𝐏𝐚𝐫𝐭 𝟎𝟏: فيلسوف مثالي

Start from the beginning
                                    

حمحم البروفيسور جاذبا انتباهها و قاطعا حديثها مع نفسها و لأنها تدرك أن كل الأنظار معلقة عليها وضعت قدما على قدم تعدل غرتها بإصبعها تضم يديها لصدرها كأنها تملك المكان بأسره  و قالت بهدوء :

" ما هو سؤالك لي سيد وينترز ؟.."

رفع البروفيسور حاجبه على حركتها و نبرتها  في طرح السؤال و تجاهلها لإدعاءه السابق لذا أراد كسر شوكة ثقتها الفائقة هذه و حصرها في الزاوية قائلا بهدوء :

" أريدك أن تناقشي رأي سالفاري حول عدم دمج الفلسفة في الرواية هذا إن كنت قد استمعت للمحاضرة طبعا...و إلا فسأنقل الفرصة لشخص كفء و يتم خصم نقاطك في المقابل لعدم انتباهك..."

ها هو مجددا يستفزها...ماذا يقصد بشخص كفء؟..هل هو يهين ذكاءها...ليس لأنها تجيب عن نصف أسئلة الاختبار دوما...يعني أنها غبية....ثم ليس و لأن والدها يمول الجامعة هذا يعني أن نجاحها مدفوع...

أعلم ستقولون...اوه ميلينوي كينغز والدها يمول الجامعة...يا له من أمر مبتذل و يحصل في روايات تحمل عنوان ' مدللة بحياة بائسة ' و كما سوء عنوان الرواية كذلك هي حياتها...

فوالدها يرى أن تقديمه الأموال للجامعة سيفيد صورته لدى العامة و سيكون بذلك أيضا قد أوفى بواجباته تجاه ميلينوي ....ضرب عصفورين بحجر....هذا ما يحدث عندما يكون والدك منخرط في السياسة.....يتم تقييمك بالمال 

لكن أن يتجرأ هذا البروفيسور و يخبرها بالحقيقة بهذه الطريقة ....لا...و لا.....

لذا فقد نقلت أعينها سريعا لسالفاري و وجدت أنه ينظر لها بهدوء بأعينه الجميلة القابعة خلف نظاراته البنية التي تراها مثيرة ولا تتساءلوا كيف لنظارات أن تكون مثيرة...هي كذلك...ثم سرعان ما أبعدت أنظارها و نظرت للبروفيسور بهدوء و قالت دفعة واحدة بجلستها التي تصرخ  تكبرا :

" كبداية أوافق سالفاري حين قال أن من يضيف الفلسفة لروايته ليجعلها تبدو عميقة أو رغبة منه في رفع مستواها ليس سوى شخص قد يكون متوجها نحو انحراف القراء المبتدئين ....ذلك لأن الفيلسوف في هذه الحالة دوافعه الثورية تدفعه لإبداء آراء فلسفية عميقة تجعل القارئ المبتدأ منبهرا وقد يقتدي بها حتى..لكن شخص محترف في الرواية و في النقد الأدبي و الفلسفي سيرى روايته و يحكم عليها من زاوية الهيكلة و البنية التابعة للرواية و بهذا نجد أنها فاشلة و الأمر نفسه حدث مع أعظم الفلاسفة الذي حاولوا إدخال الفلسفة و دمجها بشكل طاغ في الرواية ....تعرضوا لفشل ذريع على مستوى المجتمع الأدبي و أثر ذلك على سمعة فلسفتهم......لكن...."

توقفت ميلينوي قليلا متجاهلة نظرات التفاجئ من الجميع و نظرت لسالفاري مرة أخرى بنبرة واثقة في عينيها و هي تطرق على الطاولة بأظافرها الطويلة التي يبدو أنها لم تنكسر يوما من شدة جمالها...ثم قالت كأنها تقصده هو بالتالي :

نظارات و وشومWhere stories live. Discover now