رسالة من فتاة مجنونة-الفصل التاسع

154 15 2
                                    

أيها العالم.. أنصت لنا..
افتح دفتر أيامك.. وافسح لنا..
لقد وصل المتشردين..
أصحاب الهمم.. المراهقين..
قل ما شئت عنا.. لكن لا تنكر..
أنت متشوق لسماع قصصنا..
ونعدك سنجد ما يسرك..
فكلاً منا متشبث بحلمه..
*****

-:"حسنا"
قالتها ريم بينما تلتفت لهم قبل أن تكمل: "لندخل ونبحث عنها"
-:"لا أظن أنها فكرة جيدة"
التفتوا جميعا لفادي الذي أكمل: "علينا فقط مناداة أحد الراشدين"
التفت لهم هيثم قائلا: "لنتجاهل ما قاله هذا الجبان.. ولنركز على إخراج تلك الفتاة والعودة للمباراة"
-:"هااااي لم تحاولون إيقاعنا بالمتاعب؟!"
قالها فادي بعصبية فرد أكمل: "لم لا تعترف أنك جبان وحسب"
فتح فادي فمه ليرد.. لكن أكمل اعترضه: "أنا لا أسألك رأيك يا هذا"
ثم التفت لهم قائلا: "لندخل ونحضر تلك الفتاة.. ثم نخرج ونعود للنادي"
-:"الأمر ليس بهذه البساطة"
مط أكمل شفتيه بانزعاج ونظر لمؤمن بينما رد فادي: "أخيراً شخص يفكر"
اقترب أكمل من مؤمن وسأله بسخرية: "ما الأمر مؤمن.. هل أنت خائف؟"
لم يلتفت له مؤمن ونظر لمالي قائلا: "هاي.. أنتِ ستنتظرين هنا"
-:"لماذا؟!"
سألت بانزعاج فرد: "أريدكِ أن تحمي ظهرنا.. حتى إن حدث أي شيء تستدعين المساعدة اتفقنا"
كان يخاطبها بلطف أخجلها.. لكنها عقدت ذراعيها وقالت بمكابرة: "أنتم الخاسرون.. كنت سأساعدكم بإيجادها سريعًا"
ربت مؤمن على رأسها ورد: "أنتِ تفعلين الآن"
ثم التفت ينظر لريم التي قالت تستبقه: "سآتي معك ولا تحاول منعي"
-:"أنا أيضا"
ردت بها إسلام فقال هو ببرود: "لست بحماقة الجدال معكما"
ثم التفت لفادي قائلا: "يمكنك البقاء مع مالي إن أردت"
ثم تحركوا جميعا نحو البناية.. بينما إسلام تسأل ريم بخفوت: "ترى لِم اختارت هذا المكان دوناً عن كل الأماكن؟"
التفتت لها ريم فأكملت: "أعني.. أنتِ تعلمين بالتأكيد ما يقصونه عن هذه البناية.. جميعنا نعلم.."
-:"ربما لأنها غريبة أطوار!"
التفتت ريم لأكمل بينما يقول: "هذا ليس مكاناً للبشر العاديين"
-:"يا لك من مزعج!"
همس بها هيثم فضربه أكمل على ذراعه.
-:"ربما هي لا تريد أن ترى أحد"
التفتوا لريم التي كانت تنظر للبناية بينما تكمل: "أو لا تريد أن يراها أحد"
-:"هاااي المدخل من هنا"
انتبهوا جميعا لمؤمن واقتربوا بسرعة من المدخل.. الذي كان عبارة عن جزء منهار من أحد جدران المنزل.. نظروا جميعاً للداخل بارتياب.. وبلحظة هبت رياح غريبة من الداخل لتلفحهم جميعا.
-:"هذا لا يبدو آمنا"
كانت تلك الجملة القلقة من فادي الذي فاجأ الجميع بوجوده ما أن التفتوا لكن أكمل رد بسخرية: "يمكنك البقاء خارجاً نحن لم نكن ننتظرك"
شعر فادي بالحرج وقال سريعاً: "أنا أعني الجدار المنهار وحسب.. لست خائفا"
-:"بالطبع"
قالها أكمل بسخرية بينما يخطون للداخل يبحثون عن المدخل الرئيسي للبناية..
*****
&&&
-:"نيشيدا عليكِ الانتباه للدفاع أكثر.. لا تهاجمي إلا عند الحاجة"
نظرت للكابتن باستغراب فأكمل: "هم الآن سيحاولون الهجوم بكل طاقتهم.. وأنا أريدكم أن تستغلوا تلك الثغرة.. الفرقة جميعها للهجوم عدا سان ومنة اتفقنا؟"
-:"حسنا"
ردوا بها جميعا ثم التفتت ساندي تلتقط زجاجة مياه لتشرب قبل بداية الشوط الثاني.. لتجد نفسها بمواجهة ريهام.. شعرت بنفسها تتجمد لثوانٍ ولم تفق إلا مع تلك الابتسامة التي زينت ثغرها.. وقبل أن تسألها اقتربت وقالت بصوتٍ عالٍ: "أخيرا عثرت على شيء تبرعين فيه"
تلفتت ساندي تنظر حولها بخوف.. تبحث عن أي أحد لينقذها من تلك المعتوهة.. لكن فجأة وجدت كفها يمسك برأسها.. وهي تقترب وتنظر لعينيها قائلة: "لا شيء يمكنه إنقاذكِ مني"
ابتلعت لعابها وحاولت إبعاد يدها.. بينما تسمع همسات من حولها: "ليفعل شخص ما أي شيء"
-:"أليست هذه ريهام ابنة عائلة مندور"
-:"لا يمكننا التدخل.. ليستدعي أحد ما المدرب"
لسوء حظها كان المدرب يتحدث مع الحكم بأمر ما.. كان عليها أن تقول أي شيء لتحاول إبعادها عنها.. لكن كل ما كانت تفعله كان التخبط ومحاولة الابتعاد وحسب.
-:"تلعبين شيئاً قبيحاً مثلك"
فتحت عينيها تنظر لها بينما تكمل: "رياضة تلائم مسخا مثلك.. لستِ بولد ولن تكوني أبدا فتاة"
-:"كفى!"
همستها برعب بينما تعاود غلق عينيها.. متمنية أن تختفي أو تستيقظ من هذا الكابوس..
-:"لن أسامحك على ما فعلته يا سوداء القلب والبشرة.. وأعدك لا أحد سينقذكِ مما سأفعله بكِ"
شعرت بيدها تترك رأسها وتمسك بإحدى ضفيرتيها.. ثم صوتها يهمس بجوار أذنها: "هذه المكنسة التي قصصتها عن شعرك لن تنفي كونك سوداء وقبيحة.. فقد ساهمت بجعلكِ أقبح"
كانت لا تزال صامتة ومغمضة العينين منكرة ما يحدث.. ولم تفتح عينيها إلا مع غياب تلك الهالة الخانقة التي تحيط بها.. رأتها عندها تبتعد لكن أنفاسها كانت لا تزال متسارعة.. وقلبها يؤلمها وترغب بالبكاء.. لم تكن تكترث لأيا ما كان يحيط بها.. فقط التفتت وركضت تخرج من المكان بأكمله.
&&&
دفنت رأسها بساقيها أكثر.. بينما تجلس بتلك الغرفة التي كانت دوماً تهرب إليها ما أن تشعر برغبة بالبكاء.. لكن منذ سنوات لم تكن تتمكن من البكاء حتى وحدها.. خلال صغرها كانت عندما تبكي لابد أن يراها أحد ويبدأ بالسخرية منها.. لذا توقفت عن البكاء وبدأت بالمشي مع المتنمرين.. أمثال ريهام حتى يبتعد عنها الجميع وحسب.. أصبحت عنيفة ولا تسمح لأي شخص بالاقتراب منها.. لكن أيا من هذا لم ينقذها.
