رسالة من فتاة مجنونة-الفصل الحادي عشر

139 12 4
                                    

اللحظة التي تأكدت بها أني لن أنال الراحة إلا بقربك..
كانت ذات اللحظة التي أدركت بها أني أحبك..
****
الأحياء مادة للحفظ!.. وهي تكره الحفظ لهذا اختارت الشعبة العلمية.. إذاً لم عليها دراسة مادة تتطلب الحفظ؟!..
كان هذا ما تفكر به بينما تنظر للسؤال الغبي الذي ذاكرته صباح اليوم.. هي متأكدة أنها ذاكرته لكنها لا تذكر الإجابة..
أغمصت عينيها وضمت كفيها معاً وهي تهمس: "هيا ريم.. تذكري فقط أول كلمة وبعدها ستتذكري باقي الإجابة.. هيا.. هيا.."
-:"ريم.."
فتحت عينيها ونظرت للمعلم الذي بدا عليه الغضب بينما يكمل: "توقفي عن الحديث مع زميلتك وركزي بالاختبار.."
التفتت تنظر لساندي ثم لإسلام قبل أن ترد ثلاثتهم بذات اللحظة: "لم نتحدث لبعضنا.."
ثم أكملت ريم: "كنت أحاول تذكر الإجابة.."
-:"إذاً تذكريها بصمت.."
قالها المعلم فعادت تنظر للورقة وهي تدمدم بسخط ثم تنفست بعمق قبل أن تعاود النظر للسؤال وهي تفكر بما ستفعله.. لا يمكنها تذكر الإجابة إذاً لن تجيب السؤال بالتالي ستخسر خمس درجاتٍ كاملة وبهذا ستتسبب بإفساد خطة ساندي والأسوأ أنها ستُحرَم من فرصة زيارة تلك الأماكن الساحرة التي حكت لها ساندي عنها..
ضمت كفيها معاً أسفل المكتب وهي تهمس لنفسها: "هيا ريم.. رجاءاً.. رجاءاً تذكري.."
-:"البناء الضوئي هي عملية تكوين المواد الكربوهيدراتية..."
-:"عن طريق الماء والطاقة الضوئية..."
كانت ساندي من قالت الجملة الأولى وما أن سمعت همسها تذكرت الإجابة فوراً وبدأت بالكتابة بابتسامة سعيدة.. وبعد مرور ربع الساعة بدأ الأستاذ بأخذ أوراق الإجابة وما أن سلمت ورقتها تنهدت براحة والتفتت تنظر عبر النافذة وهي تهمس: "أتمنى ألا أخذلكم.."
مع رنين جرس الاستراحة تحركوا جميعاً للخارج متجهين نحو مكتبة المدرسة والتي بالبناية الإدارية.. احتضنت ريم ساندي وقالت: "لقد انقذتني.."
التفتت لها فأكملت: "لولاكِ ما كنت لأتذكر الإجابة أبداً.."
ابتسمت لها وهزت رأسها بنفي بينما ترد: "لم أفعل أي شيء.. لقد بذلتِ قصاري جهدك بالدراسة وكنتِ بحاجة لدفعة بسيطة وحسب.."
ثم نظرت أمامها وهي تسأل: "لكن أنا استغربكِ حقيقة.. أنتِ ذكية للغاية.. لماذا تكرهين المذاكرة إذاً؟.."
ردت ببساطة: "لا أكرهها.. أنا فقط يصيبني الملل سريعاً لذا من الصعب أن التزم.. مؤمن يعاني معي بسبب هذا.."
-:"لا أحد يحب الدراسة.."
التفتتا لسولي التي كانت تنظر لهاتفها بينما تكمل: "لا أحد يطيقها كلنا مضطرين عليها.. لولا تهديد والدي لي بالزواج من ابن عمي الذي أكرهه بقدر كرهي لوالدته ما كنت لأذاكر أبداً!"
ضحكت ساندي باستهزاء وهي ترد: "تحدثي عن نفسك.."
التفتت إسلام نحوها ثم سارت أمامها بينما تنظر لها وهي تسأل: "إذاً أخبريني يا عاشقة الدراسة ألا توجد مادة تكرهينها بشدة وتتمنين اختفائها؟.."
رفعت عينيها بضجر فأكملت عنها: "لا تحاولي الإخفاء.. أنا أعلم كم تكرهين الكيمياء بسبب المعادلات والرموز.."
هزت كتفيها بلا مبالاة وهي ترد: "وما العيب بهذا؟.. ثم إن كرهي لها لا يعني أني أكره الدراسة!.."
التفتت سولي تسير باستقامة بينما تقول: "أراهنكِ أنكِ أثناء الدراسة تصابين بالضجر وتتمنين لو أنكِ تصبحين بمكانٍ تحبينه.. كملعب كرة اليد مثلاً.. أو حتى بتلك البناية المخيفة التي تحبينها.. أراهنك أن هذا ما يحدث.."
ضاقت عينا ساندي بينما تسألها: "كيف عرفتِ هذا؟"
-:"لأن هذا ما يصيبني ويصيب ريم ويصيب الجميع.."
قالتها ثم التفتت لها ريم لتكمل عنها: "لستِ كائناً فضائياً هذا ما نحن عليه جميعاً.. حتى مؤمن أحياناً يمل ويقرر ترك الدراسة والقيام بأي شيء آخر برفقتي.."
