رسالة من فتاة مجنونة

By Reem-Elhosiny

7.1K 485 72

العالم بيننا..والزمان لم يكن أبدًا حليفنا.. فلا عتاب ولا رجاء سيمنع قدرنا.. لذا لا تراجعي ولا تمنعيني.. وب... More

رسالة من فتاة مجنونة-المقدمة
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الأول
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثاني
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثالث
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الرابع
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الخامس
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل السادس
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل السابع
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثامن
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل التاسع
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل العاشر
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الحادي عشر
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثاني عشر
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثالث عشر
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الرابع عشر
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الخامس عشر
رسالة من فتاة مجنونة الفصل السادس عشر
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الثامن عشر
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل التاسع عشر
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل العشرون
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الحادي والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثاني والعشرين
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثالث والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الرابع والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الخامس والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل السادس والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل السابع والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة الفصل الثامن والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل التاسع والعشرون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الحادي والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثاني والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثالث والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الرابع والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الخامس والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل السادس والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل السابع والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثامن والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل التاسع والثلاثون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الأربعون
رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الحادي والأربعون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثاني والأربعون
رسالة من فتاة مجنونة - الفصل الثالث والأربعون

رسالة من فتاة مجنونة - الفصل السابع عشر

113 10 0
By Reem-Elhosiny

~الرسالة الخامسة~
خذ بيدي وأرشدني..
أنظر لي وطمئني..
أحلم معي وأخبرني..
تلك القصص التي ترويها بكل شغفِ..
وأنصت لما أقول من كلمِ..
سيُخلَد اسمك يوماً هذه ثقتي..
****
-:"كان هذا رائعاً"
استيقظت من تخيلاتها على صوت منار والتفتت لها وهي ترد: "كنتِ رائعة أيضاً"
ابتسمت لها تزامناً مع غلق الستار فالتفتت وتحركت سريعاً قبل أن تختفي خلف الكواليس وعندها رأت نغم التي كانت تعقد ذراعيها بينما تنظر لها ثم تقدمت منها ومع تذكرها لعذابها خلال الفترة الماضية والتأنيب الذي كانت تتلقاه بلا شفقة عقدت ذراعيها هي الأخرى وما أن وقفت أمامها ابتسمت قائلة: "إذاً هل عزفت شيئاً يستحق أن تسمعيه؟"
-:"بل أسوأ.."
اتسعت عينيها مع ردها الذي سرعان ما رافقته ابتسامة شريرة أرعبتها بينما تكمل: "أعني بالنسبة لك بالطبع.."
اقتربت منها أكثر وانحنت قليلاً لتواجهها وهي تردف: "لقد عزفتِ شيئاً يستحق العناء بالنسبة لي.."
ثم اختفت ابتسامتها واستقامت بوقفتها بذات اللحظة التي سمعت بها نداء منار فالتفتت نحوها لتجدها تقف بجوار رجل.. رجل بملامح متجمدة.. حرفياً متجمدة فمقلتا عيناه لا تتحركان وهو حتى لا يرف جفونه كما أنه يقف بثباتٍ شديد وذراعين منعقدين خلف ظهره..
-:"ريم دعيني أعرفك بالسيد عنان السامحي.."
قالتها منار وهي تبتسم بتهذيب ثم أكملت: "هو والدي وقد أراد رؤيتك.."
-:"اقتربي.."
صدر ذلك الأمر من فمه ووجدت نفسها تتحرك كالآلة وتقف أمامه باستقامة بينما هو وزع نظراته ليشملها من رأسها لأخمص قدميها قبل أن يظهر شبح ابتسامة باردة على شفتيه وهو يقول: "آنسة ريم هل أنتِ واثقة أن هذه مرتك الأولى في العزف أمام الناس.."
شعرت بالخوف لكنها ردت دون أن تعي: "كنت أعزف بالمدرسة لفترة.."
مط شفتيه وهو يقول: "سيكون من المشوق تدريسك بالمعهد آنسة ريم.."
انعقد حاجبيها وهزت رأسها بحيرة حتى استطاعت أخيراً استيعاب ما قاله قبل أن ترد: "أنا لا أنوي...."
وقبل أن تكمل التفت وغادر ببساطة ومع تأكدها من رحيله التفتت لنغم وسألتها: "هل أنتما قريبان؟"
ضحكت بسخرية ثم ردت: "هو أستاذي وهو أسوأ مني يا فتاة.. وبم أنه سيصبح أستاذك فاستعدي.."
قالتها ثم تحركت لتغادر فصرخت عليها: "لازلت لن أرتاد المعهد.."
-:"سنرى يا فتاة.."
قالتها دون التفات ثم اختفت من أمامها وعندها رأت والدتها تقف بأحد الأركان وهي تبتسم وما أن اقتربت منها انحنت وهي تتأملها بينما عينيها تمتلئان بالدموع: "انظري لنفسك.."
أحاطت وجنتيها بكفيها وهي تكمل: "والدك كان ليفرح برؤيتك.."
تجمدت ابتسامتها بذات اللحظة التي بدأت فيها والدتها بالبكاء فاقتربت وأمسكت كفها قائلة: "على الأقل أملكك لتخبريني هذا.."
مسحت دموعها وهي تنهض ثم ربتت على رأسها وهي ترد: "أنا فخورة بك.."
ابتلعت لعابها لتهدأ ثم أكملت: "وأنا مستعدة للموافقة على تلك الرحلات.."
ابتسمت وكادت تقفز بسعادة..
-:"لا بالطبع..
تدخلت خالتها التي وقفت بجوار والدتها وهي تكمل: "عزفها بشكل مبهر لا يعني أن نوافق بهذه البساطة.."
-:"مبهر؟!.."
رددتها ريم بصدمة بينما قالت والدتها بهدوء: "إنها ابنتي ويحق لي أن أكافئها كما أحب عندما تعزف بشكلٍ مبهر شكرية.."
-:"لا علينا مناقشة الأمر..."
-:"كان هذا رائعاً يا فتاة.."
كانت على وشك متابعة الشجار حتى سمعت ذلك النداء من إسلام التي احتضنتها وهي تقول: "أنتِ مبدعة.."
-:"أجل أحسنتِ"
بدأت تتلقى كلمات الإعجاب من الجميع وكاد الخجل يتملكها قبل أن تتأمل المكان من حولها ثم سألتهم: "أين مؤمن؟"
-:"لقد غادر.."
استغربت رد ساندي قبل أن تكمل: "أخبرنا أنه سيقابل جده بالخارج ثم سيعود"
****
بصعوبة استطاعت أن تتركهم وتخرج باحثة عنه وهي لا تصدق أن جده أتى بالفعل.. تخيلت أنه ربما أخبره أو والدتها وكان بالمدينة فقرر المجيء.. وقفت تبحث عنه وهي تنتوي جعل والدته تدعوه على العشاء وعندها رأته يقف مع جده والد.. لكن ليس الجد صلاح.. بل الجد طاهر والد والدته وعندها فوراً وقفت مكانها تراقب وحسب فهي سعيدة ولا تريد لشيء أن يفسد سعادتها وهذا الرجل...
أغمضت عينيها وهي تحاول السيطرة على رجفتها بينما تهمس: "لا لقد اكتفيت من النظرات الباردة اليوم.."
لكن قبل أن تلتفت وتتراجع التفتا لها فجأة وكالعادة ذلك الرجل حدجها بنظرة غاضبة تثير خوفها لا تفهم سببها قبل أن يلتفت ويربت على كتف مؤمن ثم توجه لسيارته وغادر فوراً.. تنهدت براحة حامدة الله أنه رحل فهي لا تريد الحديث معه بالتأكيد فهي تكره التعامل مع أحد تعلم يقيناً أنه يكرهها..
-:"كان عزفك رائعاً.."
أفاقت على جملتها التي قالها ما أن وصل لها بينما يبتسم بهدوء ثم تحرك حولها وهو يضع كفيها بجيبي بنطاله مكملاً: "لا أحب أن يتعدى شخص على أفكاري لكنك احتللت مخيلتي وجعلتيني أرسم مشهداً لا أعلم مصدره"
تناست كلياً الرجل المثير لفزعها الذي كان يقف معه قبل قليل وابتسمت وهي تلحقه بنظراته وتسأله: "ما هي تلك الرسمة؟"
توقف أمامها ثم بدأ يشرح بيده ما تخيله: "رأيتك جالسة بذاك الفستان الأحمر على ذات البيانو الأبيض وسط حقل واسع وكبير في نهار مشرق ومن حولكِ تحلق فراشات زاهية وهناك راقصة باليه تتحرك حولك و...."
-:"صوفي.."
قالتها بحماس وهي تطالعه بعدم تركيز قبل أن تتنهد وهي تكمل: "هذا ما تخيلته تماماً.. كيف....."
-:"آآآه ها أنتما.."
التفتا لأكمل الذي اقترب ووضع ذراعاً على كتف كلاً منهما بينما يكمل: "هيا لنحتفل.."
-:"لنبدأ أولاً بإنزال يدك.."
قالها وهو يدفع ذراعه بعيداً عنها ثم سحبها لجواره وهو يكمل بتحذير: "لا نريدك أن تفقدها أيها الصياد فكيف ستوقع عصافيرك بدونها.."
كان هذا شعوراً رائعاً لم تفهم ماهيته لكنها أحبته ولم ترد ترك جواره حتى لا يرحل عنها ذاك الشعور بالتميز..
-:"لا داعي لعدائيتك أنا أمزح.."
رد بها أكمل بمحاولة لتهدئته ووبطريقة ما فهمت أنه يحاول الظهور أمامها بصورة أفضل منه بالذات مع رد مؤمن القاسي: "لم أمنحك إذناً لتمزح معنا.."
حسناً لولا إمساكه بذراعها بتلك الطريقة المتملكة كانت لتفتعل شجاراً معه لحديثه بالنيابة عنها ومرة أخرى بطريقة مبهمة أدركت أن هذا ما يريده أكمل وعندها قررت أن تصمت وترجيء شجارها معه لوقتٍ لاحق.. بدأت عندها تتذكر أن قبل أسابيع كانت معجبة بأكمل وتنتظر اللحظة التي سيقفان بها معاً ويتحدثان.. وبعيداً عن أنها فيما بعد رفضت عرضه بمرافقتها إلا أنها لن تنكر رغبتها قبلها وإعجابها به.. والآن لا يمكنها سوى التساؤل أين ذهب هذا الإعجاب..
-:"ما رأيك ريم؟"
أفاقت لتجد أن رفاقها يحيطون بها فسألت: "عفواً ماذا كنتم تقولون؟"
-:"من أخذ عقلك يا ترى؟"
قالتها مالي بينما تلكزها بذراعها فلم تلتفت للمعنى الخبيث لحديثها واكتفت بالتربيت على رأسها بينما ساندي تقول: "كنا نفكر بالذهاب والاحتفال بك وبنهاية الاختبارات أيضاً.."
-:"لا هذا لن يحدث.."
التفتوا لأستاذتهم التي ما أن سمعوا صوتها وقفوا جميعاً جوار بعضهم باستقامة بينما هي تحركت نحوهم وهي تكمل: "لا توجد أي احتفالات الليلة.. مفهوم؟.."
-:"أجل يا أستاذة.."
ردوا بها جميعاً بذات الوقت فانفجرت والدة ساندي ضاحكة ثم اقتربت تقول: "أستاذة شكرية أنا فعلاً معجبة بك.. أتمنى أن أمتلك ذلك الحس الحازم الذي يجبر الجميع على الاستماع لكلامك.."
وعندها اتسعت عينا مالي والتفتت لشقيقتها وهي تهمس: "إن اكتسبت شيئاً كهذا سأهرب من البيت.."
-:"وأنا سأتبعكِ.."
ردت بها ساندي ولم تكد مالي تضحك إلا ووجدت والدتها تقترب قائلة: "ماذا تقولان؟.."
-:"لا شيء.."
ردتا معاً بذات الصوت بينما تجاهلتهما هي والتفتت لريم وهي تقول: "عزيزتي أشكرك على دعوتك لقد أغرمت بعزفك وأنوي حضور كل الحفلات التي ستعزفين بها.."
ابتسمت ريم بخجل بينما تراجعت والدة ساندي تكمل: "أرى أن تعودوا للبيت فأمامكم الكثير من التحضيرات لأجل رحلة الأقصر وأسوان.."
التفتوا جميعاً لبعضهم وقد أشرقت ملامحهم وقرروا الاستماع لها..
****
-:"لا أعلم لم يكرهني جدك"