سوداء البشرة.. المسخ.. غريبة الأطوار.. العنيفة.. الفتاة المسترجلة!
كل تلك الألقاب لم يتجرأ أحد على قولها بوجهها عدا ريهام وأكمل.. لكن الجميع كان يهمس بها.
جرحت مرفقيها بأظافرها وهي تحاول طرد كل هذا بعيداً.. كما طردت نفسها من المباراة ومن أمام كل البشر دون جدوى.. كانت تريد أن تعود لرشدها قبل أن تجدها مالي.. فهي الوحيدة التي تبحث عنها عندما تختفي.. لكن حركة خفيفة بجوارها جعلتها ترفع عينيها للخارج.. لم ترى أي شيء لكنها سمعت صوت حركة خفيفة بالخارج.. وعندها تنفست بعمق قبل أن تستند برأسها على الجدار وهي تقول: "أنا هنا مالي.. وجدتني كالعادة"
سمعت صوت ضحكة منخفضة في الخارج.. فابتسمت تغمض عينيها وهي تهمس: "لا داعي للتفاخر"
*****
:"كيف لفتاة أن تدخل مكاناً كهذا؟"
قالها أكمل بينما ينظر للمكان من حوله.. كان مليئا بالتراب بل التعبير الأقرب أنه تراب خرجت منه بناية.. كما كانت هناك بعض المقاعد والأثاث القديم المحطم بكل جهة.. تلفت هيثم حوله ينظر للأسقف المتربة.. والتي تتدلى منها أعشاش العنكبوت مع أشياء أخرى لا يعلم ماهيتها إلا الله بينما يرد: "لا أحب أن أكون مثلك.. لكنك محق"
-:"لها حق بكرههما"
همست بها ريم بينما يمروا من جوار السلم المؤدي للطابق الثاني.. فردت إسلام: "أكره طريقة حديثهما لكنهما محقين.. لم قد تختار مكانا غريبا كهذا"
التفتت لها ريم وكادت ترد.. لكنهما سمعا صوت حركة تصدر من نهاية الدرج.. فالتفتتا تنظران لأعلى قبل أن تسأل إسلام بخوف: "ما كان هذا؟"
:"ربما قطة؟"
ردت بها ريم ثم التفتت تنظر ناحية الصبيان.. لتجدهم قد تحركوا خلف الدرج.. وعندها شعرت بالملل من سماع حديثهم.. وسحبت إسلام تصعدان الدرج وهي تقول: "لنبحث عنها نحن بالأعلى"
لم تمنحها فرصة للاعتراض بل صعدتا الدرج للطابق الثاني.. وبدأتا الحركة في الرواق الطويل.. كانت أبواب الشقق كلها منتزعة.. لكن الظلمة كانت حالكة رغم وجود شبابيك منتزعة بكل جهة.. توقفت إسلام تبحث في حقيبتها وأخرجت هاتفها الصغير.. ثم فتحت الكشاف وعندها ابتسمت وقالت: "هذا أفضل أليس كذلك؟"
لم تتلقى رداً فتلفتت حولها تنادي بخفوت: "ريم؟"
****
كانت تنظر للأرض تتنفس بهدوء محاولة تمالك أعصابها.. هي الآن خسرت المباراة وخسرت احترام مدربها بالتأكيد.. كما هربت كالجبانة والأهم من كل هذا أنها لن تجرؤ على إخبار أي شخص بما حدث.. سيكون عليها البحث عن عذر أو كذبة مناسبة تخبر بها الجميع.. داعيةً الله ألا تخبر أي واحدة من فرقتها المدرب أو والدتها.
ابتسمت بسخرية بينما تنهض وتهمس لنفسها: "إنهم لا يهتمون بأمري ليخبروا أي شخص"
بدأت بنفض ثيابها بينما تتنهد قائلة: "هيا الآن مالي أعلم أنكِ بالخارج.. لا داعي لممارسة تلك الألاعيب"
تحركت للخارج وهي تكمل: "تعلمين أني لا أرتعب من مثل تلك الأشياء مال..."
وصلت لخارج الغرفة لتجد أن الباب مغلقا كما تركته.. تلفتت حولها لتجد أنها وحدها بالمكان.. فتنفست بملل وهي تقول: "هيا الآن مالي.. ليس الوقت الملائم للعب الغميضة"
*****
-:"أعني ما هو نوع الفتيات ذاك التي لا تخاف مكانا كهذا؟"
تنهد مؤمن بملل وهو يستمع للحمقى الثلاث.. فبعد سؤال فادي رد أكمل: "لا تظلم الفتيات بوصف تلك الشرسة بفتاة"
ثم رد هيثم: "أكره الاعتراف بهذا لكنكما محقين"
-:"ربما هي نوع يحاول الهرب منكم ببساطة"
قالها ثم التفت يكمل بحدة: "ولا أعلم لم يساورني شعور أنها هربت بسبب متنمر أو متنمرة يتفوه بذات السموم التي تنبثق من ألسنتكم"
انعقد حاجبي أكمل ورد: "أنا لا أتنمر أنا أقول الحقيقة"
ثم التفت لهيثم يسأل: "هل أنا أتنمر؟"
حرك هيثم رأسه ورد: "بعض الشيء صراحة"
هتف أكمل بانزعاج: "هااي أنت بصف من تقف؟!"
-:"بصف الحق"
-:"لا تتشاجروا رجاء!"
-:"اخرس فادي!"
:"شششششششششششششش!"
قالها مؤمن ليوقف حديثهم جميعاً.. ثم تجاوزهم عائداً للاتجاه ذاته.. ينظر حوله وهو يسأل: "أين ريم؟"
*****
-:"ريم أين أنتِ؟"
قالتها برعب وهي تتلفت حولها.. غير مصدقة أنها أضاعتها وضاعت هي الأخرى.. نظرت من حولها تتأكد بأنها سارت بالفعل باحثة عن الدرج.. لتهبط حتى وتعود للفتيان ليساعدوها في البحث عنها.. لكنها للصدمة والرعب لم تجد الدرج..
ابتلعت لعابها وهي تستند على أحد الجدران تهمس لنفسها: "اهدئي سولي.. اهدئي.. لابد أن الدرج هنا بمكان فقط.. أنتِ فقط تتهيئين عدم وجوده و..."
تجمدت بمكانها ما أن سمعت حركة تصدر من الباب المجاور لها.
:"أنا يُهيأ لي وحسب.."
همست بها مجددا لكن عاد صوت الاحتكاك يصدر بصوت أعلى.. فبدأ جسدها بالارتجاف وهي بالكاد تتمكن من التقاط أنفاسها.. ثم عادت تهمس: "أنا فقط يه..."
لم تكد تتم جملتها إلا ووجدت الصوت يعود بشكل أعلى.. وعندها أغمضت عينيها وهي تهمس ببكاء: "أنا... أنا..."
عاد الصوت مجددا وعندها أكملت بخفوت: "أنا سأعد لعشرة وبعدها سأصرخ!"
*****
: "أين ذهبتِ سولي؟!"
كانت تتساءل بحنق من نفسها.. فقد بقيت تسير دون التفات أو شعور بغيابها.. ثم التفتت فجأة لتجد أنها اختفت.. تلفتت حولها تبحث عنها كان الصمت فقط حولها.. وهو صمت لا ترحب به.. فقد كان صمتا يحمل الكثير من الضيق والخوف.
-:"يا لي من غبية!"