ثم أكملت سيرها هي وإسلام بينما وقفت ساندي تحدق بأثرهم بذهول وصمت وهي لا تصدق ما قالته.. هل سمعتها بالفعل تخبرها ببساطة أنهم متشابهون.. دوماً كان العكس هو ما يحدث.. كانت دوماً تحاول أن تثبت للجميع أنها تشبههم وأن لون بشرتها وطول قامتها وطريقة حديثها واهتماماتها هي مجرد صفات تحملها.. لكن في الحقيقة هي فتاة عادية مثل الجميع.. تتشاجر مع والدتها أحياناً ولا تستسيغ فكرة أنها مسئولة عن شقيقتها الصغرى وحتى الدراسة تمل منها وتكرهها أحياناً..
لكن تلك النظرات.. تلك النظرات دوماً كانت تخبرها العكس..
تخبرها أنها المسخ الذي يخافون منه.. ولا فائدة من محاولة إثبات العكس..
أغمضت عينيها وهي تتسائل بداخلها: "لم هما مختلفتان؟!"
-:"هااااي.."
عادت للواقع تنظر نحوهما فأشارت لها إسلام: "هيا فالشباب ينتظرونا بالمكتبة"
وعندها وجدت نفسها تبتسم وهي توميء.. هي لا تهتم للسبب ولا تهتم لنظرة أي شخص لها.. لقد عثرت على أشخاص يتفهمونها ويعاملونها كفتاة عادية وهو ما يهم الآن.. ومع هذا الهاجس ركضت نحوهما وأحاطت كتفيهما وهي تقول بمرح: "لم لا نتناول البيتزا بعد المدرسة؟"
ابتسمت ريم لكن سرعان ما تجهمت بينما ترد: "لنجعلها بيومٍ آخر فأنا لا أملك المال.."
-:"يمكنها دعوتنا.."
قالتها إسلام وهي تضرب ساندي على ظهرها مكملة: "أنتِ تملكين الكثير من المال.."
ضحكت ساندي وقالت: "مظهركٍ الخارجي لا يشابه شخصيتك سولي.. من الداخل تشبهين المتشردين بالفعل.."
ضاقت عينا إسلام قبل أن تعاود ساندي ضمهما وهي تكمل: "لكن لا بأس كنت أنوي دعوتكم على أي حال.."
**
-:"أنت مبدع يا رجل.."
قالها هيثم بينما يضع ذراعه على كتف مؤمن ثم يكمل: "لقد أنقذتني بشرحك أقسم أني مدينٌ لك.."
-:"أقدر شكرك على مجهودي المضني بمحاولة إفهامك أنت والأحمقين من خلفك.."
قالها مؤمن ثم رفع عينيه عن الكتاب والتفت له يكمل بتحذير: "لكن أنزل يدك عني ولا تلمسني مجدداً بها إن كنت بحاجتها.."
رفع هيثم يده فوراً ورد: "لا لا داعي فأنا بحاجتها بالفعل.."
ثم ابتسم بمشاكسة وهو ينظر لإحدى العاملات بالمكتبة التي كانت تبتسم له بدورها بينما هو ركز نظراته على بنطالها الضيق مكملاً: "للكثير من الأشياء المسلية حقيقة.."
-:"يا لكم من مجموعة منحرفين.."
همسها مؤمن وهو يعاود النظر للكتاب بينما رد أكمل: "لا يمكن لهيثم رفض طلب الآنسة اللطيفة بنهاية الرواق.. هذا ليس من شيم الرجال.."
ابتسم مؤمن بسخرية وهو يقول: "أجل أنا واثق من تعلمكم شيم الرجال تلك بإحدى الملاهي الليلية.."
كتم فادي ضحكته بصعوبة بينما تمطأ هيثم وهو يقول: "لنغير الموضوع.."
-:"أجل أين تلك المتوحشة؟.. لم تأخرت؟"
رد بها أكمل فقال مؤمن: "يبدو أنك لم ترتجع رغم ما نلته منها.."
كان هيثم من ضحك تلك المرة بينما حدج أكمل مؤمن بسخط وهو يرد: "أود رؤيتك تحاول ترويضها.."
-:"سان ليست حيواناً لأروضها!.."
قاطعه مؤمن بينما يلتفت له ثم أكمل بحزم: "إنها فتاة مهذبة وصالحة.. تهتم بنفسها وتحافظ عليها كما تحافظ على من حولها.. عصبية ومندفعة ربما لكنها ليست فتاة سيئة.. وهذا النوع من الفتيات دائماً يضع حدوداً لأمثالك لذا ليس من الغريب أن تكرهها.."
ابتسم بسخرية وسأله: "لم أنت مهتم بها لهذه الدرجة؟"
-:"ما يهم ريم يهمني.."
رد ببساطة ثم عاد ينظر للكتاب وهو يكمل: "كما أني لا أطيق التنمر لذا الأفضل لك أن تتوقف عن إزعاجها.."
كاد أكمل يرد لكن فادي أسرع يهمس: "توقفوا الآن فقد أتوا.."
توقفوا بالفعل ولم تكد تمر لحظات إلا وكانت الفتيات الثلاث قد حضرن وجلسن أمامهم..
-:"عذراً على التأخير.."
قالتها إسلام بينما ردت ريم: "أتمنى أنكم لم تتشاجروا كالعادة.."
ثم التفتت لفادي الذي نظر لها ثم لهم بتوتر قبل أن يعاود النظر نحوها وهو يقول: "أنا لم أفعل أي شيء.."
ابتسمت له ريم ثم التفتت لساندي تسألها: "إذاً سان كيف حال إقناع والدتك؟.."