التفت لها بينما تتحدث ثم ابتسم من رؤيته ذلك الانزعاج البادي على وجهها قبل أن يرد: "هو لا يكرهك"

ضاقت عينيها بينما تطالعه فأكمل: "صدقا هو لا يكرهك هو فقط يكره الحضور إلى هنا هذا يبعث بذكريات يكرهها"

-:"إذا لم يأتي؟"

سألته بحدة فأطرق لثانية ثم رد: "ليحل أموري العالقة"

استغربت رده لكنها فهمت أنه لا يريد الحديث بشأن الموضوع فقررت تجاهله والتفتت لوالدتها وهي تسأل بانزعاج: "لم لم تسمحي لنا بالذهاب والاحتفال"

-:"كنت لأسمح لولا أنهم حذروا من أمطار هذه الليلة لذا لا يمكنني السماح لكم اذهبوا بيوم آخر"

ردت بها والدتها وقبل أن تكابر التفتت لها خالتها وحدجتها بمظرة أخرستها بينما تقول: "توقفي عن التبجح يا فتاة"
تراجعت بمقعدها بينما هي تكمل ببرودها القاسي: "كما كانت أنا من اعترضت وقررت بألا تذهبوا.. فهل عندك اعتراض؟.."
هزت رأسها بنفي وعادت سريعاً لمقعدها حتى تتجنب أن تعاقبها بطريقة أسوأ بليلة سعيدة كتلك..
-:"فعلتِ خيراً بصمتك.."
التفتت له بحدة ناوية افتعال الشجار الذي أرجأته لكنها تراجعت وهي تتذكر خالتها الجالسة خلفهم وأيضاً لأنها رأت جلسته التي ألجمتها.. كان يلقي رأسه للخلف ويبتسم بطريقته العنجهية بينما عيناه مغمضتان فتذكرت أن اليوم كان نهاية الاختبارات وقد كان مؤمن خلال الفترة الماضية يبذل جهداً مضاعفاً بسبب مساعدته لهم.. لذا قررت مجدداً إرجاء شجارهم لوقتٍ لاحق بينما تطالعه بصمت وهي تبتسم..
-:"لكِ هدية عندي أو طلب بمناسبة شجاعتك يا سبونج بوب ففكري بما تريدينه حتى الغد.."
قالها وهو لازال مغمضاً عينيه فاتسعت ابتسامتها وهي ترد: "سأفعل يا سيد شفيق.."
****
لا تعلم لم هذا اللحن بالذات الذي تعزفه لكنها منذ سمعت لعزف ريم له وهو عالق ببالها.. كان هو أول لحن عزفته "متاهة بان" ومن يومها وهي تعزفه بأوقات فراغها.. ابتسمت وهي تتذكر كيف كان شعورها وهي ترى تصفيق الجمهور لها لقد شعرت كأنها هي من تتلقى التصفيق لا تلك الفتاة العنيدة الغبية بعض الشيء..
-:"أراكِ سعيدة الليلة سيدتي!.."
لم تلتفت واتسعت ابتسامتها وهي تنهي اللحن ثم التفتت تنظر للسيدة المسنة التي لا تفارق جوارها وهي ترد: "أنا كذلك فادية.."
نهضت وتحركت لتقف أمام الشرفة ثم تنفست بعمق لتملأ رائحة البحر المنعشة صدرها العليل بينما تكمل: "لقد عثرت على من ستحمل إرثي أخيراً!.."
***
-:"صديقتك عزفها رائع.."
قالتها جدتها بينما تجلس بإنهاك على أقرب مقعد بعد دخولهم المنزل: "ووالدتها ودودة وطيبة.."
تحركت إسلام لتجلس بجوارها وردت وهي تخلع حذائها: "ريم اكتسبت هذه الصفات منها.."
نهضت بعدها تقف أمامها وهي تكمل: "أنا سعيدة لأننا سنذهب بتلك الرحلة و..."
-:"أي رحلة؟!.."
تأففت بضيق ما أن سمعت صوته ثم التفتت تنظر نحوه وهي ترد: "رحلة للأقصر وأسوان.."
راقبت الصدمة التي اعتلت وجهه قبل أن يصرخ بوجهها: "مستحيل.."
ردت بينما تلتفت: "أنا لا أنتظر إذنك أبي وافق و...."
لم تكد تتحرك خطوتين إلا وكان يسحبها برعونة لتواجهه مجدداً بينما يقاطعها بغضب: "أنتِ لن تذهبي وحدك وتبيتي خارج البيت هذا لن يحدث أسمعتِ؟.."
تملكها الغضب ولم تلتفت لهتاف جدتها به أن يتوقف فهي لم تتحمل أن يعاملها بتلك الطريقة لذا سحبت ذراعها من يده وبلمح البصر دفعته بساقها ثم جعلته يتعثر ليسقط على ظهره.. نظرت له من علو وهي ترد بقسوة: "كما أخبرتك.. أنا لا أنتظر إذنك.."
كان مذهولاً وتوقعت أن جدتها هي الأخرى أصابتها الصدمة وألجمتها ففي الغالب هي تقف وتراقبه يتنمر عليها وحسب.. لكن هذه المرة هي نفسها لا تعلم ما الذي أصابها.. راقبته ينهض وينطق بشيءٍ ما لكنها لم تركز به هي فقط تراجعت بإحدى ساقيها وهي تستعد لمحاولته ضربها فقد ظهر الغضب جلياً على ملامحه لكن ما هي إلا خطوة تحركها نحوها ووجدت جدتها تقف بوجهه..
-:"هل فقدت عقلك أسلم؟"
قالتها بصرامة بينما تطالعه بغضب وتكمل: "كيف تتجرأ على معاملتها بتلك الطريقة وأمامي أيضاً.."
التفتت لها بعدها وهي تردف: "غادري لغرفتك إسلام وإياكِ أن ترفعي يدك على شقيقك بهذه الطريقة مجدداً"
أومأت بصمت ثم التفتت واتجهت لغرفتها.. كانت تستلقي على الفراش ضامة جسدها إليها بينما تستمع لحديثهم في الخارج لكنها لم تكن تركز على أي كلمة.. لطالما تسائلت لم يعاملها أسلم بتلك الطريقة؟.. كانت في البداية تبرر طريقة كلامه أنه يحبها ويخاف عليها.. لكن مع الوقت أدركت أنه لا يحبها ومؤخراً اقنعت أنه لا يخاف عليها..
دخلت جدتها عندها فاستقامت بالفراش وجلست تتكيء على كفيها وهي تطالع الأرض وقد ملأها الحرج فما كان عليها معاملته بهذه الطريقة أمام جدتها.. هي لم تربيها على هذا.. لذا تنهدت وهمست: "أنا آسفة..."
رفعت عينيها لها وأكملت: "أنا حقاً آسفة لم أقصد أن أقلل احترامي لكِ جدتي.."
ابتسمت لها واقتربت تربت على كتفها ثم ردت: "انهضي وخذي حماماً الآن لنتناول العشاء ونستعد للرحلة.."
اتسعت عينيها ونهضت تتعلق بثوبها وهي تهتف بحماس: "هل ستأتين معي؟.."
ضحكت بخفة وربتت على رأسها وهي ترد: "يبدو أن شقيقكِ مصر على إرسال اعتراضه لوالدك لذا سأغلق عليه كل الطرق.."
احتوت وجنتيها وهي تطالعها بحنان بينما تكمل: "لقد بذلتِ جهداً وتستحقين مكافأة.."
طبعت إسلام قبلة عميقة على وجنتها ثم احتضنتها وهي تقول: "شكراً جدتي أنا أحبك.."
-:"أنا أيضاً أحبك.."
همستها وهي تربت على ظهرها ثم أبعدتها وجلست على الفراش بينما تكمل: "اذهبي الآن واستحمي فأنا جائعة.."
-:"سأعود بعد خمس دقائق بالضبط.."
هتفت بها وهي تركض نحو الحمام وما أن أغلقت الباب اختفت الابتسامة التي كانت تملؤ وجهها ثم التفتت تنظر للصورة التي تصر إسلام على وضعها بجوارها.. كانت صورة لها وهي رضيعة بينما والدها يحملها ويجلس بجوار والدتها التي كانت لا تزال بفراش المشفى بعد ولادتها المتعسرة..
إحباط.. ألم.. غضب.. ندم..
أغمضت عينيها تحتوي تلك المشاعر القاسية.. وتحاول أن تلقيها بعيداً ثم التفتت تنظر للباب الذي اختفت خلفه حفيدتها وهي تهمس: "وأنا آسفة.."
****
كانت تجلس بجوار والدتها وهي تفكر بطريقة ملائمة للحديث..
-:"أخبرتكِ قبلاً.."
التفتت تنظر لها خلف مكتبها بينما هي رفعت عينيها وأزاحت خصلاتها الناعمة التي تمنت دوماً لو أنها ورثتها عنها وورثت أيضاً لون بشرتها الأبيض ولفترة طويلة اقتنعت أن الحظ ابتلعته مالي وحدها لأنها اكتسبت الصفتين من والدتها..
-:"سان.."
عادت تناديها فأفاقت من شرودها المليء بالإحباط والغضب من نفسها بينما والدتها تكمل: "ألم أخبركِ مراراً إن كان ببالك شيء فقوليه وحسب.."
تذكرت ما كانت تحاول إخبارها به فنهضت ووقفت بجوارها وهي تقول: "لم لا نحاول إقناع أبي بالقدوم معنا؟.."