همست بها لنفسها.. بينما تستند على أحد قطع الأخشاب التي افترضت أنها كانت بالماضي مقعدا.. كان عليها البقاء بجوار مؤمن.. لا يمكنها السير هكذا ببساطة دون إخباره أين تخطو..
تنفست بعمق وكادت تتحرك لتعاود البحث عن سولي.. لكنها توقفت ما أن سمعت صوت ضحكة خافتة تصدر من خلفها.. التفتت سريعا تنظر لنهاية الرواق.. حيث كان بجانبها اليمين شقة مفتوحة الباب.. سمعت همسا غريباً دفعها لعقد حاجبيها.. ثم فجأة سمعت صوت صراخ عالي.. فالتفتت تهمس: "سولي!"
*****
-:"اللعنة على هذا مالي!"
همست بها بينما تخرج من آخر غرفة بالمنزل دون أن تجدها.. وقفت بمنتصف الصالة الرئيسية متخصرة وهي تقول بصوتٍ عالٍ: "لم يعد هذا مضحكا مالي.. اخرجي الآن!"
سمعت صوت الضحكات مجددا فالتفتت ناحية مصدره.. لتجده يصدر من الحمام ومن الضوء الخافت الصادر من الشباك داخل الحمام.. قبل  أن ترى ظلاً يتحرك فابتسمت هامسة: "وجدتك!"
ثم تحركت ببطء ناحية الحمام وهي تقول: "اخرجي الآن وسأسامحكِ مال..."
وصلت لباب الحمام ومدت يدها.. ثم دفعت الباب فجأة ودخلت بسرعة هاتفة: "وجدتكِ مال..."
توقفت عن الحديث ما أن وجدت المكان خاويا تماما واتسعت عيناها.. وبعد لحظات من التحديق أمامها بانشداه متذكرة سماع تلك الضحكات مع ذلك الظل.
:"مستحيل!"
همست بها وهي تتراجع ثم أكملت: "يستحيل أن أتهيأ..."
وقبل أن يتملكها الرعب سمعت صوت صرخة عالية.. فالتفتت تنظر للباب وهي تحاول التركيز.. كانت متأكدة من سماع ذلك الصوت من قبل.. ومع عودته تبينته وهمست: "سولي!"
ثم اندفعت راكضة نحو الباب.. وما أن خرجت ركضت دون تفكير لتصطدم بجسدٍ ما.. وعندها فقط صرخت قبل أن تفتح عينيها.. لتتبين أنها ريم التي كانت تصرخ هي الأخرى.. ثم توقفت ما أن رأتها.. وتنهدت براحة وهي تقترب منها وتقول: "حمدا لله أنكِ بخير!"
نظرت لها باستغراب قبل أن ترد: "ريم.. ماذا تفعلين..."
عاد الصراخ مجددا فالتفتت نحو الدرج القريب منهما.. ثم عادت تنظر لريم وقالتا بنفس الصوت: "سولي!"
ثم اندفعتا تهبطان الدرج.. وما أن نزلتا تلفتتا حولها لتجداها تجلس بأحد الجوانب.. مغمضة عينيها وهي تصرخ وتهمس بكلمات غريبة.. فأسرعتا تقتربان منها وما أن لمستاها عادت للصراخ فهتفت ريم: "اهدئي سولي!"
نظرت لهما وما أن تأكدت من وجودهما ابتسمت.. ثم التفتت لساندي وهمست: "حمدا لله أنكِ بخير"
نظرت ساندي لها ثم التفتت لريم التي تنفست بارتياح وهي ترد: "كنا قلقين عليكِ"
انحنى كتفيها وشعرت فجأة بالدموع تغزو عينيها بينما تهمس: "حقا؟"
كادت سولي ترد لكن عاد صوت الحركة مجددا.. فنهضت سريعاً تقول بخوف: "يا إلهي يا إلهي!"
وقفت ثلاثتهن بجوار بعضهن يستمعن لصوت الحركة.. ومع اقترابها تحركت ثلاثتهن تدخلن عبر أحد الأبواب.. ثم وقفن يتطلعن للخارج بينما ساندي تهمس: "كان دخولنا لهنا أسوأ قرار لقد حبسنا"
: "لم أجد الدرج من الأساس"
التفتت كلا من ساندي وريم لها بينما ردت ريم: "كان على بعد سنتيمترات منكِ إسلام"
التفتت تنظر لها ثم لساندي قبل أن تبتسم ببلاهة وترد: "هذا مستحيل.. أنتما بالتأكيد تمزحان"
عاد صوت الحركة يتكرر فأرهفت ساندي السمع قبل أن تهمس: "كأن شخصاً يجر شيئا على الأرض"
-:"المشكلة بماهية هذا الشخص"
قالتها ريم بينما يقترب الصوت.. فأكملت ساندي بينما يتراجعن: "أنا مشغولة بمعرفة ماهية الشيء الذي يجره أكثر"
وصل الشيء أخيرا لأمام الباب ليجدوه.. قط!
تنهدت إسلام براحة بينما التفت القط ينظر لهن.. ثم تحرك يدخل الباب المواجه: "مجرد قطة"
: "هذا ليس منطقيا!"
التفتت لساندي التي كانت تنظر للخارج برعب: "لا يعقل أن يكون القط هو من يصدر صوت الخطوات"
: "وأين الشيء الذي كنتِ قلقة بشأنه سان؟"
كان هذا الرد من ريم.. الذي أجبرها على النظر أمامها حيث اختفى القط.. والذي بدأ بإصدار صوتٍ عالي.. صوت لا يشبه أصوات القطط العادية.. وقبل أن تتمكن أياً منهن من فتح فمها.. تعثرت ثلاثتهن وسقطن للخلف على الأرض.. وبعد تأوه جماعي من ثلاثتهن سمعن صوتا ضاعف رعبهن.. صوت تحطم الخشب أسفلهن.. التفتن ينظرون لبعضهن بعيون متسعة.. قبل أن تهمس سولي: "آآآ أاااو.."
ثم فجأة بدأ الخشب أسفلهن بالتحطم.. فصرخن باللحظة ذاتها وتشبثن ببعضهن.. مع بدأ رؤية الطابق السفلي مع تحطم الخشب.
: "سنموت جميعا!"
هتفت بها إسلام فردت ساندي: "فكري بالجانب المشرق.. ربما نحن ميتين بالفعل"
التفتت لها إسلام وهتفت بغضب: "هل هذه فكرتك عن الجانب المشرق؟!"
تحطم الخشب تماما ولم يتبقى إلا لوح واحد.. يجلس عليهن ثلاثتهن وقد بدأ بالتحطم بالفعل.. وعندها صرخت ريم: "مؤمن.. أين أنت؟!"
-:"اللعنة!"
-: "تحرك أيها الأبله!"
-: "ماذا أفعل.. هااه ماذا أفعل يا أمي!"
-: "ريم تشبثي!"
كانت قد سمعت هذه الصرخات قبل لحظات من  الشعور بأنها تسقط.. فأغمضت عينيها تزامنا مع الصفير العالي الذي صم أذنيها.
فتحت عينيها بعد ثوان تتلفت حولها.. كان هناك بعض الآلام بجسدها لكنها لم تكن ميتة في الغالب.. سمعت صوت تأوه بجوارها.. فالتفتت لتجد أنها سقطت على مؤمن المستلقي أسفل منها.. وعندها تحركت لتجلس على الأرض وهي تنظر له بانشداه هامسة: "مؤمن!"
تحرك بعدها بتلقائية يمسك بكتفيها وينظر لها قائلا بتوتر: "أنتِ بخير.. هل أصبتِ.. هل هناك شيء يؤلمكِ؟!"
بقيت صامتة لثوانٍ فأحاط بوجنتيها وقال بحدة: "ريم أجيبيني!"
