أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎...

By writeryosh

1.4M 71.1K 43.1K

•تنويه: هٰذا الجُزء مستقل بِقصّة أُخرى وأبطال آخرين ولا ينتمي للأول بأي صِلة.. إنّهُ ذاك النوع مِن الرِجال ال... More

أســودII| إكتشاف المجهول☔︎
الجُزء الأول|المتخفي بِالفن
الجُزء الثاني|شغف وفضول
الجُزء الثالِث|رِحلة إستِكشاف غريب
الجُزء الرابِع|لوحَة أُنثى الفضول
الجُزء الخامِس|لَهفة لِقاء
الجُزء السادِس|أُلفَة قَلب
الجُزء السابِع|مَشروع حُب فاشِل
الجُزء الثامِن|تمنُّع وصَدْ العِشق
الجُزء التاسِع|موعِد مَع العِشق
الجُزء العاشِر|عاصِفَة عِشقيّة
الجُزء الحادي عَشر|لِجوء قَلب مُشرّد
الجُزء الثاني عَشَر|حالات عِشقيّة
الجُزء الثالِث عَشَر|رَغبَات سَوداويّة
الجُزء الرابِع عَشر|دِيْسَمبِرْ الغِيَابْ
الجُزء الخامِس عَشَر|أربَعة قِصص!
الجُزء السادِس عَشَر|القِصّة الأولى
الجُزء السابِع عَشَر|تقلُّبات عِشقيّة
الجُزء الثامِن عَشَر|القِصّة الثانيَة قَبل الغِيَابْ
الجُزء التاسِع عَشَرْ|صِراعَات العِشق
الجُزء العُشرين|القِصّة الثالِثَة بَعد الجَفاء
الجُزء الواحِد والعُشرين|فوضى الشُعور
الجُزء الثاني والعشرين|رِحلة البَحث عَن لوحة أُنثى الفضول
الجُزء الثالِث والعُشرين|نيچرو ألبيتسي
الجُزء الرابِع والعُشرين|الموت عِشقًا
الجُزء الخامِس والعُشرين|رَجُل ضَبابيّ
الجُزء السادِس والعُشرين|بين أحضَان المَجهول
الجُزء السابِع والعُشرين|الصعود لِقِمّة العِشق
الجُزء الثامِن والعُشرين|تَحطيم القاعِدَة
الجُزء التاسِع والعُشرين|قلوب حائِرَة
الجُزء الثلاثين|الرَقصَة الأخيرَة
الجُزء الحادي والثلاثين|نِضال القلوب العاشِقَة
الجُزء الثاني والثَلاثين|الحَنين لِما مَضى
الجُزء الرابِع والثلاثين|حِدادٌ قَلبيّ
الجُزء الخامِس والثلاثين|دُفِن العِشق لِلأبَد
الجُزء السادِس والثلاثين|سيّد الأُحجيات
الجُزء السابِع والثلاثين| ضريبَة عِشق الأسود
الجُزء الثامِن والثلاثين|القِطعَة الناقِصَة مِن الأُحجيَة
الجُزء التاسِع والثلاثين|رحلة عِشق المجهول
النِـهـايـة|كُل الطُرُق تؤدي إلى الأسوَد

الجُزء الثالِث والثَلاثين|صِراعات وِجدانيّة

19.1K 1K 1.1K
By writeryosh

الجُزء الثالِث والثَلاثين| " أنت الذي أغويت قلبي
‏بالوصل حتى نلتهُ
‏ فأتاك مؤمناً لايسأل
‏ ثمّ بعد الدلال فجعتهُ
‏ وجعلتهُ عظةً لمن لايعقلُ
‏ أتذكر العهد الذي لي قلتهُ
‏ الغدر بين قلوبنا لايُقبل
‏ها أنت أهملتَ الفؤاد وخُنتهُ
‏ للهِ ذنبُك
أمثل قلبي يُهملُ؟.."
* * *

القوّة الحَقيقيّة لا تَكمَن في النِسيان
بَل في التَخطي، في تَجاوز كُل الأشياء المؤذيّة، في تَجاوز الألَم الناتِج عَن الذِكرى، أن تَمُر ذِكرى الجَرح دون أن تُثير أي شُعور، هُنا يَكمَن الإنتِصار الحَقيقي، ومَع مرور الزَمن يُدرِك المَرء أن الأذيّة لَيسَت بِالضرورَة لِلحُزن، بَل لِتَجعلنا أقوى وأنضَج مِن السابِق، لِأن في مَرحلَةً ما عَلينا الإرتِجال والخروج عَن النَص، لِلعب الدور الحَقيقي الذي يُناسِبنا، لِنكتَشِف الجوهَر الداخِلي الذي نَمتَلِكَهُ، لِنُدرِك أن لَيس مِن المُهِم وجود الناس فَقط لِألّا نَعيش وَحيدين، فَحينَها لَن يُشكِّل الأمر فارِقًا، لا بَأس بِالوحدَة طالَما لا وجود لِمَن يُناسِب أرواحَنا وَعقولَنا، فَبِكلتا الحالَتين سنكون وحيدين مَع مَن لا يَفهمنا، تكمَن القوّة الحَقيقيّة في قُدرَة المَرء على الإستِناد على نَفسَهُ، حَتى يُصبِح وجود الناس حولَهُ شَيء ثانوي، غيابَهُم لا يؤذي، لِأن القيمَة التي عَلينا إعطاءَها قَبل كُل شَيء هي لِأنفُسنا، ثُم يأتي أيًا كان بَعد ذٰلِك..

* * *

نَظرَت يولاند لَهُ وهي تَشعُر بِأن كُل ما حولَها توقّف عَن الحَركَة، كُل ما كانَت تراهُ هو عَيناه التي تتأمّلَها مَع لويس أنطوان، رُبما داهَمها شعور بِالخوف مِمّا سيفعلَهُ حينذاك، ولٰكِنّهُ كان مُتَّزِنًا كَعادَتَهُ، لا شَيء بِإمكانَهُ إثارَة داخِلَهُ، حتى هي، كانَت دائِمًا تُفكِّر بِكَيف تَجاهَلت كُل شَيء، وتشبّثَت بِه، بِالرُغم مِن وضوح ما كان أمامَها، بِالرُغم مِن كُل ما سَمِعتَهُ مِنه، هو لَم يَكذِب أبدًا، حينَما أخبرَها بِأنّهُ قاسٍ مُتخلٍ ولا يُطالِب أحدَهُم بِالبَقاء، حتى وإن تخطّاها هي لَن تَفعل، لِأنّهُ كان دائِمًا لَديهِ ذٰلِك الطابِع صَعب النِسيان، ولِأن مَن يَصنعون فارِقًا كَبيرًا في شخصيّة المَرء لا يعبرون كَأي عابِر، لِهٰذا كانَت رؤيتَهُ دائِمًا تُثير في داخِلَها إضطِرابًا مُزعِجًا، أمّا الرَجُل الذي يَجلِس بِجانِبَها فَكان واضِحًا وصريحًا مَعَها، في نيتّهُ الحقيقيّة تِجهاها، كان مُصمِمًا على مُطارَدَتها، وكان مُزعِجًا بِشكلٍ يُثير غَضبَها، لا تَعلَم لِماذا حظّها العاثِر يَجعلَها تتعثر بِرسامين مُختلّين عَقليًا، أخذَت كأسَها وَقبل أن تَقِف قَررت أن تُجيب لويس الذي كان ينتظر سَماع إجابَتها، بِنَبرَة هادِئَة وهي لا تَنظُر لَهُ..

" سَأُفكِّر في الأمر.."

تَركَتَهُ وذَهبَت مُتجاوِزَة النَظر لِآريان الذي كان يَقِف في مَكانَهُ دون حَركَة، كان بِإمكانَها الشعور بِالكَثير في وجودَهُ، وهٰذا أسوء ما يُطارِدَها، كُل ما تَحتاجَهُ هو الإختِفاء عَن الأنظار، كَي لا يَكون قادِرًا أيًا مِنهُما عَلى تتبُّعَها، أخذَت كَأس آخر، وسارَت بِخُطوات مُرتَبِكَة لِلشُرفَة التي كانَت تَطل على النافورَة الكَبيرَة تُحيط بِها الكَثير مِن الأضواء، كان الجَو هُنا هادِئًا وهٰذا ما كانَت تَحتاج لَهُ، بَعيدًا عَن الأنظار، وعَن الأصوات المُزعِجَة، لا تَعلَم لِماذا أصبَحت تَكرَه التجمُّعات، فَفي السابِق كانَت إجتماعيّة شغوفَة، ولٰكِن الآن يُداهِمَها شعور بِالمَلل تِجاه تِكرار مَن حولَها، لا وجود لِشخص واحِد مُميّز يسرُق إهتِمامَها، ويُثير فضولَها الذي إنطَفَئ مُنذ زَمَن، كانَت تَعلَم بِأنّها بِحاجَة لِمَن يُجدِد شغفَها، لَيسَت كُل قِصص الحُب تَنتَهي بِذات الطَريقَة!، رُبما يومًا ما تَجِد مَن يستَحِق قلبَها في نِهايَة المَطاف، وحينذاك لا تَعلَم هل ستترَدد أم ستندَفِع كسابِق عَهدَها..

" لَم أكُن أظُن بِأن الأبيض لَون فاتِن حتى اليَوم.."

داهَمها صوتَهُ الهادِئ مِن خَلفَها حتى كادَت تُسقِط الكَأس فَزعًا، إستدارَت نَحوَهُ وهي تهتِف وقلبَها يَرتَجِف..

" ما الذي تُريدَهُ!؟.."

كانَت خائِفَة مِن مواجَهة أُخرى تستَنزِف قواها، إن كان سيستَمِر بِمُطارَدتَها بِهٰذا الشَكل فَهي ستَفقِد سيطَرتَها على أعصابَها يومًا ما، حتى الآن هي تَبدو ساكِنَة هادِئَة، لا تُريد الدخول مَعَهُ في صِراع مُرهِق لِلقَلب، والوقوف أمامَهُ بِحد ذاتَهُ كان مُرهِقًا بِشكلٍ كافٍ، أمّا هو فَكان يتأمّل إنعِكاس ضوء القَمر عَلى جَسدَها وكَيف كان اللون الأبيض يبدو لائِقًا على بَشرتَها البيضاء وشَعرَها شَديد السواد، كَعادَتها أُنثى شهيّة لِلعِشق، وبِإمكان الرَجُل أن يتخلّى عَن أي شَيء ليكون بِجانِبها ليوم واحِد، وَجد نَفسَهُ يَقتَرِب مِنها بِالرُغم مِن مَلامِح الذَعر التي رأها، وبِصوتٍ هادِئ عادي سألَها دون أي مُقدِّمات..

" ما الذي يُريدَهُ لويس أنطوان؟.."

إذًا فَهٰذا هو كُل ما يَهتَم بِه، لويس أنطوان!، إنّهُ يُشكِّل إزعاجًا كَبيرًا بِالنِسبَةِ لَهُ، حَتى بِالرُغم مِن أنّها لَم تَعُد تعنيهِ، ولِأن وقوفَهُ أمامَها كان آخِر ما تمنّتَهُ حينذاك، أجابَتَهُ بِصراحَة وقَد شَعرَت بِالسُئم مِنه..

" أن أكون حَبيبَتَهُ.."

لاحَظَت يولاند تَغيُّر مَلامِحَهُ الهادِئَة إلى أُخرى غَير مُريحَة، أشاح بِوجهَهُ عَنها وهو يَنظُر لِتِلك النافورَة الكَبيرَة، وكُل ما يَشعُر بِه هو الغَضب ورَغبَة قويّة في الدخول لِلداخِل وضَرب لويس أنطوان حتى الموت، لِماذا يَسعى خَلف يولاند مِن بين كُل النِساء!، أيُريد الإنتِقام مِنه بِهٰذِه الطريقة!، مِن خِلال الحصول عليها!، ثُم ماذا!، أسينتَهي بِها المَطاف مَقتولَة على يداهُ هو!، حينَما فكَّر بِهٰذا أخفى قبضتاهُ المَضمومتان أمام ظَهرَهُ، وهو يُزمجِر بِنَبرَة جَعلتَها تَتراجَع خُطوة عَنه..

" يالوقاحَتَهُ!.."

لَم تَكُن يولاند مُتأكِّدَة مِن قُدرَتها على البَقاء مَعَهُ في مَكان واحِد، لِذا أخذَت جَسدَها تُريد المُغادَرَة، ولٰكِن صوتَهُ أوقَفها مَكانَها قَبل حتى أن تُدير ظَهرَها لَهُ، وهو يُردِف متوجِّسًا..

" أنتِ لَن توافِقي أليس كَذٰلِك!.."

كان مِن السيء أن يَظُن بِأنّها ستوافِق، هَي لَم تَكُن هٰذا النوع مِن النِساء!، لَن توافِق على أن تَكون بِرِفقَة رَجُل مُختَل فَقط لِإغاظَة رَجُل لَم يَعُد يَكتَرِث لِوجودَها، هٰكذا هي ستُهلِك نَفسَها لِأجل لا شيء، ولَم يَكُن أيًا مِن ذٰلِك يستَحِق أن تَرمي بِنفسَها في أحضان رَجُل آخر لَا تُريدَهُ، آريان لا يَستَحِق مِنها ذٰلِك النوع مِن الإهتِمام، ولٰكِنّها رَغِبَت بِإزعاجَهُ، وهي تَنظُر لَهُ مِن مَكانَها تُقيّم نَظرَة عَيناه الرماديَة التي تَلمع تَحت ضوء القَمر..

" لِمَ لا!، أظُن بِأنني بِحاجَة لِأن أكون مَع أحدَهُم.."

وَقف كالتِمثال أمام كَلِماتَها تِلك، غير قادِرًا على فِعل شَيء، أو حَتى الجِدال في الأمر، إنّها تَبدو لَهُ صَعبَة في التعامُل مَعها أكثَر مِن أي وَقت مَضى، لَم يَعُد قادِرًا على التعرُّف عَليها وقِراءَة أفكارَها كالسابِق، وبِطريقَةً ما لَم تَروق لَهُ تِلك الأُنثى أبدًا، كانَت فَقط تُحاوِل أذيّتَهُ بِكُل الطُرُق، وهٰذا كان بَعيدًا جِدًا عن يولاند التي كان يَعشقَها، حاوَل ألّا يُظهِر شَيء مِن غَضبَهُ لَها، كُل ما قالَهُ هو كَلِمَة واحِدَة فَقط إستطاع قولَها بِنَبرَة هادِئَة كالعادَة..