تنفست ساندي بعمق وهي عقدت ذراعيها ووضعت ساقاً فوق الأخرى بينما تنظر لهم جميعاً ثم قالت: "لدي أخبار جيدة وأخرى سيئة.."
نظروا جميعاً لبعضهم ثم سألت إسلام: "ماذا حدث بالضبط؟"
عضت شفتيها ثم بدأت تخبرهم بكل شيء بداية من حديثها مع مالي ثم محاولتهم إقناع والدتها..
&&&
وقفتا خلف باب المكتب تنظران لوالدتها المنهمكة بعملها ثم نظرتا لبعضهما بخوف وتوتر..
-:"أنتِ أولاً"
همست بها ساندي فشهقت مالي بخفوت قبل أن تسأل: "ولم أنا؟!"
تخصرت ساندي وهي ترد: "أنتِ من قال أن بإمكانكِ إقناعها بثانية هنا"
-:"وأنتِ هي الأخت الكبرى هنا.."
-:"أنا كنت أنتوي محاولة إقناعها بعدة طرق وقد طلبتِ مني تخطيها والمواجهة فوراً"
-:"ومن طلب منكِ أن تستمعي لي؟.."
ردت بها مالي فوقفتا تتحديان بعضهما بالنظرات وقد كادت ساندي تفوز لولا نداء والدتها: "كفاكما وادخلا معاً"
اتسعت عيناهما لثانية ثم التفتتا تنظران للباب النصف مغلق قبل أن تدفعه مالي وتدخل الغرفة تتبعها ساندي.. كانت والدتهما لا تزال منكبة على عملها قبل أن تسمعاها تقول: "كم مرة علي أن أخبركما.. إن كنتما مضطرتين للشجار ولا تريداني أن أسمع على الأقل لا تتشاجرا أمام باب الغرفة التي أجلس بها.."
وقفتا أمام المكتب وكلتاهما تشعران بالبلاهة قبل أن تقول مالي: "أنا صغيرة على فهم هذا.."
ضاقت عينا ساندي بينما انفجرت والدتها ضاحكة قبل أن تنظر لها وترد: "أنتِ تفهمين كل شيء يا محتالة.."
نظرت لهما وجلست باعتدال ثم أكملت بحدية: "الآن اجلسا.."
نفذتا الأمر بطاعة بينما مرت ثواني كانت والدتهما تتفحصهما بها وحسب قبل أن تعقد كفيها وتقول: "إذاً ما سر ذلك الجدال بالخارج؟"
التفتتا تنظران لبعضهما ثم تنفست ساندي بعمق وعاودت النظر لوالدتها وهي ترد: "كنا نود أخذ رأيك وإذنك بأمرٍ ما.."
-:"وما هو؟"
سألتها والدتها وبالرغم من خوفها أن ترفض فيتسبب هذا بفشل مسعاها كما ستكون قد أخلفت وعدها لزملائها وعندها لن تلومهم على كرهها للأبد إلا أنها قالت بهدوء: "تعلمين أمي أن مشروعي أنا وزملائي عن التاريخ.. لقد فكرنا كثيراً بفكرة للمشروع وتوصلنا لواحدة بالفعل.."
مدت يدها بورقة مفصلة بالمدن التي عليها هي وزملائها زيارتها بينما تكمل: "فكرنا بالذهاب برحلات ميدانية لبعض المدن السياحية لنتمكن من جمع المعلومات عن أهم معالمها وعرضها بصورة مميزة أمام المعلمين.."
نظرت والدتها للورقة بإمعان قبل أن تنظر لها ووتسألها: "وما حاجتكم للسفر؟.. يمكنكم جمع المعلومات من الشبكة.."
-:"لن يكون هذا مميزاً!"
ردت بها ساندي ثم أكملت مالي: "لا أحد يصف جمال شيء كشخصٍ تذوقه ولامسه بالفعل.."
نظرت لها بصدمة قبل أن تغمض عينيها.. تذكر أن تلك كانت إحدى الجمل التي ألقتها على مسامعها بإحدى المرات وبهذا تكون قد استخدمت جملتها ضدها فابتسمت قائلة: "غلبتني أيتها المحتالة.."
ثم تنفست بعمق قبل أن تكمل: "حسناً سأفكر بالأمر.."
&&&
نظروا جميعاً لبعضهم ثم لساندي بينما سألت إسلام: "هل هذا يعني أن والدتك رفضت؟"
-:"إن كانت سترفض لقالتها ببساطة.. أمي صريحة وواضحة والرفض عندها يكون لأسبابٍ مقنعة.."
ردت بها ساندي لتجد أنهم لازالوا على حيرتهم فأكملت: "اسمعوا معنى قولها (سأفكر) أنها في الغالب ستوافق وستجد طريقة لإقناع عائلاتكم وهذا هو الخبر الجيد.."
-:"والسيء؟"
سألها أكمل فرفعت أصابعها تعد على يديها بينما ترد: "واحد.. مالي لن تتركنا لثانية وإن فكرنا في يوم أن نخرج أو نتنفس بدونها ستفسد كل شيء بطريقتها الخاصة.."
لم يبدو على أيٍ منهم القلق بينما نظر أكمل لهيثم وقال: "إن سألتني فأنا أفضل التعامل مع الصغيرة عنها.."
لم يكد يتم جملته إلا وكانت قدم سان تضربه بعنف من أسفل الطاولة فكتم تأوهه بينما يطالعها بغيظ وهي تبتسم وتكمل ببساطة: "اثنان وهو الأهم.."
