استقبل ( أدهم) هذا الأمر ببرود أعصابه
عجیب ، ثم ابتسم وهو يضم ساعديه قائلا :- يسعدني أنك لم تجد شيئا أيها الرجل .. فهذا یعنی أن نتيجة السباق لم تعلن بعد
ضحك ( حايم ) ضحكة صفراوية ، وقال :
أنت متفائل أكثر من اللازم يا مستر
( صبرى ) .. من قال إنك ستواصل السباق ؟
ابتسم ( أدهم ) ابتسامة باردة ، وقال :
. من الغريب أن لهجتك تجعل المرء يتشكك في جنسيتك ولكن ملامحك والسخافات التي تنطق بها ، وهذا الغرور المألوف .. كل هذا يجعلنی واثقا من
أصلك
قطب ( حايم ) حاجبيه بغيظ ، وقال وهو يطبق شفتيه - ستندم على هذه الحماقات أيها الرجل
ثم أدار رأسه إلى رجاله ، وقال :
خلصوني منه ..
ولكنه لم يتصور أبدا أن تلك اللحظة التي استغرقها في التفات الرجال الخمسة إليه وإدارته لرأسه ، كانت كافية لأن يتحرك ( أدهم صبری )، الذي اشتهر بسرعة استجابته الفائقة .. فجذب معطفه
المشجب ، وألقاه على الرجال ، ودفع ( مني ) بعيدا ، ثم ركل المسدس الذي في يد اقرب الرجال إليه ، كل هذا في لحظة واحدة .. وقبل حتی أن يرتفع حاجبا
( حایم ) دهشة ، كان ( أدهم ) يركل مسدسا ثانيا ، ويدفع أحد الرجال على الآخر ، ويوجه " قبضته إلى الرجل الأخير .. كان يشبه إعصارا مدمرا هاجم عددا من زوارق الصيد، دون أن يمنح ركابها الوقت الكافي الإنزال القلوع .. وبقفزة واحدة التقط مسدسين ،
على حين أخرجت (منی ) مسدسها بسرعة ، وصوبته إلى الرجال الخمسة وقائدهم
كان الذهول يملأ ملامحهم جميعا ، وهم ينظرون بعيون غير مصدقة إلى ( أدهم ) ، الذي وقف مبتسما ، وبكل يد من يديه مسدس مصوب إليهم .. عجز
الجميع عن النطق
عدا ( حايم ) الذي تمتم بذهول : ولكن ولكن هذا مستحيل !! إنك شیطان !!
ابتسمت ( مني ) وهي تستند إلى الحائط قائلة : قاموس ( أدهم صبرى ) لا يحتوي على كلمة مستحيل أيها السيد
نهض ( حايم ) واقفها ، وأخذ ينفض التراب عن معطفه ، وكذلك فعل رجاله وهم يرتجفون
ابتسم ( حايم ) ابتسامة حاول أن يملأها بالود الزائف ، وقال بمذلة مستر ( صبری ) .. يمكننا أن نتفق
ضحك ( أدهم ) ضحكة ساخرة ، وقال :
نتفق ؟.. هكذا !.. دون وجود دولة وسيطة كالعادة !.. لا يا صديقي أنا لا أوقع الاتفاقيات فلتبحث عن لعبة أخرى
ازدرد ( حايم ) ريقه بصعوبة ، ورسم تلك الابتسامة الزائفة ، وقال باستكانة مستر ( صبری ) .. لا أعتقد أنك تنوي قتلنا ؟
ضحك ( أدهم ) وقال :- لو أنني طاوعت مشاعري لفعلتها أيها الرجل الذي أجهل اسمه ، ولكنني لا أنوي ذلك إلا إذا
اضطرتني الظروف
صاح ( حايم ) برعب لا .. لا .. لن تضطرك الظروف .. لن يتحرك أحد منا أبدا .. صدقی
شعر ( أدهم ) بالغثيان وهو يشاهد رجل مخابرات يتوسل بهذا الأسلوب المهين ، ولكنه ابتلع هذا الشعور وقال بضيق : - لماذا لم تذهبوا إلى نادي اليخت ؟ لماذا حضرتم إلى هنا
تردد ( حايم ) قليلا ثم قال : عندما أخبرني ( يعقوب )، ذلك الرجل القصير ، بأنك طلبت منه إبعادنا عن نادي اليخت ،
علمت في الحال أنك تدبر خطة ما ، فليس من الطبيعي أن يعمل السذج في المخابرات .. لقد علمت بوسائل خاصة أنك زرت منزل الدكتور ( ألفريد ) الريفي .. ومن الواضح أنك لم تجد شيئا وإلا ما أكملت السباق وبعد أن فكرت في الأماكن المحتملة وجدت أن أنسبها هو المعمل ، ولذلك حضرنا إلى هنا في فجر اليوم ، وبحثنا في كل بقعة من المعمل ، وفحصنا كل ثقب فيه ، ولم نعثر على أثر للتصميم ، حتی حضرت أنت و
أشار إليه ( أدهم ) أن يصمت ، ثم تحرك بخفة إلى النافذة وأزاح ستائرها ، وألقي نظرة خارج المعمل ،
ثم ابتسم وقال ل (منی ):يبدو أن مندوبي الأمم المتحدة قد حضروا للإشراف على توقيع الاتفاقية
نظرت ( مني ) من النافذة ، فوجدت عربة فارهة سوداء تقف أمام العمل ، وقد استند إليها رجل ضخم الجثة ، عريض الوجه ، وقد برز مسدسه بوضوح أسفل سترته الباهظة السعر ، واتجه رجلان بنفس الصفات إلى باب المعمل ، وقد أمسك كل منهما بمسدسه أسفل سترته ..
ابتسم ( أدهم ) وهو يلتفت إلى الرجال الخمسة وقائدهم قائلا أعتقد أن هؤلاء يمثلون الدولة التي تتبناكم دائما .. أليس كذلك ؟
برقت عينا ( حايم ) فجأة ، واعتدل في وقفته وتحولت لهجته إلى منتهى الثقة وهو يقول :- من الأفضل أن تستسلم الآن يا مستر ( صبری ) .. لقد أصبح الموقف في غير صالحك
ابتسم ( أدهم ) بهدوء ، وصوب مسدسه إلى ( حايم ) وقال :- يبدو أن الظروف ستضطرني أيها الرجل ظهر الرعب على وجه ( حايم )، وحاول الاحتماء برجاله عندما بدأ أصحاب السيارة السوداء يدفعون باب المعمل ..
شعرت (منی ) بالقلق يلفها ، وتطلعت إلى
( أدهم ) الذي ظل هادئا ، إلى أن شعر بباب المعمل يفتح بهدوء وحذر .. وهنا جذب مقبض الباب بقوة ، ولطم أحد الرجلين في وجهه بالمسدس الذي يحمله
بيسراه ، ثم ركل الثاني في بطنه بقوة ، واستدار مطلقا رصاصة واحدة من المسدس المزود بكاتم الصوت الذي
يحمله ، فأصاب المسدس الذي كاد يطلقه الرجل الثالث الواقف بجوار السيارة السوداء وقف الرجل مذهولا ، ثم تقدم بناء على إشارة ( أدهم ) إلى المعمل
حيث يساعد زميليه ، ودخل الثلاثة إلى المعمل الذي وقف بداخله الرجال الخمسة وقائدهم ( حايم ) ،
وقد صوبت (منی ) إليهم مسدسها .. وما أن رأت ( أدهم ) يدخل وأمامه الرجال الثلاثة ، وقد رفع كل منهم ذراعيه فوق رأسه ، ابتسمت وقال - هل رأيت فوائد العمل مع زميل أيها المقدم .. ماذا كنت ستفعل لو أنك وحدك في هذا الموقف ؟
قال ( أدهم ) ببساطة
كنت سأوثق هؤلاء الخمسة ، وأطلق النار على
هؤلاء الثلاثة
رفعت (منی) حاجبيها بذعر وقالت
بهذه البساطة !
قال ( أدهم ) وهو يوثق الجميع بحبال غليظة وجدها في المعمل : - وماذا كنت تتصورين أن أفعل ؟.. أستسلم أم أهرب ؟
بعد دقائق قليلة كان ( أدهم ) ينطلق بسيارته ( الترانس إم ) وبجواره (منی ) .. وكانت السيارة تسير بسرعة فائقة ،
فقالت (منی ) وهي تحبس أنفاسها :
- إلى أين بهذه السرعة أيها المقدم
قال ( أدهم ) وهو يركز بصره على الطريق ، ويقود السيارة بمهارة فائقة :
- سننتهز هذه الفرصة النادرة أيتها الملازم .. لقد أجبرنا اثنين من الدول على الانسحاب السلمي من السباق .. في الوقت الحالي على الأقل، وأصبحت
أمامنا فرصة للبحث في منزل الدكتور ( ألفريد ) أو يخته الخاص .. وما دامت أرملته تقيم في المنزل ، فسنتوجه في
الحال إلى نادي اليخت ، ونأمل أن يكون الباقون قد انصرفوا منه ، وإلا فسيشهد النادي سباقا لم ير له مثيلا
من قبل