... ليلة سعيدة، لدينا بروفة في مساء الغد"

"لا تقع في المشاكل" قالت جولي، وهي تمسك بيدها بعضها البعض أمامها أثناء النظر إلى رومان.

ارتفعت زاوية واحدة من شفتي رومان للاعلى، لاحظ الطريقة التي نظرت بها عيناها بعيداً عنه لبضع ثوان، وألقت نظرة سريعة على الطلاب القلائل الذين كانوا يدخلون المهجع أو يبتعدون بسرعة لأنهم كان قريبين من وقت حظر التجول.

سقطت عينا جولي مرة أخرى على رومان، ولاحظت أنه كان يراقبها بسلوكه المعتاد المسترخي كما لو أنهم لم يتركوا شخصًا مقيدا في الغابة.

"وينترز" دعاها رومان باسمها العائلي، امر كان يحب ان يناديها به بالمقارنة مع ما اعتاد الآخرون تسميتها به في كثير من الأحيان، رفعت حاجبيها متسائلة عما يريد قوله "سأقبلكِ"

لم يمنحها رومان وقتاً للرد، إقترب أكثر وإنحنى للأمام، وقام بتقبيلها، شعرت جولي بشفتي رومان الباردة تضغطان عليها قبل أن يسحب رأسه للنظر إلى عينيها اللتين اتسعتا قليلا.

"لا استطيع التركيز على القبلة اذا قبلتني في مكان يراقبني الجميع فيه" همست جولي بكلماتها وتعثرت بأنفاسها بينما أصبح خديها دافئين.

شد جانب واحد من شفاه رومان، وقال:

"لقد أخبرتني بعد ظهر اليوم، أنكِ كنتِ على وشك أن تصابي بنوبة قلبية، لذا حذرتكِ قبلها" أحد جوانب شفاه رومان إنجذبت للأعلى.

ثانية واحدة لم تكن تنبيها، تذمرت جولي في ذهنها.

"ليس عليكِ التركيز، فقط أشعري بها"

قامت حارسة مهجع الفتيات بتطهير حلقها لجذب انتباههما، مما سمح لرومان بمعرفة أن الوقت قد حان له للمغادرة والعودة إلى مهجعه، التفتت جولي، التي عادت للنظر إلى المرأة، إلى جبهتها وقالت "سأراك غداً"

أتخذ رومان خطوة إلى الوراء قبل أن يأخذ اثنتين أخرتين وقال "ليلة سعيدة، وينترز" أدار ظهره، وبدأ يسيير في اتجاه مهجعه.

"ليلة سعيدة ... روما" تمنيت جولي من حيث وقفت.

رفع رومان يده، وواصل السير بابتسامة خافتة على شفتيه، بعد أن سمع ما قالته على الرغم من أنه خرج كهمس من شفتيها.

دخلت جولي مبنى المهاجع، وسارت في الممر دون ان يضايقها احد، التواجد مع رومان أبعد المتاعب عنها، لكن هذا لا يعني أن الناس لم يحدقوا بها من زاوية أعينهم، لكن في الوقت الحالي، كان لدى جولي أمور أخرى في ذهنها لتهتم بها.

قبل الوصول إلى غرفتها، توقفت جولي عند غرفة ميلاني التي كانت مفتوحة بالفعل.

"جولي، أنتِ هنا!" استقبلتها ميلاني، واقفة من كرسي مكتبها "جئت إلى غرفة البروفة في وقت سابق، لأنك لم تكوني في الغرفة، لكنني أعتقدت أنني فوت البروفة لأنه لم يكن هناك أحد"

"آه، نعم" جولي أومأت برأسها "كنت مع رومان"

ابتسمت ميلاني "ادركت ان ذلك هو السبب، هل تناولتي عشائكِ؟"

"على الأرجح سأتعشى بالوجبات الخفيفة الليلة، لا أعتقد أن لدي شهية اليوم" علقت جولي، عقلها مشتت قليلا، وسألت صديقتها "آسفة لأنكِ اُضطررتي لتناول العشاء مع كونر وريس"

"لا تقلقي بشأني، أنا فتاة قوية" على الرغم من أن ميلاني قالت ذلك، إلا ان جولي لاحظت مسحة الحزن التي دخلت عيني صديقتها.

"ميل، هل تريدين مشاهدة فيلم؟" عرضت عليها جولي بابتسامة "سيكون من الجميل مشاهدتهُ معاً"

بدت ميلاني متفاجئة بعض الشيء، لكنها أومأت برأسها "دعيني احضر اشيائي"

"حسنا" كانت سعيد لسماع أن ميلاني على استعداد لإبقاء عقلها مشغولاً بدلاً من التفكير في ما حدث بعد ان اُضطرت الى رؤية الشخص الذي احبته مع فتاة اخرى كل يوم.

ذهبت كلتا الفتاتين إلى غرفة جولي، جالستين على السرير مع وجبات خفيفة تحيط بهما، كانت جولي قد قامت بالفعل بتنزيل بعض الأفلام عندما زارت منزل العم توماس حتى تتمكن من مشاهدته دون الحاجة إلى الاعتماد على الإنترنت.

"دعونا لا نشاهد شيئا رومانسيا" اقترحت جولي على ميلاني، واختارت تشغيل فيلم "خلاص شاوشانك"

كانت عيونهم مثبتة على شاشة الكمبيوتر المحمول، مع إطفاء الأنوار والستائر لتجنب أي شخص يسترق النظر داخل الغرفة.

لكنَّ ذهن جولي كان ينجرف بسرعة بعيداً عن الحاضر ليعود الى الماضي، والذي كان يتألف من ذكرياتها وذكريات والدتها... تذكرت ابتسامة والدتها المشرقة، والتي تم استبدالها في النهاية بتعبير مصدوم  على وجهها وثقب في جبهتها.