" إنّهُ سادي.."

" لا فَرق بينَكُما.."

بِطريقَتها الهازِئَة هاجَمتَهُ بِتِلك الكَلِمَة التي جَعلتَهُ يتخلّى عَن هدوءَهُ فَجأة، وهو يَقتَرِب مِنها بِملامِح مُظلِمَة، كانَت هالَتَهُ حينذاك تُرعِبَها، وكأنّهُ سيّد الظَلام، يَجعل كُل ما حولَها مُخيفًا بارِدًا، يبتَلِعها بِسهولَة، وبِالرُغم مِن إقتِرابَهُ مِنها بِتلك الطَريقَة بَقيَت مَكانَها ثابِتَة، دون أن تُريهِ شَيء مِن مَشاعِرَها المُضطَرِبَة، كان يَنظُر في عَينيها عميقًا، وهو يُردِف بِنَبرَة سوداويّة مُحبَطَة..

" أنا لَست سادي.."

كان مُتفاجِئًا مِن نَعتها لَهُ بِالسادي، لا يَعلَم ما المَفهوم الذي تَمتلِكَهُ عَن هٰذِه الكَلِمَة، ولٰكِنّهُ بِالتأكيد خاطِئ، هي لا تَملِك أذنى فِكرة عمّا هو عَليهِ لويس أنطوان، ولا تُعطيهِ حتى الفُرصَة لِيشرَح لَها، أو حَتى ليُخبِرَها عَنه، إنّها فَقط تُهاجِمَهُ وتَدفَعَهُ بَعيدًا، وكأنّهُ مَرض مُعدي وخَطير عَليها، رأها تَبتَسِم بِطريقَة لَم يَستَطِع تَفسيرَها، قَبل أن تُردِف بِقسوَة..

" في السَرير لَم تَكُن، ولٰكِنّك كُنت ساديًا مَع قَلبي.."

عِند هٰذا الحَد كان قَد إكتَفى آريان، إنّها تَظُن بِأنّها الضحيّة الوَحيدَة، بينَما كان كِلاهُما ضحيّة قَرارَهُ هو، الآن ومَع كامِل الأسَف يُريد الصُراخ بِطريقَة عَنيفَة في وجهَها، ليُخبِرَها بِأنّهُ غَير قادِرًا على سَماع المَزيد مِن الكَلِمات السامّة، فَهو لَم يَنسى بَعد كَلِماتَها في المَعرض، كُل لَيلَة كان يُعيد تذكُّر تِلك الكَلِمات قَبل النوم، والآن هي تُزيد مِن الأمر سوءًا، بِالرُغم مِن عُنف مَشاعِرَهُ، كان هادِئًا بِطريقَة تُثير الأعصاب، وهو يُردِف مُخاطِبًا عَينيها..

" أكُنتِ تَظُنين بِأنّي لَم أُعنِّف قَلبي كَذٰلِك!، بِإتِّخاذ القَرار الصَعب عَنكِ!.."

أيًا كان ما يُريد إثباتَهُ، فَهي لَن تُصدِّق كَلِمَة واحِدَة مِنه، لَقد توقّفَت عَن الإيمان بِكُل كَلِماتَهُ، أصبَحت تراهُ بِطريقَة مُختَلِفَة عَن السابِق، أو رُبما أصبَحت تراهُ على حَقيقتَهُ وَحسب، لِذا بِعُنف هاجَمتَهُ بِكلِماتَها تِلك..

" أنت مُجرَّد أناني عَديم الضَمير.."

كان آريان يَقِف مُحاوِلًا أن يَفهمَها، لَم يَكُن يَرغَب بِخوض نِقاش كَهٰذا، ولٰكِنّهُ جاراها وهو يَقول بِنَبرَة صارِمَة وقَد بَدأ الإنزِعاج يَغزو مَلامِحَهُ..

" أنا كُنت أعشقكِ لِلحد الذي يَجعلَني أتخلّى عَن سعادَتي لِأجلَكِ، لِأجل سَعادَتَكِ، إن كانَت هٰذِه أنانيّة، فَنعم أنا أناني.."

لَقد تَخلّى عَن سَعادَتها بِفِعلَهُ، سَلب مِنها كُل شَيء، حطّم عالَمها، دمّر كُل شَيء نَقي تَمتَلِكَهُ في قَلبَها، إنتَزع مِنها حَق الحُب مُجددًا وذَهب ليعيش هو سَعيدًا بِحياتَهُ، وكأنّهُ تخلَّص مِنها، جَعلَها تَشعُر بِأنّها كانَت مُجرَّد تسليّة مؤقتّة، وكُل هٰذا دمّرَها، وصنَع مِنها هٰذِه الأُنثى التي تَكرَهها، والتي لا تَروق لَها مَهما حَدث، ومَهما فَعلَت، كان بِإمكانَها تَحطيم الكَأس الذي تحمِلَهُ فوق رأسَهُ، أو إفراغ محتواهُ على ثيابَهُ الفاخِرَة، ولٰكِن كُل ذٰلِك لا يَشفي غَليل قَلبَها، كانَت تُريد فَقط أذيّتَهُ كما فَعل بِها، لِذا أردَفَت بِقسوّة لا تُلائِمها..

" أي سَعادَة!، أنت دمّرتني وَحسب، ولٰكِنّي بَنيت ذاتي مِن جَديد والآن ها أنا أقِف أمامَك، وأراك على حَقيقَتَك التي كُنت أتجاهَلَها.."

عَم الصَمت بينَهُما لِثوانٍ قَبل أن تُكمِل بِهمسٍ مُهاجِمَة أيّاه..

" أنت أقسى وأسوء مِمّا تَخيّلت.."

إنّها لَيسَت المرّة الأولى التي يسمَع فيها هٰذِه الكَلِمات، لَقد إعتاد على سَماعَها، لِلحد الذي جَعلَهُ لا يَشعُر بِشيء عِند سَماعَها، ولٰكِن الآن كان وَقعَها مؤذٍ بِطريقَة غَريبَة عَليهِ، لَا يَعلَم كَيف وَصل النِقاش إلى هٰذا المَكان، ولٰكنّهُ لَم يتمنّى أن تكون الأمور بِهٰذِه الطرِيقَة عَلى الإطلاق، لَم يَكُن راغِبًا بِجعلَها تُلاحِظ تَأثير كَلِماتَها عَليهِ، لِذا بَقى عَلى حالَهُ ثابِتًا، بِملامِح صارِمَة، وكأنّهُ مَصنوع مِن الفولاذ، قَبل أن يَقول بِنَبرَة تِلقائيّة غير مُهتمًا بِما قالَتَهُ..

" أنا هُنا لِلكَلام عَن لويس أنطوان وَليس عَني، ما حَدث بينَنا كان مِن الماضي وإنتَهى، عَليكِ فَقط أن تَعلَمي بِأن بَعض مِمّا توصّلت إليهِ مِن بَحثي عَن لويس، هو أنّهُ كان يُعنِّف زوجَتَهُ، لِذا أردت مِنكِ الحَذر مِنه.."

هٰذِه المرّة لَم يَكُن راغِبًا بِسماع وَقول المَزيد، لَقد أخبرَها بِما يُريدَهُ وَحسب، لِذا حالَما أنهى كَلِماتَهُ تَركَها بِمُفردَها عائِدًا لِلداخِل، حيث كان لايزال الإحتِفال مُستمِّرًا والكَثير مِن الناس يَرقصون، هٰكذا هي فلورنسا وسُكانّها، يَعشقون الإحتِفالات في كُل فصول السَنَة، لَقد جاء مُلبيًا الدعوَة فَقط لِيُثبِت حَقيقَة شكوكَهُ، لويس أنطوان يحوم حولَها، يُريدَها أن تَكون حبيبتَهُ، ولٰكِن ذٰلِك سيَكون أبعد حُلم، ولَن يَضع يداهُ عَليها إلّا إن كان ينوي الموت، لَقد حذّرَهُ آريان مُسبقًا، قَبل أعوام ولٰكِن على ما يَبدو فَهو قَد غاب عَن بالَهُ الأمر، أو رُبما يَظُن بِأنّهُ قادِر على أخذَها فَقط لِأنّها لَم تَعُد مَع مُنافِسَهُ، أيًا كان ما يُفكِّر بِه لويس فَهو سيذهَب الآن إليهِ ويُبطِل كُل مُحاولاتَهُ، بَحث بِرماديتاهُ الحادّة عَنَهُ، وَوجدَهُ بَعد فَترَة يَقِف بِجوار أحدَهُم في حِوار خاص، لِذا بِحَذر بَقى بَعيدًا، فَهو لَن يُخاطِر لِلكَشف عَن مَن يَكون، بَقى يُراقِبَهُ مِن مَكانَهُ وقَد أخذ عَصير بارِد لا يعلَم عَنهُ شَيء فَقد تجرَّعَهُ دُفعَة واحِدَة، يَشعُر بِالعَطش والحرارَة تتدفّق في كُل خلايا جَسدَهُ غَضبًا، لِمُجرَّد التَفكير بِكُل ما قالَتَهُ يولاند، يولاند التي ظَهرَت بَعد فَترَة لِتعود حَيث كانَت مجموعة مِن الفتيات في طاوِلَة واحِدَة، لاحَظتَهُ ورَمقتَهُ بِنظرَة عابِرَة خاليَة مِن أي شَيء قَبل أن تَندمِج مَع الشابّات حولَها، أمّا هو فَقد عاد لِتفقُّد هَدفَهُ، لويس أنطوان رَجُل ذَكي بِالفِعل، لَقد أخفى حياتَهُ مَع زوجتَهُ بِشكلٍ مُثير لِلريبَة، ورُبما إن لَم يستَمِر بِالبحث مُتعمِّقًا لَن يَجِد شَيء، وهو لَن يترُك ذٰلِك الإحتِمال أبدًا..

بَعد فَترَة لاحَظ بِأنّهُ وصلَهُ إتِّصال مُهِم، وغادَر مُعتَذِرًا مِن الرَجُل الذي كان بِرِفقتَهُ، ليُجيب تِلك المُكالَمَة، وهو بِدورَهُ إستَغل الفُرصَة لِلذهاب خَلفَهُ لِلخارِج، وحالَما أصبح كِلاهُما بَعيدًا عَن قاعَة الإحتِفال، بَقى آريان واقِفًا بَعيدًا عَنَهُ، كان يتكلَّم هٰذِه المرّة بِالفرنسيّة، رُبما كان يُحادِث أحد أفراد عائِلتَهُ، لَم يَكُن يهتَم بِكُل هٰذا، كُل ما يُريدَهُ هو أن يَضرُب هذا المُختَل السادي المَريض وَحسب، حالَما إنتَهى لويس أنطوان مِن مُكالمَتَهُ إستدار ينوي العودَة لِلداخِل ولٰكِنّهُ توقّف مُبتَسِمًا تِلك الإبتِسامَة المَجنونَة التي تَستفِز مَن أمامَهُ، وهو يَهتِف بِترحيب زائِف..

" مَرحبًا ألبيتسي!، يالَهُ مِن شَيء غَريب أن أُقابِلَك في مَكان كَهٰذا بَعد كُل هٰذِه الفَترَة، أعني بِأن إعتِزال الكِتابَة، جَعلَك تَقبل دعوات الحضور لِحفلات كَهٰذِه، بِالرُغم مِن أن لا أحد يَعرِفَك، هُناك تَقدُّم كَبير.."

إقتَرب آريان مِنه بِخُطوات مُتمهِلّة، حتى وَقف أمامَهُ مواجِهًا لِتِلك الأعيُن السوداء القاتِمَة التي يُخفي خَلفَها الكَثير، كان يَضع آريان يداهُ في جيوب بِنطالَهُ الرسمي، وهو يقُف ثابِتًا أمامَهُ، ثُم جاءَت كَلِماتَهُ بارِدَة وهو يُحاوِل الحِفاظ على هدوءهُ..

" أُحاوِل الإندِماج، كَما تَفعل أنت، خافيًا حَقيقَتَك عَمّن حولَك.."

كان لايزال مُبتسِمًا وكأن لاشَيء قادِر على تَحطيم تَعجرُفَهُ ذاك، لايزال عَلى حالَهُ لَم يتغيّر فيهِ شَيء، ذات الشخصيّة المُثيرَة لِلغثيان بِالنِسبَة لِآريان الذي كان يستَمِع لِكَلِماتَهُ، وهو يكبح رَغبتَهُ في قتلَهُ..

" لِكُل مِنّا شَيء يُخفيهِ عَن نَفسَهُ، حتى يَكون مِثاليًا أمام العالَم.."

ضَحكَة هازِئَة هَربت مِن شفاه آريان الذي كان يَعلَم أي نوع هو مِن الناس، لِذا بِنَبرَة ساخِرَة أردَف وهو يُضيق عيناهُ عَليهِ..

" بِإمكانَك خِداع العالَم، ولٰكِن لَيس بِإمكانَك خِداعي وخِداع أُنثى كَيولاند.."

" أظُن بِأنّها أذكى مِن البَقاء على ذِكراك، هي تَستَحِق مَن يُجيد مُعامَلتَها.."

تِلقائيّة ردّهُ، ونَبرَة الغرور الواضِحَة في صوتَهُ، جَعلت مِن آريان يَضغط على قبضتَهُ، وهو يُردِف بِزمجرَة بِإمكان من أمامَهُ فِهم ما بَعدها..

" أتظُن بِأنّي سَأترُكَك تَضع أصبع واحِد عَليها!، أنت رَجُل ذو أحلام خياليّة.."

كان بِإمكان لويس أنطوان الشعور بِمُحاولات آريان لِكظم غَضبَهُ، ولِإخفاء قبضتاهُ قَبل الهجوم عَليهِ بالضَرب حتى يُغمى عَليهِ كما حَدث قَبل أعوام، وبِالرُغم مِن ذٰلِك أردَف بِنَبرَة واثِقَة دون أن تَختَفي إبتِسامَتَهُ لِلحظَة..

" هَل تُراهِن!، بِإمكاني إثبات أنني قادِر على تَحقيق ما أحلَم بِه حتى وإن كان صَعب في نَظر مَن حولي.."

