𝐏𝐚𝐫𝐭 𝟎𝟐 : ما يفرقنا بحران

Beginne am Anfang
                                    

ما أن أراد سالفاري أن يقطع الطريق حتى مرت حافلة و بعدها سيارة ...فقرر انتظارهم حتى يعبروا واضعا أثناء ذلك يديه داخل جيوب سرواله و ناظرا حوله بأعينه و ألوانها الهادئة و نظراته الغامضة ...

و لأن غريزة الإنسان كانت شيئا سحريا و عجيبا شعر بأن شخصا ما ينظر له و دون وعي و إدراك منه استدار في نفس الثانية ليساره حيث كزاندر يجلس على مقدمة سيارته مرتديا الأسود كليا و يحدق بسالفاري بحاجبين منقبضين ....

كان ينظر له كأنه يتعجب أو يستغرب من شيئ ما ....و لكن ذلك لم يحظ باهتمام سالفاري و تفكيره فكانت نظراته الهادئة كما هي و لم يطل تحديقه به بل ثوان فقط و أدار رأسه بعيدا ثم تأكد من خلو الطريق عابرا للجهة الأخرى....أين أخرج سماعاته...وضعها في أذنه و هذه المرة وضع الموسيقى حقا....

كان يبدو هادئا...لكن أعينه صاخبة...تظهر و بقوة أن صاحبها يحمل من الذكاء ما يكفي ليرى كل شيئ بزاوية مختلفة....

بدأت أول أغنية في لائحته و هي أغنية روك لفرقة ذا لومينيرز إسمها النوم على الأرض ....كان يحب الروك...كل ما هو صاخب من الفن يحبه....لكن هذه الأغنية رغم أنها روك شعبي إلا أنها كانت هادئة جدا...و لسبب ما كان يحب معناها....

لذا و أثناء سيره في الطرقات حيث أوراق الشجر الصفراء تغطي الشوارع و بعض من أشعة شمس الخريف تنعكس عليها....وجد نفسه يركز مع الكلمات و اللحن ...

كيف أنها تروي قصة شاب يطلب من حبيبته أن تجمع أغراضها المهمة و تهرب معه الليلة.....كيف أن مدينتهم الصغيرة هذه لا تتسع لأحلامهم الكبيرة....كان يخبرها أن لا تسمع لقس مدينتهم الذي أخبرهم أن كل البشر ولدوا غارقين في الخطيئة ...منفصلين عن الرب ...و يجدر بهم اللجوء للمسيح لينقذهم من خطاياهم...كان يخبرها أن تسعى معه ليطالبوا بأحلامهم ببراءة قديس....و إن تحتم عليهم أن يناموا على الأرض أو يعملوا في عدة وظائف...ما دامت معه....

و مجددا كان يعود ليسألها و يتأكد....هل لو غرق يوما ولو لم تشرق شمسه كانت ستنتشله أو فقط تحفر له قبره؟.....هل هي مستعدة لتضحي معه لأجل حبهما و أحلامهما....؟

سالفاري كان يرى جانبا آخر من هذا ...رغم جمال كل الكلمات...كل ما كان يدور في رأسه هو... هل حقا الحب كان يستحق ؟....

هل الحب بداية و نهاية لدى بعض الناس ؟...

يقال أن الحب هو عندما تمنح القدرة لشخص كي يدمرك و تثق بكامل جوارحك أنه لن يفعل....هل أمور القلب صارت سهلة و آمنة أم هو الوحيد الذي يملك مشاكل ثقة ؟...

لكن الفلسفة و إن كانت قد علمته شيئا ...فقد علمته أن لكل شيئ جانبان نقيضان...و سقراط لطالما قال أن المعرفة الحقيقية هي معرفتك بأنك لا تعرف شيئا....لذلك هو يدرك....يدرك حقا أن المشاعر و الحب موجود..هو فقط لم يصادفها و لم يكتشفها ...لذا دون وعي منه يجد نفسه دوما متعجبا و ربما منبهرا قليلا من قدرة الأشخاص على معرفة أمور قبله و استكشاف شيئ مقدس في الشعر...الأدب و الفلسفة....شيئ بدا له بعيدا عن متناوله ....

نظارات و وشومWo Geschichten leben. Entdecke jetzt