𝐏𝐚𝐫𝐭 𝟎𝟏: فيلسوف مثالي

187K 9.4K 8.3K
                                    

لَا أحتاجك كَي تُضِيء لِي الْعَالِم . . .

فَقَط اجْلِس مَعِي فِي الظَّلَامِ . . . . .

...........................................................................................................................................

* هناك مقاطع فلسفية بالأسود لمن لا يفضل الفلسفة يمكنه تجاوزها فهذا لن يؤثر على فهمك لكن يُرجى قراءة مقاطع حديث الشخصيات *

............


" و في فترة صدور كتاب مردوخ كانت هناك مدرستين مهيمنتين في تلك الفترة....أولهما كانت الوجودية في أوروبا و الفلسفة التحليلية في العالم الناطق باللغة الإنجليزية ....و أي شخص قرأ لآيريس مردوخ سيعرف أن فلسفتها لم تتوافق بالضرورة مع الأفكار المركزية لهاتين المدرستين بل و تجادلهم....لكن و لأن ما أود مناقشته أولا قبل التطرق لموضوعنا الرئيسي ...هو كيف أنها كانت ترى حدود تضمين الفلسفة في الرواية...."

واصل صوت البروفيسور وينترز اختراق هدوء القاعة و كل ما يسمع عدا عن صوته المرتفع كان صوت طرق الأصابع على لوحة مفاتيح الحواسيب و الطلاب يدونون ما يقوله....بتركيز شديد و تفان أكبر...

بينما ميلينوي كانت تضع جبينها على الطاولة...شعرها البندقي اللامع الطويل مبعثر حولها و أعينها تنظر للأرض بهدوء....من ينظر لها يعتقد أنها نائمة لكنها كانت تصغي للمحاضرة دون أن تسجل شيئا...حتى طاولتها كانت فارغة....و ظلت كذلك طوال المحاضرة....

" و قد عبرت مردوخ عن رأيها حول هذا فوصفت الفلسفة بأنها ذلك الصوت المحدد البارد الواضح الذي يسهل تمييزه بين الأصوات ..صوت قادر على مواجهة الغموض و غير مصمم لعكس حيوات البشر و العلاقة الوثيقة بين النعيم و الشقاء....بينما الرواية قالت بأنها يجب أن تكون بمثابة منزل يصلح لسكنى الشخصيات الحرة في فعلها...و لنتطرق لهذا أكثر سأشرح كيف نق........"

مجددا كان السيد وينترز و بصوته الخمسيني القوي يشرح حاملا في يده مجموعة أوراق و يستخدم يديه للتعبير عن أفكاره و التي من لمعة أعينه و حماس حركاته تدرك جيدا أنه واحد من أولئك الأساتذة الذين يحبون مادتهم و يسعدون بتدريسها...

طبعا ميلينوي في وضعيتها تلك لم ترى كل هذا بل فقط تسمع لما يشرحه....

كان يحدثهم عن كيف أن دمج الفلسفة في الرواية قد يصبح خطرا إذا ما تجاوزت الفلسفة حدها ضمن الرواية....لأن الفلسفة و الرواية كما تعلمون هما شكلان للحقيقة...لكنهما مختلفان جوهريا...فالفلسفة تفصل بين العقل و الخيال بصرامة و بقسوة و إدخالها في عالم حيث تسكن شخصيات خيالية مهما كانت واقعية و تلامس الحقيقة إلا أنها تظل تحليقا حرا على عكس انضباط الفلسفة و صوتها البارد اللاذع....

نظارات و وشومWhere stories live. Discover now