اليَوْمَ افْتِتَاحُ مَعْرِضِي الْخَاصِّ، اللَوْحَاتُ هُنَا وَهُنَاكَ بِشَكْلٍ مُنَظَّمٍ وَعَشْوَائِيٍّ أَيْضًا! الْحُضُورُ يَتَحَرَّكُونَ مِنْ لَوْحِةٍ إِلَى أُخْرَى، عَيْنَاهُمْ تَتَجَوَّلُ بَيْنَ أَدْقِ تَفَاصِيلِ رُسُومَاتِي. أُحَاوِلُ التَّرْكِيزَ مَعَهُمْ وَمَعَ الْأَسْئِلَةِ لَكِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ التَّوَقُّفَ عَنِ التَّحْدِيقِ فِي اللَّوْحَةِ الرَّئِيسِيَّةِ.
فِي مُنْتَصَفِ الْقَاعَةِ الْكُبْرَى يُوجَدُ لَوْحَةٌ غَيْرَ مَفْهُومَةٌ لِلْجَمِيعِ، الْجَمِيعُ يُرِيدُونَ تَفْسِيرَهَا. عَيْنِي وَقَعَتْ عَلَيْكَ، أَرَاكَ تَنْظُرُ بِعَيْنِي دَامِعَةً. لَقَدْ وَصَلَتْ الْفِكْرَةُ لَكَ!
لَحْظَةً، كَيْفَ لَا تَصِلُ لَكَ وَأَنْتَ تَعِيشُ بَيْنَ تَفَاصِيلِهَا؟ أَبْعَدَتُ نَظَرِيَّ عَنْ عَيْنَيْكَ بَعْدَمَا تُطْلَبُ مِنِّي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الَّتِي بِهَا.
وُقُوفِي أَمَامَهَا، أُعْطِي ظَهْرِي لَهَا لِأَنْ أُنْظُرَ إِلَى الْحُضُورِ... لِمَاذَا لَا أَرَى غَيْرَكَ الْآنَ؟ أَخَذْتُ شَهِيقًا، أُحَاوِلُ عَدَمَ التَّوَتُّرِ مِنْ نَظَرَاتِكَ، أُحَاوِلُ عَدَمَ الْبُكَاءِ لِأَجَلِنَا.
هَذِهِ اللَّوْحَةُ تَحْكِي عَنْ قِصَّةٍ لَنْ يَفْهَمُهَا الْبَعْضُ، قِصَّةَ الْبَعْضِ الْآخَرِ سَوْفَ يَشْعُرُ بِهَا، قِصَّةٌ أَنَا وَأَنْتَ فَقَطْ مِنْ عَاشَ دَاخِلَهَا.
صُورَتُكَ مَرْسُومَةٌ بِالْقَهْوَةِ الَّتِي تَفْضُلُهَا، سَوْفَ تَسْأَلُ أَيْنَ صُورَتُكَ؟ لَا يُوجَدُ غَيْرَ قَلْبٍ مُحَطِّمٍ وَمِنْضَدَةٍ مُهَشَّمَةٍ وَأَوْرَاقُ شَجَرٍ فِي شَارِعٍ مُظْلِمٍ يَتَخَلَّلُهُ بَعْضُ الضَّوْءِ وَعَلَامَةٌ عَلَيَّ أَنَّ الْمُنَاخَ كَانَ مُشْتَدًّا لَيْلَتِهَا.
هَلْ تَتَذَكَّرُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟ هَلْ تَتَذَكَّرُ اللَّيْلَةِ الَّتِي انْكَسَرَ بِهَا هَذَا الْقَلْبُ؟ أَخْبَرْتِنِي أَنَّكَ فُقِدَتَ شَغَفُكَ فِي عَلَاقَتِنَا، حُبُّكَ تُجَاهِي أَصْبَحَ بَارِدًا.
دُمُوعِي اِنْزَلَقَتْ عَلَى هَذِهِ الْمِنْضَدَةِ الَّتِي كُنْتَ لَا أَسْتَطِيعُ فِعْلَ شَيْءٍ غَيرُ النَّظَرَ إِلَيْهَا، أَظْهَرَتْ لَكَ أَنَّ حِبِّي لَازَالَ يَافِعًا؟ رَأَيْتُ الدُّمُوعَ فِي عَيْنَيْكَ، فَلِمَاذَا تُرِيدُ تَحْطِيمَنَا؟ صَرَخْتُ، إِنِّي أَسْتَحَقُّ شَخْصًا أَفْضَلَ، تُحَاوِلُ شَرْحَ إِنَّكَ مَرِيضٌ نَفْسِيًا وَلَا تَصْلُحُ لِي. الْتَّفْكِيرُ الزَّائِدُ، الْقَلَقُ، التَّوَتُّرُ، مِنْ أَقَلِّ الْأَشْيَاءِ، جَمِيعُهُمْ مُتَجَمِّعٌ بِكَ.