إذا قتل والدها والدتها لهذا السبب بالذات، فهل هذا يعني أنه يعلم عن هوية والدتها؟ أو من كانت، كيف علم حتى عن ذلك؟ شكت جولي في أن والدها قد زار فيتيريس أو غابة ويلو كريك لمعرفة ذلك.

كان قلبها مشدوداً، ونظرتها جادة، حيث الضوء المنعكس من الكمبيوتر المحمول سقط على وجهها.

وللحظة، حاولت جولي ان تهدئ من روعها، في محاولة لتذكر ما إذا كان هناك أي شيء آخر يمكن أن تتذكره عن والدتها، وظهر صندوق خشبي قديم وصغير يومض أمام عينيها.

"كنت أبحث عنكِ... ما هذا يا أمي؟" سألت جولي الصغيرة والدتها، حدقت والدتها في الصندوق، وابتسامة تتشكل على سؤال ابنتها، أغلقته قبل أن تتمكن جولي الصغيرة من إلقاء نظرة فاحصة عليه.

"هذا كنز عائلتي يا جولي" أجابت والدتها.

"كنز؟" سألت جولي، وظهر بريق فضولي في عينيها، أومأت والدتها برأسها "يمكنني رؤيته؟"

"عزيزتي، عندما نطلب شيء نقول هل يمكنني رؤيته" صححت والدتها جملتها، على الرغم من أن والدتها وجدت خطابها لطيفاً

"ليس اليوم، ولكن يوماً ما في المستقبل سأعطيكِ هذا كهدية عيد ميلادكِ، شيء يمكنني نقله إليكِ، ستنتظري حتى ذلك الحين، أليس كذلك؟" كانت كلمات والدتها لطيفة.

أومأت الفتاة الصغيرة برأسها بقوة "سأفعل يا أمي!"

"تعالي إلى عناق والدتك، لقد اشتقت إليكِ" قالت والدتها وهي تفتح ذراعيها لها، وسارعت جولي الصغيرة إلى عناق والدتها بيديها الصغيرتين، ثم همست "طفلتي الأكثر جمالاً، أرجو أن أتمكن من إبقائكِ بأمان معي، هكذا دون أن يؤذيكِ أحد"

في ذلك الوقت، بالقرب من نافذة الغرفة سمعت جولي الصغيرة شيئا ينقر، أدارت رأسها، ولاحظت طائرًا أسود يضرب منقاره على زجاج النافذة.

"الغراب هنا يا أمي!" أصبحت جولي متحمسة، وفتحت والدتها فمها لتصحيح شيء ما، لكنها أغلقته.

ثم وضعت والدتها يدها فوق رأسها، وقمت بتحريك شعرها بلطف، وقالت "ماذا عن إحضار وعاءً من الماء يا عزيزتي، انا متأكد انه يشعر بالعطش"

ولكن عندما عادت جولي الصغيرة الى الغرفة حاملة وعاءً من الماء، تُركت النافذة مفتوحة، وكان الطائر قد طار بعيداً عن هناك وكانت والدتها تقف بجانبه.

عادت جولي الى الحاضر متذكِّرة الحادثة الباهتة من الماضي، وتساءلت عن عدد الأشياء التي فاتتها عندما كانت تعتبر ما كان يحدث أمراً طبيعياً، لم يكن غراباً واحداً الذي أطعمته والدتها، ولكن غربان، اعتاد الكثير منهم الظهور فقط عندما يكونو بمفردهم أو يخرجوا في نزهة على الأقدام.

هل سبق أن تنزهت مع والدها عندما كانت صغيرة؟ لم تستطع جولي التذكر.

عندما انتهى الفيلم، شكرتها ميلاني واتجهت إلى غرفتها للنوم بينما تركت جولي وحدها في الغرفه.

"سيكون كل شيء على ما يرام، لن يحدث شيء سيء" حاولت جولي رفع معنوياتها.

أكد لها رومان أيضا أنه سيكون دائما هناك من أجلها، ولم تكن كلماته أقل من مرساة في المد القادم الذي سيحاول إيذائها.

..

بالعودة إلى الغابة، دخل رومان الغابة القريبة من المكان الذي ربط فيه كاليب بشجرة، ولكن بدلاً من إعلام الفتى بمكانه، اختار إحدى الأشجار القريبة، وجلس على فرعها، حيث يمكنه مراقبة المورم أثناء الاستمتاع بالليل.

لم تكن الليلة هادئة لكاليب، الذي سمع الهدير ليس بعيداً عنه، على الرغم من أن كاليب يشرب الدم مثل مصاصي الدماء الآخرين، إلا أنه لم يكن لديه أي شيء لحماية نفسه، كان عديم الفائدة مثل البشر.

فقط بعد أربع ساعات قفز رومان من الشجرة وسار إلى حيث كان كاليب، حمل السيجارة بين أسنانه وفك الشريط الاصق من فم كاليب، وعندما كان الفتى على وشك الصراخ طلبا للمساعدة، سحب رومان قبضته للخلف قبل أن يلقي لكمة قوية في وجه المورم.

"أنت لا تتعلم بسهولة، أليس كذلك؟" سأل رومان، ونظر إلى الفتى كما لو كان أحمقاً حقيقياً.

"آه!" تأوه كاليب من الألم "كنت اتثاءب فقط! أنا لن أخبر أحدا عنها! فك وثاقي الآن حتى أتمكن من العودة"

حدق رومان في كالب وقال:

"لست مقتنعا بكلماتك بعد، لا أريدك أن تتحدث عما سمعته، الآن بما انك تعلم انها ليست انسانة طبيعية، فأريدك ان تراقبها "

"اذا اكتشف اللوردات او السيدة دانتي انني اخفي هذا، فسيسلخونني حياً!" صرخ كاليب، وكسر رومان مفاصله.