بان الألم جلياً على ملامحها لكن ساندي لم تتراجع وأكملت: "سنغيب هذه المرة لخمسة أيام ولا أريده أن يبقى وحيداً.."
ضغطت شفتيها معاً وهي ترد: "تعلمين أنه لن يوافق.. لذا أنا سأبقى معه"
كانت تعلم أن هذا سيكون ردها وقد كان ذلك ما دفعها لتتحدث معها فاقتربت تقول: "أريد أن نحاول وحسب علنا نوافق.. كما أنك لم تذهبي للأقصر منذ فترة طويلة وأنت تحبينها كثيراً.."
ابتسمت لها وأمسكت كفيها لتقربها منها.. تأملتها قليلاً قبل أن ترد: "أنا أسعد برؤية ذلك الجانب منك الذي تحاولين باستماتة وأده.."
ارتبكت لكنها سألتها: "أي جانب؟"
-:"الجانب اللطيف الذي يهتم بكل من حوله.."
نهضت بعدها ووضعت يدها على موضع قلبها وهي تكمل: "الجانب الحقيقي لطفلتي العنيدة.."
لم تملك ما ترد به فأطرقت بخجل لكن والدتها أمسكت بذقنها مردفة: "إن أخبرنا والدك سيرفض بهدوء لكننا سنساهم بزيادة حزنه الذي يحاول إخفائه عنا.. فرفضه ليس برغبته.. تلك الرحلة ستتعبه.."
أومأت لها بتفهم وقالت: "أنا آسفة.. أنا فقط..."
-:"أعلم ما كنتِ تفكرين به.."
ردت بها والدتها ثم احتضنتها وهي تكمل: "شكراً لك عزيزتي.."
لم تملك سوى احتضانها بالمقابل وهي تطالع الفراغ مجبرة دموعها ألا تهطل بينما تقول: "لم أفعل أي شيء أمي.."
****
عصى عليه النوم لسببٍ لا يعلمه وبعد فترة طويلة من المحاولة أصابه الملل فاتخذ قراره..
-:"علي ألا أنام الآن وحسب.."
قالها ثم تحرك مغادراً الفراش ارتدى سترته ثم غادر الغرفة وتوجه ناحية باب المنزل..
-:"مؤمن.."
التفت لعليا باستغراب وسألها: "لم لا زلتِ مستيقظة.."
أشارت لزجاجة المياه ففهم أنها نهضت لتشرب: "إلى أين؟"
هز كتفيه ورد: "لا أستطيع النوم لذا سأخرج قليلاً"
مطت شفتيها وهمست: "أحسدك على خروجك بأي وقت.."
التفت واتجه للباب وهو يرد: "عودي للنوم يا مزعجة.."
خرج بعدها وهو يغلق الباب بهدوء حتى لا يوقظ أي أحد ثم تحرك يتجه للسطح لكنه تفاجأ بريم تخرج من شقتها وتغلق الباب بهدوء هي الأخرى حتى لا توقظ والدتها وبينما تلتفت بهدوء لتصعد الدرج سعل بصوتٍ عالٍ فانتفضت بمكانها ومع رؤيته هذا كتم ضحكته بصعوبة قبل أن تنظر نحوه بغضب ثم تحركت تهبط الدرج وما أن وقفت أمامه همست: "توقف عن إزعاجي.."
رد بنفس الطريقة: "لم أفعل أي شيء.."
-:"لقد سعلت للتو.."
-:"وهل ستمنعيني من السعال أيضاً.."
-:"سأمنعك منه إن كان يزعجني.. وهذا يعيدنا للنقطة الأولى.."
همستها بسرعة وانزعاج قبل أن تقترب منه أكثر وترفع إصبعاً بوجهه وهي تكمل بتشديد على كل حرف: "توقف عن إزعاجي.."
لم يكن منتبهاً لجملتها الأخيرة.. كان فقط يراقب عينيها الداكنتين الساحرتين وبداخله هناك نزاع حول إن كان عليه فعلاً إخفاء عشقه عنها..
-:"كفى أيها الأحمقان.."
التفتا فوراً ووقفا باستقامة ينظرون لخالتها التي هبطت الدرج ووقفت أمامهما بهدوء.. كان يشعر بالحرج وكأن شخصاً أمسكه بالجرم المشهود ولا يعلم من أين أتى ذلك الهاجس السخيف الذي ملأ عقله..
-:"ليته كان جرماً يستحق العقاب حتى.."
ابتسمت بسخرية فشعر أنها قرأت كل ما يدور برأسه ليتضاعف حرجه ورغبته بالهروب بأي شكل من أمامها قبل أن تقول: "هل تحاولان إيقاظ الجيران؟!.."
هزا رأسهما بنفي فأكملت: "جيد إذاً توقفا عن الشجار.."
ثم مدت يدها ببعض المال وهي تردف: "واذهبا لشراء المثلجات لنا.."
ارتفع حاجبي ريم تزامناً مع تنهده براحة فضحكت شكرية بينما تكمل: "ماذا؟.. إنها الليالي الأخيرة للشتاء لا يجب أن نفوتها.."
ابتسم مؤمن لها واقترب يأخذ منها المال وهو يسأل: "بطعم المانجو أليس كذلك؟"
أومأت له وردت: "وأحضر واحداً بالفراولة لسامية.."
هز رأسه بطاعة ثم التفت ليسحب ريم ويغادرا بينما هي تكمل: "لا تتأخرا.."
-:"حاضر.."
ردت بها ريم بينما يهبطان الدرج وما أن وصلا للشارع نظرا للسماء الملبدة بالغيوم مع الهواء القوي الذي أسقط إحدى اللوحات الدعائية المعلقة بمنتصف الشارع وعندها تنفست بعمق وهي تقول بحزن: "لم لا يكون الطقس هكذا طيلة العام.."
-:"لديك ميول قوية للعيش بأنتاركتيكا.."
ضمت كفيها معاً وهي تنظر للسماء وقبل أن تفتح فمها أكمل: "ماذا ستتمنين؟.."
التفتت له بانزعاج فأردف: "أنتِ ترفضين الخروج من هذا البلد فهل ستتمنين أن تنتقل البلد للقطب الجنوبي.."
-:"أجل هذا ما سأتمناه.."
ردت بها وهي تقترب منه ثم رفعت إصبعاً بوجهه وهي تكمل: "وتوقف عن إزعاجي يا مستر شفيق.."
لم يبدو عليه أي تأثر فقط نظر لها قليلاً ثم سحبها ليسيرا معاً وهو يقول: "هيا حتى لا نتأخر.."
فتحت فمها لتخبره أن يتوقف عن تجاهلها وإملاء أوامره عليها لكنها توقفت وهي تستشعر قطرات المياه التي بدأت بالسقوط من السماء وتحركت بسعادة وهي تقفز حوله بينما تقول: "إنها تمطر.."
ابتسم بهدوء بينما يراقبها بحركاتها الطفولية ولكن بعد لحظات بدأ المطر يزداد وعندها سحبها ودخلا أحد المقاهي فالتفتت له وسألته بحدة: "ماذا؟!.."
-:"سنصاب بالزكام يا سبونج بوب.."
رد بها ثم سحبها نحو طاولة تقديم المشروبات ليقترب منه النادل ويسأله: "بم أخدمك يا صديقي؟"
-:"اثنان من القهوة فرنسية.."
أومأ له وبدأ بتحضير طلبه بينما سمعت هي موسيقى جيتار تأتي من خلف بوابة أشبه ببوابات الشرفة..
-:"هناك فرقة بالداخل.."
التفتت تنظر للنادل الذي أكمل: "مع سماعهم صوت المطر قرروا الانتقال للشرفة المطلة على القسم الخارجي من المقهى.."
ابتسمت وسحبت مؤمن وهي ترد: "هيا مؤمن لنشاهد.."
تحركا بالفعل وما أن وصلا وجدا بعض الأشخاص يتحلقون حول ثلاثة أشخاص أحدهم يعزف على الجيتار والآخر على الطبول وشخصٌ يقف أمام مكبر الصوت ففهمت أنه المغني.. التفتت تنظر للمطر الذي تزايد ليغرق المقاعد الخارجية للمقهى الموضوعة بحديقة خلفية تابعة للمكان..
بدأ المغني بالغناء تزامناً مع صوت الجيتار وجدت شخصين قد بدئا بالرقص فابتسمت والتفتت لمؤمن الذي كان كالعادة ينظر حوله بملل لكن ما أن رأى ابتسامتها تملكه القلق فالتفتت له بكامل جسدها بينما يسألها: "ماذا؟!"
-:"أعرف طلبي.."
انعقد حاجبيه لثانية قبل أن ينظر للمغني والراقصين الذين ازدادوا ففهم وفوراً التفت لها قائلاً: "هذا لن يحدث.. أنا لا أرقص وأنتِ تعلمين هذا.."
عقدت ذراعيها ونظرت له بغضب قبل أن ترد ببساطة: "إذاً سأبحث عن شخصٍ يرقص معي.."
-:"على جثتي الهامدة سيحدث ما قلتيه للتو.."
رد بها بشكلٍ قاطع فابتسمت بسعادة قبل أن تسحبه وهي تقول: "معك حق فأنا لن أرقص إلا معك.."
ثم وقفت أمامه قرب الفرقة وهو يتلفت حوله بتوتر ثم نظر لها يهمس بعصبية: "ذلك الرجل الذي أنجب من أنجبني.. تعرفينه بالتأكيد ذلك المخبول الذي تحبينه.. إن رآني أتمايل على مرأى من الجميع سيتبرأ مني.."