في لَحظَة واحِدَة وبِعُنف كان قَد جَذبَهُ آريان مِن ياقَة معطفَهُ الرسمي، التابِع لِبذلتَهُ الكُحليّة الأنيقَة، يَنظُر لَهُ بِطريقَة مُهلِكَة، بِإمكانَها إخافَة أيًا كان أمامَهُ، ولٰكِن لويس بَقى ثابِتًا عَلى حالَهُ وهو يستمِع لِكَلِمات آريان، التي جاءَت بِنَبرَة سوداويّة مُزمجِرًا، وهو يُشدِد على مَخارِج الحروف..

" حاوِل فَقط، صَدّقني أنَت رَجُل ميّت بِكُل الأحوال.."

التَهديد الذي في نبرَتَهُ كان حَقيقًا، شَعر لويس بِذٰلِك، وهٰذا جَعل مِنَهُ يبقى صامِتًا في وجَه آريان، فَهو ومِن تَجرُبَة يَعلَم بِأنّ كَلِمَة واحِدَة أُخرى وسيتلقّى لَكمات عَنيفَة مِنه، وهٰذا كان آخِر ما يُريدَهُ حينذاك، فَهو في إحتِفال ووجهَهُ سيكون في كُل الصُحُف إن حَدث وخاض شِجار مَع آريان، سُمعتَهُ هي أهم شَيء، ولَن يُخاطِر بِها لِأجل أي شَيء، كُل ما فَعلَهُ هو إنتِزاع نَفسَهُ مِن قبضَة آريان يُعيد هندمَة نَفسَهُ قَبل العودَة لِلداخِل، كان يتمنّى آريان أن يطيح بِه أرضًا ويُمارِس عَليهِ كُل فنون القِتال، ولٰكِن المَكان كان غَير داعِمًا لِرغباتَهُ، لِذا عاد لِلداخِل، ينوي مُراقبَة يولاند حتى نِهايَة الأُمسيَة، كانَت لاتزال في مَكانَها، فَوَقف هو وَحيدًا يُراقِبَها وقلبَهُ يَغرَق، حينَما يتخلَّص مِن لويس أنطوان سيترُكَها في حال سَبيلَها، ولَن يعود لِمُضايَقتَها، فَهي تَبدو لَهُ غَير قادِرَة عَلى تحمُّل وجودَهُ حَولَها بِأي وسيلَة، كان منبوذًا تمامًا مِن أرضَها، ولَن يفرِض نَفسَهُ عَلى حياتها مُجددًا، كما أخبرَهُ فيتال سَيعود مَلعونًا وَحيدًا، بِالتأكيد سيعود، وماذا في ذٰلِك!، لَقد إختار هذا المَصير بِنفسَهُ مُنذ زَمن، ولا شَيء سيتغيّر، لَقد عاش كُل تِلك الفترَة دون مُحاوَلَة التَفكير بِالعودَة لَها لِمرّة واحِدَة، لا شيء سيتغيّر، أخبر نَفسَهُ وهو يراها تَأخُذ حَقيبتَها ومعطفَها، تَستَعِد لِلمُغادَرَة، وحالَما خرَجت لِلخارِج، خَرج هو حَيث كان يركن سيّارَتَهُ، ليستَقِلّها ذاهِبًا حَيث ستَذهَب هي، وحالَما إنطَلقَت إنطلق خَلفَها، على بُعد مُناسِب مِنها، كَي لا تُميّزَهُ، ما الذي كان يَفعلَهُ لا يَفهَم، ومَتى أصبَح هٰذا الرَجُل حتمًا لا يَعلَم، ولٰكِنّهُ يَعلَم بِأنّهُ الصواب وَحسب، وهٰذا كان كافيًا..

حالَمّا توقّفَت سيّارَتها أمام المَنزِل، ودَخلت لِلداخِل، عاد هو إلى مَنزِلَهُ، مُرهَقًا مُتعَبًا، يَحتاج لِشيء يَقضي عَلى هٰذِه المَشاعِر السيئّة التي راوَدتَهُ بَعد لِقاء اليَوم، وما فعلَهُ هو تَغيير ثيابَهُ لِأُخرى تُناسِب المُلاكَمَة، قَبل أن يَذَهب لِصالَة الرياضَة، وحالَما أمسك بِكيس المُلاكمَة تخيّل وَجه لويس أنطوان المُستَفِز، والذي لَم يَستَطِع تَشويه مَلامِحَهُ الواثِقَة تِلك، فَبدأ بِتسديد اللكمات بِعُنف، لِلحد الذي جَعلَهُ يَشعُر بِأن الكيس سيتمزّق لِأشلاء، إستمر عَلى ذٰلِك الحال لِمُدّة ساعَة ثُم تذكّر قالِب الكيك الذي في ثلاجتَهُ، فَترَك المُلاكَمة وهو يتصبب عرقًا، كان لا يرتدي قميص، مُجرَّد بنطال قُطني مُناسِب لِلرياضَة، حال خُروجَهُ أسرع نيرو نَحوَهُ، مُتتبعًا خُطاه، نَحو المَطبَخ، فَتَح الصنبور وأغرق رأسَهُ تَحت المياه، ليتخلَّص مِن تِلك الحرارَة التي في رأسَهُ والصُداع الذي داهمَهُ، ثُم أغلَق المياه ومرر أنامِلَهُ على خصلات شعرَهُ المُبتل، سار نحو ثلاجتَهُ وأخرَج قالِب الكيك المُزين بالشوكولاتَة، وهو يَشعُر بِالسعادَة، وَضع القالِب فوق طاوِلَة الطَعام، وأخرَج قِطعَة لَحم كَبيرَة ليضعَها لِنيرو الذي كان مُتحمِّسًا، وبدأ بِتناوَلها، كما سار هو ليتناول ذٰلِك القالِب بِنُهم، جائِعًا ومُتضايقًا، مُتمنيًا أن تَحِل الحلوى كُل شَيء، ولٰكِنّهُ ولِلمرّة الأولى يَشعُر بِالوِحدَة، رُبما لِأن فيتال مُسافِرًا، وهو غير مُعتاد على سَفر فيتال لِفترَة طويلَة، كان يَأتي لِلسَهر بِرِفقتَهُ لِلكَثير مِن الأيّام، حتى بوجود روزيلا، لَم يتغيّر شَيء..

لَعق الشكولاتَة التي كانَت عالِقَة في طَرف شفتَهُ، وأعاد القليل مِما تبقّى مِن القالِب لِثلاجتهُ، قَبل أن يَصعَد لِغُرفتَهُ بِرِفقَة نيرو، كان يُريد الإتِّصال بٍفيتال، ويسألَهُ عَن موعِد عودتَهُ، ولٰكِنّهُ وَجد أنّهُ سيكون مُزعِجًا وَحسب، سينتَظِر عودَة فيتال لِتنفيذ ما يُريدَهُ بِالتعاون مَعَهُ، أمّا الآن فَهو يَعلَم ما الذي سيفعلَهُ هٰذِه الليلَة، الرَسم، ثُم الكَثير مِن الرَسم حَتى التَعب..

* * *

الخامِس والعُشرين مِن مارس | عودَة أُنثى الفضول | السادِسَة والنِصف حيرَة | فلورنسا..

كانَت تَمشي بِجانِب روبيرتو في ساحَة مايكل أنجلو، وهي تُفكِّر بِكُل ما قالَهُ آريان لَها، هي مُيقنَة تمامًا أنّهُ وبِالرُغم مِن كُل شَيء لَن يَكذِب بِشأن أمر كَهٰذا لأي سَبب كان، وهٰذا جَعلَها غَير قادِرَة على النوم في الليلَة السابِقَة، وهي تتخيّل حَقيقَة الأمر، فِكرَة تَعنيف زوجتَهُ لَم تَكُن بَعيدَة عَن التَصديق، فَهي سَبق وقيّمَتَهُ وتَعلَم أن رَجُل مُختَل مِثلَهُ قَد يَبدُر مِنه فِعل كَهٰذا، جَلسَت بِرِفقَة روبيرتو عَلى أحد المَقاعِد، وهي تُشارِكَهُ عُلبَة الدونات بينما يَشربا القَهوَة مَعًا..

" روبيرتو!، أُريد الدخول لِعالَم لويس أنطوان.."

خرَجَت كَلِماتَها بَينما هُما يُراقِبا المُشاة، وكُل ما حَولَهُما، إبتَلَع روبيرتو قِطعَة الدونات بِصعوبَة حال سَماعَهُ لِكَلِماتَها، قَبل أن يَهتِف موبِّخًا..

" ها نَحن ذا مِن جَديد، يولاند!، ما هٰذا الهوس الغريب في تتبُّع الرسامين!.."

ضَحِكَت وهي تُريح ظَهرَها عَلى المقعد، مُستَمِرّة بِتناول الدونات، كانَت ردّة فِعلَهُ المَفزوعَة تُعبِّر عَن خوفَهُ مِن خوضَها لِحِكايَة أُخرى مؤذيَة، وقد تفهمَّت ذٰلِك لِذا بِنَبرَة مُطمئِنَة أردَفَت وهي تَنظُر لَهُ..

" الأمر مُختَلِف هٰذِه المرّة.."

صَمتَت لِثوانٍ وهي تَراهُ ساكِنًا في مَكانَهُ وعَلامات الجَهل واضِحَة في مَلامِحَهُ، إبتَسَمَت وهي تُكمِل مُوضِّحَة..

" أُريد أن أفضَحَهُ.."

ضَحِك بِبلاهَة، وهو لايزال يَنظُر لَها غَير قادِرًا عَلى فِهم شَيء مِمّا كانَت تَقولَهُ، قَبل أن يَقول بِتشويش..

" يولاند!، أنا حَقًا لا أفهَم شَيء.."

مَحت بَقايا الشوكولاتة مِن شَفتيها، قَبل أن تَعتَدِل في جَلسَتها مُتأهِبّة لِلشَرح لَهُ، بِنَبرَة تَجمَع ما بين الحيرَة والإصرار..

" لَقد إلتَقيت بِه في الحَفل في الأمس، وَطلب مِنّي أن أكون حَبيبَتَهُ، وفي ذات الوَقت، كان...نيچرو ألبيتسي هُناك وأخبَرني بِأنّهُ ومِن خِلال بَحثَهُ عَن لويس أنطوان كان يُعنِّف زوجَتَهُ، لِذا أُريد أن أحصُل عَلى أجوِبَة، إن كان فَعل ذٰلِك أنا لَن أترُك الأمر، سأصِل لِشيء وأُلقي بِه في السِجن بِسبَب أفعالَهُ، حينَها حتى وإن خرَج ستكون سُمعتَهُ سيئّة وسيفقِد كُل شَيء سعى لَهُ.."

لِمُدّة طويلَة بَقى روبيرتو هادءًا، لا يُبدو عَليهِ الفِهم الكامِل، ولٰكِن عَيناهُ الزَرقاء ضاقَت بِإدراك، وهو يَقول بِنَبرَة موبِّخَة..

" هل إلتَقيتِ بِألبيتسي!، وهو مَن أخبَرَكِ بِهٰذا، وبِكُل بَساطَة تُصدِّقين ما يَقولَهُ!!.."

كانَت يولاند قادِرَة عَلى فِهم روبيرتو، فَهو كان أكثَر مَن رأى الضَرر الذي تَسبَب بِه آريان لَها، لِذا إلتَقَط الجُزء الذي يَخُصّهُ مِن كُل ما قالَتَهُ لَهُ، حاوَلَت أن تَجِد الكَلِمات المُناسِبَة، فَهي وَحدَها مَن بِإمكانَها أن تَفهَم كُل ما قالَهُ آريان، لِأن كِلاهُما قابَل الوجه الحَقيقي لِلويس أنطوان، الوَجه الذي يُخفيهِ عَن العالَم، لِذا صدّقَت ما قالَهُ لَها، ولٰكٍن روبيرتو كان لَهُ رأي آخر وهو يُخاطِبَها بِإنفِعال وتَوبيخ..

" يولاند!، هٰذا الرَجُل مُتملِّك مَجنون، حينَما رَأكِ بِرِفقَة لويس أنطوان بِالتأكيد لَم يَروق لَهُ الأمر، فَحاوَل أن يشوِّه سُمعتَهُ بِهٰذِه الأفكار، أنسيتِ!، لَقد كان يَكرَهني فَقط لِأنني صَديقَكِ.."

أشاحَت بِوجَهها عَنَهُ، تَنظُر لِما أمامَها، لَقد كانَت مَعَهُ في هٰذا المَكان، يتمشيان مَعًا وفي داخِلهُما شَغف وشَيء لا يُمكِن تَفسيرَهُ حَتى اليَوم، بِإمكانَها رؤيَة خيالَهُما وهي تتناول المُثلّجات مَعَهُ، كُل ذٰلِك أصبَح مُجرَّد ذِكرى مِن المَاضي الذي لَن يعود، والتَفكير بِذٰلِك جَعل مِن صوتَها يَبدو شارِدًا، وهي تُجيب روبيرتو دون النَظَر لَهُ..

" لَقد مَضت أعوام يا روبيرتو، لَم يَعُد شَيء كَما كان، لا أنا ولا حَتى هو نَملِك هٰذا النوع مِن المَشاعِر، لَقد إنتهى كُل شَيء، كما أنني خضت مَعَهُ في شَيء يَجعلنا نُصدِّق إمكانيّة فِعلَهُ لِأمر كَهٰذا.."

روبيرتو كان يُلاحِظ كُل تَغيُّرات مَلامِحَها، وحتى نَبرتَها، كان بِإمكانَها خِداع الجَميع عداهُ هو، يَعرِفَها مُنذ ستّة أعوام، ولا يُمكِن لَها أن تَخدَعَهُ، لِذا خاطَبَها وهو يُحاوِل ألّا يَكون قاسيًا مَعها بِنَبرَة هادِئَة..

" طالَما أنّكِ بِالفِعل تخلَّصتِ مِن مَشاعِرَكِ تِجاهَهُ، لِماذا لازِلتِ تَرفُضين الخروج مَع أحدَهُم!، أنتِ في الثامِنة والعُشرين مِن العُمر، وأمامَكِ الكَثير مِن الخيارات المُتاحَة، ولٰكِنّكِ لا تُريدين مواعَدَة أحد حتى وإن كان مِثالي.."

كان مُحِق، هي تَحبِس ذاتَها في قفص مَنيع، وكأن كُل الرِجال سيقومون بِأذيّتَها، ولٰكِن ذٰلِك لَم يَكُن يَعني أنّها لاتزال تَشعُر بِشيء نَحو آريان، لِذا قامَت بِنفي كُل ما كان روبيرتو يُفكِّر بِه، وهي تُردِف بِنَبرَة مُرهَقَة..