بقيت تنظر له ثم فجأة بدأت بالبكاء وهي تهمس: "لقد أنقذتني!"
تنهد بارتياح بينما هي أسقطت رأسها على كتفه وهي تبكي.. فسألها: "لم تبكين الآن؟"
كانت ساندي تراقب هذا المشهد بينما تستشعر جسدها الذي كان بخير قبل أن ترتاح بجلستها هامسة: "أنا حية"
-:"يا للهول عظام صدري تحطمت.."
سمعت هذا الصوت من أسفلها.. فالتفتت بالبداية دون اكتراث تنظر لصاحبها.. وكادت تعود لجلستها دون اكتراث.. قبل أن يصل لمخها أنه أكمل.. وعندها نهضت صارخة بصدمة.. قبل أن تحدجه بانزعاج وهي تهتف: "كيف تجرؤ أيها الوغد؟!"
بدأ أكمل بالنهوض وهو يهتف بأنفاس منقطعة: "كيف تجرؤين أنتِ على امتلاك عضلات فخذ بهذه القسوة؟"
ولم يكد ينهض إلا ووجد لكمة من قبضتها بمنتصف معدته.. وقبل أن يدرك وجدها تدفعه بساقها ليعود للسقوط أرضا.. بينما هي تهتف: "يا لك من عديم حياء.. أقسم بقتلك أيها المنحل!"
-:"لا تبدآ بالشجار رجاء"
همس بها فادي الذي لم يستطع التحرك من مكانه من الصدمة.. بل بقي واقفاً يحدق بالفتيات الثلاث بينما يسقطن.
: "سأقضي عليكِ أيتها الشرسة!"
قالها أكمل باختناق بينما ينهض فالتفت فادي لهيثم قائلا: "أوقف ذلك ال..."
توقف عن الحديث بينما ينظر نحوه.. فقام الأخير من مكانه وأزاح إسلام عنه.. التي كانت تنظر للفراغ بصدمة وفزع فسألها: "هل أنتِ بخير؟"
التفتت له دون رد فابتسم مكملا: "سأعتبر هذه نعم.. الآن عن أذنك لأفض الاشتباك"
:"أنا حية!"
همستها بينما تنظر.. وشعر أنها تسأله بطريقة ما فتنحنح يرد: "أعتقد أنكِ كذلك"
ابتسمت عندها وأغمضت عينيها تهمس: "شكرا لك يا رب"
أومأ لها وكاد ينهض.. لكنه تفاجأ بها تحتضنه وتسقطه أرضا.. فاتسعت عيناه بينما هي تهمس: "شكرا لك لقد أنقذت حياتي"
كان ينظر للسقف قبل أن يربت على ظهرها ويهمس: "أعتقد أني أنا من علي شكركِ"
نظرت له  باستغراب.. قبل أن تتحرك وتقف ثم تندفع نحو ساندي لتمنعها من الشجار مع أكمل.. كل هذا وهو ينظر لها بانشداه.. ثم التفت لفادي الذي كان ينظر له.. ثم التفت سريعا نحو مؤمن قائلا: "مؤمن امنعهما عن الشجار"
: "يا للإزعاج!"
قالها وهو ينهض ويساعد ريم على النهوض.. والتي ما أن أفاقت اقتربت من ساندي تقول: "سان هذا يكفي.. لا داعي للشجار لقد أنقذكِ"
-: "لم أطلب منه هذا ريم"
اقترب منها أكمل هاتفا: "يا لكِ من جاحدة!"
لكن هيثم أوقفه مع فادي باللحظة الأخيرة.. بينما ساندي تهتف: "من الجاحد يا عديم التهذيب؟!"
: "كفى كلاكما!"
توقفوا بالفعل مع هتاف مؤمن.. بينما أشار لساندي بيده قائلا: "سان دخلنا إلى هنا بسبب أننا قلقنا عليكِ.. جميعنا فعلنا.. عليك أن تكوني شاكرة.. كما أنه لولا اندفاعه لإنقاذك كنت بأقل تقدير ستكسر ساقك"
صمتت مع سماعها لما قاله.. بينما التفت هو لأكمل وقال: "وأنت توقف عن تلقيبها بهذه الكلمات وتوقف عن إزعاجها.. وإلا أقسم ستتلقى منها ومني اللكمات"
فتح أكمل فمه ليعترض فهتفت ريم: "كفى أكمل رجاء!"
تراجع حينها فوقف مؤمن بينهم وقال: "نحن سنعمل معاً لننجح معا.. ففشل أحدنا يعني فشلنا جميعا.. لذا لا تنمر من أي أحد على أي شخص"
استقامت ساندي وتنهدت بعنف كما فعل أكمل وردا بذات اللحظة: "حسنا"
: "من هناك؟!"
قفز الجميع من أماكنهم عدا مؤمن ما أن سمعوا تلك الجملة.. فالتفت ينظر للرجل الذي اقترب منهم قائلا: "ماذا تفعلون هنا أيها الأولاد؟"
تنفست إسلام براحة قبل أن تهمس: "حمدا لله.. أخيرا شخص ليس شبحا"
بعدها بدقائق كانوا يخرجون من المكان ذاته الذي دخلوا منه.
: "لا تعودوا إلى هنا مجددا"
التفتوا ينظرون للرجل الذي أخبرهم أنه البواب.. بينما ردت إسلام: "نعتذر عن الإزعاج سيدي"
-: "لم يتحدث بتلك اللكنة.. ولم يقف بالداخل المكان معتم؟"
-: "دعك منه.. لابد أنه غاضب لأننا أزعجنا أصدقائه"
-: "لا تذكرني"
همست بها إسلام بينما يخرجون جميعا بينما ردت ريم: "لم أتيتِ إلى هنا في الأساس سان"
نظروا لها جميعاً منتظرين ردها.. فاستجمعت شجاعتها لترد.. وقبل أن تفتح فمها قال مؤمن: "لا بأس"
ثم ابتسم فادي بهدوء مكملا: "المهم أنكِ بخير"
-: "أجل لكن ابحثي عن مكانٍ آخر غير هذا المكان"
رد به هيثم بمزاح فابتسمت.. بينما تنهد أكمل بملل ونظر لساعته ثم قال: "هيا الآن سنتأخر"
: "نتأخر عن ماذا؟"
سألت باستغراب فرد ببساطة: "عن المباراة.. الشوط الثالث سينتهي بعد قليل.. يجب أن تصلي قبل بدء الشوط الرابع"
قالت بحزن: "لن يسمحوا لي بالدخول على أي حال لذا..."
: "من هذا الذي لن يسمح لكِ؟!"
قالها بانزعاج قبل أن يكمل: "خالتي تمتلك حصة بهذا النادي.. بمكالمة واحدة سأنهي عمله"
كادت ترد قبل أن تسمع مالي تهتف: "ها هم هناك يا عم!"
التفتوا جميعاً لها ليصعقوا.. ليس من مالي بل من السائر خلفها.. كان هو الرجل ذاته الذي تركوه قبل قليل بداخل المنزل.
: "هل أنتِ بخيرٍ سان؟"
سألتها وهي تمسك يدها.. لكن هي كانت تحدق بالرجل الذي اقترب قائلا: "هل أصاب أحد منكم مكروهاً"
التفتوا جميعاً ينظرون للمدخل خلفهم.. وقد تهيأ لهم جميعا بذات اللحظة.. أنهم يرون الرجل ذاته بداخل البناية.. ينظر لهم بابتسامة واسعة ويهمس: "سحبت كلمتي.. عودوا لنمرح مجددا"
:"أنا يتهيأ لي بالتأكيد!"