"إذا أخبرت أي أحد عنها، سأسلخك حياً قبل اللوردات" قال رومان بصوت مميت.

"حسنا، حسناً ... لن اذكر ما سمعته عنها، لكن لو اكتشف أحدهم أمرها سأخبرهم أنك أنت من هددني بذلك... ايضاً انا لا أوافق على الشرط الثاني، لا يمكنك أن تتوقع مني أن أكون حارسها الشخصي!" أجاب كاليب.

"من يطلب منك أن تكون حارسها الشخصي؟ راقب إذا سمعت أي شيء عنها، فأخبرني بذلك" أمره رومان "ولا تفكر في مغازلتها، لا أحد يطلب منك أن تحوم حولها مثل ذبابة طنانة ليس لدي الوقت للتعامل مع الذباب"

بدا كاليب مستاءاً، لكن في مكان ما كان خائفاً من أن رومان سيلحق ضررا به أكثر مما فعلهُ بالفعل، كان قد تلقى لكمة من رومان، وفي مكان ما كان قلقا من كسر فكه، على الرغم من أن جسده سيشفى أسرع من معظم البشر، إلا أنه لن يشفى مثل مصاصي الدماء العاديين.

بقدر ما كان يرغب في مغازلة جولي في الماضي، التي كانت فتاة جميلة، كان يدرك جيداً أنها مع رومان، كان من الصعب الوصول إليها.

حدق كاليب في رومان، ناهيك عن أن جولي ربما تصنع الآن الفودو، ولم يسعه إلا أن يكون حذراً منها، إذا احتاج شخص ما إلى الحماية هنا، فهو نفسه!

"يجب أن تكون سعيداً لأن جوليان كانت هناك معي عندما أمسكت بكَ، وإلا كنت سأدفنك في مكانكِ" هدد رومان وبدأ في مغادرة المكان قبل أن يقول "اعتبر هذه حياتكَ الثانية"

عندما حلول الصباح، ارتدت جولي ملابسها بسرعة وغادرت المهجع، شقت طريقها إلى الغابة حيث رأت رومان.

وقف رومان مع سيجارة في فمه، وأخذ نفخة منها حيث رفع يده، التقط السيجارة بين اصبعه السبابة والإبهام ونفخ الدخان في الغلاف الجوي، نقر السيجارة وهو يشاهدها تسيير بإتجاهه سأل "هل نمت بما فيه الكفاية؟"

"ليس كثيرا" لاحظت جولي أنه على الرغم من أنه قضى ليلته هنا، مقارنة بها، بدا في حالة أفضل منها.

لكن ذلك كان لأن رومان اعتاد ان يقضي ليلته مسترخياً على الأشجار بدلا من غرفتهِ أو ينام في الفصول للتعويض عن قلة النوم "هل كانت ليلتك على ما يرام؟"

رد رومان بإيماءة "لقد كانت جيدة"

"هل هو مستيقظ؟" استفسرت جولي.

"منذ فترة" رد رومان، وساروا إلى حيث كان كاليب الذي أُصيب بكدمة حول إحدى عينيه بسبب اللكمة التي تلقاها مساء أمس.

"صباح الخير، كاليب" رحبت جولي، في محاولة لتكون مهذبة وتحاول الحصول على خدمة من الفتى.

"خير؟ هل تعتقد ان ربطي الليل كله بشجرة هو صباح الخير بالنسبة لي؟" سأل كاليب، الذي تم تحرير فمه، وكذلك جسده من الشجرة، لكن يديه وساقيه كانتا لا تزالان مقيدتين بالحبال، فوجئت جولي بأنه لم يكن يصرخ طلبا للمساعدة الآن.

وفجأة، ضرب شيء ما جبين كاليب، نظر إليها قبل أن يرفع عيناه إلى رومان، الذي ألقى حجرا عليه،

"آسفة على ذلك" اعتذرت جولي لأنها كانت تعلم أنها ليست من النوع الذي يربط شخصا ما، كانت بطبيعتها جيدة ولطيفة.

"ليس عليكِ الاعتذار له، لقد جلب هذا لنفسهِ" قال رومان، وهو يحدق في كاليب.

وقف رومان أمام المورم، وتحول خديه إلى جوفاء قليلا، حيث سحب الدخان من السيجارة إلى فمه، أدار رأسه في الاتجاه الذي لم يكن المكان الذي تقف فيه جولي، نقر على السيجارة لنفض الرماد عنها، حدق في كاليب، ثم اطلق الدخان

"إذن... هل توافق؟"

ضغط كاليب على أسنانه ثم قال "أوافق"

فرك كاليب يديه التي كانت مربوطة بالحبل في وقت سابق.

نظرت جولي إليه بنظرة مرتابةٌ في عينيها، لقد اخبرها رومان إنه تحدث بالفعل إلى كاليب الليلة الماضية وقام بتسوية الأمر، على الأقل، هذا ما كانت تأمل أن يكون عليه.

راقبت كاليب الذي بدأ في الابتعاد بسرعة عن مكانّهما دون أن يخرج كلمة أخرى أو يبدو كما لو كان لديه بعض الأعمال المهمة.

"هل تعتقد أنه يمكننا الوثوق به؟" سألت جولي، وهي تراقب كاليب يتحرك بأقصى سرعة ممكنة.

"امم" أجاب رومان، وأخذ نفساً أخيراً من السيجارة التي خلقت بين أصابعه، ألقى بها على الأرض وداس عليها.

"هو يعلم أنه لن ينجو في فيتيريس إذا فتح فَمه، أو سيستدعي ان اخيط شفتيه مدى الحياة"

لم تكن جولي تعلم ما إذا كان يقصد الخياطة الحرفية، رومان جعل خيالها يبدو كما لو كانت بحاجة إلى بعض الوقت مع السيد إيفانز.

في البداية، كان قد أعد الحبال لربط كاليب، والآن كان يتحدث عن خياطة شفتي الفتى، لكن بعد ذلك بدا مستشارهم وكأنه فكر غريب في عقل جولي.

"لا أمتلك سمعتي الحالية دون سبب" قال وعيني رومان وجولي على الفتى الذي اختفى عن أعينهما، حركت جولي رأسها للنظر إلى الشخص الذي وقف بجانبها، بدا أنه لا يزال قادرا على رؤية كاليب، التفت للنظر إليها وتساءل "هل لديكِ صفوف مهمة اليوم؟ "

"لقد إنتهت اختباراتنا الأسبوع الماضي، لماذا؟" نظرت جولي إليه بسؤال في عينيها.

"فكرت في زيارة ويلو كريك معكِ ولكن هناك شيء آخر" قال، عيناه تفحص خديها المجرمين بسبب الطقس البارد "أريدكِ أن تجلبي هاتفكِ معكِ"

"هاتفي؟" سألت جولي، وأومأ رومان برأسه "حسناً"

بدأ رومان وجولي في الخروج من الغابة، متجهان إلى مهجع الفتيات.

قرر رومان الانتظار في الخارج بينما سارت جولي داخل المبنى وسارت إلى غرفتها، فتحت الباب، والتقطت هاتفها من الدرج أثناء التقاط وشاح ولفه حول رقبتها.

كان الشعور بطقس الصباح وكأن الشتاء قد حَل بالفعل، عندما كانت تغلق غرفتها، قابلت ميلاني التي عادت من الحمام المشترك للفتيات.

"لن أحضر الصفوف اليوم، ميل سأراكِ بعد الظهر" أخبرتها جولي.

ميلاني فوجئت قليلاً، وسألت "لكن ماذا عن الصف التمهيدي للسيد هايتون؟"

"سألحق بهِ لاحقًا، لدي مكان أذهب إليه الأن" لوحت جولي بيدها إلى صديقتها قبل أن تبتعد عن الممر على عجل.

"لكنها محاضرة مهمة -" توقفت كلمات ميلاني في منتصف الطريق عندنا رأت جولي تختفي عن أنظارها.

كانت سعيدة لجولي لأنها وجدت شخصاً تحبه والشخص يحبها أيضاً، لم تكن متأكدة مما إذا كان رومان مولتينور له تأثير جيد على صديقتها، قلقت قليلاً، ودخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب.

..

عادت جولي ورومان إلى الغابة، وسلمت هاتفها إليهِ ونظرت نحو السماء ولاحظت أنها غائمة، حيث لم يسقط شُعاع واحدٍ من أشعة الشمس على الأرض.

"يبدو الأمر وكأنها ستثلج" فركت جولي كلتا يديها معاً.

"خلال الأسابيع القليلة المُقبلة، سيكون الطقس هكذا" علق رومان، وانزلقت يديه إلى جيوب سترته الجلدية أثناء سيره بجوارها.

كان الطقس مناسباً للوردات، الذين سيستيقظون مع نقص أشعة الشمس حتى تتمكن أجسادهم من التكيف مع الغلاف الجوي قبل أن يبدأوا في الحياة كما لو كانوا بشراً أثرياء وأقوياء يملكون العالم وشعوبه.

"يجعلني ذلك أرغب في النوم في السرير، وعدم الخروج من اسفل البطانية" عندما قالت جولي ذلك، ظهر الضباب من فمها.

سمعت صوت الطيور تزقزق وتغني، تردد صداها عبر الغابة.

"بالأمس، أخبرتني أن فكرتي في الجامعة لم تكن بعيدة جدًا عن الحقيقة" بدأت جولي وعينا رومان سرعان ما تحركت للنظر إليها "هل يتضمن ذلك أشخاص يُقتلون بعد معرفة الحقيقة؟"

منحها رومان إيماءة.

"اعتبريها عائلة لا ترغب أن يعلم الآخرون بعض الأشياء عنها بينما يرغبون في إدارة الأمور دون أي إزعاج" اوضح لها بأبسط العبارات، ثم سأل "منذ متى بدأت تراودكِ هذه الرؤى؟"

حاولت جولي تذكرهم، تحول وجهها ليبدو كما لو كان في تركيز عميق "كانت المرة الأولى عندما كنت في المكتبة، عندما كنت أعمل على مهامي ونمت... رأيت كورفين مرتين في حلمي، ومرتين وجهاً لوجه، لكن كان هناك شيء غريب جداً"

"ماذا كان؟" استفسر رومان وعيناه تراقبانها.

"هل تتذكر ذلك اليوم في المكتبة عندما تشاجرنا أنا والفتاة؟ رأيت الدم يتساقط على جلدها وكان ذلك غريباً وغير متوقع حقاً" تذمرت جولي في النهاية قبل أن تسأله "ماذا تعني هذهِ الرؤية برأيكَ؟"

"من المحتمل أنها تأذت" كانت كلمات رومان قصيرة وكرر سؤال جولي "ماذا يعني ذلك؟"

كان الدم الذي أخذه هو أو أمتصهِ مصاصي دماء الآخرون من الفتاة، كان يأمل ان لا يزال هنالك متسع من الوقت ليعطيها المعلومات عنه أو عن هذا المكان بنفسهُ، لكن جولي ربما ستكتشف الحقيقة بمجرد أن تصبح قدرتها أكثر بروزاً.

"هل سبق لكِ أن حاولتي التركيز ومعرفة ما إذا كان يمكنكِ الحصول على مزيد من المعلومات حول رؤيتكِ هذه؟" في سؤال رومان، هزت جولي رأسها.

راقبت طائراً يطير فوقهم قبل أن ترد على رومان "لم أجرب" لم تكن تعلم من الذي ستراه ممسكاً بالسكاكين ومستعداً للقتل وما هو الدم الذي سيحمله هذا السكين.

بمجرد وصولهم إلى المكان الذي زاروه من قبل، لم ترى جولي سوى الأشجار من حولهم، بحثت عن الجسر المخيف الذي بدا وكأنه يقود إلى الجحيم، ولكن الجسر لم يكن في أي مكان يمكن رؤيته.

"هذا هو الوقت المناسب لاختباره" علق رومان وهو يشق طريقه نحو شجرة، وبدأ ينظر حوله "استرخي وخذي وقتكِ، أغمضي عينيكِ وحاولي التركيز على المشهد الذي تتذكرينهُ للجسر"

"هل يوجد كتاب عن عائلات السحرة هذه عن ماذا وكيف فعلن؟" سألت جولي وعيناها تفحصان محيطها قبل النظر إلى رومان.

"المعلومات القليلة التي حصلت عليها، هي فقط في أجزاء وقطع، أشك في أنه تم تسجيل أي شيء أكثر من هذا في الوقت الحالي" توقف رومان عن المشي وحرك يده ليشعر بالهواء البارد في مكانه أكثر من الأماكن الأخرى.

أغمضت جولي عينيها، في محاولة للتفكير في كورفين والجسر، ولكن حتى بعد قضاء عشر دقائق، لم يظهر الجسر أمامها، ولم يظهر المخلوق الفضائي.

في تلك الاثناء، التفت رومان ونظر الى جولي التي جعدت حاجبيها، تساءل عما إذا كانت قدرتها قد استيقظت بالفعل ولهذا السبب لم تستطع استخدام قدرتها بشكل صحيح، كان هذا منطقيًا حول سبب رؤيتها للقطع والأجزاء فقط.

"لا اعتقد ان ذلك سينجح" قالت جولي وهي تفتح عينيها، هربت تنهيدة من شفتيها.

"كانت آخر مرة صدفة، وينترز. لن يكون الأمر سهلاً نحن لا نعلم ما يمكنكِ وما لا تستطيعين فعله بعد" علق رومان، الذي انحنى للنظر إلى الأرض، ويده تدفع الأوراق المُتساقطة بعيداً.

ثم وقف، استدار، وعاد إلى حيث وقفت.

"حاولي مرة أخرى، لدينا الكثير من الوقت هنا، فنحن لن نحضر الصفوف" قال رومان وعيناه على عينيها، مشجعاً اياها بابتسامة.

أوه، لن نعود إلى الصفوف؟ فكرت جولي في ذهنها.

"في غضون ذلك، سأذهب للتحقق من شيء ما، اتصل بي إن احتجتني" قال رومان قبل الابتعاد عن المكان.

تساءلت جولي عن نوع اللعنة التي جعلت مدينة بأكملها تختفي في الهواء، هل لها علاقة بشيء مخيف و قوي جداً؟ حاولت إبقاء أذنيها في حالة تأهب، في مُحاولة للمزامنة مع محيطها قبل إغلاق عينيها، في المرة الأخيرة التي كانت فيها هنا، كانت الأرض مغطاة بالضباب واليوم... على الرغم من أنها كانت غائمة، لم يكن هناك أي تلميح من الضباب.

إذا كانت والدتها ساحرة، ووقع الحادث منذ عقود أو قرون، فقد تساءلت عن عدد الأجيال التي مرت قبل أن يتمكن أي احد من تتبع الشخص الذي لم يُقتل، ربما كان طفلًا تم إرساله سرًا بعيدا عن ويلو كريك؟ سألت جولي نفسها.

عندما فتحت عينيها، لاحظت ضبابًا حول ساقيها، لقد عاد، ارتطم قلبها بالفكرة وتحركت عيناها من الارض لتنظر أمامها حيث وقف الجسر بكل مجده الُمرعب، لكن لم يكن واضحاً، كما لو كان هناك نوع من الكهرباء الساكنة، كوميض.

على مقربة من جولي، وقف رومان وراء شجرة يراقبها، كانت جولي مفتاح ويلو كريك المفقودة.

ولفضول رومان، التقط حجرا من الأرض، وقام بتدويره على أصابعه وألقى به في اتجاه الجسر، حيث طار متجاوزًا الجانب الذي وقفت فيه جولي ونحو الجسر، انكسر تركيز جولي، واختفى الجسر الذي كسرهُ الحجر قبل ان يختفي معه ولم يترك وراءه شيئاً.

"لقد أذهلتني" قالت جولي، وهي تستدير للخلف وترى رومان يسير نحوها.

"اسف" قال رومان، لا تزال عيناه ثابتتين على المكان الذي ظهر فيه الجسر قبل لحظة "كنت أتحقق من شيء ما"

بإلقاء حجر في اتجاهها بدا وكأنه مذنب عابر؟ حدقت جولي في رومان.

"الجسر لم يمكث لأن قدرتكِ لم تتطور بالكامل، أي شيء يدخل الفضاء القريب منه، سيختفي معه، ما لم يدخل و يخرج قبل أن يختفي، إنه مكان ممتاز لوضع الناس فيه، مثل السجن" أوضح رومان، وهو يمشي نحو المكان الذي كان فيه الجسر.

لماذا شعرت أن رومان قد اختار بالفعل أول خنزير أختباري لمعرفة المزيد عن ويلو كريك؟

"كيف يمكن لمكان أن يحمل لعنة عندما لا يكون المُلقي لهذهِ اللعنة موجود؟" تسألت جولي.

"هذا سؤال جيد، يُقال إن تأثير اللعنة يصبح أكثر عمقاً بعد وفاة مُلقيها، وخصوصًا عندما تكون من ساحر قوي" أوضح رومان "أعتقد أن كورفين لديه ما يظهرهِ لكِ، لأنه إذا لم أكن مخطئاً، ينبغي أن تكون المدينة أقل من مدينة أشباح بها جميع القتلى، إلا إذا ... "

"إلا إذا؟" سألت جولي.

"إلا إذا كان كورفين يأخذك كنوع من التضحية"

..

بدأوا في الابتعاد عن المكان، وشقوا طريقهم على الجانب الآخر من الغابة، وسمعوا عصفورين آخرين يزقزقان، عندما وصلوا إلى مكان، أمسك رومان بهاتف جولي محدقا في الشاشة، انتظر حتى يلتقط الشبكة.

وبعد اقل من ثانية سمعت جولي هاتفها يتعرض للقصف بالإشعارات.

"دعينا نرى ما إذا كان لديكِ أي رسائل جديدة من قبل المطارد" قال رومان وهو يتفحص تطبيق الرسائل، اكمل "يبدو أن لديكِ رسالة أخرى من رقم آخر غير مجهول"

"ماذا يقول؟" سألت جولي.

"يسأل عنّ مكانكِ" قال رومان وأثناء الاطلاع على الإشعارات، بدأ الهاتف يرن فجأة.. بنفس الرقم المجهول.

حدقت جولي في هاتفها قبل النظر إلى رومان، اُصيبت بالتوتر عندما سلمها الهاتف.

"يبدو أنه مثابر على معرفة مكانكِ، دعينا نرى ما يريده هذا الشخص" أخذ الهاتف من يدها، وضغط للرد على المكالمة، وضع الهاتف على أذنه، ولثواني، لم يسمع شيئاً، نظر لها رومان و اعاد الهاتف إليها مرة اخرى.

امسكت جولي الهاتف و سألت "مرحباً؟ من معي؟" كلما مرت الثواني، استمر قلبها في النبض بصوت أعلى.

"من كنتِ تتوقعين؟" ظهر صوت والدها، وأصبح وجه جولي شاحباً.

"اتيت إلى المنزل، لكنكِ لم تكوني هناك، إلى أين ذهبتي، جوليان؟ تفقدت الجامعة، لكنهم قالوا انكِ لم تعودي للدراسة فيها" بدت لهجة والدها منزعجة.

ارتجفت شفتا جولي، وهمست "كان من المفترض أن تكون في السجن"

صمت والدها، ولم يتحدث، ورأت عينا رومان ضيقتين، تساءلت جولي عما إذا كان الخط قد تم إغلاقه، وتفحصت الشاشة قبل وضعها مرة أخرى على أذنها، حينها سمعت والدها "اكتشفوا انني لست مذنباً، أنني لم أكن في حالتي العقلية وكان من الممكن أن شخص ما أجبرني على تناول شيئاً ما، سأشرح لك كل شيء عندما نلتقي، أخبريني فقط أين أنتِ، لماذا تستمرين في إغلاق هاتفكِ؟ هل أنتِ في منزل عمكِ توماس؟" تحول صوته المتطلب إلى أعلى.

"أنا لا أعيش معهم" أجابت جولي، ذكرت ذلك فقط حتى تُترك عائلة العم توماس سالمة  دون أن تصاب بأذى ولا تعاني من نفس مصير والدتها.

"أخبرني أين أنتِ حتى أتمكن من المجيء و إصطحابكِ" لم تصدق جولي أن والدها كان يتصرف كما لو كان كل شيء على ما يرام.

شدت يدها على هاتفها، وسمعت والدها ينادي باسمها كما لو كان ينتظر ردها، ثم سألت "لماذا قتلت أمي؟"

"سنتحدث عن ذلك عندما نلتقي، لكن الآن أحتاج إلى إحداثيات موقع-" توقف الخط، وأدركت جولي أن رومان قد قطع المكالمة، بعد سحب الهاتف من اذنها.

لم يكن لدى جولي أي كلمة، عندما سمعت والدها، الذي كانت تحبه وتهتم به أكثر من غيره ثم تحول إلى شخص تخشاه، كيف خرج من السجن؟ لقد قتل والدتها ببرود.

فتح رومان هاتفها مرة اخرى، واتصل برقم قام بوضعهِ، سمع رنين الجانبي الآخر قبل ان يستجيب "ريكي، هذا رومان مولتينور... نعم، أنا بخير، ماذا عنك؟... صحيح، أريد معروفاً منك، هناك رجل أريدك أن تبحث عنه في السجن" ثم نظر إلى جولي.

"دوغلاس لايتون.. كان في سجن البرج الأسود" قالت جولي.

مرر رومان الشيء نفسه إلى الشخص الآخر على الخط "اسمُه دوغلاس لايتون، وضع في سجن البرج الأسود، أريدك أن تتحقق من المصحات التي ترتبط بسجن البرج الأسود ... شكراً على ذلك، لا، هذا ليس رقمي.... يمكنك الاتصال بي على رقم هاتفي المعتاد... بالتأكيد، إلى اللقاء"

وضع رومان يده على خدي جولي "لا يمكنه تعقبكِ إلى فيتيريس، حتى لو أتى، أشك في أنه سيتمكن من العبور"

"لم أكن أعلم أن لديك هذه الأنواع من العلاقات" علقت جولي واظهر رومان ابتسامة.

"بعض العلاقات تتعمق اكثر مما تتوقعين" قال رومان وجولي أومأت برأسها "سيتصل في الليل ويخبرني بما حدث"

...

في تلك الليلة، سارت جولي ذهاباً وإيابا في غرفتها...أثر القلق على عقلها من خلال التفكير في أن والدها كان خارج السجن.

آخر مرة اتصلت بعمها لم يذكر كلمة عن ذلك، من المحتمل انه لم يسمع الاخبار.. حتى لو كانت ستكون بأمان للسنتين القادمتين ماذا عن بعد ذلك؟ كانت تخطط لترك الولاية بمجرد تخرجها، لكن وقتها قد تم اختصاره، حيث تم إطلاق سراح والدها من السجن، في انتظار الإمساك بها.

عضت شفتها السفلية حتى قرصتها بأسنانها بشدة و جفلت من الألم.

ربما يجب أن تصبح معلمة في فيتيريس، لكن التفكير في نوع الطلاب الذين سيتعين عليها التعامل معهم ملأها بالرهبة.

عند سماع صرير النافذة، استدار رأس جولي، ورأت رومان يتسلق داخل غرفتها، لقد أغلق النافذة، سارت جولي نحو السرير، ورأته يسحب الستار قبل أن ينزل على الأرض.

"هل اكتشفت الامر؟" سألت جولي، حاجبيها مجعدان بعمق.

"لقد خرج" أخبرها رومان وجولي أغمضت عينيها، هزت رأسها، ولم تفهم كيف، و اكمل رومان "كما اعتقدت، نقلوا والدك إلى المصحة، وفقاً للأشخاص في المصحة، فقد هرب من هناك، أعتقد أن شخصاً ما ساعده على الخروج من هناك لأنه مما سمعته، ليس من السهل الخروج بكمية الأمن التي هناك"

"يجب ان اخبر عمي بذلك حتى لا يتعرض لهجوم مفاجئ من أبي" التقطت هاتفها، وعلى استعداد للقفز من النافذة للذهاب إلى المكان الذي كان به شبكة.

ولكن قبل ذلك، أمسك رومان بمعصمها.

"اهدأي، وينترز" إبهام رومان مسح نبض معصمها

"لو أراد والدكِ قتل عمكِ، لكان قد فعل ذلك مباشرة بعد هروبه، لا أعتقد أنه يريد أن يفعل أي شيء مع عمكِ عدا الحصول على معلومات عن مكانكِ، الآن أعتقد أنه من الأفضل ألا تستخدمي هاتفكِ حتى نحل هذا الأمر"

"هل تقصد حتى تمسك به الشرطة؟" سألت جولي وصوتها يبدو متوتراً، حدق رومان بها لمدة ثانيتين قبل أن يعطيها إيماءة.

"نعم، هذا صحيح" وافق رومان على ما قالتهُ "في الوقت الحالي، لا يمتلكَ والدك أي فكرة عن مكان وجودكِ، وإذا استطاع عمكِ أن يخفي الأمر بعدم الكشف عن أي شيء فستكون أفضل طريقة لتجنب أي مشكلة، ولكن لدي سؤال"

"ما هو؟" استفسرت جولي.

"هل من الممكن أن والدتكِ وعمك ليسا أشقاء بالدم؟ هل تم تبني أحدهم؟" سأل رومان، وهزت جولي رأسها.

"لم أسمع أبداً عن تبني أحدهم، ولكن بعد ذلك لم تذكر امي ابداً هذه الامور عن السحرة، لذلك لا يمكنني ان اتيقن من ذلك" سقط الصمت في الغرفة حتى سألت "كم مضى على هربهِ من هناك؟"

"حوالي ثلاثة أسابيع"

أومأت جولي برأسها بقلق، وعادت أسنانها الى عض شفتيها، وهذا فقط أدى إلى تمزق الجلد الرقيق الذي عضته في وقت سابق.

التقط رومان رائحة الدم الخفيفة على شفتي جولي، سقطت عيناه على الفور على شفتها السفلية، مع ملاحظة ظهور الدم.

كانت على وشك أن تلمسها بيدها عندما أمسك رومان بيدها الأخرى "توقفي"

شعرت جولي بالقرصة والحرق على شفتها، وفي الوقت نفسه، لاحظت أن رومان ينظر إليها، شيء مظلم للغاية كامن خلف تلك العينين السوداء، في انتظار إطلاق العنان وابتلاع كيانها ذاته.

"روما؟" نادت اسمه، لكنه سقط كالهمس في الغرفة الهادئة.

تحركت عينا رومان المشتعلة للنظر إليها

"أتساءل لماذا اشعر بالإختلاف عندما تناديني هكذا" سحبها بالقرب منه وتابع "قد لا يكون هذا هو الوقت المناسب، ولكن لا أستطيع التحمل عندما تُغريني بذلك"

"لكننا كنا نتحدث فقط أامم -"

طبع رومان شفتيها في شفتيه، وتذوق الدم الذي تسرب من الخدش الصغير الذي تشكل على شفتها، وكان طعم الدم حلواً كالجنة، لم يكن يعلم طعم الجنة ابداً، ولكن هذا كان أقرب وصف يمكن ان يتخيله، أراد أكثر من مجرد تذوق، أراد قطرة، لكنه شكك في أن قطرة ستكون كافية.

لم يكن يعلم ما كان هناك في دمها، هل كان بسبب دمها، أم لأنه لم يكبح عطشه لأي شخص من قبل وذهب مباشرة لأخذ ما يريده؟ كلما حاول أن يتراجع كلما ساءت الأمور في كل مرة أخذ فيها لعقة من دمها كانت تدفعه إلى الجنون.

كانت جولي تلهث بهدوء عندما أمسك رومان شفتيها، انزلقت وقبض عليها مرة أخرى، شعرت بأنه يلتهمها، انزلقت يده التي أمسكت بكلتا يديها لتتشابك مع أصابعها، التي ضغطت عليها فجأة، وأرسلت هزة إلى جسدها، ظل جلدها يرتجف تحت وجوده.