" هٰذا أمر مُختَلِف..أنا لَم أعُد أُريد المُخاطَرَة بِقلبي مُجددًا، في المرّة الوَحيدَة التي إتخذت فيها هٰذِه الخُطوَة أدرَكَت بِأنّهُ أعظَم ذنوبي، لِأنني كُنت مَعَهُ هو وَحسب على سجيتي، بِعُمق وَصِدق، أحببتَهُ بِكُل ما احمل في قلبي مِن طاقَة لِلحُب، عامَلتَهُ كإبن لِقلبي، بينَما هو فَقد كان يُعامِلَني كَزائرَة لَن تُطيل البَقاء، هل تَعرِف هذا الشعور!، بِأنّك مُستَنزَف ولا تَستطيع بَعد الآن عَلى العَطاء!، هٰذا ما أشعُر بِه، لَقد خاطَرت، وبَعض المُخاطَرات تُكلِّف المَرء كُل شَيء، وتُغيّرَهُ إلى شَخص لا يُريد أن يَكونَهُ.."

كان صامِتًا، لا يُريد مُجادَلتَها في أمر مؤذٍ كَهٰذا، حَتى وإن أنكَرت، كان يَعلَم بِأن ذِكرى هٰذا الرَجُل ستبقى مؤذيَة وَحسب، وهٰذا جَعلَهُ يلتَزِم الصَمت، ومَع صمتَهُ ذاك قَررت يولاند تَغيير الحِوار لِتُزيح ذٰلِك التوتُّر، قائلَة بِمَرح وهي تَضرُبَهُ على ذِراعهُ..

" ثُم أنت وَحدَك الغَريب هُنا، لا تُريد الزواج أو حَتى الإرتِباط بِإحداهُن.."

" الزواج!!، لَم أفقِد عَقلي بَعد، كُلّما رأيت حالَة إخوَتي مَع أطفالَهُم تَراجَعت عَن الفِكرَة، كما أنني لَم أجِد مَن تُناسِبَني.."

جاءَت كَلِماتَهُ بِتِلقائيّة مُتذمِّرًا، فَضَحِكَت يولاند وهي تُردِف بِنَبرَة مُتلاعِبَة وهي تشِد وَجنتَهُ نَحوَهُ تُلاطِفَهُ..

" أنت فَقط خَجول، سأبَحث عَن أُنثى جَريئَة تُفقِدَك السيطرَة عَلى نَفسَك.."

أبَعد يَدها عَنهُ مُنزَعِجًا، قَبل أن يُردِف مُتمنِّعًا مُحذرًا إيّاها..

" تَعنين وقحَة مِثلُكِ!، مُحال إيّاكِ والمُحاولَة حَتى.."

ضَحِكَت مُستمتِعَة وهي تَراهُ رافِضًا أفكارَها بِتِلك الطريقَة، تَعلَم بِأنّهُ لَن يَعتَمِد عَليها في ذٰلِك أبدًا، ولِتُغيظَهُ خاطَبَتَهُ مُتذمِّرَة مِن بين ضحكاتَها..

" ما بِك!، لَقد دَفعتَك لِلنوم مَع فتاتين وَحسب، وقد أفسدت الأمر.."

" أنتِ صَديقَة فاسِدَة.."

أبعَدَها عَنهُ مُتضايقًا مِن ذِكرَها لِلأمر، مُقاوِمًا رَغبتَهُ في الضِحك وهو يَسمَع ضِحكاتَها العاليَة، كان يَعلَم بِأنّها تُحِب إزعاجَهُ، وتَعلَم كَيف تُزعِجَهُ، ومَع ذٰلِك فَهو لا يَتخِّذ الأمر إلّا مِن مَنظور الهَزل وَحسب، إستمتَع كُلًا مِنهُما بَعد ذٰلِك بِتناول الدونات، وقررا التَمشيَة في الساحَة، قَبل العودَة لِلمَنزِل، ودّعت يولاند روبيرتو وعادَت لِمنزِلَها، حينَما كانت الساعَة تُشارِف على الدخول لِلعاشِرَة ليلًا، كانَت ليلَة طويلَة وهي تُفكِّر بِكُل ما قالَهُ لَها روبيرتو، هل يُعقل أن آريان يَخدَعها فَقط لِأنّهُ سيكون شَيء مُزعِج لَهُ أن تواعِد لويس أنطوان، المُنافِس لَهُ، لا يُعقَل ذٰلِك، لَقد تَخطّاها مُنذ زَمن، ولا يملِك أي دافِع لِفعل أيًا مِمّا تُفكِّر بِه، حالَما غيّرَت ثيابَها، تَفقدّت جدّها الذي كان نائِمًا حينذاك، عَلى غير العادَة، فَهو مِن مُحِبي السَهر، ولٰكِن في الأيّام الأخيرَة لاحَظت تَعبَهُ، ولَم تَكُن تَرغب في إزعاجَهُ لِذا غادَرَت غُرفتَهُ، وبقيَت هي ساهِرَة في الشُرفَة تَقرأ رِوايَة شفرة دافنشي لِدان براون، بِرداء النوم الخَفيف، والرياح الصيفيّة الدافِئَة تُداعِب بَشرتَها وشَعرَها الأسوَد الحُر، حينَما شَعرَت بِالتَعب رَفعت رأسَها تَنظُر لِلشارِع، وحينَما فَعلَت رَأت سيّارَة مُرسيدس سوداء مركونَة على قُرب مِن مَنزِلها، إنّها تُشابِه سيّارَتهُ بِالتأكيد ولَيسَت هي ذاتَها، لَم تَستَطِع تَمييز إن كان هُناك أحدَهُم في داخِلَها بِسَبب العاكِس الأسود المُظلِم الذي يُخفي كُل ما يَحدُث في الداخِل، ولٰكِن شعورَها بِعَدم الإرتياح، لَم يَسمَح لَها بِالبقاء أكثَر، أخذَت كِتابَها، وعادَت لِلداخِل تُغلِق الشُرفَة على أي مُتطفِّل، وعادَت لِغُرفَتها لِلخلود للِنَوم..

* * *

الرابِع عَشر مِن إبريل الصِراعات الوِجدانيّة | فلورنسا..

كانَت الساعَة تُشير إلى الخامِسَة والنِصف، وقَد كان اليَوم هو موعِد عودَة فيتال وروزيلا مِن شَهر عَسلَهُما، آريان كان مُتحمِّسًا يتوق لِلقاء صَديقَهُ بِشوق، فَقد كانَت فَترَة صَعبَة ومُمِلّة دونَهُ، مُنشَغِلًا فَقط بِمُراقبَة يولاند، التي عَلى ما يبدو لَهُ لَم توافِق على عَرض لويس أنطوان، الذي لَم يَراهُ مُنذ ذٰلِك الإحتِفال، وهٰذا كان مُريحًا لَهُ بِطريقَةً ما، كما إنشغَل بِالبَحث عَنهُ وتَجميع الكَثير مِن التَحليلات، كان فَقط يَنتَظِر عودَة فيتال ليقوم مَعَهُ بِأهم خُطوَة، كان فَقط يُخبِرَهُ بِالقَليل في الهاتِف مِن خِلال مُكالَماتَهُما في فترة السَفر، أمّا الآن فَهو مُتحمِّسًا لِعودَة فيتال، رَن جَرس مَنزِلهُ فَأسرَع لِفتح الباب، عَلى غَير العادَة، ولٰكِن مَن أمامَهُ لَم يَكُن فيتال وروزيلا، بَل صوفيا بِرِفقَة ذٰلِك الطِفل الصَغير البالِغ مِن العُمر عام، يمتَلِك أعيُن رماديّة بِبريق مُذهِل، وشَعر أشقَر بِبشرَة بيضاء صافيَة، إبتَسَم حال رؤيتها وهو يُرّحِب بِها، مُداعُبًا الطِفل بِطرف إصبَعَهُ..

" مَرحبًا صوفيا.."

كان الإرتِباك جَليًا عَلى مَلامِحَها، وهي تُحاوِل إجبار ذاتَها على أن تَكون طبيعيّة بينَما تُخاطِبَهُ دون مُقدِّمات..

" أنا فَقط أُريد مِنك أن تُبقي لوثر بِرِفقتَك خِلال ساعَة فَقط، لَدي مَكان لِأذهب لَهُ ولا أستطيع أن آخُذَهُ، كما أن لَيس هُناك مَن يُمكِنني أن أأتمِنَهُ على الطِفل.."

إتّسَعت إبتِسامَتَهُ وهو يَنظُر لِلطِفل بِسعادَة، كَما كان هو الآخر مُبتَسِمًا مُمسِكًا بِلُعبَتَهُ، بِكُل سرور أجابَها وهو يمِد يداهُ نَحوَهُ بِنيّة أخذَهُ مِنها..

" بِالتأكيد هٰذا يسُرني، إذهبي أنتِ وأنا سأضعَهُ في عَيناي.."

سماعَها لِكَلِماتَهُ تِلك جَعلَها تزفر بِإرتياح، وهي تُسلِّم الطِفل لِأحضان آريان، لوثر ذَهب لِآريان دون تمنُّع عَلى عادَتَهُ، فَتِلك لَيسَت المرّة الأولى التي يُقابِلَهُ فيها، وحالَما حمَلَهُ آريان بِشوق أردَفَت صوفيا بِإبتِسامَة واسِعَة..

" إنّهُ يُحِبّك.."

" وأنا كَذٰلِك، إنّهُ طِفل هادِئ وجَميل، أنتِ مَحظوظَة لِتكوني والِدَتَهُ.."

كَلِماتَهُ جاءَت بِتِلقائيّة بينما لوثر يلَعب بِقميصَهُ الأزرَق، مُتناسيًا وجود والِدتَهُ، التي نَظرَت لِساعتَها وتَبدو على عَجلَة مِن أمرَها وهي تُردِف مُمتنّة قَبل مُغادَرتَها..

" شُكرًا لَك، سأذهَب أنا الآن.."

لوّح لَها بينَما هي تُغادِر، وثُم أغلَق الباب مُنفَرِدًا بِذٰلِك الطِفل الذي كان مُتشبِّثًا بِه، في كُل مرّة يُقابِلَهُ يَشعُر بِالسعادَة تَغمُرَهُ، وكأنّهُ طِفلَهُ، مُتساءِلًا إن كان يمتَلِك طِفل الآن هل سَيكون قادِرًا على إحتِواءَهُ!، أم هٰذا فَقط لِأنّهُ لَيس طِفلَهُ!، فالأمر مُختَلِف، أبعَد كُل تِلك الأفكار، وهو يُداعِبهُ ويُلاعِبَهُ بِرِفقَة نيرو الذي كان يَلعَقَهُ، وبِدورَهُ لوثر كان يَضحَك بين الحين والآخر، جاعِلًا مِن آريان يتعلَّق بِه أكثَر مُتمنيًا أن يَكون بِإستِطاعَتَهُ الإحتِفاظ بِه لِوقت أكثَر، لَم يَكُن يَعلَم بِوجود جانِبَهُ ذٰلِك ولا يُدرِك حتى مُنذ مَتى بَدأ بِحُب الأطفال، ولٰكِن لوثر كان طِفل جَميل مُختَلِف، هادِئ وبِأعيُن تُشابِه عَيناهُ، قَطع مُتعتَهُ هٰذِه المرّة صوت جَرس مَنزِلَهُ، وهٰذِه المرّة كان يَعلَم تمامًا مَن الطارِق، فَحمَل لوثر وذَهب ليفتَح الباب، بِإبتِسامَة سَعيدَة وهو يَنظُر لِفيتال وروزيلا التي كانت تُمسِك بِذِراعَهُ، كان فيتال مُبتَسِمًا هو الآخر قَبل أن تَبهَت إبتِسامَتَهُ، وهو يَصرُخ فَزعًا مُقاطِعًا آريان الذي كان يُريد التَرحيب بِهُما..

" لَقد تَركناك شهر واحِد فَقط، وعُدنا وأنت أب!!، كَيف فَعلتَها بِهٰذِه السُرعَة!!.."

ضَحِك آريان بِصوتٍ عالٍ بِرِفقَة روزيلا، بينَما يَدخُل كِلاهُما لِلداخِل، وحينَها لاحَظ أعيُن فيتال التي تَضيّقَت على مَلامِح الطِفل، قَبل أن يزفر بِإدراك قائِلًا بِنفور..

" آه تبًا، هٰذا طِفل صوفيا البَشِعَة.."

إحتَضنَهُ آريان بِنصف جَسدَهُ، كما فَعل مَع روزيلا، ثُم أردَف باسِم الثَغر..

" مَرحبًا بِك يا صَديقي وأنا كَذٰلِك إشتقت لَك.."

قَلب فيتال عَيناهُ ضَجرًا وهو يَدخُل بِرِفقَة روزيلا لِلداخِل، رَمى بِجَسدَهُ على الأريكَة الواسِعَة، وحينذاك إقتَرب مِنه نيرو يُداعِب قدَمَهُ، كما جَلست روزيلا بِجانِبَهُ وهي تُمرِر أنامِلَها بين فَرو نيرو الناعِم الكَثيف، أمّا آريان فَجلس في أحد الأرائِك المُنفَصِلَة، ليستَمِع لِفيتال الذي أجاب ضاحِكًا..

" لا داعٍ لِهٰذِه المُجامَلات تَعلَم بِأنني إفتَقدتُك حتى وإن لَم أقول ذٰلِك، وَحقًا لا تَكذِب، أعلَم بِأنّك كُنت مُرتاحًا في غيابي.."

لَا يَعلَم فيتال أن الفترَة التي غاب فيها كانَت أسوء فَترات حياة آريان، فَقد حَدث الكَثير، وقَد كان يَشعُر بِالحيرَة لِعدَم وجود أحد بِجانِبَهُ ليُسانِدَهُ، ولٰكِن ذٰلِك كان آخِر ما سيعتَرِف بِه، لٍذا أجابَهُ وهو يُداعِب شَعر لوثر القَصير الناعِم..

" بِإمكانَك القَول بِأن أوقاتي لَم تَكُن سيئّة كَثيرًا.."

نَظرات فيتال بَدت مُثبّتَة على الطِفل الذي كان يلعَب بِتِلك اللُعبَة الصَغيرَة، ويعُضّها بِإستِمرار، عادَت عَيناه الزرقاء الصافيَة لِتأمُّل آريان الذي كان مُستمتِعًا بِوجودَهُ، قَبل أن يَهتِف بِنَبرَة هازِئَة..

" أنا أرى ذٰلِك، هل أصبَحت جَليس أطفال!، تِلك المَرأة فاسِقَة بِحَق، لِماذا تَرمي بِطفلَها في أحضان رَجُل غَريب هٰكذا وتَذهب، أظُنّها تَقوم بِأعمال غير أخلاقيّة.."

تَغيّرَت مَلامِح آريان إلى إنزِعاج واضِح، وهو يَنهرَهُ بِنَبرَة مُنزَعِجَة حادّة..

" فيتال!!، كَفاك إهانَة لَها، إنّها امرأة لَطيفَة ولا يُمكِن أن تَكون كما تَعتَقِد، كما أنها المرّة الأولى التي تَترُكَهُ بِرِفقَتي، ستعود لِأخذَهُ بَعد ساعَة..مَع الأسف.."

أيًا كان ما يَقولَهُ آريان فيتال لَن يقتَنِع بِأي مِما يَراهُ صَديقَهُ في تِلك المَرأة، رُبما السَبب يَعود لِعَدم مَعرِفتَهُ الجيّدَة بِها، فَهي تَعيش في الحي بِجوارَهُم مُنذ سَنة وَحسب، ومُنذ رؤيتَهُ لَها لَم يستَطِع فيتال أن يَرى فيها أي شَيء لَطيف كما يَقول آريان، ولِأن دِفاعَهُ عَنها كان مُستفِزًا لَهُ أردَف بِنَبرَة مُستفِزّة لِلآخر، وهو يَبتَسِم لَهُ إبتِسامَة زائِفَة..

" ما رَأيك بِالزواج بِها!، تَبدو مُحِبًا لَها ولِطِفلَها.."

رَمقَهُ آريان بِضَجر واضِح، قَبل أن يبتَسِم وهو يَنظُر لِلوثَر بِحُب مُردِفًا بِنَبرَة هادِئَة مُستلطِفًا الطِفل..

" ومَن لا يُحِب طِفل كَلوثر!، إنّهُ جَميل وهادِئ.."

" حسنًا لَقد بَدأت بِالشَك، أهو طِفلَك!؟، هل كُنت تَنام مَعها في أيام عودتَك لِهُنا!، فَالطِفل عَيناهُ كَعيناك..إن فَعلت فأنا لَن أعتَرِف بِطِفل غَير شَرعي.."

ها هو ذا فيتال بِطبعَهُ الذي لا يَتغيّر يَتَّخِذ كُل شَيء على مَحمل الهَزل، دون أن يُراقِب كَلِماتَهُ وماذا يُمكِن أن تُسَبِب لِمَن حولَهُ، كان آريان يَنظُر لَهُ دون أن يُبدي أي رَد فِعل على كَلِمات فيتال التي يُجدَر بِها أن تَكون مُضحِكَة، روزيلا لاحَظت كيف تَغيّر كُليًا، لِذا هتَفت توبِّخَهُ وهي تَقوم بِقرصَهُ..

" فيتال!!، كَفاك هُراء!!.."

" إن كان طِفلي، فَكانَت ستُخبِرَني بِذٰلِك، ولٰكِنّهُ لَيس طِفلي.."

خرَج آريان عَن صمتَهُ بِتِلك الكَلِمات، ليُشاهِد تَغيُّر مَلامِح فيتال وشحوبَهُ، كما تَجمّدَت روزيلا في مَكانَها، غَير قادِرَة عَلى قول شَيء تَعليقًا على ما فَهِمتَهُ مِنه، وكَعادَتها لَم تَتدخّل ولَم تُفصِح عَن أفكارَها، وَحدَهُ فيتال مَن كان يمتَلِك تِلك القُدرَة والجُرئَة على مُجادلَتَهُ، وفيتال حينذاك كان صامِتًا، يُراقِب كَيف كان آريان يتصرَّف تِجاه لوثَر، وكأنّهُ بِالفِعل طِفلَهُ، إبتَلَع فيتال صدمَتَهُ قَبل أن تَخرُج كَلِماتَهُ مُتقطِّعَة غَير مَفهومَة..

" آريان!، هل...أنت وهي!، هل نمت...."

قاطعَهُ صوت آريان الهادِئ بِجمود مُثير لِلقَلق، وقَد أدرَك ما يُريد فيتال قولَهُ..

" لِمرّة واحِدَة، ورُبما لِمرّتين، نَعم فَعلت حينَما كانَت جَديدَة في الحي، ولٰكِنّها عَلاقَة عابِرَة، وهي تَعلَم ماذا يَعني ذٰلِك.."

عَم الصَمت، وأصبَح الهُدوء طاغيًا كَما كَان الجمود في مَلامِح فيتال وروزيلا، ما الذي كان يُفكِّر بِه فيتال!، وما الذي يُريد الوصول إليهِ بِهجومَهُ ذٰلِك لَم يَعُد قادِرًا على تَفسيرَهُ، بَعد ثوانٍ مِن ذٰلِك الصَمت، حينَما لاحَظ آريان أنّهُ قام بِإلقاء قُنبلَة عَليهُما، عاد صوتَهُ ليكسِر الهدوء بِنَبرَة غاضِبَة موبِّخًا فيتال..

" تبًا لَك!، أي نَوع مِن الرِجال تَظُنني!، أنت تَعلَم بِأن هٰذا لَن يَحدُث.."

زَفر فيتال بِقوّة وكأنّهُ كان مُحاصَر بِوحوش قاتِلَة، إتَّضَح عليهِ الإرتياح كما كان عَلى روزيلا، قَبل أن يَهتِف مُوبِّخًا آريان..

" لَقد توقّف قلبي لِلحظَة، لَديك تَمثيل مُقنِع، اللعنَة عَليك.."

بِالتأكيد، كُل تِلك الفَترَة التي مَضَت كان مُمثِّلًا مُقنِعًا، لِلحد الذي يَجعل كُل مَن حولَهُ يُصَدِّقونَهُ، إبتَسَم بِفتور وهو يُشيح بِعيناهُ، نَحو لوثر ليُداعِبَهُ، وحينذاك نَهض فيتال كما فَعلَت روزيلا، قَبل أن يُحادِث آريان وقد عادَت لَهُ إبتِسامَتَهُ..

" هيا لِنذَهب لِمنزِلي، لِنسهر هُناك، لَدينا أنا وروزيلا الكَثير لِنحكيهِ لَك.."

لَم يَكُن آريان في مَزاج جَيّد بَعد سَماع كُل ذٰلِك، ولٰكِنّهُ مُجبرًا على الذَهاب بِرِفقَتهُما، هو وكَلبَهُ والطِفل لوثر، إلى مَنزِل فيتال وروزيلا، ولَم يغيب عَن بالَهُ إبلاغ صوفيا بِمكانَهُ كَي تَعلَم أين هو طِفلَها حينَما تُريد إستِعادَتَهُ، جَلس آريان بِرِفقَتهُما، يستَمِع لِثرثرَة فيتال المُتحمِّس وهو يَحكي لَهُ كَيف كان شهرًا حافِلًا، لَقد سافرا إلى ثلاثة دول مُختَلِفَة، مُستمتِعان بِكُل لَحظَة، وجهتَهُما الأولى كانَت في باريس، إنتِقالًا إلى لاس فيغاس، ومِن هُناك إلى موسكو، ثُم لِلمالديف لِلإستمتاع بالصيف، بِالرُغم مِن حَقيقَة أن فيتال أصبَح في الثلاثين مِن العُمر إلّا أنّهُ لَم يتغيّر طَبعَهُ الطفولي، ولا حتى حُبّهُ لِإغاظَة روزيلا ومُمزاحتَها بِكُل طُرقَهُ التي لا تُطاق غالِبًا، ما تغيّر هو قُدرَة روزيلا على تقبُّل مُزاحَهُ، أمّا آريان فَكان فَقط يَشعُر بِالسعادَة لِإستِقرار فيتال، مُتمنيًا لَهُ الحياة السَعيدَة التي يستَحِقَها، غَير قادِرًا عَلى تَجاهُل شعورَهُ بِالنقص الذي يُداهِمَهُ في أحيان كَثيرَة، حتى اليوم يتمنى آريان أن يمتَلِك نِصف بساطَة فيتال، ولٰكِنّهُ يتذكَّر في الحال أن كِلاهُما تَرعرَع في ظروف مُختَلِفَة، لِذا كان دائِمًا يُزيح تِلك الأفكار في الحال، وهٰذِه المرّة كان يمتَلِك الطِفل لوثر الذي كان يُلهيهِ عَن التَفكير بِتِلك الطَريقَة، سَعيدًا بِوجودَهُ وغَير قادِرًا على رَفع عَيناهُ عَنهُ، مُتأمِّلًا بَرائتَهُ وهدوءَهُ، وضِحكاتَهُ اللطيفَة كُلّما إقتَرَب نيرو مِنه ليستنشِق رائِحَتَهُ يحفظَهُ ويُداعِبَهُ، الإفتِتان كان واضِحًا في رَماديتاهُ وهو يتأمّل الطِفل، وهٰذا ما لاحَظَهُ كُلًا مِن فيتال وروزيلا، حتى اليوم لا أحد يَفهَم ما حَدث بينَهُ وبين يولاند، إن إستمرّت تِلك العَلاقَة لَرُبما كانا يمتَلِكان طِفل بِعُمر لوثر في هذا التوقيت، ولٰكِن كُل شَيء إنتهى بِصورَة مُفاجِئَة، لَم يَفهمَها أحد..

وَسط حِوارَاتَهُم، رَن جَرس مَنزِل فيتال، فَنهضَت روزيلا لِتَستَقبِل الزائِر، قَبل دخولَها لِحُجرَة الجلوس بِرِفقَتها، رَفَع آريان عَيناهُ عَن لوثَر حال سَماعَهُ لِذلِك الصوت الذي لَن ينساهُ طالَما هو حَي، بينَما يُراقِبها تَدخُل بِرِفقَة روزيلا لِلداخِل، كانَت لَحظَة واحِدَة وَحسب، تِلك التي توقّفَت فيها يولاند عَن الحَركَة وهي تَنظُر لَهُ ولِلطِفل الذي في حُضنَهُ يُداعِبَهُ بِمَرَح، تعلّقَت عَيناهُ عَليها، مُراقِبًا تَردُدَها حينَما رأتَهُ غَير قادِرَة عَلى التراجُع والعودَة مِن حَيث أتَت، قَطع ذٰلِك التواصُل البَصري بينَهُما فيتال الذي نَهض مِن مَكانَهُ ليحتَضِنَها بِشوق، وكَم كان مؤسِفًا لَهُ أن يَرى الجَميع قادِرًا عَلى لَمسَها عداهُ هو، وكَيف يَبدو غَريبًا غَير مُرحَّب بِه، وبِالرُغم مِن شعورَهُ بِإنزِعاجَها حال رؤيتَهُ قَرر البَقاء، مُسترجِعًا ذِكريات تَجمُّعاتَهُم، أمّا يولاند فَكانَت غَير قادِرَة عَلى تَجاهُل وجود ذٰلِك الطِفل، وهي تُراقِب عَيناهُ الرماديّة، والإهتِمام المُحِب الظاهِر مِن آريان نَحوَهُ، غَرِق قلبَها وهي تُفكِّر بِإحتِماليّة أن يَكون هٰذا طِفلَهُ، ولِمَ لا!، لَقد كان بَعيدًا عَن الجَميع، بَعيدًا عَنها لِمُدّة طَويلَة كَثيرًا، ولِأنّهُ تَجاوزَها مُنذ زَمن، فَهو قادِرًا على أن يَكون مَع أي امرأة، عَكسَها هي لَم تَكُن قادِرَة عَلى أن تَكون مَع أي رَجُل آخر، مُدنّسَة بِه وكأن أي رَجُل سيدخُل لِحياتَها سيكتَشِف وجودَهُ، حاوَلت تَجاهُلَهُ بِالرُغم مِن هدوءَهُ لَم تَكُن قادِرَة عَلى التصرُّف دون الشعور بِقيودَهُ حَولَها، غَير قادِرَة عَلى تَجاهُل طريقتَهُ في مُلاعبَة الطِفل الجَميل الذي يحمِلَهُ، مُتجاهِلًا وجود الجَميع، كانَت فَقط تَستَمِع لِثرثَرَة فيتال مُحاوِلَة ألّا تَجعل مِن أحدَهُم يُلاحِظ غيابَها..

" فيتال، أُريد أن أحادِثَك في أمرًا ما.."

جاء صوتَهُ أخيرًا مُقاطِعًا ذٰلِك الحِوار الشيق، في ركوب الأمواج، وحينذاك فَقط تذكَّر فيتال وجودَهُ بينَهُم، لِوهلَة نَسى أن آريان لايزال مَعَهُم، دون جِدال أو سؤال نَهض وقد كان يعلَم بِأن تِلك النَبرَة تَعني أن هُناك مُصيبةً ما، سيشُارِك فيها بِرِفقَة آريان، وأن عليهُما الإنفِراد، نَهض آريان وَطلب مِن روزيلا إبقاء لوثر مَعها حَتى يَعود، فَحملَتَهُ مُرَحِبّة بِه، قَبل أن تُشاهِد آريان وفيتال يَختفيا عَن الأنظار، وحينَها نَظرَت يولاند بِتمعُّن لِملامِح الطِفل، كان جَميل، وهادِئ ولَم يَشعُر أحد بِوجودَهُ، حاوَلَت الإبتِسام وهي تَراهُ يَنظُر لَها بِرماديتاهُ البَريئَة قَبل أن يبتَسِم لَها، وحينذاك إلتَمعَت عَينيها بِبريق مُتأثِّر لُتخفي مَلامِحها في الحال عَن روزيلا، ولٰكِن روزيلا لَم يَفوتَها ذٰلِك، فَجاء صوتَها وهي تتساءَل مُبتَسِمَة..

" إنّهُ طِفل جَميل أليس كَذٰلِك!؟.."

عادَت يولاند لِتَنظُر لَهُ، لا تَستَطيع التَفكير بِهٰذا أبدًا، هل حَقًا تَجاوزَها ومارَس حَياتَهُ بِشكلٍ عادي إلى هٰذا الحَد!، بينَما هي كانَت مُستعِدّة لِلتَضحيَة بِكُل شَيء، كُل شَيء بِالمعنى والشعور، إختَنقَت وهي تَومِئ بِالإيجاب غَير قادِرَة عَلى قَول شَيء، وكأن الصَدمَة إبتَلَعَتْ لِسانَها وَصوتَها..

" مَن هي والِدتَهُ؟.."

خَرج سؤالَها بِصعوبَة بالِغَة وهي تَشعُر بِالجرح، لَيس عَليها أن تَشعُر بِشيء، ما بالَها!، لِماذا تَهتَم بِه!، بينَما هو لا يُلقي بالًا لِوجودَها، بَعد كُل هٰذا الوَقت لَقد تَجاوزَتَهُ هي تَعلَم بِذلِك، ولٰكِن جرحَها مِنه لايزال غَير قادِر على الإلتِئام، ورُبما هٰذا ما كان يَجعلَها غارِقَة في الألم وهي ترى مَلامُح الطِفل البَريئ..

" إنّها جارَتنا، تَسكُن بِالجوار.."

أجابَتَها روزيلا بَعد مُدّة وهي تُلاعِب الطِفل، وَحينذاك أومَأت يولاند بِإدراك مؤلِم، وهي تَشعُر بِالخيانَة والغَباء لِشعورَها بِتِلك المَشاعِر، لَقد قَطعَت وَعد على قلبَها ألّا تَسمَح لِنفسها بِالشعور بِشيء تِجاهَهُ، والآن مَع رؤيتَها لِذٰلِك الطِفل هي غَير قادِرَة عَلى تَجاهُل هٰذا الشعور، بِالتأكيد سَتكون أُنثى قَريبَة مِنه، مُتاحَة والأهم بَديل جَيّد لَها، لَقد كانَت تُريد فَقط العودَة لِمنزِلَها في ذٰلِك الوَقت، لِتشتُمَهُ وتُمزِّق كُل ما يَخُصّهُ، كِتاب أُنثى الفضول، كُل مؤلّفاتَهُ، لوحَة الموت الأبكَم، واللوَحة التي رتّبتَها، كما كانَت تَرغَب بِإحراق صورَهُما في ليفينيو، كانَت تَحتَفِظ بِكُل ذٰلِك فَقط لِتُثبِت لِذاتَها أنّها قادِرَة على تَجاوزَهُ بِالرُغم مِن كُل تِلك الأشياء التي تَخُصّهُ وتُحيط بِها، والآن كُل ما يهمّها هو أن تَمحي كُل ما يَخُصّهُ مِن عالَمها وَحسب، رُبما حينَها سَتشعُر بِأنّها إنتّقمَت مِنه..

إستطاعَت روزيلا إشغالَها عَن تِلك الأفكار بِمُحادَثتَها عَن تَجارُبَها هي وفيتال خِلال السَفر، وفي ذات الوَقت كان آريان وفيتال في أحد الغُرَف المُغلَقَة، يَتناقَشا عَن ما يُريد آريان فِعلَهُ..

" تَعني بِأن هُناك ما يُمكِن أن نَجِدَهُ في ذٰلِك المَنزِل!.."

تَساءَل فيتال بعد سماعَهُ لِتحليلات صَديقَهُ، كان فيتال يَجلِس على تِلك الأريكَة المُريحَة في مَكتَبَهُ الذي لا يستَخدِمَهُ كَثيرًا، أمّا آريان فَكان يَقِف مُستَنِدًا على الجِدار، وهو يَشرَح لِصديقَهُ ما يَعرِفَهُ، أومَأ آريان بِالأيجاب عَلى ما قالَهُ فيتال، ثُم بادَر بِسَرد ما يَعرِفَهُ لَهُ..

" لَقد ذَهبَت لِأحد مُمتَلكاتَهُ، أحد المنازِل التي كان يَعيش فيها كانَت قَريبَة مِن مَنزِل آخر، رُبما ما جَعلَهُ لا يُمانِع وجود ذٰلِك المَنزِل قريبًا مِنه هو أن مَن يسكُنَهُ رَجُل وامرأة في سِن كَبير، ذَهبَت لَهُما وسألتَهُما عَن جارَهُما، ولَك أن تتخيّل ما أخبراني بِه!.."

" ماذا؟.."

سألَهُ فيتال مَتشوِّقًا لِسماع الإجابَة، وقَد أجابَهُ آريان وهو يستَرجِع كَلِمات ذٰلِك الرَجُل المُسِن..

" أن لَيلًا كان يَصِلهُما صَوت صُراخ امرأة تَستَنجِد، وحينَما ذَهب الرَجُل ليسأل لويس أنطوان أخبرَهُ أن زوجَتَهُ تُعاني مِن كوابيس صَعبَة لَيلًا، ولٰكِن آثار تَعنيف كانَت ظاهِرَة عَليها كُلّما لَمحَها الرَجُل أو حَتى زوجَتَهُ.."

كان فيتال مُنصِتًا لِكُل ما يَقولَهُ صديقَهُ، لَم يَكُن يَظُن بِأن قَد تَكون تَحليلات آريان حَقيقَة بِأي طَريقَة، ولٰكِن هٰذِه الحَقائِق قد تُغيّر الكَثير إن إستَطاعَوا إثبات الأمر، بَعد مُدّة مِن الصَمت خَرَج صوت فيتال مُنزَعِجًا مُعلِّقًا على ما سَمِعَهُ..

" يالَهُ مِن وَغد فاجِر، أتظُن بِأننا سَنجِد شَيء في منزِل الغابَة!، والأهم مِن هٰذا، كَيف سنضمَن عَدم قدومَهُ لِهُناك حينَما نَذهب لِتفتيشَهُ!؟.."

إعتَدل آريان في وقفَتَهُ قَبل الذهاب إلى أحد الأرائِك المُقابِلَة لِفيتال، مُتحدِّثًا بِنَبرَة جِديّة دون أن يتخلّى عَن هدوءَهُ كَالمُعتاد..

" لَقد تتبّعت جدولَهُ، إنّهُ يذهَب هُناك بين كُل شَهرين، يَعود لِقضاء شهر مُنَعزِلًا عَن العالَم، ثُم يُغادِر لِشهرين ويعود لِشهر، هٰكذا على مدار السنَة.."

أومَأ فيتال مُتفهِمًا، وفي داخِلَهُ مُنذَهِل مِمّا توصَّل لَهُ آريان خِلال تِلك الفَترَة، يبدو بِأنّهُ إنشَغَل بِلويس أنطوان بِإهتِمام وإصرار ناويًا فَضحَهُ هٰذِه المرّة وإبعادَهُ عَن يولاند، بَعد صَمت عاد صوت فيتال مؤيدًا..

" حسنًا سَنذهَب غَدًا لِإقتِحام مَنزِل هٰذا المُخَتل.."

" أتمنّى فَقط أن نَجِد شَيئًا ما.."

كَلِمات آريان جاءَت مُرهَقَة، كَما حال مَلامِحَهُ وهو يُمرِر أنامِلَهُ عَلى خصلات شَعرَهُ الأسود، شَيئًا ما غَير أمر لويس أنطوان يشغلَهُ، وهٰذا الأمر مُرهِق لِلحد الذي يَجعل مِن آثار الأرَق واضِحَة على مَلامِحَهُ، لَن يَجرؤ على ذِكر يولاند أمامَهُ مُجددًا، فَالأمر أصبَح أكثَر مِن تافِه، وَصديقَهُ لَم يَعُد كما كان مُسبقًا، ولٰكِن كان فيتال مُيقنًا في داخِلَهُ أن رؤيَة يولاند هي السَبب، حَتى وإن حاوَل الإنكار، إنّها وَحدَها مَن بِإمكانَها أن تَجعلَهُ في حالَة ألّا إتِّزان هٰذِه، إحتَفظ فيتال بِكُل شَيء لِنفسَهُ غَير راغِبًا في إثارَة مَشاعِر دُفنَت مُنذ زَمن، لَيس بَعد إستِقرار كِلا الطَرفين، لِذا قَرر أن يُخرِج آريان مِن التَفكير بِأيًا كان، بِسؤالَهُ ذاك..

" وحينَما ننتهي مِنه ماذا سَتفعل؟.."

فَرَك آريان صدغَهُ، قَبل أن يعقِد يداهُ مَعًا في قبضَة واحِدَة، مُردِفًا بِنَبرَة راكِدَة..

" سَأعود لِروما، لَدينا مَشروع جَديد كما تَعلَم.."

أومَأ فيتال يُمرِر إصبَعَهُ على شفتَهُ المَضمومَة بِإنزِعاج، إنّهً لا يُريد مِنه الذَهاب لِروما، وَقضاء الكَثير مِن الأيّام هُناك، يُريد جارَهُ الذي بِإمكانَهُ إزعاجَهُ في أي وَقت، ولٰكِن آريان وكأن كُل شَيء تغيَّر بِالنِسبَةِ لَهُ، وكأنّهُ يُريد الخروج مِن شيئًا ما، بِالهروب مِنه، وبِالرُغم مِن ذٰلِك فالأمر لا يُجدي نَفعًا، هٰذا ما يَراه هو، أمّا ما كان يَحمِلَهُ آريان مِن مَشاعِر كان وَحدَهُ هو مَن يَعرِفَها، وَليس أحد آخر، ولَن يُعبِّر عَنها لِأيًا كان كَعادَتَهُ، وهٰذا الجُزء الذي يُزعِج فيتال، أنّهُ صامِتًا لا يبوح وكأنّهُ قِديسًا ما يُخفي أسرار الكَثير مِن الناس، التي عاهَد نَفسَهُ عَلى عَدم البوح بِها لِأحَد، عاد صوتَهُ وهو يُخفي إنزِعاجَهُ مِنه بِطريقَة لَم تخدَع مَن أمامَهُ..

" رَصيدَك البَنكي أصبَح خيالي، مِن الجَيّد لَك إستِثمار الأموال هٰذِه في مشاريع مُربِحَة.."

بَقى آريان عَلى حالَهُ وهو يَنظُر لِفيتال، لا يَعلَم كَيف سيُقدِم على قول ما يُريد دون أن يَحصُل على رَد فِعل مُقلِق مِن صَديقَهُ، لِذا بِحَذَر أردَف بَعد صَمت مُخاطِبًا فيتال الذي ينتَظِر سَماع التالي..

" فيتال..أُريد تَغيير وَصيّتي، هلّا تواصَلت مَع المُحامي لِمُقابَلتي في وَقت قَريب.."

" لِماذا تُريد تَغيير وصيّتَك!.."

بِإندِفاع وَفَزع ظَهر على أعيُن فيتال رَمى بَكِلماتَهُ تِلك، وهو يتأهب لِمواجَهة حادّة، وبِدورَهُ آريان كان عَليهِ أن يَكون هادِءًا وألّا يُثير الريبَة، وهو يَتحدَّث بِبرود وكأنّهُ أمر عابِر ولا يهم..

" تحسُّبًا لِأي شَيء، لا أحد يَعلَم مَتى سيُغادِر هٰذا العالَم دون رَجعَة.."

هٰذِه المرّة شَعر فيتال بِأن هُناك شَيء خَفي، وما يُخفيهِ آريان لَيس بِالشيء الحَميد، وهٰذا جَعلهُ يَنظُر لَهُ متوجِّسًا مُنتَظِرًا تَفسير آخر، ولٰكِن آريان لَم يَقُل شَيء آخر، ولَم يَكُن راغِبًا بِقول المَزيد، لِذا هَتف فيتال مُحذِّرًا..

" آريان!!، ما الأمر!؟.."

" ما بِك!، أنا بِخير حَقًا، ولٰكِن عَليّ فَقط تَغييرَها لا أُريد نِسيان الأمر.."

أردَف آريان مُنزَعِجًا وهو يَنهَض مِن مَكانَهُ، مُتأهِّبًا لِإنهاء النِقاش، وحينَما فَعل، جاء صَوت جَرس المَنزِل الذي قاطَع أيًا كان ما يُريد قولَهُ فيتال، إلتَفت نَحوَهُ مُجددًا وهو يَقول مُستعِدًا لِلمُغادَرَة..

" إنّها صوفيا.."

ولَم يَنتَظِر لِلحظَة واحِدَة أُخرى، فَقد ذَهب لِلخارِج لِتصطدِم رَماديتاهُ بِأعيُن يولاند التي كانَت تَنظُر لَهُ بِطريقَة غريبَة، تَجاهَل النَظَر لَها وهو يتقدَّم مِن روزيلا يأخُذ الطِفل لوثَر مِنها وكلبَهُ نيرو، وهو يُخبِرَها بِأن صوفيا جاءَت، تَمنّى لَهُم لَيلَة سَعيدَة وهو يُغادِر أمام عَينيها، غير قادِرَة عَلى تَجاهُل فضولَها لِرؤيَة تِلك المَرأة التي في حال رؤيتها لَهُ إبتَسمَت، وأُغلِق الباب عَليهُما حينَما غادَر بِرِفقَتها، حينذاك كانَت يولاند تَشعُر بِالإختِناق، لَقد وَجد أُنثى فاتِنَة وهو الآن بِرِفقتَها هو وذٰلِك الطِفل ويبدو عَليهُم عائِلَة سَعيدَة، عَكسَها هي تَعيش غَير راغِبَة بِقُرب أحَد، وكُل ذٰلِك بِسَببَها هي وَحسب، لَن تَضع اللوم عليهِ هو فَقط، فَهي التي وبِالرُغم مِن كُل شَيء إختارَت المُخاطَرَة بِقلبَها ومَشاعِرَها، بِإندِفاع دون أن تَضع فِكرَة الفُراق أمامَها، عامَلتَهُ مُعامَلَة الأشياء الأبديَة بينَما هو فَكان مُستعِدًا دائمًا مَع كُل كَلِمَة، مَع كُل لمسَة وفِعل، كان مُستعِدًا لِلغياب، وَحتى اليوم رؤيتَهُ تؤلِّمَها، وتَجعلَها تَعيش ذات الخيبَة مِرارًا وتِكرارًا، لَم تَبقى كَثيرًا بَعد مُغادَرتَهُ، ولَم تَكُن تُريد إزعاج فيتال وروزيلا بَعد رِحلَة مُتعِبَة، لِذا غادَرَت عائِدَة لِمنزِلَها، مانِعَة ذاتَها مِن إلقاء نَظرَة واحِدَة عَلى مَنزِلَهُ، ولٰكِن هو كان مُراقِبًا لَها مِن نافِذتَهُ، مُنتَظِرًا خروجَها بِقلبٍ مُرهَق، كُلّما رَأها كان يَشعُر بِهذيان قلبَهُ، تَبدو مُختَلِفَة تمامًا عَن الأُنثى التي أحبّها، وهٰذا كان مُزعِجًا، لِلحد الذي يَجعلَهُ يَشعُر بِالجرح..

* * *

الخامِس عَشر مِن إبريل | الثامِنَة بِتوقيت الإكتِشافات | فلورنسا..

بِحَذَر وبُطئ دَخل كُلًا مِن فيتال وآريان لِذٰلِك المَنزِل، مِن خِلال النافِذَة الكَبيرَة، وكما قال آريان فالمَنزِل فارِغ تَمامًا، الهدوء كان طاغيًا والظَلام كَذٰلِك، حينَما دَخل كُلًا مِنهُما لِلداخِل، قام آريان بِإشعال المصباح الذي في يدَهُ، لا يُريد المُخاطَرَة وفَتح الأضواء الخاصّة بِالمَنزِل، تحسُبًا لِأي موقِف، قد يوقِعهُما في مَشاكِل، كُل ما كان يَحتاجَهُ آريان هو شَيء واحِد كافٍ لِفضح لويس أنطوان، حينذاك فَقط سيرتاح قَلبَهُ، ولَن يَكون هُناك ما يؤرِقَهُ ليلًا، دَخل بِرِفقَة فيتال لِمكتبَهُ، الذي سَبق وكانا فيهِ قَبل أعوام لِلبَحث عن لوحَة أُنثى الفضول، كان آريان يَشعُر بِأنّهُ سيجِد شَيئًا ما هُنا، وخِلال بَحثَهُما جاء صوت فيتال الساخِر وهو يُلقي بِتعليقَهُ..

" أشعُر وكأننا في فيلم بوليسي، أتمنّى فَقط أن يُحالِفنا الحَظ.."

يتمنّى آريان أن يُحالِفهُما الحَظ ويَجِد شَيء، يُريد فَقط الإنتِهاء مِن أمر لويس ليعود لِحياتَهُ، لِلإهتِمام بِكُل ما كرَّس وَقتَهُ لِلعَمل عَليهِ، لا يَرغب بِالبقاء حول يولاند كَثيرًا فَالأمر مُرهِق لِقلبهُ كما كان مُرهِقًا لِقلبَها، وهو لا يُريد أن يَكون مَصَدر لِلأذيّة أكثر مِن ذٰلِك..

" الآن أخبِرني بِالحَقيقَة، هل أنت عَلى عَلاقَة بِصوفيا؟.."

داهمَهُ سؤال فيتال ذاك، وسط بَحثهُما في الأدراج وبينما كان آريان مَشغولًا بِقراءَة أحَد الأوراق بِتركيز، ودون أن يَلتَفِت لَهُ أجابَهُ بِنَبرَة صارِمَة..

" فيتال!، إنّهُ لَيس الوَقت المُناسِب.."

ولٰكِن فيتال كان مُعتَرِضًا عَلى فِكرَة الصَمت كَعادَتَهُ، لا يستطيع البَقاء صامِتًا لِوقتٍ طَويل، لِذا كان مُصِرًا لِلحصول على إجابات شافيَة، وهو يَقول بِإصرار وإنزِعاج، بينَما كان هو الآخر يستَمِر في بَحثَهُ..

" بَلى!، في الأمس لَم أكُن قادِرًا على قَول شَيء بِسبب وجود روزيلا بِجانبي.."

بِالنِسبَة لِآريان كان ما قالَهُ فيتال كافيًا في الأمس، ولا يُريد الخوض في ذٰلِك النِقاش مُجددًا، لِذا بِسُخريَة لاذِعَة أردَف وهو يَضع بَعض الأوراق جانِبًا ليأخُذَها مَعَهُ..

" كُل ما قُلتَهُ ولاتزال لَم تَكُن قادِرًا على البوح بِكُل شَيء!!.."

حينذاك تَرك فيتال ما كان يَشغُلَهُ، ليلتَفِت نَحو صَديقَهُ المُستَمِر في بَحثَهُ، إنّها فُرصَتَهُ لِقول ما يُريدَهُ دون الخوف مِن توبيخ روزيلا لَهُ، إقتَرب مِن آريان وهو يُخاطِبَهُ مُحاوِلًا إقناعَهُ..

" إسمَعني، بِإمكانَك أن تكون مَع مَن تُريدَها، ولٰكِن صوفيا!، إنّها تُحاوِل إيجاد والِد لِطِفلَها وَحسب.."

" وأنا مُستَعِد لِهٰذا.."

إجابَة آريان التِلقائيّة جَعلَت مِن فيتال يَقِف مصعوقًا مِمّا سَمِعَهُ، هل يُفكِّر صَديقَهُ حَقًا بِأن يَكون مَع صوفيا، بِكُل هٰذا القدر مِن البساطَة!، إن كان عَليهِ أن يَكون بِرِفقَة إحداهُن فَالأحق بِهٰذا كانَت يولاند وليس غَيرَها، فيتال كان مُعتَرِضًا بِطريقَة عنيفَة لِلفِكرَة، لا يَستطيع القبول بِهذا العَبث، وهٰذِه الفوضى الوِجدانيّة الغير مُجديَة، حاوَل دائِمًا رؤيَة الأمور مِن منظور آريان ولٰكِنّهُ فَشل تمامًا، ولَم يَكُن قادرًا على فِهم أيًا مِمّا يحدُث، لِذا حائِرًا خرَج ذٰلِك السؤال مِنه راغبًا بِسماع إجابة منطقيّة..

" آريان!، مَتى تَجاوَزت يولاند؟.."

حينَها توقّف آريان عمّا كان يَفعلَهُ، وصوّب إهتِمامَهُ على فيتال الذي كان يَقِف أمامَهُ، الخوض في نِقاش يخُصّها شَيء أكثَر مِن مُرهِق ومُدمِّر لِروحَهُ، والآن كان آخِر ما يتمنّى التَفكير بِه هو كَيف إنتهى بِهُما الأمر إلى هُنا، وما الذي حَدث بينَهُما، كُل ما كان يَتذكَّرَهُ كُل تِلك الفَترَة هو كَلِماتَها الأخيرَة لَهُ، وكَيف أصبَحت تُهاجمهُ دون شفقَة، مُجرَّد التَفكير بِكُل هٰذا جَعله يُجيب فيتال بِنَبرَة مُنزَعِجَة..

" لا تَعود لِهٰذا الحِوار، لَقد إنتهينا، مرّت أعوام يا فيتال، لَقد تَجاوَز كُلًا مِنّا الآخر.."

أشاح بِوجَهَهُ لِلإنشِغال بِالبَحث وهو يستطرِد بِنَبرَة هادِئَة..

" إنّها تَكرَهني.."

" لا هي لا تَكرَهك، هي فَقط مَجروحَة مِنك.."

أسرَع فيتال بِنفي أيًا ما كان يُفكِّر بِه صَديقَهُ، إنّهُ يعلَم أن يولاند لَن تَكرَه آريان بِأي طَريقَة كانَت، حَتى وإن حاوَلت إظهار ذٰلِك، يعلَم أن كِلاهُما سيبقى مُرتَبِطًا بِالآخر حتى وإن مَرّت أعوام عَلى ما كان بينَهُما، لِهٰذا كان يُحاوِل دائمًا إيجاد بَصيص أمل لِعودَتهُما، حَتى وإن كان صديقَهُ يبدو غير مُباليًا، لابُد وأنّهُ وكالعادَة يُخفي مَشاعِرَهُ بِبراعَة، وَجدَهُ يستدير نَحوَهُ بِملامِح مُنزَعِجَة، وهو يُخاطِبَهُ مُستهجِنًا مُحاوِلًا بِفَشل إخفاء غَضبَهُ..

" وَكيف تَعرِف هٰذا!، أنت لَم تَرى نَظرتَها لِعيناي، وهي تُخبِرَني بِأنني أسوء رَجُل قابَلَتَهُ، حتى أسوء مِن لويس أنطوان.."

وَقف فيتال دون أن يُبدي أي رَد فِعل واضِح على ما سَمِعَهُ، وبعد ثوانٍ وبينَما يُلاحِظ مَلامِح صديقَهُ علّق بِإنزِعاج..

" أنت لَست رَجُل سيء!، سأقوم بِتوبيخَها لِقولَها هٰذا لِصديقي.."

أيًا كان ما يَعرِفهُ عَن صديقَهُ، هو يَعلَم جيدًا بِأنّهُ لَيس رَجُل سيء عَلى الإطلاق، قَد يتصرَّف أحيانًا بِطريقَة مُزعِجَة، ولٰكِنّهُ ليس سَيء كما تَصِفَهُ يولاند، وهٰذا غَير مَقبول، هي صديقتَهُ، ولٰكِن آريان صَديقَهُ، شريكَهُ والأهم كان كالأخ بِالنِسبَةِ لَهُ، وكون هُناك مَن يَقول شَيء سيء عَليهِ، ذٰلِك غَير مَقبول أبدًا، ولَن يَصمُت أبدًا، يعلَم بِأن آريان لا يَقوم بِرد الإساءَة بِالمِثل خاصةً لِمن يُحِب، لِذا كان عَليهِ أن يَذهب هو ليولاند، ويُخبِرها أن تَسحب كَلِماتَها وإلّا سيُخاصِمَها لِفترَة مِن الزَمن، عِقابًا لِما تفوّهَت بِه، هٰذا ما سيفعلَهُ حال عودَتهُما، ولٰكِن آريان كان يَعلَم جيدًا ما يدور في ذِهنَهُ، لِذا أردَف مُحذِّرًا قَبل عودتَهُ لِلبَحث..

" فيتال!، لا تُحاوِل فِعل شَيء.."

نَظر لَهُ مُراقِبًا حَيث كان يقوم بِتجميع الكَثير مِن الأشياء التي قَد تُفيدَهُم، وقد كان عَليهِ هو الآخر أن يَنظَم لَهُ في مُهِمّة البَحث، ولٰكِنّهُ بقى واقِفًا مَكانَهُ وهو يُردِف مُتذمِّرًا بِإنزِعاج..

" أنا لا أُريدَك أن تَكون مَع صوفيا!.."

كان هٰذا ما يُريد فيتال أن يَصِل لَهُ، ولَن يكُف عَن ذِكر الأمر، فهو خائِف أن يَقوم آريان بِالإرتِباط بِها، إنّهُ لا يُريد أن يَكون صديقَهُ مَع أُنثى كَصوفيا، وآريان لا يفهّم ذٰلِك أبدًا، لِذا رَد ضاحِكًا مُتساءِلًا..

" إنّها أُنثى لَطيفَة، لِماذا تَكرَهها!، أنا لا أفهم!.."

تَنهد الآخر، ثُم رمى بِردّهُ ذٰلِك بِصراحَة وبِوضوح..

" لِأنّها لَيسَت كَيولاند.."

حينذاك إلتَفَت آريان لِمواجَهتَهُ، والإنزِعاج كان جَليًا على مَلامِحهُ وهو يقول بِنَبرَة مُحذِّرَة مُحتدًا عَليهِ..

" إيّاك ومُقارَنة النِساء بِيولاند.."

إبتَسَم فيتال وهو ينظُر لِرماديتاهُ المُنزَعِجَة، نَبرتَهُ الهجوميّة كانَت تَحمِل الكَثير، وقَد كان يَفهَم تِلك الإيحاءات، مُتفهِمًا ما الذي كان يُحاوِل الآخر شَرحَهُ، كَلِمات قليلة كانَت كافية لِيفهَم فيتال الكَثير، لِذا بِنَبرَة لعوبَة تحدّث، وهو يُراقِب آريان يُدير ظهرَهُ لَهُ يَعود لِلبَحث..

" لِأن هٰذِه تُعتَبَر مُقارَنَة فاشِلَة، أليس كَذٰلِك!.."

بِالتأكيد كانَت كَذٰلِك، هو لا يَنكِر أيًا مِن ذٰلِك، ولَن يَفعل، يولاند أُنثى مُختَلِفَة عَن كُل النِساء، ولا وجود لِمَن تَسرقَهُ مِن نَفسَهُ كَما فعلت هي، إنّهُ يُحِبّها لِكُل تِلك الأسباب، وأعمَقها أنّها تقبّلتَهُ وإحتوت ظلامَهُ وكُل السوداويَة التي تُحيط بِه، لَقد كانَت الوَحيدَة التي تُلائمَهُ بِجموحَها، إشتِعالَها كان يُضيء روحَهُ، كُل مابِها لَن يَجِدَهُ في غيرَها، لِأنّها سمِعت عَنه كُل شَيء، وأمسَكت بيدَهُ راغبَة بِه رُغم كُل شَيء، حكمَت عَليهِ براءَة وهو الذي يرى ذاتَهُ المُجرِم الوَحيد، وحدَها هي، التي يظُن العالَم بِأنّها غريبَة عنه، كانوا كُل من حولَهُ غُرباء عداها هي، ولَن يُكرِرها الزَمن، يعلَم بِأنّها لَن تَعود بَعد صدَّهُ لَها، بَعد كُل شَيء، لا مَجال لِعودَة ذٰلِك النَعيم..

أخذ نَفس عَميق، وزَفرَهُ مَع كلِماتَه التي جاءَت بِنَبرَة هادِئَة دون النَظر لِصديقَهُ..

" أنا أعتَرِف بِأنّها مُختَلِفَة عَن كُل النِساء، ولٰكِنّها لَيسَت لي، وأنا لا أتمسّك بِالأشياء التي لا أملِك الحَق فيها.."

فيتال لَن يقتَنِع بِكُل ذٰلِك، يُريد تَفسير واحِد مَنطقي لِكُل ما حَدث، وكونَهُ يَعلَم بِأن آريان لَن يبوح بِشيء، قَرر مُعتابَتَهُ وهو يُخاطِبَهُ مُنزَعِجًا..

" مُنذ البِدايَة كان عليك أن تُفكِّر بِهٰذا!، كان عَليك أن تَجعل مِن الأمر عَمليًا.."

أيُظن فيتال أنّهُ لَم يَفعل!، لَقد حاول صدّها دائِمًا، أخبرَها بِطبيعتَهُ مُذ البِدايَة، ولٰكِنّها قبِلَت بِالمُخاطرَة بِه، رُبما ظنّت أنّهُ سيتغيّر مَعها، ولٰكِن رَجُل مِثلَهُ كان يتغيّر فيهِ كُل شَيء عدا قسوتَهُ وقُدرتَهُ على التخلي، تَنهد مُتعبًا مِن ذٰلِك الحِوار، وإلتَفَت ليواجِه صَديقَهُ قائِلًا بِلا حيلَة وقد لانَت مَلامِحهُ..