همست بها إسلام ليرد هيثم: "جميعنا يتهيأ لنا سولي"
: "هل أنتم بخير؟"
التفتوا لمالي التي أكملت: "أنا خفت عليكم.. فبحثت عن حارس البناية"
ثم أشارت للرجل الذي بدا عليه القلق والخوف بالفعل بينما ينظر لهم.. ففهموا أنه فهم ما رأوه.. قبل أن يتنهد ويقول بعصبية: "يا للغباء.. ما الذي دفعكم لدخول المكان؟!"
بقوا يطالعونه بصدمة.. قبل أن ترد ساندي بصوت مبحوح: "أنا لدي مباراة علي اللحاق بها"
ثم التفتت لأكمل تردف: "وأنت أليس لديك شخص تود طرده؟"
نظر لها ثم للرجل ثم لها مجددا.. قبل أن يلتفت لمؤمن الذي تدارك صدمته وقال: "لنرحل"
ثم سحب ريم من يدها ودفع الجميع للسير وهو يقول: "لنرحل الآن.. لدينا مباراة"
*****
وقفوا جميعا ينظرون لساندي التي صممت عدم انتهاج طريقة أكمل بالتعامل.. كانوا يراقبون وقوفها أمام المدرب الذي كان يتعامل معها باستعلاء.. ويخبرها بصرامة أنها لن تكمل المباراة
-:"هذا سخيف"
همس بها أكمل بينما ينهض متجها نحو الملعب.. ثم قفز عن السور متوجها ناحية المدرب.. راقبته ريم بينما يسحبها خلفه ثم يتحدث مع المدرب بطريقة متعالية.. وما كادت تمر لحظات بعدها إلا وكان الرجل يبتسم ببلاهة ويومئ له بأدب ثم يغادر.
: "أراهنكم أنها ستضربه"
قالها هيثم فردت إسلام: "لا بالطبع لن."
ولم تكد تتم جملتها إلا ووجدوها تضربه بحدة بذراعه.. فهمسوا جميعا: "آوووه!"
***
كانت تبدو كلكزة عادية لكنها تعمدت جعلها بمكان الترقوة.. حيث تصبح أي ضربة مؤلمة.. وقد بدا عليه الألم ما أن التفت لها.. ناظرا بحنق وهو يكز على أسنانه: "احمدي الله أننا بمكانِ عام"
رفعت أحد حاجبيها وردت: "وماذا كنت ستفعل بمكان آخر يا هذا؟"
رفعت إصبعي الإبهام والسبابة بوجهه وأكملت بحدة: "صفر.. لا شيء كنت لتفعله!"
:"هل هذه هي الطريقة التي تشكريني بها؟!"
قالها بحدة بينما يقترب بوجهه منها.. فردت بذات الحدة: "علام أشكرك.. لقد أحرجت الرجل أمام فتاة بعمر ابنته"
:"الحق عليه هو يا حمقاء!"
قالها بصرامة أسكتتها بينما يكمل: "هذه ليست مباراة ببطولة.. وهو بالتأكيد عرف السبب بتركك المباراة.. كان الأولى أن يعاقب باقي الفريق لا أنتِ"
تراجع بعدها ووضع يديه بجيبي سرواله ثم أردف: "ركزي فقط على المباراة.. لن أقبل بخسارتك بعد كل هذا"
ثم تركها وغادر وهو متأكد أن أول ما ستقوله: "لن أفوز لأجلك أيها المتعجرف"
ابتسم عندها بسخرية ثم تحرك يتجه لمقعده.. وما أن جلس بدأت المباراة.. بذلت ساندي كل ما بوسعها خلال المباراة ونجحت مع فريقها بتحقيق الفوز.. ومع إطلاق صافرة النهاية نهضوا جميعا يصفقون ويهتفون لأجلها.. بينما هي ابتسمت لهم وأشارت بيدها قبل أن تقرر الاتجاه لغرفة الاستراحة لتبديل ثيابها.
: "ساندي"
التفتت لزميلتها التي أكملت: "سنذهب للاحتفال أتودين القدوم معنا"
كانت تتمنى الصراخ بوجهها أو مثلا صفعها.. واستخدام إحدى حركات المصارعة اليابانية.. ورفعها عن الأرض ثم إلقائها بعيدا.. لكنها تحلت بالصبر وبدأت بإخبار نفسها أنهن لسن أصدقاء ليدافعن عنها.. كما أنها لا تنتظر مساعدة أي شخص.
: "عفوا لكن لا يمكنني"
قالتها ثم ابتسمت تكمل: "رفاقي ينتظروني ولا يمكنني التأخر عنهم"
أغلقت خزانتها ثم التفتت تغادر وهي تقول: "أراكن لاحقا"
وصلت للبوابة الرئيسية لتجدهم واقفين بانتظارها.. بينما هيثم يحمل مالي على كتفيه فاقتربت تقول: "مالي لم أنتِ بهذا الوضع.. انزلي حالا"
عقدت ذراعيها وردت: "انهم يقدرون صنيعي.. على عكسك أيتها الجاحدة"
ضاقت عينا ساندي والتفتت لأكمل تنظر له بحنق.. بينما الأخير ابتسم بسخرية ورد: "حتى الفتاة الصغيرة تراكِ جاحدة"
كادت تنفجر بوجهه مجددا قبل أن تمنعها مالي هاتفة: "إياكِ وإزعاجهم.. لقد وعدوني أن نتنزه وسيشترون لي الحلوى أيضا"
: "اذهبي وحدكِ معهم إذاً!"
قالتها بعصبية وتحركت.. لكن قبل أن تصل للبوابة وجدت ريم وإسلام تقفان بوجهها.. ليرغماها ألا تتحرك بينما قالت ريم: "ساندي سنذهب لنشرب شيئا.. وربما نتناول الغداء معا"
: "وأنتِ ستأتين معنا"
ردت بها سولي بينما تعتقل ذراعها كأنها تفرض عليها الأمر الواقع.. وما كادت تعترض إلا ووجدت أكمل يقول: "لنذهب لفندق ال...."
:"ميزانيتنا لا تسمح بزيارة أماكنك الفارهة"
اعترضه مؤمن سريعا فرد أكمل: "سأدعوكم فلا تشغل بالك"
:"وفر أموالك لنفسك"
قالها بينما يتجاوزه ثم تحرك قائلا: "سنذهب لمكان عام ولا يدمر ميزانيتنا"
:"أنا أعرف مكانا"
قالتها مالي ثم جعلت هيثم ينزلها.. وتحركت نحو مؤمن الذي انحنى لها.. فاقتربت تهمس بشيءٍ بجوار أذنه.. وما أن ابتعد ابتسم قائلا: "عزيزتي.. أنتِ ذكية هذا ما كنت أنوي اقتراحه"
*****
بعد فترة من الوقت..
كانوا يتجمعون حول إحدى الطاولات القابعة بأحد نواصي الشوارع المطلة على البحر.. ومن خلفهم مقهى فاروق بتصميماته العتيقة المريحة للنظر.. ونوافذه المفتوحة ليصل رائحة البحر للجالسين داخله.. وداخله هناك حكاية أخرى.. فبكل ركن هناك صورة للملك المُطلَق اسمه على المقهى.. وهناك مذياع لطيف تنبعث منه أنغام شجية.. محملة بعبق الماضي الذي يملأ كل ركنٍ من المكان.
: "يا حبيبي.. يا حبيبي..  الليل وسماه ونجومه وقمره.. قمره وسهره.. وانت وأنا.. يا حبيبي أنا.. كلنا كلنا في الحب سوا..."
تلفت أكمل حوله للمكان ثم نظر لمؤمن وقال: "أنا منبهر"
:"لم؟"
رد بها فادي وهو يتلفت حوله بينما يكمل: "المكان جميل أول مرة أزور هذا المقهى.."