التفتت تنظر لهم جميعاً بينما تردف: "أمي ستعاقبنا جميعاً إن فشلنا.. وأنا أعني تعاقبنا حرفياً.."
صمتوا جميعاً قبل أن يقول هيثم: "لقد بدأت أخاف من والدتك سان.."
-:"لا يجب علينا أن نخاف.."
ردت بها ساندي قبل أن تنحني على الطاولة وتكمل بخفوت: "علينا أن نرتعب.."
*****
بعد انتهاء اليوم الدراسي
عادت للمنزل وهي تشعر بسعادة غامرة.. لقد ساعدها مؤمن كثيراً بالاستذكار لأجل ذاك الاختبار لذا الأفضل أن تعِد له شيئاً يحبه..
-:"أمي.. احزري من عالمة الأحياء المستقبلية"
هتفت بها وهي تخلع الحذاء قبل أن تكمل: "هل لدينا مكونات صنع الرقاق الملفوف أمي؟.."
كانت قد خلعت الحذاء وألقت الحذاء بعيداً ثم ركضت ناوية الاتجاه للمطبخ.. مرت من جوار غرفة الاستقبال لتجد خالتها ووالدتها جالستان بصحبة والدة ساندي التي ما أن رأتها ابتسمت وقالت: "كيف حالك عزيزتي؟"
-:"بخير يا خالتي"
-:"كيف كان الاختبار؟"
سألتها ثم نظرت لها قليلاً قبل أن تتسع ابتسامتها وهي تكمل: "تبدين سعيدة!.. سأفترض أنكم أديتم بشكلٍ جيد.."
ابتسمت وردت بسعادة: "كان رائعاً لقد أدينا بشكل ممتاز"
التفتت عندها والدة ساندي لوالدتها وخالتها ترد: "أرأيتما.. هذا ما كنت أتحدث عنه"
لم تستطع منع ابتسامتها بينما تقترب وتسأل: "عماذا تتحدثون؟"
-:"نتحدث عن تلك الرحلة"
نظرت لوالدتها التي أكملت: "والدة ساندي تريد أن تأخذنا برحلة للعاصمة.."
"نا... تأخذنا؟!.."
اتسعت عيناها مع سماع ذاك الضمير الذي التصق بنهاية الفعل قبل أن تقترب من والدتها وتسألها: "أمي هل سنذهب معاً حقاً؟.."
التفتت تنظر لوالدة ساندي ثم لها وهي ترد: "لا أعلم حبيبتي لم أعتد على تلك الرحلات ولم أسافر سوى لبلدتنا قبلاً"
-:"ستكون ممتعة صدقيني.."
قالتها والدة ساندي ثم أكملت: "كما أنهم اجتهدوا بالفعل في المذاكرة ويستحقون هدية وأيضاً لقد تعبت سان بتحضير الأماكن التي سيزوروها لأجل مشروعهم.."
ابتسمت لها والدتها قبل أن تلتفت وتنظر نحوها فجمعت ريم كفيها معاً بتوسل وبعدها لم تكد تمر ثوانٍ إلا وتنهدت والدتها باستسلام وهي ترد: "حسناً"
-:"ياااااااااي.."
صاحت ريم بسعادة بينما التفتت والدة ساندي لخالتها نادية التي ردت باعتذار: "أقدر دعوتكِ لكن تعلمين لدي طفلة صغيرة وشقيقتيها ليستا أفضل منها لذا أفضل ألا آتي.."
ردت والدة ساندي: "كنت أنوي دعوة عائلتكِ بأكملها.."
ابتسمت لها خالتها بلطافة وقالت: "المرة القادمة ربما نتمكن من القدوم.."
أومأت لها ثم التفتت لوالدة ريم وهي تقول: "إذاً سننتظركم غداً بإذن الله بمكان التجمع.."
أومأت لها سامية فأسرعت ريم باحتضانها بسعادة.. ثم ركضت نحو المطبخ وفتحت جميع الأدراج وكل أقسام الثلاجة وهي تدون بورقة ما تحتاجه ثم أسرعت نحو غرفة والدتها وهي تهتف: "أمي سآخذ خمسون جنيهاً من الخزانة.."
وبعد صراع مع الخزانة والثياب بداخلها وجدت المال مخبأ بأحد الجوارب.. أخذتها ومن فورها ركضت نحو الباب وارتدت حذائها الخفيف بينما تقول: "أمي سأذهب للبقالة.."
-:"انتظري لأدون لكِ ما نحتاجه.."
ردت بها والدتها بينما تخرج من الغرفة فرفعت هي يدها بورقة المشتريات بينما تقول: "لقد دونتها.."
ثم التفتت وفتحت الباب وخرجت وهي تكمل: "لن أتأخر.."
هبطت الدرج سريعاً وما أن وصلت للطابق الأول طرقت الباب بسرعة ولم تكد تمر ثواني إلا ووجدت الباب يُفتَح ووالد مؤمن يظهر بوجهه الناعس فعلمت أنها بالتأكيد أيقظته وشعرت بالحرج فقد بدا عليه الانزعاج بالفعل..
تنحنحت عندها وقالت: "اعتذر عن إزعاجك عمي لم أعلم أنك بالمنزل.."
ابتسم لها ورد بهدوء: "لا بأس.. كيف حالك؟"
-:"أنا بخير.."
قالتها وهي تشعر بوجنتاها على وشك الاحتراق من الخجل..
-:"إنه بالداخل.."