-:"ولم يزعجك هذا؟"
سألته ببساطة بينما تكمل بسخرية: "ظننتك تكرهه وتحاول إبعاده عن حياتك.."
مط شفتيه وهو يرد: "هذا صحيح.. لكن إن تبرأ مني كما فعل بابنه سيحرمني من الميراث وأنا لا أريد هذا.."
حدقت به بانشداه قبل أن تتنهد وهي تقول: "حسناً أنا أستسلم.. أنت بالفعل لا تحمل أي مشاعر.."
ابتسم وهو يتخيل أنها استسلمت لكن قبل أن يدرك وجدها تقترب وتمسك بكفه ويدها الأخرى وضعتها على كتفه ثم نظرت لعينيه تكمل بإصرار: "لكنك سترقص معي إنها أمنيتي التي وعدت بتحقيقها أياً كانت.."
تهدل كتفيه باستسلام ولم يعلم إن كان فعلها لأنها غلبته بالكلام أم لأنها اقتربت منه بتلك الطريقة.. لكن في النهاية ما كان سيوافق على طلبٍ كهذا إلا لأجلها هي وبمحاولة أخيرة فتح فمه ليعترض لكن هي سبقته: "أنت بارع بالرقص لذا لا توجد أعذار.."
لم يجد منفذ للهروب لذا أعلن استسلامه بنظرة وتنهيدة محاولاً إخفاء حرجه وهو يضع يده على خصرها ثم بدآ بالتحرك وهو يتذكر عندما علمتهما والدتها كيفية الرقص على تلك الألحان الهادئة قبل بضع سنواتٍ من الآن..
لم يعلم كم استمر هذا لكنه كان منسجماً معها كالعادة إلى أن انتهت الأغنية وأفاقا على تصفيق الجميع من حولهم فعلم أنها ستشعر بالحرج وستحاول الاحتماء به كالعادة لذا تحرك يبتعد عنها وهو يقول: "أنتِ من ورطينا بهذا لذا تلقي الحرج عقاباً لكِ.."
نظرت له بغضب ثم قررت الهروب فوراً فتحركت وهي تبتسم لداخل المقهى بينما هو ابتسم يراقبها هامساً: "يا لكِ من مجنونة.."
ثم تحرك يتبعها للداخل..
****
بعد مرور يومين
-:"هل أنتِ واثقة أمي؟.."
التفتت له بعد تأكدها أن عامل البناية قد أنزل كل الحقائب ثم تنهدت وقالت: "للمرة الأخيرة يا عادل نعم أنا واثقة.."
ابتسم لها واقترب منها قائلاً: "أنا فقط لا أريدك أن تجهدي نفسك.. لا أريد أن تتدهور صحتك لا قدر الله.."
ابتسمت له وربتت على كتفه وهي ترد: "لا تقلق علي كما أن..."
تركت جملتها معلقة بالهواء بينما ترى المندفعة نحوهم التي ما أن وصلت أحاطت كتفيها بينما تكمل: "إسلام ستهتم بي.."
-:"أجل أبي لا تقلق.."
التفت لابنته التي كانت مبتسمة ومشرقة شعرها العسلي بخصلاته المشرقة الذي تركته منسدلاً على غير عادتها فوق ظهرها يفضح حقيقة سعادتها فلم يجد بداً سوى التربيت على كتفها وهو يقول: "اهتمي بجدتك إسلام.."
أومأت له ورفعت كفها تعد أصابعها وهي ترد: "لا تقلق أنا أحفظ مواعيد أدويتها ولن أبتعد عنها ولن أذهب لمكانٍ دون إذنها وسأستمع لكلماتها.. أعدك أبي.."
اتسعت ابتسامته ورغماً عنه استسلم فلا يمكنه تحطيم تلك الفرحة التي ترسمها على وجهها بينما هي اقتربت وطبعت قبلة على وجنته ثم اقترب هو من والدته وطبع قبلة على كفها ثم جبينها وما أن شعر بغياب إسلام وافترض أنها ابتعدت لتخرج من باب الشقة اختفت ابتسامته وهو يهمس: "أمي لا تجعليها تغيب عن ناظريك.."
ابتعدت عنه وربتت على صدره وهي ترد: "لا تقلق.."
ثم تحركت مكملة: "هيا الآن حتى لا نتأخر عن موعد انطلاق الحافلة.."
***
-:"أنا قادمة يا الأقصر وأسوان.."
هتفت بها مالي وهي تركض نحو باب الحافلة وكانت على وشك الصعود بالفعل..
-:"أماليا محمود عبد القادر.."
تجمدت مكانها ما أن سمعت تلك الجملة ثم التفتت تنظر لوالدتها التي كانت تقف ببرود وهي تطالعها وكالعادة استعانت مالي بوجهها البريء وهي ترد: "نعم أمي.."
-:"تعالي وقفي أمامي.."
تحركت بالفعل ووقفت أمامها ففتحت والدتها فمها لتتحدث لكنها سبقتها وردت: "أعلم أنكِ ستطلبين مني الاستماع لساندي.."
رفعت كفها تضعها على صدرها وهي ترفع كفها الآخر كالقضاة عند حلف القسم بينما تكمل: "أقسم أنا أماليا أن..."
-:"لا داعي.."
كانت والدتها تقاوم ضحكاتها بصعوبة.. أغمضت عينيها ثم تنفست بعمق ونظرت لساندي وهي تكمل: "لا يسعني طلب هذا من شقيقتك فلديها عمل بالفعل ولن أسمح لأي شيء بتعطيل ذاك العمل.."
كانت تراقب تعبيرات وجه مالي بوضوح وأقسمت أنها تتمنى الآن من والدتها الالتفات لثانية فقط حتى ترقص طرباً لكن كل هذا اختفى ما أن أردفت والدتها: "لذا طلبت من شخصٍ آخر مراقبتك.."
وعندها ظهرت أستاذة ساندي في المشهد ليحين دورها بكتم ضحكتها وهي ترى الصدمة المرتسمة على وجه شقيقتها الصغيرة بينما والدتها تكمل بهدوء: "الأستاذة وافقت مشكورة على الاهتمام بك لذا عليك الاستماع لها و..."
-:"لا تتعبي نفسك بكثرة الحديث.."
اعترضت أستاذتها فالتفتت لها والدتها بينما تكمل: "دعي أمرها لي.."
مطت مالي شفتيها وكانت متأكدة أنها على وشك البكاء فعلاً وهي تستعطفها: "أمي رجاءًا...."
ولم تسمح لها أستاذتها بإتمام جملتها حتى فقد تقدمت على والدتها وأصبحت بوجهها وهي تقول بصرامة: "لا مجال للاعتراض أو التذمر يا فتاة والآن التفتي.."
التفتت بالفعل دون تفكير فأكملت الأستاذة: "سيري نحو الحافلة الآن.."
سارت بالفعل كعساكر الصف وصعدت الدرج دون التفاتٍ حتى وعندها سمحت لنفسها بالضحك على مظهرها وهي تتخيل ما ستفعله بها أستاذتها..
-:"أنا أشكركِ وآسفة إن كنت سأتعبكِ.."
قالتها والدتها بلطف تخاطب الأستاذة التي ابتسمت بود وهي ترد: "لا داعي للحديث بالأمر.. بالإضافة إلى أنها ستصبح تلميذتي يوماً ما وعليها الاستعداد لما ستلاقيه وهذه فرصة ملائمة.."
هل قلب والدتها يُعتصرُ الآن كما قلبها.. كانت متأكدة من هذا لكنها مع هذا أبقت على ابتسامتها اللطيفة وهي تقول: "بالطبع أستاذة شكراً جزيلاً لكِ.."
تحركت أستاذتها بعدها تتجه للحافلة فاقتربت منها والدتها ووقفت أمامها وعندها قالت دون تفكير: "لا تقلقي أمي سأعتني بها ولن أضيع وقتي ولن أبتعد عن الفوج كما أني..."
-:"أعلم أنكِ ستفعلين كل هذا وأكثر.."
اعترضت والدتها حديثها ثم ربتت على وجنتها وهي تكمل بخفوت: "لهذا أردت فقط التأكيد عليكِ بأن تستمتعي مع أصدقائك.. اتفقنا؟.."
ابتسمت ساندي عندها وبتلك اللحظة تمنت لو تخبرها كم تحبها وتحترمها.. تمنت إخبارها أنها مثلها الأعلى وأنها ستبذل كل جهدها لتحمل العبء عنها بأقرب وقت وتريحها من بعض ما تحمل على عاتقها.. لكنها ومجدداً كانت واثقة أن كل هذا وصل لقلب والدتها.. فاكتفت بإيماءة وهي تقول: "حاضر أمي.."
-:"ابنتك جميلة يا ميلينا.."
التفتا معاً لتتجمد ابتسامتها وهي ترى المتعجرف يقف أمامها بابتسامته الهازئة.. حاربت لتبقي الابتسامة على وجهها لأجل صاحبة الجملة والتي كانت والدته التي اقتربت وهي تكمل بود حقيقي: "لم تخبريني يوماً من أين اكتسبت ذلك الجمال المميز؟.."
أحاطت والدتها كتفيها وهي ترد: "من جدتها لوالدها.."