-:"أنا أيضا"
ردت بها سولي وهي تتحسس الجدار المجاور لها.. ثم ابتسمت تكمل: "التصاميم رائعة بحق"
رفعت مالي رأسها وقالت بغرور: "يجب عليكم شكري لقد كان اقتراحي"
ثم التفتت لمجموعة الصبيان وسألت: "لكن لم المقهى مسمى بمقهى الملك فاروق؟"
نظر كلا من أكمل وهيثم وفادي لبعضهم البعض ببلاهة.. بينما رد مؤمن بسلاسة: "كان هناك امرأة يونانية تمتلك هذا المقهى بعام 1928.. اسمها ماري بيانوتي.. بأحد الأيام كان موكب الملك فاروق يتحرك من هذا الشارع متجها إلى قصر رأس التين.. فوقفت هي بمنتصف الطريق مجبرة الموكب على التوقف.. ثم باغتت الملك وحرسه بعرض احتساء الشاي بمقهاها المتواضع"
اتسعت عيون مالي تزامنا مع فتح فمها بينما تهمس: "تمزح!"
ضحك بخفة وهز رأسه بنفي.. فالتفتت له بالكامل وهي تكمل: "وماذا فعل الملك؟. هل أعدمها؟"
ضحك بشدة ثم رد: "لا على العكس.. الملك ترجل من سيارته مع حاشيته وقبل دعوتها بلطف.. ثم دخل المقهى وطلب الشاي والأرجيلة أيضا"
ازداد اتساع عينيها بينما أكمل: "وقبل أن يخرج من المقهى منحها مبلغا ماليا لم يعرف أحد قيمته.. لكن الجميع علم أن باليوم التالي غيرت ماري اسم المقهى لمقهى فاروق.. وقامت بإعادة تصميم المقهى.. وأوصت بتصنيع رسوم نحاسية خالصة يدوية للتاج الملكي عند صناع مهرة في حي خان الخليلي بالقاهرة وقد كان كل هذا بمبالغ ضخمة بوقتها"
التفتت مالي تنظر للتيجان التي يتحدث عنها ثم قالت: "هذا لطيف جدا"
عادت تنظر له وسألت: "يمكننا مقابلة أحفاد تلك السيدة وسؤالهم عن مزيد من التفاصيل؟"
ضحك مؤمن بسخرية ثم انحنى قربها يقول: "عزيزتي صاحب القصة بنفسه غادر البلاد دون عودة.. فهل تتوقعين أن تبقى تلك السيدة الطيبة"
انعقد حاجبيها بعدم فهم فأكمل: "ماري باعت المقهى بمطلع الستينيات واختفت"
:"يبدو أنها لم تتحمل خسارة محبوبها"
قالها أكمل بسخرية فرد مؤمن: "أو قررت الفرار قبل أن تفقد كل شيء كما فعل الكثيرين وقتها.. كانوا يملكون نظرة بعيدة للمستقبل"
عادت ريم وساندي من الحمام.. حيث كانت ساندي تغتسل عندها وسألت ريم: "عن ماذا تتحدثون؟"
-:"عن ماري بيانوتي"
قالتها مالي بسعادة وكادت تكمل القصة.. لكن ريم ردت: "أوووه المتهورة الشقراء زرقاء العينين صاحبة المقهى السابقة"
انعقد حاجبيها باستغراب فضحكت ريم وقالت: "مؤمن أخبرني بالقصة"
-:"هذه أول مرة أسمعها أيضا لا تبتئسي مالي.. أظن أننا جميعنا نسمعها للمرة الأولى"
قالتها إسلام قبل أن ترد ساندي: "تحدثي عن نفسك"
التفتت لها إسلام بينما كانت هي تنظر لقائمة المشروبات وهي تكمل: "أنا لست جاهلة مثلكم"
-:"وها هي الآنسة الشرسة المتعجرفة تعود من جديد"
قالها أكمل بسخرية فرفعت عينيها له.. وكانت على وشك بدأ شجار قبل أن يتدخل فادي قائلا: "رجاء لا نريد شجار.. لسنا هنا لنتعارك"
-:"لنطلب ما سنشربه أولا"
قالها مؤمن وهو يشير للنادل.. ثم ابتسم لمالي يسألها: "ماذا أطلب للآنسة الصغيرة؟"
ابتسمت مالي بخجل.. قبل أن تحرك ساقيها بسعادة ثم ردت تقول: "أريد شرب الشاي كالملك"
ثم همست: "كم أتمنى شرب الأرجيلة مثله"
-:"مااااااااالييي!"
قالتها ساندي بتحذير.. فالتفتت لمؤمن تهمس: "أترى كم هي مملة.. لن تتخيل معاناتي!"
أومأ لها مدعيا التفهم.. بذات اللحظة التي وصل بها النادل فقال: "نريد اثنين من الشاي.. وفنجان قهوة باللبن من فضلك"
التفت لهم ليبدأوا بالطلب.. لكن إسلام سألت: "لمن القهوة باللبن؟"
ردت ريم: "لي سولي.. وأنصحك بها فهي لذيذة"
التفتت سولي للنادل وردت: "اجعلهم اثنين من فضلك"
-:"أريد قهوة سادة"
نطقت بها ساندي فنظروا لها جميعا باستغراب.. لكنها لم تلتفت فسأل النادل: "وماذا أحضر للشباب؟"
رد أكمل وهيثم بذات الصوت: "قهوة باللبن"
ثم رد فادي: "مياها غازية"
تحرك النادل ليعد الطلبات.. ومع ابتعاده قال مؤمن: "نحن علينا البدء بالتفكير بمشروعنا.. صحيح أن الوقت لازال طويلا لتسليمه.. لكن لا يجب أن نتقاعس"
:"أنا أؤيد هذا الرأي"
التفتوا جميعاً لهيثم فأكمل: "اسمعوا.. بعد ذاك الشجار الذي افتعلناه أعتقد أننا جميعا سنكون بمأزق إن لم نلتزم بتسليم ذاك المشروع بموعده"
فكروا جميعاً بكلامه وبدوا موافقين دون قولها.. وعندها اقتربت ريم من الطاولة وقالت: "إذاً ماذا سنفعل؟"
وعندها علا صوت صرصور الحقل.. ظلوا ينظرون لبعضهم البعض منتظرين أن يبدأ أيا منهم بالحديث.. مرت ثانية تبعتها ثوانٍ غرقوا بها بالصمت الذي لا يعترضه سوى صوت البحر.. قبل أن تنطلق ضحكة مالي المجلجلة.. التفتوا لها جميعا فقالت بين ضحكاتها بينما تشير لهم: "مظهركم يقتلني ضحكا"
كتمت إسلام ضحكتها وكذلك فعلت ريم.. قبل أن يقول مؤمن: "إذاً انصحينا"
نظرت له باستغراب فأكمل: "برأيك ماذا يمكننا أن نفعل"
ابتسمت مالي واقتربت بمقعدها من الطاولة ثم سألت: "المشروع عن التاريخ صحيح؟"
أومأوا لها فردت: "إذاً لم لا تزورون بعض المدن المصرية العتيقة.. سان تحكي لي دوما أن هناك مدنا ببلدنا مليئة بالآثار من مختلف العصور.. وأنها تعد ثروة قومية للبشرية بأسرها.. لذا لم لا تزوروا بعض تلك المدن.. وتجمعوا منها المعلومات والصور ثم تخططونها بطريقة معينة.. عرض شيق ربما أو مسرحية.. سيكون هذا رائعا"
كانوا ينظرون لها جميعا بتفكير.. قبل أن ترد سولي: "هذه فكرة رائعة.. لكن ستتطلب منا السفر وهو أمر غير ممكن الآن"