عادت تنظر له فأكمل: "لابد أنكِ هنا لأجله.. هو بغرفته.."
أومأت له بأدب ثم خلعت حذائها وتحركت نحو غرفته بخطوات هادئة لكن ما أن ابتعدت عن أنظار والده ركضت نحوها.. طرقت الباب سريعاً فأتاها الرد: "لحظة.."
انتظرت لثانية ثم طرقت الباب مجدداً وهي تقول بحنق: "هيا مؤمن توقف عن التلكؤ.."
فتح الباب بعدها وظهر وهو يرتدي سترة بيجامته على جذعه العاري لكنها لم تلتفت وسألت بحدة: "لم لا تفتح؟"
نظر لها لثانية قبل أن يرد ببرود: "هل تريدين أن أريكِ لم لا أفتح؟"
-:"أجل أريدك أن تريني.."
قالتها بعناد فتنهد بملل ثم ارتدى نظارته وهو يرد: "يا لكِ من ساذجة.."
لم تحاول فهم سبب انزعاجه فقط سحبته من يده وهي تقول: "هيا الآن لدينا الكثير من العمل.."
-:"أي عمل؟!.."
لم تهتم بالرد عليه وما أن وصلوا للصالة الرئيسية نظرت لوالده وقالت: "سنذهب لشراء بعض الأغراض بعد إذنك عمي.."
-:"عليكِ أن تستأذنيني أنا لا هو.."
تجاهلت رد مؤمن وبقيت تطالع والده الذي ابتسم لها وهو يرد: "سأنفذ لكِ كل ما تطلبيه فأنتِ الوحيدة التي تنتقم لي من ذاك البارد.."
-:"ما الذي...؟"
أسرعت تسحبه قبل أن يفتعل شجاراً مع والده وهي تقول بصوتٍ عالِ: "شكراً لك عمي.. لن نتأخر.."
ما أن أغلقوا باب الشقة والتفتت اصطدمت بنظراته المنزعجة الحانقة قبل أن يسألها: "امنحيني تفسيراً حالاً!.."
تراجعت خطوة للخلف وحاولت ألا تظهر خوفها من هيئته بينما ترد: "سنذهب للرحلة غداً وعلينا شراء بعض الأشياء.."
ضاقت عيناه وهو ينظر لها ثم قال بخفوت: "أنا أكره التسوق.."
-:"لكنك تحب تناول الطعام.."
ردت بها بينما تسبقه بنزول الدرج وهي تكمل: "وهو ما سينتج عن التسوق.. لذا عليك مرافقتي.."
*****
-:"لا أصدق أن أبي وافق.."
قالتها إسلام بينما تقفز حول جدتها الجالسة بالشرفة التي ضحكت وهي ترد: "لقد وعدته السيدة ميلينا أن تعتني بك وكذلك والدة صديقتكِ ريم تحدثت معي وأخبرتني أنها ستهتم بك.."
جلست بجوارها على الأرض ونظرت لها وهي تقول: "لم لا تأتين معنا؟"
ضحكت بخفة ثم ربتت على كفها بينما ترد: "لقد كبرت على السفر والنزهات سولي.."
وضعت رأسها على ساقيها فبدأت جدتها بالمسح على خصلاتها العسلية وبعد لحظات لم تستطع منع نفسها من الابتسام بخبث وهي تهمس: "على الأقل لم يطلب من ذاك المزعج مرافقتي.."
-:"توقفي عن وصفه بالمزعج وإلا سأطلب منه أنا مرافقتك.."
رفعت رأسها وهتفت: "لا جدتي رجاءاً"
عادت جدتها للضحك ثم نهضت وهي تقول: "انهضي الآن علينا تحضير الكثير من الأشياء.."
*****
جلس على مقعد طاولة المطبخ ليلتقط أنفاسه بينما ينظر للنحلة النشيطة التي بدأت فوراً بإفراغ الأكياس وهي تدمدم بترتيب ما ستفعله والذي سيتطلب منها غالباً السهر طيلة الليل..
-:"لا أصدق أنكِ أرغمتني على هذا!"
همسها بينما ينهض ويتمطأ فردت بهدوء: "أنا لم أرغمك على أي شيء.."
-:"وكأن بإمكاني الرفض.."
قالها بسخرية قبل أن يتحرك خارج المطبخ وهو يكمل: "سأذهب الآن فقد ضيعتي ما يكفي من وقت مذاكرتي.."
-:"سأنزل لك بعد ساعة.."
التفت ينظر لها ثم رد بسخرية: "يبدو أن بعضاً من نشاطك أثر على رغبتك بالدراسة أخيراً"
رفعت إحدى حاجبيها وقالت بانزعاج: "من أخبرك أني قادمة لندرس.."
ضحك بخفوت بينما يلتفت ويتجه للباب وهو يهمس: "كنت متأكداً"
ثم غادر الشقة وتوجه للطابق الأول.. فُتِحَ الباب بعد ثوانٍ من طرقه الباب لتظهر فاطيمة التي كان يبدو الانزعاج عليها جلياً لكنه تجاهلها وتوجه فوراً لغرفته.. جلس على مكتبه وبدأ بإغراق نفسه بالدراسة..
***
-:"لم عليه هو أن يذهب برحلة ونحن نجلس هنا؟.."
سألت فاطيمة والدتها التي كانت تشاهد التلفاز بينما ترد ببرود: "لقد تمت دعوته من والدة زميلته وهي رحلة لأجل الأبحاث التي يقدمونها.."
خبطت الأرض بقدمها بعصبية وهي تهتف: "لكن هذا ليس عدلاً"
التفتت لها وردت: "توقفي عن الصراخ وإلا نهضت ولقنتكِ درساً قاسياً أسمعتِ؟"
علمت أنه لا فائدة فاستدارت لتعود لغرفتها ولكنها مرت من أمام غرفته ونظرت لأخيها الذي كان منكباً على مكتبه كالعادة.. حدجته بسخط ثم تحركت نحو غرفتها هي وعلياء وما أن وصلت جلست على الفراش من خلفها بينما كانت الأخيرة كالعادة مشغولة بحياكة مفرش بالكروشيه..
-:"لا أفهم لم يعاملونه بهذه الطريقة؟.."
تنهدت علياء وقررت ألا تسايرها بأحاديثها وركزت على ما تفعله لكن فاطيمة لم تستسلم وأكملت: "إنهم يعاملونه أفضل منا وأنا لا أفهم للآن ما المميز به؟"
-:"لا أحد بدائرتنا يعامله بطريقة أفضل منا فاطيمة.."
ردت بها علياء ثم التفتت لها تكمل: "أما بالنسبة لأصدقائه فنحن لا نعرفهم لنقرر إن كانوا يعاملونه أفضل منا أو لا.. هم يعاملونه كصديق ويعاملوننا كلا شيء لأنهم لا يعرفوننا.. مع ذلك فقد عرضت والدة زميلته على أمي أن نذهب جميعاً لكن هي من رفضت.. لا دخل لمؤمن بعدم ذهابنا.."
قالتها ثم نهضت وقد قررت ألا تبقى معها..
-:"ماذا عن جدنا؟"
التفتت لها فنهضت فاطيمة واقتربت منها وهي تكمل: "لقد كتب له كل ما يملك دون اعتبار لنا كما أنه يعامله أفضل منا.. ألا يُعتبر هذا تمييزاً؟"
-:"ما علاقة هذا بحديثنا؟"
سألتها علياء بانزعاج فردت: "أنتِ من قلتِ..."
قاطعتها بحدة: "أنا أتحدث بموضوعٍ معين وأحاول إفهامك الأسباب التي جعلت مؤمن يسافر ونحن لا.."
****
كان يستمع لجدالهما بينما يحاول جاهداً تجاهل حديثهم لكن دون جدوى..
-:"كما أنكِ تعلمين لم مؤمن سيرث جدي وحده.. كلانا نعلم جيداً أن تلك الثروة هي حقه.."
-:"لا ليست كذلك.."
لم يتحمل سماعهما أكثر فنهض والتقط أحد الكتب وهو ينتوي الصعود للسطح والدراسة هناك.. لكن ما أن غادر غرفته اصطدم بوالده الذي نظر له بطريقته المعتادة قبل أن يبتسم بسخرية قائلاً: "أنا لن أمنحك أي مال لأجل تلك الرحلة.."
-:"من أخبرك أني سأطلبها منك.."
رد ببرود ثم اقترب منه وأكمل: "منذ متى أعتمد عليك بأي شيءٍ أصلاً"
ثم تحرك ليتجاوزه ويغادر لكن سرعان ما سحبه من ثيابه برعونة ليعود لمكانه وما أن وقف أمامه نظر له بعيون تنضح غضباً وهو يقول: "إياك أن تفكر بزيارة عائلة المشئومة الراحلة.."
تملكه الغضب واقترب منه ثم ابتسم بسخرية بينما يرد: "كنت أنت المشئوم الذي أنهى حياتها بعد إفسادها.."
ولم يكد يتم جملته إلا ووجد صفعة قوية تهوي على وجهه أسقطته أرضاً..
-:"زكريا.."
رفع عيناه المتألمتان لزوجة والده التي حدجته ببرود قبل أن تتوجه لوالده وتقول: "لا تسبب ضرراً لوجهه.. فأنت تعلم عاقبة رؤية شكرية لأي جرح أو كدمة على جسده.."
ضحك بسخرية بينما ينهض.. كان متأكداً أنها لن تفعل هذا دون سبب يصب بمصلحتها.. فإن رأته شقيقتها مصاباً ستخبر جده وتتعاون معه بتوبيخ كل قاطني تلك الشقة ثم سيمنع جده عنها هي وبناتها مساعداته المالية السخية لفترة لن تتحملها..
كان يفكر بكل هذا بينما يطالعهما بحديث نظراتهما الصامت.. فكل ما جال بباله بالتأكيد كلاهما يفكران به..
لكن هو لا يهتم!..
همسها بداخله قبل أن يتحرك ليتجاوزهم ويغادر الشقة وكما توقع بهذه المرة لم يتجرأ أي شخص على الوقوف بوجهه..
وقف قليلاً أمام الباب ينظر للفراغ ثم ألقى الكتاب بعصبية بأحد الأركان ثم هبط الدرج وغادر البناية بأكملها..
****
-:"عفواً عزيزتي لقد غادر.."
استغربت ريم كلام خالتها ثم افترضت أنه فضل الدراسة على السطح..
-:"تعالي واجلسي معنا قليلاً"
أفاقت على جملة خالتها فابتسمت وردت: "شكراً خالتي سأصعد لأتفقده ثم أعود لشقتنا فلدي الكثير من العمل.."
-:"لا تنسي شراء هدية لأجلي ريم.."
نظرت لعلياء وردت: "لن أفعل.."
ثم وقعت عيناها على فاطيمة التي كانت تحدجها بانزعاج فتجاهلتها وتحركت تصعد الدرج وهي تكمل: "أراكِ لاحقاً خالتي.."
صعدت بضع درجات ومع سماعها لغلق الباب التفتت تنظر خلفها وعندها رأت الكتاب الملقى على الأرض.. هبطت الدرج وتوجهت نحوه ثم انحنت والتقطت الكتاب.. ما كانت لتخطيء كتابه ومع تأكدها من اسمه المكتوب على الغلاف التفتت تنظر للباب الخارجي للبناية وهي تهمس: "مجدداً!"
****
&&&
-:"سمعتكِ بمرة دون قصد تتحدثين مع خالتي سامية.."
طالعها بجلستها أمام نافذة غرفتها.. شعرها المشعث.. ثيابها الممزقة.. كدماتها التي تزين كل بقعة ظاهرة من جسدها.. رغم صغر سنه إلا أنه كان يرى بوضوح الفرق بين والدته المرأة الجميلة الواثقة اللطيفة وتلك المرأة المحطمة أمامه..
أغمض عيناه وهو يكمل: "(ما من امرأة لا تحزن لسماع خبر زواج شريكها) كان هذا ما قلتيه.. لذا لا تبتسمي ولا تخبريني أن كل شيء سيكون على ما يرام.."
سمع صوت بكائها الذي تحاول كتمه بذات اللحظة التي فقد بها السيطرة على دموعه وبدأ بالبكاء ففتح عيناه وهتف: "أخبريني فقط لم تتركيه يؤذيكِ.. لم تزوجتيه في الأساس إن كان بهذا السوء.."
-:"لأني كنت ساذجة.."
ردت بصوتها المبحوح ثم أكملت: "لقد ظننت أني سأغيره.. سأجعله رجلاً أفضل.. لكني كنت ساذجة.."
التفتت له بعدها ثم أردفت: "لن تغير شخصاً يرفض أن يرى نفسه مخطئاً.. يرفض أن يتغير.. لا يمكنك تحقيق المستحيل"
كانت الدموع تنهال من عينيها بلا توقف بينما قبضتاها مشتدتان على ثوبها وعيناها معلقتان بالأرض.. كان الغضب جلياً على وجهها وقد كان هذا أمراً نادراً..
-:"معك حق.."
نظر لها بينما تكمل باختناق: "لا شيء سيكون على ما يرام.. لا شيء سيتحسن.. على العكس كل شيء من حولي يسوء.. لقد أصبحت أكره كل شيء.. أكره حياتي وعائلتي وأكره الرجل الوحيد الذي أحببته.."
شعر بالأسى عليها واقترب منها ناوياً التربيت على ظهرها ومحاولة تهدئتها لكنها شهقت بعنف قبل أن تهتف: "لم يعد هناك ما يسعدني.. لقد دمر حياتي وأضاع مستقبلي.. جعلني شخصاً لا أعرفه.. جعلني أكره كل شيء.. حتى أنت!.."
تجمدت ذراعه بالهواء كما تجمد هم وهو ينظر لعيناها الباكيتان الغاضبتان بنظراتها المليئة بالحقد وهي تكمل: "أنت بالذات أكرهك أكثر من أي شيء.. فأنت السبب وراء تحملي كل هذا الأذى!.."
&&&
-:"هل تسمعني يا بني؟"
أفاق على صوت البائع الذي أكمل: "أخبرني ما نوع الدفتر الذي تريده.."
ابتلع لعابه ثم مد يده بجيب بنطاله وهو يرد: "أريد كراسة صغيرة وقلماً من فضلك.."
التفت الرجل وأحضر ما طلبه فأقرضه المقابل ثم تحرك نحو طريق البحر ومنه سار قليلاً حتى وصل لشاطيءٍ خالٍ وتحرك ليجلس أمامه..
:"كنت أتمنى دوماً أن أسكن أمام البحر.."
ابستم مع تردد تلك الجملة بباله وهو يهمس: "كانت تلك أمنيتكِ الوحيدة التي تحققت أمي.."
ثم فتح الكراسة ونظر لأوراقها الفارغة بينما يكمل: "أعرف ساذجة تشبهكِ كثيراً.. وأتخيل أنها الوحيدة التي ستبحث عني وتجدني بفترة قصيرة.."
فتح القلم وبدأ بالكتابة وبعد مرور دقائق معدودة.. ألقى نظرة سريعة على ما كتبه ثم نزع الورقة من الكراسة ونهض بعدها ثم توجه نحو البحر وألقاها بين الأمواج المتلاطمة وبينما يراقب حركتها كانت كلماته التي كتبها تتكرر بصوته داخل رأسه..
&&&
(بليلة كتلك وقفت أمام البحر أيضاً.. كنت يائس وحزين كما أنا الآن.. لا أذكر أن شيئاً قد تغير من وقتها للآن.. لكن بيومها شيء ما تغير..
كان الإحباط يملؤني يومها بعد شجارٍ معتاد مع والدي ونلت منه الكثير من الصفعات.. كنت أتسائل لم علي تحمل كل هذا الألم؟.. لم علي الصمود والصبر لأمدٍ لا أدركه؟.. لم حُرِمت من أمي؟.. ولم علي الحياة وسط أناس يكرهونني؟..
والأهم من كل هذا لم حياتي يقررها غيري؟..
كنت عازماً على تبديل كل هذا يوماً ما.. لكن يومها تسائلت لم ليس الآن؟.. ولم من الأساس علي تبديل أي شيء؟..
ها هو البحر أمامي وبقدر كرهي له إلا أنه سيكون مفتاحاً لحل كل آلامي.. سأنهي آلامي بنهاية حياتي.. فقد أخبرتني أمي أني لن أتمكن أبداً من تحقيق المستحيل.. وربما ما أرغبه هو المستحيل وسأفقد كل شيء وأكره كل من حولي بطريقي لحصد المستحيل ولن أناله.. تماماً كما حدث معها..
-:"مؤمن"
ومع كل تلك الأفكار السوداوية أتى صوتك مضطرباً متقطعاً بفعل أنفاسك العالية لكنه كان كغيمة وردية ناعمة أحاطت بقلبي لتمنحه الطمأنينة.. لثوانٍ ارتبكت كما يحدث دائماً عندما تحتل ألوانك الزاهية المفعمة بالحياة حياتي الكئيبة لتمنحها إشراقة.. لتمنحني أملاً!..
وعندها تسائلت لم أنت دائما تفعلين هذا؟.. ولم أنا أتركك دوماً تفعلينها دون أن أقدر على ردعك؟.. لطالما وبختني وعنفتني وصرختي علي.. لطالما كنتِ الشخص الوحيد الذي ينزعني من شخصي ويحولني لشخصٍ آخر..
التفت لأنظر لكِ.. عيناك الممتلئتان بالدموع.. شفتاك التي تكافح لتبتسم وسط حزن ملامحك اللطيفة.. شعرك الذي كان يتطاير حولك.. كل هذا لم أكن أراه لأول مرة..
فالواقفة أمامي كانت ريم.. جارتي.. صديقة طفولتي ومراهقتي.. الفتاة التي عرفتها منذ فتحت عيناي على العالم من حولي..
إذاً ما الشيء الجديد الذي شعرت به مع نظري نحوك وترقبي لكلماتك الحانية؟
-:"كنت أعلم أني سأعثر عليك هنا"
قلتها لي ثم تقدمتِ نحوي وبينما تفعلين أدركتها!..
أدركت السبب الذي لا يجعلني أيأس!..
أدركت لم لا يمكنني الذهاب لأمي وحسب لأرتاح من هذا العالم الذي لا يمكنني تحمله!..
ما كنتِ لتسامحيني أبداً إن فعلتها.. أليس كذلك ريم؟..
عندما وقفتِ أمامي ليلتها تتفقديني بنظراتكِ القلقة ثم ابتسمتِ وسألتني: "هل أنت بخير؟"
كان ردي الأول أني انحنيت ووضعت رأسي على كتفك.. لا أعلم للآن لم فعلتها وكيف تجرأت على فعلها؟.. لكني أقسمت ألا أفعلها مجدداً بعد ذلك الشعور الرائع الذي انتابني.. كنت مطمئناً.. كنت أشعر براحة لن تنتابني مجدداً.. لن تنتابني إلا بقربك..
لا أعلم كيف كان شعوركِ وقتها لكني تنفست بعمق ورددت بعدها بهدوء: "أنا بخير الآن.."
وكانت تلك هي اللحظة التي أدركت بها أني أحبك..)
&&&
-:"مؤمن"
ابتسم وهو يستمع لندائها قبل أن تقترب أنفاسها الهادرة ثم يشعر بوجودها قربه ففتح فمها ليهمس بذات الجملة التي قالتها: "كنت أعلم أني سأجدك هنا!.."
التفت لها بعدها فتعلقت عينيها بالكدمة التي ظهرت بجانب فمه وذات الحزن احتل عينيها وهي تطالعه عاجزة عن قول أي كلمة.. لكن ذلك الخرس يصيبها لثانية وحسب.. بعدها تتمالك نفسها وتبتسم ثم تميل برأسها يميناً وهي تسأله: "هل أنت بخير؟"
ضحك بخفة ثم التفت ينظر أمامه وهو يرد: "أنا بخيرٍ الآن.."
التفتت تنظر لما يراقبه بعينيه وقالت: "رسالة أخرى نهايتها بالبحر.."
عاود النظر لها فأكملت بمشاكسة: "أخبرني هوية من تكتب لها وأعدك أني سأساعدك"
-:"ستعرفينها يوماً ما.."
رد ببرود فتنهدت بملل وقالت: "يا لها من تعيسة.. أنا حقاً أشفق عليها.."
-:"معكِ حق.. أنا نفسي أشفق عليها.."
ضحكت بخفة ثم سحبته من يده وهي تقول: "الآن لنعد للمنزل أعددت لك كعكة بالشيكولاتة.."
-:"ماذا عن الرقاق باللحم.."
سألها فردت: "أعددته لكن للرحلة.."
صاح باعتراض: "هذا ليس عدلاً.. بعد كل ما تكبدته من عناء أثناء التسوق معكِ"
التفتت له وردت: "معك حق أنا ظالمة.. أخبرني ماذا ستفعل؟"
لم تتلقى رداً فأكملت: "أرأيت لا شيء.. الآن لنعد للمنزل.."
ثم عادت تسحبه بينما تردف: "فعلينا وضع ثلج سريعاً فوق كدمتك قبل أن تلحظها خالتي وتهدم المنزل بنفسها فوق رؤوسنا.."
ضحك بشدة بينما يتشبث بيدها الممسكة بكفه كأنها آخر قشة يتعلق بها بتلك الحياة البائسة!..
*****
مساء الخير 🌹❤
إيه رأيكم في الرواية عاوزة أعرف عاجباكم ولا لأ

رسالة من فتاة مجنونة Where stories live. Discover now