اقتربت السيدة أكثر وأشعرتها بالتوتر لتربيتها على شعرها.. راقبت النظرة بعينيها لتتأكد من أنها لا تتحسس ملمسه المجعد لتسخر منها حتى وإن كان سراً.. فعلى مر عمرها رغم قصره إلا أنها امتلكت القدرة على التفريق بين من يريد السخرية منها ومن يحبها فعلاً ويريد مديح شكلها.. وهذا ببساطة لأن النوع الثاني قليلين جداً.. لكنها بتلك اللحظة رأت بوضوح خلف عينا السيدة بلونهما المميز طيبة وإعجاباً حقيقياً.."
-:"تلك الفتاة الغبية.."
قالتها وهي تبعد كفها ثم استقامت: "كيف تجرأت على أن تسخر منك لكنها ابنة ألماس المُحدِثة الرعناء.. فماذا سننتظر منها؟.."
-:"أليست من عائلة خورشيد؟.."
سألها أكمل فضحكت والدته بسخرية وهي ترد: "هل صدقت تلك الكذبة؟.. إنها لا تمت لهم بصلة.. ولا يوجد أي شخص اسمه خورشيد بسلسال عائلتها هي فقط تحاول إخفاء أنها...."
-:"لمياء.."
قاطعتها والدتها بينما تكمل بخفوت مبقية على ابتسامتها: "لا يجب ذكر هذا أمام الأطفال.."
التفتت عندها ورأت تلك النظرة المحرجة تعلو وجهها قبل أن تلتفت لوالدتها وهي ترد: "معك حق.."
****
-:"أبي لم يكن هناك داعٍ لتأتي.."
قالها بينما يسير بجواره فسمع صوته الذي حاول جاهداً أن يكون ساخراً لكنه خرج متعباً ليفضح إرهاق صاحبه: "هل تشعر بالإحراج من مرافقتك يا فتى.."
التفت ينظر لملامحه التي خط المرض علاماته عليها ثم وقف قائلاً: "أنت متعب أبي.. كان علي عدم الذهاب لتلك الرحلة والبقاء معك.."
ابتسم له وربت على كتفه بينما يرد: "لا تكن أحمقاً يا فتى.. يمكنني الاعتناء بنفسي.. كما أنه لن يتسنى لك الذهاب بتلك الرحلة وبذاك السعر الزهيد كل يوم.."
ثم غمز له فضحك قائلاً: "ألن تتغير أبداً أبي.."
استقام ورد بتفاخر: "أنا محاسبٌ يا فتى.. لذا علي دوماً التفكير بالسعر أولاً.. وبمناسبة المال..."
ضحك أكثر بينما والده يخرج مبلغاً مالياً من جيبه ويمد يده به وهو يكمل: "خذ هذا.."
نظر للنقود ثم له ليرد: "أبي أبقيها معك أنا أملك بالفعل مدخراتي و..."
-:"مع هذا ستأخذ المال مني.."
قالها وهو يسحب كفه ويضع به النقود ثم نظر له قليلاً قبل أن يبتسم مكملاً: "والآن اذهب واستمتع يا فتى.."
حمل حقيبته عن الأرض وأومأ له بينما يسير قائلاً: "انتبه لصحتك وأبقي الهاتف بجوارك لأطمئن عليك.."
أشار له وهو يرد: "توقف عن إزعاجي يا فتى واذهب فلدي عملٌ ألحق به.."
راقبه وهو يبتسم له ملوحاً ثم التفت وغادر وعندها سار مكملاً طريقه للحافلة.. لقد ألح عليه أن يعتذر لزملائه عن وجوده بتلك الرحلة وهو شيءٌ لن يحدث فارقاً فوظيفته هي المساعدة إن احتاجوا وفي الغالب لا أحد منهم يحتاج مساعدة هم فقط يشركوه حتى لا يشعر أنه بلا فائدة..
ابتسم بسخرية وهمس: "لا يعلمون أنه ليس شعوراً فطبيعتي أني بلا فائدة.."
تنهد وعاد للتفكير بوالده الذي اشتد عليه المرض خلال الفترة الماضية صحيح أن وضعه تحسن وطمئنه الطبيب إلا أنه كان يفضل البقاء قربه تحسباً لأي طاريء.. لكنه رفض رفضاً تاماً بل هو واثق أنه رافقه اليوم لعلمه بخطته أن ينزل من البيت ويبقى في الخارج قليلاً ثم يعود مدعياً أنه تأخر عن الحافلة..
نظر أمامه ليجد والد إسلام يودعها هي وجدتها ثم يغادر بينما هي تصعد الحافلة وعندها تنهد مجدداً وتلك المرة رسم ابتسامته المرحة واقترب من أكمل قائلاً: "صباح الخير خالة لمياء.."
-:"أهلاً فادي.."
ردت بلطف مناقض لوجه ابنها ما أن يراه.. في الحقيقة هو اعتاد على تلك النظرة من أكمل ولم يحاول يوماً تفسيرها: "أكمل هيا اذهب مع فادي.."
قالتها والدته بذات اللحظة التي توقفت بها سيارة فارهة أمامهم وهبط منها هيثم ووالدته التي اقتربت منهم وهو تبعها كطفل على وشك نيل التوبيخ..
-:"صباح الخير أليسار.."
قالتها والدة أكمل فردت والدة هيثم التي بدا عليها الحنق لكنها رسمت على وجهها ابتسامة: "صباح النور ميلينا ولمياء.."
ثم اختفت الابتسامة وهي تسأل: "أين الأستاذة شكرية؟.."
استغرب الجميع ما يحدث بينما ردت والدة ساندي: "في الحافلة.."
-:"راتب.."
تعالى ذلك النداء من والدة هيثم الذي اقترب منها وقال بخفوت: "أمي رجا..."
-:"اخرس يا حيوان!.."
ردت بها دون التفات بينما اقترب منها السائق قائلاً: "أجل سيدتي.."
-:"اصعد الحافلة واستأذن أستاذة هيثم بالهبوط.. أخبرها أني أريدها بأمر عاجل.."
تحرك الرجل بالفعل بينما هي التفتت ناحية ساندي وعادت ابتسامتها الهادئة وهي تقول: "انظروا لساندي الصغيرة كيف كبرت وأصبحت آنسة جميلة؟.."
أومأت ساندي لها وردت بأدب: "سعدت بلقائك خالة أليسار.."
ربتت على رأسها بينما أكمل مال على فادي هامساً: "أين الكاميرا حين نحتاجها!.."
-:"هل يمكنك صعود الحافلة حبيبتي فأنا لا أريدك بصراحة أن تستمعي لما سيدور؟.."
عادت توميء بأدب ثم ارتفعت على قدمها وقبلت والدتها على وجنتها ثم تحركت للحافلة بذات اللحظة التي هبط بها السائق تتبعه أستاذته التي سارت بهدوء وعنجهية نحو زوجة واحد من أشهر رجال الأعمال بالبلاد بينما تقول: "صباح الخير سيدة أليسار.."
-:"صباح النور يا أستاذة.. لدي طلبٌ رجاءاً.."
ردت بها والدة هيثم بلطف الذي اختفى بعدها وهي تشير نحوه مكملة: "هذا الولد لا أريده أن يغيب عن ناظريكِ من فضلك وإن فعل أي شيء اتصلي بي وأنا في خلال ساعة سأكون عندكم.."
التفتت الأستاذة لهيثم تسأله بنظرتها الثاقبة وملامحها الإسمنتية: "ماذا فعلت؟"
ابتلع هيثم لعابه بصعوبة قبل أن يحاول الابتسام وهو يرد: "كانت مجرد محادثة عابرة و...."
-:"اخرس يا حيوان!.. إياك والكذب.."
كان هذا رد والدته التي التفت لها هيثم وهو يرد: "رجاءاً أمي أنتِ تضخمين الوضع كان مجرد حديثٍ بسيط.."
التفتت له بكليتها وهي تقول: "حقاً.. لم أكن أعلم أن الأحاديث تتم خلال تبادل القبلات.."
اتسعت عيون الجميع بينما سألت الأستاذة بهدوء: "من كان يقبل بالضبط؟.."
التفتت لها والدته وردت: "الخادمة.."
-:"أووووووه.."
صدر هذا الصوت المستمتع من أكمل الذي صمت ما أن حدجته الأستاذة قائلة: "للحافلة في الحال كليكما.."
تحركا دون تفكيرٍ حتى بينما هي التفتت ناحية هيثم الذي طالعها برعب: "تعال.."
اقترب منها بالفعل وما أن أصبح أمامها أمسكته من أذنه بعنف قبل أن تضربه على رأسه ثم قالت: "حسابنا فيما بعد أيها المنحرف.."
نظر لوالدته بانزعاج والتي بدورها تجاهلته بينما الأستاذة أكملت: "اتبع الأحمقين للحافلة هيا!.."
تحرك بالفعل بعصبية بينما والدته نظرت بأثره قبل أن تقترب من شكرية وتهمس بحزن: "لقد عاقبته بشدة أقسم.. وكنت على وشك إخبار والده وحرمانه من القدوم للرحلة.."
ابتسمت شكرية وردت: "ولكنكِ لم تفعلي طبعاً.."