-:"بل ممكن جداً"
ردت بها ساندي قبل أن تقترب من الطاولة وتكمل: "أنتم تعلمون  أن عائلتي تمتلك شركة سياحية.. وهي تنظم رحلات مستمرة لمعظم المحافظات الهامة.. يمكنني اقتراح الأمر على أمي ومحاولة إقناعها.. عندها سيكون معنا مشرفين خاضعين لرقابة والدتي.. وهذا سيحل مشكلة أسركم على الأغلب"
فكرت ريم قليلا ثم التفتت لسولي.. فعادت ساندي تردف: "سأجعل أمي تقنع والدتك ووالدك"
:"لا أظن أن هناك شخصا يمكنه إقناع والدي"
قالتها سولي بشك.. فردت كلا من ساندي ومالي بالصوت ذاته: "والدتنا تستطيع"
ثم التفتت بعدها تنظر للجميع مكملة: "لكن لنستبعد قصة المسرحية.. أنا لن أمثل أو أرتدي أي شيءٍ سخيف"
: "ولا أنا"
رد بها أكمل فتجاهلته ساندي بينما تقول: "يمكننا البحث عن طريقة شيقة لعرض المعلومات وحسب.. لكن علينا توثيقها بالصور هذا سيكون رائعا"
وصلت المشروبات عندها وبدأ النادل بتوزيعها أمامهم ثم غادر.. فابتسمت مالي وهي تنظر لكوب الشاي بسعادة.. تاركة أحاديثهم عن مقترحات ما سيفعلونه جانبا.. ثم تذكرت شيئاً فأسرعت تقول: "هاااي أنتم.. أنا الملهمة لهذه الفكرة.. يجب أن تأخذوني معكم كل هذه الأماكن"
كاد مؤمن يرد لكن ساندي استبقته تقول: "لديك مدرسة"
ثم حركت حاجبيها بإغاظة وهي تكمل: "أمي لن توافق"
نظرت لها مالي شذراً قبل أن ترد ببساطة: "أنا يمكنني إقناع أمي أكثر منكِ"
التفتت بعدها لمؤمن متجاهلة حنق ساندي ثم أكملت: "عليكم الكتابة عن ذلك المبنى المرعب.. أنا واثقة من أنكم رأيتم أشباحه"
نظروا جميعا لبعضهم بأطراف عيونهم.. قبل أن يسألها أكمل: "من أين لكِ بكل هذه الثقة؟"
قربت كوب الشاي منها تتأمله وهي ترد: "كانت وجوهكم شاحبة.. بدوتم وكأنكم خرجتم من بيت الرعب للتو.. كما أن صديقتي بالمدرسة تسكن أمام تلك البناية.. وأكدت لي أنها مسكونة"
ثم نظرت لساندي بينما تكمل: "الحمقى فقط يخاطرون بدخولها"
قلدتها ساندي بسخرية فدفعت الجميع للضحك.. بينما أمسكت مالي بكوب الشاي ونظرت له قليلا.. ثم ارتشفت منه رشفة وبعدها عاودت النظر له وهي تهمس: "ربما هذا هو الكوب الذي شرب به الملك"
التفتت لمؤمن وسألت: "أليس كذلك؟"
أومأ لها فاتسعت ابتسامتها بينما تنظر لهم وتكمل: "عليكم أيضا الكتابة عن هذا المقهى.. والقلعة أيضا"
فكرت ساندي عندها ثم ردت: "بالنظر للأمر فلدينا مواد كثيرة نستند عليها بالبحث.. مؤمن لديه مهارة كتابة النصوص بصورة جميلة وسلسة.. وأنا يمكنني جمع المعلومات"
-:"يمكنني التلخيص"
رد بها فادي وأكمل: "إنه شيء سهل بالنسبة لي"
فكر هيثم قليلا ثم قال: "ويمكنني وضع لائحة بالأماكن التي سنزورها.. سأبحث عبر الإنترنت عن كل المعالم الخفية الغير مشهورة.. ونقدمها لوالدة ساندي"
رفع أكمل كفه ثم ابتسم قائلاً: "أنا أملك المال.. سأمنحه لكم بقدر ما تشاؤون"
نظروا له جميعاً بصدمة فسألهم باستغراب: "ماذا؟!"
:"أنا يمكنني تنسيق الألوان"
قالتها سولي ثم أكملت: "يمكنكم الاعتماد علي إن أردتم صنع أي لافتات أو لوحات.. أو ربما مجلة صغيرة.. لدي الكثير من الأفكار بهذا الشأن.. لكن أيضا يمكنني مساعدة فادي بالتلخيص"
:"وأنا سأساعد هيثم بكتابة الأماكن التي سنزورها"
قالتها ساندي فسألت ريم: "وماذا عني؟"
ردت ساندي: "ستساعديننا جميعا.. بما أنكِ الوحيدة التي لا تحمل ضغينة لأيٍ منا"
أحاطت سولي بكتفها وردت: "ستكونين سفيرة النوايا الحسنة الخاصة بمجموعتنا"
:"هذا الشاي رائع!"
هتفت بها مالي فالتفتوا لها جميعا بينما تتناول رشفة أخرى.. ثم التفتت لمؤمن وهي تكمل: "أنا واثقة أنه منحها الكثير من المال إكرامًا لهذا الشاي الرائع"
عادت ترتشف رشفة أخرى.. ثم نظرت لهم وأردفت بغرور: "وأنا بصفتي العقل النابض لمجموعة المتشردين.. سأكون موجودة دائما لفض النزاعات.. كما أني من ستقنع أمي بتلك الجولات السياحية.. التي بدورها ستقنع حضرة العقيد والد سولي والسيدة والدة ريم"
عادت تحتسي الشاي ثم أكملت: "ابحثوا عن طريقة لشكري.. وإياكم أن تكون بلا هدية"
نظروا لبعضهم البعض ثم قال هيثم: "ما رأيك بغزل البنات؟"
نظرت له فوجدته يشير لأحد البائعين المتجولين الذي يبيع غزل البنات.. وعندها صفقت بيدها وهتفت بحماس: "يااااااي.. هذا ما أتحدث عنه!"
******
: "إذاً هكذا مر يومك"
سألتها والدتها بينما تقفان معا وتغسلان الصحون.. فعادت تكمل حديثها معها: "لقد كان يوما رائعا"
ثم همست بداخلها: "باستثناء ذهابنا لذاك المنزل"
ابتلعت لعابها وهي تتذكر ما حدث.. ثم هزت رأسها بعنف.. لقد اتبعت نصيحة مؤمن بألا تخبرها عن ماهية المكان الذي اختفت به ساندي.. واكتفت بإخبارها أنهم بحثوا عنها ووجدوها تجلس على شاطئ قريب من المكان.
: "أتعلمين شيئا أمي"
قالتها وهي ترتب الصحون بمكانها فردت والدتها: "ماذا؟"
ابتسمت وهي ترد: "أنا لم أكن أبدا مسترخية وسط مجموعة من زملائي كما كنت اليوم"
التفتت لها واستندت على الحوض وهي تكمل: "كنت دائما أخاف من القيام بأي تصرف خاطئ.. صحيح أني لم أفلح أبدا في تحجيم رعونتي.. إلا أني كنت دائما أصاب بالحرج على عكس اليوم"
نظرت لها وردت: "أنا سعيدة لهذا.. فلطالما تمنيت أن تعثري على أصدقاء حقيقيين"
نظرت للفراغ أمامها.. وتذكرت ما كانت عليه سوزان ورفيقتيها السابقتين ثم همست: "نعم أتفهم كلامكِ الآن"
أسرعت تتشبث بذراعها وهي تقول بتملق: "أميييييييييييي..."