" أتعتَقِد بِأنني لَم أُحاوِل!، اللعنَة عليّ إن لَم أفعَل!، لَقد حاوَلت، قاوَمت، وتمنّعت، ولٰكِنّي فَشلت فشلًا ذريعًا، لَم أكُن قادِرًا على الصمود أمام إغراءَها لِقلبي، كانَت مُغريَة لِلعِشق، وحتمًا لاتزال كَذٰلِك.."

زَفَر حالَما إنتَهى مِن قَول ما يُريد، وحينذاك خرجَت ضَحكَة مُنتَصِرَة مِن فيتال الذي أردَف شامِتًا بين ضِحكاتَهُ..

" يا إلهي إنظُر لِنفسَك!، أنت مَلعون بِها إعتَرِف.."

عاد الإنزِعاج ليحتَل مَلامِحَهُ، فيتال سيَقوم بِإهانتَهُ دون توقُّف حينَما يتعلّق الأمر بِها، لِذا نَهرَهُ بِتوبيخ مُنزَعِج، وهو يَستدير عائِدًا لِلبَحث..

" كَفاك!، تَعلَم بِأنني تَجاوَزتَها، إنّها الآن ماضٍ جَميل وَحسب.."

راقبَهُ فيتال وهو يبتَعِد يَبحث في تٍلك المَكتبَة عَن أيًا كان، وبِدورَهُ هو قام بِاللحاق بِهِ، وفي داخِلَهُ يَشعُر بِالإحباط، لَقد تَعِب مِن النِقاش مَع رَجُل رأسهُ كالصَخر لا يلين، لِذا أردَف بِنَبرَة دراميَة وهو يمنَع ذاتَهُ مِن الضِحك..

" حينما تَقول هذا، أشعُر بِالألَم والأمر لا يَعنيني.."

إبتَسَم آريان، وخرَجَت مِنه ضحكة هازِئَة بينما يَنتَقِل مِن مَكانَهُ إلى الأدراج الأُخرى التي في الزاويَة، وبينما كان فيتال يقوم بِتتبُّعهُ، أجابَهُ آريان بِنَبرَة هادِئَة، وإبتِسامَة باهِتَة تُزيّن ثغرَهُ..

" هوِّن عَلى قَلبَك يا صَديقي، ولا تَهتَم بي لِأن هٰذا قَد يُرهِقَك.."

إلتَقط فيتال أحد الأقلام، يَعبث بِكُل ما أمامَهُ، ثُم جاء صوتَهُ مُتذمِّرًا، وهو يُلوِّح بيداهُ يَشرح تخيُّلاتَهُ الزاهيَة لِلآخر..

" أُريد رؤيَة أطفالَك، وهُم يلعبون مَع أطفالي، ويكبرون مَعًا ثُم نزوِّجهُم بِبعضَهُم البَعض، لا أُريد أن يشعروا بِالوِحدَة دون ابناء عَم أو أي أقرِباء.."

فيتال لا ينفَك عَن تَذكيرَهُ بِالأطفال، في أحيان كَثيرَة كان يتذكّر الضَغط الذي كانَت تُمارِسَهُ زوجَتَهُ السابِقَة لِلإنجاب، ولٰكِن ضغط فيتال كان مُختَلِفًا، نابِعًا عَن حُب أخوي، يُريد أن يُشاهِد صديقَهُ مُستَقِر كما حالَهُ، وألّا يَعيش وَحيدًا، لطالَما أخبرَهُ فيتال بِأن عَليهِ الزواج في نِهايَة المَطاف، فَهو يتقدّم في العُمر، ويومًا ما سيشعُر بِالندَم لِعدَم إتِّخاذ تِلك الخُطوَة، ولٰكِن فيتال لا يَفهَم ما الذي يَشعُر بِه حينَما يُذكَر أمر الزواج والإنجاب، يَشعُر بِالخوف، لَيس مِن المسؤوليّة، بَل مِن تِكرار أخطاء المَاضي، وعدَم قُدرَتَهُ على إسعاد أيًا كانَت سَتكون زوجَتَهُ، لِهٰذا السبب تخلّى عَن يولاند، لِأنّهُ لا يَثِق بِقُدرتَهُ على إسعادَها بِجانِبَهُ، هو يُريدَها بِطريقَة أبديّة، كان دائِمًا يرغَب بِتخليدَها في عالَمَهُ، ولٰكِن خوفَهُ كان يَقِف أمامَهُ ويُحبِطهُ، هادِمًا كُل أُمنياتَهُ البسيطَة، والآن لَقد فات الأوان عَلى الندم واللوم، عليهِ فَقط تقبُّل كُل ما هو عَليهِ وَحسب..

حاوَل الهروب مِن ذِكر الأمر، وهو يَقول مُمازِحًا فيتال ولايزال يَعبث بِالأشياء..

" أنت تَنوي الإلتِصاق بي إلى الأبد يالَهُ مِن مَأزِق.."

كانَت ثوانٍ فَقط قَبل أن يَشعُر بِفيتال قَفز على ظَهرَهُ، يُعانِقَهُ بِقوّة وهو يَهتِف بِه مُعاتِبًا..

" أنت وَغد حَقيقي، أنا أُحِبّك يا رَجُل!، ما ذَنبي!.."

حينذاك ضَحِك آريان وهو يحاوَل إبعاد فيتال عَنهُ، ولٰكِنّهُ كان مُلتَصِقًا بِه بِكُل قواهُ، مانِعًا أيّاهُ مِن إزاحتَهُ جانِبًا، وحينَها خرج صوتَهُ مِن بين ضحكاتَهُ..

" إبتَعِد عَني، يا إلهي، فيتال!!، لَدينا ما نَبحَث عَنه هُنا.."

ولٰكِن فيتال كان مُصِرًا عَلى إزعاجَهُ وهو يتشبّث بِه بِقوّة، مُردِفًا بِعناد بينَما يبتَسِم..

" عِدني بِأنّك ستتزوّج وسأرى أطفالَك، يلعبون مَع أطفالي وسَأترُكَك.."

لا يَستطيع آريان التَصديق بِأن فيتال يبلُغ مِن العُمر ثلاثين ومتزوِّج، ولايزال يتصرَّف بِتِلك الطفوليّة، وفي ذات الوَقت لَم يَكُن قادِرًا على الغَضب، كُل ما كان يُحاوِل فِعلَهُ هو الفِرار مِن حُضن فيتال وَحسب، ولٰكِنّهُ كان مُلتَصِقًا بِه كالعلكَة، لِذا هَتف مُنزَعِجًا..

" اللعنَة!، فيتال إترُكني!، أنت تُعيق حَركَتي.."

ولٰكِنّهُ لَم يَفعل، ولَن يَفعل حتى يَقطع ذٰلِك الوَعد، كان يعلَم آريان بِذٰلِك، شَعر بِالتَعب وهو يُقاوِم فيتال، ولَم يَكُن أمامَهُ حل لِلخلاص والعودَة لِلبَحث، سِوى بِقطع وعد لَهُ، وهٰذا جَعلَهُ يُردِف بِإستِسلام..

" أعِدَك سأفعَل إترُكني هيا.."

حينذاك وحَسب ضَحِك فيتال وهو يَبتَعِد عَنهُ يُحرِرَهُ أخيرًا، فَإلتَفَت آريان ليواجِهَهُ، وقَبل أن يَقوم آريان بِتوبيخَه، أسرَع هو قائِلًا بِإبتِسامَة واسِعَة مُتأمِّلًا..

" وستُسمي ابنَك بِإسمي أليس كَذٰلِك!!.."

لَم يَكُن آريان قادِرًا حينذاك على إخفاء إبتِسامَتَهُ تِلك، وهو يرى بريق الأمل في أعيُن فيتال الزرقاء المُشِعّة، ولَم يَرغب بِإطفاء ذٰلِك البَريق، جاء صوتَهُ هادِئًا وهو يَبتَعِد عَنَهُ، وقد جمّع ما يَكفي مِن الأشياء التي لاحَظ أهميّتها..

" أنت مُهتَم بِأطفالي أكثر مِن أطفالَك.."

وبينَما كان يَقوم بِوضع كُل تِلك الأشياء في حَقيبَة الظَهر التي جاء بِها، عاد صوت فيتال وهو يتقدَّم مِنه..

" مُحِق، هيا لِنعود أُريد أن أجعل مِن روزيلا حامِل.."

زَفر آريان أنفاسَهُ سائِمًا، وأغلَق الحَقيبَة قَبل أن يلتَفِت لِفيتال، يُخاطِبَهُ وكأنه يُخاطِب طِفل طائِش..

" فيتال!، ركِّز مَعي، نَحن هُنا لِلبَحث عَن ما يُحطِّم لويس أنطوان.."

حينَها تذكَّر فيتال المَكان الذي هُما فيهِ، لَقد إنشَغل في الثَرثرَة وغاب عَن بالَهُ الهَدف الرَئيسي، مِن تواجُدَهُما في هٰذا المَنزِل، لَقد لاحَظ أن آريان قام بِتجميع الكَثير مِن الأشياء خِلال مُحادَثتَهُما، ولٰكِن على ما يبدو فَهو لايزال يَرغَب بِتجميع كُل ما قد يَنفعَهُما، لِذا أردف مؤيدًا لِصديقَهُ..

" آه صَحيح، هيا لِنُكمِل.."

وبِالفِعل أكمَلا البَحث مُتنقلان مِن غُرفَة لِأُخرى، ولَم يَترُك آريان مَكان واحِد لَم يَبحَث فيه، بينَما فيتال حتى وهو يبحَث لَم يَكُن قادِرًا عَلى الصَمت لِمُدّة طَويلَة، فَبدأ يُثرثِر عَن مُخططاتَهُ، وعَن رِحلتَهُ المُمتِعَة مَع روزيلا، يُخبِرَهُ بِالسعادَة التي يَعيشَها بِرِفقتَها، وكَيف زَواجَهُما كان خُطوَة كَبيرَة لِإستقرار علاقَتهُما، دون أن يَنسى تَرك بَعض المُلاحَظات التي قد تَفيد آريان في المُستقبَل وكأنّهُ الخَبير الوَحيد في كُل شَيء، آريان كان يُصغي لَهُ دون المُبادرَة في قول أي شَيء، كُل ما كان يهتم بِه حينَها هو إيجاد أي شَيء يُدين لويس أنطوان، كانت الساعَة تُشير لِلعاشِرَة حينَما إنتهت رِحلَة بَحثَهُما، وبينَما هُما يُغادِران المَنزِل، وَصل لِفيتال إتِّصال، وقَد خَرجا مِن المَنزِل، أخرَج هاتِفَهُ وأجابَهُ دون إهدار لَحظَة واحِدَة، بِترحيب وإبتِسامَة لا يتخلّى عَنها..

" مَرحبًا يولاند.."

حال سَماعَهُ لِإسمَها توقّف عَن الحَركَة، وهو يُحاوِل إلتِقاط بَعض الكَلِمات مِن مُحادَثتَها بِرِفقَة فيتال، ولٰكِنّهُ لَم يَكُن بِحاجَة لِذٰلِك، فَفيتال إلتَفَت نَحوَهُ وَقد بُهتت مَلامِحَهُ، وشحب لونَهُ بينما يستَمِع لِما كانَت تَقولَهُ ولِصوتَها الذي كان مُنهارًا، حينذاك شَعر آريان بِالدِماء تُغادِر جَسدَهُ، وهو يُشاهِد تَغيُّر مَلامِح فيتال، وكَلِمَة واحِدَة غادَرَت شَفتاهُ وهو يعِدها بِقدومَهُ في الحال، شَيء سيء حَدث مَعها كان آريان مُتأكِّدًا مِن ذٰلِك، ولٰكِن ما سمِعَهُ مِن فيتال لَم يُراوِد أفكارَهُ على الإطلاق، ولَم يَكُن مُستعِدًا لِسماعَهُ..

" السيّد فيچو..توفّى الليلَة.."

_____________________________
نِهايَة الجُزء🥀..

مرحبا حبايبي 🙋🏻‍♀️
أحِس أشتقت لكم مع أن مو غايبَة لفترة طويلة نسبيًا😢
المهم تكونوا كويسين وأموركم تمام🥰🖤
بينما أنا فَأموري مو تمام نهائيًا بسبب يولاند وآريان وأحس تعبت نفسيتي مع الأحداث هذي، وخاصةً بغياب السيّد فيچو عن الرواية🥲💔، خلونا ندعي بس أن كل شيء يرجع كما كان وأفضل😭🏃🏻‍♀️..

آرائكم بالجُزء؟

هل يحق ليولاند أن تُقارن آريان بلويس أنطوان بتلك الطريقَة؟

وهل سيتوقف لويس أنطوان بعد تهديد آريان لَه؟

وما هو الذي تُحاول يولاند فعله للدخول لِحياة لويس أنطوان؟

وإن فعلت فأيًا منهما سيكتشف أسرار لويس، آريان أم يولاند؟

صوفيا وطفلها وهل من الممكن لِآريان أن يُفكِّر بِالإرتباط بها جديًا؟

وبِرأيكم لِماذا يُريد آريان تَغيير وصيته؟

هل كان على فيتال الضغط على آريان لِقطع ذٰلِك الوعد!، وهل سيفي بِوعدَه؟

أيُمكن أن تكون إتهامات فيتال لصوفيا صحيحة؟

سؤال فضولي: إن كُنتُم في مكان يولاند ورأيتُم طفل برفقة حُب سابق ماهي ردة فعلكم؟

في أمان الله يا رِفاق✨..

All the love 🖤..
See you all soon 💋..

Continue Reading

You'll Also Like

340K 10.4K 28
هي من تملك السلطة .. هي من تدير اعمال والدها.. هي التي تستقيم ظهور الرجال بحضورها و تنحني ظهورهم بخروجها.. هي التي اجبرت بالزواج منه... وهي التي ي...
7.1M 352K 71
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
95K 2.2K 7
حيثُ فتاةُ البلدَة الجديدة، و الرَّاهب الأعمَىٰ. مُـحرَّم.. السَّيء و الأسوَأ. -٢٠١٩.٨.٨
16.4M 913K 60
واگف گدامي وعيونه يتطاير منهه شرار وكلهن حقد وغيض، گلب شعره الاسود الكثيف اليزيده جمال وجاذبيه وضحك بأستهزاء، گال بنبرة صوت ماكرة - انتي ياهو يگلبچ؟...