لَكِنَّكَ لَمْ تَنْظُرْ، إِنَّنِي أَرَى عُيُوبَكَ هَذِهِ كَوَرْدَةً سَوْدَاءَ جَمِيلَةً بَيْنَ مَلَايِينِ الْوُرُودِ الْحَمْرَاءِ. الْجَمِيعُ يُرِيدُ حَمْرَاءَ اللَّوْنِ، لَكِنِّي أُرِيدُ السَّوْدَاءَ... فَقَطِ السَّوْدَاءَ.
الْحَمْرَاءَ مُتَوَفِّرَةٌ لِلْجَمِيعِ، لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَيَاتِ، بَيْنَمَا السَّوْدَاءَ مُخْتَلِفَةٌ.
لَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ إِلَيْهَا بِسُهُولَةٍ، لَا أَحَدَ سَيَتَقَبَّلُهَا إِلَّا إِذَا وَجَدَهَا مِثَالِيَّةً بِسَودَوِيَّتِهَا الَّتِي يَنْفِرُ مِنْهَا الْبَعْضَ. لَمْ تَكُنْ سَيِّئًا لِي، لَقَدْ كُنْتُ الشَّيْءَ الْوَحِيدَ الْجَيِّدَ بِي. لَكِنَّكَ ضَمَّتَنِي إِلَيْكَ، شَعَرْتَ إِنَّكَ تَأْبَى الرَّحِيلَ!
وَأَنَا أَيْضًا، تَرَكْتَنِي، جَعَلْتَنِي أَضْمِ ذَاتِي بِذَاتِي يَوْمَهَا، رَغْمَ أَنَّكَ تَعْلَمُ إِنَّنِي أَكْرَهُ بُرُودَةَ الْمُنَاخِ. الْقَلْبُ الْمَكْسُورُ فِي اللَّوْحَةِ هُوَ خَاصَّتِي، وَإِذَا نَظَرْتُ بِدَاخِلِهِ، سَتَجِدُ آخَرَ أَصْغَرَ، أَنَّهُ لَكَ. بِدَاخِلِهِ رَسْمُهُ لَكَ بِآخَرِ كُوبِ قَهْوَةٍ تَشَارَكْتُهُ مَعَكَ.
انْتَهَيْتُ مِنْ الْحَدِيثِ عَنِ اللَّوْحَةِ، لَكِنَّي لَمْ أَجِدْكَ بَيْنَهُمْ! ذَهَبْتَ؟... ذَهَبْتَ مِثْلَ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ الَّتِي طَارَتْ يَوْمَ فِرَاقِكَ، ذَهَبْتَ وَأَنَا أَعْلَمُ إِنَّنِي لَا أَسْتَطِيعُ التَّوَقُّفَ عَنِ التَّفْكِيرِ بِكَ.
ذَهَبْتَ كَمَا ذَهَبْتَ رُوحِي يَوْمَ فِرَاقِكَ الْحَيَاةَ.
الرِّسَالَةُ هَذِهِ سَوْفَ تَخْلُدُ ذِكْرَى تَخَيُّلِي لَكَ فِي افْتِتَاحِ مَعْرِضِي الَّذِي يَحْتَوِي عَلَى جَمِيعِ اللَّوْحَاتِ الَّتِي أَنْتَ بِهَا. هِيَ هِيَ ذَاتُ الرِّسَالَةِ الَّتِي سَوْفَ تُوضَعُ بَيْنَنَا عِنْدَمَا أُتِيَ لَكَ.
تَرَكْتُ قَلَمِي الْآنَ... يَدَيْ تَرْتَعِشُ، لَا أَعْلَمُ كَمْ مِنْ الْوَقْتِ مُتَبَقٍّي لِي. كُلُّ مَا أَعْلَمُهُ أَنَّنِي سَوْفَ أُقَابِلُكَ بَعْدَ قَلِيلٍ، مُتَحَمِّسَةً بِنَفْسِ دَرَجَةِ تَحَمُّسِي يَوْمَ مَوْعِدِنَا الْأَوَّلِ.
أَنْفَاسِي تَتَوَقَّفُ تَدْرِيجِيًّا... الظَّلَامُ يَسُودُ مِنْ حَوْلِي، الِابْتِسَامَةُ تَشَكَّلَتْ عَلَى ثَغْرِي...
"أَهْلًا بِكَ مِنْ جَدِيدٍ."
YOU ARE READING
Random Messages
Short Storyظَلَامُ امْ نُورٍ؟ رُبَّمَا رَسَائِلُ تَجْمَعُ بَيْنَ الْإِثْنَيْنِ! و رُبَّمَا رَسَائِلُ تُقْرَأُ بِقَلْبٍ مُخْتَلِفٍ مَنْ يَفْهَمُهَا مَنْ يَعِيشُهَا وَمَنْ سَوْفَ يَهْرُبُ مِنْهَا.