بان الألم على محياها وهي تطالعه عبر الزجاج بينما يقف مع أصدقائه ثم عادت تنظر لشكرية وهي تقول: "أنتِ تعلمين.. ياسين عصبي للغاية كما أني لم أرد تضييع مجهود أصدقائه لذا فضلت أن أتصرف بعيداً عنه.."
ربتت شكرية على كتفها وهي ترد: "لا بأس يمكننا الجلوس ما أن أعود والتحدث بشأن الأمر.. ولا تقلقي لن أجعله يغيب عن ناظري.."
تنفست أليسار بارتياح قبل أن تبتسم وهي تقول: "كنت أعلم أنكِ لن ترديني أبداً.. لا أعلم كيف أشكركِ؟.."
ثم فتحت حقيبتها وأخرجت بطاقة ائتمانية ومدت يدها بها بينما تكمل: "لقد أخبرته إن أراد أي مال فعليه أن يطلبه منكِ بعد أن يوضح ما سينفقه به بالطبع.. هذه البطاقة يمكنك السحب بها من أي ماكينة صرافة ما يحتاجه.."
أومأت لها ثم التفتت وعادت بذات المشية وهي ترد: "أعذريني الآن فقد أخرت الحافلة عن السير بموعدها بالفعل.."
ردت ميلينا: "لا تشغلي بالكِ أستاذة لقد طلبت من المشرفين والسائق تنفيذ أوامركِ دون تفكير.."
التفتت لها وقالت: "أشكرك سيدة ميلينا.. والآن إلى اللقاء.."
ثم التفتت تصعد الحافلة التي أغلقت أبوابها فور صعودها بينما لوحت لهم لمياء وهي تقول: "رافقتكم السلامة.."
ثم اقتربت أليسار من ميلينا تقول: "فعلتِ خيراً بجعلهم ينفذون أوامرها دون تفكير.."
-:"ميلينا هؤلاء المشرفين موثوقون أليس كذلك؟.."
سألتها لمياء فردت: "هم الأفضل بالشركة مما يعني أنهم الأفضل في البلد بأكمله.. لكن أنتما تعلمان لا آمن على بناتي مع أي شخص لولا ذهاب الأستاذة شكرية ما كنت وافقت أبداً.."
-:"أنا كذلك.."
ردت كلاً من لمياء وأليسار بنفس الوقت بينما تنهدت ميلينا ثم التفتت لهما تقول: "هل تريدان شرب القهوة؟.. المقهى بجوار الشركة يصنع أفضل قهوة قد تتذوقاها.."
أومأت لمياء بينما ردت أليسار: "لا مانع عندي.."
ابتسمت لمياء لها فاستغربت وسألتها: "ماذا؟.."
نظرت لميلينا ببعض الحرج ثم لها وهي تقول بخفوت: "أود سماع قصة تلك القبلة والخادمة.."
كتمت ميلينا ضحكتها بينما تنفست أليسار بضيق وهي ترد: "لا تذكريني.. لا أعلم ما الذي أصاب هذا الفتى؟.."
-:"أنه فتى.. وهو يكبر.. تعلمين تلك المرحلة بحياتهم تكون معقدة.."
ردت بها لمياء بينما تسيران وتتبعان ميلينا التي اكتفت بسماع حوارهم..
-:"من المفترض أنك تملكين ولداً أكبر منه وتعرفين كل هذا.."
-:"تامر لم يكن هكذا أبداً.. وأنا أيضاً أتعلمين وأنا بعمره كنت لا أزال أعشق العرائس وأشتريها.. كان كل ما يشغلني أن يوافق والدي على أن أشتري المزيد.."
-:"أجل معك حق أنا كنت مدمنة طوابع.. أجمع الطوابع وحسب.. كانت أمنيتي أن أصبح ساعية بريد.. لا أعلم ما الذي أصاب هؤلاء الصبيان؟!.."
عندها لم تتمالك نفسها وانفجرت ضاحكة ثم التفتت لهما وهي ترد: "ربما أنهم صبيان وحسب وللأسف فالزمن قد تغير.."
ابتسمتا بينما ردت لمياء: "أجل أنتِ محقة.."
ثم اقتربت منها أليسار وهي تقول بحرج: "لا أريدك أن تجعلي ساندي تنبذه بسبب ما سمعته رجاءاً.. فهو بالتأكيد لن يعاملها بتلك الطريقة.."
صمتت بعدها وهي تفكر ففهمت أنها غير متأكدة من عبارتها الأخيرة وأرادت الضحك مجدداً لكنها أخذت نفساً عميقاً وردت: "لا تشغلي بالك.. فإن حاول الاقتراب من ساندي ستكون هذه مشكلته.."
-:"أجل تلك الفتاة مخيفة.."
قالتها لمياء وهي تقترب منهما ثم نظرت لأليسار وهي تكمل: "لقد غلبت ابني عشر مرات في الملاكمة وهذا يعني أنها كل المرات التي تواجها بها.."
اتسعت عينا أليسار ثم التفتت لميلينا تبتسم وهي ترد: "هذه هي الروح المطلوبة.. لم لا تكون كل الفتيات بهذه الروح.. أقسم أني لو امتلكت فتاتاً واحدة كنت سأدفعها لتعلم كل الرياضات القتالية.."
ضحكت ميلينا ثم سحبتهما قائلة: "لنكتفي من هذا الحديث ونتناول القهوة.."
****
في الحافلة..
-:"اجلسي باستقامة.."
ما أن سمعتها اعتدلت بجلستها وهي على وشك الصراخ والتساؤل إن كانت والدتها تكرهها لهذه الدرجة لتورطها مع تلك المرأة المخيفة.. لم ترد النظر للخلف فقد كانت متأكدة أن ساندي تطالعها بسخرية الآن لذا قالت دون التفات: "أستاذة كنت أريد أن أجلس مع الفتيات.."
-:"لا.."
مع ذلك الرد القاطع لم تجد بداً من الالتفات.. ركزت نظراتها المستعطفة على والدة ريم التي سرعان ما قالت: "شكرية.. رجاءاً اتركيها تجلس مع أختها فهي ستمل من الجلوس بجوارنا.."
تنهدت الأستاذة قبل أن ترد: "لا بأس.. لكن إن سببتِ أي متاعب سأعيدكِ إلى هنا.."
أسرعت تتحرك نحوهن قبل أن تبدل رأيها وهي تتوعد والدتها بمقلبٍ لا مثيل له ما أن تعود عقاباً لها على تلك الورطة.."
*****
كان أكمل يضحك بشدة حتى سعل وتوقف ينظر له وهو يقول: "يا لك من وغد منحوس.."
تأفف هيثم وهو يلتفت ناظراً للجهة الأخرى بينما يرد: "إليك عني أكمل.."
عاد للضحك مجدداً قائلاً: "لديكم حديقة واسعة لماذا لم...."
-:"انتبه حتى لا تسمع الأستاذة.."
التفت ينظر أمامه حيث يجلس المتعجرف ممسكاً كتاباً بينما يكمل: "لو سمعت اقتراحاتك الفاسدة ستعاقبك ضعف عقاب هيثم لذا اصمت أفضل لك.."
-:"فادي رجاءاً لنستبدل مكانينا.."
التفت لهيثم الذي سرعان ما ترك مكانه لفادي وجلس هو بجوار المتعجرف ثم تنهد بحنق هامساً: "حمقى.."
بعدها أخرج هاتفه وبدأ بتصفحه مدعياً تجاهل كل ما حوله..
وبمكانه جلس هيثم ينظر للفراغ بغضب..
-:"أنت بخير؟"
سمع تلك الهمسة من مؤمن وبطرف عينه رآه لازال على جلسته وإمساكه بالكتاب فتنهد ورد: "أنا بخير.. مشكلة بسيطة وحسب.."
***
-:"هذا ساحر"
همستها وهي تراقب التصاميم الخرافيه للمعبد كانت تتنقل عينيها بين المبنى الخاص بمقبرة أحد أشهر ملوك الفراعنة ثم للباحة الواسعة التي تقف بها ثم التفتت تنظر للطريق الذي أوصلها لهنا والذي تحده التماثيل من على الجانبين كل هذا كان رائعاً بطريقة جعلتها تهمس بسخرية دون وعي: "بدأت أصدق أن الفضائيين لهم دخل بكل هذا"
-:"ربما"
التفتت لمؤمن الذي كان جالساً على إحدى الدرجات التي تؤدي للباحة ثم مطت شفتيها قائلة: "لا تخبرني أنك تصدق هذه التراهات عن الفضائيين"
رفع عيناه عن الدفتر الذي كان يدون به ونظر لها وهو يرد: "سمعت أحدهم يقول يوماً أننا نعيش على كوكب.. هذا الكوكب جزء من مجموعة شمسية.. والمجموعة الشمسية هي واحدة من ملايين المجموعات التي تسبح في مجرة تدعى درب التبانة.. والتي بدورها واحدة من مليارات المجرات المنتشرة بكوننا الذي يزعم البعض أنه هو الآخر واحد من ضمن أكوان متعددة.."
كانت تطالعه بانشداه وعقلها يحاول استيعاب وصفه قبل أن يكمل: "فبرأيك هل يعقل أننا نعيش وحدنا بكل هذا"
*تنبيه: هذه الجمل ليست من وحي خيالي وإنما هي عبارات لمذيعة ببرنامج
cairo time الذي يذاع على مواقع التواصل الاجتماعي لذا وجب التنويه*