-:"لا تحاولي حتى.."
قالتها والدتها بصرامة ثم التفتت لها بجسدها تكمل: "لن يفيدكِ التملق.. لن تحصلي أنتِ ومؤمن على هدايا جده إلا بعد نجاحكم.."
*****
كان يذاكر على مكتبه وأمامه تجلس علياء ليساعدها بدرس الرياضيات.
-:"إذاً هل قضيت يوماً ممتعا؟"
رفع عينيه لها فأكملت: "كانت السعادة بادية على وجهك عندما عدت للبيت"
لم يكن يشارك من بهذا المنزل تفاصيل يومه ففي الغالب لا أحد يسأله.. وهو يمنع أي أحد من التدخل بحياته.. لكن سؤال علياء كان ودودا صحيح أن الفضول يملأه كذلك.. لكنها وعلى عكس شقيقتها ووالدتها.. لا تحاول السخرية منه أو التطفل عليه.
: "كنت مع زملائي وريم بمقهى فاروق اليوم"
رد بها بهدوء فقالت: "أنت تحب ذلك المكان.. أتذكر عندما أخذتني أنا وريم له بتلك المرة وأخبرتنا عن قصته"
كان هذا قبل بضعة سنوات وقد كانت صغيرة وقتها.. كونها تتذكر شيئا كهذا يدهشه..
-: "أتعلم لطالما ألح علي هذا السؤال"
عاود النظر لها فأكملت: "لم وصفت تلك المرأة بالمسكينة؟. أعني.. لقد قابلت الملك ونالت منه الكثير من المال.. ثم باعت ذلك المكان بمبلغ هائل بالتأكيد"
ابتسم بسخرية ورد: "طريقتها بالتعامل مع عطيته.. يجعلني أشعر أنها كانت امرأة رقيقة تحفظ فعل الخير.. وقد تأذى الرجل الذي منحها هذا المقهى الذي كانت تعشقه.. لذا بالتأكيد هي الأخرى تأذت.. ثم من أخبرك أنها باعته بمبلغ هائل.. لا أحد يعلم للآن كيف باعته وأين اختفت"
أطرق قليلا  ثم أكمل: "تلك القصة علمتني أن لا شيء يبقى على حاله.. قد تملك اليوم العالم وغدا ببساطة لا تملكه.. تخيلي أن تفقدي الشيء الذي تحبينه بشدة ظلما وقهرا.. هذا مؤلم"
تنهد ثم عاود النظر لها وجدها تنظر له باستغراب ممزوج بالألم.. ففهم أن المغزى من كلماته لم تصلها.. لكن حزنه وصلها ولهذا هي حزينة.. فابتسم لها ثم ضربها على رأسها بطرف القلم وهو يقول بجدية: "الآن لا تلهيني وعودي للدراسة"
ابتسمت بخفة فعاد للمذاكرة..
-:"لقد كانوا يتحدثون اليوم عن بيع البيت.."
عاد للنظر لها وانعقد حاجبه بينما تكمل هي: "أمي وخالتي شكرية كانتا تتحدثان عبر الهاتف هذا الصباح.."
*****
: "إذاً كيف سنقنع أمي؟"
كانت الشقيقتان مستلقيتين على فراش ساندي وتنظران للسقف ومع سماع مالي لهذا السؤال ردت: "عليكِ أنتِ وذاك الفتى ذو العيون الملونة أن تضعا برامج الزيارات.. ثم اتركي الباقي لي"
أومأت ساندي ثم انعقد حاجبيها والتفتت تسألها: "هل هيثم عيونه ملونة؟"
نظرت لها مالي بحنق واستغراب ثم ردت: "أنتِ حقا ميؤوس منكِ!"
عادت بعدها تنظر للسقف وهي تتنهد بينما تكمل: "وأجل عيونه زرقاء يا عمياء.. وعيون ذلك الفتى فاحش الثراء رمادية"
ربتت على شفتيها بأصبعها برفق بينما تفكر ثم أكملت: "أّذكر أن هذا كان لون عيون والدته"
زاد انعقاد حاجبي ساندي وهي تقول: "أنتِ تعرفين والدته أيضا؟"
: "لا فائدة!"
همستها مالي ثم ساد الصمت لثوانٍ قبل أن تسألها: "إذاً ألن تخبريني بما رأيتموه بداخل البناية؟"
تجمدت ساندي لثانية ثم ردت: "لم نرى شيئا.. لقد عثروا علي وخرجنا"
-: "أنتِ كاذبة فاشلة سان"
-:"وأنتِ طفلة لئيمة مالي!"
******
: "لنتفق على هذا"
قالها هيثم وهو يقف أمام أكمل: "توقف عن مضايقة تلك الفتاة"
: "لا لن أفعل"
قالها ثم تجاوزه متحركا نحو الثلاجة ليأخذ زجاجة من الماء البارد.. وما أن التفت وجد هيثم بوجهه يقول: "تلك الفتاة ذكية ويمكنها مساعدتنا و..."
: "ومتنمرة وجاحدة.. وتخال أن العالم تحت إمرتها"
قالها أكمل بحدة ثم أردف: "وهو ليس صحيحا.. وعلى أحد أن يخبرها ويثبت لها أن هذا ليس صحيحا"
تنفس هيثم بعمق وفتح فمه ليتحدث لكنه عاجله: "التقرب من تلك الفتاة الصغيرة لن يلجمها هيثم.. فلا تحاول.. لا شيء سيلجمها سوى مواجهتها وهو ما أفعله"
تحرك متجاوزا إياه مردفا: "أنتم ركزوا على هذا المشروع.. وأنا سأركز على عدم افتعال المشاكل مع..."
: "وعدم الاقتراب من ريم أيضا"
قاطعه هيثم فتوقف بمكانه والتفت له: "إن اقتربت منها.. لن تعجبك ردة فعل قريبها.. لقد ضرب حازم.. ولم يكترث لا لمنصب والده ولا لرفاقه.. لذا ابتعد عنها"
ابتسم له بسخرية ورد: "شكرا للنصيحة.. لكني لست حازم!"
*****
في المساء
كانت تراقبها وهي نائمة.. كم كانت تعشق تلك اللحظات التي تراقبها بها أثناء نومها..
انحنت تقترب منها وهمست: "كم تبدين جميلة.. أجمل من أي شيءٍ رأيته"
طبعت قبلة على وجنتها ثم تحركت ببطء تخرج من الغرفة.. وضعت شالاً ثقيلاً حول كتفيها وحملت صندوقاً متوسطاً بين يديها ثم خرجت من الشقة وصعدت الدرج.. وصلت للباب وطرقته بهدوء وما كادت تمر ثوانٍ إلا ووجدت أختها تفتح الباب..
-:"سامية.. هل أنتِ بخير؟"
سألتها بقلق فابتسمت ودخلت ترد: "لا زلت حية لمضايقتك يا فتاة.."
تحركت نحو غرفة الاستقبال وجلست على الأريكة فتبعتها شكرية وجلست بجوارها تقول: "ليُطل الله عمرك.."
نظرت لها ثم ابتسمت بسخرية وهي تكمل: "لكن لمعلوماتك أنا لم أعد فتاة.."
-:"ستبقين فتاةً بالنسبة لي.."
قالتها ثم وضعت الصندوق بينهما فنظرت له شكرية وسألتها: "ما هذا؟.."
-:"مستقبل أمانتك!"
******
مساء الخير
بعتذر عن التنزيل امبارح لظروف خاصة
أتمنى متنسوش اللايك والدعم يا حلوين ورمضان كريم 😍❤

رسالة من فتاة مجنونة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن