جزء 18

179 2 1
                                    

الفصل الثامن عشر

"""نسج العنكبوت""

فى ساعات الصباح الأولى يتسطح حازم  على الأريكة فى غرفة المعيشة مسنداً رأسه للوراء عروق يده ورقبته بارزه وبالكاد يلتقط أنفاسه كلما تذكر هيئتها ،كيف لم يقتل راضى   ولجت " سهيلة من الداخل تحركت نحوه ببطئ وجلست بجواره تربت على كتفه ، فتح عينيه  وطالعها ثم أعتدل فى جلسته ، صدمت من منظر عينيه الملتهب كالجمر ، تجمد جسدها ، أنكمشت عضلات وجهها وحاولت رسم الأبتسامة : حازم اللى حصل حصل يا حبيبى بص لجانب الإيجابى انت أتجوزت تمارا متخيل بقت مراتك
تجمدت دمائه عند سماع هذه الكلمة أصبحت ملكه حقاً، فى بيته هى حلم طفولته وأمنية شبابه  لا يعلم أن كان  يحلم أم حقيقة هتف بنبرة خافته: هى هديت بقت كويسة دلوقتى طلعتى من عندها ليه ؟
لاحظت سهيلة تعبير وجهه المحتقن: هديت واخدت المسكن ولما لاقتها نامت خرجت أنا
مش هتدخل تتطمن عليها أنت
تنفس الصعداء بيأس وهز رأسه نافياً بتوتر : لا لا مش هدخل روحى أوضتك أنتى نامى كفاية عليكى كده
*******************************************
لم يستمع لصوت العقل بأن يتركها تهدأ وأى عقل يمنعه عنها فليذهب العقل والمنطق للجحيم فيطمئن بنفسه ليريح قلبه الثائر   ولج للداخل فوجدها نائمة شاحبة باقية الدموع على وجنتها شعر بيد من فولاذ تعتصر قلبه جف حلقه ، جلس على طرف الفراش وألتقط كفيها بين كفيه وأنحنى يطبع قبله ناعمة على كفيها ثم رفع نظره لعينيها وهالات السوداء تحيطها ، مد يده يكفف بقايا الدموع ، أخرج تنهيد حارقة تنم على ما بصدره من وجع : بعدتى عنى ليه يا تمارا ، ليه سبتينى ومشيتى ، قلبك محسش بيا ليه  وكنت عايزه تمشى تانى وتسبينى جبتى القسوة ديه منين
عارف أيه اللى بيوجع أكتر من وجع الفراق ، وجع أنى أحاول أنساكى ، النسيان وجعنى هدنى ماكنتش عارف أنسى ازاى.. أنسى وانتى حواليا فكل تفصيله فى حياتى ، بقيت عامل ذى العيل اللى عايز حاجه ولسه متعلمش الكلام عشان يعرف يطلبها ، عايز أصرخ وقولهم حقى من الدنيا محدش يأخدها منى ، شقيت ومتمرمط كنت شايفك على طول مكأفاة ربنا ليا ، كنت كل يوم أدخل أوضتى وابكى ذى العيل الصغير لمجرد تخيل فكرة أنك مع راجل تانى حلاله هو  مش أنا اخبى  وشى وأعيط  فى مخده عشان محدش يشوفنى ، اتحرق قلبى وروحى عمرك ما هتحسى بحرقتى من جوه
تململت على الفراش ثم تأوهت بخفوت وهى نائمة ، على وجيف قلبه عليها ترك يديها وشر يتتطاير من عيناه يقسم على الثأر لها  ثم أقترب منها يمرر يده على شعره بحنو ورقة : ورب الكعبة لأندمه على كل يوم فكرة بس يقولك كلمة تضيقك أهاتك بتكوى قلبى من جوه كأنه لسه ناقصنى وجع قومى ورجعيلى تمارا بتاعت زمان عايزه أعرف أتنفس تانى
نهض من على الفرش متجه صوب الباب يكفى أنه علم انه ليس بحلم لكن وقت المواجهة لم يحن حالتها لم تسمح

*****************************************
تململت على الفراش تفتح عينيها تتدريجاً ، تتطالع ما حولها بصورة مشوشة ، اتضحت معالم الرؤية ، وزعت نظراتها فى الغرفة بهلع ثم رفعت أبهامها مسرعة صدمة من صبغته بالأزرق  هزت رأسها بنفى : أنا فين ؟؟ لا أكيد مش ده اللى حصل
شهقت بفزع مصدومه أيعقل ماعشته الأمس لم يكن كابوساً وضعت رأسها بين كفيها تبكى بمرارة تلعن نفسه ألف مرة: لا ياربى كفاينى وجع ، شفقة تانى مش عايزه منه كفايه اللى حصلى ، مش هستحمل أكون على ذمته وقلبه متعلق بغيرى هموت ،  كتير عليا كل ده مش قادرة أشوف فى عينيه انى واقفه فى طريقه أو سبب تعاسته
********************************************
دقت جرس الباب وأغمضت عينيها لبرهة تجبر عقلها على تصديق ما تم  تحاول ضبط أنفاسها بملامح مكفرة وعينين تكاد تخرج من حجريهما ، فتح الباب طالعها وجه حازم ، حاولت كبح عضبها بأبتسامة فاترة وولجت للداخل : صباح الخير يا حازم أيه اللى حصل أمبارح ده وقالتلى عليها وساام !!
جلست على المقعد المقابل لها ، بدء حازم فى سرد أحداث الليلة الماضية لها التى أنتهت بعقد قرانه على
"" تمارا"" وزعت نظرها بينه وبين سهيلة وتطاير الشر والغيظ من عينيها وهتفت بغضب عارم : أنت أتجنتت يا حازم أزاى تعمل كده عايز تودى نفسك فى داهيه عشان واحد ذى راضى فين دماغك
هتف بنفاذ صبر وحنق شديد : عشان تمارا ياأفنان كنت هسيبه يموتها ، بس ورب العزه مش هسيبه بعد اللى حصل
هزت رأسها بتفهم فى محاولة لتمالك نفسها  والتحلى بثبات أمام أخيها تلفتت حولها ثم عاودت النظر لأخيها تتصنع البراءة : طب هى فين تمارا أطمن عليها ؟؟
وأنت أجهز يلا نروح الشركة
تنفس الصعداء وأجابها بثبات : تمارا جوه فى أوضة سهيلة ، أما أنا مش هروح الشركة لسه أمها لما تيجى ونشوف هتعمل أيه مش هسيب البيت أنا النهارده

نسج العنكبوتWhere stories live. Discover now