كان قد أربكها فلم تتمكن سوى من الرد: "إذا أنت تؤمن بهذا"
-:"أنا لا أؤمن إلا بالله وبعظمته بخلق كل هذا سبحانه.. وقد طلب منا أن نتأمل حتى نتعلم.. لذا أنا لدي قناعة أن هناك الكثير مما لم نكتشفه بعد"
ثم التفت حوله وابتسم وهو يكمل: "لكن من بنوا كل هذا الجمال بالتأكيد اكتشفوا بعض الأشياء التي لم نصل لها بعد رغم ازدهار علومنا لذا فهم أثاروا فضولي وإعجابي"
ابتسمت وتحركت تجلس بجواره ثم عادت تتأمل المكان من حولها وهي ترد: "أنا واثقة أنك بيومٍ ما ستبني أشياء رائعة.."
التفتت له بعدها وجدته يطالعها فأكملت: "انتظر وسترى أنت الآخر سيخلد اسمك مثلهم أنا متأكدة!.."

***
-:"الجو حار"
همس بها أكمل من خلفها فمطت شفتيها بملل بينما تلتقط بعض الصور هامسة: "طفل بكاء"
-:"لمعلوماتك سمعتك"
رد بها بغضب واضح فردت بلا مبالاة: "ولمعلوماتك لا أهتم"
التفتت له بعدها وهي تبتسم بسخرية مكملة: "انظر لنفسك لقد خلعت قميصك لا ينقصك سوى السير عاريا"
كان قد خلع قميصه بالفعل وبقي بفانلة بلون أسود تلتصق بجسده وقد أثار هذا غيظها لسبب ما والذي ازداد مع ملاحظتها لنفسها تختلس النظر له كن وقت لآخر وتتأمله دون سبب..
-:"لا مانع عندي"
قاطع سير أفكارها بتلك الجملة فلم تستوعب معناها في البداية لكنها تذكرت آخر ما قالته وأدركت ما يعنيه فتملكها الغضب بالذات مع رؤية تلك الابتسامة المغرورة والنظرة الواثقة تعلو وجهه لذا قررت قذفه بالكاميرا بمنتصف وجهه لكنها تذكرت أنها تحوي حصيلة صور اليوم بأكمله من الرحلة كما أنها ستحتاجها للمتبقي ببقائهم هنا.. فإن سامحها الجميع هي لن تسامح نفسها لو أصاعت الفيلم الذي يحوي تلك الصور.. لكنها مصرة على قذفه بشيء ما لكن في النهاية قررت تجاهله والتفتت لتغادر تاركة إياه والتفتت بالفعل لتتحرك وهو لحق بها ليرد باستهزاء: "ما المشكلة هل أكلت القطة لسانك أيتها المتوحشة"
ولم يكد ينهي جملته إلا ووجدت نفسها تلتفت لتسدد له لكمك بمنتصف وجهه رما أن تراجع ممسكاً أنفه قالت: "إن خدث وأكلته فلا مشكلة.."
نظر لها فرفعت كفها أمام وجهه وأكملت: "قبضتي أبلغ من ألف لسان"