تحركت يداه ببطء إلى خصرها، وناورها لدفع جسدها على الحائط بينما استمر في تقبيلها... وعلى الرغم من أنه دفع جسدها إلى الحائط للحظة، إلا أن يديه ذهبتا إلى أسفل ظهرها فقط لسحبها إليه بحيث تقوس ظهرها بنفسه.

ركضت إحدى يدي رومان على طول ظهرها للمركز.

كانت جولي تشعر بالضياع في قبلته، اختفت أفكارها القلقة التي كانت معلقة فوق رأسها مثل الغيوم الداكنة في السماء.

وضعت يديها على ذراعيه، تجاهد لتواكب القبلة حيث احتك الآن لسانها بلسانه، مما أدى إلى أنين من حلقها، والذي سرعان ما تحول إلى مكتوم عندما غطى شفتيها لقبلة أخرى.

شعرت به يقبّل ذقنها قبل أن يتحرك عبر فكها ثم أسفل أذنها... كانت مدركة له، وتأكد أنها شعرت بكل لمسة صغيرة منه... كانت تلهث، وشعرت بلسانه وهو يمر على رقبتها، وارسل رعشات لشفتيها المنفصلتين.

كانت عيناها مغلقتين، لتلاحظ أن عيني رومان قد تحولتا إلى اللون الأحمر وظهرت أنيابه.

"يجب ان أعترف" بدا صوت رومان متوتراً بجانب أذنها، همس "لا أعتقد أنني سأتحمل أكثر من ذلك، سيطرتي تنزلق مني" يديه حررت خصرها، ووضع يده بشكل مسطح على الحائط، وحجزها في نفس المكان.

فتحت جولي عينيها فجأة، وتشنجت .

"لا أعتقد أنني مستعدة لذلك" همست، بسوء فهم أن رومان كان يتحدث عن الجنس عندما كان يتحدث عن أخذ عضة حقيقية منها.

إدراكاً لما تعنيه جولي، بدأ الشعور بالتفاقم الذي شعر به في الانخفاض، وهربت ضحكة مكتومة من شفتيه، استنشق شعرها ورائحته حلوة مثلها تماما، قال "ماذا سأفعل بك؟ غداً ... دعنا نخرج أنا وأنت"

رأته جولي يسحب رأسه بعيدًا، وعيناه السوداوية تنظران إليها بشدة

"لكن كلانا لديه صفوف... لقد فوتنا اليوم بالفعل وسيكون من الصعب العودة إلى الجدول الزمني .. ارغب في تسجيل درجات جيدة" قالت له وشعرت بوجهه يقترب منها، وكان ذلك كافياً لإخراج أفكارها عن مسارها.

"اتركي هذا لي سأساعدك في ذلك" رفع رومان يدهِ للمس شفتيها، استشعر نعومتها "بهذه الطريقة سنقضي المزيد من الوقت وحدنا، وتحصلين على درجات جيدة، إنه أمر مُربح للجانبين -"

وضعت جولي يدها على شفتيه حتى لا يحاول وضعها تحت تعويذته، شعرت بنعومة شفتيه تحت أصابعها.

"يجب أن ألحق بفصولي ولا أريد أن يبدو حضوري منخفضاً، لقد فاتني الكثير بالفعل، يمكننا الذهاب في العطلة القادمة" وشعرت بدفء خديها بعد القبلة.

سرعان ما ابتعدت عنه حتى لا يحاول إغوائها، علمت جولي أنها ضعيفة ضد كلمات رومان وأفعاله.

لم يكن رومان راضياً عن خدعتها الصغيرة، وظهر عبوس خفي على وجهه، بالنظر إلى ذلك الوقت، لاحظ أن الوقت كان متأخراً، كان بحاجة إلى أن يتغذى و إلا سينتهي به الأمر بأكلها... سار نحو النافذة، ودفع الستار إلى الجانب وفتح النافذة.

التفت للنظر إليها وقال

"سأنتظركِ غداً، بالقرب من اللافتة الخامسة على الجانب الأيمن من مهجع الفتيان"

"سأحضر الصفوف" قالت جولي، متسائلة عما يخطط له، ألم يقلق بشأن تخطي العديد من الفصول حتى لو كان الأول؟

حدق رومان بها كما لو كان يحاول معرفة شيء ما، ثم قال "فقط للتنبيهِ حتى تتمكني من الاستعداد" وقفز من النافذة، تاركاً المكان.



- يـّتبع -

فصل غير متوقع نُزوله لكن حبيت اعمله مفاجاة، ما عندي كلام كثير لكن كونوا بخير حتى نلتقي مرة اخرى 🤍🤍

Continue Reading

You'll Also Like

871K 38.6K 29
🔹أنا لها شمس🔹 دوائر مُفرغة،بتُ أشعرُ أني تائهة داخل دوائر مُغلقة الإحْكَام حيثُ لا مَفَرّ ولا إِدْبَار،كلما سعيتُ وحاولت البُزُغُ منها والنأيُ بحال...
250K 5.3K 68
عندما لم استطع ان اكتبهم ابطالًا اصبحو اعـداء ربما كان من الأفضل ان اتوقف عن الكِتابة عند الجزء الذي كانو فيه سُعـداء .. الكاتبه| رَهاوج • تمّت بتا...
11.5M 640K 199
نوفيلا تكميلية لسلسة العشق جنون ( أسير عينيها الجزء الثالث)
30.1M 1.6M 75
لا تقلق ولا تخاف انها فترة وجيزة وستنتهي ، لحظات دامية حافلة بالأجرام شَيطان على هَيئةً بَشرية يَستاطُ بَالحياة كَانهُ يَستاطُ فَـ البريةَ مَكارً ل...