**
كانت تشعر بالرعب.. لقد تاها عن الفوج بمكانٍ غريب.. ولا يمكنها الوصول لساندي كما لا ترى أياً منهم..
تلفتت حولها لتبحث عن هيثم ليجدا معاً مخرجاً من هذه الورطة لكن بلحظة تبدد كل الرعب واحتلها الغضب وهي تراه يقف مع فتاة شقراء بجوار أحد الأعمدة.. عضت شفتها بشدة حتى كادت تدميها لكنها أغمضت عينيها وأخذت نفساً عميقاً وأطلقته لتبعد الغضب وما أن فتحت عينيها وتأملتهما لثانية تذكرت أن تلك الفتاة كانت معهم بالرحلة برفقة رجلٍ أكبر منها ظنته والدها في البداية لكن ساندي صدمتها وأخبرتها أنه حبيبها ومع رؤيتها لميلها على هيثم وضحكهما معاً تلبسها الشر بالذات مع إبعادها لناظريها للجانب الآخر ورؤيتها لمرافق الشقراء يبحث عنها بالجانب الآخر من الطريق عندها ابتسمت بشر وتحركت تجاهه مباشرة وما أن وصلت خاطبته باللغة الانجليزية: "ابنتك كانت تبحث عنك.."
نظر لها باستغراب بينما يردد: "ابنتي!.."
أومأت له ببراءة بينما تشير لمكان وقوفها مع هيثم ومع نظره لهم قالت بهدوء: "أخبرت صديقي بهذا وطلبت منه رقمه الشخصي.."
بان الغضب جلياً على وجهه ثم سبها بخفوت قبل أن يتحرك نحوهم ويبدأ شجاراً معها انتهى بدفعه لهيثم ليسقط أرضاً ثم سحبها بحدة ليغادرا المكان ومع كل لحظة تمر تتابع بها الأحداث وتتسع ابتسامتها التي تجمدت مع التفات هيثم نحوها بانزعاج ثم نهوضه واقترابه منها ومع مرور تلك اللحظات تذكرت صورة ريم وساندي ليتفاقم غضبها فجأة مع مئات الأشياء الأخرى التي دفعتها للوقوف بثبات أمامه بينما يسألها: "ماذا فعلتِ؟"
بقيت تطالعه بهدوء قبل أن تبتسم بسخرية وهي ترد: "لقد فعلت ما تستحقه أيها المنحل.."
ارتفع حاجباه بدهشة قبل أن يبتسم وهو يسألها: "وما الذي استفدته؟.. إن أفسدتِ موعدي مع تلك العصفورة أبحث عن غيرها.."
-:"سأفسدهم لك.."
توقعت أن تُصدم ويبدو أن هذا كان ما توقعه مع رؤيتها ذهوله الذي تبع تلك الجملة وقد أصابها هي الأخرى للحظة لكنها لم تكترث بالسؤال عما أصابها فقد اقتربت منه وأكملت بحدة: "سأفسد كل مواعيدك.. وسأحطم كل عصافيرك أقسم بهذا.."
بقي يطالعها بذهول قبل أن يبتسم ثم فجأة نزع عنها نظاراتها الطبية.. أصابتها الصدمة فلم تتحرك بالبداية قبل أن تلحظ تحول ابتسامته لأخرى قاسية وشريرة وهو يتقدم منها فتراجعت حتى اصطدمت بالعمود الضخم وبالثانية التي قررت فيها الهروب من أمامه استند بذراعيه على العمود ليحاصرها ثم انحنى يقترب منها حتى أصبحت عاجزة عن التنفس من شدة قربه..
-:"لدي اقتراحٌ إذاً.."
قالها بخفوت وهو لازال يقترب منها حتى أصبح على بعد إنشٍ واحد من فمها ثم نظر لعينيها وهو يكمل: "واعديني لتلهيني عن الصيد.."
***

Continue Reading

You'll Also Like

153K 5.9K 31
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...
934K 75.2K 74
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...
4.9M 147K 102
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
240K 12.7K 25
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...